منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> الاعتقال على ذمة الرئيس, سلسلة مقالات لدكتور ماهر الجعبري
أم حنين
المشاركة Mar 27 2017, 03:40 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



نشكر شبكة قدس الإخبارية على نشر المقال المهم:

الاعتقال على ذمة الرئيس: (1) هل يكون القضاة أداة بأيدي الساسة؟
د.ماهر الجعبري
----------------
إذا غاب القانون وفسد القضاء، كيف يمكن التمييز بين العصابات وبين الحكومات في النزاع والصراع؟ سؤال يقفز للذهن عند النظر إلى ممارسات الأنظمة البوليسية التي تجعل الرئيس فوق القانون، وتجعل قراره فوق حكم القضاء.
.
وهو سؤال يشتد وقعا على مسامع المنظمات الحقوقية التي تعتبر أنها تحمل رسالة إنسانية وتسعى لحفظ حقوق الإنسان، بينما تتابع مشاهد الاعتقال على ذمة الرئيس ولفترات طويلة خارج حكم القضاء، أو يكون القضاء فيها مسخرا تحت أمر الرئيس، كما حصل معي عندما قرر قاضي محكمة الخليل إخلاء سبيلي، بعد 24 يوما من الاعتقال السياسي لدى اللجنة الأمنية في أريحا، ثم تناولتني المباحث على ذمة الرئيس، لأسبوع آخر، على اعتبار أن من يُعتقل من قبل اللجنة الأمنية لا يُخلى سبيله إلا بقرار الرئيس، وذلك كله تحت إشراف رئيس وزرائه الأكاديمي (الذي كان يرأس جامعةً عملتُ فيها كأكاديمي!)، وقد تحوّل إلى سجّان في هذا المشروع الوطني الاستثماري.
.
ما حصل معي تكرر –بأساليب أخرى- مع عدد من شباب حزب التحرير ومناصريه ممن وقفوا سياسيا ضد التوجهات السلطوية، وفي هذا المقال (على حلقتين) سرد موجز لحكاية شهر من الاعتقال السياسي في سجون السلطة الفلسطينية على خلفية موقف سياسي أزعج الساسة، فحوّلوني للجنة الأمنية المشتركة المكونة من المخابرات والأمن الوقائي والاستخبارات والمباحث، بينما اعتقلوا عددا من شباب الحزب لدى المخابرات وآخرين لدى الأمن الوقائي، وهذه الحلقة تركز على العلاقة الجدلية بين القضاء والسياسة.
***
بداية الحكاية هي وقفة جماهيرية مشروعة تمّت في الخليل يوم 4/2/2017، تمخضت عن حراك عشائري تصدى به رجالات الخليل من عائلات آل التميمي وكافة عائلات الخليل ومن شباب حزب التحرير، شهدته المدينة ضد إصرار السلطة الفلسطينية على تحدي الإرث الحضاري الإسلامي وبما يخالف قانونها، عبر تمليك الروس ما يقرب من 71 دونم من وقف الصحابي تميم الداري، رغم التاريخ الأسود للإرسالية الروسية في تسريب الأراضي التي امتلكتها في فلسطين لليهود المحتلين، ومنها ما كان في الصفقة المعروفة بصفقة البرتقال.
.
كانت الوقفة ظهيرة السبت، وكانت أجهزة السلطة الأمنية قد نصبت الحواجز على الطرقات وتناولت عددا من آل التميمي ومن عائلات الخليل ومن شباب الحزب ومناصريه ممن اعتبرت أنهم متوجهين للمشاركة في الوقفة، وكانت قد سخرت إحدى الإذاعات المحلية المعروفة بإثارة الفتنة من أجل الشحن الإعلامي ضد الوقفة السياسية، ومحاولة إثارة الناس ضد المشاركة فيها.
.
وبعدها أجريتُ بعض المقابلات الإعلامية مع وكالة قدس برس، وعربي 21، ونقلت عني غيرها مثل شبكة قدس الإخبارية... ومن ثم اتصلت بي فضائية القدس للتعليق مباشرة على الأحداث الميدانية في نشرة التاسعة. ولما ترجّلت للمبنى حيث استوديو البث المباشر، أحاط بي مجموعة من المخابرات والأمن الوقائي، تناثروا في الشارع بعدما قفزوا من سيارات عديدة كأنهم في حالة سطو، وخطفوني بلا مذكرة من النيابة وتوجهوا بي لمقر المخابرات في الخليل. وخطفوا قريبا لي من الشباب البارزين في عائلتي كان يرافقني، وتوجهوا به لمقر الأمن الوقائي. وشنّوا حملة اعتقالات واسعة شملت العشرات.
.
في الليلة ذاتها، حملوني مقيدا في سيارة أمنية إلى أريحا: لم تقف السيارة على أي نقطة تفتيش يهودية، لا عند النقطة الثابتة (قرب أبو أديس)، ولا عند نقطة فجائية (بعدها)، مما يؤكد نجاعة التنسيق الأمني، حتى في إجراءات الاعتقال السياسي. ونقلوا في الليلة ذاتها تسعة من المعتقلين لمخابرات أريحا.
.
وصلت مقر الأمن الوقائي قبيل فجر الأحد، وبعد جلسة عامة مع اللجنة الأمنية عند الوصول، تمّ وضعي في غرفة مع مجموعة من المتهمين بحيازة وتجارة السلاح، وقد علمت من اللجنة أن جُلّ المعتقلين لديهم كانوا على خلفية قضايا "الفلتان"، ومعظمهم من مخيمات الشمال، وأني أتيتهم –بقضية سياسية- "كفنجان قهوة وقد تعودوا شرب الشاي".
------------------------------------
نيابة وقضاء أريحا برسم اللجنة الأمنية
-------------------------------------
في ضحى الأحد –بُعيد ساعات من الوصول- تم نقلي لمقر محكمة أريحا للعرض على نيابتها، حيث وجّهت لي تهمتين هما: إثارة الفتن والتجمهر غير المشروع: لم أتجاوب في التحقيق مع النيابة، عن موقف لديّ (لم أبينه لوكيل النيابة تماما لأني ادخرته للحديث به أمام القضاء)، ثم رفضت النيابةُ عرضي للقضاء في اليوم نفسه. وفي اليوم التالي تم إعادتي للنيابة، ولم يحضر المحامي (حيث تم تمكيني من الاتصال بأهلي لتوكيل محام)، ومارست الحق بالتزام الصمت عند النيابة، ومن ثم قررت النيابة تحويلي لجلسة القضاء.
أمام القاضي، دحضتُ طلب النيابة تمديد توقيفي لفترة 15 يوما، عبر نقطتين قانونيتين كفيلتين في القضاء العادل -كما يدرك الحقوقيون- بإخلاء سبيلي فورا، وقد لاحظت ذلك الانطباع على وجه القاضي، وتأكيدا على ذلك أفصح قائلا: ها أنت تتحدث مثلنا (يقصد قانونيا).
.
ترافعت عن نفسي أمام القاضي بالقول إنه تم اختطافي من قبل مدنيين-أمنيين عرفوا عن أنفسهم بأنهم من المخابرات والأمن الوقائي دون مذكرة من النيابة، وما بُني على باطل فهو باطل، وأنني أُفهمت أن التهم الموجة لي تتعلق بالخليل، وأن محكمة أريحا ليست ذات اختصاص/صلاحية للنظر في قضيتي.
.
نعم، توجب على القضاء العادل عند تلك اللحظة أن يقرر إخلاء السبيل، ولكن كاتبة المحضر قد توجهت للقاضي بصوت خافت-مسموع بكلمة السر: "لجنة أمنية"، وهي تعني أمنيا عنده إقرار التوقيف لمدة 15 يوما بدعوى التحقيق، وهو ما تم، ظلما وعدوانا، يعلمه القاضي كما تعلمه كل منظمة حقوقية، وتعلمه المحاكم العليا والدنيا، ولكنه أمر الرئيس!
كانت النيابة قد بيّنت لي أن محاكمتي ستتم مع التسعة الآخرين (الموقوفين لدى المخابرات)، ولكنها غيرت رأيها (وكأنها اقتنصت فرصة عدم وجود المحامي)، ومن ثم علمت أن المحكمة قررت توقيف التسعة الآخرين لنفس الفترة، في اليوم التالي لمحاكمتي، ومنذ ذلك الوقت ارتبطت محاكمة الآخرين بمحاكمتي، وقضوا فترة شهر من الاعتقال، سبّاقين في أجر الثبات والصدع بالحق، وفي دفع ثمن الموقف السياسي. بينما أفرجت الأجهزة الأمنية في الخليل عن الذين اعتقلوا وأبقتهم لديها في الخليل بعد بضعة أيام.
.
بعد انقضاء 15 يوما كفترة أولى، تمت إعادتي لجلسة القضاء الثانية، وعندها حضر المحامي وأكّد على مرافعتي السابقة، إثباتا لقانونيتها وفعاليتها، وأضاف حول طبيعة موقعي الأكاديمي... وعندها بدا لي كأن القاضي أعاد ضبط موقفه –ربما بعد متابعات ومراجعات- وتحت وقع الوقفات السياسية التي تمت أمام محكمة أريحا وما حصلت من أصداء ضد توقيفي وتوقيف التسعة الآخرين. ومع أن النيابة كانت قد طلبت التوقيف لفترة 15 يوما أخرى، إلا أن القاضي بعدما أبرز عدم وجود أي إجراءات تحقيق خلال الفترة الأولى، قرر التمديد لأسبوع فقط، وقرر أنه في حالة عدم وجود "تحقيق جاد" يعتبر قرار النيابة لاغيا.
.
وبالفعل، لم يحصل أي تحقيق في النيابة في الأسبوع اللاحق، ومع انقضائه تم إعادتي لمحكمة أريحا في اليوم المحدد، وأُبقيت في سيارة الأمن الوقائي، فترة من الزمن ثم قيل لي أنه سيتم إرجاعي للمقر دون محكمة، ويبدو أنهم اكتشفوا أن مثولي أمام قاضي أريحا في ذلك اليوم يعني تلقائيا إخلاء سبيلي.
.
وخلال فترة التوقيف، صدع أهل الخليل في وقفة سياسية حاشدة ضد الاعتقال السياسي وفي رسالة قوية للقضاء، وذلك بدعوة من حزب التحرير ومن عائلة الجعبري ومن العائلات التميمية وغيرها، وكانت الوقفة أشبه بالمعركة السياسية التي تناقلتها وسائل الإعلام، وقف فيها رجالات العشائر ومعهم شباب الحزب ومؤيدوه وقفة حق، رغم التغول السياسي للسلطة الأمنية ورغم أن وسط المدينة قد تحول لما يشبه الثكنة العسكرية، وامتلأت الأجواء بالغاز المسيل للدموع وبأزيز الرصاص الأمني، وتمخضت عن إصابات بالغة، وعن حملة اعتقالات جديده في صفوف الحزب وغيرهم ممن شارك في الوقفة. وصارت قضية المعتقلين كلهم واحدة تحت أمر الرئيس.
------------------------------------------
في الخليل قضاء أنصف وقرار سياسي نسف
------------------------------------------
عند العودة للمقر الأمني في أريحا، أعلموني أنهم سيتوجهون بي لمحكمة الخليل، في اليوم نفسه الذي لم تستقبلني فيه محكمة أريحا (حيث انقضت فترة توقيفي "المغطاة بالقانون")، وبالفعل حرص من نقلني على إيصالي لمحكمة الخليل قبل نهاية الدوام، ولا شك أن القاضي في الخليل كان منصفا: إذ رفض طلب نيابة الخليل توقيفي لفترة 15 يوما، رغم أن وكيل نيابة الخليل قد برره على أنه التوقيف الأول في المحكمة ذات الاختصاص. ومن الملاحظ هنا أن نيابة الخليل تذكرت أنها أرسلتني لأريحا لجهة ليست ذات اختصاص، فلماذا فعلت ذلك بداية؟!؟!؟
.
قرر القاضي في الخليل قبول إخلاء السبيل بكفالة، ومن ثم تم نقلي لسجن الظاهرية، ولما وصلت تبين لهم أنه إجراء خاطئ، إذ لا حكم علي لاعتقالي فيه، فأرجعوني إلى سجن القلعة في الخليل، وبعد سويعات أعلموني أنهم أفرجوا عني، ولكنهم سلموني لمسلحين، تبين لي لاحقا أنهم من المباحث، فنقلوني إلى قبو المباحث في الخليل حيث لا تعرف الليل من النهار، لأقضي أسبوعا جديدا محتجزا بأمر المباحث (نائبة عن اللجنة الأمنية)، رغم قرار إخلاء السبيل، تماما كما حصل في اعتقال الآخرين على الخلفية ذاتها، ومنهم من لم يعرض على المحكمة إطلاقا. لتؤكد السلطة "الوطنية" أن قرارات ساستها فوق قرارات قضاتها، وأنها تدوس قانونها متى شاءت عبر التوقيف في اللجنة الأمنية التي لا تقبل الإفراج إلا بقرار الرئيس، وعبر التوقيف على ذمة المحافظ بأمر الرئيس.
.
وهذا سؤال مفتوح لعقلاء فتح قبل ضباطها، هل يكون حفظ السلم الأهلي الذي تتحدثون عنه، عبر فتح العقول أم فتح الزنازين؟ ليبقى السؤال مفتوحا برسم الإجابة عمليا لا نظريا. وفي الحلقة القادمة مجريات الاعتقال في المقرات الأمنية.


* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين

https://www.facebook.com/Dr.MaherAljabari/p...hc_location=ufi
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Mar 27 2017, 03:53 PM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



كما نشكر موقع عربي 21 لنشر المقال أيضا

الاعتقال على ذمة الرئيس (1): القضاة أداة بأيدي الساسة؟


ماهر الجعبري

# الأحد، 26 مارس 2017 11:23


الاعتقال على ذمة الرئيس (1): القضاة أداة بأيدي الساسة؟


إذا غاب القانون وفسد القضاء، كيف يمكن التمييز بين العصابات وبين الحكومات في النزاع والصراع؟ سؤال يقفز للذهن عند النظر إلى ممارسات الأنظمة البوليسية التي تجعل الرئيس فوق القانون، وتجعل قراره فوق حكم القضاء.

وهو سؤال يشتد وقعا على مسامع المنظمات الحقوقية التي تعتبر أنها تحمل رسالة إنسانية وتسعى لحفظ حقوق الإنسان، بينما تتابع مشاهد الاعتقال على ذمة الرئيس ولفترات طويلة خارج حكم القضاء، أو يكون القضاء فيها مسخرا تحت أمر الرئيس، كما حصل معي عندما قرر قاضي محكمة الخليل إخلاء سبيلي، بعد 24 يوما من الاعتقال السياسي لدى اللجنة الأمنية في أريحا، ثم تناولتني المباحث على ذمة الرئيس، لأسبوع آخر، على اعتبار أن من يُعتقل من قبل اللجنة الأمنية لا يُخلى سبيله إلا بقرار الرئيس، وذلك كله تحت إشراف رئيس وزرائه الأكاديمي (الذي كان يرأس جامعةً عملتُ فيها كأكاديمي!)، وقد تحوّل إلى سجّان في هذا المشروع الوطني الاستثماري.

ما حصل معي تكرر – بأساليب أخرى - مع عدد من شباب حزب التحرير ومناصريه ممن وقفوا سياسيا ضد التوجهات السلطوية.

وفي هذا المقال (على حلقتين) سرد موجز لحكاية شهر من الاعتقال السياسي في سجون السلطة الفلسطينية، على خلفية موقف سياسي أزعج الساسة، فحوّلوني للجنة الأمنية المشتركة المكونة من المخابرات والأمن الوقائي والاستخبارات والمباحث، بينما اعتقلوا عددا من شباب الحزب لدى المخابرات وآخرين لدى الأمن الوقائي، وهذه الحلقة تركز على العلاقة الجدلية بين القضاء والسياسة.

بداية الحكاية هي وقفة جماهيرية مشروعة تمّت في الخليل يوم 4/2/2017، تمخضت عن حراك عشائري تصدى به رجالات الخليل من عائلات آل التميمي وكافة عائلات الخليل، ومن شباب حزب التحرير، شهدته المدينة ضد إصرار السلطة الفلسطينية على تحدي الإرث الحضاري الإسلامي وبما يخالف قانونها، عبر تمليك الروس ما يقرب من 71 دونما من وقف الصحابي تميم الداري، رغم التاريخ الأسود للإرسالية الروسية في تسريب الأراضي التي امتلكتها في فلسطين لليهود المحتلين، ومنها ما كان في الصفقة المعروفة بصفقة البرتقال.

كانت الوقفة ظهيرة السبت، وكانت أجهزة السلطة الأمنية قد نصبت الحواجز على الطرقات وتناولت عددا من آل التميمي ومن عائلات الخليل ومن شباب الحزب ومناصريه؛ ممن اعتبرت أنهم متوجهون للمشاركة في الوقفة. وكانت قد سخرت إحدى الإذاعات المحلية المعروفة بإثارة الفتنة من أجل الشحن الإعلامي ضد الوقفة السياسية، ومحاولة إثارة الناس ضد المشاركة فيها.

وبعدها أجريتُ بعض المقابلات الإعلامية مع وكالة قدس برس و"عربي21"، ونقلت عني غيرها مثل شبكة قدس الإخبارية... ومن ثم اتصلت بي فضائية القدس للتعليق مباشرة على الأحداث الميدانية في نشرة التاسعة. ولما ترجّلت للمبنى حيث استوديو البث المباشر، أحاطت بي مجموعة من المخابرات والأمن الوقائي، تناثروا في الشارع بعدما قفزوا من سيارات عديدة كأنهم في حالة سطو، وخطفوني بلا مذكرة من النيابة وتوجهوا بي لمقر المخابرات في الخليل. وخطفوا قريبا لي من الشباب البارزين في عائلتي كان يرافقني، وتوجهوا به لمقر الأمن الوقائي. وشنّوا حملة اعتقالات واسعة شملت العشرات.

في الليلة ذاتها، حملوني مقيدا في سيارة أمنية إلى أريحا: لم تقف السيارة على أي نقطة تفتيش يهودية، لا عند النقطة الثابتة (قرب أبو أديس)، ولا عند نقطة فجائية (بعدها)، مما يؤكد نجاعة التنسيق الأمني، حتى في إجراءات الاعتقال السياسي. ونقلوا في الليلة ذاتها تسعة من المعتقلين لمخابرات أريحا.

وصلت مقر الأمن الوقائي قبيل فجر الأحد، وبعد جلسة عامة مع اللجنة الأمنية عند الوصول، تمّ وضعي في غرفة مع مجموعة من المتهمين بحيازة وتجارة السلاح، وقد علمت من اللجنة أن جُلّ المعتقلين لديهم كانوا على خلفية قضايا "الفلتان"، ومعظمهم من مخيمات الشمال، وأني أتيتهم – بقضية سياسية - "كفنجان قهوة وقد تعودوا شرب الشاي".

نيابة وقضاء أريحا برسم اللجنة الأمنية

في ضحى الأحد – بُعيد ساعات من الوصول - تم نقلي لمقر محكمة أريحا للعرض على نيابتها، حيث وجّهت لي تهمتين هما: إثارة الفتن والتجمهر غير المشروع: لم أتجاوب في التحقيق مع النيابة، عن موقف لديّ (لم أبينه لوكيل النيابة تماما لأني ادخرته للحديث به أمام القضاء)، ثم رفضت النيابةُ عرضي للقضاء في اليوم نفسه. وفي اليوم التالي تمت إعادتي للنيابة، ولم يحضر المحامي (حيث تم تمكيني من الاتصال بأهلي لتوكيل محام)، ومارست الحق بالتزام الصمت عند النيابة، ومن ثم قررت النيابة تحويلي لجلسة القضاء.

أمام القاضي، دحضتُ طلب النيابة تمديد توقيفي لفترة 15 يوما، عبر نقطتين قانونيتين كفيلتين في القضاء العادل - كما يدرك الحقوقيون - بإخلاء سبيلي فورا، وقد لاحظت ذلك الانطباع على وجه القاضي، وتأكيدا على ذلك أفصح قائلا: ها أنت تتحدث مثلنا (يقصد قانونيا).

ترافعت عن نفسي أمام القاضي بالقول إنه تم اختطافي من قبل مدنيين- أمنيين عرفوا عن أنفسهم بأنهم من المخابرات والأمن الوقائي دون مذكرة من النيابة، وما بُني على باطل فهو باطل، وأنني أُفهمت أن التهم الموجة لي تتعلق بالخليل، وأن محكمة أريحا ليست ذات اختصاص/ صلاحية للنظر في قضيتي.

نعم، توجب على القضاء العادل عند تلك اللحظة أن يقرر إخلاء السبيل، ولكن كاتبة المحضر قد توجهت للقاضي بصوت خافت- مسموع بكلمة السر: "لجنة أمنية"، وهي تعني أمنيا عنده إقرار التوقيف لمدة 15 يوما بدعوى التحقيق، وهو ما تم، ظلما وعدوانا، يعلمه القاضي كما تعلمه كل منظمة حقوقية، وتعلمه المحاكم العليا والدنيا، ولكنه أمر الرئيس!

كانت النيابة قد بيّنت لي أن محاكمتي ستتم مع التسعة الآخرين (الموقوفين لدى المخابرات)، ولكنها غيرت رأيها (وكأنها اقتنصت فرصة عدم وجود المحامي)، ومن ثم علمت أن المحكمة قررت توقيف التسعة الآخرين لنفس الفترة، في اليوم التالي لمحاكمتي، ومنذ ذلك الوقت ارتبطت محاكمة الآخرين بمحاكمتي، وقضوا فترة شهر من الاعتقال، سبّاقين في أجر الثبات والصدع بالحق، وفي دفع ثمن الموقف السياسي. بينما أفرجت الأجهزة الأمنية في الخليل عن الذين اعتقلوا وأبقتهم لديها في الخليل بعد بضعة أيام.

بعد انقضاء 15 يوما كفترة أولى، تمت إعادتي لجلسة القضاء الثانية، وعندها حضر المحامي وأكّد على مرافعتي السابقة، إثباتا لقانونيتها وفعاليتها، وأضاف حول طبيعة موقعي الأكاديمي... وعندها بدا لي كأن القاضي أعاد ضبط موقفه –ربما بعد متابعات ومراجعات- وتحت وقع الوقفات السياسية التي تمت أمام محكمة أريحا وما حصلت من أصداء ضد توقيفي وتوقيف التسعة الآخرين. ومع أن النيابة كانت قد طلبت التوقيف لفترة 15 يوما أخرى، إلا أن القاضي بعدما أبرز عدم وجود أي إجراءات تحقيق خلال الفترة الأولى، قرر التمديد لأسبوع فقط، وقرر أنه في حالة عدم وجود "تحقيق جاد" يعتبر قرار النيابة لاغيا.

وبالفعل، لم يحصل أي تحقيق في النيابة في الأسبوع اللاحق، ومع انقضائه تم إعادتي لمحكمة أريحا في اليوم المحدد، وأُبقيت في سيارة الأمن الوقائي، فترة من الزمن ثم قيل لي أنه سيتم إرجاعي للمقر دون محكمة، ويبدو أنهم اكتشفوا أن مثولي أمام قاضي أريحا في ذلك اليوم يعني تلقائيا إخلاء سبيلي.

وخلال فترة التوقيف، صدع أهل الخليل في وقفة سياسية حاشدة ضد الاعتقال السياسي وفي رسالة قوية للقضاء، وذلك بدعوة من حزب التحرير ومن عائلة الجعبري ومن العائلات التميمية وغيرها، وكانت الوقفة أشبه بالمعركة السياسية التي تناقلتها وسائل الإعلام، وقف فيها رجالات العشائر ومعهم شباب الحزب ومؤيدوه وقفة حق، رغم التغول السياسي للسلطة الأمنية، ورغم أن وسط المدينة قد تحول لما يشبه الثكنة العسكرية، وامتلأت الأجواء بالغاز المسيل للدموع وبأزيز الرصاص الأمني، وتمخضت عن إصابات بالغة، وعن حملة اعتقالات جديده في صفوف الحزب وغيرهم ممن شارك في الوقفة. وصارت قضية المعتقلين كلهم واحدة تحت أمر الرئيس.

في الخليل قضاء أنصف وقرار سياسي نسف

عند العودة للمقر الأمني في أريحا، أعلموني أنهم سيتوجهون بي لمحكمة الخليل، في اليوم نفسه الذي لم تستقبلني فيه محكمة أريحا (حيث انقضت فترة توقيفي "المغطاة بالقانون")، وبالفعل حرص من نقلني على إيصالي لمحكمة الخليل قبل نهاية الدوام، ولا شك أن القاضي في الخليل كان منصفا: إذ رفض طلب نيابة الخليل توقيفي لفترة 15 يوما، رغم أن وكيل نيابة الخليل قد برره على أنه التوقيف الأول في المحكمة ذات الاختصاص. ومن الملاحظ هنا أن نيابة الخليل تذكرت أنها أرسلتني لأريحا لجهة ليست ذات اختصاص، فلماذا فعلت ذلك بداية؟!

قرر القاضي في الخليل قبول إخلاء السبيل بكفالة، ومن ثم تم نقلي لسجن الظاهرية، ولما وصلت تبين لهم أنه إجراء خاطئ، إذ لا حكم علي لاعتقالي فيه، فأرجعوني إلى سجن القلعة في الخليل، وبعد سويعات أعلموني أنهم أفرجوا عني، ولكنهم سلموني لمسلحين، تبين لي لاحقا أنهم من المباحث، فنقلوني إلى قبو المباحث في الخليل حيث لا تعرف الليل من النهار، لأقضي أسبوعا جديدا محتجزا بأمر المباحث (نائبة عن اللجنة الأمنية)، رغم قرار إخلاء السبيل، تماما كما حصل في اعتقال الآخرين على الخلفية ذاتها، ومنهم من لم يعرض على المحكمة إطلاقا. لتؤكد السلطة "الوطنية" أن قرارات ساستها فوق قرارات قضاتها، وأنها تدوس قانونها متى شاءت عبر التوقيف في اللجنة الأمنية التي لا تقبل الإفراج إلا بقرار الرئيس، وعبر التوقيف على ذمة المحافظ بأمر الرئيس.

وهذا سؤال مفتوح لعقلاء فتح قبل ضباطها، هل يكون حفظ السلم الأهلي الذي تتحدثون عنه، عبر فتح العقول أم فتح الزنازين؟ ليبقى السؤال مفتوحا برسم الإجابة عمليا لا نظريا. وفي الحلقة القادمة مجريات الاعتقال في المقرات الأمنية.
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Mar 31 2017, 06:28 PM
مشاركة #3


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35





نشكر جريدة الشعب على نشر المقال

الاعتقال على ذمة الرئيس: (1) هل يكون القضاة أداة بأيدي الساسة؟
بقلم: د. ماهر الجعبري

إذا غاب القانون وفسد القضاء، كيف يمكن التمييز بين العصابات وبين الحكومات في النزاع والصراع؟ سؤال يقفز للذهن عند النظر إلى ممارسات الأنظمة البوليسية التي تجعل الرئيس فوق القانون، وتجعل قراره فوق حكم القضاء.
وهو سؤال يشتد وقعا على مسامع المنظمات الحقوقية التي تعتبر أنها تحمل رسالة إنسانية وتسعى لحفظ حقوق الإنسان، بينما تتابع مشاهد الاعتقال على ذمة الرئيس ولفترات طويلة خارج حكم القضاء، أو يكون القضاء فيها مسخرا تحت أمر الرئيس، كما حصل معي عندما قرر قاضي محكمة الخليل إخلاء سبيلي، بعد 24 يوما من الاعتقال السياسي لدى اللجنة الأمنية في أريحا، ثم تناولتني المباحث على ذمة الرئيس، لأسبوع آخر، على اعتبار أن من يُعتقل من قبل اللجنة الأمنية لا يُخلى سبيله إلا بقرار الرئيس، وذلك كله تحت إشراف رئيس وزرائه الأكاديمي (الذي كان يرأس جامعةً عملتُ فيها كأكاديمي!)، وقد تحوّل إلى سجّان في هذا المشروع الوطني الاستثماري.
ما حصل معي تكرر –بأساليب أخرى- مع عدد من شباب حزب التحرير ومناصريه ممن وقفوا سياسيا ضد التوجهات السلطوية، وفي هذا المقال (على حلقتين) سرد موجز لحكاية شهر من الاعتقال السياسي في سجون السلطة الفلسطينية على خلفية موقف سياسي أزعج الساسة، فحوّلوني للجنة الأمنية المشتركة المكونة من المخابرات والأمن الوقائي والاستخبارات والمباحث، بينما اعتقلوا عددا من شباب الحزب لدى المخابرات وآخرين لدى الأمن الوقائي، وهذه الحلقة تركز على العلاقة الجدلية بين القضاء والسياسة.
بداية الحكاية هي وقفة جماهيرية مشروعة تمّت في الخليل يوم 4/2/2017، تمخضت عن حراك عشائري تصدى به رجالات الخليل من عائلات آل التميمي وكافة عائلات الخليل ومن شباب حزب التحرير، شهدته المدينة ضد إصرار السلطة الفلسطينية على تحدي الإرث الحضاري الإسلامي وبما يخالف قانونها، عبر تمليك الروس ما يقرب من 71 دونم من وقف الصحابي تميم الداري، رغم التاريخ الأسود للإرسالية الروسية في تسريب الأراضي التي امتلكتها في فلسطين لليهود المحتلين، ومنها ما كان في الصفقة المعروفة بصفقة البرتقال.
كانت الوقفة ظهيرة السبت، وكانت أجهزة السلطة الأمنية قد نصبت الحواجز على الطرقات وتناولت عددا من آل التميمي ومن عائلات الخليل ومن شباب الحزب ومناصريه ممن اعتبرت أنهم متوجهون للمشاركة في الوقفة، وكانت قد سخرت إحدى الإذاعات المحلية المعروفة بإثارة الفتنة من أجل الشحن الإعلامي ضد الوقفة السياسية، ومحاولة إثارة الناس ضد المشاركة فيها.
وبعدها أجريتُ بعض المقابلات الإعلامية مع وكالة قدس برس، وعربي 21، ونقلت عني غيرها مثل شبكة قدس الإخبارية... ومن ثم اتصلت بي فضائية القدس للتعليق مباشرة على الأحداث الميدانية في نشرة التاسعة. ولما ترجّلت للمبنى حيث استوديو البث المباشر، أحاط بي مجموعة من المخابرات والأمن الوقائي، تناثروا في الشارع بعدما قفزوا من سيارات عديدة كأنهم في حالة سطو، وخطفوني بلا مذكرة من النيابة وتوجهوا بي لمقر المخابرات في الخليل. وخطفوا قريبا لي من الشباب البارزين في عائلتي كان يرافقني، وتوجهوا به لمقر الأمن الوقائي. وشنّوا حملة اعتقالات واسعة شملت العشرات.
في الليلة ذاتها، حملوني مقيدا في سيارة أمنية إلى أريحا: لم تقف السيارة على أي نقطة تفتيش يهودية، لا عند النقطة الثابتة (قرب أبو أديس)، ولا عند نقطة فجائية (بعدها)، مما يؤكد نجاعة التنسيق الأمني، حتى في إجراءات الاعتقال السياسي. ونقلوا في الليلة ذاتها تسعة من المعتقلين لمخابرات أريحا.
وصلت مقر الأمن الوقائي قبيل فجر الأحد، وبعد جلسة عامة مع اللجنة الأمنية عند الوصول، تمّ وضعي في غرفة مع مجموعة من المتهمين بحيازة وتجارة السلاح، وقد علمت من اللجنة أن جُلّ المعتقلين لديهم كانوا على خلفية قضايا "الفلتان"، ومعظمهم من مخيمات الشمال، وأني أتيتهم –بقضية سياسية- "كفنجان قهوة وقد تعودوا شرب الشاي".
نيابة وقضاء أريحا برسم اللجنة الأمنية
في ضحى الأحد –بُعيد ساعات من الوصول- تم نقلي لمقر محكمة أريحا للعرض على نيابتها، حيث وجّهت لي تهمتين هما: إثارة الفتن والتجمهر غير المشروع: لم أتجاوب في التحقيق مع النيابة، عن موقف لديّ (لم أبينه لوكيل النيابة تماما لأني ادخرته للحديث به أمام القضاء)، ثم رفضت النيابةُ عرضي للقضاء في اليوم نفسه. وفي اليوم التالي تم إعادتي للنيابة، ولم يحضر المحامي (حيث تم تمكيني من الاتصال بأهلي لتوكيل محام)، ومارست الحق بالتزام الصمت عند النيابة، ومن ثم قررت النيابة تحويلي لجلسة القضاء.
أمام القاضي، دحضتُ طلب النيابة تمديد توقيفي لفترة 15 يوما، عبر نقطتين قانونيتين كفيلتين في القضاء العادل -كما يدرك الحقوقيون- بإخلاء سبيلي فورا، وقد لاحظت ذلك الانطباع على وجه القاضي، وتأكيدا على ذلك أفصح قائلا: ها أنت تتحدث مثلنا (يقصد قانونيا).
ترافعت عن نفسي أمام القاضي بالقول إنه تم اختطافي من قبل مدنيين-أمنيين عرفوا عن أنفسهم بأنهم من المخابرات والأمن الوقائي دون مذكرة من النيابة، وما بُني على باطل فهو باطل، وأنني أُفهمت أن التهم الموجة لي تتعلق بالخليل، وأن محكمة أريحا ليست ذات اختصاص/صلاحية للنظر في قضيتي.
نعم، توجب على القضاء العادل عند تلك اللحظة أن يقرر إخلاء السبيل، ولكن كاتبة المحضر قد توجهت للقاضي بصوت خافت-مسموع بكلمة السر: "لجنة أمنية"، وهي تعني أمنيا عنده إقرار التوقيف لمدة 15 يوما بدعوى التحقيق، وهو ما تم، ظلما وعدوانا، يعلمه القاضي كما تعلمه كل منظمة حقوقية، وتعلمه المحاكم العليا والدنيا، ولكنه أمر الرئيس!
كانت النيابة قد بيّنت لي أن محاكمتي ستتم مع التسعة الآخرين (الموقوفين لدى المخابرات)، ولكنها غيرت رأيها (وكأنها اقتنصت فرصة عدم وجود المحامي)، ومن ثم علمت أن المحكمة قررت توقيف التسعة الآخرين لنفس الفترة، في اليوم التالي لمحاكمتي، ومنذ ذلك الوقت ارتبطت محاكمة الآخرين بمحاكمتي، وقضوا فترة شهر من الاعتقال، سبّاقين في أجر الثبات والصدع بالحق، وفي دفع ثمن الموقف السياسي. بينما أفرجت الأجهزة الأمنية في الخليل عن الذين اعتقلوا وأبقتهم لديها في الخليل بعد بضعة أيام.
بعد انقضاء 15 يوما كفترة أولى، تمت إعادتي لجلسة القضاء الثانية، وعندها حضر المحامي وأكّد على مرافعتي السابقة، إثباتا لقانونيتها وفعاليتها، وأضاف حول طبيعة موقعي الأكاديمي... وعندها بدا لي كأن القاضي أعاد ضبط موقفه –ربما بعد متابعات ومراجعات- وتحت وقع الوقفات السياسية التي تمت أمام محكمة أريحا وما حصلت من أصداء ضد توقيفي وتوقيف التسعة الآخرين. ومع أن النيابة كانت قد طلبت التوقيف لفترة 15 يوما أخرى، إلا أن القاضي بعدما أبرز عدم وجود أي إجراءات تحقيق خلال الفترة الأولى، قرر التمديد لأسبوع فقط، وقرر أنه في حالة عدم وجود "تحقيق جاد" يعتبر قرار النيابة لاغيا.
وبالفعل، لم يحصل أي تحقيق في النيابة في الأسبوع اللاحق، ومع انقضائه تم إعادتي لمحكمة أريحا في اليوم المحدد، وأُبقيت في سيارة الأمن الوقائي، فترة من الزمن ثم قيل لي أنه سيتم إرجاعي للمقر دون محكمة، ويبدو أنهم اكتشفوا أن مثولي أمام قاضي أريحا في ذلك اليوم يعني تلقائيا إخلاء سبيلي.
وخلال فترة التوقيف، صدع أهل الخليل في وقفة سياسية حاشدة ضد الاعتقال السياسي وفي رسالة قوية للقضاء، وذلك بدعوة من حزب التحرير ومن عائلة الجعبري ومن العائلات التميمية وغيرها، وكانت الوقفة أشبه بالمعركة السياسية التي تناقلتها وسائل الإعلام، وقف فيها رجالات العشائر ومعهم شباب الحزب ومؤيدوه وقفة حق، رغم التغول السياسي للسلطة الأمنية ورغم أن وسط المدينة قد تحول لما يشبه الثكنة العسكرية، وامتلأت الأجواء بالغاز المسيل للدموع وبأزيز الرصاص الأمني، وتمخضت عن إصابات بالغة، وعن حملة اعتقالات جديده في صفوف الحزب وغيرهم ممن شارك في الوقفة. وصارت قضية المعتقلين كلهم واحدة تحت أمر الرئيس.
في الخليل قضاء أنصف وقرار سياسي نسف
عند العودة للمقر الأمني في أريحا، أعلموني أنهم سيتوجهون بي لمحكمة الخليل، في اليوم نفسه الذي لم تستقبلني فيه محكمة أريحا (حيث انقضت فترة توقيفي "المغطاة بالقانون")، وبالفعل حرص من نقلني على إيصالي لمحكمة الخليل قبل نهاية الدوام، ولا شك أن القاضي في الخليل كان منصفا: إذ رفض طلب نيابة الخليل توقيفي لفترة 15 يوما، رغم أن وكيل نيابة الخليل قد برره على أنه التوقيف الأول في المحكمة ذات الاختصاص. ومن الملاحظ هنا أن نيابة الخليل تذكرت أنها أرسلتني لأريحا لجهة ليست ذات اختصاص، فلماذا فعلت ذلك بداية؟!؟!؟
قرر القاضي في الخليل قبول إخلاء السبيل بكفالة، ومن ثم تم نقلي لسجن الظاهرية، ولما وصلت تبين لهم أنه إجراء خاطئ، إذ لا حكم علي لاعتقالي فيه، فأرجعوني إلى سجن القلعة في الخليل، وبعد سويعات أعلموني أنهم أفرجوا عني، ولكنهم سلموني لمسلحين، تبين لي لاحقا أنهم من المباحث، فنقلوني إلى قبو المباحث في الخليل حيث لا تعرف الليل من النهار، لأقضي أسبوعا جديدا محتجزا بأمر المباحث (نائبة عن اللجنة الأمنية)، رغم قرار إخلاء السبيل، تماما كما حصل في اعتقال الآخرين على الخلفية ذاتها، ومنهم من لم يعرض على المحكمة إطلاقا. لتؤكد السلطة "الوطنية" أن قرارات ساستها فوق قرارات قضاتها، وأنها تدوس قانونها متى شاءت عبر التوقيف في اللجنة الأمنية التي لا تقبل الإفراج إلا بقرار الرئيس، وعبر التوقيف على ذمة المحافظ بأمر الرئيس.
وهذا سؤال مفتوح لعقلاء فتح قبل ضباطها، هل يكون حفظ السلم الأهلي الذي تتحدثون عنه، عبر فتح العقول أم فتح الزنازين؟ ليبقى السؤال مفتوحا برسم الإجابة عمليا لا نظريا. وفي الحلقة القادمة مجريات الاعتقال في المقرات الأمنية.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين

Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Apr 3 2017, 05:50 AM
مشاركة #4


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



الاعتقال على ذمة الرئيس
(2) حوارات سياسية في المقرات الأمنية
د.ماهر الجعبري
.
في الحلقة السابقة من هذا المقال (تحت عنوان هل يكون القضاة أداة بأيدي الساسة؟)، تحدثت عن خلفية اعتقالي السياسي لدى السلطة الفلسطينية لما يقرب من شهر، وعن اعتقال العشرات على الخلفية السياسية ذاتها، وعن تسخير القضاء لخدمة الساسة، وعن دوس ساسة السلطة وضباطها على قرارات القضاء إذا ما جاءت على غير رغبتهم. وفي هذه الحلقة المكملة للمقال أكمل حول ما جرى في المقرات الأمنية:
***
حول الخلافة في مخابرات الخليل
-------------------------------
خلال السويعات التي قضيتها لدى مخابرات الخليل، سَنحت الفرصة للحديث مع مديرها وبعض رجالاته حول فرضية ومشروعية الخلافة: ذكّرتّهم بأنها بشرى نبوية متحققة بإذن الله، وفرض رباني. ثم نسفت دعواهم بأننا نكفر أفراد الأجهزة الأمنية، كما فعلت في كل حوار لاحق في المقرات الأمنية، وركزت على ذلك جيدا، إذ لاحظت أن أفراد وضباط الأجهزة الأمنية يعتبرون أن الناس تُكفرهم، والحقيقة أننا لا نكفر أحدا إلا من أقر بالكفر على نفسه، ولا تكفير بلا قضاء شرعي ومحاكمة. وهذه مسألة راسخة لدينا، ويجب أن ترسخ في أذهانهم رغم جرائم مشروعهم الأمني، وبطلان عقيدة التنسيق الأمني المقدس.
.
وقد أصغى مدير مخابرات الخليل باهتمام واحترام، وكبح محاولات بعض رجاله للانتفاخ والتغول، وخصوصا عندما ذكرتهم بجريمة إطلاق النار عليّ من قبل المخابرات قبل سنوات، وبأن مدير مخابرات الخليل –في حينه- قد وصف الأمر بالمخزي. وفي السياق خاطبني المدير قائلا: معروف أن لسانك سليط.
.
إلا أن مدير المخابرات لم يكبح جماح اللصوصية الألكترونية، فتم سرقة عنوان بريدي الألكتروني المربوط برقم جوالي الذي اغتصبوه من يدي وفتحوه دون إذن نيابة، كما اخترقوا حسابا يحمل أسمي على الفيس بوك، وآخر على التويتير، وحتى عندما استعدتها بعد شهر (إثر خروجي) حاولوا السرقة من جديد.
.
عند اللجنة الأمنية حوار بنكهة إعلامية
------------------------------------
بكل تأكيد كانت فترة اعتقالي في أريحا (24 يوم) هادئة، إذ ميّزت فيها بين كفاح الساسة المتآمرين وبين مقارعة السجانين (الموظفين)، وقد سمعت من بعض السجانين (من الأمن الوطني) عبارات إيجابية مباشرة أو غير مباشرة، منها أن أحد الضباط عبّر عن تأييده لموقفنا من رفض تمليك الوقف الإسلامي للروس، وغيره عبّر عن شدة الاحترام بالقول (أخجل من الاحترام)، وتعامل جلُّهم معي بهدوء واحترام. وكذلك حصل في سجن القلعة، بل وصل الأمر بأحد الضباط من ذوي النجم، أن اعتبر أنهم سيكونون من جند الخلافة.
.
وبكل تأكيد لم أُجبر على الحديث لدى اللجنة الأمنية، حتى عندما رفضت الحديث عن أي أمر إداري يتعلق بحزب التحرير. في "التحقيق" عند اللجنة الأمنية أبديت الاستعداد الدائم للحديث عن مواقفنا السياسية وقناعاتنا الفكرية، كما أفعل دائما.
.
بعيد وصولي لمقر اللجنة الأمنية، كانت الجلسة الأولى، التي بدا لي أنها استكشافية عامة، وفي اليوم الثاني كانت الجلسة الثانية التي توفر فيها أمام اللجنة تقرير يبدو أنه وصل من الخليل، فيه سرد لما يزعجهم من مواقفي وتحركاتي السياسية.
.
ومما لفت انتباهي في التقرير أن معده يشتكي أنني منعت محافظ الخليل والقيادي عباس زكي من إلقاء كلمة خلال تأبين شهداء الخليل قبل أكثر من عام: ولو أدرك محافظ الخليل معنى أن يشتكي صاحب "السلطان الأمني"، من قدرة مواطن على منعه من الحديث، لما سمح لمعد التقرير أن يفعل! وهذا أمر يدركه الكبار والساسة!
.
في تلك الجلسة لم تكمل اللجنة الأمنية توجيه التهم الواردة في التقرير، ومع أني طلبت منها أن تطلعني على ما ورد فيه من تهم أخرى، إذ اعتبر ضباطها أني غير متجاوب مع التحقيق. وحول خلفية القضية والاعتقال، حرصت على تبيان أن قرار رئيس السلطة الفلسطينية تمليك الوقف الإسلامي للروس يخالف نص البند الثاني من المادة 11 من قانون مكافحة الفساد للعام 2005. وأصغت اللجنة لذلك التبيان.
.
وبعد يومين دُعيت لجلسة التحقيق الثالثة بحضور رئيس اللجنة الأمنية في أريحا، وكان الحوار حوارا سياسيا، علقت في ختامه أني تمنيت لو أنه سُجّل وبُث على الإعلام:
.
في اللجنة الأمنية، تفاخر ضابط كبير بأنه كان سجينا عند الاحتلال اليهودي (كما يتفاخر غالبا ضباط الأجهزة الأمنية)، وغفل أن ذلك "التاريخ النضالي!" مع هذا المستجد الأمني هو تجسيد لتحوّل السجين إلى سجّان في هذا المشروع الوطني الاستثماري، وهو ترجمة فعلية لتحول شعار الكفاح عن "الأرض للسواعد الثورية التي تحررها" إلى "الأرض للسواعد الأمنية التي تقمع أحرارها".
.
كان لدى اللجنة نقطتان رئيستان: الأولى تتعلق بأي ربط لما جرى في الخليل من وقفة بأجندات "الفلتان" (ويقصدون أيضا التنافس على السلطة)، والثانية تتعلق بأي صلة بالموقف السياسي من الصراع الطائفي مع النصارى.

السلطة الفلسطينية أصغر شأنا من أن يضعها حزب التحرير على أجندته
ونصارى فلسطين أهل
---------------------
بيّنت في الحوارات كلها أننا لا نقبل أن نُسخّر من قبل سلطة رام الله ضد سلطة غزة، ولا العكس، وأننا لا نحشر أنفسنا ضمن خارطة الاصطفافات الفصائلية. وفي هذا السياق ذكرتهم بما نُقل عن منطق الرئيس السابق عرفات، في التعامل مع حزب التحرير كحزب عالمي، وأنه كان يقول "إحنا مش أده".
.
وأكدت –كما فعلت في لقاءاتي الإعلامية قبيل الاعتقال- أن الموقف من تمليك الروس المستعمرين لأرض الوقف الإسلامي لا يمت بصلة لأية محاولة لوضعه في سياق الصراع الديني ضد أهل فلسطين من النصارى، بل لهم ما لنا من الإنصاف وعليهم ما علينا من الانتصاف، وزدت على ذلك بالقول أن دولة الخلافة ستسترجع الملكية العامة في البترول مثلا للمسلمين وغير المسلمين في بلادنا، الذين هم أصحاب حق فيها. ولا مجال للعب على هذا الوتر، لأنه غير مستحضر تماما في ذلك الصراع الحضاري-السياسي مع المستعمرين.
.
ومما استوقفني –في حوارات اللجنة الأمنية- أن أحد ضباط التحقيق لما ذكر مؤسس حزب التحرير المرحوم الشيخ تقي الدين النبهاني ترحّم عليه، وكذلك فعل لما ذكر الأمير الثاني المرحوم الشيخ عبد القديم زلوم. رغم أنه كان يحاورني بأسلوب "المناكفة الإعلامية" وهو يدافع عن مواقف فتح، وينتقد مواقف حزب التحرير، لدرجة أني قلت له أنك تذكرني بالمتحدث باسم فتح (الذي يهيج أحيانا للدفاع عن رأيه). وهذا يكشف عن طبيعة "التحقيق" الذي دار.
.
بعد الجلسة الثالثة مكثت ما يقرب من 10 أيام بلا مراجعات، إلا واحدة عابرة، كانت أقرب لجلسة استعلامية (لا يمكن اعتبارها الرابعة)، حصلت ذات ليلة عندما لاحظ أحد الضباط المناوبين وجودي بين المعتقلين، فتفاجأ عندما ذكرت له أني معتقل على قضية سياسية، حيث أنكر بداية أن يكون لدى اللجنة معتقل سياسي.
.
في الجلسة الختامية، بدا لي أن اللجنة قد قررت إغلاق الملف، وأراد المحقق حصر الإفادة بمجريات الوقف الإسلامي، فقدّمت إفادة حول الاجتماع العشائري الذي تم في ديوان آل تميم قبل الوقفة الجماهيرية التي اعتقلت على إثرها، وتحدثت عن طبيعة المشاركين فيه من مختلف التوجهات والرجالات، وحول الوقفة الجماهيرية التي تمت، وتحدثت فيها كما أتحدث لوسائل الإعلام. ولذلك تجاوبت مع تلك الجلسة. وانتهى "التحقيق" نهائيا، في اربع جلسات، بينما تم اعتقالي في اللجنة الأمنية لما يقرب من 24 يوما بقرارات عليا لا لمتطلبات التحقيق المدعى!
.
وكذلك ظل المعتقلون الآخرون من شباب حزب التحرير ومناصريه في مقارّ المخابرات، حتى بعد نقلهم للخليل ولبيت لحم، ثم زاد عدد المعتقلين بعد الوقفة الجماهيرية الحاشدة ضد الااعتقال السياسي.
***
إن مشروع الخلافة العظيم أعلى مكانة من مناكفة سلطة تحت الاحتلال، وأرفع منزلة من خوض كفاح معها، لولا إجراءاتها القمعية التي تستهدف تكميم الأفواه. وإن حزبا عالميا عابرا للشعوب والقارات أقوى من أن تنال من إرادته سلطة تحت الاحتلال مهما تغوّل ساستها، ولذلك حري بها أن تدرك طبيعة المشروع وطبيعة رجاله، وأن لا تخوض مواجهة خاسرة مع حزب عجزت عنه القوى النووية، فأنى أن تنال منه قوة أمنية تحت الاحتلال!
.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين

https://www.facebook.com/Dr.MaherAljabari/p...e=3&theater
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Apr 6 2017, 01:10 PM
مشاركة #5


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



نشكر شبكة القدس الإخبارية على نشر المقال

الاعتقال على ذمة الرئيس(2) حوارات سياسية في المقرات الأمنية

Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Apr 6 2017, 01:19 PM
مشاركة #6


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



https://www.facebook.com/naqedeilami/photos...e=3&theater
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 25th April 2024 - 08:38 PM