بارك الله فيك استاذ موسى على الطرح الموضوعي , وسنعمل على بيان المطلوب من خلال النقاش والاستفاضة , وارجو من الجميع المشاركة .
إقتباس
ماذا تعني الجودة في الاعلام ؟
سؤال خطر ببالي ارجو من الاخوه المشاركة ؟
فهل تعني ملئ الصحف والمجلات والمواقع ؟
ام تعني الدرجة العالية من المهنية ؟
ام تعني الالتزام بقاضايا الامة ؟
ام تعني صدق الخبر نقلا وصياغة ؟
ام تعني النظرة الى المنقول من وجهة نظر الاسلام ؟
ام تعني الترفيه والتسليه ؟
ام تعني أنها مسألة البقاء والاستمرار في العمل؟
ام هي ملئ وقت المشاهد والمستمع والقارئ ؟
ام هي تلبية احتياجات الناس بمختلف اطيافهم ؟
ام هي الربح والمال ؟
ام هي رضى الجهة من وراء مؤسسة الاعلام ؟
ام هي ارضاء الجماهير ؟
ام هي الاتيان بالجديد والسبق الصحفي ؟
ام هي الحصول على بعض الجوائز العالمية ؟
ام هي ارضاء الله ؟
الاعلام هو الإخبار . وأعلمه : أخبره . وعند الاخبار بشيء تنطبق احكام شرعية واجبة الاتباع , فالخبر والمتلقي طرفان ينطبق على كل منهما مجموعة من الأحكام الشرعية , فلا بد من الصدق وتحري الحقيقة في النقل , ولا يجوز للمسلم الكذب , ولا يجوز نشر الاشاعات أو التضليل أو تشويه الحقائق . كما لا يجوز نشر ما يخالف الاسلام , والمتلقي عليه أن يتحرى من أين يأخذ إعلامه وعليه ان يتبع الحكم الصحيح خاصة اذا كان أمر علاقته بالتبني وعلم بدليل أقوى .
لا أريد الخوض كثيراً في هذا التأصيل , وساناقش الاسئلة المطروحة حتى لا نخرج عن جوهر الموضوع :
فالجودة في الاعلام صفة تطلق على الاعلام , والجودة عكس الرداءة , فاعلام جيد واعلام رديء , اما الاعلام الجيد والرديء فهذه الصفات نطلقها على وسائل الاعلام حسب وجهة نظرنا التي هي مجموع المفاهيم عن الكون والانسان والحياة وليس حسب اهوائنا , فلا بد من ميزان دقيق نزن عليه الامور لنخرج بوصف دقيق للاعلام .
فالاعلام الرديء هو كل ما خالف الاسلام وروج لأفكار الكفر , حتى لو أتى بأخبار صحيحة وحوادث حقيقية , لكن خط سيره يبقى منحرفاً عن أفكار الاسلام , فوسائل الاعلام الرديئة "حسب وجهة نظر الاسلام" هي كل وسيلة إعلامية انحرفت عن وجهة نظر الاسلام واتبعت خط سير مخالف .
وهنا لا بد من التطرق للاعلام الحيادي الذي يجمع الاخبار وينقلها على حقيقتها دون ابداء رأي فيها ودون النظر الى موافقتها للاسلام أو مخالفتها له , وهذا النوع من الاعلام أيضاً إعلام رديء ذلك أنه ينشر في معظم الاحيان ما يخالف شرع الله .
أما الاعلام الجيد , فهو كل اعلام يتبع في خط سيره وجهة نظر الاسلام في الحياة , وينقد كل ما يخالف عقيدة المسلم ويبين للمتلقي حقيقة الأمور وموافقتها أو مخالفتها للشريعة الاسلامية , ويشمل الاعلام الدعوي الذي من مهامه تبيان الأحكام الشرعية وتوعية المتلقي على الاسلام وبث روح الجهاد والاستشهاد في نفوس المتلقين المسلمين , ويضرب أفكار وعقائد الكفر ويبين زيفها ومخالفتها للاسلام .
فلا تعني جودة الاعلام ملء الصحف والقنوات والمواقع بأي أخبار سياسية كانت أو اجتماعية أو ترفيهية , فرب جملة اعلامية يبثها الاعلام الجيد تغني عن مقالات وبرامج حوارية وكتب ورسائل وتحقيقات .
ولا تعني جودة الاعلام المهنية مهما علت درجاتها , فالاعلامي المهني ينقل الأخبار بمهنية "حيادية" دون ابداء رأي فيها ودون النظر الى وجهة النظر في الحياة , بل ينقل الاخبار لمجرد النقل والمهنية .
أما الالتزام بقضايا الامة فهي لب وروح الاعلام الاسلامي , وبغيرها لا نطلق صفة الاعلام الاسلامي إن لم يلتزم بقضايا الأمة , فكل وسيلة اعلام لا تلتزم بقضايا الأمة تدخل في صف الاعلام الرديء حتى لو كانت في دول الكفر , وللايضاح لو اتبعت وسيلة اعلام بريطانية مثلا عدم الالتزام بقضايا البريطانيين وهمشتها أو عتمت عليها فانها بذلك تكون قد انسلخت عن البريطان , ونحن كمسلمون لنا وجهة نظر في الحياة مختلفة عن باقي الأمم نقيس الأمور بميزان الشرع الاسلامي , وحتى هذه الوسيلة البريطانية الملتزمة بقضايا البريطان تعتبر عندنا ضمن الاعلام الرديء .
أما صدق الخبر نقلا وصياغة , فلا تعني جودة اعلامية , ذلك ان أي وسيلة اعلامية تتبع خط المسير هذا تقع دون شك بما يخالف الاسلام , ذلك أن هناك الكثير من الاخبار والاحداث لا تخدم فكرة الاسلام , وفي الاعلام الاسلامي يجوز الكذب لبث الرعب في قلوب الكافرين ولخدمة مصالح الدولة , وبهذا لا نقول ان الاعلام الجيد هو من يتبع صدق الخبر .
أما حول السؤال عن النظرة الى المنقول من وجهة نظر الاسلام , فقد اسهبت في شرح الأمر فيما سبق , وهذه صفة يتمتع بها الاعلام الاسلامي الملتزم بقضايا الأمة حتماً .
أما الترفيه والتسلية فليست أعلاماً , وليست مما يحدد جودة الاعلام إلا عند من لا يملكون فكراً ووجهة نظر فانهم يبحثون عن مضيعة لوقتهم .
وموضوع الاستمرار بالعمل , فهذه منقصة لوسيلة الاعلام المتبعة لهذا الاسلوب , فهي متقلبة على الدوام لتحافظ على بقائها وتتحول وتتلون وتغير سيرها كلما استلزم الأمر لتبقى عاملة على الساحة . وهذا يخالف وجهة نظر الاسلام حتماً .
وملء وقت المشاهد ليس هدف اعلامي , بل علاقته بالتسلية والترفيه وقد تمت الاجابة عنها فيما سبق .
أما تلبية احتياجات الناس , فهذه جزء يسير من عمل الاعلام وليس مقياساً على جودة الاعلام .
وسؤالك حول الربح والخسارة , يجعل الوسيلة الاعلامية تفقد صفة "اعلامية" بل نطلق عليها وسيلة تجارية ربحية , وليس هدف الاعلام وجودته الربح ولا الخسارة .
ورضى الجهة من وراء المؤسسة الاعلامية , فيها نظر , فلو كانت وسيلة اعلامية تعمل في ظل دولة اسلامية وكان هدفها رضى الدولة الاسلامية فانها تكون متبعة لسياسة الدولة الاسلامية ووجهة نظرها في الحياة , اما اليوم في ظل عدم وجود دولة اسلامية وتابعية وسائل الاعلام لسياسيين يطبقون نظم وضعية مخالفة للاسلام فان السعي لارضائهم تهلكة ونشر وترويج لافكار كفر والعياذ بالله .
وارضاء الجماهير ليس من الاسلام في شيء , والسبق الصحفي والجوائز العالمية فيه اتباع للرأسمالية وتطبيق للمعايير الدولية التي تخالف الاسلام وفطرته .
واسمى غايات الانسان نوال رضوان الله , وذلك باتباع اعلام اسلامي ملتزم بقضايا الأمة المصيرية ونشر الدعوة ونقض أفكار الكفر وتبيان المؤامرات المحاكة ضد الاسلام وأمته .