منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

> الأردن إلى أين؟, جريدة الراية
أم المعتصم
المشاركة Dec 20 2018, 03:49 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: المشرفين
المشاركات: 4,804
التسجيل: 19-January 15
رقم العضوية: 2,238







حتى نستطيع فهم ما يحدث في الأردن من تحركات وسقف المطالب، وموقف النظام احتواءً وتحريكا والتفافا وفتكا، كان لا بد لنا من معرفة حقيقة الأزمة في الأردن منذ النشأة، وطبيعة الصراع الدولي عليه منذ خمسينات القرن الماضي، وشدة الصراع وظهوره أو ضعفه على الأمة، ومن ثم العودة لثورة 89 وأسبابها وكيفية تعامل النظام معها وما آلت إليه، والحراكات في الربيع العربي وعودة ظهور الصراع الدولي على الأردن، وظهوره بخلاف ما سبقه، وحدود قدرة النظام على التعامل مع الأحداث الجارية نتيجة الأزمات القائمة وما يراد منها في الصراع على الأردن، لذا كان لا بد من دراسة تفصيلة حتى يدرك الناس في الأردن حقيقة ما يدور ومآلات الصراع والأحداث.

إن الأردن غربيه وشرقيه (فلسطين وشرق الأردن) قد احتله الإنجليز؛ حين انتصروا على دولة الخلافة في الحرب العالمية الأولى، وحكموه ثلاثين عاماً حكماً مباشراً بحاكم واحد له كله هو المندوب السامي لفلسطين وشرق الأردن، ثم أقاموا كياناً ليهود في فلسطين، وجعلوا ما بقي منه مملكة تحت سلطانهم، ثم تحت نفوذهم، فكان الأردن ولا زال قاعدة للنفوذ الإنجليزي منذ أيام الاحتلال وحتى الآن، صحيح أنه حدث صراع سياسي بين أمريكا وبريطانيا في فترة الخمسينات من القرن الماضي حاولت من خلاله أمريكا أخذ الأردن من خلال اختراق العائلة المالكة في الأردن لكنه لم يمكث طويلاً لظروف وأسباب كثيرة لم تتمكن أمريكا خلالها من النفوذ إلى الأردن والسيطرة عليه كما حدث في مصر وغيرها من الدول العربية، لذا بقي الأردن تحت سيطرة الإنجليز بسبب طبيعة التركيبة الجيوغرافية والعقد في المجتمع الأردني، من خلال طبيعة تركيبة السكان والوسط السياسي للنفوذ الإنجليزي وانشغال أمريكا بالصراع في العراق وسوريا، ولذلك لم تجد أمريكا في الأردن التربة الخصبة التي وجدتها في سوريا، فلم يحصل في الأردن أي عمل سياسي يظهر فيه الصراع الدولي، اللهم إلا المظاهرات التي حصلت ضد حلف بغداد، ومحاولة الانقلاب المفتعلة من الملك حسين سنة 1957م، التي افتعلها ليطرد بها بعض عملاء عبد الناصر من البلاد. ومن هنا لا يعتبر الأردن أنه قد حصلت فيه أعمال سياسية مهمة تتعلق بالصراع من ناحية داخلية لما مر من ظروف وأسباب، وإن كان من أعظم الأمكنة التي يجري عليها الصراع بين أمريكا وإنجلترا، لما فيه من الثروة المذهلة في باطن الأرض وتحت المياه.

وللعلم والتذكير فإن الدبلوماسية الأمريكية اتصلت مع الملك عبد الله الأول، وفاوضته في عقد صفقة معه، خلاصتها أن يترك الملك عبد الله إنجلترا ويسير مع أمريكا، وأن تطلق أمريكا يده في أن يضم إليه العراق والحجاز، وينشئ دولة من الأردن والعراق والحجاز، ويضم إليها سوريا ولبنان، مقابل أن يعقد صلحاً مع كيان يهود الغاصب، وأن أمريكا تعطيه القروض والمساعدات اللازمة لإنعاش هذه الدولة الجديدة اقتصادياً، فوافق الملك عبد الله الأول على ذلك، ثم أخذ يعمل لتحقيق هذا المشروع. فذهب إلى العراق، وهناك اجتمع بعبد الإله ونوري السعيد، وفاتحهم في الموضوع، وطلب منهم السير معه، فما كان منهم إلا أن اتصلوا بالسفير البريطاني في بغداد، وأطلعوه على مشاريع الملك عبد الله، فمنعهم الإنجليز من السير معه؛ ولذلك لم يقبلوا ما قاله ولم يردوه، وتركوا الأمر مائعاً، فرجع إلى الأردن، وأرسل لرياض الصلح ليسير معه ويعاونه في المشروع، فقبل رياض الصلح ذلك، والظاهر أنه كان تحول مع أمريكا، فبادر الإنجليز بقتل رياض الصلح في عمان، وهو في طريقه إلى المطار ليرجع إلى بيروت، ثم بعد أسبوع واحد قُتِل الملك عبد الله في القدس في المسجد الأقصى، نتيجة لمؤامرة مكشوفة دبرها كلوب لقتله، وحذره السفير الأمريكي صراحة من المؤامرات ومن السفر قبل يوم واحد من قتله، فباء مشروع أمريكا بالفشل، ثم تولى الحكم ابنه طلال الذي مد يده لأمريكا، ولكن الأرضية السياسية هي للإنجليز بلا منازع لذا لم يتمكن طلال من الاستمرار في الحكم، خاصة بعدما عمل خلال فترة حكمه على تلطيف العلاقات المحتقنة مع مصر، وانتهت ولايته عندما أجبره البرلمان الأردني على التنحي عن العرش بحجة الأسباب الصحية، وخلفه على العرش ابنه الحسين، ولكنه لم يتسلم الحكم مباشرة لأنه لم يكن قد بلغ 18 من عمره بعد، فخرجت بريطانيا بفكرة مجلس الوصاية على العرش من أزلامها حتى يبلغ الملك الجديد السن القانونية للحكم.

وبعد تولي الملك حسين للحكم وقفت من خلاله بريطانيا ليكون الأردن قاعدة لها في تثبيت النفوذ الإنجليزي في المنطقة خاصة في العراق وسوريا، وللوقوف في وجه النفوذ الأمريكي من خلال الوقوف في وجه جمال عبد الناصر رجل أمريكا القوي بشعاراته القومية والعداء المكذوب للإمبريالية، الذي كان يعمل حقيقة ضد النفوذ والاستعمار القديم لمصلحة الاستعمار الجديد، فاشتد الصراع بين الأردن ومصر، وبلغ الصراع أشده قوة وبشتى الأساليب حتى بلغ الأمر بالملك حسين محاولة الإيقاع بجمال عبد الناصر من خلال أكذوبة الضباط الأحرار والانقلاب المزعوم، لكن أمريكا كانت تدرك من هؤلاء، ولماذا أرسلوا إلى مصر، فلم يتفاعل معهم عبد الناصر، فأدرك الإنجليز أن الحيلة لم تنطل على عبد الناصر فعادوا إلى الأردن وتم تعيينهم بأرفع المناصب على دورهم وخدمتهم، وقد اعترف نذير رشيد أحد الضباط الأحرار والذي تسلم وظيفة دائرة المخابرات بعد العفو عنهم في حديث متلفز ورد فيه: (وحول علاقة الملك الحسين بالضباط الأحرار، أشار رشيد إلى أن الضباط لم تكن لديهم أي نية لعمل انقلاب على العرش في الأردن، كما أن الملك كان على دراية بكافة تفاصيل عملهم، حيث تصله أخبارهم بشكل مستمر...)، اشتد هذا الصراع طيلة فترة عبد الناصر بين الأردن ومصر والحقيقة أن الصراع كان بين أمريكا متمثلة بمصر وبين الإنجليز متمثلة بالأردن.

يتبع...

بقلم: الأستاذ المعتصم بالله أبو دجانة

المصدر: جريدة الراية

Go to the top of the page
 
+Quote Post
 
Start new topic
الردود
أم المعتصم
المشاركة Jan 31 2019, 07:34 AM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: المشرفين
المشاركات: 4,804
التسجيل: 19-January 15
رقم العضوية: 2,238





ذكرنا في الجزء الثالث من أسباب الصراع؛ وجود الثروات في الأردن في أرضه ومياهه، ونريد في هذا الجزء إلقاء نظرة تاريخية على كيفية بروز الصراع الإنجلو-أمريكي، والذي هناك من يعتبره ضرباً من ضروب الخيال للأسف لسوء الفهم السياسي عند بعضهم أو للتضليل عند آخرين، أو بسبب خفاء الصراع أحياناً، إذ قد يكون الصراع السياسي بين الدول ظاهراً قوياً، وقد يكون خفياً دقيقاً، وهذا الخفاء لا يعني عدم وجوده، ولكنه يحتاج إلى عقليات سياسية جبارة تكشف مواطن الصراع والتضليل الممارس على الأمة، فنقول وبالله التوفيق:

ألقى الرئيس أيزنهاور بيانه المنتظر أمام الكونغرس بتاريخ 1957/1/5م بعد الضجة المقصودة التي أثيرت حوله مدة عشرة أيام شغل العالم أثناءها بهذا البيان وبانتظاره، كما أشغلوا العالم بالمعلومات التي أعطيت عن قصد ليبحثها الناس بغية الاطلاع على صداها وعلى مبلغ تجاوب الناس أو عدم تجاوبهم معها.

والبيان عبارة عن مشروع دفاع يضع الشرقين الأدنى والأوسط تحت حماية أمريكا، وهو أخطر بيان سياسي وضع عن الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية حتى تاريخه، فقد نقل حدود أمريكا الدفاعية من مكانها ووسعها؛ فوضع الحدود الدفاعية لأمريكا على حدود الشرقين الأدنى والأوسط، الشرقية والجنوبية، وجعل العالم الإسلامي داخل هذه الحدود الدفاعية.

فبتاريخ 1956/12/28م كتبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بعلاقاتها شبه الرسمية بوزارة الخارجية الأمريكية مقالاً مهماً تحدثت فيه عما يدور في البيت الأبيض وفي وزارة الخارجية الأمريكية بشأن الشرق الأوسط وضمان استمرار السلام فيه، وقد وردت في هذا المقال أفكار عدة تلفت النظر، تقول الجريدة: "إن الرئيس أيزنهاور يدرس الآن مع كبار معاونيه الحصول على إذن من الكونغرس لاستخدام القوات الأمريكية المسلحة على الوجه الذى يراه ضرورياً للمحافظة على الأمن والسلام في الشرق الأوسط". فأمريكا تريد استخدام القوة لفرض إرادتها ووجودها في المنطقة. وقد سبقها سياسة الرئيس الأمريكي مونرو الذي أعلن للعالم مبدأ مونرو، وجعل من الأمريكيتين منطقة نفوذ خالصة لأمريكا ومنع الصراع الدولي عليها، ثم انتقلت أمريكا إلى تركيا واليونان، حيث أعلن الرئيس ترومان في عام 1947م سياسته بشأن اليونان وتركيا، وأطلق على هذه السياسة "مبدأ ترومان"‎، وكانت تقوم هذه السياسة على مساعدة اليونان وتركيا بالمال والعتاد للمحافظة على استقلالهما ضد أي اعتداء كان سواء من الداخل أو الخارج، وحلت أمريكا محل بريطانيا في اليونان وتركيا تحت حجة عدم قدرة بريطانيا على الوقوف في وجه الاتحاد السوفيتي، وعلى أساس هذه السياسة نفسها أعلن الرئيس أيزنهاور سياسته التي أطلق عليها "مبدأ أيزنهاور" ليمنع تحرير البلاد الإسلامية من الاستعمار القديم، وليحول بينها وبين أن تصبح قوة دولية لها أثرها في سياسة العالم، وقد بلغ أيزنهاور في استراتيجيته "مبدأ أيزنهاور" هذه حداً جاوز فيه سابقيه؛ فهو لم يكتف بإعلان منع التدخل الأجنبي كما فعل مونرو ولم يقتصر على إعلان المساعدة بالمال والعتاد كما فعل ترومان، بل جعل هذه السياسة شاملة كل عناصر الحماية والاستعمار، فوضع الشرق الأوسط تحت حماية أمريكا لتحل بنفوذها واستعمارها محل النفوذ والاستعمار البريطاني والفرنسي.

وأمريكا علاوة على أن جشعها وحبها للسيطرة وبسط النفوذ هو الذي يدفعها إلى إعلان هذه السياسة، فإن سيرها كذلك على سياسة توازن القوى آنذاك يجعلها حريصة على كسب الشرق الأوسط قوة هائلة لها، لذلك صارت تزعم أن في الشرق الأوسط فراغاً بسبب ذهاب نفوذ بريطانيا منه وضعفها والاستعمار القديم كله وأنها لا بد أن تسد هذا الفراغ، وقد كررت أمريكا استعمال كلمة "الفراغ"، وهذه الكلمة كثيراً ما كانت تكررها بريطانيا سابقاً من أجل تثبيت استعمارها في المنطقة وغاية الدولتين واحدة هي استعمار المنطقة بحجة ملء الفراغ خاصة في العالم الإسلامي (الشرق الأوسط) بعد القضاء على الدولة الإسلامية، والذي هو مادة خام اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً ويعتبر قوة لها وزنها الثقيل بين قوى العالم، وهو من أكبر القوى في العالم من حيث إمكانياته وبإمكانه بسهولة ويسر أن يكون قوة ذاتية كبرى وعالمية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً إذا قامت فيه دولة واحدة، فكيف لو قامت فيه دولة الخلافة الراشدة؟ والتي ستكون عالمية وخطراً وجودياً على القوى العالمية الأخرى.

إذاً كانت حجة أمريكا أن في منطقة الشرق الأوسط فراغاً كبيراً ومن الواجب سده، وهي تعمل لسد هذا الفراغ مراعية كافة العوامل التي تواجهها، فتراعي القوميات وتشيع بعض الآمال التي تطمح الشعوب لها، وتتناسق مع التزاماتها في الجهات الأخرى من العالم، وهي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية تحاول إيجاد نفسها في الشرق الأوسط وتعتبر أن فيه فراغاً، ولكن كانت مراعاتها لصداقتها الوطيدة لبريطانيا وارتباط استراتيجيتها معها كدولة حليفة قوية ضد الاتحاد السوفياتي تجعلها تدخل في الشرق الأوسط عن طريق المناورات السياسية، ولما رأت انهيار بريطانيا سارعت فجأة إلى إعلان هذه السياسة الاستعمارية في بيان الرئيس أيزنهاور واعتبرتها ضرورية لسد الفراغ الذي تزعمه لتأمين مصالحها التي أصبحت مترامية في أكثر نواحي المنطقة، ولتوسيع هذه الحيوية الأمريكية في الشرق الأوسط في المحافظة على البترول، وفي تأمين طرق المواصلات الاستراتيجية البحرية والجوية في الدرجة الأولى ثم البرية في الدرجة الثانية، وفي إرساء دعائم كيان يهود كدولة قوية وكدولة أوروبية لا كدولة من دول الشرق الأوسط، وفي المشاريع والأسواق الاقتصادية التي تحقق نمو الاستثمار الأمريكي، ولذلك صارت تعتبر أن كل تهديد للسلام والأمن في هذه المنطقة سواء أكان من الداخل أم من الخارج بمثابه تهديد لسلامة أمريكا، وصارت ترى ضرورة ارتباط سلامة الشرق الأوسط بسلامة الحلف الأطلسي، ولذلك بدأت منذ سنة 1949م تعمل لإيجاد مشاريع دفاع عن الشرق الأوسط تضمن سلامة المنطقة من عدوين يهددان مصالحها؛ عدو واقع وحقيقي، وإمكانية قيام دولة مبدئية لطبيعة أهل البلاد وما يحملونه من مبدأ عظيم وهو الإسلام وطريقته بالحياة وهو الكيان السياسي (الخلافة) والوحدة، ولا زالت هيبة وقوة الخلافة في عقول الغرب الكافر لم تفارق عقولهم، ولا زالت أمريكا تدرك معنى قيام دولة مبدئية في المنطقة فلقد أذلت هذه الأمة الأسطول الأمريكي. وقد اضطرت أمريكا إلى الصلح وتوقيع معاهدة مع الجزائر في 5 أيلول/سبتمبر 1795م تدفع بموجبها واشنطن مبلغ (62 ألف دولار ذهباً) للجزائر لقاء حرية المرور والحماية لسفنها في البحر المتوسط، وتضمنت هذه المعاهدة 22 مادة مكتوبة باللغة التركية. وعدوٌ آخر محتمل وهو الاتحاد السوفياتي.

ومما لا شك فيه أن الأردن كان في قمة هذه الاستراتيجيات الأمريكية لكونه القاعدة الإنجليزية العريقة وقوة الإنجليز فيها، ولكونه على أطول الحدود مع كيان يهود.

بقلم: الأستاذ المعتصم بالله (أبو دجانة)
المصدر: جريدة الراية
جريدة الراية: الأردن إلى أين؟!
الجزء الأول
الجزء الثاني
الجزء الثالث


Go to the top of the page
 
+Quote Post



Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 29th March 2024 - 11:26 AM