منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> من يرث «رولكس» الخلافة؟
أم حنين
المشاركة Nov 6 2019, 10:06 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35





من يرث «رولكس» الخلافة؟

3 نوفمبر 2019

بالإعلان عن مقتل «البغدادي» في هجوم أميركي، تساءل بعضهم عن الوريث لساعة الـ«رولكس» التي اشتُهر بها في أول ظهور علني له وهو يخطب في مسجد بمدينة الموصل. فهناك اعتقاد بأن التنظيمات الإرهابية من صنع أجهزة استخبارات لتمرير أجندات، وأنه كلما انتهى إرهابي «نُصّب» غيره، حتى انتشرت صورة لساعة «رولكس» مع تعليق يقول: «رحل البغدادي وساعة الرولكس باقية»!
ومع التسليم بدور الأيادي الخفية في ظهور «داعش»، من حيث الملابسات الغريبة التي أحاطت بإنشائه، والأداء الإجرامي الذي يصعب تصوّر أنه حدث بجهود ذاتية للإرهابيين، والتجميع للإرهابيين الذي من غير المعقول أنه لم يكن تحت عين أجهزة.. فثمة الجانب المعلن من القصة.
فآلاف الشباب الذين التحقوا بـ«داعش» لم يكونوا موظفين في أجهزة استخباراتية، ولم يتلقوا تعليمات عبر أجهزة النداء اللاسلكي من أشخاص في الجانب الآخر يحملون نجوماً على أكتافهم، وإنما- من وجهة نظرهم- لبّوا نداءً في دواخلهم وارتدوا السراويل و«هاجروا» إلى سوريا والعراق يحدوهم الأمل بتحقيق ما يرونه حلماً تاريخياً ذو خلفية دينية.
جسّدت «داعش» لهؤلاء المضلَّلين حلم الخلافة عبر كيان مادي يتمدّد في الأرض، وصار للحلم عنواناً معروفاً يمكن الذهاب إليه. هذا ونحن لا زلنا نتحدث عمّن صاروا «دواعش»، ويعلم الله أعداد من حالت ظروفهم دون التفكير في الالتحاق بالإرهابيين، مكتفين بالتبرير والتعاطف «من بعيد لبعيد».
فما العمل إذن لتدفن ساعة «البغدادي» معه ولا يرثها أحدٌ من بعده؟! أعتقد أن هناك طريقتين لفعل ذلك، الأولى إقناع دول العالم بالكفّ عن وضع الأجندات واستغلال الأحلام، والثانية إقناع الشباب بأن الخلافة ليست من أصول الدين، ولا من فروعه، بل ليست مسألة دينية أساساً، وإنما نظامٌ للحكم كان مناسباً لزمنه ولا يصلح لعالم اليوم.
إعادة فكرة «الخلافة» إلى وضعها الطبيعي كنظام حكم ظهر في العصور الوسطى ولا يمكن تطبيقها الآن، مسألة غير قابلة للتأجيل، فحلم إحياء هذا الكيان الهلامي لم ينتج لنا آلافاً من «الدواعش» فحسب، بل أنتج لنا «حسن البنا» مؤسّس جماعة «الإخوان»، و«القاضي النبهاني» مؤسّس «حزب التحرير»، و«العثمانيون الجدد» الذين يسعون إلى التمدّد في المناطق التي كانت واقعة تحت احتلال أجدادهم يوماً، وهي تقريباً معظم الدول العربية وأجزاء من العالم القديم. بأحلام الخلافة التي تراود الأشخاص المخابيل يهتزّ استقرار الدول العربية وتزال الحدود فيما بينها بالجرافات وتدمر النقاط الحدودية بالسيارات المفخخة. ومكمن الخطر أن ألاعيب «الخلافة» التي تستغل من بعض الدول تجد لخطاباتها آذاناً مصغية، ولأجنداتها جنوداً، مرحبين لاختراقها ومهلِّلين.
ورغم كل ما فعلته بنا الخلافة منذ أنْ لم يعد لها وجود، فإنها ما تزال ضمن الخطاب الديني، وكل ما في الأمر أنّ الدعوة إلى إحيائها وعودتها تُصاغ عبر التحسّر على ضياعها، ولعن من كان وراء إنهائها، والأسف على التشرذم الذي حلّ بعدها، والدعاء إلى الله لتوحيد الكلمة، علماً بأن التشرذم في هذا السياق يعني الدول الوطنية المتعددة، والوحدة تعني عودة الدولة الإسلامية الكبرى.
لا خلافة بوجود دول وطنية ذات سيادة، ولا وجود لهذه الدول بعودة الخلافة، وبهذا الاعتبار، فالخلافة أكبر تهديد وجودي لأي دولة عربية أو إسلامية.

*كاتب إماراتي

أحمد أميري

Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Nov 6 2019, 10:08 PM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



على موقع إيلاف نقلاً عن الإتحاد الإماراتية :

من يرث «رولكس» الخلافة؟

أحمد أميري


بالإعلان عن مقتل «البغدادي» في هجوم أميركي، تساءل بعضهم عن الوريث لساعة الـ«رولكس» التي اشتُهر بها في أول ظهور علني له وهو يخطب في مسجد بمدينة الموصل. فهناك اعتقاد بأن التنظيمات الإرهابية من صنع أجهزة استخبارات لتمرير أجندات، وأنه كلما انتهى إرهابي «نُصّب» غيره، حتى انتشرت صورة لساعة «رولكس» مع تعليق يقول: «رحل البغدادي وساعة الرولكس باقية»!
ومع التسليم بدور الأيادي الخفية في ظهور «داعش»، من حيث الملابسات الغريبة التي أحاطت بإنشائه، والأداء الإجرامي الذي يصعب تصوّر أنه حدث بجهود ذاتية للإرهابيين، والتجميع للإرهابيين الذي من غير المعقول أنه لم يكن تحت عين أجهزة.. فثمة الجانب المعلن من القصة.

فآلاف الشباب الذين التحقوا بـ«داعش» لم يكونوا موظفين في أجهزة استخباراتية، ولم يتلقوا تعليمات عبر أجهزة النداء اللاسلكي من أشخاص في الجانب الآخر يحملون نجوماً على أكتافهم، وإنما- من وجهة نظرهم- لبّوا نداءً في دواخلهم وارتدوا السراويل و«هاجروا» إلى سوريا والعراق يحدوهم الأمل بتحقيق ما يرونه حلماً تاريخياً ذو خلفية دينية.
جسّدت «داعش» لهؤلاء المضلَّلين حلم الخلافة عبر كيان مادي يتمدّد في الأرض، وصار للحلم عنواناً معروفاً يمكن الذهاب إليه. هذا ونحن لا زلنا نتحدث عمّن صاروا «دواعش»، ويعلم الله أعداد من حالت ظروفهم دون التفكير في الالتحاق بالإرهابيين، مكتفين بالتبرير والتعاطف «من بعيد لبعيد».

فما العمل إذن لتدفن ساعة «البغدادي» معه ولا يرثها أحدٌ من بعده؟! أعتقد أن هناك طريقتين لفعل ذلك، الأولى إقناع دول العالم بالكفّ عن وضع الأجندات واستغلال الأحلام، والثانية إقناع الشباب بأن الخلافة ليست من أصول الدين، ولا من فروعه، بل ليست مسألة دينية أساساً، وإنما نظامٌ للحكم كان مناسباً لزمنه ولا يصلح لعالم اليوم.
إعادة فكرة «الخلافة» إلى وضعها الطبيعي كنظام حكم ظهر في العصور الوسطى ولا يمكن تطبيقها الآن، مسألة غير قابلة للتأجيل، فحلم إحياء هذا الكيان الهلامي لم ينتج لنا آلافاً من «الدواعش» فحسب، بل أنتج لنا «حسن البنا» مؤسّس جماعة «الإخوان»، و«القاضي النبهاني» مؤسّس «حزب التحرير»، و«العثمانيون الجدد» الذين يسعون إلى التمدّد في المناطق التي كانت واقعة تحت احتلال أجدادهم يوماً، وهي تقريباً معظم الدول العربية وأجزاء من العالم القديم. بأحلام الخلافة التي تراود الأشخاص المخابيل يهتزّ استقرار الدول العربية وتزال الحدود فيما بينها بالجرافات وتدمر النقاط الحدودية بالسيارات المفخخة. ومكمن الخطر أن ألاعيب «الخلافة» التي تستغل من بعض الدول تجد لخطاباتها آذاناً مصغية، ولأجنداتها جنوداً، مرحبين لاختراقها ومهلِّلين.
ورغم كل ما فعلته بنا الخلافة منذ أنْ لم يعد لها وجود، فإنها ما تزال ضمن الخطاب الديني، وكل ما في الأمر أنّ الدعوة إلى إحيائها وعودتها تُصاغ عبر التحسّر على ضياعها، ولعن من كان وراء إنهائها، والأسف على التشرذم الذي حلّ بعدها، والدعاء إلى الله لتوحيد الكلمة، علماً بأن التشرذم في هذا السياق يعني الدول الوطنية المتعددة، والوحدة تعني عودة الدولة الإسلامية الكبرى.

لا خلافة بوجود دول وطنية ذات سيادة، ولا وجود لهذه الدول بعودة الخلافة، وبهذا الاعتبار، فالخلافة أكبر تهديد وجودي لأي دولة عربية أو إسلامية.
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Nov 6 2019, 10:11 PM
مشاركة #3


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35




إفتراءات إعلامية على الإسلام وحزب التحرير

http://naqed.info/forums/index.php?showtop...amp;#entry23046
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Nov 6 2019, 10:13 PM
مشاركة #4


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



فما العمل إذن لتدفن ساعة «البغدادي» معه ولا يرثها أحدٌ من بعده؟! أعتقد أن هناك طريقتين لفعل ذلك،

الأولى إقناع دول العالم بالكفّ عن وضع الأجندات واستغلال الأحلام،


والثانية إقناع الشباب بأن الخلافة ليست من أصول الدين، ولا من فروعه، بل ليست مسألة دينية أساساً، وإنما نظامٌ للحكم كان مناسباً لزمنه ولا يصلح لعالم اليوم.
إعادة فكرة «الخلافة» إلى وضعها الطبيعي كنظام حكم ظهر في العصور الوسطى ولا يمكن تطبيقها الآن، مسألة غير قابلة للتأجيل، فحلم إحياء هذا الكيان الهلامي لم ينتج لنا آلافاً من «الدواعش» فحسب، بل أنتج لنا «حسن البنا» مؤسّس جماعة «الإخوان»، و«القاضي النبهاني» مؤسّس «حزب التحرير»، و«العثمانيون الجدد» الذين يسعون إلى التمدّد في المناطق التي كانت واقعة تحت احتلال أجدادهم يوماً، وهي تقريباً معظم الدول العربية وأجزاء من العالم القديم. بأحلام الخلافة التي تراود الأشخاص المخابيل يهتزّ استقرار الدول العربية وتزال الحدود فيما بينها بالجرافات وتدمر النقاط الحدودية بالسيارات المفخخة. ومكمن الخطر أن ألاعيب «الخلافة» التي تستغل من بعض الدول تجد لخطاباتها آذاناً مصغية، ولأجنداتها جنوداً، مرحبين لاختراقها ومهلِّلين.
ورغم كل ما فعلته بنا الخلافة منذ أنْ لم يعد لها وجود، فإنها ما تزال ضمن الخطاب الديني، وكل ما في الأمر أنّ الدعوة إلى إحيائها وعودتها تُصاغ عبر التحسّر على ضياعها، ولعن من كان وراء إنهائها، والأسف على التشرذم الذي حلّ بعدها، والدعاء إلى الله لتوحيد الكلمة، علماً بأن التشرذم في هذا السياق يعني الدول الوطنية المتعددة، والوحدة تعني عودة الدولة الإسلامية الكبرى.



لا خلافة بوجود دول وطنية ذات سيادة، ولا وجود لهذه الدول بعودة الخلافة، وبهذا الاعتبار، فالخلافة أكبر تهديد وجودي لأي دولة عربية أو إسلامية.


نعلق بهذه المقالات المهمة عن فرضية إقامة الخلافة وعدم إرتباط هذه الفرضية بموت أو حياة إنسان! كما ننقلها لنقول لكاتب المقالة العقيمة أن طريقته المقترحة الأولى والثانية لمنع قيام الخلافة لن تجدي نفعا مع وعد الله وبشرى رسوله عليه الصلاة والسلام.


فرضية إقامة الخليفة


وإقامة خليفة فرض على المسلمين كافة في جميع أقطار العالم. والقيام به ـ كالقيام بأي فرض من الفروض التي فرضها الله على المسلمين ـ هو أمر محتم لا تخيير فيه ولا هوادة في شأنه، والتقصير في القيام به معصية من أكبر المعاصي يعذب الله عليها أشد العذاب.

والدليل على وجوب إقامة الخليفة على المسلمين كافة: الكتاب والسنة وإجماع الصحابة.

أما الكتاب، فإن الله تعالى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين المسلمين بما أنزل الله، وكان أمره له بشكل جازم، قال تعالى مخاطباً الرسول عليه السلامsad.gifفاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق) وقال: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك). وخطاب الرسول خطاب لأمته ما لم يرد دليل يخصصه به، وهنا لم يرد دليل فيكون خطاباً للمسلمين بإقامة الحكم. ولا يعني إقامة الخليفة إلاّ إقامة الحكم والسلطان. على أن الله تعالى فرض على المسلمين طاعة أولي الأمر، أي الحاكم، مما يدل على وجوب وجود ولي الأمر على المسلمين. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ولا يأمر الله بطاعة من لا وجود له. فدل على أن إيجاد ولي الأمر واجب. فالله تعالى حين أمر بطاعة ولي الأمر فإنّه يكون قد أمر بإيجاده. فإن وجود ولي الأمر يترتب عليه إقامة الحكم الشرعي، وترك إيجاده يترتب عليه تضييع الحكم الشرعي، فيكون إيجاده واجباً لما يترتب على عدم إيجاده من حُرمة، وهي تضييع الحكم الشرعي.

وأما السنّة فقد روى مسلم عن طريق نافع قال: قال لي ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» . فالنبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة، ووصف من يموت وليس في عنقه بيعة بأنه مات ميتة جاهلية. والبيعة لا تكون إلا للخليفة ليس غير. وقد أوجب الرسول على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة لخليفة، ولم يوجب أن يبايع كل مسلم الخليفة. فالواجب هو وجود بيعة في عنق كل مسلم، أي وجود خليفة يستحق في عنق كل مسلم بيعة بوجوده. فوجود الخليفة هو الذي يوجد في عنق كل مسلم بيعة سواء بايع بالفعل أم لم يبايع، ولهذا كان الحديث دليلاً على وجوب نصب الخليفة وليس دليلاً على وجوب أن يبايع كل فرد الخليفة. لأن الذي ذمّه الرسول هو خلو عنق المسلم من بيعة حتى يموت، ولم يذم عدم البيعة. وروى مسلم عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الإمام جُنة يُقاتَل من ورائه ويُتّقى به» .

وروى مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا ؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم» . وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية» . فهذه الأحاديث فيها إخبار من الرسول بأنه سيلي المسلمين ولاة، وفيها وصف للخليفة بأنه جُنة أي وقاية. فوصف الرسول بأن الإمام جنة هو إخبار عن فوائد وجود الإمام فهو طلب، لأن الإخبار من الله ومن الرسول إن كان يتضمن الذم فهو طلب ترك، أي نهي، وإن كان يتضمن المدح فهو طلب فعل، فإن كان الفعل المطلوب يترتب على فعله إقامة الحكم الشرعي، أو يترتب على تركه تضييعه، كان ذلك الطلب جازماً. وفي هذه الأحاديث أيضاً أن الذين يسوسون المسلمين هم الخلفاء، وهو يعني طلب إقامتهم، وفيها تحريم أن يخرج المسلم من السلطان، وهذا يعني أن إقامة المسلم سلطاناً، أي حكماً له أمر واجب. على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الخلفاء، وبقتال من ينازعهم في خلافتهم، وهذا يعني أمراً بإقامة خليفة، والمحافظة على خلافته بقتال كل من ينازعه. فقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» . فالأمر بطاعة الإمام أمر بإقامته، والأمر بقتال من ينازعه قرينة على الجزم في دوام إيجاده خليفة واحداً.

وأما إجماع الصحابة فإنهم رضوان الله عليهم أجمعوا على لزوم إقامة خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وأجمعوا على إقامة خليفة لأبي بكر، ثم لعمر، ثم لعثمان بعد وفاة كل منهم. وقد ظهر تأكيد إجماع الصحابة على إقامة خليفة من تأخيرهم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب وفاته واشتغالهم بنصب خليفة له، مع أن دفن الميت عقب وفاته فرض، ويحرم على من يجب عليهم الاشتغال في تجهيزه ودفنه الاشتغال في شيء غيره حتى يتم دفنه. والصحابة الذين يجب عليهم الاشتغال في تجهيز الرسول ودفنه اشتغل قسم منهم بنصب الخليفة عن الاشتغال بدفن الرسول، وسكت قسم منهم عن هذا الاشتغال، وشاركوا في تأخير الدفن ليلتين مع قدرتهم على الإنكار، وقدرتهم على الدفن، فكان ذلك إجماعاً على الاشتغال بنصب الخليفة عن دفن الميت، ولا يكون ذلك إلاّ إذا كان نصب الخليفة أوجب من دفن الميت. وأيضاً فإن الصحابة كلهم أجمعوا طوال أيام حياتهم على وجوب نصب الخليفة، ومع اختلافهم على الشخص الذي ينتخب خليفة فإنهم لم يختلفوا مطلقاً على إقامة خليفة، لا عند وفاة رسول الله، ولا عند وفاة أي خليفة من الخلفاء الراشدين، فكان إجماع الصحابة دليلاً صريحاً وقوياً على وجوب نصب الخليفة.

على أن إقامة الدين وتنفيذ أحكام الشرع في جميع شؤون الحياة الدنيا والأخرى فرض على المسلمين بالدليل القطعي الثبوت القطعي الدلالة، ولا يمكن أن يتم ذلك إلاّ بحاكم ذي سلطان. والقاعدة الشرعية (إن ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) فكان نصب الخليفة فرضاً من هذه الجهة أيضاً.

فهذه الأدلة صريحة بأن إقامة الحكم والسلطان على المسلمين منهم فرض، وصريحة بأن إقامة خليفة يتولى هو الحكم والسلطان فرض على المسلمين وذلك من أجل تنفيذ أحكام الشرع، لا مجرد حكم وسلطان. انظر قوله صلى الله عليه وسلم فيما روى مسلم عن طريق عوف بن مالك «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلّون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف، فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يداً من طاعة» . فهو صريح في الإخبار بالأئمة الأخيار والأئمة الأشرار، وصريح بتحريم منابذتهم بالسيف ما أقاموا الدين، لأن إقامة الصلاة كناية عن إقامة الدين والحكم به. فكون إقامة الخليفة ليقيم أحكام الإسلام، ويحمل دعوته فرضاً على المسلمين أمر لا شبهة في ثبوته في نصوص الشرع الصحيحة، فوق كونه فرضاً من جهة ما يحتمه الفرض الذي فرضه الله على المسلمين من إقامة حكم الإسلام وحماية بيضة المسلمين. إلاّ أن هذا الفرض هو فرض على الكفاية فإن أقامه بعضهم فقد وجد الفرض وسقط عن الباقين هذا الفرض، وإن لم يستطع أن يقيمه بعضهم ولو قاموا بالأعمال التي تقيمه فإنه يبقى فرضاً على جميع المسلمين، ولا يسقط الفرض عن أي مسلم ما دام المسلمون بغير خليفة.

والقعود عن إقامة خليفة للمسلمين معصية من أكبر المعاصي لأنها قعود عن القيام بفرض من أهم فروض الإسلام، ويتوقف عليه إقامة أحكام الدين، بل يتوقف عليه وجود الإسلام في معترك الحياة. فالمسلمون جميعاً آثمون إثماً كبيراً في قعودهم عن إقامة خليفة للمسلمين. فإن أجمعوا على هذا القعود كان الإثم على كل فرد منهم في جميع أقطار المعمورة. وإن قام بعض المسلمين بالعمل لإقامة خليفة ولم يقم بعضهم الآخر فإن الإثم يسقط عن الذين قاموا يعملون لإقامة الخليفة ويبقى الفرض عليهم حتى يقوم الخليفة. لأن الاشتغال بإقامة الفرض يسقط الإثم على تأخير إقامته عن وقته وعلى عدم القيام به، لتلبسه بالقيام به، ولاستكراهه بما يقهره عن إنجاز القيام به. أما الذين لم يتلبسوا بالعمل لإقامة الفرض فإن الإثم بعد ثلاثة أيام من ذهاب الخليفة إلى يوم نصب الخليفة يبقى عليهم، لأن الله قد أوجب عليهم فرضاً ولم يقوموا به ولم يتلبسوا بالأعمال التي من شأنها أن تقيمه، ولذلك استحقوا الإثم فاستحقوا عذاب الله وخزيه في الدنيا والآخرة. واستحقاقهم الإثم على قعودهم عن إقامة خليفة أو عن الأعمال التي من شأنها أن تقيمه، ظاهر صريح في استحقاق المسلم العذاب على تركه أي فرض من الفروض التي فرضها الله عليه، لا سيما الفرض الذي به تنفذ الفروض، وتقام أحكام الدين، ويعلو أمر الإسلام، وتصبح كلمة الله هي العليا في بلاد الإسلام، وفي سائر أنحاء العالم.

وأما ما ورد في بعض الأحاديث من العزلة عن الناس ومن الاقتصار على التمسك بأمور الدين في خاصته فإنها لا تصلح دليلاً على جواز القعود عن إقامة خليفة ولا على إسقاط الإثم عن هذا القعود. والمدقق فيها يجدها في شأن التمسك بالدين لا في شأن الترخيص بالقعود عن إقامة خليفة للمسلمين. فمثلاً روى البخاري عن بسر بن عبيد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله إنّا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال نعم، قلت وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال نعم، وفيه دخن، قلت وما دخنه ؟ قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت يا رسول الله صفهم لنا، قال هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» فإن هذا الحديث صريح بأن الرسول يأمر المسلم بأن يلزم جماعة المسلمين وأن يلزم إمامهم، ويترك الدعاة الذين هم على أبواب جهنم. فسأله السائل في حالة أن لا يكون للمسلمين إمام ولا لهم جماعة ماذا يصنع بالنسبة للدعاة الذين على أبواب جهنم، فحينئذ أمره الرسول أن يعتزل هذه الفرق، لا أن يعتزل المسلمين ولا أن يقعد عن إقامة إمام. فأمره صريح «فاعتزل تلك الفرق كلها» وبالغ في وصف اعتزاله لتلك الفرق إلى درجة أنه ولو بلغ اعتزاله إلى حد أن يعض على أصل شجرة حتى يدركه الموت وهو على ترك تلك الفرق التي على أبواب جهنم. ومعناه تمسك بدينك وبالبعد عن الدعاة المضلين الذين على أبواب جهنم. فهذا الحديث ليس فيه أي عذر لترك القيام بالعمل لإقامة خليفة ولا أي ترخيص في ذلك، وإنما هو محصور بالأمر بالتمسك بالدين واعتزال الدعاة الذين على أبواب جهنم، ويبقى الإثم عليه إذا لم يعمل لإقامة خليفة. فهو مأمور بأن يبتعد عن الفرق الضالة، ليسلم بدينه من دعاة الضلال ولو عض على أصل شجرة، لا أن يبتعد عن جماعة المسلمين ويقعد عن القيام بأحكام الدين وعن إقامة إمام للمسلمين.

ومثلاً روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» فإن هذا لا يعني اعتزال جماعة المسلمين والقعود عن القيام بأحكام الدين وعن إقامة خليفة للمسلمين حين تخلو الأرض من الخلافة، بل كل ما فيه هو بيان خير مال المسلم في أيام الفتن وخير ما يفعله للهروب من الفتن وليس هو للحث على البعد عن المسلمين واعتزال الناس.

وعليه فإنه لا يوجد عذر لمسلم على وجه الأرض في القعود عن القيام بما فرضه الله عليهم لإقامة الدين ألا وهو العمل لإقامة خليفة للمسلمين حين تخلو الأرض من الخلافة، وحين لا يوجد فيها من يقيم حدود الله لحفظ حرمات الله، ولا من يقيم أحكام الدين، ويجمع شمل جماعة المسلمين تحت راية لا إله إلاّ الله محمد رسول الله. ولا توجد في الإسلام أية رخصة في القعود عن القيام بهذا الفرض حتى يُقام به.


انعقاد الخلافة

الخلافة عقد مراضاة واختيار، لأنها بيعة بالطاعة لمن له حق الطاعة من ولاية الأمر. فلا بد فيها من رضا من يبايع ليتولاها ورضا المبايعين له. ولذلك إذا رفض أحد أن يكون خليفة وامتنع من الخلافة لا يجوز إكراهه عليها، فلا يجبر على قبولها بل يعدل عنه إلى غيره. وكذلك لا يجوز أخذ البيعة من الناس بالإجبار والإكراه لأنه حينئذ لا يصح اعتبار العقد فيها صحيحاً لمنافاة الإجبار لها، لأنها عقد مراضاة واختيار، لا يدخله إكراه ولا إجبار كأي عقد من العقود. إلا أنه إذا تم عقد البيعة ممن يعتد ببيعتهم فقد انعقدت البيعة، وأصبح المبايَع هو ولي الأمر، فوجبت طاعته. وتصبح البيعة له بيعة على الطاعة وليست بيعة لعقد الخلافة. وحينئذ يجوز له أن يجبر الناس الباقين على بيعته لأنها إجبار على طاعته وهذا واجب شرعاً، وليست هي في هذه الحال عقد بيعة بالخلافة حتى يقال لا يصح فيه الإجبار. وعلى ذلك فالبيعة ابتداء عقد لا تصح إلاّ بالرضا والاختيار. أما بعد انعقاد البيعة للخليفة فتصبح طاعة أي انقياداً لأمر الخليفة ويجوز فيها الإجبار تنفيذاً لأمر الله تعالى. ولما كانت الخلافة عقداً فإنها لا تتم إلاّ بعاقد، كالقضاء لا يكون المرء قاضياً إلاّ إذا ولاه أحد القضاء. والإمارة لا يكون أحد أميراً إلاّ إذا ولاه أحد الإمارة. والخلافة لا يكون أحد خليفة إلاّ إذا ولاه أحد الخلافة. ومن هنا يتبين أنه لا يكون أحد خليفة إلاّ إذا ولاه المسلمون، ولا يملك صلاحيات الخلافة إلاّ إذا تم عقدها له، ولا يتم هذا العقد إلاّ من عاقدين أحدهما طالب الخلافة والمطلوب لها، والثاني المسلمون الذين رضوا به أن يكون خليفة لهم. ولهذا كان لابد لانعقاد الخلافة من بيعة المسلمين. وعلى هذا فإنه إذا قام متسلط واستولى على الحكم بالقوة فإنه لا يصبح بذلك خليفة ولو أعلن نفسه خليفة للمسلمين، لأنه لم تنعقد له خلافة من قبل المسلمين. ولو أخذ البيعة على الناس بالإكراه والإجبار لا يصبح خليفة ولو بويع، لأن البيعة بالإكراه والإجبار لا تعتبر ولا تنعقد بها الخلافة، لأنها عقد مراضاة واختيار لا تتم بالإكراه والإجبار، فلا تنعقد إلاّ بالبيعة عن رضا واختيار. إلاّ أن هذا المتسلط إذا استطاع أن يقنع الناس بأن مصلحة المسلمين في بيعته وأن إقامة أحكام الشرع تحتم بيعته وقنعوا بذلك ورضوا، ثم بايعوه عن رضا واختيار، فإنه يصبح خليفة منذ اللحظة التي بويع فيها عن رضا واختيار، ولو كان أخذ السلطان ابتداء بالتسلط والقوة. فالشرط هو حصول البيعة وأن يكون حصولها عن رضا واختيار، سواء كان من حصلت له البيعة هو الحاكم والسلطان أو لم يكن.

أما من هم الذين تنعقد الخلافة ببيعتهم فإن ذلك يفهم من استعراض ما حصل في بيعة الخلفاء الراشدين وما أجمع عليه الصحابة. ففي بيعة أبي بكر اكتفي بأهل الحَل والعقد من المسلمين الذين كانوا في المدينة وحدها، ولم يؤخذ رأي المسلمين في مكة وفي سائر جزيرة العرب، بل لم يسألوا. وكذلك الحال في بيعة عمر. أما في بيعة عثمان فإن عبد الرحمن بن عوف أخذ رأي المسلمين في المدينة، ولم يقتصر على سؤال أهل الحل والعقد كما فعل أبو بكر عند ترشيح عمر. وفي عهد علي اكتفي ببيعة أكثر أهل المدينة وأهل الكوفة وأفرد هو بالبيعة واعتبرت بيعته حتى عند الذين خالفوه وحاربوه، فإنهم لم يبايعوا غيره ولم يعترضوا على بيعته، وإنما طالبوا بدم عثمان، فكان حكمهم حكم البغاة الذين نقموا على الخليفة أمراً، فعليه أن يوضحه لهم ويقاتلهم، ولم يكونوا خلافة أخرى.

وقد حصل كل ذلك ـ أي بيعة الخليفة من أكثر أهل العاصمة فقط دون باقي الأقاليم إلا في مبايعة الإمام علي حين شارك أهل الكوفة في مبايعته ـ على مرأى ومسمع من الصحابة، ولم يكن هنالك مخالف في ذلك ولا منكر لهذا العمل من حيث اقتصار البيعة على أكثر أهل المدينة مع مخالفتهم في شخص الخليفة وإنكارهم أعماله، ولكن لم ينكروا اقتصار مبايعته على أكثر أهل المدينة، فكان ذلك إجماعاً من الصحابة على أن الخلافة تنعقد ممن يمثلون رأي المسلمين في الحكم، لأن أهل الحل والعقد وأكثر سكان المدينة كانوا هم أكثرية الممثلين لرأي الأمة في الحكم في جميع رقعة الدولة الإسلامية حينئذ.

وعلى هذا فإن الخلافة تنعقد إذا جرت البيعة من أكثر الممثلين لأكثر الأمة الإسلامية ممن يدخلون تحت طاعة الخليفة الذي يراد انتخاب خليفة مكانه كما جرى الحال في عهد الخلفاء الراشدين. وتكون بيعتهم حينئذ بيعة عقد للخلافة. أما من عداهم فإنه بعد انعقاد الخلافة للخليفة تصبح بيعته بيعة طاعة، أي بيعة انقياد للخليفة لا بيعة عقد للخلافة.

هذا إذا كان هنالك خليفة مات أو عزل، ويراد إيجاد خليفة مكانه. أما إذا لم يكن هنالك خليفة مطلقاً، وأصبح فرضاً على المسلمين أن يقيموا خليفة لهم لتنفيذ أحكام الشرع وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، كما هي الحال منذ زوال الخلافة الإسلامية في اسطنبول سنة 1343 هجرية الموافق سنة 1924 ميلادية حتى يومنا هذا سنة 1415 هجرية الموافق سنة 1994 ميلادية، فإن كل قطر من الأقطار الإسلامية الموجودة في العالم الإسلامي أهل لأن يبايع خليفة، وتنعقد به الخلافة، فإذا بايع قطر ما من هذه الأقطار الإسلامية خليفة، وانعقدت الخلافة له، فإنه يصبح فرضاً على المسلمين أن يبايعوه بيعة طاعة أي بيعة انقياد، بعد أن انعقدت الخلافة له ببيعة أهل قطره، سواء أكان هذا القطر كبيراً كمصر أو تركيا أو إندونيسيا، أم كان صغيراً كالأردن أو ألبانيا أو لبنان. على شرط أن تتوفر فيه أربعة أمور:

أحدها: أن يكون سلطان ذلك القطر سلطاناً ذاتياً يستند إلى المسلمين وحدهم لا إلى دولة كافرة أو نفوذ كافر.

ثانيها: أن يكون أمان المسلمين في ذلك القطر بأمان الإسلام لا بأمان الكفر، أي أن تكون حمايته من الداخل والخارج حماية إسلام من قوة المسلمين باعتبارها قوة إسلامية بحتة.

ثالثها: أن يبدأ حالاً بمباشرة تطبيق الإسلام كاملاً تطبيقاً انقلابياً شاملاً، وأن يكون متلبساً بحمل الدعوة الإسلامية.

رابعها: أن يكون الخليفة المبايع مستكملاً شروط انعقاد الخلافة وإن لم يكن مستوفياً شروط الأفضلية، لأن العبرة بشروط الانعقاد.

فإذا استوفى ذلك القطر هذه الأمور الأربعة فقد وجدت الخلافة بمبايعة ذلك القطر وحده وانعقدت به وحده، ولو كان لا يمثل أكثر أهل الحل والعقد لأكثر الأمة الإسلامية، لأن إقامة الخلافة فرض كفاية، والذي يقوم بذلك الفرض على وجهه الصحيح يكون قام بالشيء المفروض، ولأن اشتراط أكثر أهل الحل والعقد إذا كانت هنالك خلافة موجودة يراد إيجاد خليفة فيها مكان الخليفة المتوفى أو المعزول. أما إذا لم تكن هنالك خلافة مطلقاً، ويراد إيجاد خلافة، فإن مجرد وجودها على الوجه الشرعي تنعقد الخلافة بأي خليفة يستكمل شروط الانعقاد مهما كان عدد المبايعين الذين بايعوه. لأن المسألة تكون حينئذ مسألة قيام بفرض قصر المسلمون عن القيام به مدة تزيد على الثلاثة أيام. فتقصيرهم هذا ترك لحقهم في اختيار من يريدون. فمن يقوم بالفرض يكفي لانعقاد الخلافة به، ومتى قامت الخلافة في ذلك القطر وانعقدت لخليفة، يصبح فرضاً على المسلمين جميعاً الانضواء تحت لواء الخلافة ومبايعة الخليفة، وإلا كانوا آثمين عند الله. ويجب على هذا الخليفة أن يدعوهم لبيعته، فإن امتنعوا كان حكمهم حكم البغاة ووجب على الخليفة محاربتهم حتى يدخلوا تحت طاعته. وإذا بويع لخليفة آخر في نفس القطر أو في قطر آخر بعد بيعة الخليفة الأول وانعقاد الخلافة له انعقاداً شرعياً مستوفياً الأمور الأربعة السابقة، وجب على المسلمين محاربة الخليفة الثاني حتى يبايع الخليفة الأول، لما روى مسلم عن طريق عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» ولأن الذي يجمع المسلمين هو خليفة المسلمين براية الإسلام. فإذا وجد الخليفة وجدت جماعة المسلمين ويصبح فرضاً الانضمام إليهم ويحرم الخروج عنهم. عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من رأى من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلاّ مات ميتة جاهلية» . وروى مسلم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلاّ مات ميتة جاهلية» . ومفهوم هذين الحديثين لزوم الجماعة ولزوم السلطان.

ولا حق في البيعة لغير المسلمين ولا تجب عليهم، لأنها بيعة على الإسلام وعلى كتاب الله وسنة رسول الله، وهي تقتضي الإيمان بالإسلام وبالكتاب والسنة. وغير المسلمين لا يجوز أن يكونوا في الحكم، ولا أن ينتخبوا الحاكم، لأنه لا سبيل لهم على المسلمين، ولأنه لا محل لهم في البيعة.
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Nov 7 2019, 09:15 PM
مشاركة #5


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



هل نظام الحكم في الإسلام هو نظام الخلافة فقط؟



الخلافة والإمامة كلمتان وردتا في آيات كريمة وأحاديث صحيحة، وهما بمعنى واحد، فلا يجب أن يلتزم هذا اللفظ بعينه وإنما الواجب التزام مدلوله وهو أنها رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا لإقامة أحكام الشرع الإسلامي، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم. وأما كلمة أمير المؤمنين، وأمارة المؤمنين، فإنها وردت أيضاً بنفس المعنى والمدلول.

هذا شأن الألفاظ ومدلولاتها، وأما شأن الحركات الإسلامية وما يقتضيه العمل السياسي بصدد هذه الألفاظ ومدلولاتها فإنه لا بد لها من تتبنى الواحدة منها ألفاظاً معينة للمدلولات المحددة، وإلا افتقدت البلورة والوضوح فالألفاظ الثلاثة (الخلافة وإمامة وأمارة المؤمنين) طالما تحمل نفس المدلول الشرعي عند الحديث عن نظام الحكم في الإسلام: فهل الأخذ بها وتبنيها كلها معاً للدلالة على نفس المعنى هو الأفضل والأولى من أل التحديد والوضوح والبلورة أم الأخذ والتبني لأحدهما؟ ثم ما دامت كلمة الخلافة هي الأكثر وضوحاً وتحديداً في مدلولها اللغوي والشرعي وفي واقعها التاريخي من الكلمتين الأخريين، وخاصة كلمة إمامة التي لحقها ما لحقها من تأثير المذهبية بين المسلمين حتى ابتعدت عن بعض جوانب المدلول المشار إليه، كما أنها أي الإمامة، من الألفاظ المشتركة مع إمامة الصلاة، بينما كلمتا خلافة وأمارة مؤمنين احتفظتا بالمدلول المذكور دون أي تأثر مذهبي بغض النظر عن سلامة التطبيق على مدى العصور الإسلامية ـ ما دام الأمر كذلك فإن استخدام وتبني إما كلمة خلافة أو أمارة مؤمنين هو الأولى. ولكن لما كانت كلمة خلافة هي التي صح ورودها في الحديث الشريف لوصف عصر الخلفاء الراشدين عندما قال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضوا عليها بالنواجذ» مع أنهم في الواقع التاريخي اختلفت تسمياتهم بين خليفة وأمير مؤمنين وخليفة وإمام، على التوالي، فقد حسم هذا الحديث أولية استخدامها على غيرها، ولا سيما أن اللغة والواقع الذهني تسيران هذا التسمية وتعطيان من يحملها ميزة يتميز بها النظام الإسلامي في الحكم على غيره من النظم القائمة سواء على الوراثة أو الاستبداد أو غيرهما…

هذا من حيث التسمية، وأما من حيث واقع هذه التسمية ومدلولها فإنها كما أسلفنا رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا لإقامة أحكام الشرع الإسلامي وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم. فمن أين جاء المدلول وهل إقامة هذه الرئاسة واجبة على المسلمين جميعاً؟ وكيف تتحقق إقامتها؟

أما من حيث مصدر هذا المدلول فلنا من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقواعد الشرعية خير جواب، أما الكتاب الكريم فيقول تعالى فيه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الآية، مؤكداً كلمة خلافة واستخلاف على الناس جميعاً لمن يؤمن بالله ويلتزم بعمل الصالحات التي يقتضيها هذا الإيمان، كما يؤكد أن السلطان والحكم في الأرض للامة الإسلامية، ما دامت على هذا الإيمان تنيب عنها من يحكمها، كما فعلت فور انتقال الرسول عليه السلام إلى جوار ربه، وطيلة العهود الإسلامية، بغض النظر عن سلامة التطبيق.

كما يقول تعالى فيه: (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ) ويقول: (وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) مما يشكل خطاباً في الآيتين وإن وجّه للرسول عليه السلام إلا أنه ليس خاصاً به بل عام لجميع المسلمين مما يفرض عليهم أن يحكموا بما أنزل الله، كما حكم خلفاؤه الراشدون المهديون من بعده، وكما حكم من بعدهم الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنهم أجمعين. وهذا يفرض على المسلمين إقامة حكم الإسلام في الأرض، أي إقامة الخليفة الذي يحكم بالإسلام وإقامة الخلافة التي تطبق الشرع الإسلامي وتحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم.

كما يقول تعالى فيه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) وهذا الأمر بطاعة ولي الأمر، وولي الأمر هو الحاكم الذي يحكم وفقاً للكتاب (طاعة الله) والسنة (طاعة الرسول)، هذا الأمر بطاعته يفرض وجوده، ويجعل أمر إيجاده واجباً، لأنه لا يمكن أن يفرض سبحانه طاعة غير موجود أو من وجوده مندوب وليس واجباً، ولا سيما أن وجود ولي الأمر هو الذي يؤدي لإقامة أحكام الشرع الإسلامي في الأرض وإن عدم وجوده يؤدي إلى تضييع الشرع الإسلامي من الأرض.

فمن هذه الآيات، وأمثالها، جاء الاستدلال الأول على مدلول كلمة الخلافة، من أنها رئاسة عامة للمسلمين، عندما يبايعون وينتخبون نيابة عنهم من يحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله في هذه الدنيا ويحملون بقيادته الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ)، (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)؛ كما جاء من هذه الآيات وأمثالها الاستدلال الأول على وجوب إقامة هذه الرئاسة على المسلمين جميعاً، وبالطريقة التي حددها الرسول عليه الصلاة والسلام، بغض النظر عن اختلاف الوسائل والأساليب تبعاً للتطور المادي الذي يسره الله للعقل البشري على مدار التاريخ الإنساني.

وننتقل الآن للسنة المطهرة لنرى ما فيها من نصوص بشأن ما نحن عليه، فنجده صلى الله عليه وسلم يقول: «من خلع يداً من طاعة الله لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» موجباً بهذا القول على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة لخليفة، أي موجباً وجود خليفة يستحق في عنق كل مسلم بيعة بوجوده، وهذا لا يعني إلا وجوب إعادة الخلاف للأرض، إذا ذهب كما هي حال المسلمين اليوم ونصب خليفة، إذا خلا منصب الخلافة من الخليفة الواجب البيعة كما هي الحال أيضاً. وفي هذا النص النبوي الكريم تحديد لطريقة نصب الخليفة، ألا وهي البيعة من المسلمين، كما فعلوا مع الخلفاء الراشدين، واجمع على ذلك الصحابة، وحرص على العمل به كل الخلفاء طيلة عهود الخلاف، بغض النظر عن سوء التطبيق في بعض الأحيان.

كما نجده عليه السلام يقول: «سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البر ببره والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق، فإن احسنوا فلكم، وإن أساؤوا فلكم وعليهم» وبهذا أيضاً أوجب عليه الصلاة والسلام طاعة من يخلفه في ولاية أمور المسلمين في كل ما يوافق الحق وعدم الطاعة فيما لا يوافق الحق: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، ومدلول وجوب طاعة ولي الأمر والخليفة بعد الرسول عليه السلام يقتضي وجوب وجود هذا الخليفة وإقامة هذه الخلافة. كما أن في هذا الحديث إشارة إلى أن من بين خلفاء المسلمين من سيكون براً وفيهم من سيكون فاجراً، ولكن الطاعة في كل الأحوال واجبة في كل ما يرضي الله ويلتزم بكتابه وسنة رسوله.

كما نجده صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الإمام جُنّة، يُقاتل من ورائه ويتقى به» مؤكداً عليه السلام أن الخليفة، كما رجّحنا التسمية، ضمانة لتطبيق الشرع واستمرار تطبيقه، وبفقدانه يضيع التطبيق ويتوقف القتال في سبيل الله، وفي هذا دلالة على وجوب وجود الخليفة وإقامة الخلافة وإلا ضاع التطبيق وضاع الجهاد، وفي ما نحن فيه، أمة الإسلام، أكبر شاهد ودليل.

كما نجده عليه الصلاة والسلام يقول: «كانت بنوا إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم» وبهذا يوجب عليه السلام طاعة الخليفة الذي تحققت له البيعة قبل غيره عند التنازع على الخلافة كما يزداد لدينا الاطمئنان لترجيح تسمية من يتولى حكم المسلمين بالخلفاء. ولتسمية النظام بالخلافة، كما يوجب العمل لإقامة الخلافة كلما ضاعت لأن الأمر بالبيعة يوجب وجود من يبايع، كما يوجب الرسول عليه السلام البيعة طريقة لنصب الخليفة وعقداً للطاعة الدائمة يلتزم من كل مسلم للخليفة ما دام على طاعة الله كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، “أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم”.

كما نجده عليه السلام يقول: «من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات مميتة جاهلية» مؤكداً عليه السلام تحريم خروج المسلم من سلطان الإسلام وحكمه بأن يخلق البيعة التي أعطاها للخليفة ما دام على الحق مهما لحقهُ من مكروه… موجباً عليه السلام إقامة سلطان الإسلام وحكمه والبقاء في ظله، وفي ذلك إيجاب لتنصيب خليفة على المسلمين.

كما نجده عليه الصلاة والسلام يقول: «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمره قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر». ويقول: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» فيأمر عليه السلام بطاعة الإمام، أي الخليفة، موجباً إقامته وتنصيبه بالبيعة، كما يأمر بقتال من ينازعه الخلافة بعد أن استقرت له البيعة، موجباً دوام إيجاده ووجوده خليفة واحداً لا يتعدد للمسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها.

فمن هذه الأحاديث النبوية الشريفة وأمثالها جاء الاستدلال الثاني على مدلول كلمة الخلافة المار ذكره، وعلى وجوب إقامة هذه الخلافة، وعلى وجوب أن تكون البيعة هي طريقة التنصيب.

وننتقل الآن إلى إجماع الصحابة لنرى ما أجمعوا عليه بصدد موضوعنا، فنجدهم رضوان الله عليهم أجمعين قد أجمعوا على إقامة خليفة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم فكان أبو بكر رضي الله عنه، وكان عمر رضي الله عنه، وكان عثمان رضي الله عنه، وكان علي رضي الله عنه، وأخّروا دفن الرسول عليه الصلاة والسلام عقب وفاته، منشغلين بنصب خليفة له مع أن الدفن فرض، مما يدل على أن نصب الخليفة أوجب من دفن الميت حتى لو كان هذا الميت هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الخلق أجمعين.

كما أجمعوا على وجوب نصب الخليفة بالرغم من اختلافهم على الشخص الذي يكون خليفة، كما أجمعوا على وجوب أن تكون البيعة طريقة لتنصيب الخليفة، وفي مواقف الإجماع العديدة هذه لهم رضوان الله عليهم الدليل الثالث على أن الخلافة، ليس غير، هي نظام الحكم في الإسلام، وأنها واجبة الإقامة وأن البيعة هي طريقة تنصيب الخليفة.

وننتقل أخيراً إلى موضع الاستدلال الرابع من القواعد الشرعية، فنجد القاعدة الأولى تقول: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) مؤكدة أن واجب إقامة وتطبيق الشرع الإسلامي في الأرض وحمل دعوة الإسلام للناس كافة لا يتم إلا بإقامة الخليفة والخلافة، وهما جماع الواجبات فكانت هذه الإقامة واجبة لأنه لا يتم وجود واجبات التطبيق والحمل إلا بها.

كما نجد القاعدة الثانية تقول: (أمر الإمام نافذ ظاهراً وباطناً) والثالثة تقول: (أمر الإمام يرفع الخلاف) مؤكدتان وجوب إقامة الخلافة والخليفة حتى ينفذ أمره في حياة المسلمين الظاهرة في أفعالهم والباطنة في نفوسهم، وحتى يحسم أي خلاف أو اختلاف يقع بينهم، وذلك بما يتبناه من حكم شرعي لمسألة الخلاف.. كيف لا والخلاف في الرأي الذي قد يتعقد ويتضاعف أثره هو من طبيعة البشر، مسلمين وغير مسلمين، كما أشارت النصوص السابقة، ولا بد حتى تستقيم أمور المسلمين ويتجنبوا ما وقع بينهم من قتال لاختلاف الرأي، أو ما يمكن أن يقع، من أن تصبح طاعتهم للخليفة وولي الأمر سجية من سجاياهم الملازمة لتصرفاتهم وأعمالهم في الظاهر، ولقلوبهم ونفوسهم في الباطن، ما دام هذا الخليفة على الحق، مهما صدر منه من تصرفات يكرهها فرد أو أفراد.

وأما القاعدة الأخرى التي تقول: (الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم) والتي تكملها القاعدة المقابلة لها: (الأصل في الأفعال التقيد بالأحكام الشرعية) فإنهما تؤكدان أن الأشياء غير الأفعال، وأن الشرع عندما نص على تحريم أشياء من مآكل ومشارب وملابس وغيرها قد أباح الأشياء المادية الأخرى، فكان النص محدداً تحريم بعض الأشياء وسامحاً أو محللاً كل الأشياء الأخرى، وكان هذا التحريم المحدود هو الاستثناء بينما الإباحة الشاملة هي الأصل والأساس هذا بالنسبة للأشياء أما بالنسبة للأفعال والتصرفات فقد استقلت بالنص عليها في القاعدة الأخرى وأشار إليها عليه السلام في حديثه: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» مما يجعل طبيعة نظرة الشارع إليها تختلف عن نظرته إلى الأشياء، أي أن الأصل فيها ليس الإباحة كالأشياء والاستثناء هو التحريم بعد النص على المستثنى، وإنما الأصل فيها التقيد والالتزام بالأحكام الشرعية بحيث لا يقدم مسلم على فعل أو تصرف إلا بعد أن يعرف الحكم الشرعي بحقه أحلال أم حرام أم مندوب أم مكروه أم مباح؟ وعند تطبيق هاتين القاعدتين على الأمر الذي نحن بصدده، وهو إقامة الخلافة والخليفة لا نجده شيئاً لنجعل الأصل فيه الإباحة وإنما هو فعل، بل جماع الأفعال في حق الإسلام وتطبيقه وحمل دعوته، فيكون الأصل فيه التقيد بالحكم الشرعي، والحكم الشرعي ـ كما أسلفنا ـ أكثر من واضح وبيِّن في وجوب إقامة الخلافة والخليفة بهذا الاسم، على الترجيح، وبهذا النظام على الجزم والتأكيد، وإذا حصل أن اقدم كائن من كان، فرداً أو جماعة، على فعل غير هذا ففعله مردود عند الله ورسوله، وهل إقامة الخلافة التي بدونها لا يطبق شرع الله ولا تحمل دعوة الإسلام لكافة البشر بطريقة الجهاد إلا أهم فعل وأخطر عمل؟ وهل العمل لإقامة الخليفة والخلافة، وهو جماع الواجبات، في أحزاب سياسية إسلامية، والتي بدونها لا يتحقق العمل السياسي الواجب، إلا أهم فعل وأخطر عمل لا بد من التزام الشرع فيه؟! فكيف سمح له من سمح بالخلط بين قاعدة الأشياء وقاعدة الأفعال، فوقع في ما وقع من الخطأ عندما قال بإباحة الأفعال كجعل نظام الحكم في الإسلام جمهورياً، ولمدة محدودة، بدلاً من نظام الخلافة، ومن طاعة الخليفة دون تحديد مدة، مع أنه فعل وليس شيئاً؟! وكيف زعم من زعم بأن نظام الخلافة كان مجرد سابقة تاريخية وكأنه شيء وليس فعلاً، ولا جماع الأفعال؟

وأما القاعدة الشرعية: (لا اجتهاد في موضع النص) فإنها تشير إلى أن النصوص من مصدري الشريعة الإسلامية من كتاب وسنة إما نصوص صريحة قطعية الدلالة ولا تسمح بالاجتهاد، مثل قوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، وإما نصوص ظنية الدلالة وتسمح بالاجتهاد وتعدد الافهام لها مثل قوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)، وهذه القاعدة تؤكد بأن كل الأحكام المتعددة المستنبطة باجتهاد صحيح من النصوص الظنية الدلالة هي أحكام إسلامية، ولن يستطيع أحد أن يزعم لنفسه أن اجتهاده هو حكم الإسلام دون غيره وان اجتهاد غيره هو حكم الإسلام دون غيره وأن اجتهاد غيره هو حكم الكفر بل الكل حكم إسلامي، وشتان بين حكم الإسلام، الذي لا حكم غيره في الإسلام ولمسألة معينة، كنظام الخلافة، بغض النظر عن التسمية في ظنية للفظة، وإباحة تعدد الأحزاب الإسلامية، بغض النظر عن أسمائها، وبين الحكم الإسلامي الذي يتعدد في المسألة الواحدة.

وعليه فلا مجال للقول بالرجوع إلى مقاصد الشريعة أو مصالح الناس، بغض النظر عن اختلاف علماء الأصول في اعتمادها كأدلة للأحكام وإن كان أكثرهم يصر على أنهما ليسا في ذاتهما وإنما لاستناد كل منهما إلى أصل في الشريعة، فلا مجال للرجوع لذلك ما دام القول بنظام الخلافة وتعدد الأحزاب السياسية الإسلامية يستند إلى نصوص شرعية سواء كانت قطعية الدلالة أو ظنيتها.
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Nov 7 2019, 09:17 PM
مشاركة #6


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35




بعد كل هذه الأدلة الشرعية بالنسبة لإقامة دولة الخلافة لا بد أن يعترف كاتب المقالة بجهله بالإسلام.. وبالخلافة .. وبالأحداث السياسية العالمية وندعوه للجلوس مع حزب التحرير وسيعلم وقتها من الذي يعمل بحق لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 28th March 2024 - 10:57 PM