منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> هل نشأت الخلية الحية تلقائيا؟
أم سلمة
المشاركة Dec 24 2018, 09:08 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 2,229
التسجيل: 13-May 12
رقم العضوية: 1,892




بسم الله الرحمن الرحيم

هل نشأت الخلية الحية تلقائيا؟



حين تصعد الجبل الشاهق، وتجد على الذروة مجموعة من الحجارة مصفوفة فوق بعض بطريقة هندسية، فلا شك أنك ستقطع أن أحدا ذكيا كان قبلك هنا، فالأنظمة المعقدة لا تنتج صدفة، ولو قلنا إن صندوقا يحوي مجموعة حروف هجائية وأرقاما وعلامات ترقيم تم هزّه بعنف جراء هزة أرضية، فانتثرت مكوناته على الطاولة مكونة الترتيب التالي: (اخاصيهرانؤل،حهز@:غ)، فإن أحدا لن يعير هذه الحروف انتباها، ولن يحفل بها، بينما لو نظرت إلى طاولة فوجدت الحروف عليها منتظمة لتشكل جملة مفيدة، مثلا: (الإنسان كائن ذكي يعيش على الأرض)، فإن أحدا لن يفكر للحظة أن هذه الجملة نتجت عشوائيا عن هزة أرضية نثرت الحروف على الطاولة، وذلك لأن الجملة عبرت عن فكرة ذكية في الذهن ترجمت عبر صف الحروف والكلمات إلى جانب بعض بشكل يؤدي ذلك المعنى، ذلك هو التصميم الذكي، حسنا، فماذا عن مصيدة الفئران، في أبسط تصميم لها تتألف من قضيب تثبيت، ومطرقة تضرب الفأر حين اصطياده، وقطعة جبن فخا للفأر، ونابض (زمبرك)، ومنصة خشبية، ومثبتات تثبت كل هذه الأجزاء بعضها مع بعض.



هل لو أزيلت منها أي قطعة تنفع في صيد الفئران؟ هل من الممكن أن تكون نشأت صدفة؟ لا يمكن أن تلقي قنبلة على مجموعة أخشاب فتنتج لك مصيدة للفئران متكاملة الأركان! لا شك أن مثل هذا يمثل نظاما مبنيا من مجموعة من الأركان أو العناصر، كل واحد منها يؤدي غرضا يؤازر وظيفةَ ركنٍ آخرَ يؤدي غرضاً آخرَ، وفي المجموع كل عناصر هذا النظام تؤدي غرضا معينا دقيقا، بحيث لو أزلت أي ركن منها أو أي عضو، لفسد النظام العام، ولم تؤد الغرض الذي لأجله وضعت! وكل ركن أو عضو منها إذا وجد لوحده لم يؤد الغرض أو الغاية أو الهدف، لا بد أن تجتمع كل العناصر معا في الوقت نفسه وفي تصميم ذكي يضع وظيفةً وارتباطاً لكل واحد منها مع الآخر بشكل منظم دقيق، هذا هو التصميم الذكي.



هل يمكن أن ينشأ هذا التصميم الذكي المعقد من مادة صماء بكماء عمياء لا عقل لها ولا وعي ولا ذكاء ولا تخطيط، بمحض الصدفة؟ أو جراء تطور زمني، لم يصاحبه أي نوع من معرفة الغاية الذي يجعل أركان هذا النظام تتآلف معا لتؤدي تلك الغاية، وتتوزع الأدوار بدقة وتكامل لتصب في تحقيقها؟!

لا يمكن أن تفكر الأعضاء الصماء غير الذكية في النظام الذي يجمعها لتأدية غاية، لا يمكن أن يقرر الزنبرك أنه بحاجة لخشبة ومسمار يثبته كي يصلح لصيد الفئران! في الطبيعة ملايين الأنظمة الدقيقة التي تعمل على هذه الشاكلة نفسها، ولا يمكن أن تكون نتاج تصميم أعمى غير عاقل!



السمع مثلا:



ear



تصل الأمواج الصوتية إلى الأذن الخارجية، وتتجمع في الصيوان، وتسير عن طريق القناة السمعية إلى الطبلة، ووظيفة هذه الأجزاء هي التقاط الذبذات الصوتية وتوجيهها نحو الأذن الوسطى والداخلية، كما أنها توفر الحماية للأجزاء الحساسة من النظام السمعي. يتميز غشاء الطبلة بأنه دقيق مرن يقفل القناة السمعية، ويوجد في نهايتها، والطبلة محمية من الجفاف بواسطة تزييت مستمر بمساعدة غدتين شمعيتين تفرزان الشمع وهو مادة دهنية. وعندما تدق أمواج الصوت على الطبلة تتذبذب الطبلة ذبذبات تناسب الموجات الصوتية تماما.



خلف الطبلة توجد الأذن الوسطى، وهي تشبه حجرة صغيرة بحجم حبة الفاصوليا. في هذه الحجرة توجد ثلاث عظمات صغيرة وهي العظمات السمعية، وبسبب أشكالها تدعى العظمات بالمطرقة والسندان والركاب (الكعبرة). وتتصل المطرقة بالطبلة، يليها السندان، فالركاب، والركاب يتصل بالأذن الداخلية في نافذة بيضاوية في كبسولة عظمية للأذن الداخلية، عظام السمع تُكَبِّر الذبذبات وتحولها من الطبلة إلى الأذن الداخلية. ومن الضروري أن تعمل هذه العظام كسلسلة من الأذرع الناقلة للاهتزازات (الذبذبات) التي جاءت من الطبلة، تعمل هذه الاهتزازات على تحريك السائل القاسي في الأذن الداخلية فينقلُ هذا السائلُ في الأذن الداخلية تلك الذبذبات.



إن أنبوب استاكيوس هو جزء من الأذن الوسطى وله وظائف غاية في الخطورة إذ يتصل بالحلق للسماح للصرف وتبادل الهواء! وهذا يحافظ على ضغط الأذن الوسطى مساوياً لضغط الهواء الخارجي، فيتزن الجسم!



تتكون الأذن الداخلية من جزأين متصلين، ثلاث حلقات تسمى القنوات نصف الهلالية، وهي تساعدنا في الحفاظ على توازننا (وهذا هو النظام الدهليزي)، كذلك توجد القوقعة وهي تشبه بيت الحلزونة، وهو العضو الحسي في نظام السمع؛ في القوقعة المملوءة بذلك السائل الذي سبق ذكره والذي يتحرك عن طريق اهتزاز النافذة البيضاوية، وفيه توجد شعيرات السمع (خلايا الشعر) وهي شعيرات صغيرة مشدودة كالأوتار. في أعماق الأذن، توجد خلايا متخصصة تسمى "خلايا الشعر" تستشعر الاهتزازات التي في الهواء، وبسبب الذبذبات التي تحرك السائل المهتز تنشط خلايا الشعر الصغيرة داخل القوقعة، أي أن ذبذبات السائل أطلقت ذبذباتٍ بشعيرات السمع، متناسبة مع تلك الذبذبات.



تحتوي خلايا الشعر هذه على كتل صغيرة من النتوءات الشبيهة بالشعيرات tiny clumps of hairlike projections التي تسمى، ستيريوسيليا stereocilia، والتي يتم ترتيبها في صفوف بناء على الارتفاع، كل مجموعة بحسب ارتفاعها، ثم التي تلي وهكذا، تتسبب الاهتزازات الصوتية في انحراف الاستريوسيليا قليلاً، ويعتقد العلماء أن الحركة تفتح مسامات صغيرة تسمى قنوات أيون، مع اندفاع الأيونات الموجبة الشحنة في خلية الشعر، وحيث إن شعيرات السمع متصلة بأطراف الأعصاب، هذه الذبذات أو الأيونات المشحونة تنقل الإحساس السمعي على صورة إشارات يتم تحويل الاهتزازات الميكانيكية فيها إلى إشارة كهروكيميائية عبر العصب السمعي إلى مراكز السمع في الدماغ ومن هنا ينقل الإحساس السمعي، ويترجم مركز السمع الذبذبات التي التقطتها الآذان إلى أصوات مفهومة، يتم تحليلها وتفسيرها في الدماغ! وإضافة إلى ذلك فإن الشعيرات السمعية هذه تحمي الأذن من الأصوات ذات الذبذبات المرتفعة جدا، من خلال عملية تسمى "التكيف"، adaptation، تقوم الأذن بتعديل حساسية قنوات الأيون الخاصة بها لتتناسب مع مستوى الضوضاء في البيئة المحيطة، فعندما تغط في نوم عميق مثلا تتحول الأذن إلى مضخم الصوت لسماع الأصوات الأكثر نعومة، بينما في الصباح حين تبدأ الضوضاء تجد الأذن على العكس تماما، تعيد ضبط مستوى حساسيتها حتى تتكيف مع مستويات الضجيج دون أن تؤذي الأذن![1]



وكما تعلم، فإن هذا يمثل التصميم المعقد لنظام متكامل بالغ الدقة المتناسبة مع طبيعة الموجات الصوتية كي تنقل تلك الموجات بشكل يحافظ على ذبذباتها، واهتزازاتها، وأطوالها الموجية، فينقلها كما هي، ليصلح تفسيرها في الدماغ، فيؤدي النظام ككل وظيفة بالغة التعقيد والدقة، وكل جزء فيه يؤدي وظيفة محددة تخدم الوظيفة الكلية للجهاز، وتنسجم مع الغاية من نقل الذبذبات بدقة بالغة، بل ويتعدى ذلك إلى الحفاظ على توازن جسم الكائن الحي ككل، وتتكامل مع الأعضاء الأخرى وتخدم بعضها بعضا لأداء وظيفة الجهاز السمعي، وهكذا.



فهل يا ترى، قامت الحياة صدفة أو بشكل تلقائي؟



إن أقوى حجة قد يأتي بها الخصوم هي الحجة التي أتى بها الأكاديمي الروسي إيريك غاليموف - المدير العلمي لمعهد الجيوكيمياء بأكاديمية العلوم الروسية، في برنامج التلفزيون كشف اللغز الأكبر. عالم روسي شهير يشرح آلية تشكل العضوي من اللاعضوي وظهور الحياة على الأرض[2]!



في الواقع سأنقل لك كتابة حجته، وسأعلق عليها بين قوسين [ ]، وحين نقرأ حجته فإننا ندرك تماما أنه إنما يحلل تركيب وعمل الخلية الحية بشكل دقيق ممتاز، ولكنه يخفق أيما إخفاق حين يحاول ربط هذا العمل الدقيق بمسألة نشوء أول خلية حية! أو حين ينسب هذه التعقيدات لعمليةٍ "تلقائيةٍ" دون أن ينسبها لبديع أبدعها!



وبإسقاط حجته في نشوء الخلية تلقائيا على النظام السمعي لتقريب الصورة نقول إن تفسيره ذلك يشبه تماما أن تصف تشكل الجهاز السمعي تلقائيا بغير تصميم مسبق، ولا تدخل خارجي، فتقول إن هذا النظام المعقد إنما نشأ بسبب وجود "جاذب" اسمه الشعيرات السمعية مثلا! فهذه الشعيرات السمعية دفعت الأعصاب للتشكل وفق نظام خاص بها، ودفعت القوقعة للتشكل حولها بشكل معين، وهذه القوقعة دفعت المطرقة والسندان والركاب للتشكل، وهذه بدورها دفعت الطبلة للتشكل، والطبلة دفعت القناة السمعية والصيوان والأذن الخارجية للتشكل، وهكذا نشأ النظام السمعي "تلقائيا"، هذا بالضبط ملخص حجة السيد غاليموف لتفسير نشأة الخلية الحية "تلقائيا"، دون تدخل خارجي، ولا تصميم للنظام الكلي، ولا للأنظمة الجزئية ولا للعمليات التي يجريها كل عضو في سبيل عمل النظام الكلي! وهو كما ترى بالغ التفاهة! ولكننا سنناقشه!



تفسير الأكاديمي الروسي لتكون العضوي من اللاعضوي ونشوء الخلية والحياة:



والآن لنر ما يقول السيد غاليموف!



يقول غاليموف: "الأحماض النووية في الخلية هي البنية القادرة على إعادة إنتاج ذاتها، والتفاعلات الكيميائية العضوية في أية كائنات حية تجري تحت إشراف الأنزيمات، وهي جزيئات بروتينية تسرِّع العمليات الكيميائية في العضويات، وهذا يعني أن هذه العمليات تحدث من تلقاء ذاتها، [أي تعيد تكرار العمليات بشكل منضبط مبرمج] وبخلاف التفاعلات الكيميائية العادية التي تتم في المختبر بتفاعل مادتين في أنبوبة اختبار، نجد أنه في المواد العضوية (كالخلايا الحية) كل شيء يجري تحت رقابة الأنزيمات، وبشكل متسلسل، كما في خط الإنتاج، كل قطعة يصنعها صانع، ثم تتابع السير على خط الإنتاج لصانع آخر فيقوم بعمله أيضا، والأنزيمات كل منها موجَّهٌ ليقوم بعمله حصراً،



تتركب الأنزيمات من أحماض أمينية، والأحماض الأمينية مركبات كيميائية فريدة من نوعها أكثر قدرة على خلق الجديد وتحسينه"![3] [اقرأ الهامش للأهمية]



ولتفسير تكون العضوي من اللاعضوي، يضع الأكاديمي الروسي التصور التالي: "إن سفر الإنسان بحرية لأي مكان يريد هو مثال على العشوائية، أي الإنتروبيا[4]، ولكن حين توضع أمامه إشارات مرور فإن هذا يحد من الإنتروبيا، أي من العشوائية، فإذا كانت هذه الإشارات تدفع السائق للسير للأمام فقط، فإنها تقيد السائق في تصرفاته، فهو نظام ثابت مع خيارات محددة، وهذا يقلص الإنتروبيا إلى أقصى حد"، [فلنتوقف قليلا للتأمل: إشارة ضوئية ضمن نظام معين ترسل إشارات معينة مفهومة للسائق الذي يفهم لغة هذه الإشارات، ويعلم المقصود من كل إشارة، فالحمراء للتوقف والخضراء للمسير وهكذا، ويعلم حركة الشارع المسموح له بالسير فيها، فالإشارات إذن: ليست مجرد عمود على مفترق طرق، بل هي إشارة في ضمن نظام متعارف عليه لضبط السير، فإذا فهمت هذا، فالنظام الذي سيحد من الإنتروبيا لا بد أن يكون أبعد ما يكون عن العشوائية، وأبعد ما يكون عن أن يكون نتاج مادة صماء بكماء عمياء لا عقل لها ولا تخطيط، فمثاله إذن محسوب عليه لا له، فتأمل].



يتابع السيد غاليموف: "فإذا تذكرنا وجود الأنزيمات التي ترفض أي تفاعل إلا تفاعلا بعينه، الذي يكون كل إنزيم مسئولا عنه تحديدا، فلوجود الأنزيمات تُنتج نفسُ المركبات حين القيام بالتفاعل الكيميائي نفسه"، [لنتوقف قليلا: الأنزيمات تضبط سرعة التفاعلات، وقوتها وكل إنزيم مسئول عن عمليات وتفاعلات بعينها بسرعة مضبوطة ونتائج مضبوطة تقوم بها الأحماض الأمينية، في ضمن عمل الخلية الحية، لكن، وكما وجدنا في نظام الإشارات المرورية، فإن عملية الضبط والتعيير هذه التي ينتج عنها تفاعلات منضبطة بعناية فائقة تضمن سير العمليات الحيوية بشكل دقيق، هذه الأمور تقتضي أن تكون الأنزيمات على اطلاع وبرمجة كاملة لعمل الخلية الحية بحيث تفهم أن النطاق المسموح به لعمل الأحماض الأمينية في دائرة معينة إن تعداها قد تتسمم الخلية أو تفضي لنتائج كارثية، فهي مبرمجة بدقة، وهي مادة صماء بكماء عجماء، لا عقل لها، وفي الوقت نفسه هناك نظام إشارات بينها وبين الأحماض الأمينية، تماما كما يفهم السائق في المثال السابق معنى الإشارات الضوئية، فهنا لا بد من لغة تفاهم بين الأنزيمات وبين الأحماض الأمينية كي تضبط سرعة وقوة سير العمليات الحيوية التي تقوم بها الأحماض الأمينية، فلا بد إذن من "لغة تفاهم" بين الأنزيمات وبين الأحماض الأمينية، أحدها يرسل تعليمات والثاني يفهم هذه التعليمات ويستجيب لها! ولا بد من اطلاع الأنزيمات على نوع كل حمض أميني ووظيفته وطريقة قيامه بوظيفته، وما هي المعايير التي قد تخل بهذه الوظيفة، فيتدخل بإرسال إشارات مفهومة لذلك الحمض فيكبح جماحه ويضبط سير عمله! ويستجيب ذلك الحمض الأميني! هل يمكن هذا إلا من خلال برنامج دقيق، وتصميم بالغ التعقيد والدقة؟ للأسف أيها الأكاديمي المرموق، لقد استعملنا مثالك مرة أخرى ليكون حجة عليك لا لك! أخبار غير سارة لك!



كذلك الأمر، فإن السيد غاليموف يواجه معضلة صعبة جدا جدا، فإذا كان كل أنزيم مسئولا عن تفاعلات محددة والأنزيم الآخر مسؤولا عن تفاعلات أخرى محددة أيضا تختلف عن تلك التي كانت تحت مسئولية الأنزيم السابق وهكذا، وبالتالي فالسؤال هو كيف تم الحصول على الأنزيم المناسب في المكان المناسب للتفاعل المناسب في الخلية، وبتعيير دقيق يتناسب مع حاجة لتسريع التفاعل بمقدار محدد منضبط، مثلا تصل قدرة بعض الأنزيمات حتى تجعل تحوّل الركيزة إلى المنتج أسرع بملايين المرات من التحول دون وجود الأنزيم. أحد الأمثلة هو أنزيم أورتيدين 5'-فوسفات ديكربوكسيلاز الذي يسمح بتفاعل من الممكن خلال ثوانٍ، بينما سيتطلب هذا التفاعل دون الأنزيم ملايين السنين كيميائياً، فهل تم اختيار هذا الأنزيم عشوائيا وصدفة وفي المكان المناسب؟ فإذا ما عرفنا أن العمليات الحيوية في الخلية تعتمد على ذلك الأنزيم، وتبادل وظيفته مع الأحماض الأمينية التي هو مسئول عنها، فإن غياب ذلك الأنزيم، أو وضع أنزيم آخر محله لا يؤدي الوظيفة نفسها وبالدقة والضبط نفسه سيفضي طبعا لفشل النظام الخلوي! فكم هي احتمالات أن توجد تلك الأنزيمات مكانها بدقة وببرمجة دقيقة، إن الاحتمال يفوق ما قد يتخيله العقل، إن احتمالية إنشاء أبسط أنزيم - بروتين يملك مائة حمض أميني هو 10113، إن احتمالية أن تنشأ 25000 أنزيم بطريق الصدفة هو واحد من 102,825,000 وهو عدد الأنزيمات الموجودة في جسم الإنسان!



تُعرف الأنزيمات بقدرتها على تحفيز أكثر من 5000 نوع من التفاعلات الكيميائية الحيوية، فهل تصادف وجود كل أنزيم في مكانه من الخلية أم أن وضع وبرمجة الأنزيم المناسب هي عملية لا يمكن أن تتم تلقائيا وذاتيا وعشوائيا! مهلا قليلا فعقولنا لا يمكن أن تصدق مثل هذه الصدف التي تحتاج تريليونات المرات أكبر من عمر الكون كله]



يتابع السيد غاليموف: "لكن كيف ظهر في نهاية المطاف منتوج معين لا عشوائي، أدى إلى ظهور الحياة؟ إن ما يسمى بالـ"جاذب" هو ما يرغم المنظومة على اتباع آلية معينة محدودة الخيارات، وكمثال على ذلك: يتأرجح البندول، احتاج في البداية إلى شخص يسحبه جانبا ليكسبه طاقة فإذا تركته يتأرجح فإنه ينزع إلى نقطة السكون العمودية، لكنه سيتجاوزها عدة مرات وفق مبدأ العطالة[5]، وسيقف عندها في نهاية المطاف، إذن، هذه النقطة العمودية هي "الجاذب"،



[لنتوقف قليلا: هناك قوانين ناظمة للكون تخضع لها المادة، مثل قانون الجاذبية هنا، وقانون تحول الطاقة الميكانيكية التي اكتسبها البندول بفعل الشغل المبذول عليه بتحريكه لإحدى الجهتين، من طاقة حركية إلى طاقة وضع وخسران تلك الطاقة بالاحتكاك أو مقاومة الهواء، حتى تتضاءل فتنتهي الطاقة ويعود البندول لحالة الاستقرار الأصلية متعامدا مع الجاذبية في مركز ثقله، وخاضعا فيها لقانون العطالة أو القصور الذاتي، ولو لم يكن هناك مقاومة هواء لاستمر البندول في الحركة تتحول طاقته الحركية لكمون (طاقة وضع) ثم تتحول طاقة الوضع إلى طاقة حركة ويستمر هذا النظام بهذه الصفة طالما لم يحصل تدخل خارجي أو خسارة وتضاؤل للطاقة نتيجة الاحتكاك، فنقول إننا أخرجنا البندول من حالة عطالة أصلية كان فيها متعامدا مع الأرض ساكنا لا يتحرك، إلى وضع عطالة جديد، هو حركته الأفقية التي لا تتضاءل إلا بفعل مؤثر خارجي) والآن، ولوجود الاحتكاك والمقاومة من الهواء، يتأتى للبندول أن يتخلص من طاقته الإضافية هذه ويحاول البندول أن يرجع إلى الوضع الذي فيه أقل طاقة، وهو الوضع العمودي، أي أن يعود لعطالته الأصلية، فالكمون الكيميائي ضمن أي نظام فيزيائي أو كيميائي يميل تلقائيا إلى خفض الطاقة الداخلية للنظام إلى أقل ما يمكن، لكي يصل النظام لحالة من التوازن[6] والاستقرار. (انظر الهامش للأهمية)، وضمن هذا المفهوم فالإنتروبي هو مقدار تقدم عملية التحول والتوازن هذه.



ولإلقاء مزيد من الضوء نرى أن مزج ماء ساخن[7] بآخر بارد سيدفع الجزيئات للتبادل الحراري، فتفقد الجزيئات الساخنة حرارتها لتسخين الجزيئات الباردة، وذلك لأن الحرارة أكسبتها طاقة أعلى، أي شِدَة أكبر في الحركة، فأبعدتها عن حالة الاستقرار والتوازن والعطالة الأصلية، فتميل إذن للتخلص منها إن استطاعت، فإذا لم يوجد وسط آخر تفقد له تلك الحرارة استمرت في الوضع الجديد بفعل العطالة، وإن وجد وسط يمكنها من التخلص من تلك الطاقة، تتخلص منها، لتعود لعطالتها الأصلية التي فيها أقل قدر من الطاقة! وطالما أن النظام المكون من الماء البارد والساخن غير متعادل حراريا، فإن الجزيئات الأسخن - الأشد حركة - ستستمر في الحركة العشوائية، حيثما وجد فرق في الحرارة تتجه نحوه للتخلص من طاقتها الإضافية، وتتبادل الحرارة حتى لا يعود هناك أي فرق في الحرارة داخل النظام الجديد، فعملية التبادل هذه غير منتظمة أبدا، بل حيثما وجدت فروق بين الجزيئات المتجاورة حصل التبادل، وكلما كانت فروقات الحرارة أكبر كانت الحركة أشد وأكبر، وحين تتضاءل الفروقات تخف الحركة، حتى تصبح معدلات التغير بطيئة جدا، فيقال بأن الوضع وصل لما يقرب من الاتزان! وبالمثل لو كانت هناك فروق في الضغط أو الطاقة سيستمر التبادل حتى "تتعادل" الضغوط والطاقة، أي حتى تفقد كل الجزيئات التي لديها فائض طاقة أو حرارة ذلك الفائض، وهذا هو الذي يؤدي إلى "الاتزان الحراري والميكانيكي" للأنظمة، فالعشوائية استمرت في النظام طالما هناك فروق طاقة أو حرارة أو ضغط تدفع للحركة، حتى تتخلص الجزيئات من فارق الضغط، وفارق الحرارة، وفارق الطاقة بينها الذي سبب لها الحركة، وأخرجها من حالة العطالة الأصلية لحالة مشحونة أقلقتها، في ذلك النظام، فإذا انتفت الفوارق نقول إن هذه هي أقل طاقة داخلية للنظام، وهذا الاتزان أي الوضع الأصلي هو أقل إنتروبية، أي أقل دافع للحركة بين الجزيئات، فالعشوائية في الحركة استمرت في الدفع للتحريك حتى أفضت لخسارة النظام كل فروق الطاقة، والحرارة والضغوط، عندها يستقر النظام ويحصل التوازن بين أجزائه، فالتوازن هذا، وإن كان ظاهره أنه انتظام، من خلال أنه "توازن" إلا أن واقعه هو خسران طاقة فائضة، خسران المسبب للحركة والانتقال والتغيير! وبدون مؤثر خارجي، فلن يستطيع النظام الخروج من حالة التوازن هذه تلقائيا، بل لا بد من مؤثر خارجي، أي أن النظام الجديد وصل لحالة العجز والعطالة! أو بشكل أدق: رجع لحالة العجز والعطالة بعد أن أُخرج منها بفعل مؤثر خارجي!



فحالته هذه هي أقل إنتروبيا! خسر الطاقة، التي نظمت حركته البندولية، وخرج من النظام الذي تشكل بفعل الطاقة الإضافية الخارجية التي بذلت عليه، إلى وضع الاستقرار الأصلي - العطالة - الذي لا طاقة فيه، وانجذب للجاذبية التي تتعامد مع مركز ثقله حيث أقل طاقة، فالأمر ليس وجود "جاذب" غير الجاذبية، والعطالة نفسها! بل هو خضوع لقوانين تنتظم الكون ويخضع لها كل شيء، وهذه القوانين ليست من المادة، بل هي مفروضة عليها من خارجها، ومعيرة تعييرا دقيقا لا يختل وفق نظام متوازن متسق، سنتناوله بالتفصيل إن شاء الله في مقالة مستقلة، لكن لا يوجد شيء مادي في "نقطة السكون العمودية" غير قانون الجاذبية وقانون العطالة! أدى الخروج منه أو عليه لحصول الإنتروبيا أو العشوائية واستمرت الحركة العشوائية في النظام إلى أن تخلص من الطاقة الفائضة ورجع للعطالة! لا يوجد ما أسماه بالجاذب! ولا يوجد أدنى مخالفة لقانون الديناميكا الحرارية الثاني الخاص بازدياد العشوائية التي نشأت عن إخراج المادة عن عطالتها الأصلية، فشوشت حركتها، وأقلقت استقرارها، فأتيحت لها الفرصة للتخلص من فائض الطاقة فتخلصت منه بأي صورة وبأي شكل، وبلا أي انتظام في عملية التخلص تلك، أي كانت عشوائية، تعتمد فقط على وجود فروقات في الطاقة بين أجزاء النظام، فلا تخرج من عطالتها الأصلية إلا بتدخل خارجي! لقد أدى إخراج البندول عن حالته الأصلية من الاستقرار والسكون والعطالة فورا إلى شحنه بطاقة حركية، وبوجود فرق في الطاقة في الممانعة التي في جزيئات الهواء، تضاءلت تلك الطاقة الحركية حتى خسرها البندول كاملة فتخلص من فائض الطاقة وعاد إلى حالته الأصلية، فالمهم هنا أن "الجاذب" هذا، - على فرض وجوده - لم يزد على أن أعاد نظام البندول لوضعه الأصلي لا إلى تشكيل نظام جديد بفعل مقصود أفضى لغاية!estm



يتابع السيد غاليموف: "ولإسقاط هذا على عملية ظهور الحياة، فثمة جزيء اسمه أدينوسين ثلاثي الفوسفات "إي تي بي ATP" Adenosine TriPhosphate يتصف هذا الجزيء بأهمية كبيرة في تبادل الطاقة والمواد داخل الخلية العضوية الحية، ويضبط العمليات البيوكيميائية ويشدد أو يخمد فعالية الأنزيمات[8]، أي أنه يوفر جملة من المؤشرات التي توافق القانون العالمي الثاني للديناميكا الحرارية ويدعم تشكل منظومة تتوق إلى حالة ثبات معينة إن تم إخراجها من هذه الحالة[9]، [لقد سبق وبينا كيف أن العمليات التي تتم وفقا لقانون الديناميكا الحرارية تنزع للتخلص من فائض الطاقة ليعود الجسم أو النظام لعطالته الأصلية، فليس ثمة ما يفضي لتشكيل نظام جديد!] مثل البندول تماما [وأيضا مثال البندول خطأ كبير، فالبندول من دون بذل شغل خارجي يزيحه ذات اليمين أو ذات الشمال ليكسبه طاقة وضع تتحول لحركة، لن يتحرك وسيبقى خاضعا لقانون العطالة والحالة الأصلية للمادة، وعليه فجزيء الإي تي بي حتى ينتقل من حالة عطالة إلى حالة عطالة أخرى يحتاج لمؤثر خارجي! وما يسميه السيد غاليموف بـ"الجاذب" والذي بينا أنه ما هو إلا الجاذبية وقانون العطالة يعيد النظام من الحركة بسبب خارجي إلى السكون، أي العطالة، أي الحالة الأصلية، فليس الأمر إلا خضوعا لقوانين العطالة والجاذبية] وبالتالي هذه المنظومة سوف تنتج شيئا ما محددا تماما، أي تنعدم الإنتروبيا العشوائية تماما، [أصلا لا توجد عشوائية في نظام الخلية، بسبب التصميم الدقيق لنظام الخلية وعمل كل جزء فيها وظيفة محددة خاصة يضبطها غيره، لتؤدي وظيفة كلية، وليست حركة عشواء لا تصميم لها، فانتقال السيد غاليموف إلى توصيف حركة شديدة الانضباط أي الخلية العضوية، من أصل لا عضوي عشوائي جراء اجتماع مادة صماء لا عقل لها، وبشكل عشوائي، تقوم بتنظيم خارق للعادة بشكل تلقائي توصيف لا دليل عليه، ولا واقع له، وليس أكثر من خيالات وأوهام وفروض لا دليل عليها، وتصور أن المواد اللاعضوية انتقلت من العشوائية إلى النظام الشديد تصور لا واقع له، كيف لا والعلماء في المختبر منذ أكثر من مائة عام لديهم كل مركبات الخلية الحية ولم يستطيعوا صناعتها وبث الحياة فيها، فكيف باجتماع مواد صماء بكماء لا عقل لها ولا تخطيط، أليس هذا كله هذرا فارغا يهوي بالعلم إلى هوة سحيقة من التخيلات والأوهام والفروض والتهرب من نسبة التنظيم الشديد في الخلية إلى خالق قادر مبدع؟!] وعندما يكون لديك عدد كبير من منظومات كهذه فسوف تبدأ تدريجيا بإنتاج منتوج منتظم أكثر فأكثر وليس عشوائيا، فتتقلص العشوائية أو الإنتروبيا، [الحاجة للتصميم تزداد كلما ازداد تعقيد الأنظمة، وهذا لا يحدث تلقائيا] إذن: عملية الإنتاج، وهذا أمر مهم، ستفقد العشوائية، - والكلام للأكاديمي غاليموف - بل ستتجه نحو هدف معين، نظرا لوجود الجاذب، [وهذا كلام لا واقع له، لأن كل أجزاء الخلية مبرمج برمجة دقيقة للقيام بوظائف معينة، تذكر مثال النظام السمعي السابق ذكره في الباب السابق، لا شك أن مثل هذا يمثل نظاما مبنيا من مجموعة من الأركان كل واحد منها يؤدي غرضا يؤازر وظيفة ركن آخر يؤدي غرضا آخر، وفي المجموع كل عناصر هذا النظام تؤدي غرضا معينا دقيقا، بحيث لو أزلت أي ركن منها أو أي عضو، لفسد النظام العام، ولم تؤد الغرض الذي لأجله وضعت! وكل ركن أو عضو منها إذا وجد لوحده لم يؤد الغرض أو الغاية أو الهدف، لا بد أن تجتمع كل العناصر معا في الوقت نفسه وفي تصميم ذكي يضع وظيفةً وارتباطاً لكل واحد منها مع الآخر بشكل منظم دقيق، هذا هو التصميم الذكي، وتفسير هذا النظام الكلي بأنه فقط نتاج وجود الإي تي بي وحده تفسير ساقط! فالأنزيمات لها برمجة دقيقة، وكل أنزيم مصمم لتفاعلات معينة، والأحماض الأمينية ترتبط بروابط معينة بالغة الدقة، سنأتي على تفصيلها لاحقا إن شاء الله، وهكذا، كلها أجزاء معقدة تقوم بعمليات بالغة الدقة، بالغة التعقيد أبعد ما تكون عن أن تكون نتاج صدفة أو عمليات تلقائية بل مصمم مبدع، وإلا فقل لي أيها السيد غاليموف، كيف يدفع الأي تي بي الأنزيمات للتشكل وكيف يبرمج كل إنزيم لوظيفة وتفاعل محدد يتناسب معه، وكيف يبرمج كل إنزيم الحمض الأميني الذي يقوم بتلك التفاعلات وهكذا، كما سبق وأثرنا التساؤلات عن قدرة الشعيرات السمعية على تشكيل نظام السمع بالغ الدقة والتعقيد!]




يتابع السيد غاليموف: "هذا النموذج يتيح النظر على نحو جديد لمسألة ظهور الحياة، فقد كان جزيء الإي تي بي موجودا قبل ظهور الخلية الحية فتشكل على أساسه أول حمض نووي، في البداية تظهر الأحماض الأمينية ثم الببتيدات، [كلام شاعري لا علاقة له بالواقع ولا دليل عليه، وكل دعوى لا دليل عليها باطلة، وقد أثبتنا أن ما يسمى بالجاذب إنما يعيد الجسم لحالته الأصلية ولا يخترع أنظمة جديدة، فالفرض الذي بنى عليه غاليموف تحليله كله انهدم من الأساس ولم يبق منه إلا الهذر والتهويمات في عالم الخيال والتصورات لإثبات ما لا يمكن إثباته] وهي تنظم العمليات الفيزيولوجية ولكنها غير قادرة على إعادة إنتاج نفسها، أما سلاسل الأحماض النووية التي تتشكل في سياق هذه العمليات، فتستطيع إعادة إنتاج ذاتها على أحسن وجه، فتنسخ السلسلة الثانيةُ السلسلةَ الأولى، فكيف يتم تذكر تتابع سلاسل الأحماض الأمينية هذه بلغة نيوكليتيدات، أما الجواب فهو: الرمز الوراثي الجيني المسجل بهذه اللغة، إذ إن كل حمض أميني، وبمساعدة ثلاثة أحماض نووية يظهر في شكل جزيء الحمض النووي الريبوزي المنقوص الأكسجين المعروف باسم دي إن إيه، وعندما يوجد هذا الزوج توجد الحياة، إذ إن ثمة سلاسل أحماض أمينية قادرة على تنظيم العمليات أي أنها تضع إشارات وقواعد المرور بالاستناد إلى المثال أعلاه، وللمحافظة على هذه القواعد ونقلها مسافة أبعد يوجد رمز، أي لغة تتبادل القواعد بها المعلومات مع الأحماض النووية وتتمكن من إعادة إنتاج ذاتها، وهكذا انطلقت الحياة،



[تأمل مدى الدقة والتعقيد والتصميم المسبق لهذا النظام، يتجاوز هذا كله وكأن مجرد وجود الإي تي بي يكفي لبرمجة الأنزيمات وهي تقوم ببرمجة الأحماض الأمينية وهي ترتبط بروابط معينة بالغة الدقة هكذا تلقائيا لتشكل البروتينات، وتتفاعل البروتينات مع باقي مركبات الخلية بشكل عجيب وهكذا تنشأ الحياة، لقد شرح الأكاديمي عمل الخلية بشكل جيد، ولكن ربطه لهذا الشرح بمسألة نشوء الخلية بالغ الإخفاق].



وفي النهاية يعترف الأكاديمي الروسي بالعجز عن الإجابة على تساؤلات تفسير الخلق بناء على كل القوانين التي يعرفها الإنسان اليوم، وأن ما لدى الإنسان من قوانين ومعارف لا تمكنه من الإجابة على تساؤل تفسير كيف نشأت الحياة، وصرح بأن العلماء في النهاية قد يتوقفون عند حد معين ويقولون:





ربما هذا من صنع الإله!



كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ثائر سلامة أبو مالك




[1] How Human Ear Translates Vibrations Into Sounds: Discovery Of Ion Channel Turns Ear On Its Head

[2] على الرغم من قيام جزء مهم من فرضياته من منطلق أن الأمريكان غزوا القمر وجلبوا تربة من تربته وصخورا من صخوره، وعلى الرغم من أن هذه الرحلة إلى القمر قد تم ضحدها وتبين أنها كذبة أمريكية كبرى، وللمفارقة، فالبرنامج التلفزيوني الذي استضاف غاليموف هو البرنامج نفسه الذي استضاف أخصائيين روس غيره دحضوا وفندوا كذبة هبوط الإنسان على القمر، ليس هذا هو المهم هنا على الرغم من أنه يلقي بظلال ثقيلة من الريب على كل تلك الأبحاث التي قام بها غاليموف على تراب مجلوب من القمر! وبالمناسبة، فإن بلدا أوروبيا احتفظ في متحف بصخور من القمر جلبتها البعثة الأمريكية ردحا طويلا من الزمن ليتبين أنه لم تكن رحلة للقمر فأزالوا تلك الصخور بلا صخب!



[3] عليك أن تنتبه إلى أمر غاية في الأهمية: الأحماض الأمينية بروتينات، والأنزيمات تتكون من الأحماض الأمينية، والبروتينات تتكون من الأحماض الأمينية، وتحتاج للأنزيمات، هل لاحظت شيئا؟ لا تتشكل البروتينات إلا من أحماض أمينية، ولا ينضبط عملها إلا بأنزيمات تتشكل أيضا من أحماض أمينية! والأحماض الأمينية هي بروتينات أصلا، فمن أولا؟ البيضة أم الدجاجة أم الديك؟ ثلاثي يعتمد بعضه على بعض ليوجد، أو ليؤدي غاية ووظيفة، فمن كسر الدور؟



[4] قانون الإنتروبيا أو القانون الثاني للديناميكا الحرارية، ذلك القانون الذي وصفه أينشتاين بأنه القانون الأول لكل العلوم... بل هو أساس قوانين العلوم الأخرى، ويقول عنه العالم الفلكي الفيزيائي الرياضي الإنجليزي الشهير المسمى بفيلسوف العلم السير آرثر أدينجتون (Arthur Stanley Eddington 1882-1944): إنه القانون الميتافيزيقي الأعلى المهيمن على كل الكون! ويحدد هذا القانون شروط سير العمليات الماكروسكوبية المرئية في الأنظمة المكونة من عدد من الجسيمات.



[5] العطالة أو القصور الذاتي مصطلح فيزيائي يعني مقاومة الجسم الساكن للحركة ومقاومة الجسم المتحرك للتغيير في حالته الجديدة أي الحركة ففي الحالة الأصلية يبقى الجسم ساكنا إلا أن تحركه قوة خارجية، وتكسبه طاقة حركية، فيسير إذن بسرعة ثابتة أكسبته إياها تلك القوة الخارجية، وبنفس الاتجاه الذي دفعته إليه تلك القوة الخارجية التي أخرجته من حالة العطالة الأصلية، ويبقى على نفس السرعة والاتجاه ما لم تؤثر عليه قوة أخرى تغير سرعته أو اتجاهه، فهي عطالة أو قصور ذاتي، ولقد عبر نيوتن عن هذا المصطلح في قانونه الأول المعروف بقانون القصور الذاتي أو العطالة: وهو خاصية مقاومة الجسم المادي لتغيير حالته من السكون إلى الحركة بسرعة منتظمة وفي خط مستقيم ما لم تؤثر عليه قوة تغير من حالته، أي أن كل جسم مادي قاصر عن تغيير حالته من السكون أو الحركة ما لم تؤثر عليه قوة تغير من حالته.



[6] نقول بأن الجسم في حالة توازن عندما تكون جميع الخواص الفيزيائية والضغط ودرجة الحرارة والحجم النوعي متساوية في جميع نقاطه، وعملية تغير الحالة من حالة عطالة إلى حالة عطالة أخرى أو إلى حالة لا اتزانية هي عملية توازنية أو لا توازنية، والواقع أن الهندسة الحرارية تدرس العمليات التوازنية فقط لأنه بالاستطاعة توصيفها كميا بواسطة معادلات الحالة، ولعلنا نقول بأنه توصيف يقارب إذ لا يسدد، فوصف الحالة بالتوازن تعبير عندما تكون التغيرات في درجات الحرارة أي التبادل الحراري أو التغيرات في الضغوط أو الأحجام متناهية في الصغر، بالغة البطء، بالنسبة لقيم الحرارة والحجوم والضغوط المتوسطة نفسها، فمعدل التغيير قليل جدا مقارنة بالقيمة الوسطى للضغط أو الحرارة أو الحجم للنظام، فنصف النظام بأنه متزن، في حين إنه في الحقيقة العمليات الحرارية هي لا توازنية، ولا يمكن أن تنطبق عليها صفة التوازن المطلق أبدا، فهو توازن نسبي، يمكن من توصيف الحالة وقياسها، انظر: الترمودينامكيا الهندسية والنقل الحراري فلاديمير ناشوكين ترجمة الدكتور محمد جواد المحمد ص 21.



[7] درجة الحرارة هي التي تبين مدى سخونة الجسم أو النظام الجامع لمجموعة أجسام مرتبطة بشكل ما مع بعض، وهي عبارة عن الطاقة الحركية الوسطى للحركة الانتقالية لجزيئات الجسم أو النظام، أي أن درجة الحرارة تحدد الشِّدَّة (intensity) الوسطى لحركة الجزيئات، أي أن بعض الجزيئات تتحرك بشدة أكبر من جزيئات أخرى، بحسب مقدار سخونتها، وأن درجة الحرارة تعبر عن متوسط شدة حركة جزيئاتها، انظر: الترمودينامكيا الهندسية والنقل الحراري فلاديمير ناشوكين ترجمة الدكتور محمد جواد المحمد ص 17.



[8] تأمل يا رعاك الله، الأنزيمات تضبط العمليات التي تقوم بها الأحماض الأمينية بدقة وكل أنزيم مسؤول عن تفاعلات معينة منضبطة، وهذا الأنزيم يحتاج لإي تي بي يشدد أو يخمد فعاليته بحسب حاجة الخلية، نظام بالغ الدقة كل شيء فيه لغاية تخدم الهدف الكلي لعمل الخلية وبدقة متناهية، وهذا هو بالضبط ما نقصده بالأنظمة المعقدة الغائية السببية التي تدل على تصميم سابق بالغ الدقة!



[9] تأمل كلامه بدقة: ويدعم تشكل منظومة تتوق إلى حالة ثبات معينة، يعني هناك تعيير للتفاعلات ولعمل الأنزيمات بحيث لا يخرج النسق الكلي عن معايير معينة بالغة الدقة تفضي لعمل الخلية أو البروتينات أو الأحماض الأمينية أو التفاعلات الحيوية في ضمن نطاق معين دقيق، خاصة مع علمنا بمقدار تعقيد الخلية الحية والعمليات التي تتم فيها، فهي أدق من أي مصنع بشري مهما كان حجمه ضخما وعملياته بالغة التعقيد!


Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 20th April 2024 - 06:26 AM