ما هو السبيل لإيجاد الاستقرار في بلاد المسلمين قبل الحديث في هذا الموضوع يجب أن يعلم
أن الاستقرار في البلاد نوعان:أ) الاستقرار الحقيقي والدائم، ويكون بتطبيق الإسلام وإحسان تطبيقه بشكل كامل، وهذا يكتب له الديمومة، وعن طريق المحاسبة للحاكم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يدوم هذا الاستقرار سنينا طوالا بل ربما لقرون، وإن وجد بعض السقطات وتم علاجها فإن هذا لا يؤثر في الوضع العام للاستقرار لتلك الدولة.
ب) الاستقرار المؤقت: وهي حالة تهدئة للناس لفترة من الزمن عن طريق تلبية بعض ما يتوهم الناس أنه يحقق لهم الاستقرار، ولكن لأن ما تم تحقيقه لهم فاسد وغير صحيح فان حالة عدم الاستقرار تعود للبلاد.
ومن الصور التضليلية التي تؤدي إلى تهدئة البلاد فترة من الزمن هي حالة تغيير شخص الحاكم مع بقاء نفس النظام والدستور الفاسد، أو عملية تغيير الحزب الحاكم على نفس الدستور الفاسد، أو عملية تعديل لبعض مواد الدستور مع بقاء نفس الأسس الفاسدة، فكل هذه الأمور إنما تهدئ الناس فترة من الزمن لأنها فاسدة ولا يمكن أن تنتج إلا فسادا وشقاء.
ومن الصور التي تؤدي إلى تهدئة الناس فترة من الزمن زيادة المعاشات أو إطلاق الحريات أو إطلاق بعض المساجين أو تقديم كبش فداء لفداء النظام، أو أي عطاء مؤقت المفعول ولكنه لا يصلح المشكلة من الجذور، فان هذه الحلول تؤدي إلى تهدئة في البلاد ولكنها لا تحدث استقرارا حقيقيا في البلاد، وتعتمد فترة خداع الناس على مدى الوعي بينهم ومدى تجريبهم لتلك الأساليب ومدى تخفيف الإجراءات الأمنية عنهم ومدى الاستعداد عندهم للتضحية، ووجود أو عدم وجود من يقودهم ضد النظام ومدى الوعي لتلك القيادات ومدى تقبل الناس لهم.
إذن لن يحدث الاستقرار الحقيقي في العالم الإسلامي إلا بتغيير جذري، وذلك بتغيير الأنظمة الحالية وإيجاد نظام الخلافة مكانها، ولكن لأن المسلمين بشكل عام عندهم خلل في فهم العقيدة الإسلامية كعقيدة سياسية وخلل في فهم الأفكار المنبثقة والمبنية على العقيدة الإسلامية، ومشاعرهم غير موحدة بناء على ما يريده الإسلام منهم، ولوجود الثقافات الغربية والتلويث الفكري بينهم، ووجود الإعلام المضلل، فان عملية التغيير الجذري والتي توجد استقرار حقيقيا يجب أن تكون حسب الطريقة التالية:• تأسيس حزب يكون أفراده واعين سياسيا وفكريا وواعين على العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أفكار ونظم ويكونوا من الصالحين، ويقوم هذا الحزب بالخطوات التالية في المجتمع كي يهيئ المجتمع لعملية التغيير الجذري وتغيير النظم الحالية:1- العمل على توحيد الفكر عند المسلمين بشكل تكون فيه جميع الأفكار مبنية ومنبثقة عن العقيدة الإسلامية، وضرب كل الأفكار الغير إسلامية أو المنبثقة عن غير العقيدة الإسلامية كفكرة الديمقراطية والعلمانية والدولة المدنية وترسيخ فكرة الخلافة والحكم بالإسلام بين المسلمين.
2- العمل على توحيد الرضا والغضب عند المسلمين، أي توحيد مشاعر المسلمين، فيقوم هذا الحزب بقيادة الناس نحو رفض أي أمر غير شرعي والمطالبة بأي أمر شرعي، حتى تتم مع الوقت عملية توحيد المشاعر بين المسلمين، فيجعل الناس مثلا تطالب بفكرة الخلافة ولا تسمح لأحد بالتعدي عليهم، ويجعل الناس ينفرون أو يهاجمون كل من يدعو إلى فكرة غير إسلامية مثل الديمقراطية والعلمانية أو أي أمر غير شرعي.
3- العمل على ضرب العلاقة بين الأنظمة الحالية وبين المسلمين حتى يتم التمهيد لهدمها، فيتم كشف كل خيانات الحكام الحاليين وارتباطهم بالغرب الكافر ويتم كشف خياناتهم للمسلمين، ويتم تحريض الناس عليهم وعلى عدم طاعتهم وعلى عدم المشاركة في مشاريعهم وخياناتهم، حتى يصبح المجتمع مهيأ للتخلص منهم.
4- كشف خطط الغرب الكافر الذي يرعى هؤلاء الحكام وكشف مدى عداوته للمسلمين وكشف حقيقته المعادية للمسلمين، وكشف ارتباط الحكام الحاليين به وتنفيذهم لمشاريعه.
5- رعاية مصالح الناس وشؤونهم رعاية فكرية عن طريق بيان كيف يعالج الإسلام مشاكلهم لو كان موجودا وكيف أن النظم الحالية هي سبب الشقاء والضنك وعدم الاستقرار في البلاد، وبهذه الطريقة أيضا تتضح صورة دولة الخلافة القادمة المنوي إقامتها كي يصبح شوق الناس لها كبيرا.
6- عن طريق الخطوات السابقة يعمل هذا الحزب على تشكيل رأي عام لمشروعه وهو دولة الخلافة ورأي عام ضد الحكام الحاليين وضد أنظمتهم وضد الكفار الذين يدعمونهم، حتى يصبح المجتمع في حالة غليان اتجاه تلك الأنظمة ويكون عنده الاستعداد لاستقبال الدولة الجديدة وهي دولة الخلافة.
7- العمل على الاتصال بكل من له قوة وتأثير لإزاحة النظام الموجود ودعم النظام الجديد وهو نظام الخلافة، وهذا يتم بإقناع هذه الفئات، وهذه الفئات قد تكون في قيادات الجيش أو في زعماء القبائل في بعض الدول أو في بعض رجال الأعمال والأثرياء الموجودين أو بعض الوزراء الذين يكون لهم سيطرة على مراكز القوة في البلد، المهم أن يكون هؤلاء لديهم القدرة الفعلية على إزاحة النظام الموجود ودعم النظام الجديد، ويتم طلب النصرة منهم للنظام الجديد وهو نظام الخلافة.
• بعد إقامة الخلافة على أنقاض النظام السابق يتم البدء بتطبيق فوري للإسلام في المجتمع، ويجب أن تكون هناك إجراءات في تلك الدولة الجديدة كي تستمر فيها الحياة ويحصل فيها الاستقرار المطلوب: 1- التطبيق الفوري للإسلام، فأي تسويف في تطبيق الإسلام فان هذا يعني أن تطبق قوانين كفر وهذا يعني أن الله لن ينصر تلك الدولة لأنها ابتدأت حياتها بتطبيق الكفر، والناس لشدة تشوقها للإسلام لن تعارض تطبيق القوانين الإسلامية كما يتخيل البعض.
2- العمل على التخلص من جميع الأوساط السياسية القديمة حتى لا تقوم بالتشويش أو محاولة هدم الدولة الجديدة.
3- التأكد من تنظيف قيادات الجيش وكل مراكز القوة في البلاد من أي شخص له ولاءات لغير الدولة الجديدة.
4- السيطرة الكاملة على الإعلام وبدون أي تسامح، لأنه عن طريق الإعلام تستطيع أن تزرع في نفوس الأمة ما تريده من أفكار وتوجيهات.
5- العمل بعد إقامة الخلافة على محاسبة أي حاكم يخالف الدستور والقانون، وبدون هوادة حتى يبقى إحسان تطبيق الإسلام في تصاعد دائمي.
6- العمل على إعداد الدولة لمواجهة الخارج، لأن الخارج وهم دول الكفر والدول في العالم الإسلامي لن ترضى عن هذه الدولة الجديدة، ولكن الأكيد أن الشعوب في العالم الإسلامي تحب هذه الدولة، إذن يجب أن تعمل الدولة الجديدة على إسقاط جميع الأنظمة في العالم الإسلامي وضم تلك البلاد لدولة الخلافة حتى تقوى وتتوسع، حتى تصبح قوة لا تجرؤ أي دولة كفر على التعدي عليها.
7- بعد الاستقرار الكامل للدولة من ناحية عسكرية وأمنية وإيجاد حالة الرعب لدي جميع الأعداء، تعمل الدولة على ضم ما تبقى من مناطق في العالم الإسلامي إليها، ومن ثم تبدأ بنشر الإسلام في العالم بالدعوة والجهاد، حتى يتم فتح جميع دول الكفر في العالم، وذلك مصداقا لقوله صلى الله عليهوسلم : ((ليَبْلُغن هذا الأمر ما بلغ اللَّيل والنَّهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍر إلَّا أدخله اللهُ هذا الدِّين، بِعِزِّ عَزِيزٍ أو بِذُلِّ ذَليلٍ، عِزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر))
الخلاصةلن يحصل استقرار حقيقي للمسلمين إلا بإعادة نظام الخلافة للوجود، وعمل المسلمين على محاسبة الحكام فيه حتى يحسنوا تطبيق الإسلام، عندها فقط سيحصل الاستقرار الحقيقي في حياة المسلمين، ولن يكون هناك بإذنه تعالى مشاكل في حياتهم العامة.
إن تطبيق جميع الأنظمة الحالية أو تغيير الشخوص للحكام أو تعديل بعض المواد الدستورية، أو تحسين الاقتصاد أو إغداق الأموال على الناس لن يحسن من وضعهم أبدا، وستبقى المشاكل والضنك تحيط بهم حتى يقيموا الخلافة ويطبقوا شرع الله تعالى، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}
تم بفضل الله وتوفيقه