منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> حملة الدعوة الثابتون على الحق هم أمل الأمة في الخلاص من الواقع الفاسد
أم المعتصم
المشاركة Mar 23 2020, 08:39 AM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: المشرفين
المشاركات: 4,804
التسجيل: 19-January 15
رقم العضوية: 2,238





أيُّهَا الشَّبابُ: أحييكم بتحية الإسلام وتحية أهل الجنة، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم أَمَّا بَعدُ: ونحنُ لَا زلْنَا نَعِيشُ ذِكْرى الفَاجعَةِ الأليمَةِ عَلَى قَلبِ كُلِّ مُسلِمٍ وَمُسلِمَة، ذِكرَى هَدْمِ دَولَةِ الخِلافَةِ فِي الثَّالِثِ مِنْ آذَارَ عَامَ 1924م. أحبَبْتُ أَنْ أُوَجّهَ إِلَيكُمْ هَذِهِ الكَلِمَةَ أقولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ علَى إمامِ المتقين، وسيِّدِ المرسلِين، المبعوثِ رحمةً للعالمين، سيدِنا محمدٍ وعلَى آلهِ وصَحبِهِ أجمعين، واجعلْنَا مَعَهم، واحشرنا في زُمرتهم برَحمتكَ يا أرحمَ الراحمين. الحمدُ للهِ أنْ جَعَلَنا وإياكُم مِنَ المسلِمين، ومن خَيرِ أمةٍ أخرجَتْ للنَّاسِ، ومِنْ أُمةِ خَيرِ الأنبياءِ سيدِنا وحبيبِنا ومعلمِنا وقائدِنا وقدوتِنا ونبيِنا محمدٍ عليهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام، خيرِ مَنْ صَلَّى وَصَام، وَدَعَا إلى اللهِ، وأقام هو وصحابتُه الكرام أولَ دولةٍ للإسلام. الحمدُ للهِ أنْ شَرفنَا وَاصطَفانا مِثلَهُم لحملِ الدَّعوةِ معَ العاملِين المخلِصينَ لِاستئنَافِ الحيَاةِ الإِسلامِيَّةِ بِإقَامَةِ دَولَةِ الإسلامِ الثانيَةِ عَلَى مِنهَاجِ النُّبوَةِ.

أيُّهَا الشَّبابُ: أيها الغرباء: - كَمَا سَماكُم نَبِيُّكم عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلَام - رَوَى مُسلِمُ في صَحِيحِه عَن أَبي هُريرَة رضي الله عنه عَنِ النبيِ ﷺ أنهُ قَالَ: «بدأَ الإسلامُ غريباً، وَسَيَعُودُ غَريباً كَمَا بَدَأ فَطُوبى لِلغُرباءِ» فَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، زَادَ جَمَاعَةٌ مِنْ أئمَّةِ الحَدِيثِ فِي رِوَايةٍ أُخرَى ثَانِيَةٍ: "قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَنِ الغُرَبَاءُ؟" قَالَ: «الذِينَ يَصْلُحُون إِذَا فَسَدَ النَّاسُ»، وَفِي لفظٍ آخَرَ فِي رِوَايةٍ ثَالثةٍ: «يُصلِحُون مَا أفسَدَ النَّاسُ مِنْ سُنَّتِي»، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ فِي رِوَايةٍ رَابعةٍ: «هُمُ النُّزَّاعُ مِنَ القَبَائِلِ»، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ في رِوَايةٍ خَامِسَةٍ: «هُمْ أناسٌ صَالِحُونَ قَلِيلٌ، في أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ». فَالمقصُودُ بكَلِمَةِ (الغُرَبَاءِ) الوَارِدَةِ في الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ أهلُ الاستِقَامَةِ، وَعِبَارَةُ «فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ» تَعنِي: أَنَّ الجنَّةَ وَالسَّعَادَةَ لِلغُرَبَاءِ الذِينَ يَصلُحُون عِندَ فَسَادِ النَّاسِ، أَي إِذَا تَغَيَّرَتِ الأَحْوَالُ، وَالتَبَسَتِ الأُمُورَ، وقَلَّ أَهْلُ الخَيرِ، ثَبتُوا هُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاستَقَامُوا عَلَى دِينِ اللهِ، وَوَحَّدُوا اللهَ، وَأخلَصُوا لَهُ العِبَادَةَ، وَاستَقَامُوا عَلَى الصَّلَاةِ، وَالزكَاةِ، وَالصِّيَامِ، والحجِ، وَحَمْلِ الدَّعْوَةِ، وَالأَمْرِ بِالمعروفِ، والنهيِ عنِ المنكرِ، وَسَائِرِ أُمُورِ الدِّينِ. جَعَلَنَا اللهُ وَإِياكُمْ مِنهُم آمِين يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

أيُّهَا الشَّبابُ: أيها الغرباء: يَا حَامِلِي الدَّعوَةِ لاستِئنَافِ الحَيَاةِ الإِسلَامِيَّةِ بِإقَامَةِ دَولَةِ الخِلَافةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنهَاجِ النُّبوَّةِ، تأمَّلُوا الصِّفَاتِ الوَارِدَةَ فِي الرِّوَايَاتِ الخَمْسِ لِلحَدِيثِ النَّبوِيِّ الشَّرِيف: (الغُرَبَاء، يُصلِحُون، يَصلُحُون، صَالِحُون، النُّزَّاعُ مِنَ القَبَائِل). أَترَونَ أَيُّهَا الشَّبَابُ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ الخَمْسَ تَنطَبِقُ عَلَى حَامِلِي دَعْوَةٍ سِوَاكُم؟؟ وَاللهِ إِنِّي لَا أَرَاهَا تَنطَبِقُ عَلَى أُنَاسٍ غَيرِكُمْ أنتُمْ وَمَنْ عَلَى شَاكِلَتِكُمْ يَا مَعْشَرَ شَبَابِ حِزْبِ التَّحرِيرِ الثَّابِتِينَ عَلَى الحَقِّ، وَالقَابِضِينَ عَلَى الجَمْرِ، فَأنتُمْ لَم تُغيِّرُوا عَقِيدَتَكُمْ، وَلَم تبُدِّلُوا دِينَكُمْ، وَلَم تُغرِكُمُ المِنَحُ مَهْمَا كَثُرتْ، وَلَم تَحرِفْكُمُ المِحَنُ مَهْمَا اشتَدَّتْ عَنِ الصِّرَاطِ المستَقِيمِ، وَالطَّرِيقِ القَوِيم الَّذِي اخْتَرتُمُوهُ، وَسِرْتُم عَلَيهِ إِرضَاءً وَتَقَرُّباً للهِ تَعَالَى، وَيَشْهَدُ لَكُمْ بِذَلِكَ العَدُوُّ قَبْلَ الصَّدِيقِ، وَاللهُ خَيرُ الشَّاهِدِينَ.

وَنَسُوقُ لَكُمْ نَمُوذَجاً وَاحِداً عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ لَا الحَصْرِ مِنْ نَمَاذِجِ صَبركُمْ وَثَبَاتِكُمْ، لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَى الفِيسبُوك صُورَةٌ لِشَابٍّ مِنْ شَبَابِ حِزْبِ التَّحرِيرِ فِي تُركِيَّا، دَخَلَ للسِّجْنِ شِبْلاً فَخَرَجَ مِنهُ أَسَداً، بَعْدَ أَنْ قَضَى أَربَعاً وَعِشرينَ سَنَةً فِي سِجْنِ الطَّاغِيَةِ رَجَبْ طَيِّبْ أَردُوغَانَ، وَكَانَتْ تُهمَتُهُ العَمَلَ لِإقَامَةِ الخِلَافَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، وَتَطْبِيقَ شَرعِ اللهِ! فَكَتَبْتُ لَهُ مُهَنِّئاً: "حَمداً للهِ عَلَى سَلَامَتِكَ أَيُّهَا الشَّابُ، هَنِيئاً لَكَ صَبْرُكَ وَثَبَاتُكَ عَلَى حَمْلِ الدَّعْوَةِ، وَأَعْظَمَ اللهُ تَعَالَى لَكَ الأَجْرَ، وَأَجْزَلَ لَكَ العَطَاءْ، وَضَاعَفَ لَكَ الثَّوَابَ، وَجَزَاكَ خَيرَ الجَزَاءْ، وَأَكْرَمَكَ بِجَنَّاتِ الفِردَوسِ الأَعْلَى، تَتَبَوَّأُ مِنهَا حَيثُ تَشَاءْ، وَرَزَقَنَا إِيمَاناً مِثْلَ إِيمَانِكْ، وَصَبراً مِثْلَ صَبْرِكْ، وَثَبَاتاً مِثْلَ ثَبَاتِكْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدُّعَاءْ... آمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينْ".

أيُّهَا الشَّبابُ: أنتُمْ وَأمثَالُكُمُ الغُرَبَاءُ الذِينَ قَالَ اللهُ فِيكُمْ وَفِي أَشبَاهِكُمْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيم﴾. (فصلت:30-32) أَسَمِعْتُمْ كَيفَ يُطَمئِنُكُمْ رَبُّكُمْ فَيَقُولُ لَكُمْ: ﴿أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا﴾ وَيُبشرُكُم بِالجنَّةِ الَّتِي أعَدَّهَا لِعِبَادِهِ المُؤمِنينَ؟ ثُم يَزِيدُكُمُ اطمِئْنَاناً فَيُخَاطِبُكُمْ بِأُسلُوبِ العَظَمَةِ الذِي يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، فَيَقُولُ لَكُمْ: ﴿نَحنُ أولِيَاؤكُمْ﴾ أَيْ أَنَّ اللهَ نَاصِرُكُمْ وَمُعِينُكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ. وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُون﴾ أيْ: لَكُمْ فِي الجنَّةِ مَا تَطلُبُون. فَكُونُوا رِجَالاً بِحَقٍّ كَمَا وَصَفَكُمْ رَبُّكُم حَتَّى تَستَحِقُّوا هَذَا التَّكرِيمَ مِنْ رَبِّ العَالمينَ، فَقَدْ وَصَفَكُم في مَوضِعٍ آخَرَ بِقَولِهِ: ﴿مِنَ المؤمِنينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِيلاً﴾. وَتَذَكَّرُوا إِخوَانَكُمُ الذِينَ كَانُوا بِالأَمْسِ القَرِيبِ بَينَكُمْ، وَقَضَوا نَحْبَهُمْ وَهُمْ ثَابِتُونَ عَلَى حَمْلِ الدَّعْوَةِ، فَخُتمَ لَهُمْ بِخَيرٍ، وَفَازُوا بِنَعِيمِ الجنَّةِ، وَمُرَافَقَةِ النَّبِيَّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، نَحسَبُهُمْ كَذَلِكَ وَاللهُ حَسِيبَهُمْ وَلَا نُزكِّي عَلَى اللهِ أَحَداً. نَسأَلُ اللهَ لَهُمُ الرَّحْمَةَ، وَلَنَا وَلَكُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ حُسْنَ الخِتَامِ.

أيُّهَا الشَّبابُ: أُوصِيكُمْ أَلَّا تَلْتَفِتُوا إِلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ الذِينَ بَاعُوا آخِرَتَهُمْ بِمَتَاعٍ مِنَ الدُّنيَا قَلِيلٍ، وَعَرَضٍ زَائِلٍ، وَتَركُوا حَمْلَ الدَّعْوَةِ، وَصَارُوا يُخَذِّلُونَ الثَّابِتِينَ. فَالإِسلَامُ بَدَأَ بِالقَلِيلِ فِي مَكَّةَ، لَم يُؤْمِنْ بِهِ إِلَّا ثُلَّةٌ قَلِيلةٌ، وَأكثَرُ الخَلْقِ عَادَوا دَعْوَةِ الحَقِّ، وَعَانَدُوا النَّبيَّ ﷺ وَآذَوهُ، وَآذوا أَصْحَابَهُ الذِينَ أَسْلَمُوا مَعَهُ، ثُمَّ انتَقَلَ إِلَى المدِينَةِ مُهَاجِراً، وَانتَقَلَ مَعَهُ مَنْ قَدِمَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وكَانُوا غُرَبَاءَ أَيضاً حَتَّى كَثُرَ أَهْلُ الإِسلَامِ فِي المدِينَةِ وَفِي بَقِيَّةِ الأَمْصَارِ، ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللهِ أفوَاجاً بَعْدَ أَنْ فَتَحَ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ مَكَّةَ، فَكَانُوا أَوَّلَ الأمرِ غُرَبَاءَ بَينَ النَّاسِ، وَكَانَ أكثَرُ الخَلْقِ عَلَى الكُفْرِ بِاللهِ، وَالشِّركِ بِه سُبحَانَهُ، ثُمَّ هَدَى اللهُ مَنْ هَدَى عَلَى يَدِ رَسُولِهِ محمد ﷺ وَعَلَى يَدِ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلُوا فِي دينِ اللهِ، وَأخَلَصُوا العِبَادَةَ لَهُ جَلَّ وَعَلَا، فَصَارُوا لَا يَعبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ، فَهَؤُلاءِ هُمُ الغُرَبَاءُ، وَهَكَذَا هُمُ الغُرَبَاءُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، يَستَقِيمُونَ عَلَى دِينِ اللهِ، عِندَمَا يَتأخَّرُ النَّاسُ عَنْ هَذَا الدِّينِ، وَيَكفُرُونَ وَتَكثُرُ مَعَاصِيهِمْ وَشُرُورِهِمْ يَستَقِيمُ الغُرَبَاءُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَدِينِهِ، فَلَهُمُ الجَنَّةُ وَالسَّعَادَةُ وَلَهُمُ العَاقِبَةُ الحَمِيدَةُ فِي الدُّنيَا وَفِي الآخِرَةِ. وَهَا أنتُمْ مَعْشَرَ الشَّبَابِ تَسْمَعُونَ بِآذَانِ رُؤُوسِكُمْ، وَتَرَونَ بِأُمِّ أَعيُنِكُمُ مُخَالَفَةَ بَعْضِ المَارِقِينَ لِأَحكَامِ الإِسلَامِ، وَيُجَاهِرُونَ بِذَلِكَ عَلَى وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الإلكترونِيِّ دُونَ حَيَاءٍ، وَلَا خَجَل مِنَ اللهِ تَعَالَى وَلَا مِنْ عِبَادِهِ، وَتُشَاهِدُونَ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ ثَبَاتَ إِخْوَانِكُمْ عَلَى حَمْلِ الدَّعْوَةِ وَتَفَانِيهِمْ فِي القِيَامِ بِأَعْبَائِهَا.

أيُّهَا الشَّبابُ: اعلَمُوا أَنَّ أشْرَفَ الأَعمَالِ قَاطِبَةً أَنْ يَمُوتَ المرءُ خَادِماً لِهَذَا الدِّينِ، وَهَذَا مَكْمَنُ العِزِّ كُلِّهِ! لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِ الغُربَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي بَدَأَتْ تَهتَزُّ فِيهَا بَعْضُ الأُصُولِ التِي لَم تَكُنْ فِي يَومٍ مِنَ الأَيَّامِ مِحْوَراً مِنْ مَحَاوِرِ الجَدَلِ عَلَيهَا، وَصَارَ كُلُّ شَيءٍ حَولَنَا غَرِيباً وَعَجِيباً وَمُزرِياً، لَكِنَّنَا إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الشِّرْبِ الأَوَّلِ زَمَنَ النَّبي r وَالصَّحَابَةِ الكِرَامِ، وَاستَمْسَكْنَا بِمَا كَانُوا عَلَيهِ فَأَحْلِفُ بِاللهِ: إِنَّنَا لَمَنصُورُونَ.

أيُّهَا الشَّبابُ: لَقَد قَسَّمَ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ فِي سُورَةِ الوَاقِعَةِ إِلَى ثَلاثَةِ أَقسَامٍ، فَقَرَّبَ مِنهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ وَصَفَهُمْ "بِالسَّابِقِينَ" وَوَعَدَهُم بِجَنَّاتِ النَّعِيم حَيثُ قَالَ: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾. (الواقعة10-12). وَذَكَرَ بِأنَّ هَؤُلاءِ عَدَدُهُمْ قَلِيلٌ، حَيثُ قَالَ: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾. (الواقعة 13-14). وَهَؤُلاءِ القَلِيلُونَ هُمُ الصَّفوَةُ مِن جَمِيعِ بَني البَشَرِ، مُنذُ أَنْ خَلَقَ اللهُ آدَمَ إِلى يَومِنَا هَذَا، وَكانَ جُلُّ صَحَابَةِ حَبِيبِنَا مُحَمَّدٍ عَلَيهِ أفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَتَمُّ التَّسلِيمِ، مِنْ هَؤُلاءِ الصَّفوَةِ القَلِيلِينَ، حَيثُ لاقَوا عَذَاباً شَدِيداً، فَصَبَرُوا، وَلَمْ يَبقَ مِنْ هَؤُلاءِ الصَّفوَةِ القَلِيلِينَ إلَّا أَقلُّهُم فِي أَيَامِنَا هَذِهِ. فَكُونُوا أَيُّهَا الشَّبَابُ مِنْ هَؤُلاءِ أَقَلِّ القَلِيلِينَ عَدَداً مِنْ صَفْوَةِ النَّاسِ، وَلا تَرضَوا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ! وَالسَّبيلُ إلى ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ مِن خِلال ثَباتِكُمْ أَمَامَ هَؤُلاءِ الذِينَ يَصُدُّونَكُمْ عَنْ حَمْلِ الدَّعْوَةِ، مِنَ القُضَاةِ وَالحُكَّامِ الذِينَ بَاعُوا إنسانيتهُمْ - إنْ وُجِدَتْ - لِلشَّيطَانِ! وَلْتَعلَمُوا أَنَّ هَذَا الزمان هُوَ زمانكم كَي تَفُوزُوا بِهَذَا المقَامِ عِندَ اللهِ! أَلا تَرَونَ أَنَّ اللهَ أَكرَمَكُمْ بِأنْ وَهَبَكُمْ فُرصَةَ الانضِمَامِ لِفِئَةِ السَّابِقِينَ؟! لِيَنظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا إِلَى حَيَاتِهِ التي يَعيشُها، هَل تَمُرُّ عَلَيهِ فُرْصَةٌ مِثلُ هَذِهِ الفُرصَةِ التي نَعيشُها الآنَ؟! صَبرٌ عَلَى الأَذَى قَلِيلٌ في هذه الحياة الدنيا الفانية، وَبَعدَهُ في الآخرة أجرٌ عِندَ اللهِ عَظِيم! ﴿فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾. وَاللهِ يَا شَبَابُ، لَنَكُونَنَّ مِنْ هَؤلاءِ الصَّفوَةِ الأَخيَارِ "السَّابِقِينَ" الذِينَ وَصَفَهُمُ اللهُ فِي سُورَةِ الوَاقِعَةِ، إِنْ نَحنُ ثَبَتْنَا عَلَى مَبدَئِنا! وَاللهِ يَا إخوَتِي، إنَّني أُحِسُّ بِأَنَّ اللهَ يُحبُّنَا فَابتَلانَا، وَأنَّه يُريدُ أَنْ يَصطَفِي إِليهِ الصَّابِرينَ مِنَّا وَالثابِتِينَ عَلَى الحقِّ.

أيُّهَا الشَّبَابُ: يَقُولُ الإِمَامُ الغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: إِنَّ صَوَابَ الفِكْرَةِ لَا يَكُونُ سَبَباً كَافِياً لِانتِصَارِهَا، وَصِحَّةَ المَنْهَجِ لَا تَعنِي وُجُوبَ النَّصْرِ، وَطَبِيعَةَ الحَقِّ لَيْسَتْ بِالضَّرُورَةِ دَلِيلاً عَلَى التَّمكِينِ لَهُ، فَمَا لَم يُصَاحِبْ كُلَّ ذَلِكَ: حَمَلَةٌ أَوفِيَاء، وَقَادَةٌ أَذكِيَاء، وَحُرَّاسٌ أيقَاظٌ، وَأَسلِحَةٌ فِي مُستَوَى التَّحَدِّي الَّذِي يُوَاجِهُهُ؛ لِأَنَّهُ قَد يَكُونُ الحَقُّ مَعَكَ، وَلَكِنَّكَ لَا تُحسِنُ الوُصُولَ بِهِ، وَلَا تُجِيدُ الدَّوَرَانَ مَعَهُ حَولَ مُنعَطَفَاتِ الطَّرِيقِ؛ لِتَتَفَادَى المآزِقَ، وَتَتَخَطَّى العَقَبَاتِ، وَتَبلُغَ بِهِ مَا تُرِيدُ، وَقَد يَكُونُ البَاطِلُ مَعَ غَيرِكَ، وَلَكِنَّهُ يُلبِسُهُ ثَوبَ الحَقِّ، ثُمَّ يُجِيدُ الانطِلَاقَ مَعَهُ، وَيُبدِعُ فِي استِخْدَامِ الوَسَائِلِ الملائِمَةِ؛ لِدَفْعِهِ إِلَى الأَمَامِ حَتَّى يَصِلَ بِهِ إِلَى حَيثُ يَنبَغِي أَنْ يَصِلَ الحَقُّ.

أَيُّهَا الشَّبابُ: أَلَيسَ مِنَ العَيبِ، بَلْ مِنَ العَارِ وَالشَّنَارِ أَنْ يَعرِفَ عَدُوُّ اللهِ وَعَدُوُكُمْ قِيمَةَ حِزبِكُمْ الذي تَنتَمُونَ إِلَيهِ وَيَعرِفُ لَهُ قَدْرَهُ، وَيَعِي عَلَى فِكْرَتِهِ، وَغَايَتِهِ، وَجُهُودِ شَبَابِهِ، وَبَعْضُ المُثَبِّطِينَ يَستَخِفُّ بِالجُهُودِ الجَبَّارَةِ التي يَقُومُ بِهَا الحِزْبُ مُتَمَثِّلاً بِشَبَابِهِ الوَاعِينَ المُخلِصِينَ الذِّينَ يَصِلُونَ الَّليلَ بِالنَّهَارِ وَهُمْ يَعْمَلُونَ دُونَ كَلَلٍ وَلَا مَلَلٍ لِنُصْرَةِ الإِسلَامِ وَعِزَّةِ المُسلِمِينَ؟ ألَم يَأتِكُمْ نَبأُ شَبَابِنَا الَّذِينَ قَامُوا بِعَقْدِ مُؤتَمَرٍ فِي عُقْرِ دَارِ الكُفْرِ وَرَأسِهِ أَمْرِيكَا فِي مَدِينَةِ شِيكَاغُو فِي فُندُقِ هِيلِتُون فِي أُوكلُون قَائِلِينَ: إِنَّ رَايَةَ الإِسلَامِ سَوفَ تَعلُو البَيتَ الأَبيَضَ؟؟ وَعَلَى إِثْرِ ذَلِكَ تَمَّ نَشْرُ فِيديُو عَلَى اليُوتيُوب كُتِبَتْ تَحتَهُ العِبَارَةُ الآتِيَةُ: حَالَةٌ مِنَ الفَزَعِ فِي وَسَائِلِ الإِعلَامِ الأمرِيكِيَّةِ: مُذِيعُ فُوكس نيُوز اصْفَرَّ وَجْهُهُ، وَهُوَ غَيرُ مُصَدِّقٍ أَنَّ حِزْبَ التَّحرِيرِ يَعقِدُ مُؤتَمراً فِي أمرِيكَا وَيَقُولُ: "إِنَّ رَايةَ العُقَابِ سَتُرفَعُ فَوقَ البَيتِ الأَبيَضِ".

يَقُولُ تُوني بلِير رَئِيسُ وُزَرَاءِ بريطانيا الأَسبَقُ: "مُهِمَّتُنَا قَتْلُ مَفْهُومِ الدَّولَةِ وَالخِلَافَةِ فِي نُفُوسِ المُسْلِمِينَ". وَيَقُولُ وُسْلِي أَحَدُ القَادَةِ العَسْكَرِيِّينَ الكِبَارِ فِي الجَيشِ الأَمرِيكِيِّ: "مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّنَا خَرَجْنَا لِأَفغَانِسْتَانَ انتِقَاماً لِأَحْدَاثِ الحَادِي عَشَرَ مِنْ سِبْتَمْبَرَ فَلْيُصَحِّحْ خَطَأَهُ. نَحْنُ خَرَجْنَا لِقَضِيَّةٍ اسمُهَا الإِسْلَامُ. لَا نُرِيدُ أَنْ يَبْقَى الإِسْلَامُ مَشرُوعاً حُرّاً، يَقُولُ فِيهِ المُسلِمُونَ مَا هُوَ الإِسلَامُ. نَحْنُ نُقَرِّرُ لَهُمْ مَا هُوَ الإِسْلَامُ". وَيَقُولُ وَزِيرُ خَارِجِيَّةِ أَمرِيكَا: "الخَطَرُ الحَقِيقِيُّ عَلَى أَمرِيكَا هُمُ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ أَنَّ الإِسْلَامَ طَرِيقَةُ عَيشٍ". أَلَا سَاءَ مَا يَقُولُونَ! خَابُوا وَخَسِرُوا، وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا، وَمَا كَادُوا وَمَا مَكَرُوا. قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأكِيدُ كَيداً * فَمَهِّلِ الكَافِرينَ أمهِلْهُمْ رُوَيداً﴾. وَقَالَ جل جلاله: ﴿وَيَمكُرُونَ وَيَمكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيرُ الماكِرِينَ﴾؛ فَإِنَّ النَّصْرَ لِلإِسْلَامِ وَأُمَّةِ الإِسلَامِ، وَالغَلَبَةَ لِلمُسلِمِينَ!!

أَيُّهَا الشَّبابُ: اِعرِفُوا قِيمَةَ الحِزبِ الذِي تَعمَلُونَ مَعَهُ، فَانظُرُوا إِلى الدُّنيا بِأَسْرِهَا، إنَّكُمْ سَوفَ تَجِدُونَ أَنَّ الكُفَّارَ قَدْ طَغَى عَلَيهِمُ المبدَأُ الرَّأسِمَاليُّ بِكُلِّ وَحشِيتهِ، وَالظُّلمَ قَدِ استَشْرَى فِي الأَرضِ، نَتِيجَةَ تَطبِيقِ هَذَا المبْدَأ العَفِن! وَالمسلِمُونَ مُنقَسِمُونَ إِلى فِئَتَينِ:

فِئَةٍ كَبِيرَةٍ مِنهُم لا يَعمَلُونَ فِي الدَّعوَةِ إِلى الإسلام، وَإِنَّ جُلَّهُمْ لا يُدْرِكُونَ أَنَّ الدِّيمقراطيَّةَ والرَّأسمَاليَّةَ العَفِنَتَينِ هُمَا سَبَبُ شَقَاءِ النَّاسِ، بَلْ إِنَّ مِنهُمْ مَن يُدَافِعُونَ عَنِ الرَّأسِمَاليَّةِ وَالدِّيمُقراطيَّةِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنَ الإسلام!

وَفِئَةٍ أُخرَى وَهُمُ القَلِيلُونَ نِسبِيّاً يَعمَلُونَ فِي حَقْلِ الدَّعوَةِ إِلى الإسلام، ثُمَّ انظُرُوا إلى حِزبِكُمْ هَذَا بَينَ هَؤُلاءِ العَامِلِينَ، وَاحمَدُوا رَبَّكُمْ أَنَّكُم تَمتَلِكُونَ التَّصوُّرَ الأَوضَحَ لِحَقِيقَةِ الإسلام، وَلِوَاقِعِ الدَّولَةِ الإسلاميَّة، بَلْ لِوَاقِعِ الطَّريقَةِ الصَّحِيحَةِ لِكَيفِيَّةِ حَمْلِ الدَّعوَةِ! أَلَيسَ هَذَا وَحْدَهُ نِعمَةً مِنَ اللهِ مَنَّهَا عَلَينَا؟ فَلا تَجْحَدُوا هَذِهِ النِّعمَةَ، وَلا تَهِنُوا أمَامَ هَؤلاءِ الأَوغَادِ الذين يصدونكم عن حمل الدعوة، بَلْ حَاوِلُوا أَنْ تَجعَلُوهُم يَحتَرِمُونَكُمْ، ويَحتَرِمُونَ حِزبَكُمْ! وَلأجْلِ هَذَا مَا عَلَيكُمْ سِوَى التَّمَسُّكِ بِكَونِكُمْ أَعضَاءَ فِي هَذَا الحِزْبِ العَظِيمِ، وَأنْ تَدعُوهُم هُم أنفُسُهُم لِلعَمَلِ مَعَ هَذَا الحِزبِ، أَي اغلِبُوهُم وَانتَصرُوا عَلَيهِمْ، وَلا تَدَعُوهُمْ يَنالُونَ مِن دِينِكُمْ أَو مِنْ حِزبِكُمْ، فَأنتُم قَلِيلُونَ، وَصَفْوَةُ اللهِ قَلِيلُونَ.

أيُّهَا الشَّبَابُ: لا أُبَالِغُ إِنْ قُلْتُ بِأنَّهُ قَدَ يَكُونُ قَلِيلاً عَلَينَا إِنْ نَحْنُ ضَحَّينَا بِأروَاحِنَا التي بَينَ جَوَانِبِنَا فِي سَبِيلِ هَذِهِ الدَّعوَةِ، وَفِي سَبيلِ أَنْ نَكُونَ مِنَ الصَّفْوَةِ الأخْيَارِ، الذِينَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمْ، فَنَحنُ الآنَ لا نَمْلِكُ مَا نُضَحِّي بِهِ سِوَى هَذِهِ الرُّوح، فَغِيظُوا هَؤُلاءِ الظَّالمِينَ، يَرحَمْكُمُ اللهُ.

وَقَد يَتَراءَى لَكُمْ أَنَّ عَدَدَ الكُفَّارِ كَبيرٌ، وَأَنَّ هَؤُلاءِ الزَّبَانِيَةَ وَهُمْ أَعوَانُ الظَّالمِينَ أَقوَى مِنكُمْ، وَلَكِنْ لا تَنسَوا أَبَداً أَننَا نَمْلِكُ عَقِيدَةً هِيَ وَحْدَهَا العَقِيدةُ الصَّحيحَةُ فِي الكَونِ.

أيُّهَا الشَّبَابُ: بِمُوجَبِ هَذا فَإنَّنا نُؤمِنُ بِأَنَّ لَنَا رَباً نَاظِراً إِلينَا الآنَ، وفِي كُلِّ آنٍ، وَنَحنُ نَعتَقِدُ بِأنَّهُ هُوَ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَنَعتَقِدُ بِشَكلٍ جَازِمٍ أنَّهُ هُوَ الذي اختَارَ لَنَا هَذَا الطَّرِيق، وَبِعِلْمِهِ وَبِرِضَاهُ سُبحَانَهُ حملنا هذه الدعوة المباركة! أَفَلا تَرضَونَ مَا رضيَهُ وَاخْتَارَهُ لَكُمْ رَبُّكُم؟! فَنَحنُ نَمْلِكُ عَقِيدَةً قَويَّةً مَبْنِيَّةً عَلَى الإيمان بِاللهِ، وَاللهُ أَقْوَى مِنْ أعدائنا جَميعاً! وَهُوَ الذي يَعلَمُ حَالَنَا فَنَحْنُ بِهَذَا الإيمانِ أَقوَى مِنهُمْ جَمِيعاً! وَإلاَّ فَمَا هِيَ قِيمَةُ الحَيَاةِ لَولا هَذَا الإيمانِ؟! فَاثبُتُوا عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَةِ وَشَمرُوا عَنْ سَاعِدِ الجِدِّ يَرحَمْكُمُ اللهُ! فَإِنَّ أُمَّتكُم فِي أَمَسِّ الحَاجَةِ إِلَى جُهُودِكُمْ لِتُخَلِّصُوهَا مِمَّا هِيَ فِيهِ مِنَ المِحَنِ وَالبَلَايَا وَالمَصَائِبِ العِظَامِ التِي تَعِيشُهَا بِسَبَبِ تَطبِيقِ النِّظَامِ الرأسمَالِي الكَافِر، وَلَيسَ أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ السُّؤَالِ الَّذِي يُوَجّهُهُ لَكُمْ دَائِماً بَعْضُ أبنَاءِ أُمَّتِكُمْ: مَاذَا فَعَلْتُم يَا شَبَابَ حِزْبِ التَّحرِيرِ؟ وَإِلَى أينَ وَصَلْتُمْ فِي إِقَامَةِ دَولَةِ الخِلَافَةِ الَّتِي تَسْعَونَ لِإقَامَتِهَا؟ فَكُونُوا أيُّهَا الشَّبَابُ عِندَ حُسْنِ ظَنِّ أُمَّتِكُمْ بِكُمْ. وَهَا هُوَ أَحَدُ الأشخَاصِ الَّذِينَ كَانُوا مُؤَيِّدِينَ لِمُنَظَّمَةِ فَتْح يَقُولُ مَا نَصُّهُ: "أَنَا شَخْصِياً أَحتَرِمُ حِزْبَ التَّحرِيرِ، وَأَعتَبِرُهُ الأَقْرَبَ إِلَيَّ بَعْدَ "فَتْح" وَقَدَ يَرَى بَعضُ النَّاسِ أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ، لَكِنْ أَنَا أَتَحَدَّثُ عَنْ "فَتْح" الَّتِي عَرَفْنَاهَا، لَا "فَتْح" الَّتِي رَكِبَ فِيهَا كُلُّ مُتَسَلِّقٍ، وَحَرَفَ مَسَارَهَا... نَعَمْ، أَحْتَرِمُ الحِزْبَ المُنَظَّمَ، وَالمُسْتَمِرَّ عَلَى النَّهْجِ نَفْسِهِ، رَغْمَ التَّغيِيرِ الكَبِيرِ الَّذِي حَصَلَ فِي الوَسَائِلِ وَالأَسَالِيبَ. حِزْبُ التَّحْرِير يَستَطِيعُ حَشْدَ الجَمَاهِيرِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَرْحَلَةٍ، أَتَمنَّى أَنْ يُبعِدُوا بَعْضَ المُسِيئِينَ، وَبَعْضَ الأَشْخَاصِ المُثِيرِينَ لِلجَدَلِ - رَغْمَ أَنَّهمْ قِلَّةٌ فِي حِزْبٍ عَظِيمٍ - لَدَيهِ مَوقِفٌ ثَابِتٌ لَا يَتَغَيَّرُ، وَلَا يُحَاوِلُ إِرْضَاءَ فُلَانٍ وَلَا عَلَّانَ، وَلَا هَذِهِ الدَّولَةَ وَلَا تِلْكَ، لَهُمْ مَشْرُوعٌ أَتَمنَّى أَنْ يَرَى النُّورَ؛ لأَنَّهُ إِذَا حَصَلَ سَيُخْرِجُ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ. الوَاقِعُ أَلِيمٌ وَمَرِيرٌ، وَقَدْ نَرَى فِي السَّنَوَاتِ القَادِمَةِ أَنَّهُمُ النُّورُ فِي نِهَايَةِ النَّفَقِ، لَكُمْ مِنِّي


كُلُّ الاحتِرَامِ، اخْتِلَافِي مَعَكُمْ فِي بَعْضِ التَّفَاصِيلِ لَا يُفْسِدُ لِلْوُدِّ قَضِيَّةً".

أيُّهَا الشَّبابُ: إِنَّ أُمَّتَنَا هِيَ خَيرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ! فَحَرَامٌ أَنْ يَلْحَقَهَا الفَنَاءُ، وَإِجْرَامٌ أَنْ يُدرِكَهَا العَفَاءُ. إِنَّها الأُمَّةُ الَّتِي نَشَرَتِ الهُدَى فِي العَالَم، وَحَقَّقَتِ العَدْلَ بَينَ البَشَرِ، هَذِهِ الأُمَّةُ هِيَ اليَومَ عَلَى وَشَكِ الفَنَاءِ وَالكُفْرُ كُلُّهُ يَحُثُّ، وَيَغُذُّ الخُطَا لِلإِجهَازِ عَلَيهَا الإِجْهَازَ الأَخِيرَ - لَا قَدَّرَ اللهُ - فَهَلْ يَترُكُهَا أبنَاؤُهَا تَفْنَى كَمَا فَنِيَتْ مِنْ قَبْلِهَا الأُمَمُ، وَأنتُمْ بِلَا شَكَّ مِنْ أبنَائِهَا البَرَرَةِ؟! إِنَّ العَمَلَ لِإِنقَاذِ هَذِهِ الأُمَّةِ، لَا يُعَادِلُهُ عَمَلٌ، وَإِنقَاذُهَا يَكُونُ بِوَحْدَتِهَا، وَعَودَتِهَا إِلَى إِسلَامِهَا، وَحَمْلِهَا رِسَالَتَهَا، وَبِغَيرِ ذَلِكَ تَظَلُّ حُدُودُ الإِسلَامِ مُعَطَّلَةً، وَتَظَلُّ قُوَى المسلِمِينَ مُبَعْثَرَةً، وَيَظَلُّ العَدُوُّ مًهَيمِناً وَمُسَيطِراً، بَلْ يَظَلُّ الإِسلَامُ مُعَطَّلاً فِي الحَيَاةِ، وَتَظَلُّ الأُمَّةُ كَقَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، ضَلَّتْ بِهِمُ السُّبُلُ، وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الطُّرُقُ، فَأَوْصَلَتْهُمْ إِلِى لُجَجِ الرِّمَالِ، مَعَهُمْ أَطفَالُهُمْ، وَقَدْ أَعيَاهُمْ طُولُ المسِيرِ، يُفَاجَأونَ عِندَ كُلِّ مُنعَطَفٍ مِنَ الأَرضِ، بِقَطِيعٍ مِنَ الذِّئَابِ تَنْهَشُ مِنْ لَحْمِهِمْ، وَتَلِغُ فِي دِمَائِهِمْ، كَمَا هُوَ حَادِثٌ فِي الشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَلِيبيَا، وَاليَمَنِ، وَالسُّودَانِ، وَمِصْرَ، وَأفغَانِستَانَ، وَالصِّينِ، وَمِنْ قَبلُ فِي البُوسنَةِ وَالهرسِكِ، وَفِي كُوسُوفُو. فَإِلَى العَمَلِ الجَادِّ نَدعُوكُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ لِإنقَاذِ أُمَّتِكُمْ مِنَ الهَلَاكِ وَمِنَ الفَنَاءِ، وَلَعَلَّ اللهَ يُجرِي النَّصْرَ عَلَى أَيدِيكُمْ، وَتَفُوزُوا بِرِضْوَانِ اللهِ وتأييده ونصره فِي الدُّنيَا، ﴿وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾. وَبِالجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا فِي الآخِرَةِ، وَذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ.

أَجَلْ أَيُّها الشباب هَكَذَا يكَونُ مَوقِفُ حَامِلِي الدَّعْوَةِ مِنْ شَبَابِ حِزبِ التَّحرِيرِ، اقتِدَاءً بِرَسُولِ اللهِ ﷺ وصَحَابته الكرام، لَم يَكْتفُوا بِالثَّبَاتِ عَلَى الحَقِّ أثنَاءَ حَمْلِ الدَّعوَةِ، بَلْ يَطمَحُونَ إِلى أَنْ يَكَونُوا ثَابِتِينَ أَيضاً أمَامَ الكُفَّارِ في سَاحَاتِ القِتَالِ، وَفي مَيَادِينِ الجِهَادِ في سَبيلِ اللهِ، وَكَأَنِّي بِلِسَانِ حَالِهِمْ وَحَالِكُمْ يَقُولُ كَمَا قَالَ الشُّعَرَاء:

فَتَشَبَّهُوا إِنْ لَم تَكُونُوا مِثْلَهُمْ... إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالكِرَامِ فَلَاحُ

قِفْ دُونَ رَأيِكَ في الحَيَاةِ مجاهِداً... إنَّ الحَيَاةَ عَقِيدَةٌ وَجهَادُ

مَتَى الإِسْلَامُ فِي الدُّنيَا يَسُودُ... وَيُشرِقُ بَينَنَا الفَجْرُ الجَدِيدُ

مَتَـى يَا رَـبِّ تَرحَمُـنَا فَإِنَّـا... أَضَـرَّ بِـنَا التَّـخَاذُلُ وَاـلقُعُودُ

وَرَايَتُـنَا العُقَـابُ تَعُودُ يَـوماً... مُرَفْرِفَـةً تَخِـرُّ لَـهَا البُـنُودُ

وَفِي الخِتَامِ أَشكُرُكُمْ إِخوَانِي عَلَى حُسْنِ استِمَاعِكُمْ، وَأَستَغفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَالسَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد النادي
#YenidenHilafet
#أقيموا_الخلافة
#ﷺetuﷺnTheKhilafah

Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 29th March 2024 - 08:46 AM