منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> تعطيل الأحكام الشرعية بخداع المصطلحات "حقوق المرأة المهضومة" نموذجاً, الجزء الأول والثاني
أم حنين
المشاركة Jul 5 2020, 09:05 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35




السؤال: هل فعلاً تُعتبر قضية مساواة المرأة بالرجل في الغرب قضية مصيرية، ولمن؟

تشكلت أُسس حركة #حقوق المرأة في القرن التاسع عشر، والحركة النسوية خلال القرن العشرين، حيث كان الغرب يعتبر المرأة كائناً غير جدير بالاحترام وليس له حقوق. لذلك لا عجب أن تعمل #النساء في الغرب لنيل حقوقهن باستجداء الأنظمة الحاكمة العلمانية الرأسمالية العنصرية على مر السنين، ولا زالت المرأة الغربية مضطهدة أشد اضطهاد فلم تحقق الحركات #النسوية منذ قرن مضى الهدف الذي أُنشئت من أجله، لأن حقوق المرأة اختُزلت في مطالبة النساء للدولة مساواتها بالرجل في كل مجالات الحياة، فأصبحت القضية بالنسبة للحركة النسوية استهداف الرجل وليس استهداف المنظومة الرأسمالية الظالمة. ووقعت هذه الحركات في فخ النُظم السياسية وإعلامها الذي يلفت النظر بعيداً عن الأسباب الحقيقية للذل الذي تعيش فيه المرأة الغربية، وهي أسباب مرتبطة بالدرجة الأولى بفشل النظام الرأسمالي الوضعي في رعاية شؤون المرأة والرجل أيضاً، والتغطية على ذلك لخداع المرأة والرجل بحجة أن الدولة مهمتها أن تحافظ على الحريات فتُرك الناس لأهوائهم؛ ففي المبدأ الرأسمالي الدولة أولوياتها فقط المصلحة فإن لم تستفد الدولة من المرأة اقتصادياً فلن تكون قضية مهمة ما لم تجلب للمنظومة الاقتصادية العلمانية الربح المادي، وذلك الوضع نفسه بالنسبة للرجل، وطبيعي أن تعم الفوضى عندما يُترك النظام والأفراد والمجتمع لنظام الكفر بدون تحكيم العقل في وجود الإنسان في الدنيا والخلق والخالق عز وجل؛ فذلك وحده يُرشد الإنسان إلى الطريق المستقيم؛ وإلا فالمشاعر والغرائز تتحكم والمادة والمصلحة تحكم؛ وهذا ما حصل... فأين الحريات وأين الإنسان الغربي اليوم؟ فحرية الاعتقاد تحولت إلى إلحاد وكفر وشذوذ وقسوة واحتقار الإنسان لأخيه الإنسان بحسب لونه أو دينه أو عرقه، وحرية التملك أصبحت منافسات شرسة وملاحقات أنانية ومعاملات ربوية آذت الناس وجعلت المشاحنات بينهم لتحصيل أكبر قدر من المصالح على حساب القيم الإنسانية والأخلاق المستقيمة هو السائد، وأما حرية التعبير فتحولت إلى مجرد تنفيس عن الغضب، وحرية الرأي كذلك، فإن لم تكن مؤثراً في زيادة أموال ورفع اقتصاد الدول الرأسمالية وضمان حياة مرفهة "للرجل الأبيض" فليس لك كلمة نافذة، فمن كان مظلوماً عليه إنشاء حركات ومنظمات ترفع مظلمته ثم تنتظر لسنوات، فالقوانين البشرية لا تستوعب معالجة الأوضاع إلا بعد وقوع المشكلات وليس لمنعها من الأساس. والتناقض أن المجرم هو القاضي والجلاد فالمنظمات النسوية "المستقلة" تُلحَق بمنظمة الأمم المتحدة التابعة للدولة... كما توفر تمويلاً لهذه الشبكات النسوية الأخطبوطية التابعة لها والتي تتحرك فقط في نطاق ما تسمح به المنظومة الرأسمالية في الغرب أو خارجه. ومن التناقض أيضا أنه في الغرب بجانب الحركة النسوية التي تعمل ضد تسليع المرأة ويسمح لها القانون بذلك، تعمل آلة إعلامية ضخمة تروج للتجارة بأعراض النساء الغربيات وتديرها شركات رأسمالية استثمارية ضخمة لرجال الأعمال الأثرياء الموالين للنظام، وتدر هذه الشركات ملايين الدولارات على الاقتصاد في البلاد الغربية، ولا يرى القانون أو الدستور أو النظام ضرراً في ذلك، بل يستفيدون من المرأة مادياً وهذا عند الكافرين قمة "التحضر"!

هكذا نجد أن قضية المرأة الغربية تكتسب بعض الأهمية المصطنعة (كأهمية قضايا "الأقليات" الأخرى في الغرب) لأنها توجه غضب النساء على الرجل في المجتمع بدلاً من توجيهه إلى الوجهة الصحيحة والتي هي منظومة الدولة الرأسمالية الكافرة - المجرم الحقيقي في استغلال المرأة للكسب المادي والمتع الجسدية - فهذه هي النظرة الوحيدة للمرأة في منهج الغرب.

وهنا نتساءل: هل القضية قضية تحرير المرأة من عبودية الرجل أم هي التحرر من العبودية لنظام الكفر؟

إن هذه المنظومة #الرأسمالية تجعل ممن يرفعن شعار التحرر من عبودية المرأة للرجل أو تحرير المرأة و #المساواة بالرجل مجرد أضحوكة، وقد جعلت من قضيتهن فأر تجارب يدور في عجلة في معمل مهجور يتعب من الركض ولا يصل إلى أي مكان أبداً!! والأسوأ أن المرأة الغربية قد صدّقت خدعة النظام الرأسمالي بأنه يوفر لها "حريات" لتفعل ما تريد كيفما تريد، بينما هو الذي يملي عليها أن تخلع ملابسها ليبيع عِرضها للمتفرجين مقابل الأموال للدولة على أنه قمة التحرر وقمة المساواة (جسدها ملكها تتعرى كما تشاء، سواء أكان في مواقع الدعاية والإعلان أم في المواقع الإباحية)، والمستفيد الأول هو الدولة ثم الرجال في المجتمع في كل الأحوال. ولن يتذكر التاريخ لعامة النساء في الغرب إنجازات غير الفجور والانحلال والتعري من جهة والاسترجال ومصارعة الرجال على المناصب والأعمال من جهة أخرى، وإن ظهرت هذه النماذج على أنها "عارضة أزياء جمالها صاروخي" أو "ناشطة حقوقية" تهتم لحقوق المرأة وتحارب من أجل نساء العالم! فالاثنتان هما مجرد أدوات:

فإذا نظرنا إلى حال #المرأة في الغرب نجد حياة النساء الغربيات حياة شاقة قاسية بعكس ما يروج في الإعلام وتضليل الناس لتجميل هذه الحياة القبيحة، فالواقع أن المرأة في الغرب أصبحت مطالبة بأكثر مما تستطيع المرأة تحمُّله، فهي تعمل في كافة مجالات العمل وتؤدي أعمال الرجال على أساس المساواة مع الرجال والاستقلال المادي و"تمكين المرأة" و"تفعيل دورها النهضوي في المجتمعات"، وهو في حقيقته إجبار من الدولة لهن على الإنفاق على معاشهن في بيئة تسمح بالاختلاط المطلق بين الرجال والنساء، ونتيجة للأزمات الاقتصادية الرأسمالية الطاحنة تردت أوضاع النساء الغربيات ليعملن في بيع أجسادهن لشركات الدعاية والإعلان، ونتج عن ذلك تسليع جسد المرأة واستغلالها في الدعاية والإعلان والأزياء والتجميل والدعارة المدفوعة الثمن بموافقة النظام، وكانت النتيجة استرخاص النساء وهوانهن فازدادت الجرائم ضدهن وصرن يتعرضن للتحرش والعنف حتى من أقرب الناس إليهن، بسبب استفزاز الرأسمالية المستمر والضغط على الإنسان أن يعيش حياة الكفر واختلاط الأدوار بالنسبة للرجل والمرأة، واستفزاز المنظومة النسوية للرجل وتشويه المجتمع ونعته بالمجتمع الذكوري والطعن المستمر في معنى الرجولة وتحدي الرجل ومنافسته في حقوقه وملاحقته قانونياً لصالح المرأة التي - كالرجل الغربي - أصبحت تعربد وتدمن المخدرات وتشرب الخمر وتنتحر لأنها غير سعيدة ومحاطة بمجتمع لا يحترمها ودولة لم تقدم لها غير حياة رخيصة؛ حياة العهر والإلحاد والأمراض الخطيرة؛ حياة لا تفهم المرأة فيها أنوثتها إلا في نطاق نظرة الأفراد والمجتمع والدولة الجنسية إليها! وكانت الضربة القاضية للمرأة في الغرب أن سلبتها هذه الدعوات العلمانية التي تدعو لمساواتها بالرجل، سلبتها أغلى ما تملكه المرأة وهو الأمومة، ففي الإعلام الغربي الأم في الغرب لا وزن لها لأنها لا تعود على الدولة بالربح المادي فعليها تحمل المسؤولية لوحدها، بالتالي الأمهات غير راضيات عن دورهن في إنشاء أسرة والقيام بأعباء أطفالهن المادية التي أثقلت كواهلهن، فالدولة لن تنفق على المرأة غير العاملة، وليس للدولة نظام يردع الزوج ويلزمه بنفقة الأم والأولاد في حالة الطلاق، ولن ترجع إلى بيت أبيها الذي تركته في عمر الثامنة عشر أو طُردت منه. تُترك المرأة للظروف وللأزمات الاقتصادية. وغالبية النساء الغربيات لا يفكرن في تكوين أسرة وفي الإنجاب خوفاً على جمالهن، لكن لا يمانعن إقامة علاقات متعددة، ووفقاً لمفاهيم "الجندرة والنوع الاجتماعي"، هذه العلاقات مع النساء أو مع الرجال، فالمرأة مستباحة من عمر صغير، فالدولة تبيح الزنا في سن الثانية عشرة، لا يضيرها أن يكون ابنها لقيطاً لا يعلم نسبه أو أن يتربى بدون أب أو أن تكون الأسرة من امرأة وأخرى أو من رجل ورجل لتربية أطفال معقدين مشوشين في أسرة غير طبيعية.

فالأغلبية من النساء في الغرب يعانين من عدم وجود دور حقيقي للرجل في حياتهن، إلا في الأفلام الأمريكية التافهة، ومن كل الأعمار وفي كل أطوار حياتهن؛ خُلق الرجل الغربي ليكون السوبرمان في أذهان الشقراوات وجيمس بوند، ولكنه على أرض الواقع الخائن والمغتصب وآلة القتل الذي لا تستطيع المرأة الاعتماد عليه. فحقوق المرأة الطبيعية مهدورة فلا حق لها في قوامة الرجل عليها ولا شيء يُلزم الرجل بالمسؤولية تجاهها وتجاه أطفالها، ولا حق لها في رعاية ولا ولاية أمر، ليس لديها مُحرم مجبور عليها لا والد ولا زوج ولا ابن ولا عم ولا خال، وليس هناك مفهوم صحيح ومحدد عن مؤسسة الزواج والأسرة، فالمرأة والرجل في الغرب يتساوون في الإنفاق، وفي تحقيق أكبر قدر من المتع الجسدية، بالتالي لا يوجد رب للأسرة، كل ذلك جعل المرأة مستباحة يضربها صديقها أو زوجها السكير الأحمق الذي يعيش لرغباته، وإن خرجت للشارع فهي معرضة أن يغتصبها مجرم هنا أو هناك، إنجازاتها صفر إن لم تكن إنجازات اقتصادية ومادية، غالبا تموت وحيدة بعد أن يتركها أولادها... هذه هي حياة المرأة الغربية التي تُوصف إعلامياً بأنها حياة التقدم والحرية والمرأة القوية في بلاد الديمقراطية!

وفي الحقيقة إن المرأة الغربية مهما بلغت من مناصب في الدولة ومهما بلغت ثروتها ستظل حقوقها في عيون الدولة والرجل هي حقها في الزنى والعربدة والشذوذ الجنسي والإجهاض أو أن يكون ابنها لقيطاً، وأن تفعل ما يحلو لها، وبالنتيجة لا تتحمل مسؤولياتها (فهي حرة)، ولا تقوم بدورها في تربية أجيال يقودون البشرية إلى نور الهداية، بل الأجيال الغربية الناشئة أسوأ من ذويهم في شدة الكفر وسطحية التفكير والضلال.

إن المرأة الغربية تائهة تلهث لتشبع رغباتها بدون ضابط ولا قائد ولا سند ليحفظ إنسانيتها وكرامتها في المجتمع وفي الدولة وفي عيون الرجل. هذا واقع المرأة الغربية الذي يرى الغرب أنه يحتاج إلى سن قوانين وضعية لتحقيق مساواتها مع الرجل الذي يعيش حياة الكفر القذرة نفسها! فالعلمانية وفصل الدين عن الحياة لن ينتج عنها إلا مثل هذه التخبطات، فالكفر هو عدو المرأة الأساسي والمبدأ الرأسمالي الكافر هو الشيطان الذي ينطق باسمه. فهل هي مثال يُحتذى به لبقية النساء؟! قطعاً لا!

الحقيقة أن حال المرأة اليوم - في الغرب أو حول العالم - حال مزرية في زمن يدعي زعماء السياسة أنه زمن العصرنة والحداثة والتقدم العلمي في هذا النظام العالمي الجديد (الذي طبعاً يظن أنه كفل للمرأة الغربية حقوقها ويظن أنه قادم ليضمن للمرأة المسلمة حقوقها أيضاً)، النظام العالمي الجديد الذي تديره دول الغرب الكافر بقيادة أمريكا الاستعمارية التي أُنشئت على جماجم "العبيد"، والتي تستعبد أبناءها باسم الديمقراطية وتقتلهم بالعنصرية، وتليها أوروبا الاستعمارية التي كانت أكبر سوق للمتاجرة بالرقيق في تاريخ البشرية واليوم هي أكبر سوق للتجارة بأعضاء البشر وأعراض النساء

والأطفال في الدعارة... بنظرة إلى العالم اليوم نجد أن هذه الأدوار لم تتغير ولم يتغير فِكر وحال النظام الرأسمالي العلماني منذ تأسيسه فهو مبدأ يحتقر الإنسانية بكل معنى الكلمة، به قُهر البشر وظُلم الناس في الغرب وحول العالم، ولم تكن لتظهر دولته الأولى أمريكا على العالم اليوم - ومنظمة الأمم المتحدة التابعة لها - لولا أن هُدمت دولة المسلمين القوية المنيعة في 1924م؛ دولة الخلافة، التي كانت تحلُم نساء أوروبا بالعيش في كنف سلطانها معززات مكرمات ومبدأ الإسلام العادل ومنهج الخالق عز وجل مطبق على المسلم وعلى الكافر، والجميع مُلزم باحترام المرأة مسلمة أو غير مسلمة، أولاً بأمر السلطان وبقوة القانون الرباني، ثم ثانياً بالتقوى والخوف من الله وروسوله عليه الصلاة والسلام.

واليوم لا زالت نساء أوروبا يحلمن بالزواج من الرجل المسلم، بل يعتنقن الإسلام بأعداد كبيرة، لأنهن يعلمن أنه سيكون قواماً على المرأة وأنه سيرعاها وسيكون لها السند الذي تثق به والقائد والمنفق ورب الأسرة الذي سيتكفل بها وبأطفالها والذي سيحافظ عليها لأنها عِرضه، بل كان ذلك رأي الجمعيات النسوية الأولى عن حال المرأة المسلمة في دولة الخلافة في تركيا بشهادة الغربيات أنفسهن، ونقتبس من مقالة "المرأة في الدولة العثمانية إبان ظهور النسوية الغربية":

"في الشوارع ترى نساء بقدر ما ترى رجالا، إن لم يكن أكثر (ذاهبات لقضاء احتياجاتهن اليومية إلخ) (...) أعتقد أني لم أرَ بلداً تتمتع فيه النساء بمثل هذه الحرية بغير لوم من المجتمع كتركيا (...) الأتراك مثال للأمم في تعاملهم مع بنات جنسنا (...) وأكررها، سيدي، أعتقد أني لم أرَ امرأة تتمتع بمثل هذه الحرية بغير لوم من المجتمع كالمرأة التركية - وأعتقد أن باستطاعتهن أن يكن أسعد المخلوقات بأسلوبهن في المعيشة". (السيدة إليزابث كرافن، رحلة عبر القرم إلى القسطنطينة، 1789م). السيدة إليزابث كرافن، الأديبة والكاتبة المسرحية من القرن الثامن عشر، دونت هذه الملاحظات عن المرأة في الخلافة العثمانية (وهي دولة إسلامية) في سنة 1789م، قبل ظهور الحركة النسوية في أوروبا وقبل ثلاثة أعوام من نشر كتاب "إثبات حقوق المرأة" لماري ولستونكرافت (سنة 1792م)، الكتاب ذي الثلاثمائة صفحة الذي سيصير حجر الأساس والنذير للحركة النسوية الحديثة) (منقول). والفضاء الإنترنتي مليء بالشهادات المختلفة عن أحوال المرأة في ظل الإسلام... والواضح أن الدول قد عملت في المئة عام الماضية على تردي أوضاع المرأة بعد أن غابت دولة الخلافة وغاب تطبيق الأحكام الشرعية في نظام الحكم عن حياة المرأة والرجل.

ولنا عودة بإذن الله تعالى.

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة محمد حمدي – ولاية السودان

--------------
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Jul 5 2020, 09:07 PM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35







===========
..."أما نظرة #المسلمين الذين يعتنقون الإسلام مؤمنين بعقيدته وأحكامه، وبعبارة أخرى نظرة الإسلام إلى الصلات بين الرجل والمرأة، فإنها نظرة لبقاء النوع لا نظرة للناحية الجنسية، وتعتبر الناحية الجنسية أمراً حتمياً في الإشباع، ولكن ليست هي التي توجه الإشباع. ومن أجل ذلك يعتبر الإسلام وجود الأفكار الجنسية بين الجماعة أمراً يؤدي إلى الضرر، ويعتبر وجود الواقع المادي الذي يثير النوع أمراً يؤدي إلى الفساد. ولذلك جاء ينهى عن الخلوة بين الرجل والمرأة، وجاء ينهى عن التبرج والزينة للأجانب، وينهى كلاً من الرجل والمرأة عن النظر للآخر نظرة جنسية، وجاء يحدد التعاون بين الرجل والمرأة في الحياة العامة، وجاء يحصر الصلة الجنسية بين الرجل والمرأة في حالتين اثنتين ليس غير، هما: الزواج، وملك اليمين. فالإسلام يعمل على الحيلولة بين غريزة النوع وبين ما يثيرها في الحياة العامة، وعلى حصر صلة الجنس في أمور معينة." (كتاب النظام الاجتماعي في الإسلام لحزب التحرير).

تطرقنا في الجزء الأول من هذا البحث إلى حياة المرأة الغربية المزرية في ظل المبدأ الرأسمالي العلماني، وشرحنا واقع هذه الحياة الغربية التي تضطهد المرأة في العصر الحديث كما اضطهدتها قديماً، بالرغم عن أن الحركات النسوية القديمة والجديدة قد رفعت شعارات تحرير المرأة وتمكينها واستقلاليتها من خلال المطالبة بسن قوانين وضعية تضمن مساواتها المزعومة بالرجل، فكان ذلك هو الحل المطروح لرفع الظلم في "مجتمع ذكوري" في حدود نظرتهم القاصرة والحاقدة على الرجل مما سبب الأذية البالغة وأضر بعلاقة الرجل بالمرأة في الغرب وهدم الأسرة وتصدع النظام الاجتماعي في أوروبا وأمريكا إثر تعزيز الدولة والمجتمع للنظرة الجنسية في الصلات بين الرجل والمرأة مما أدى إلى هضم حقوقها وجعل دورها في المجتمع أن تكون سلعة تجارية رخيصة، سلعة مرغوبة إن صمتت وسعت للمتعة وقبلت بالاستغلال، ومكروهة إن طالبت بما يوافق فطرتها لتقوم بدورها الطبيعي في المجتمعات البشرية بأن تصبح أماً محترمة ضمن أسرة مستقرة يقوم فيها الرجل بدور الأب، وذلك من أبسط حقوقها وأوضح واجباتها كأنثى، أو أن تعمل وتبدع في مجتمع يقيس إنجازاتها بجمالها وليس عقلها. ولن نحتار إن أردنا البحث عن الإحصائيات الصادمة عن الجرائم القبيحة التي تُرتكب ضد المرأة في الغرب، والتي تفضح #المبدأ_الرأسمالي على يد أبنائه في بلاد "الديمقراطية" و"الحريات" المزعومة، فالإحصائيات تقوم بها مراكز الغرب النسوية التي تخصصت في سرد الأرقام المخيفة وتنشرها على أمل إيجاد حل على يد المنظمات النسوية (التي تمولها الحكومة الغربية ذاتها؛ "حاميها حراميها"!)، ونذكر بعضها وما خفي كان أعظم، منها:

انهيار الأسرة، والطلاق، والحمل سفاحاً، والإجهاض، والانتحار، والإدمان، والشذوذ، والأمراض الجنسية، وأشكال العنف والتعنيف والضرب، وإدمان الخمر والمخدرات، والإرهاب، والعنصرية، والاغتصاب نتيجة تكثيف الترويج لثقافة العهر والتعري في الدعايات والإعلان، والزنا وزنا المحارم، والتعرض للإذلال، والتحرش، والابتزاز بسبب العمل المختلط مع الرجال بدون ضوابط ولا قيود، والعمل في الدعارة، والعيش وحيدات مع أطفالهن بدون نفقة، فلا راعي ولا ولي ولا محرم مسؤول عنها ولا حاكم، عقوق وهجر ومعاناة نفسية وفقر وضلال وضياع الأنساب واختلاطها... وهذا غيض من فيض والتفاصيل بالنِّسب في الروابط التالية، علماً أن بعض الإحصائيات من سنوات سابقة وهي حاليا في ازدياد مستمر.

حقائق وإحصائيات تفضح واقع المرأة الغربية

أرقام فظيعة عن حياة المرأة الغربية

... وحدث ولا حرج!!

فاليوم الغربيون #علمانيون يفصلون الدين عن الحياة والسياسة ويفصلون الله تعالى عن عيشهم جبراً وفرضاً عليهم بواسطة النظام الحاكم الرأسمالي العلماني، ويتساوى في ذلك أصحاب العقائد المختلفة، ويتساوى عندهم كل الناس في العيش على أساس الكفر (النظام العالمي الجديد). فذلك المبدأ يستند في وجهة نظره في الحياة على فصل حقيقة وجود خالق للإنسان والحياة والكون وخالق المخلوقات جميعا، الله سبحانه تعالى، فيتجاهل هذه الحقيقة ثم يتجاهل أن الله تعالى قد أرسل الرسل والأنبياء عليهم السلام، وبطبيعة الحال يتجاهل أن سيدنا محمد ﷺ هو خاتم الأنبياء، كما ينفي هذا المبدأ تماماً أن السبب الأساسي للخلق هو عبادة الله تعالى وأنه سبحانه وتعالى وحده له الحق المطلق في التشريع وسن القوانين الربانية لتنظيم ومعالجة حياة البشر، فينكر أن القرآن والسنة هما مصدر ذلك التشريع، وهذا معنى فصل الدين عن الحياة؛ هو فصل التشريع الرباني عن رعاية شؤون الناس وأمورهم الحياتية واستبدال آراء وأهواء الناس به، ويَزعم أن ذلك - وهو قمة الضلال والتضليل - حرية وتقدُم وحداثة وعولمة ونظام عالمي فرضوه بالقوة على البشرية بسبب ضعف المسلمين وغياب دولتهم الإسلامية، فالمبدأ الرأسمالي يسيطر على العالم اليوم ولكن لن يستمر ذلك للأبد، فللإسلام دولة وهي دولة منيعة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي ستعود قريباً بإذن الله تعالى.

وهنا يتساءل القارئ إن كان هذا حال الغرب الكافر المستعمر الذي لا يختلف عليه اثنان! فلماذا تسير بلاد المسلمين على نفس هذا الطريق المظلم بحجة أن الغرب "متقدم تكنولوجياً" و"متحضر أخلاقياَ" وهو أبعد ما يكون عن ذلك؟ وإن كان هذا حال المرأة الغربية فلماذا تضغط #الحكومات والمنظمات المدنية والحقوقية على الشعوب في بلاد المسلمين بأن تسن قوانين علمانية تفتح أبواب الانحلال لإفساد المرأة المسلمة وانهيار الأسرة وضرب علاقة الرجل بالمرأة؟

فعلاقة المرأة بالرجل في بلاد المسلمين علاقة محددة بالشرع ومستقرة ولم يسجل التاريخ منذ بزوغ فجر الإسلام وتحكيم شرعه في الدولة الإسلامية؛ دولة الخلافة الإسلامية - والتي حكمت بالدستور والقوانين الإسلامية لأكثر من سبعة قرون - في عصر تطبيق الأحكام الشرعية ونظام الإسلام الرباني سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لم تسجل أي إحصائيات فظيعة لجرائم مخيفة ضد المرأة كما رأينا في عصر الحكم الرأسمالي الغربي الوضعي! بل بالعكس، لقد نهضت البشرية بالإسلام وازدهرت المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية، في مختلف ولايات الخلافة داخلياً وخارجياً - فعندما حكم الإسلام العالم بدولة المسلمين التي وحدتهم ووحدت النظام الحاكم تحت راية الإسلام وتحت إمرة خليفة المسلمين الواحد وجيشه العرمرم الذي لا يهزم والذي تحرك لحماية المرأة المسلمة أينما كانت، وقد تقدمت هذه المجتمعات وازدهرت بشهادة التاريخ بمشاركة المرأة المسلمة في جميع المجالات؛ الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية، وفي المجال الطبي والحياة العملية، وذلك لأن المرأة والرجل بمختلف عقائدهم كانوا يعيشون في كنف الحياة الإسلامية السعيدة التي أساسها الحكم بما أنزل الله، ووفقاً لأحكام الإسلام في الدولة تحقق للبشر رعاية الشؤون الحياتية بشكل غير مسبوق! حتى غير المسلمة في الغرب كانت تتوق لتعيش حياة #المرأة_المسلمة المحترمة وكانت تلبس ثوب العفاف والحشمة، فتاريخ البشرية يزخر بأسماء المسلمات اللواتي غيرن مجرى تاريخ البشرية مُربيات القادة الأفذاذ والحكام والخلفاء بدءاً من أمهات المؤمنين مروراً بزوجات الحكام وأمهات المسلمين، منهن الفقيهات والطبيبات والمُعلمات ومن عملوا بل وأسسوا الجامعات والجمعيات والمشافي، ولا يحتار القارئ إن بحث عن إنجازات المرأة المسلمة قديماً وحديثاً والتي ساهمت بشكل فعال في نهضة العالم نهضة حقيقية ولم تَحْتَجْ لبيع جسدها لذلك! فلم يَجُع الناس ولم يَسُدِ العالمَ الفجارُ الظالمون المجرمون الكفار وأذنابهم ومن أحبوا أن تنتشر الفواحش والشذوذ والانحراف! فالاستعمار الغربي قد جلب معه الخراب لبلاد المسلمين منذ أن سقطت دولة الخلافة في 1924م.

ونعود للإجابة على التساؤلات أعلاها بأن الأنظمة الحاكمة الحالية في بلاد المسلمين مجرد نواطير لهذا الغرب الكافر المستعمر، وهم جزء من الحرب الشرسة التي يشنها هؤلاء المجرمون على الإسلام والمسلمين ولا يهمهم الرجل المسلم، ويستهدفون المرأة المسلمة ليضربوا بها الإسلام لتعطيل أحكامه وإحلال قوانينهم ومواثيقهم بدلاً عنه بنشر ثقافتهم وفرض حياة الغرب القذرة على المسلمين بالقوة العسكرية في عقر دارهم بحجة "الحريات" و"الحرب على التطرف والإرهاب" و"حقوق المرأة المهضومة"؛ فالإسلام "رجعي" والزمن تغير والمتخلفة من لا تواكب التغيير فتتعرى وتسترجل وتتخلى عن أهلها وزوجها وأمومتها وعن أسرتها وتتمرد على أحكام الإسلام لأنه "يضطهد المرأة" وأن المجتمع المسلم "مجتمع ذكوري"!! والحقيقة أن ثروات المسلمين تُنهب وسياسة الغرب هي إفقارهم وانتهاك أعراضهم وتنغيص حياتهم بإبعادهم عن دينهم، ويعملون باجتهاد لفك ارتباطهم وضرب علاقتهم مع الله تعالى خالق الإنسان والحياة والكون عز وجل وإقصاء أحكامه الشرعية بتشويه القرآن الكريم وإقصاء سنة رسول الله ﷺ، ليعجزوا عن تسيير أمور دنياهم وفق الأحكام الشرعية السمحة لتتوافق عقيدتهم وحياتهم في الدنيا وتكون حياة إسلامية فيفوزوا برضا الله تعالى والجنة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في الآخرة، وهدفهم من ذلك أن ينتشر بين أبناء وبنات المسلمين الكفر فيكفروا كما كفروا ويشركوا ويلحدوا وينتحروا وتتفسخ مجتمعاتهم وتتفسخ أسرهم وتموت أجيالهم بهدم أساس #الحصن_الحصين للمجتمعات البشرية؛ المرأة! قال تعالى في سورة النساء: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً﴾.

فالإجرام والضرب والإهانة والتهميش والضياع نتيجة حتمية للعيش على مبدأ الكفر الذي يبيع الأوهام ويستغل الإنسان في مصالح مادية تحققها الطغمة الحاكمة وطغمة رجال الأعمال، وبكل بجاحة يهين الغربيون الرأسماليون دعاة الحريات والفواحش المرأة الغربية ويعملون لتخلع المرأة المسلمة ثوب الإسلام لتلبس ثوب استعباد المرأة بالرأسمالية الحاسدة الحاقدة، قال تعالى في سورة البقرة: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

وقد تتغير بعض أفكار ومفاهيم المرأة المسلمة لتتبع منهج الشيطان الغربي لكن سرعان ما تعود المرأة المسلمة إلى المطالبة بالإسلام، ويكفي أن تقرأ قصص "السيداويات التائبات" عن انخراطهن في الجمعيات النسوية المشبوهة التي انتشرت على يد الأنظمة الجبرية التي تطبق الدساتير والقوانين والمعاهدات والمواثيق الغربية "الدولية" و"العالمية" على المسلمين مقابل الحفاظ على كراسي الحكم وخدمة لأسيادهم، كاتفاقية "سيداو" (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) التي لا تتحدث عن مشاكل المرأة الحياتية الحقيقية كمنع ورفض السياسات الرأسمالية التي تسببت في المجاعات المفتعلة والحروب المصطنعة في بلاد المسلمين ليستحوذ الغرب ويحتكر الثروات النفطية والمعادن النفيسة والأراضي لصالح الاستعمار والعملاء واستثماراتهم الرأسمالية وسباق التسليح والمتاجرة بالمرأة والطفل من قِبل القوات الأممية والاغتصاب والدعارة والتشرد والطلاق والهجر والاغتراب والقيام بدور الرجل للعمل وكسب الرزق وتربية أيتامها ولجوئها للتسول لتحصيل لقمة العيش وصعوبة الحياة والحرب على المياه التي تسببت بعطش المرأة والرجل والغلاء الفاحش للسلع الأساسية! لا يناقشون هذه المصائب التي تسبب فيها الحكم بالمبدأ الرأسمالي الذي وضعه أقذر البشر وحثالة المجتمعات البشرية - الغرب الكافر المستعمر - بل يختزلون جرائمهم ضد المرأة فيما يزعمون أنها المشكلة؛ "مساواة المرأة بالرجل" لتتحول إلى شماعة للحرب على الإسلام وعلى المرأة!

هكذا يتلاعب الكفار وأذنابهم بعقول المسلمين والمسلمات بشتى الأساليب، إعلامياً وثقافياً وقانونياً، وينشرون الرذيلة والكفر في مناهج التعليم ويتحكمون بأدق تفاصيل شؤون الناس الخاصة كأفراد ومجتمع ليبقى أعداء الإسلام هم السادة وهم أصحاب اليد العليا للسيطرة على العالم لتدميره وللانحدار بالبشرية إلى أسفل سافلين! كل ذلك لتعطيل الإسلام وتعطيل تطبيق شرع الله تعالى وإبعاد المنهج الرباني عن الوجود وبالتالي تعطيل عيش الإنسان حياة إسلامية راقية ومرفهة ومطمئنة وسعيدة وآمنة بتطبيق الأحكام الشرعية في الدولة والحكم، وهذا الخير ينتشر ليعم جميع البشر كما كان من قبل.

ويعلم الناس حول العالم - مسلمون وغير مسلمين - أن الإسلام قد كرم المرأة بسترها وبجعل الرجل - إن كان والدها أو زوجها أو جارها أو من أقربائها - جعله قواماً عليها، بل وفرض على الخليفة حاكم المسلمين ورأس الدولة أن يقوم برعاية شؤونها وأن يحميها وأن يحرك جيشه من أجلها، فالإسلام قد جعل المرأة عِرضاً يجب أن يُصان؛ هذا المفهوم - مفهوم احترام المرأة وتقديرها وتكريمها وتسهيل حياتها لأداء دورها الأساسي في تربية الأجيال وفقاً للشرع وضمان استمرارية رعايتها من قِبل الرجل والمجتمع والدولة كما فرض الله تعالى عليه ذلك وأوصى به سيدنا رسول الله ﷺ يعمل على تقوية صلتها مع خالقها عز وجل - هذه المفاهيم: العفة والكرامة والرعاية والاحترام والمودة والسكن هي مفاهيم معدومة عند الكفار!

وعلى ذلك يكون قانون الكفر في بنود "سيداو":

المادة (1) تنص على التماثل والتطابق التام بين الرجل والمرأة وإلغاء الفروق بينهما.

المادة (5) وتنص على تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة (الجندرة).

المادة (16) مطالبة الدول أن تتخذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجهٍ خاصٍ أن تضمن على أساس المساواة بين الرجل والمرأة في عقد الزواج ونفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، ونفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال.

وذلك في مخالفة صريحة لأحكام شرعية في الإسلام والهدف "تحرير" المرأة المسلمة من "قيود" الإسلام واستغلالها جنسياً واقتصادياً كالمرأة الغربية، وتسهيل الانحلال في المجتمعات المسلمة وضمان تفكيك الأسرة المسلمة، فالمادة تعني:

أ) إبطال منع المسلمة من الزواج بغير المسلم.

ب) إلغاء تعدد الزوجات، من باب التساوي بين الرجل والمرأة.

ج) إلغاء العدة الشرعية للمرأة في حالتي الطلاق ووفاة الزوج لتتساوى بالرجل الذي لا يعتد بعد طلاق أو وفاة زوجته.

د) إلغاء مبدأ الولاية على المرأة لتتساوى مع الرجل، وهذا مخالفٌ لما قررته السنة النبوية من إثبات الولاية على المرأة التي لم يسبق لها الزواج.

هـ) إلغاء مبدأ قوامة الرجل على المرأة.

إذاً على المرأة المسلمة الخروج من بيتها للعمل وأيضا تحمّل أعباء الأسرة والتنافس في المجتمع مع الرجال والتعب والكد تماماً كالزوج الذي أصبح غير مُلزم برعايتها وهي غير ملزمة بطاعته ليصبح مجرد "طرطور في البيت!" ليتخلى تدريجياً عن مسؤولياته الشرعية كرب للأسرة وهي تترك تربية أطفالها وأمومتها وتصبح متمردة تخرج وقت تشاء وتصاحب من تشاء. ومنهن من تقرر قضاء حياتها بدون زواج لأنها لا تريد التقيد برجل... كل ذلك لتحقيق استقلاليتها عن الرجل ومساواتها به لتزعم أنها حرة وأنها نالت حقوقها! مما جعل حياة المرأة وحياة أسرتها عذاباً ويجعلها حياة غير طبيعية، فارتفعت معدلات الطلاق والعنوسة وارتفعت معدلات العنف ضد المرأة متمثلاً في تحميلها ما لا طاقة لها به بينما أهملت واجباتها الأساسية.

فالله سبحانه وتعالى خلق زوجين؛ الذكر والأنثى، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى﴾ [سورة النجم: 46]، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾ [سورة آل عمران: 35-36]، وقال تعالى: ﴿ولا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ [سورة الأحزاب: 35]. فللمرأة دور وللرجل دور مختلف حددهما الله تعالى خالق المرأة وخالق الرجل. ويضمن النظام للمرأة القيام بدورها على أكمل وجه في بيئة مناسبة لا يزعجها فيها أحد، فأجاز الشرع للمرأة الخروج للعمل بضوابط شرعية وهيأ لها الأوضاع بأن تعمل بين النساء وفصل عنها الرجال لتجتمع بهم فقط وفقاً لهذه الضوابط، ووفر الإسلام للمرأة الأمن والأمان ووقاها شر الجرائم التي تصبح أمراً صعباً وليس مُستَسهَلاً كما هو الآن، كما سترها الإسلام بانفصال الجنسين ومنع الاختلاط والخلوة، ستر عورات الرجل وعورات المرأة بدلاً من عرضها على الملأ العام كما في بلاد الغرب! كما للمرأة الحق شرعاً في عدم الخروج للعمل وعلى الرجل كامل نفقتها وعلى الدولة توفير كافة احتياجات الرجل والمرأة الأساسية.

وإذا،ً ووفقاً لقوانين رب العالمين تجد أن الدولة الإسلامية ستضع القوانين وفقاً لهذه الأحكام الشرعية:

"المادة 1 - العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يُسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية."

"المادة 112: الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت، وهي عرض يجب أن يصان."

"المادة 113: الأصل أن ينفصل الرجال عن النساء ولا يجتمعون إلا لحـاجـة يـقـرهـا الشـرع، ويـقـر الاجـتـمـاع من أجلها كالحج والبيع."

"المادة 119 - يمنع كل من الرجل والمرأة من مباشرة أي عمل فيه خطر على الأخلاق، أو فساد في المجتمع."

"المادة 114: تُعْطى المرأة ما يُعْطى الرجل من الحقوق، ويُفْرَضُ عليها ما يُفْرَضُ عليه من الواجبات إلا ما خصها الإسلام به، أو خص الرجل به بالأدلة الشرعية، فلها الحق في أن تزاول التجارة والزراعة والصناعة وأن تتولى العقود

والمعاملات. وأن تملك كل أنواع الملك. وأن تنمي أموالها بنفسها وبغيرها، وأن تباشر جميع شؤون الحياة بنفسها."

"المادة 117: المرأة تعيش في حياة عامة وفي حياة خاصة. ففي الحياة العامة يجوز أن تعيش مع النساء والرجال المحارم والرجال الأجانب على أن لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها، غير متبرجة ولا متبذّلة. وأما في #الحياة الخاصة فلا يجوز أن تعيش إلا مع النساء أو مع محارمها ولا يجوز أن تعيش مع الرجال الأجانب. وفي كلتا الحياتين تتقيد بجميع أحكام الشرع."

"المادة 120: الحياة الزوجية حياة اطمئنان، وعشرة الزوجين عشرة صحبة. وقوامة الزوج على الزوجة قوامة رعاية لا قوامة حكم وقد فرضت عليها الطاعة، وفرض عليه نفقتها حسب المعروف لمثلها."

"المادة 121: يتعاون الزوجان في القيام بأعمال البيت تعاوناً تاماً، وعلى الزوج أن يقوم بجميع الأعمال التي يقام بها خارج البيت، وعلى الزوجة أن تقوم بجميع الأعمال التي يقام بها داخل البيت حسب استطاعتها. وعليه أن يحضر لها خداماً بالقدر الذي يكفي لقضاء الحاجات التي لا تستطيع القيام بها."

"المادة 122: كفالة الصغار واجب على المرأة وحق لها سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة ما دام الصغير محتاجاً إلى هذه الكفالة. فإن استغنى عنها ينظر، فإن كانت الحاضنة والولي مسلمين خُـيِّرَ الصغير في الإقامة مع من يريد فمن يختاره له أن ينضم إليه سواء أكان الرجل أم المرأة، ولا فرق في الصغير بين أن يكون ذكراً أو أنثى. أما إن كان أحدهما غير مسلم فلا يخير بينهما بل يُضم إلى المسلم منهما."

"المادة 125 - يجب أن يُضْمَنَ إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد فرداً فرداً إشباعاً كلياً وأن يُضْمَنَ تمكين كل فرد منهم من إشباع الحاجات الكمالية على أرفع مستوى مستطاع."

(هذه بعض مواد الدستور الذي أعده حزب التحرير من أصل 191 مادة بشرحها وبأدلتها التفصيلية، وكلها منبثقة من العقيدة الإسلامية ولا يوجد فيها أي شيء غير إسلامي، وهي جاهزة للتطبيق الفوري).

وهكذا نكون قد بينا أن الدعوات لتحرير المرأة ما هي إلا حرب شرسة على الإسلام والمسلمين عامة وبخاصة على الأسرة المسلمة، وما الهدف من ذلك إلا تعطيل عمل الأمة الإسلامية التي تتلمس طريقها لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي ستطيح بأصنام الرأسمالية القذرة وستطبق الإسلام كاملاً من جديد ليتحقق عملياً حفظ #حقوق_المرأة والرجل بجملة من التّشريعات والقوانين والحدود الشرعية والتي يتحقق بها بقاء الإنسانية على الفطرة السليمة وتصحيح مسار العالم، فالناظر لتاريخ العالم يجد أن الناس قد عاشوا مرفهين ينعمون بالكرامة والعدل في ظل الإسلام ولم يكن بين المرأة والرجل إلا الخير والازدهار.

قال الله تعالى في سورة الروم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة محمد حمدي – ولاية #السودان
----------




السوبروومان (قبل أن تتأله المسلمة)




إحصائيات صادمة ومعلومات تنشر لأول مرة حول قصة تحرير المرأة الغربية!

Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Jul 5 2020, 09:12 PM
مشاركة #3


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



كيف أصبحت النسوية المعاصرة ذراعاً خفياً للنظام الرأسمالي الذكوري؟


عام 2006؛ بدأت الناشطة الاجتماعية والنسوية، تارانا بيرك، في استخدام عبارة "Me Too"، أو "أنا أيضاً"، على شبكة التواصل الاجتماعي "ماي سبيس"، تحكي فيها وقائع تحرش واعتداء جنسي حدثت معها.
وعام 2017 عادت العبارة لتطفو مرة أخرى، وتجتاح مواقع التواصل، ليشارك المشاهير حول العالم، وبشكل خاص نجمات هوليوود.

اقرأ أيضاً: "النسوية".. المرأة الغربية ماتزال تعاني التمييز
تتبنى العديد من المؤسسات النسوية العربية قضية الجنسانية بشكل عام كمحور لمعاناة النساء، لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه؛ هل يمكن أن نختزل معاناة المرأة العربية في التجنيس فقط؟

اتجاهات النسوية

يمكن تقسيم الاتجاهات النسوية إلى حركتين؛ النسوية الليبرالية التي تسعى بدورها للتصالح مع الرأسمالية، واكتساب أكبر حقوق ممكنة للنساء في ظلّ النظام الرأسمالي، والنسوية الماركسية التي تظهر كتيار مضاد لهذا التيار؛ حيث يتبنون قضية المرأة من منظور الصراع الطبقي، ويعملون على تفكيك طبيعة علاقات الإنتاج، المتسببة في امتهان المرأة، هنا يكمن الصراع بين الاتجاهين.


وتُجمل الأستاذة الفخرية بعلم الاجتماع والدراسات النسائية بجامعة نيويورك، جوديث لوربر، في كتابها "البناء الاجتماعي للنوع الجندري"، الحركات النسائية بثلاثة اتجاهات: أولها؛ "نسويات الإصلاح الجنساني"، وتتأصل فلسفتها في السياسة الليبرالية، وتركز في طرحها على الحقوق الفردية، وهناك خطاب النسوية المقاومة للجنس وتتقاطع في خطابها مع الجنسانية، أما الأخريات؛ فهنّ نسويات ثورة النوع الاجتماعي، وترتكز في طرحها على سلوكيات معينة، وديناميكيات المجموعات النسائية، والتي يتم من خلالها إبقاء النساء في وضع التابعات، حتى في الثقافة الفرعية التي تدّعي أنّها تدعم المساواة بين الجنسين، ويسعى الخطاب إلى تعطيل النظام الاجتماعي، من خلال تفكيك مفاهيمه وفئاته، وتحليل التكاثر الثقافي لعدم المساواة.

في واقع الأمر؛ إنّ التيار النسوي مصطلح يحدّد الأيديولوجيات والحركات النسائية التي لا تندرج في معسكر النسويات الراديكاليات، وبشكلها التقليدي، ركزت النسوية السائدة على الإصلاح السياسي والقانوني، وبدأت موجتها الأولى في القرن التاسع عشر، لكن قدّمت الكاتبة الأمريكية ذات الأصول الأفريقية، أنجيلا ديفيس، تعليقاً حول تلك الحركة، خاصة التي برزت عام 2017، واصفة إياها بالنسوية البرجوازية، كونها لا تصطدم بأي شكل مع قضايا العرق والطبقة، وغيرها من القضايا التي لا تهمهن.


أنجيلا الشيوعية، التي ترفض ما تسميه "النسوية البيضاء"، والتي لا تحمل الهموم الحقيقية للنساء، وتهتم بقضايا جزئية، مثل: المشاركة السياسية للمرأة، أو التركيز على تعليم الإناث، وهي قضايا تخطّاها الغرب منذ زمن، لا تجد حرجاً في وصف النسوية السائدة، كما يتجلى لدى تايلور سويفت، بالمتاجرة بالقضايا الفرعية، كما تصفهم بالخضوع للنظام الأبوي الذي تعاني النساء في ظلّه، وتعدّ واحدة من رموز حركة "الفهود السوداء"، في الولايات المتحدة، التي قاتلت لأجل المساواة العرقية، واستمر نضالها بالكتابة عن القضية الفلسطينية، ومقاطعة الكيان الصهيوني، الأمر الذي أدّى إلى إلغاء تكريمها الذي كان من المقرر في تشرين الأول (أكتوبر) 2018، من مؤسسة "برمينغهام لحقوق الإنسان"، وذلك بعد تأييدها لحركة "BDS".

الفردانية الليبرالية

يكمن الخلاف الأساسي بين النسوية الليبرالية والراديكالية، في أنّ الأولى تتحايل على النظام القائم، لمزيد من المكتسبات، التي اختلسها منها النظام نفسه؛ فهي لا تحاول تغيير النظام الذي يفرض سيطرته على النساء، ويعدّ المرأة أداة جنسانية فحسب، بل كون هذه النسوية برجوازية الطابع، تحاول الحفاظ على مكانتها الاجتماعية، عن طريق الحفاظ على جوهر النظام، وغالباً ما تكون المكتسبات السياسية في طور التطبيق على النساء البرجوازيات حصراً، بينما النسوية الراديكالية ماركسية الهوى، تحاول هدم النظام الرأسمالي نفسه، الذي يرون فيه سرّ البلية على وضع النساء الدوني في المجتمع، فهي تخلق طابعاً طبقياً للصراع، أكثر من الطابع الفرداني للنسوية المعاصرة، وهذا أبرز ما قدمّته النسوية الأمريكية، سوزان مولر، في حوارها مع النسوية الأمريكية، أليسون جاغار، في دراسة بعنوان "الاتجاهات الفلسفية للنسوية المعاصرة"، والتي تناولت فلسفة النسويات المعاصرات في تحديد طبيعة اشتباكهن مع الوضع الراهن.

وتتفق مع هذا الطرح النسوية الماركسية وطالبة العلوم القانونية بالجامعة التونسية، هنا عباس، في حديثها لـ "حفريات"، إذ تؤكد أنّ "النسوية المعاصرة الرائجة تعدّ أحد الأذرع الخفية للنظام الرأسمالي الذكوري الأبوي، ويتضح هذا في تحليل النسوية الليبرالية للمجتمع الذكوري وطريقتهم في تحديد مواقع المسؤولية".


وتستطرد قائلة: "في اعتقادي، ومن معطيات الواقع أيضاً؛ إنّ قضية المرأة في المجتمع هي مسألة سياسية بامتياز مرتبطة بوجود نظام قمعي يسيطر على أجساد النساء، ويتحكم برغبات كلّ من لا يخضع لهذه السلطة، ويبرز هذا العنف أكثر في الشقّ الاقتصادي الموجه لكلّ ضحايا العنف المسلط على النساء، بواقع التمييز الجندري والطبقي في الأساس؛ ففي تونس مثلاً وأعتقد أنّ الوضع مشابه في البقاع العربية، لا توجد تنظيمات قوية للماركسيات، تقدم محتوى معرفياً ناضجاً لأجل قضايا المرأة، التي نتبناها على أساس الصراع الطبقي".

قضية المرأة مسألة سياسية مرتبطة بوجود نظام قمعي يسيطر على أجساد النساء ويتحكم برغبات من لا يخضع لهذه السلطة

ونشرت صحيفة "مورنينج ستار" البريطانية، مقالاً حول الصراع القائم بين النسوية الليبرالية والماركسية، فالليبراليات يناضلن من أجل استعادة "الجسد الأنثوي"، والذي يعدّ ساحة المعركة بالنسبة إليهن، لذلك ليس من الغريب أن تتصاعد مطالبات إباحة تجارة الجنس، باعتباره أحد أدوات تحرّر المرأة، على العكس من الماركسيات اللاتي يرين في هذا تجنيساً أكثر للمرأة، وإعاقة للصراع الطبقي الذي تغفله الليبراليات، فالمطالبة بالمساواة في ظلّ نظام رأسمالي، تعدّ تواصلاً لاستغلال الطبقة العاملة، وحتى بحصول النساء على حقوق جديدة، فإنّ القوالب الجنسانية ما تزال قائمة؛ فهنّ بالضرورة ربّات بيوت، وسيقع العنف عليهنّ مرة أخرى.

ما بعد الكولونيالية

نشأ ما نسميه "النضال النسوي البرجوازي"، في الغرب الاستعماري، كأمر حصري على نساء البرجوازية، بينما ظلت نساء المستعمرات في وضع مزرٍ، ومكانة أشدّ انحطاطاً بدورها، وبانحسار الاحتلال العسكري، لدول إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، نشأ تيار النسوية ما بعد الكولونيالية، كردّ فعل على النسوية الغربية بتعاليها وانغلاقها على مجتمعها، وبحسب النسوية الإنجليزية، جابريلا كارمان، وفق مقالها في جريدة "الفيمينيزم"، فإنّ هذه النسوية أيضاً اتسمت بالنخبوية، والتعالي على شرائح عديدة من القطاعات الجماهيرية، وترى أنّها لا تقل انغلاقاً عن النسوية البيضاء في أمريكا الأوروبية، والتي تحولّت فيما بعد إلى عمل مؤسسي بامتياز.


في هذا الصدد تحدثت لـ "حفريات" إحدى كوادر الحزب الشيوعي اللبناني، الكاتبة جنى نخالة، حول النسوية العربية الراهنة، حيث أشارت إلى أنه "من الواضح أنّ هناك أزمة في الحراك النسوي العربي عموماً، واللبناني خصوصاً، والأزمة برأيي تبدأ "ولا تنتهي"، فيما يسمّى "أنجزة" (NGO-isation) الحراك النسوي، بتحويل حراك سياسي بامتياز إلى مجموعة من المؤسسات الربحية، ممّا يفرّغه من مضمونه السياسي بالأساس، وعليه أصبح العمل النسوي كغيره، يتحكّم به اقتصاد السوق فيتوجّه بهذا الاتجاه أو غيره تبعاً لمصدر التمويل أو شكل المشاريع المطلوبة أو القضايا التي يُجبَر على العمل عليها".

وتستطرد قائلة: "من ناحية أخرى؛ ما يحصل يشوّه أيضاً مفهوم العمل النسوي في وعي الجماعة؛ إذ يصبح ممأسساً في إطار منظومة المجتمع المدني، ينحصر ليصبح مصدراً للخدمات، مجدّداً علاقة التبعية التي تربط المهمّشات والمهمّشين بالنظام، ومكرّساً لأمرين: (شرعية "الشحاذة" لكلّ من استغلّهن\م النظام، ونفض المسؤولية عن النظام بحدّ ذاته)، فالمنظّمات هذه بمنظورها وبخطابها، لا تلوم النظام ولا تظهّر أنه أساس الأزمة؛ بل تعمل على "تقديم الحلول"، ويتضح أنّ هذه المنظمات لم تستطع أن تقدّم حلولاً جذرية؛ لأنّ حلولها بالأصل مرحلية، وتعتمد على أخذ كلّ حالة بحالتها؛ فهي لا تحاول إيجاد حلول حقيقية، ومقاربتها للمشاكل لا تعتمد على قراءة سياسية للواقع، ولا فهم أسباب الاستغلال ومصادره، مطيلة مرّة أخرى في عمر النظام، ومرسّخة له، بدلاً من تحدّيه، وعلى مستوى المضمون؛ فإنّ المنظمات النسوية استطاعت تفريغ العمل النسوي من أسسه، عبر الاعتماد على العمل الفردي بدلاً من الجماعي، من خلال بتر العلاقة التاريخية مع نضالات الشعوب وتاريخها ومفاهيمها (وما تعابير مثل "تشبيك ومناصرة وحشد" سوى بدائل ركيكة لمفاهيم ثورية؛ مثل "بناء التحالفات والتثقيف غير الهرمي والتنظيم").

خندق المجتمع المدني

صيغ مفهوم المجتمع المدني، للمرة الأولى، من قبل كتاب الثورة الفرنسية من روسو ولوك، لتمييزه عن المجتمع الطبيعي. ووفق مقال نشره موقع "سيسولوجي جايد"؛ فإنّ المجتمع المدني من وجهة نظر علماء الاجتماع، إنّما هو أداة لحماية الدولة نفسها، فالفيلسوف الألماني كارل ماركس، في نقده لهيجل، يرى أنّ أيّ فصل بين مؤسسات المجتمع المدني والدولة، غير حقيقي؛ حيث إنّ تلك المؤسسات تعمل على حماية الدولة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تهدّد وجودها، هنا تظهر مؤسسات المجتمع المدني التي تتبنى قضايا المرأة، كجزء من خطاب الدولة نفسها، فهي ظاهرياً تحاربه، لكنّها ضمنياً تعزز وجوده. أما نخالة فترى أنّ تلك المؤسسات "تعمل عبر تدعيم الفوارق الطبقية بين النساء، وتظهير الامتيازات كمنطلق ضروري لنشر المعرفة؛ أي إنّ المعرفة أصبحت، وفي سياق نسوي، مملوكة من نخبة طبقية ثقافية، توزّعها بفوقية على بقية النساء الفاقدات للمعرفة.

وتضيف: "أعتقد أنّ ما نحتاج إليه، كنسويات، هو إعادة الحراك النسوي إلى واقعه السياسي، بعيداً عن مطرقة حقوق المرأة التي عفا عليها الزمن أو سندان المجتمع المدني بمفهومه وتعريفه الحاليَّين في مجتماعاتنا، لا بدّ من العمل على حراك نسوي يبدأ من الأطراف، ينظّم في القرى والعشوائيات ومدن الصفيح، ويجعل النساء الأكثر تهميشاً، قائدات له".
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Jul 5 2020, 09:14 PM
مشاركة #4


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



نانسي فريزر: كيف أصبحت النسوية خادمة للرأسمالية؟


«الحركة التي بدأت كنقد لاستغلال الرأسمالية ـ انتهى بها الحال كمساهم في الأفكار الرئيسية التي تتبناها الليبرالية الجديدة (النيو ليبرالية)»

كنسوية، كنت أعتقد دائمًا أن النضال من أجل تحرير المرأة هو نضال من أجل عالم أفضل؛ عالم أكثر مساواة، عدلا وحرية. إلا أنني في الآونة الأخيرة يساورني بعض القلق بأن رائدات النسوية يخدمن الآن غايات مختلفة تمامًا.

ما يقلقني على وجه الخصوص هو أن رفضنا للتمييز الجنسي أصبح الآن يستخدم لتبرير أشكال جديدة من عدم المساواة والاستغلال.

لسوء الحظ، أخشى أن الحركة النسوية مِن أجل تحرير المرأة قد وقعت في شباك السياسات النيوليبرالية الجديدة التي تهدف لبناء مجتمع السوق الحرة. مما يفسر كيف أن أفكار النسوية التي كانت يوما ما تعبيرا عن وجهة نظر عالمية راديكالية أصبح يُعبر عنها الآن في صيغ فردانية.

كانت النسوية يومًا ما ترفض المجتمع المبني على الوصولية، أما الآن فإنها تشجع النساء على «التماهي مع هذا البناء». الحركة التي كانت تعطي أولوية للتضامن الاجتماعي أصبحت الآن تحتفي بأن هناك بعض النسويات سيدات أعمال. الحركة التي لطالما أعطت أولوية لـ«الاهتمام» والارتباط المتبادل تشجع الآن على التقدم الفردي والوصول.

الحركة النسوية التي بدأت كنقد لاستغلال الرأسمالية انتهى بها الحال كمساهم في الأفكار الرئيسية التي تتبناها الليبرالية الجديدة (النيو ليبرالية)

ما يكمن وراء هذا التحول هو ذاك التغيير الهائل الذي طرأ على الرأسمالية. فالرأسمالية التي تبنتها الدولة في فترة ما بعد الحرب فتحت السبيل أمام شكل جديد من الرأسمالية «غير المنظمة»، المعولَمة والنيوليبرالية.

ظهرت موجات النسوية كنقد للرأسمالية في شكلها الأول، إلا أنها أصبحت خادمة للرأسمالية في ثوبها الجديد الذي ظهر بعد الحرب.

بالنظر لتجاربنا السابقة، يمكننا أن نرى كيف أن حركة تحرير المرأة كانت تشير لمستقبلين مختلفين محتملين. السيناريو الأول هو، السعي نحو عالم خالٍ من التمييز الجنسي تسير فيه الديمقراطية والتضامن الاجتماعي جنبًا إلى جنب.

السيناريو الثاني، اتخذت النسوية فيه شكلا من أشكال الليبرالية، تتعامل مع المرأة مثلها مثل الرجل كسلع، كل سلعة بمفردها وعلى حدة، بالإضافة إلى تشجيع التقدم الفردي.

لذلك عانت الموجة الثانية من النسوية مِن تناقض شديد، لأنها كانت محملة برؤيتين مختلفتين للمجتمع، بالتالي كانت عرضة لسرديتين مختلفتين للتاريخ.

كما أرى، فقد تم حل هذا التناقض في النسوية خلال السنوات الأخيرة لصالح الرأسمالية في ثوبها الجديد، سيناريو الليبرالية الفردانية، لكن هذا لم يكن بسبب كوننا ضحايا إغراءات النيوليبرالية. بالعكس، لقد ساهمنا نحن أنفسنا في تطويرها بثلاث أفكار مهمة.

كانت أحد مساهمتنا هي انتقاد «مستوى دخل الأسرة»: فكرة الأسرة التي يعمل فيها الذكر ليعول عائلته والمرأة تعمل كربة بيت والتي كانت مركزية في الرأسمالية التي كانت تنظمها الدولة. نقد النسوية لمستوى دخل الأسرة ساهم في شرعنة «الرأسمالية المرنة».

في النهاية، هذا الشكل من أشكال الرأسمالية يعتمد اعتمادا كبيرا على تسليع المرأة كـ يد عاملة، خاصة عندما تكون هذه اليد منخفضة الأجر في العمل وفي الصناعة، يشمل هذا المرأة العزباء والمتزوجة وحتى التي لديها أطفال، يندرج تحت هذا النساء من كل القوميات والأعراق وليس عنصرا معينا. بذلك، تدفقت النساء حول العالم إلى سوق العمل، فنموذج الأسرة الكامن في الرأسمالية التي تنظمها الدولة يتم استبدالها في الرأسمالية المرنة الأكثر حداثة.

هذا النموذج القديم للأسرة يتم معاقبته على ما يبدو من النسوية بنموذج يعمل فيه ربّا الأسرة.

ناهيك عن أن الواقع المتخفي خلف النسوية بشكلها الجديد هو واقع محبط على مستوى الأجور، قلة التأمين الوظيفي، انخفاض مستوى المعيشة، ارتفاع ملحوظ في عدد ساعات العمل لربّيّ الأسرة؛ بالإضافة إلى الزيادة الملحوظة في عدد الورديات، التي أصبحت تصل الآن إلى ثلاث أو أربع ورديات، ومع ذلك الفقر في ازدياد مستمر، ويظهر هذا بشكل أكبر في الأسر التي تعولها امرأة.

وهكذا، فإن النيوليبرالية تدس السم في العسل عند الحديث عن سردية تمكين المرأة. مبررة استغلالها للمرأة باستدعاء النقد النسوي لمستوى دخل الأسرة، مُسخّرة حلم تحرير المرأة إلى ترس في آلة رأس المال.

هناك أيضًا إسهام آخر للنسوية في بزوغ نجم الليبرالية الجديدة. في الفترة التي كانت فيها الرأسمالية مُنظَمة مِن قِبل الدولة، كُنّا فعلًا ننتقد الرؤية السياسية ضيقة الأفق والتي لطالما ركزت على عدم المساواة والتي اتخذت أشكالا «غير اقتصادية»، مثل العنف الأسري، الاعتداءات الجنسية والاضطهاد المتوارث.

برفض تسييس وتسليع «المسائل الشخصية»، وسعت النسويات من جداول أعمالهن السياسية لتحدي التسلسل الهرمي للتمييز الجنسي في البُنى الثقافية. لذلك، كانت النتيجة المتوقعة هي توسيع رقعة النضال لتشمل كلا من الثقافة والاقتصاد.

لكن على العكس من ذلك، كانت النتيجة الحقيقية هي التركيز على جانب واحد فقط وهو «الهوية الجنسيّة» على حساب مشاكل لقمة العيش. الأسوأ من ذلك، أصبحت سياسات النسوية بشأن الهوية الجنسية مُعشَّقَة ومرتبطة تمامًا بصعود النيوليبرالية والتي لم ترغب في شيء سوى محو كل ذكر للمساواة الاجتماعية.

في الواقع، لقد جعلت النسوية نقد التمييز الجنسي هو الغاية المُطلقة في الوقت الذي اقتضت الظروف إيلاء اهتمام شديد لنقد الاقتصاد السياسي.

أخيرًا، الإسهام الثالث للحركة النسوية في بزوغ نجم النيوليبرالية هو النقد الذي وجهته النسوية لأبوية دولة الرفاه. فكما هو واضح، منذ الوقت الذي كانت فيه الرأسمالية منظمة مِن قبل الدولة، تحول السجال ليأخذ صف النيوليبرالية في حربها على «الدولة المربية» واحتضانها المثير للشفقة للمنظمات الأهلية.

مثال ذلك، «القروض الصغيرة» برنامج القروض البنكية الصغيرة للنساء الفقيرات في جنوب الكرة الأرضية. والذي يجري التسويق له على أنها لتمكين المرأة، هي مشاريع بيروقراطية مِن قبل الدولة، على الرغم من أنها توصف على أنها ترياق الحياة لفقر وخضوع العديد من النساء.

ما لم يُقل هو أنَّ، هناك مصادفة غريبة هي أن: القروض الصغيرة تزدهر بشكل مطرد مع تخلي الدولة عن دورها الهيكلي في محاربة الفقر، على الرغم من أن القروض الصغيرة لا يمكن أن تكون بديلًا عن الدولة في حل مشكلة الفقر.

النيوليبرالية تبرر استغلالها للمرأة باستدعاء النقد النسوي لمستوى دخل الأسرة مُسخّرة حلم تحرير المرأة إلى ترس في آلة رأس المال

وفي هذه الحالة أيضًا، أصبحت النسوية معادلا للنيوليبرالية. وسيلة تهدف لدمقرطة (جعله ديمقراطيا) سلطة الدولة لتوسيع سلطة المواطنين وإضفاء الشرعية على اقتصاد السوق وتخفيض النفقات مِن قبل الدولة.

في كل تلك الحالات، تم حل التناقض الذي ضرب النسوية لصالح فردانية الليبرالية «الجديدة». ومع ذلك، قد يكون سيناريو النسوية التضامنية لا زال حيًا. لذلك، تتيح الأزمة الحالية الفرصة لتولي زمام الأمور وربط حلم تحرير المرأة برؤية لمجتمع متضامن.

ولكي تتحقق هذه الغايات، تحتاج النسوية لقطع علاقتها بالليبرالية الجديدة، واعتماد «الثلاث مساهمات» لخدمة أغراضها الخاصة.

أولا، يجب علينا أن نقطع الصلة الزائفة بين نقد مستوى دخل الأسرة والرأسمالية المرنة، والعمل لخلق شكل من الحياة لا يركز على أسعار/أجور العمل وتعزيز الأنشطة غير المأجورة، بما في ذلك، وليس هذا فقط، أعمال الرعاية.

ثانيًا، علينا أن نغير مسارنا من السجال حول اقتصاد السوق إلى الهوية السياسية، بحيث يتم دمج النضال لتقديم شكل يناهض القيم الذكورية ويسعى لتحقيق العدالة الاقتصادية أيضًا.

أخيرًا، علينا قطع الصلة بين سجالنا حول البيروقراطية وأصولية السوق الحر من خلال استدعاء عباءة الديمقراطية التشاركية كوسيلة لتعزيز السلطات العامة اللازمة لتحجيم رأس المال من أجل عدالة اجتماعية.
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Jul 5 2020, 09:20 PM
مشاركة #5


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



حقوقية تفضح أخواتها: الجمعيات النسائية تتلقى التمويل من الغرب للترويج لأفكار وقيم معينة

زربي مراد

كشفت زعيمة مقطع فيديو “جسدي حريتي”، والذي ظهرت من خلاله نساء وهن يرددن نشيدا منددا بالاغتصاب، خديجة طنانة، أن الحركات النسائية ومنها حركة “خارجات عن القانون” تتلقى الدعم من الغرب.
وقالت طنانة في حوار لها، أن من يقف وراء الحركات والجمعيات النسائية، هن نساء في أوروبا وجهات نافذة تساعدها ماديا للترويج لأفكار وقيم معينة.
وأضافت طنانة، أن الجميع يعلم أن التمويل الغربي لا يعطى مجانا وإنما مقابل أجندة يجب تنزيلها، فهناك جمعيات تستفيد من المنفعة العامة تتلقى وفق إحصائيا رسمية تمويلات أجنية مصرح بها تفوق 12.5 مليار درهم، وأخرى تشتغل “بالنوار” لها أجندات محددة ومعروفة.
يشار إلى أن خديجة طنانة البالغة من العمر 75 سنة، والأستاذة الجامعية المتقاعدة في الفكر السياسي، شعبة القانون العام بفاس، وتزاول اليوم الفن التشكيلي كما أنها ناشطة حقوقية، سبق وأثارت جدلا كبيرا بظهورها في مقطع فيديو يحمل عنوان “جسدي حريتي”، متقدمة نساء وهن يرددن نشيدا منددا بالاغتصاب.
Go to the top of the page
 
+Quote Post
نور الإسلام 1924
المشاركة Jul 5 2020, 09:22 PM
مشاركة #6


ناقد متميّز
****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 144
التسجيل: 29-August 17
رقم العضوية: 2,351



مكانة المرأة في الإسلام

الحمدُ لله الكبيرِ المتعالِ، صاحبِ العزِّ والكمالِ، والعظمةِ والجمالِ، والقدرةِ والجلالِ، المُنَزَّهِ عن النقصِ والزوالِ، المعبودِ عند الغدوِّ والآصالِ، منشئُ السحاب الثقال، ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - خير الخلق والرجال، ورفع عنا الإصر والأغلال، ثم أمَّا بعد...



فإنه يطيبُ لي أنْ أتحدثَ عن فضل ومكانة المرأة في الإسلام؛ لأننا فعلاً ابتعدنا عن منهج الله، ومنهج رسوله - صلى الله عليه وسلم -، خاصةً ونحن في هذه الأيام التي خرج علينا فيها من أقوال الجهلاء ما لا يخرج من أفواه أبي جهلٍ وغيره أيام عداوتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان التبرج في الجاهلية أن يظهر جزءٌ من رقبة المرأة، وجزء من كعبها لا زيادة على ذلك، واليوم نرى العجب العُجاب، ممن يدعون أنفسهم بفلاسفة العصر، وكذبوا؛ لأنهم يريدون أن يفترسوا المرأةَ، وكأنهم ذئابٌ وحشيةٌ، فلأجل ذلك أردتُ في هذه الكلمات القادمة أنْ أُبيِّن مكانة وتكريم الإسلام للمرأة، فأستعين بالله قائلاً.



تكريم الإسلام للمرأة:

إن الإسلامَ يخاطب الرجال والنساء على السواء ويعاملهم بطريقةٍ شبه متساويةٍ، وتهدفُ الشريعةُ الإسلاميةُ بشكلٍ عامٍ إلى غايةٍ متميزةٍ هي الحمايةُ، ويقدم التشريع للمرأة تعريفات دقيقة عما لها من حقوق ويُبدي اهتماماً شديداً بضمانها، فالقرآنُ والسنةُ يحُضَّان على معاملة المرأة بعدلٍ ورِفقٍ وعَطفٍ.



مما لا ريب فيه أن الإسلام رفعَ شأن المرأة في بلاد العرب وحَسَّنَ حالها، بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى الزوجات بطاعة أزواجهن، وقد أمر بالرفق بهن، ونهي عن تزويج الفتيات كُرهاً وعن أكل أموالهن، ولم يكن للنساء نصيبٌ في المواريث أيام الجاهلية، بل إنَّ الرجل كان إذا بشَّره أهله ببنتٍ اسودَّ وجهُهُ، وقد حكى القرآن ذلك فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾[1]، ومن صور تكريمها أيضاً قد نزلت سورة خاصة بهنَّ تسمى سورة النساء توضح فيها أحكام المواريث، وكيفية معاملة المرأة في حال نشوزها فقال عز وجل: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾[2].



فقد بيَّن الله تعالى صفة المرأة الصالحة في هذه الآية، والمرأة التي في حال نشوزها بأن يعاملها الرجل بتدرج لطيفٍ رحيمٍ بالمرأة، حيث بدأ بالموعظة لها، ثم بهجرها في المضاجع، ثم في المرحلة القصوى بضربها بشرط أن يكون ضرباً غير مبرحٍ، وهذا يعدُّ من التكريم العظيم للمرأة من قِبَل الله الخالق الرحيم الرحمن.



ومن تكريمها أيضاً مساواة المرأة بالرجل في تعدد ألفاظ كل منهما في هذه السورة، وقد بيَّن الله تعالى فيها أحكام المواريث، ووعد فيها بالعقاب لمن خالف حدوده فيها، وجعل هذا التقسيم خاصاً به سبحانه وتعالى، فقال عز وجل: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 13، 14] [3].



ولا شك أنَّ الإسلام أمر بحُسن معاشرة الزوجة، وقد أباح للزوج مفارقة زوجته رغم أنَّه بغض الطلاق، فقال عز وجل: ﴿ ..... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾[4].



وقد انتهت هذه السورة المباركة أيضاً بتفصيلٍ بديعٍ لمن مات وليس له ولد فيما يسمى بالكلالة، أن يرثه مَن تبقَّى من أهله بالعدل والإنصاف دون ظُلمٍ أو جَورٍ للحقوق، فقال عز وجل: ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾[5].



وفي الجاهلية كانوا يقتلون البنات وهنَّ أحياء، ولمَّا جاء الإسلام حثَّ على تحريم وَأْد البنات، فقال عز وجل: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾[6]، وأمر بمعاملة النساء والأيتام بالعدل، وقد حرَّم الله تعالى فيما يسمى بزواج المتعة حديثاً، وحَمْل الإماء على البغاء فيما سمَّاه القرآن الكريم، فقال عز وجل: ﴿ ... وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[7]، وذلك حرصاً على سلامة المرأة من المخاطر التي تتعرض لها في شخصها، والفتك بالمجتمع إذا سلكت هذا السبيل الذي نهي عنه ربنا، ونهي عنه نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم-.



ضعف النساء:

لا شك أنَّ في النساء صورةٌ من صور الضعف، وهو ليس ضعفًا مذمومًا، فإنه من جانبٍ ليس مقصودًا منهن، ومن جانبٍ آخر محمود مرغوب، فأما الجانب غير المقصود فهو ضعف البِنيةِ والجِسم، وهذه لا حيلة لهنَّ فيها، فلا يلومهنَّ أحدٌ عليها، وأما الجانب المحمود فهو في ضعف القلب والعاطفة، بمعنى رقََّة المشاعر، وهدوء الطباع، وهو لا شكَّ أمرٌ محمودٌ في النساء، وكلما زاد - دون إفراط أو تفريطٍ - كان ألطفَ وأجملَ.



استوصوا بالنساء خيراً:

كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُقَدِّر هذا الضعف في النساء، ويحرص على حمايتهنَّ من الأذى الجسدي أو المعنوي، ويُظهِر رحمته بهنَّ بأكثر من طريقةٍ، وفي أكثر من موقفٍ وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائمَ الوصية بالنساء، وكان يقول لأصحابه: [ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ]، وتكررت منه نفس النصيحة في حجة الوداع، وهو يخاطب أمته، وكان يوقن أنَّ هذه الوصية من الأهمية بمكانٍ حتى يُفردَ لها جزءًا خاصًا من خطبته في هذا اليوم العظيم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: [... وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فإنهن خُلقنَ من ضِلَعٍ، وإنَّ أعوجَ شئٍ في الضلَع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزلْ أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً ][8].



ويوضح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جملة بلاغية أنَّ النساء يُماثِلن الرجال في القدر والمكانة، ولا ينتقص منهن أبداً كونُهنَّ نساء، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: [ إِنَّما النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ ][9].



صور من رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنساء:

في هذا العصر الذي تكالبت فيه قوى الظلم والبغي والعدوان للنيل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نجد الدعوات الصارخة من الحاقدين الحاسدين على الإسلام، والجاهلين بأخلاقياته وآدابه، لمساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات دون تفضيل، بل وتمييز المرأة أحياناً بأمور كثيرة عن الرجل، وذلك بدعوى أنهم في القرن الحادي والعشرين، يريدون أن يتقدموا بمثل هذه الأساليب البعيدة عن الإسلام وقيَمِه ومبادئهِ وتعاليمه، وكذبوا ظناً منهم بأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان منذ أربعة عشر قرناً، فالحضارة الآن في نظرهم هي: التقدم والرقي ومحاكاة الغرب في جميع أفعالهم وأحوالهم، يريدون بالمرأة أن تخرج من خِدْرها، كي تلتهمها الذئابُ البشرية، وهم أول من يريدون التهامها، والهتكَ بعِرْضها، ولكن هيهات هيهات، وأين الثرى من الثريا، فقد جاء الإسلام الحنيف محافظاً على المرأة، آمراً إياها أن تلتزم بيتها، وإنْ خرجت تخرج في إطار ما سمح لها به الشرع، فقال الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً ﴾[10]،كما جاء الإسلامُ كذلك ناصراً للمرأة في كل أحوالها وأعمارها، فقد كرمها الإسلام أُماً، وكرمها زوجاً، وكرمها طفلةً، غير أن الذي يُلفتُ النظرَ بصورة أكبر في رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنساء هو جانب التطبيق العملي في حياته - صلى الله عليه وسلم -، فلم تكن هذه الكلماتُ الرائعة مجردَ تسكينٍ لعاطفة النساء، أو تجمُّلٍ لا حقيقةَ له، بل كانت هذه الكلمات تُمارَس كلَّ يومٍ وكلَّ لحظةٍ في بيته - صلى الله عليه وسلم - وفي بيوت أصحابه رضوان الله عليهم.



فبهذه الصورة الميسرة حول تكريم الإسلام للمرأة، يتحدى كلُّ مسلمٍ موحدٍ بالله تعالى العالمَ أجمع أن يأتي لنا بموقفٍ من حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آذى فيه امرأةً أو شقَّ عليها، سواء من زوجاته أو من نساء المسلمين، بل من نساء المشركين، ويكفي أن نتأمَّلَ بعضَ مواقفه - صلى الله عليه وسلم - مع النساء؛ لندرك مدى رحمته - صلى الله عليه وسلم - بهنَّ.



[ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ رضي الله عنها - ابنته- عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ أَلا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْجِزُهُ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنْ الرجُلِ ؟، قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيامًا ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَهُمَا قَدْ اصْطَلَحَا فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلانِي في سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي في حَرْبِكُمَا فَقَالَ النبي: قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا ][11].



فرحمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هنا قد فاقت رحمة الأب، فأبو عائشة رضي الله عنها - هو أبو بكر الصديق- أراد أن يعاقبها على خطئها، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لرحمته بها حجز عنها أباها!



وأحيانًا تخطئ زوجته - صلى الله عليه وسلم -: خطأً كبيرًا، ويكون هذا الخطأ أمام الناس، وقد يسبب ذلك الإحراج له، ومع ذلك فمن رحمته يُقدِّر موقفها، ويرحم ضعفها، ويعذر غيرتها، ولا ينفعل أو يتجاوز، إنما يتساهل ويعفو.



فقد روى أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ كان عِنْدَ بعْض نسائِهِ: فَأَرْسَلَتْ إحدى أمَّهات المؤمنين مع خادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بيَدها فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ فَضَمَّها وجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وَقالَ:كُلُوا، وحبسَ الرسولَ والقصْعةَ حتى فَرَغوا، فدَفعَ القَصْعةَ الصحيحةَ وحبسَ الْمَكْسُورَةَ ][12].



لقد أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الموقف ببساطة، وجمع الطعام من على الأرض، وقال لضيوفه: كلوا، وقد عللَّ غضب زوجته بالغيرة في بعض الروايات الأخرى، فقال: [ غارتْ أمُّكم ]، ولم ينسَ أن يرفع قدرها. فأيُّ رحمة هذه التي كانت في قلبه - صلى الله عليه وسلم -!



تعقيبٌ:

ماذا لو جئنا بأحكم رجلٍ في هذا القرن؟ وماذا لو جئنا بفلاسفة القرن الحادي والعشرين كما يزعمون؟ ماذا لو حدث أمامهم هذا الموقف؟ أو لو كان هذا الموقف معهم، ماذا كانوا يفعلون ؟ وما هو أقل تصرفٍ كان سيحدثُ؟.



في نظري أقل تصرفٍ مع الحكماء والكرماء أنه سيُطَلِّقُ هذه الزوجة بعد ضربٍ مبرحٍ، هذا مع الحكماء فضلاً عن الجهلاء، فما رأيكم بنبي الإسلام أيها الفلاسفة، ما طلقها، ولا ضربها، بل رفع قدرها - صلى الله عليه وسلم.



تكريم الإسلام للمرأة بكونها أماً:

لقد كرَّم الإسلام المرأة بكونها أُماً بأنْ أوصى الأبناء بحُسْن معاملة الآباء، وخاصةً الأم، فقد صوَّر القرآن الكريم هذا الأمر في تصويرٍ بليغٍ ومُعجزٍ في أكثر من موضعٍ، فقال الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾[13].



وقال تعالى في الموضع الثاني: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾[14].



وقال تعالى في الموضع الثالث: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾[15].



وقال تعالى في الموضع الأخير ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ﴾[16].



وقد ورد في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يُعَضِّدُ ذلك، [ فقد جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ اللهِ، مَنْ أحقُّ الناسِ بحُسنِ صَحابتي ؟ قال: أُمُّك، قال: ثم مَن ؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم مَنْ ؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم مَن ؟ قال: ثم أبوك ][17].


فقد أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأم ثلاث مراتٍ، لِما لها من تكريمٍ ومكانةٍ عظيمة، ورفعةً لشأنها، فما كُرمَتْ المرأةُ في أي شريعةٍ سوى شريعة الإسلام.



وعن طلحة بن معاوية السلمى قال: [ أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ إني أريدُ الجهادَ في سبيلِ اللهِ تعالى، فقال: أُمُّكَ حَيَّةٌ ؟ فقلتُ: نعمْ، فقال: الزم رِجْلَها فثمَّ الجنَّة ][18].


تكريم الإسلام للمرأة بكونها زوجاً:

ومما يمكن أن يُذكر في هذا الموضع ما أوصى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، إذ أوصى بالنساء، فقال: [... فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله... ][19].



وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ إِنَّما النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ ][20].


فقد جعلها الإسلام شقيقةً للرجل في كل أحواله وأفعاله، تشترك معه في تربية الأولاد، وتعمل على خدمتهم، واستقرار بيتهم، وباستقرار البيت بالزوجين يخرج بيتاً طيباً على الهدى النبوي، يساهم هذا البيت في بناء المجتمع، لذا يمكن أن يقال أنَّها نصف المجتمع، بل أكثر من نصفه، فالمرأةُ هي الأم، والزوجة، والبنت، والأخت.



تكريم الإسلام للمرأة بكونها طفلةً:

لمَّا جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - كرَّم الطفلة، وجعل لها حقوقاً وعليها واجبات، وحذَّر من قضية وأد البنات التي كانت منتشرةً في الجاهلية، فمنذ ظهر نور الإسلام إذ نزل القرآن الكريم متعجباً من هذه القضية، ومن عدم توريث البنات الذي نراه الآن في مجتمعاتنا المعاصرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.



فعن عائشة رضي الله عنها قالت: [ دخلتْ امرأةٌ معها ابنتانِ لها تسأَلُ، فلم تجدْ عندي شيئًا غيرَ تمرةٍ، فأَعطيتُهَا إيَّاها، فَقَسَمَتْهَا بينَ ابنتيْها، ولم تأكُلْ منها، ثم قامتْ فخرجتْ، فدخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علينا فأخبرتُهُ، فقال: من ابْتُلِىَ من هذهِ البناتِ بشيءٍ كُنَّ لهُ سِترًا من النارِ ][21].


تكريم الإسلام للمرأة بكونها أرملةً:

لقد رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدر الذي يرعى شئون الأرملة إلى درجة لا يتخيلها أحد، ومن أفضل ما يمكن ذكره هنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: [ السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ في سَبِيلِ اللَّهِ أَو الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ ][22]. فأيُّ فضلٍ وأيُّ عظمة هذه، ليس هذا إلا تكريماً وحفاظا على المرأة، فهي كالجوهرة في الإسلام، حيث يدافعُ عنها بكل قوةٍ وشجاعةٍ.



تكريم الإسلام للمرأة بكونها أَمَةً:

إنَّ هناك ما هو أعجب من ذلك، وهو رحمته - صلى الله عليه وسلم - بالإِمَاء، وهُنَّ الرقيق من النساء، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه إذ قال: [ إِنْ كَانَتْ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ ][23].



وقد علَّق ابن حجر رحمه الله على ذلك فقال: "والتعبير بأخذ اليد إشارة إلى غاية التصرف، حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها على ذلك، وهذا دالٌ على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكِبْرِ.



تعقيبٌ:

هل سمع العالم برئيس دولةٍ، أو قائدِ أمةٍ يذهبُ هنا وهناك ليقضى بنفسه حاجةَ امرأةٍ بسيطةٍ لا تعدو أن تكون خادمةً، بل هي أَمَةٌ مملوكةٌ، لا تملك من أمرها شيئًا؟



إن هذا الذي نراه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معاملاته، وتكريمه للمرأة لمَن أبلغ الأدلة على نبوته - صلى الله عليه وسلم -، فلا تتأتَّى مثل هذه الأخلاق الرفيعة حقيقةً إلا من نبي، وصدق الله تعالى حيث قال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾[24].



وأخيراً، أقول: إنَّ الإسلام قد رحم المرأة فأسقط عنها الصلاة والصيام أثناء الحيض والنفاس رحمة بها لما تعانيه من أتعاب حال الدورة والنفاس مع أنَّ الصلاة لا تسقط عن الرجل بأي حال، إلا الصوم فله فيه الرخصة المعلومة.



• الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها النفقة فلا تُنفق على ولدها ولا والديها ولا زوجها بل لا تنفق على نفسها هي، ويلزم زوجها بالنفقة عليها.



• الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها حضور الجُمَع والجماعات لاشتغالها بزوجها وبيتها.



• الإسلام رحم المرأة فأوجب لها مهراً كاملاً يدفعه الزوج لمجرد الخلوة بها، أو نصفه بمجرد العقد عليها.



• الإسلام رحم المرأة فورثها من زوجها حتى لو مات بمجرد عقده عليها.



• الإسلام رحم المرأة فقال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك، تكريماً واعترافاً بحقها.



• الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها الشهادة في الدماء والجنايات تقديراً لضعفها، ورعايةً لمشاعرها عند رؤية هذه الحوادث.



• الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها فريضة الجهاد.



• الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها فريضة الحج إذا لم يكن معها محرم يحرسها ويخدمها حتى ترجع.



• الإسلام رحم المرأة فجعل التقصير لها عند تمام النسك حفاظاً على جمالها وإبقاءً على رغبتها ولها أجر الحَلْق.



• الإسلام رحم المرأة فحَرَّم طلاقَها وهي حائضٌ مراعاةً لحالها، وحتى لا تطول عليها العدة.



• الإسلام رحم المرأة فجعل لها ميراثاً من زوجها وإخوانها وأولادها ووالديها رغمَ أنها لا تتحمل شيئاً من النفقة.



• الإسلام رحم المرأةَ فأوجب لها مهراً وحرَّمَ أخذ شيءٍ منه إلا بطيبِ نفسٍ منها.



• الإسلام رحم المرأة فحرَّم نكاحها بلا وليٍ ولا شهودٍ، حتى لا تُتَّهَمَ في عِرضها ونسب أولادها.



• الإسلام رحم المرأة فأوجب على مَنْ قَذَفَها في عِرْضِهَا جَلْدَ ثمانينَ جلدةً، ويُشَهَّر به في المجتمع ولا تُقبلُ شهادته أبداً.



• الإسلام رحم المرأة فجعل من يُقتل في سبيلها ليحافظ على عرضه ويدافع عنها جعله شهيداً.



• الإسلام رحم المرأة حتى بعد موتها فلا يُغسلها إلا زوجها أو نساء مثلها.



• الإسلام رحم المرأة فجعل كفنها أكثر من كفن الرجل فتكفن في خمسة أثواب رعاية لحرمتها.



• الإسلام رحم المرأةَ فأجاز لها الخلع إذا كرهت زوجها وأبى طلاقها.



• الإسلام رحم المرأة حتى عند الصلاة عليها تكون أبعد عن الإمام ويقف وسطها ليستر جسدها ممن وراءه.



هذا وما كان من توفيقٍ فمن الله وحده، وما كان من خطأٍ، أو سهوٍ، أو نسيانٍ، فمني ومن الشيطان، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه الأطهار الأخيار ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.


أسألُ الله أنْ يتقبل منا العملَ الصالحَ، وأن ينفع به المسلمين في كل مكانٍ، وقد انتهيتُ منه بفضل الله وكرمه يوم الاثنين الموافق الحادي والعشرين من شهر الله المحرم لعام ألف وأربعمائةٍ وخمسةٍ وثلاثين من الهجرة المباركة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، الخامس والعشرين من شهر نوفمبر لعام ألفين وثلاثة عشر من الميلاد.


[1] [سورة النحل: 58، 59].

[2] [سورة النساء: 34].

[3] [النساء: 13، 14].

[4] [النساء: 19].

[5] [النساء: 176].

[6] [التكوير: 8، 9].

[7] [النور: 33].

[8] الحديث رواه البخاري في صحيحه رقم ( 5186 ) - كتاب النكاح - باب الوصاة بالنساء.

[9] الحديث رواه السيوطي في الجامع الصغير رقم (2560)، من حديث عائشة وأنس بن مالك.

[10] [الأحزاب: 33].

[11] الحديث رواه النعمان بن بشير، وذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه: هداية الرواة إلى تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة - تحقيق / علي بن حسن بن عبدالحميد الحلبي رقم ( 400 ) -دار ابن القيم- الدمام - ط الأولى سنة 1422 هـ.

[12] الحديث رواه البخاري رقم ( 2481 ) في كتاب المظالم - باب إذا كسر قَصعةً أو شيئاً لغيره.

[13] [الإسراء: 23].

[14] [العنكبوت: 8].

[15] [لقمان: 14].

[16] [الأحقاف: 15].

[17] الحديث رواه البخاري عن أبي هريرة رقم (5971) في كتاب الأدب - باب مَن أحق الناس بحسن الصُّحْبة.

[18] الحديث رواه ابن كثير في كتاب المسانيد والسنن رقم ( 5529 ) – تحقيق / عبدالملك بن دهيش - مكتبة الأسدي - مكة المكرمة - ط الثالثة 1425 هـ.

[19] الحديث رواه الألباني في كتاب صحيح الجامع الصغير وزيادته رقم (2068) - تحقيق / زهير الشاويش - المكتب الإسلامي - بيروت - ط الثالثة 1408 هـ.

[20] الحديث رواه السيوطي في الجامع الصغير رقم ( 2560 )، من حديث عائشة وأنس بن مالك.

[21] الحديث رواه البخاري رقم (1418) في كتاب الزكاة - باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، والقليل من الصدقة.

[22] الحديث رواه البخاري رقم (5353) في كتاب النفقات - باب فضل النفقة على الأهل.

[23] الحديث رواه البخاري رقم (6072) في كتاب الأدب - باب الكبر.

[24] [الأنبياء: 107].

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/63319/#ixzz6RMF3KM1G
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Sep 1 2020, 11:58 PM
مشاركة #7


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35





السوبروومان (قبل أن تتأله المسلمة)




إحصائيات صادمة ومعلومات تنشر لأول مرة حول قصة تحرير المرأة الغربية!




Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 28th March 2024 - 10:03 PM