منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> ارتفاع الاسعار وعلاجه
موسى عبد الشكور
المشاركة Sep 12 2012, 06:22 AM
مشاركة #1


كاتب وباحث إسلامي
صورة المجموعة

المجموعة: الكتّاب
المشاركات: 749
التسجيل: 27-September 11
رقم العضوية: 1,706



بسم الله الرحمن الرحيم
ارتفاع الأسعار وعلاجه
تتعرض الشعوب والامم لحالات من الشدة والرخاء والسّراء والضّراء, وهذا كله بقدر الله تعالى ليعلم من ذلك من صبر ومن شكر, فما يقع من شدائد ومصائب وارتفاع الاسعار كله بقدر الله وليس مرتبط بالذنوب والآثام التي يرتكبها البشر, قال تعالى "ولنبلونّكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثّمرات وبشّر الصّابرين" سورة البقرة:155 صدق الله العظيم.
وارتفاع الاسعار حالة صعبة يجب بحثها ودراستها من حيث الاسباب والعلاج ولم يترك الاسلام هذه المشكلة دون حل بكونه جاء لحل كل مشاكل الانسان, وقد بيّن الله سبحانه وتعالى الحكم الشرعي في قضية ارتفاع الاسعار من حيث الاسباب ومن حيث العلاج ومن حيث ما ينتج عنها لأن ذلك يترتب عليه آثار سلبية على الناس ويترتب على ذلك حالات غير مرغوب فيها في المجتمع, ولم يترك الشرع مسألة ارتفاع الاسعار للعقل او اجتهادات غير شرعية او اخذ علاجها من المبادئ الاخرى, فقد ينتج عن ذلك آثار سلبيه كبيرة على الناس خاصة وان الظلم الإقتصادي يشمل جميع ابناء المجتمع بخلاف الظلم السياسي الذي يقتصر على الواعين من ابناء الامة.
وفي الدول القائمة في العالم الإسلامي يجب ملاحظه ان هذه الزيادة في الاسعار تُثقل كاهل الناس الذين يرزحون تحت وطأة السياسات الظالمة والجبايات الباهظة والضرائب المرتفعة فتزيد معاناة الناس وفقرهم وتتحدث الدول عن تنمية واستقرار. فالغلاء والاحتكار، واستئثار قلة من الناس بالمال في المجتمع، وغرق كثرة من الناس في الديون، والجوع، ولهاث الإنسان وراء لقمة العيش، كل هذه من سمات النظام الرأسمالي العلماني، فجوهر النظام الرأسمالي يقوم على دفع الناس إلى الصراع على المال ولقمة العيش، وعلى تمكين من تقوى عندهم دوافع التملك والسيطرة من الاستحواذ على ما يستطيعون من الأموال، ولو كان ذلك على حساب ظلم الآخرين، أو استعبادهم، أو إفقارهم أو قتلهم.
وكذلك ان هذه الدول عندما تقدم على رفع الاسعار في حياة الناس لم تُقم وزناً للأحكام الشرعية فهي لم تجعل العقيدة الإسلامية اساساً لا في اخذها للمال ولا في صرف هذا المال لأنها اسقطت قيمة التقيد بالحكم الشرعي في سياستها للناس أي اصبح الحلال والحرام عندها سِيان. ان عدم الإلتزام بالشريعة الاسلامية هو غش للرعية وهو حرام, عن معقل بن يسار عن الني صلى الله عليه وسلم قال ( ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة ) مختصر صحيح البخاري.
ان احتكار الدوله لبعض السلع لزيادة موارد هذه الدولة فإنه يفرض ضرائب وجمارك عليها يدفعها الفقراء من الرعية كل ذلك محرم شرعاً, وهذا يشق على الرعية, عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به» رواه مسلم. ...
ويتحمل ولاة الامر حدوث مثل هذه المشاكل لمسؤوليتهم عن معاناة الناس " عن عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول لله : { كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، فهو مسؤول في توفير ما تحتاجه الرعية ومساعدتهم في توفير الحاجات الاساسية من مأكل وملبس ومسكن, ويجب على الحاكم مراقبة الاسواق وما يحدث فيها فشرع الاسلام منصب قاضي الحسبة لمنع التجاوزات التي تحدث في الاسواق وتنظيمها ومراقبة الاسعار ومنع الاحتكار.
وارتفاع الاسعار يُطلق عليه التضخم في المصطلحات الاقتصادية وهو ارتفاع الاسعار نتيجة لزيادة الطلب على السلع مع توفر سيولة في النقد وندرة المعروض منها.
وارتفاع الاسعار يكون لعدة اسباب :
1- احتكار بعض المواد من قٍبل التجار او جشع بعضهم.
2- ارتفاع الاسعار عالمياً لبعض المواد الاولية.
3- ارتفاع اسعار المواد الخام وانخفاض قيمة العملات وخاصه الدولار
4- ارتفاع تكاليف الشحن والنقل وارتفاع اسعار النفط.
5- زيادة الطلب العالمي والمحلي على السلع.
6- الحروب او الاحداث السياسية.
7- الديون لصندوق النقد الدولي واجراءات حلها من قبل الدول
8- التبعيه للدول الغربيه الكبرى
9- نهب الثروات
والقروض الخارجية هي من اسباب ارتفاع الاسعار التي تخضع فيها الدولة المقترضة لشروط البنك الدولي او للدولة المقرضة التي تفرض على الدول الصغيرة ان تأخذ قروض جبرأً عنها وهنا يحصل تضخم مالي أي كثرة عرض العملة الداخلية للدولة ممّا يُسبب ارتفاع في الاسعارلضعف القوه الشرائيه فيصبح الغني اكثر غناً والفقير اكثر فقراً, لأن الغني هو الذي يستطيع ان يشتري البضائع.
وهنا تقع الدولة المقترضة في حبائل الدول المُقرضة او صندوق النقد الدولي الذي تُسيطر عليه امريكاو وتبدأ المساومات بإنشاء قواعد عسكرية او السير في ركاب امريكا او بالسير بالحل السلمي او تنفيذ سياسات امريكا فأندونيسيا عندما استقلت رفضت اخذ القروض من امريكا فجعلت امريكا تُقيم لها الثورات والقلاقل الى ان خضعت واخذت القروض.وكذلك الدولة العثمانية بسطت النفوذ عليها من جرّاء القروض في اواخر ايامها.واستعمار فرنسا لتونس بعد تقديم القروض.
ومن اسباب ارتفاع الاسعار هو ان تشتري الدول البضائع والنفط وتبيعها بسعر عالي, أي ان الدولة تربح من خلال استيرادها لبعض الحاجات الاساسية وتدّعي انها تدعم هذه السلع وهذا هو الدجل الذي تقوم به الحكومات في العالم الاسلامي, ومن هنا يتبين ان دور الدولة كتاجر جشع ولا تقف الدولة عند هذا الحد بل تفرض الضرائب الجمركية على السلع المستوردة فيدفعها المستهلك لأنها تُضاف الى السعر الاساسي للسلع فترتفع الاسعار.
كذلك فإن الدول في العالم الاسلامي تُسهل تصدير بعض السلع مثل الخضار والفواكه فتُفرّغ السوق المحلية منها وتُعقّد الاستيراد على انواع من الخضار والفواكه وتفرض عليه ضرائب ممّا يجعل الخضار اعلى من سعر الادوية في الصيدليات, ثم تقول الدولة ولسان حالها يقول صوموا فمن لا يقدر على شراء الخبز عليه بالصوم وفائدة الصوم تعوضه ومن لا يقدر على اللباس فلباس التقوى خير ومن لا يقدر على المسكن فالعراء فسيح ومن لا يجد الماء فليذهب الى البحر.
اما ارتفاع الاسعار من فرض الضرائب فيعني زيادة تكلفة السلعة او الخدمات او زيادة الارباح التي يُجنيها الصانع او البائع فترتفع اثمان السلع والحاجيات.فتجد في الدول العربية ان اسعار هذه السلع اعلى بكثير من اسعارها في بلدان العالم.
وتدّعي الدول في العالم الثالث انها فقيرة ولكن فقرها مصطنع فلا تحاول ايجاد اساس اقتصادي ولا تستغل ثرواتها واذا استغلت الثروات فإنها تذهب في طريق الحاكم والشركات الاجنبية الا الفتات.وكذلك عجز الدولة عن التخطيط فإن ابقاء البلد في دوامة الفقر هو محور السياسة الداخلية حتى يُصبح الواحد ويُمسي والرغيف اكبر همه يُشغله عن ما فرض عليه فتصبح الدولة دولة جباية لا دولة رعاية.وهذا بخلاف الدولة الاسلامية فانها دولة رعاية يقول صلى الله عليه وسلم " بُعثت هادياً ولم اُبعث جابياً", فلا رسوم محاكم ولا رسوم رخص ولا طوابع ولا جمارك على بضائع رعايا الدولة يقول صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة صاحب مكس" والمكس هي الجمارك؟
والضرائب في دولة الاسلام على خلاف الاصل فالاصل ان تكفي واردات بيت المال الاساسية من جزية وخراج وزكاة وفيء لحاجاتها فتنفق من بيت المال فإن لم يوجد في بيت المال يُنظر فإن لم يحصل من تأجيل الانفاق مفسدة طبقت عليه قاعدة فنظرة الى ميسرة وان خيف من مفسدة وكان مما يجب على المسلمين اصلاً فعله فرضت الدولة على المسلمين من الرعية بقدر الحاجة لا تزيد عنها وتؤخذ من المسلم ممن يفضل عن اشباع حاجاته الاساسية والكمالية بالمعروف.
اما زيادة الاسعار من الوضع السياسي للعالم الاسلامي وابقاءه مجزّأً حيث ان بعض دول العالم الاسلامي لا توجد بها مقومات دولة لأنها كيانات هزيلة فقيرة وبعضها هزيلة يفيض منها المال مثل دول الخليج لا تعرف كيف تتصرف بالمال فتودعه في البنوك الاجنبية او تستثمره في الدول الكافرة وبعض الدول فقيرة لا تجد المال فتلجأ الى الإقتراض ثم تعجز عن السداد وتُعرّض ارضها للإستعمار وتلجأ الى رفع الاسعار وزيادة الضرائب التي تؤدي ايضاً الى رفع الاسعار فالمشكلة تكمن بتجزئة العالم الاسلامي.
ومن اسباب الغلاء وارتفاع الاسعار الاعتماد على الاستيراد بالكلية حيث يظل المجتمع اسيراً للدول الخارجية المنتجة لتلك السلعة وما تفرضه من قيود, والاصل ان تنتج الدولة نصف ما تأكل على الاقل أي ان على الدولة الاسلامية ان تزرع وتُشجّع الزراعة حتى لا تقع فريسة للدول الاخرى تتحكم بها أي لا تقع الدولة تحت رحمة الدول المصنّعة.
وفي الحديث الشريف "ما اكل احد طعاماً قط خيراً من عمل يده" يُفهم هنا ان تُنتج المواد والسلع محلياً وتُحقق الإكتفاء الذاتي في كل مجالات الإنتاج.
وعند ارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية يؤدي ذلك الى تذمر الناس من الحالة الاقتصادية مًما يدفع الحكومات لتسعير الكثير من المواد الغذائية.والحكم الشرعي في ارتفاع الاسعار بينه الله سبحانه وتعالى ووضّح كيفية علاجه.فقد حرم الاسلام التسعير مطلقاً لما روي عن انس قال " غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله لو سعرت فقال : ان الله هو القابض الباسط الرازق المُسعّر واني لأرجو ان القى الله عز وجل ولا يطلبني احد بمظلمة ظلمتها اياه في دم ولا مال" ولما روي عن ابي هريرة قال : جاء رجل فقال يا رسول الله سَعّر فقال : بل اُدعوا الله ثم جاء آخر فقال يا رسول الله سَعّر فقال بل الله يخفض ويرفع".وتحريم التسعير عام لجميع السلع لا فرق في ذلك بين ما كان قوتاً وما لم يكن كذلك لأن الاحاديث تنهى عن التسعير مطلقاً فهي عامة و لا يوجد ما يخصصها بالقوت او بغيره فكانت حرمة التعسير عامة لشمل كل شيء.
والتسعير حجر على الناس فيما يملكون فمعنى ملكية السلعة ان يكون لمالكها سلطان عليها والتسعير حجر عليه وهو لا يجوز فلا يجوز الحجر عليهم بوضع ثمن محدد لسلعتهم. هذا هو حكم التسعير من الناحية الشرعية, امّّا من حيث الواقع فإن التسعير فيه اشدّ الضرر على الامة في جميع الظروف لأنه يفتح سوقاً خفية للسلع وهي ما يسمونها السوق السوداء فترتفع الاسعار ويحوز السلع الاغنياء دون الفقراء.
وتكون مُعالَجه ارتفاع الاسعار حسب احكام الشرع الاسلامي كما يلي:
1- يجب على الدولة ان تمنع الاحتكار, والمحتكر هو من يجمع السلع انتظاراً لغلائها حتى يبيعها بأسعار عالية بحيث يضيق على اهل البلد شراؤها, والاحتكار حرام شرعاً لورود النهي الحازم عنه في صريح الحديث الشريف فقد روي في صحيح مسلم عن سعد بن المسيب عن معمر بن عبد الله العدوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يحتكر الاّ خاطئ " ولما روي عن الاشرم عن ابي امامة قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يُحتكر الطعام وروي ايضاً بإسناده عن سعيد بن المسيب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من احتكر فهو خاطئ ". فالنهي في الاحاديث يُفيد طلب الترك وذم المتكر بوصفه خاطئ بمعنى مذنب عاصٍ, وقرينه تدل على ان هذا الطلب للترك يُفيد الجزم.
2- على الدولة ان تُلغي ضريبة الجمارك الغاءً تاماً ذلك لأن اخذ الجمارك من رعايا الدولة حرام لما روي عن غقبة بن عامر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا يدخل الجنة صاحب مكس " وعن ابي الخير قال سمعت رويفع بن ثابت يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " انّ صاحب المكس في النار " قال " يعني العاشر " والعاشر هو الذي يأخذ العشر على التجارة التي تأتي من الخارج".
فهذه الاحاديث تدل على انه لا يؤخذ من رعايا الدولة شيء من المكس على تجارتهم وقد فعل ذلك عمر بن الخطاب فلم يأخذ من التجار في الدولة الاسلامية شيء من المكس واقره الصحابة على ذلك فكان اجماعاً سكوتياً وهو دليل شرعي, والمكس هو المال الذي يؤخذ على التجار حين تمر على حدود البلاد فتعبرها لتخرج منها او لتدخل اليها.
وقد روي عن كريز بن سليمان قال كتب عمر بن عبد العزيز الى عبد الله بن عوف القارئ قال " ان اركب الى البيت الذي برفح يقال له بيت المكس فأهدمه ثم احمله الى البحر فأنسفه فيه نسفا".
وفرض الجمارك على السلع قد يوجد عذراً لدى بعض التجار لرفع اسعار سلعهم, وعلى العكس فإلغاء ضريبة الجمارك من شأنه ان يؤدي الى رخص الاسعار.
3- من اهم الوسائل لتي يجب ان تُتّبع لمعالجة ارتفاع الاسعار جلب الدولة للسلع وبيعها في الاسواق لتجبر التجار على تخفيض الاسعار, وهذا ما فعله عمر بن الخطاب الخليفة الثاني للمسلمين حين حصلت المجاعة في الحجاز لندرة الطعام في تلك السنة فقد جلب الطعام من مصر وبلاد الشام الى الحجاز فرخص السلع دون الحاجة الى التسعير. وفي عهد الخليفة المقتدر بالله العباسي تذمر الناس من ارتفاع الاسعار فتقدم المقتدر وفتح ابواب الدكاكين والبيوت الخاصة بالدولة وباع الحنطة والشعير بأقل من سعر السوق فأنخفضت الاسعار.
والدولة بوصفها راعية لشؤون الناس كان عليها ان تُعالج الاساس الاقتصادي الذي تنشأ عنه مثل هذه الإضطرابات في السوق فتعمل على الا تكون البلد سوقاً استهلاكية فقط وذلك بتوجيه السياسة الاقتصادية لإنتاج السلع محلياً حتى لا يكون الناس تحت رحمة السوق العالمي.
ولا يتم معالجة ارتفاع الاسعار بزيادة الرواتب وهذا ينعكس فقط على فئة من الناس ويستثنى الفئة الاكبر, وقد يحل المشكلة لصنف من الاحتياجات فقط ولذلك فهو حل مرفوض ولم يقل به الشرع الاسلامي.
ولا يتم كذلك معالجة ارتفاع الاسعار بالإقتراض من صندوق النقد الدولي لان هذه المؤسسة ذراع من اذرع الاستعمار الغربي والذي عادة يفرض على الدول المدينة رفع الاسعار وحفظ الرواتب مما يؤدي الى ايجاد فجوة اكبر بين الحاكم والمحطوم ولذلك فإن الاقتراض من صندوق النقد الدولي يُغرق الدول بالديون والارتباط بالدول الاستعمارية وزيادة الاسعار.
وهكذا يظهر ان ما تُقدم عليه الدول من تسعير للسلع حرام ويظل التذمر من الناس ومن التجار قائماً وان العلاج الصحيح لمشكلة ارتفاع الاسعار يكمن في منع الاحتكار والغاء ضريبة الجمارك وجلب السلع من الخارج وطرحها في الاسواق وجعل البلد مُنتجا للسلع لا سوقاً استهلاكية.
ان وفرة السيولة بين ايدي الناس يؤدي الى التضخم ورفع الاسعار لذلك يجب امتصاص هذه الاموال ليقل النقد فيقل الطلب لتدور دورتها ولا تبقى في يد فئات من الناس, لذلك شرع الاسلام احكام الزكاة والصدقة والوقف والوصية التي من شأنها ان تساهم في امتصاص السيولة من مرتفعي ومتوسطي الدخل لتضعها في يد محدودي الدخل من الفقراء.
اما زياده الاسعار الحاليه والمفاجئه فانها تعزى الى انخفاض سعر الدولار وارتفاع سعر النفط الذي تتحكم فيه امريكا لصالحها حيث ان انخفاض سعر الدولار يزيد مدخولاتها وتنخفض الاسعار عندها وترتفع سلع غيرها مما يزيد من صادراتها وكأن العالم يدفع الضرائب لامريكا بنظامها الورقي من حيث لا يدري ,وعلى هذا فالأصل التصدي لمسالة هيمنه الدولار والتلاعب فيه من قبل أمريكا والا فان الغلاء سيستمر ويؤدي إلى الفقر والإفلاس والمشاكل ألاقتصاديه لان النظام الرأسمالي لا يملك حلولا لهذه المشاكل
وفي فلسطين فإن السلطة هي المسئولة عن موجة الغلاء الأخيرة، وهي مسئولة بدرجة أكبر عن شدة تأثر أهل فلسطين بهذا الغلاء، مسئولة عن موجة الغلاء لأنها منذ أوسلو الخيانة الكبرى، ومروراً باتفاقية باريس العبودية الاقتصادية العظمى، جعلت أهل فلسطين رهائن لاقتصاد اليهود، وجعلت ما يجري على اليهود يجري عليهم من حيث الضرائب والأسعار، علماً أن دخل المواطن اليهودي هو أضعاف دخل الفرد من أهل فلسطين. وهي تفرض ضرائب وتحقق أرباحاً خيالية في كثير من السلع، خاصة الحيوية منها كالبترول الذي يباع بثلاثة أضعاف التكلفة.أما مسئوليتها عن تأثر أهل فلسطين بهذا الغلاء، فلأنها فرضت عليهم وضاعفت كل أنواع الجبايات والضرائب والجمارك والرسوم والتراخيص، وجعلت الغالبية العظمى من معاملات الناس مربوطة بالجباية وبراءات الذمة،
إن السلطة الفلسطينيه هي أصل الداء بل هي الداء،و هي المسئولة عن إيجاد الحلول ومع علمنا باها لا تستطيع ايجاد الجلول من جذورها لانها تابعه والأمر أعظم وأكبر فالمشكله هي في اساس السلطه ونشاتها والتي قامت على اتفاقيات خيانيه لتضييع قضية فلسطين والسير نحو تصفيتها والتنازل لكيان يهود
وفي الختام فان ما نحن فيه من مشاكل مرده الى التبعية المفروضة علينا من الكافر المستعمر وبمعاونه من حكام السوء الذين استمرؤا هذه التبعية والعمالة فربطوا السياسة والاقتصاد في العالم الإسلامي والعملات ربطا وثيقا بالنظام الغربي وبالدولار الذي يورثنا الفقر والبطالة ورفع الأسعار فلا سبيل لنا في الخلاص من كل هذه المشاكل الاقتصاديه الا بفك هذه التبعية وذلك باقامه نظام اقتصادي إسلامي يعيد إلى العالم استقراره الاقتصادي ويعيد نظام الذهب الى التداول
ان الواجب علينا ان ننظر الى الزيادات في اسعار السلع والى غيرها من سياسات جلبت علينا الضنك والفقر على اساس العقيدة الاسلامية ومن خلال الشرع الاسلامي الحنيف فتقيسها بمقياس الحلال والحرام لا بمقياس النفعية وان نحاسب الدولة على هذا الاساس فلا تتحدث عن معالجات جزئية ترقيعية تجلب علينا سخط الله وتُعقّد المشاكل قال تعالى " ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى(124) قال رب لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا(125) قال كذلك آتتك ءايتنا فتسيتها وكذلك اليوم تُنسى(126)" سورة طه. ان دولة الاسلام الخلافة لو كانت قائمة لما ارتكبت هذه الحكومات هذه المحرمات من احتكار وغش واكل للاموال والملكيات العامة والتسعير وفرض الضرائب وغيرها ولو انها فعلت ذلك لرفعنا مظلمتنا الى محكمة المظالم.
ان النظام الاقتصادي في دولة الخلافة هو نظام محكم فرض من الله سبحانه وتعالى فقد كانت دولة الخلافة الاسلامية المثل المُشرق للعالم اجمع حيث مرت فترة ليست بالقصيرة لم يوجد فيها فقير يُعطى الزكاة وقد عالجت كل مشاكل النظام الاقتصادي وفق احكام الشرع وفرضت نظام الذهب للتداول فيه واللذي يفرض الاستقرار العادل للاقتصاد العالمي.
اننا ندعو المسلمين الى رؤية الحقيقة الظاهرة وهذا الوضع المخزي الذي وصل اليه حالنا فإنني ادعو المسلمين للتقيد بأحكام الشرع الاسلامي الذي يُحرم على المسلمين التسعير ورفع الاسعار وفرض الضرائب بأن يتوحدوا ويُوجّهوا غضبهم على القوانين الرأسمالية الفاسدة التي يُطبّقها الحكام العملاء علينا بارجاع نظام الذهب والفضه للمعاملات الماليه وان نتبنى القضية المصيرية للامة الاسلامية بإعادة الاسلام الى واقع الحياة والمجتمع والدولة وذلك بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة والتي تُطبّق الاسلام في جميع نواحي الحياة في الحكم والاقتصاد والمعاملات والعقوبات والتعليم والسياسة الخارجية والسياسة الداخلية.قال تعالى " ولا تحسبنّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون انّما يؤخّرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"
صدق الله العظيم.
موسى عبد الشكور
Go to the top of the page
 
+Quote Post
الناقد الإعلامي
المشاركة Sep 12 2012, 08:19 AM
مشاركة #2


ناقد إعلامي
*****

المجموعة: Banned
المشاركات: 1,457
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 22



بارك الله في الاستاذ موسى على تسليط الضوء على عمق قضية غلاء الأسعار لتشخيصها ووضع العلاج الشرعي الصحيح لها .
واستكمالاً لفائدة أكبر واثراءً للنقاش نسأل :
نظرة الرأسمالية لفقر الدول وليس لفقر الناس , لكن نظرة الاسلام لفقر الناس لا لفقر الدولة , ذلك أن الدولة لا يمسها فقر فالخيرات التي أوجدها رب العالمين في بلادنا أكثر من كافية . أرجو توضيح الأمر للمتلقين والفرق بين فقر الدول وفقر الأفراد ؟
مع جزيل الشكر للاستاذ موسى عبد الشكور .
Go to the top of the page
 
+Quote Post
موسى عبد الشكور
المشاركة Sep 12 2012, 03:49 PM
مشاركة #3


كاتب وباحث إسلامي
صورة المجموعة

المجموعة: الكتّاب
المشاركات: 749
التسجيل: 27-September 11
رقم العضوية: 1,706



الفقر بين الإسلام والرأسمالية
(مفهوماً ومعالجة)

إن من أعظم المصائب التي لحقت بأمة الإسلام في هذا العصر عقب غياب الحكم بما أنزل الله وبعد وقوعها فريسة للكافر المستعمر، ما حل بأبنائها من فقر واحتياج وعوز لم تشهد مثله من قبل رغم ما تعجّ به بلادها من ثروات وخيرات هائلة، منها الزراعية، ومنها المائية، ومنها الظاهر، ومنها الدفين كالطاقة التي هي عصب الحياة الصناعية وروحها، ومنها ما يتعلق بعمقها الجغرافي، ومنها ما يتعلق بعمقها البشري. أضف إلى ذلك أنها تحيا في عصر التقنية والتطور المادي وسرعة الاتصال ويسر المواصلات. رغم كل هذا تجدها -أي الأمة الإسلامية- تصنف في عداد الأمم الفقيرة، بل المنحطة التي تعتاش على فتات الأمم الكافرة والدول المستعمرة.

أسباب وجود الفقر:
إذا ما تجاوزنا وصف واقع الفقر الذي كثر واصفوه، وأخطأ مشخصوه، وقل معالجوه العلاج الصحيح الشافي، وأردنا أن نلقي نظرة نجمل فيها أسبابه نجدها في أمور أهمها:
1. غياب الحكم بما أنزل الله في شؤون الأمة عامة، وفي الحياة الاقتصادية خاصة، إذ استبدل الكفر جميعاً بأحكام الإسلام كافة، فغدت الأمة في مشارق الأرض ومغاربها تخضع لأحكام الكفر التي جرّت عليها ويلات تتلوها ويلات، ومصائب تعقبها مصائب، وكانت مصيبة الفقر أبرزها.
2. تجزئة الأمة الواحدة ذات الكيان الواحد والحاكم الواحد إلى كيانات متعددة مختلفة منتافرة، مما فرق شمل خيراتها ومواردها وجعلها نهباً لفئات متسلطة، يَـدَّعون أنهم حكام وما هم بحكام، وحرمها من تكامل اقتصادي يغنيها عن العالم أجمع، بل يؤهلها لتسنم مجدٍ لا يُشق له غبار.
3. الاستعمار الذي ما زال يجثو على صدرها، ويلقي بظلاله على جميع جوانب حياتها، ولا سيما الجانب الاقتصادي، حيث أصبحت بلاد المسلمين إحدى مصالحه الحيوية التي يستعد للدفاع عنها والتشبث بها ولو كلفه ذلك الغالي والنفيس، فكانت -وكما تقول أميركا- جزءاً من أمنها القومي، وأبرز معالم هذا الاستعمار:
أ- نهب المواد الخام وموارد الطاقة.
ب- استخدامها أسواقاً لسلعهِ ومنتوجاتهِ، والتفنن في ذلك حتى أدخل معظم الدول القائمة في العالم الإسلامي في ما يسمى بمنظمة التجارة الدولية، حيث رفع الجمارك وتقليص دور الدولة في التجارة الخارجية.
ج- وضعها في قفص المديونية، فلا توجد دولة من هذه الدول إلا وقد وقعت في المديونية للمؤسسات الاستعمارية.
د - تطبيق أحكام النظام الاقتصادي الرأسمالي عليها، فاستباحت الربا، والاحتكار، والتسعير والشركات المساهمة، والتأمين، وتغير مفهوم الملكية لديها واختلفت أسبابها وطرق تنميتها، ومفهوم التجارة الخارجية.
هـ - اشتغالها بالأزمات التي تستدعي تمويلاً يستنـزف خيرات البلاد دون أن تحقق نتيجة ترجى.
و- جعل وجهة نظر المستعمر في الحياة وفي الاقتصاد قِـبْـلةَ المسلمين في حل مشاكلهم الاقتصادية، والتي تتلخص في القروض والضرائب وتقليص دور الدولة في رعاية شؤون الناس، والذي يعرف بالخصخصة وفتح البلاد أمام الاستغلال أو الاستثمار الأجنبي وتأجير البلاد كقواعد عسكرية... إلخ.
4. غياب مفهوم رعاية الشؤون عن الدولة وعن الأمة، إذ إن الدولة في الإسلام تعني رعاية شؤون الناس داخلياً وخارجياً أفراداً وجماعةً، وهذا أمر كان مفهوماً عند الحكام ومن ناب عنهم، فاستقاموا وجهدوا في تحقيقه على أحسن وجه. وكان أيضاً مفهوماً عند الأمة التي ما توانت في محاسبتهم كلما رأت منهم تقصيراً أو تجاهلاً لشأن من شؤونها، إلا أن الأمر قد انقلب رأساً على عقب، فجاءنا حكام لا يعرفون إلا رعاية شؤون أنفسهم، والمحافظة على مصالح ساداتهم الكفار المستعمرين، والتسلط على الناس وإذلالهم وأكل حقوقهم، فأوجدوا جواً مفعماً بالظلم والجهل والفقر، فغاب عن الناس مفهوم الرعوية، فغدوا يرون البلاد والعباد ملكاً لهؤلاء الحكام يتصرفون فيه تصرف المالك بملكه، ولا يرون لأنفسهم حقاً عليهم، بل رأوا أنفسهم مسؤولين عن شؤونهم الخاصة والعامة، ولا أدل على ذلك من ترنحهم في الفقر والهوان دون أن يلتفتوا إلى حكامهم لمطالبتهم بما يصلح حالهم. والأدهى من ذلك أن ترى وجوههم تعلوها البهجة والسرور والعرفان بالجميل، إذا ما فطن الحاكم لبعض مآسيهم، وتصدق عليهم بفتات ما نهب منهم.

النظرة الرأسمالية للفقر
ينطلق الرأسماليون في نظرتهم للفقر من نظرتهم للمشكلة الاقتصادية التي يسعون لحلها ويسمونها نظرية الندرة النسبية للسلع والخدمات، والتي تنص على كثرة الحاجات وقلة وسائل إشباعها، أي عدم كفاية السلع والخدمات الموجودة في هذا الكون لإشباع حاجات الإنسان المتجددة والمتزايدة إشباعاً كلياً. فالمشكلة عندهم إذن هي الحاجات والموارد وليس الإنسان، أي هي توفير الموارد لإشباع الحاجات، وليس إشباع حاجات كل فرد من الأفراد، فخلطوا بذلك بين علم الاقتصاد والنظام الاقتصادي، فكانت الدراسات الاقتصادية تدور حول العمل على زيادة ما يستهلكه مجموع الناس من السلع والخدمات. أضف إلى ذلك أنهم عرّفوا الحاجة بأنها الرغبة، فكل ما ترغب فيه فأنت تحتاجه، ولم يميزوا بين حاجات أساسية فطرية في الإنسان وهي المأكل والملبس والمسكن، وبين حاجات كمالية تتغير وتتطور كلما تقدمت المدنية، وهذا هو السر في ادعائهم ازدياد الحاجات. وذهبوا إلى ما هو أخطر عندما اعتبروا هذه الرغبة هي مقياس المنفعة في الشيء، فالرغبة في الشيء هي التي تجعله نافعاً اقتصادياً أو غير نافع.
ومن هذه النظرة التي تقوم على أساس الندرة النسبية للسلع والخدمات، وأن الحاجة هي الرغبة، وأن هذه الخدمات تتغير تبعاً للتطور المادي والمدني، عرفوا الفقر بأنه عدم القدرة على إشباع الحاجات من سلع وخدمات، وأنه يختلف باختلاف الأمم والأشخاص، فهو شيء نسبي اعتباري، فالأمم المنحطة تكون حاجات أفرادها محدودة في السلع والخدمات الضرورية، فيكون الفقر فيها عدم القدرة على الحصول على هذه السلع والخدمات. في حين أن الأمم المتمدنة المتقدمة مادياً تكون حاجات أفرادها كثيرة يحتاج إشباعها إلى سلع وخدمات أكثر، فيعتبر الفقر فيها غير الفقر في البلدان المتأخرة، فمثلاً يعتبر عدم إشباع الحاجات الكمالية في أوروبا وأميركا فقراً، في حين لا يعتبر عدم إشباع الحاجات الكمالية مع إشباع الحاجات الأساسية في مصر والعراق مثلاً فقراً، وهذا خطأ محض لأنهم جعلوا الفقر شيئاً اعتبارياً وليس حقيقياً، وهذا مخالف لواقع الفقر الذي لا يختلف باختلاف زمان أو مكان، أو بتقدم مدني أو انحطاط، ولأن التشريع أي تشريع موضوع للإنسان لا بد أن ينظر للإنسان عند وضع المعالجات للمشاكل بوصفه إنساناً يتكون من حاجات عضوية وغرائز لا بوصفه فرداً.
ولم تقف الرأسمالية عند الخطأ في تعريف الفقر، بل أنها أوجدته وساعدت في تكريسه عند نظرتها إلى توزيع الثروة، إذ يرون إنها تتم ضمن طريقتين: الأولى حرية التملك، فبعد توفير الموارد والثروات لمجموع الناس، يترك لهم حرية التملك، دونما تحديد لأسباب معينة له، أو إشارة إلى طرق تنمية معينة له، وهذا حتماً يؤدي إلى تركيز الثروة وحصرها في أيدي فئة قليلة، وحرمان فئات أخرى منها، أي يؤدي إلى سوء توزيع الثروة، فشاعت الاحتكارات الرأسمالية التي تعدت سيطرتها حدود المجتمعات الرأسمالية إلى باقي أنحاء العالم، فاستبد المنتجون بالمستهلكين وشاع الفقر والحرمان.
أما الطريقة الثانية عندهم لتوزيع الثروة فهي الثمن، فالثمن عندهم هو المنظم لتوزيع الثروة على أفراد المجتمع، فيقولون إنه القيد الذي يجعل الإنسان يتوقف عن الحيازة والاستهلاك عند الحد الذي يتناسب مع موارده. وبذلك يكون الثمن بارتفاعه لبعض السلع وانخفاضه لبعضها، وتوفر النقد عند البعض وعدم توفره عند الآخرين، يكون منظماً لتوزيع الثروة على المستهلكين، ويكون نصيب كل فرد من ثروة البلاد ليس بمقدار حاجاته الأساسية، وإنما هو معادل لقيمة الأعمال التي ساهم بها في إنتاج السلع والخدمات، أي بمقدار ما يحوز من مال.
وبهاتين القاعدتين حرية التملك والثمن يكون النظام الاقتصادي الرأسمالي قد قرر أنه لا يستحق الحياة إلا من كان قادراً على المساهمة في إنتاج السلع والخدمات أو امتلاكها بأي سبب يناسبه، أما من كان عاجزاً لأنه خُلِقَ ضعيفاً، أو لضعف طرأ عليه، فلا يستحق أن ينال من ثروة البلاد ما يسد حاجاته، وكذلك يستحق التخمة والسيادة والسيطرة على الغير بماله كل من كان قادراً على ذلك لأنه خُلِقَ قوياً في جسمه أو عقله، أو كان أقدر من غيره على الحيازة بأي طريق من الطرق.
أما تصورهم لحل مشكلة الفقر والقضاء عليه فهو على النحو التالي:
ما دامت المشكلة الاقتصادية هي محدودية الموارد، وتناقصها بالنسبة للحاجات المتزايدة غير المحدودة؛ كان تصورهم للحل هو توفير هذه الموارد، أي السلع والخدمات، بمعنى آخر هو رفع مستوى الإنتاج، أي زيادة ما يستهلكه الناس، مجموع الناس، لا الأفراد، فبرز عندهم ما يسمى بحجم الإنتاج الأهلي، وينظم هذا التوزيع بجهاز الثمن، فيترك للأفراد نوال ما يستطيعون من هذه الثروة كل بحسب ما يملك من عوامل إنتاجها، سواء حصل الإشباع لجميع الأفراد أو حصل لبعضهم دون البعض الآخر. وهذه معالجة خاطئة لا تؤدي إلى القضاء على فقر الأفراد ولا إلى رفع مستوى معيشتهم جميعاً؛ لأن الحاجات التي تتطلب الإشباع هي حاجات فردية مع كونها حاجات إنسان، ولأن معالجة فقر البلاد لا يعالج مشاكل فقر الأفراد فرداً فرداً، ولكن معالجة فقر الأفراد وتوزيع ثروة البلاد عليهم يؤدي حتماً إلى زيادة الدخل الأهلي، ولأن العوامل التي تؤثر في حجم الإنتاج وزيادة الدخل الأهلي يكون بحثها في علم الاقتصاد، أي في بحث المادة الاقتصادية وزيادتها، أما الفقر فبحثه متعلق بتوزيع الثروة بين الناس وهو ما يسمى بالنظام الاقتصادي.


أما نظرة الإسلام إلى الفقر فقد انطلقت من الاعتبارات التالية:
1. المشكلة الاقتصادية التي تواجه المجتمع هي توزيع ثروة البلاد الداخلية والخارجية على جيمع أفراد الأمة فرداً فرداً، بحيث يضمن إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد إشباعاً كلياً، وتمكين كل فرد منهم من إشباع حاجاته الكمالية.
2. حاجات الإنسان الأساسية من حيث هو إنسان هي: المأكل، والملبس، والمسكن، وهي لا تزيد، وإنما الذي يزيد ويتجدد هو حاجاته الكمالية، فالزيادة في الحاجات التي تحصل مع تقدم الإنسان في حياته المدنية إنما تتعلق بالحاجات الكمالية لا الحاجات الأساسية، وهذه يعمل لإشباعها ولكن عدم إشباعها لا يسبب مشكلة، بل الذي يسبب المشكلة هو عدم إشباع الحاجات الأساسية. هذا من جهة الحاجات، أما من جهة الموارد أي الأموال والجهود التي يسمونها السلع والخدمات الموجودة في العالم، فإنها كافية لإشباع الحاجات الأساسية والكمالية أيضاً.
3. زيادة الدخل الأهلي برفع مستوى الإنتاج هو أمر متعلق بواقع البلاد من حيث الموارد والثروات، ويبحث فيه علم الاقتصاد، ولا علاقة له بتوزيع الثروة الذي يبحث فيه نظام الاقتصاد. فهناك فرق بين علم الاقتصاد ونظام الاقتصاد.
وانطلاقاً من هذه الاعتبارات، نظر الإسلام إلى الفقر نظرة واحدة لا تختلف باختلاف زمان أو مكان، أو بانحطاط مدني أو تقدم، فاعتبره عدمَ إشباع الحاجات الأساسية إشباعاً كاملاً، وقد حدد الشرع هذه الحاجات الأساسية بثلاث هي: المأكل، والملبس، والمسكن، قال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة 233]، وقال عز وجل: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق 6]، وروى ابن ماجه عن أبي الأحوص قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهنّ كسوتهنّ وطعامهنّ»؛ وعليه فالحاجات التي يعتبر عدم إشباعها فقراً هي الطعام والكسوة والمسكن، أما ما عداها فيصنف ضمن الحاجات الكمالية التي لا يشكل عدم إشباعها مشكلة. وبناءً على هذه النظرة لمشكلة الفقر وضع الإسلام معالجات مباشرة وفورية للقضاء عليه، وحماية الأمة من مخاطره، تتمثل في توفير ما يسد حاجات الفقير مباشرة، وتحديد الجهات التي تتحمل مسؤولية ذلك، ووضع الإسلام أيضاً سياسة اقتصادية مثلى، يجنّب تطبيقُها والالتزامُ بها الأمةَ الفقرَ ويحميها منه، حيث تتساوق هذه السياسة ونظرته للمشكلة الاقتصادية، وتجعل من الفرد محوراً تدور حوله جميع أحكامها، حيث راعت فيه ثلاثة جوانب: الأول كونه إنساناً له حاجات أساسية يجب إشباعها جميعها إشباعاً كاملاً.
أما الجانب الثاني فباعتبار فرديته، وذلك أن الحاجات الأساسية هي حاجات أفراد معينين وليست حاجات جماعة. وأما الجانب الثالث فباعتباره مرتبطاً مع غيره بعلاقات معينة تسير تسييراً معيناً، أي باعتباره يعيش في مجتمع معين له طراز خاص من العيش.
وهكذا يرى الإسلام أن الفقر ليس مشكلة أفراد عجزوا عن إشباع حاجاتهم الأساسية فحسب، بل يراه أيضاً مشكلةً تتعلق بالمجتمع من حيث الأثار التي يتركها، من مثل التفاوت الفاحش بين الأفراد في حيازة الثروة وإشباع الحاجات ما يُشعِرُ بوجود الطبقات، ومن حيث الآثار الاقتصادية الخطيرة التي يخلفها، وأهمها تلك التي تتعلق باستغلال ثروات البلاد وحرمان الجماعة من طاقات الأفراد، ومن حيث الفساد الذي يطرأ على علاقات الناس بعضهم ببعض من سرقة ونهب وحسد وتباغض مما يترك آثاراً سلبية على الأمن والاستقرار، وهكذا نرى أن الفقر هو مشكلة أفراد يعيشون في مجتمع معين له طراز خاص من العيش، فكان علاجه يتراوح بين العلاج المباشر وبين السياسة الاقتصادية التي هي أحكام شرعية تضمن الوقاية من الفقر والعلاج غير المباشر له. فهَاكُمُوها مختصرة:

المعالجة المباشرة:
وتكون من جانبين، الجانب الأول: فيما يتعلق بالفرد نفسه، حيث حثَّ الإسلامُ الفردَ على الكسب وعلى طلب الرزق، بل جعل السعي لكسب الرزق فرضاً على القادر المحتاج، روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صافح سعد بن معاذ، رضي الله عنه، فإذا يداه قد اكتبتا، فسأله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك فقال: أضربُ بالمر (الحبل) والمسحاةِ لأنفقَ على عيالي، فقبَّلَ (صلى الله عليه وآله وسلم) يدَه، وقال: كفان يحبهما الله تعالى.
أما الجانب الثاني: فقد جعل الشرع إعانةَ الفقير على غيره، حتى يتوفرَ له ما يشبع هذه الحاجات الأساسية، وقد فصلها على النحو التالي:
أ - أوجبها على الأقارب الذين يكونون رَحِماً محرّماً له، قال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة 233]، أي على الوارث مثل المولود له من حيث الرزق والكسوة.
ب - إن لم يكنْ له أقارب ممن أوجب الله عليهم نفقة قريبهم انتقلت إلى بيت المال في باب الزكاة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك كلاًّ فإلينا» والكـــلّ الضـــعيف الذي لا ولدَ له ولا والد، وقال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة 60].
ج - إنْ لم يَفِ قسمُ الزكاة من بيت المال في حاجات الفقراء والمساكين كان واجباً على الدولة أن تنفق عليهم من أبواب أخرى من بيت المال.
د - إن لم يوجد في بيت المال مالٌ يجب على الدولة أن تفرضَ ضريبة على أموال الأغنياء وتحصلها لتنفقَ على الفقراء والمساكين منها، فسدُّ حاجات الفقراء فرض على جميع المسلمين، قال عليه الصلاة والسلام: «أيُّما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤٌ جائع فقد برئتْ منهم ذمةُ الله تبارك وتعالى» رواه أحمد. وقد ألزم الرسولُ (صلى الله عليه وآله وسلم) الأنصـارَ بإعالة المهـاجرين الفقـراء، وقال تعـالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات]، فكل ذلك يدل على أنه فرض على جميع المسلمين، وما كان فرضاً على جميع المسلمين كان على الخليفة بما عليه من واجب رعاية شؤونهم أن يحصل المال منهم؛ ليقوم بما هو فرض عليهم. والذين تجب عليهم النفقة من أقارب الفقير ويدفعون الضريبة من المسلمين هم من كانوا في حالة غناء، أي من استغنوا عن غيرهم، ويعتبر الشخص في غَناء إذا كان ممن تُطلَب منه الصدقة، أما من نهي عن الصدقة فلا؛ لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى»، والغنى كما حدده الفقهاء هو ما يقوم بقوت المرء من قوت مثله، وبكسوتهم كذلك وسكناهم وبمثل حاله من مركب وزي، روى مسلم عن جابر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا يقول فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك» ونفقة الإنسان عن نفسه هي سده لكفاية حاجاته التي تتطلب إشباعاً، وليست كفاية حاجاته الأساسية فحسب؛ وذلك لأن الشرع أوجب عليه نفقة زوجته بالمعروف، وقد فسر بأنه حسب حالها وأمثالها، قال تعالى: {رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة 233] فتكون نفقته على نفسه أيضاً بالمعروف.

السياسة الاقتصادية أو ما نسميه المعالجة غير المباشرة للفقر:
أولاً: الملكيات
وإذ قسّم الإسلام الثروات في هذه الدنيا على ثلاث فئات: الفرد والجماعة والدولة، وكان الاعتبار الأول في هذا التقسيم هو توزيع الثروة بين الناس؛ فقد أقر الإسلام بحاجة الإنسان الفطرية لحيازة الثروة، فلم يمنعه من حيازتها، ولم يمنعه من السعي لها وتنميتها والتصرف بها، ولكن ضمن أسباب مشروعة تمنع الاضطراب والفساد الذي يسود علاقات الناس بسبب تفاوتهم في القوى الجسمية والعقلية وفي الحاجة إلى الإشباع. فكما أن الإسلام منع إلغاء الملكية أو تحديدها بِالكمّ فإنه أيضاً حارب حرية التملك، وجاء بتشريعات وتوجيهات تصون مالَ الفرد وتحفطه من اعتداءات الآخرين. وجعل الإسلام أموالاً أو أعياناً معينة مشتركة بين الناس ومنع الفرد من حيازتها، فجعلهم ينتفعون بها بشكل جماعي، وجعل للدولة ملكية تخضع لتدبير الخليفة يخص بعض الأفراد بشيء منها حسب ما يرى، وذلك كالجزية والفيء والخراج وغيرها، وتمكنها من رعاية شؤون الناس التي على رأسها توفير الحاجات الأساسية للفرد.

ثانياً: أحكام الأراضي
وأبرزها إحياء الـمَوَات، فكل فرد من أفراد الرعية إذا أحيا أرضاً لم يظهر عليها أنه جرى عليها ملك أحد من إحاطة أو زرع أو عمارة أو نحو ذلك تملَّـكها، لما روي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "مَن أحيا أرضاً ليست لأحد فهو أحق"، ولم يكتفِ الإسلام بذلك بل نص على جواز إقطاع الأفراد والأرض العامرة الصالحة للزراعة التي تعود ملكيتها للدولة، وهذا ما فعله الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأجمع عليه الصحابة بعده.
وإمعاناً في الحرص على استغلال الأرض، أجبرَ الإسلامُ مالكَها على استغلالها، بأن نصّ على أخذها منه وإعطائها لغيره إذا ما أهملها ثلاثَ سنين، قال عمر بن الخطاب: «ليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين»؛ لأن الشرع جعل لملكية الأرض معنىً غيرَ ملكية الأموال الأخرى المنقولة وغير المنقولة، إذ جعل ملكيتها للزراعة، فإذا عُطِّلتْ المدةَ التي نص الشرعُ عليها ذهب معنى ملكيتها عن مالكها. ولا يخفى على أحد ما في هذه الأحكام من محاربة للفقر بتمليك الأفراد عنصراً هاماً من عناصر الثروة وهي الأرض دون مقابل، وإجبارهم على استغلالها.

ثالثاً: أحكام الشركات
فقد أجاز الإسلام الشركة، واشترط في صحتها وجود البدن، ولم يشترط على شريك البدن امتلاك المال، وجعل الخسارة على المال لا على البدن. فأوجد فرصة عظيمة لمن لا يملك إلا جهده أن يوفر لنفسه مصدر رزق يسد منه حاجاته. فالعقد في الشركة منصبّ على القيام بعمل ماليّ بقصد الربح. فلا بد من القيام بعمل، أي لا بد من شريك بدن ولا بد من قصد الربح.

رابعاً: إعطاء الفقراء من أملاك الدولة كالغنائم والأملاك العامة
وهي أن يُعطى الفقراء مالاً منقولاً و غير منقول، لا ليقضيَ الأفرادُ حاجاتهم بشكل مؤقت، بل من أجل تمليكهم الثروة التي تضمن سداد حاجاتهم بشكل مستمر، أي تمليكهم وسائل قضاء حاجاتهم. ويكون هذا أكثر ما يكون عندما يُرى تفاوتٌ بين الناس في الملكية، أي عندما ينحصرُ المال في أيدي فئةٍ من الناس، قال تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ} [الحشر 7]، وهذا ما فعله الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بفيء بني النضير.

خامساً: منع الحمى في المنافع العامة
والحمى هو المكان المحمي الذي لا يجوز أن يرعى فيه غيرُ مَن حماه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا حمى إلا لله ولرسوله»، والحمى المنهي عنه يشمل أمرين: الأول: الأرض الميتة التي لكل واحد من الناس أن يحيِيَها ويأخذَ منها، والثاني: ما هو من الملكية العامة من مثل الماء والكلأ والنار، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من منع فضل الماء ليمنعَ به فضل الكلأ منعه الله فضلَه يوم القيامة». أما الدولة فلها أن تحميَ من الأرض الموات وما هو داخل في الملكية العامة لأي مصلحة تراها من مصالح المسلمين، على شرط أن يكون ذلك على وجه لا يُلحق الضرر بأحد. أما الأفراد فلا يجوز لهم ذلك.

سادساً: منع كنـز الذهب والفضة
ولعله من أبرز الأحكام التي جاءت لمعالجة سوء التوزيع بصورة غير مباشرة. والكنـز يعني جمع المال أي النقد بعضه إلى بعض لغير حاجة، وهذا يؤدي إلى تقليص المشاريع الاقتصادية مما يؤدي إلى البطالة والتي بدورها تؤدي إلى الفقر. قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِـزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة 34].

سابعاً: منع الإسلام الربا
وواقع الربا أن هذه الفائدة التي يأخذها المرابي هي استغلال لجهد الناس، وهي جزاء من غير بذل جهد، ولأن المالَ الذي يؤخَذ عليه ربا مضمونٌ غير معرض للخسارة، وهو غير استغلال المال بالشـراكة والمضـاربة وغيرها، قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة 275]. وفي الوقت الذي منع فيه الربا، حث الإسلام على الإقراض والاستقراض؛ لأن المحتاج للمال إما أن يحتاجه لأجل العيش وقد سدها الإسلام بضمان العيش لكل فرد من أفراد الرعية، وإما أن يحتاجه لأجل مشروع إنتاجي وقد سدها الإسلام بإقراض المحتاج دون ربا، روى ابن حبّان عن ابن مسعود أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقة مرة»، فإقراض المحتاج مندوب، والاستقراض مندوب أيضاً؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يستقرض.
وإذا ما قُضِيَ على البنوك الربوية يبقى بيت المال وحده الذي يقوم بإقراض المال لأصحاب المشاريع بلا فائدة، بعد التحقق من إمكانية الانتفاع بالمال، وهذا ما فعله عمر مع فلاحي العراق.

ثامناً: منع الاحتكار
والاحتكار هو جمع السلع انتظاراً لبيعها بأسعار غالية بحيث يضيق على أهل البلاد شراؤها، وهو حرام في جميع الأشياء سواء أكانت طعاماً أم غيره. روي عن أبي أمامة قال: «نهى رسول الله أن يحتكر الطعام»، وفي صحيح مسلم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «لا يحتكر إلا خاطئ»، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة». والاحتكار يشكل أخطاراً كبيرة على المجتمع، منها عدم تمكين ضعيفي الحال من تحصيل حاجاتهم بسبب الغلاء، مما يوجد تفاوتاً بين الناس، ويشهد لذلك واقع الأمة بل واقع العالم أجمع اليوم، الذي تحتكر خيراته بضع شركات.

تاسعاً: منع الدولة من التسعير
والتسعير هو أن يأمر السلطانُ أو نوابُه أو كلُّ مَنْ ولي أمراً من أمور المسلمين أهلَ السوق أن لا يبيعوا السلع إلا بسعر كذا، فيُمنعون من الزيادة حتى لا يغلوا الأسعار، أو النقصان عنه حتى لا يضاربوا غيرهم، وهذا كله حرام لما روى أحمد عن أنس قال: «غلا السعر على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله، لو سعرت، فقال: إن الله هو الخالق، القابض، الباسط، الرازق، المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال»، فالتسعير مظلمة فهو حرام. وأبرز آثار التسعير أنه يفتح سوقاً خفية يبيع فيها الناس بيعاً مستوراً عن الدولة بعيداً عن مراقبتها، وهي ما يسمونها بالسوق السوداء، فترتفع الأسعار ويحوز السلعة الأغنياء دون الفقراء.
وغلاء الأسعار إما أن يكون بسبب احتكارها وهذا قد حرمه الإسلام، وإما أن يكون ناتجاً عن ندرتها، والخليفة في هذه الحال مأمور برعاية مصالح الناس فعليه أن يسعى لتوفيرها، وبهذا يكون قد منع الإسلامُ الغلاءَ دون الحاجة إلى التسعير.


عاشراً: منع الإسلام الفرد من أن يهب أو يهدي أو يتصدق إلا فيما يبقى له ولعياله غنى
روى الدارمي عن جابر بن عبد الله قال: "بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا جاءه رجل بمثل البيضة من ذهب أصابها في بعض المغازي (قال أحمد: في بعض المعادن، وهو الصواب)، فقال: يا رسول الله، خذها مني صدقة، فَوَاللهِ مالي مالٌ غيرها. فأعرضَ عنه، ثم جاء من ركنه الأيسر فقال مثل ذلك، ثم جاءه من بين يديه فقال مثل ذلك، ثم قال هاتها مغضباً، فحذفه بها حذفة لو أصابته لأوجعه أو عقره، ثم قال: يعمد أحدكم إلى ماله لا يملك غيره فيتصدق به ثم يقعد يتكفف الناس، إنما الصدقة عن ظهر غنى، خذ الذي لك، لا حاجة لنا به، فأخذ الرجل ماله".

هذه هي بعض الخطوط العريضة من السياسة الاقتصادية في الإسلام، والتي بها ننقذ الأمة بل العالم من براثن الفقر والعوز والحاجة، ولا يمكن أن تطبق هذه السياسة إلا في ظل دولة الخلافة الراشدة القادمة بإذن الله، فالأمة في أمَسِّ الحاجة لها، بل العالم أجمع؛ يقول تقرير للأمم المتحدة إن مليار شخص في العالم محرومون من الأساسيات، أي الحاجات الأساسية، ومنها الماء، وإن 20% من سكان العالم يستهلكون 86% من ثرواته.

منقول
Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Sep 12 2012, 09:05 PM
مشاركة #4


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

بارك الله في الكاتب على ما كتب من تقرير شامل فيه الحقائق اللازمة لحل المشكلة، فالقضية قضية مصيرية - هي قضية حياة أو موت - ولازما تُناقش وتُعطى إهتمام عالمي وتغطية إعلامية مكثفة تليق بحجم المشكلة، و كما لازما تُناقش على أساس العقيدة الإسلامية وعلى أساس الحلول التي وضعها الله سبحانه للبشر في نظام الإسلام، كونه النظام العالمي الوحيد - وذلك معروف للجميع - الذي حل هذه المشكلة حلا ناجعا، لكن غاليا ما تُناقش هذه القضية المهمة من زاوية الرأسمالية بإعتبارها النظام السائد في العالم اليوم وكيفية إيجاد حلول للمشاكل بدلا عن الإعتراف بفشلها الكامل وتسببها في الآزمة الإقتصادية وتداعياتها المدمرة.







Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 28th March 2024 - 04:22 PM