منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> قَامَةُ الخَلافَةِ هِيَ النَّجَاحُ الحَقِيقِيُ للثَوْرَاتِ
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 3 2016, 10:15 AM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



نص محاضرة ألقيت في فلسطين قبل عدة سنوات


بسم الله الرحمن الرحيم


إِقَامَةُ الخَلافَةِ هِيَ النَّجَاحُ الحَقِيقِيُ للثَوْرَاتِ



الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على رسولِنا الكريم محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أيها الإخوةُ الحضور:

في مثلِ هذهِ الأيامِ مِنْ شهرِ رجبٍ الخير في الثامنِ والعشرينَ منه، هدمَ الكافرُ المستعمرُ بواسطةِ عميلِهم مصطفى كمال أتاتورك دولةَ الخلافةِ الإسلاميةِ، وقد مضى على هدمِها تسعونَ سنةً، والأمةُ الإسلاميةُ تنهالُ عليها المصائبُ والنكباتُ والويلاتُ، حُكِمتْ مِنْ قِبلِ حكامٍ عملاءَ للكافرِ المستعمرِ، قهروا الأمةَ وأذلوها واستعبدوها وكَمَّموا الأفواهَ ومكَّنوا الكافرَ مَنْ نهبِ ثرَواتِ الأمة، فانتشرَ الفقرُ والجوعُ والحِرمانُ، وأفقدوها كلَّ أملٍ بالتغيير.

إلا أنَّ تَتالي الطَّرْقَ على رأسِ الأمةِ الإسلاميةِ قد أيقظَ فيها مَكنوناتِ هذه العقيدةِ، وأوجدَ التفكيرَ السياسِيَّ عِندَها، ما جَعَلَها تَتَنَبَّهُ لأسبابِ ولواقعِ ما هيَ فيه من فقرٍ وعَوَزٍ وبِطالةٍ وتَأخُّرٍ، وها قد عُرِفَ العدوُّ الحقيقي، فلا تُريدُ الأمةُ تغييرَ أشخاصٍ أو استبدالَ فِرعونَ بفرعونٍ، بل تُريدُ إسقاطَ هذه الأنظمةِ لتعودَ إلى حُكْمِ الإسلام، وإنها لقادرةٌ على الفِعلِ والتغييرِ، وأصبحَ شِعارُها " موتٌ في طلبِ عزٍّ خيرٌ من حياةٍ في ذُل " ، " على الجنةَ رايحين شهداءَ بالملايين" ، انطلاقٌ من المساجِد، صلواتُ جُمعةٍ في الميادين، صَيْحاتُ التكبيرِ والتهليل، استبشارُ الآباءِ والأمهاتِ باستشهادِ أبنائِهم وارتقائِهم إلى رِضْوان الله، فسقطَ فِرْعونُ تُونُسَ وسقطَ فِرعونُ مِصرَ، وفِرعونُ ليبيا على الطريق، وإنَّ فِرعونَ سوريا سيسقطُ سُقوطًا مُريعًا بإذن الله، سقط حاجزُ الخوفِ فكانتْ الجُرأةُ والشجاعةُ، فأنتجتْ مَشهدًا بُطولياً لم يسبقْ له مَثيل، فكُلما زادَ القَتْلُ والتَدْميرُ والاعتقالُ والتعذيبُ كانتْ رَدةُ الفعلِ عَكسيةً، إصرارٌ وتَحَدٍ لإسقاطِ النظام، فبدأتْ خيريةُ الأمةِ بالظُهور ، قال عليه الصلاة والسلام : (( إذا رأيتَ أمتي تَهابُ أنْ تقولَ للظالمِ أنتَ ظالمٌ فقد تُوُدِّعَ منهم )) وروى النَسائيّ عن ثابتٍ البَنانَيّ عن أنسِ بن مالكَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال : (( أمتي كالمطر لا يُدرى أولُهُ خيرٌ أم آخِرُهُ))

إلا أنَّ التغييرَ الذي حصلَ في كلٍّ من تُونُسَ ومِصرَ هو تغييرٌ شَكليٌ أو تَجميليٌ، فبَقِيَ رموزُ النظامِ السابقِ في الحُكْمِ ،والدُستورُ والقانونُ لا زال قائمًا على الأُسُسِ الغَربيةِ في الكُلياتِ والجُزئياتِ، وإنَّ التعديلاتِ التي حصلتْ في بَعْضَ الموادِّ لم تُخْرِجْهُ عن واقِعِهِ، حتى أنَّ بعضَ الدَعواتِ في مِصرَ من قِبَلِ جِهاتٍ وطنيةٍ طالبتْ بتغييرِ المادةِ الثانيةِ والتي تَنُصُّ على أنْ يكونَ رئيسُ الدولةِ مسلمًا، طالبتْ بتغييرها ليُصبحَ رئيسُ الدولةِ مسلمٍا أو قِبْطيا أو اشتراكيًا أو غَيرِ ذلك، وأيدَهم في ذلك بعضُ الإسلاميين .

يقولُ السيدُ قطب رحِمَهُ اللهُ في ظِلالِ القرآنِ عند الحديثِ عن قولِه تعالى :{ وإنْ كادُوا لَيَفْتِنونَكَ عن الذي أوْحَيْنا إليكَ لِتَفْتَرِيَ علينا غِيْرَهُ وإذًا لاتَّخَذوكَ خَليلًا* ولَولا أنْ ثَبَّتْناكَ لقد كِدْتَ تِرْكَنُ إليهِمْ شيئًا قَليلًا * إذًا لأَذِقْناكَ ضِعْفَ الحياةِ وضِعْفَ المَماتِ ثمَّ لا تَجِدُ لكَ عَلِينا نِصيرًا * وإنْ كادُوا لَيِسْتَفِزُّونَكَ مِن الأرضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وإذًا لا يَلبَثونَ خِلافَكَ إلا قليلًا * سُنَّةَ مَنْ قد أرسَلنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا ولا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْويلًا}(الإسراء 73-77).

هذه المحاولاتُ التي عَصمَ اللهُ منها رسولَه ، وهي مُحاولاتُ أصحابِ السلطانِ مع أصحابِ الدَعَواتِ دائمًا ، محاولةُ إغرائهم لِينحرفوا -ولو قليلًا - عن استقامةِ الدعوةِ وصلابَتِها ، ويَرضُوا بالحلولِ الوَسَطِ التي يُغرونَهم بها في مقابلِ مَغانِمَ كثيرة ، ومِنْ حَملةِ الدعواتِ مَنْ يُفْتَنُ بهذا عِن دَعوتِهِ لأنه يِرى الأمرَ هَيِّنًا ، فأصحابُ السلطانِ لا يَطلبونَ إليهِ أنْ يتركَ دَعوَتَهُ كُليًا ، إنما هُم يَطلبونَ تعديلاتٍ طفيفةً لِيَلْتَقيَ الطرفانِ في مُنتصفِ الطريق ، وقد يَدخلُ الشيطانُ على حاملِ الدعوةِ مِنْ هذه الثغرةِ ، فيَتَصورُ أنَّ خيرَ الدعوةِ في كسبِ أصحابِ السلطانِ إليها ولو بالتنازلِ عن جانبٍ منها ! ولكنَّ الانحرافَ الطفيفَ في أولِ الطريقِ ينتهي إلى الانحرافِ الكاملِ في نهايةِ الطريق ، وصاحبُ الدعوةِ الذي يقبلُ التسليمَ في جزءٍ منها ولو يِسيرٍ ، وفي إغفالِ طرفٍ منها ولو ضئيلٍ ، لا يملكُ أن يقفَ عندَ ما سَلَّمَ به أولَ مَرةٍ ، لأنَّ استعدادَهُ للتسليمِ يتزايدُ كلَّما رَجَعَ خُطوةً إلى الوراءِ ،والمسألةُ مِسألةُ إيمانٍ بالدعوةِ كلِّها، فالذي يَنزلُ عَنْ جزءٍ مِنها مِهما صَغُرِ، والذي يَسكتُ عن طرفٍ منها مَهما ضَؤُلَ لا يمكنُ أنْ يكونَ مؤمنًا بدعوتِه حقَّ الإيمان .

أيها الحضورُ الكريم :

إنَّ الجولةَ الأولى قد احتاجتْ جُرعةً كبيرةً من الجُرأةِ والشجاعةِ فأنتجتْ ذلك المشهدَ البُطوليَ ، فإنَّ الجولاتِ التاليةَ تحتاجُ إلى إنعامِ الفكرِ وعُمقِ النَّظرِ وَسِعَةِ الوعيِ والعملِ الدؤوبِ، فالتغييرُ الحقيقيُ لا يكونُ بتغيرِ الرؤوسِ الكبيرةِ وحَسْبْ، بل يبدأُ بالفكرِ ويستمرُ بالفكرِ والعملِ ويُحصدُ بوصولِ برنامجٍ سياسيٍ حقيقيٍ إلى سِدةِ الحُكْم وهو الخلافة، وهو الانتصارُ الحقيقيُ للأمةِ ، تكونُ فيه العقيدةُ الإسلاميةُ هي أساسُ الدستورِ والقوانين، فيُصاغُ المجتمعُ والدولةُ صياغةً جديدةً لطريقةِ عيشٍ جديدةٍ، ثقافةً وحكمًا واقتصادًا واجتماعًا وتعليمًا وقضاءً وإعلامًا وسياسةً خارجيةً تقطعُ كلَّ صِلةٍ بالحضارةِ الغربيةِ التي اكتوى العالمُ بلهيبِها واحترقَ بنارِها وحُروبِها واختنقَ بِدُخانِها الأسودِ وتَعَفَّنَ بِنَتَنِها وصُعق باقتصادِها وتاه بظلالِها ، حُكمًا يجعلُ السيادةَ للشرع والسُلطانَ للأمةِ، لا لحزبٍ ولا لعصابةٍ ولا لطائفةٍ ولا لمجلسٍ عسكري ، واقتصادًا يرمي إلى إشباعِ الحاجاتِ الأساسيةِ للناسِ فردًا فردًا إشباعًا كاملًا يُحارَبُ فيه الفقرُ والحرمانُ ويُمَكَّنُ مَن شاء مِنهم أنْ يُحققَ سائرَ حاجاتِه الكمالية ، واجتماعًا يُنظمُ علاقةَ الرجلِ بالمرأةِ والمرأةِ بالرجلِ بعيدًا عن الاختلاطِ الماجنِ والمُستهتِر في ظلِّ أحكامِ الإسلامِ التي حددتْ اللباسَ الشرعيَ للرجلِ والمرأةِ في الحياةِ العامةِ والخاصةِ، فَتَسُودُ الطهارةُ والعفةُ والمُروءةُ والشهامةُ بدلًا من الرذيلةِ التي نَشَرَتْها العِلمانيةُ والحريةُ الشخصية ، وقضاءً يُلغي الفصلَ بينَ محاكمَ شرعيةٍ وأخرى مدنيةٍ تَحكمُ بغيرِ ما أنزلَ اللهُ فيكونُ القضاءُ كلُّه في الأحوالِ الشخصيةِ والمعاملاتِ الماليةِ والجناياتِ والقضايا السياسيةِ قضاءً شرعيًا يحكمُ بين الناسِ بشرعِ اللهِ ، وتعليمًا يهدفُ إلى بناءِ شخصيةٍ إسلاميةٍ بعقليةٍ ونفسيةٍ إسلامِيَّتَيْن ويَحرصُ على اكتسابِ العلومِ التي تَلزمُ للمُجتمعِ والدولةِ للقيامِ بأعباءِ الحياةِ وتأمينِ وسائِلها وأسبابِها ، ويُؤَمِّنُ للأمةِ أسبابَ القوةِ الاقتصاديةِ والتِقَنِيَّةِ العسكريةِ والسلامةَ الصحيةِ وازدهارَ العَمارَةِ ووسائلَ الرَفاهيةِ والراحة ، وإعلامًا يهدفُ إلى صيانةِ المجتمعِ وتعزيزِ ثقافتِهِ وهُوَيَّتِه وإطلاقِ الطاقاتِ الفكريةِ والذِهنيةِ على أساسٍ روحيٍ ،ويَلتزمُ مقاييسَ الحلالِ والحرامِ ويحملُ الإسلامَ رسالةً إلى العالمِ يصونُ عِفَّةَ المجتمعِ بدلًا من تدميرِ العِفةِ والطهارةِ التي تُمارسُه عشراتُ الفضائياتِ العربيةِ اليوم ، وسياسةً خارجيةً تقومُ على أساسَ حَمْلِ الإسلامِ إلى العالمِ بطريقةِ الدَعوةِ والجهادِ لإخراجِ الناسِ من الظلماتِ إلى النور .

قال تعالى : { إنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ورَسُولُهُ والذينَ ءامَنُوا الذينَ يُقِيمونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزكاةَ وهُمْ راكِعون * ومَنْ يَتَوَلَّ اللهَ ورَسُولَهُ والذينَ ءامَنوا فإنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغالبون}
(المائدة 65-66)

وسيكونُ قيامُ الخلافةِ الإسلاميةِ الراشدةِ الثانيةِ الموعودةِ هُوَ أعظمُ حَدثٍ مُنْذُ ذلك العصرِ الزاهرِ حتى يومِنا هذا ، وسيكونُ لِقيامِها الهِزَّةُ نفسَها التي حدثتْ عند قيامِ الدولةِ الإسلاميةِ الأولى لِيَصِلَ صَدى ذلك كلَّ إنسانٍ على ظهرِ البِسيطةِ .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 19th April 2024 - 11:10 PM