منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> الخطط والأساليب هي ثمرة المخزون الفكري والوعي السياسي لدى صناع القرار
أم المعتصم
المشاركة Sep 2 2019, 08:22 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: المشرفين
المشاركات: 4,804
التسجيل: 19-January 15
رقم العضوية: 2,238





إن الأصل أن تنعكس الأصالة في الفكر والوعي السياسي على رسم الخطط واختيار الأساليب، مع أن هذا أمر غير حتمي الوجود. فقد يكون هناك فكر صحيح وأصيل ولا يوجد براعة في رسم الخطط واختيار الأساليب. ولتقريب الفهم فقط أضرب مثلا خريجي الجامعات الذين لديهم كم هائل من المعلومات ولكن ليس لديهم تجربة عملية وخبرة وقناعات تولدت أثناء العمل.

وهذه الخبرة قد تتولد في فترة قصيرة نتيجة لكثرة الحركة والعمل، وليس أسرع وأكثر من أعمال حمل الدعوة للعالمين، ولذلك فالدولة الإسلامية القائمة عن قريب بإذن الله، أعمالها كثيرة وحركتها سريعة ولذا ستكون لياقتها عالية في موضوع رسم وكشف الخطط وستتطور بسرعة في موضوع تنويع وتبديل الأساليب والوسائل. ولذا ستتكون لديها خبرة جيدة بفارق زمني أقل لشدة الشعور بالمسؤولية وشدة رغبة الوسط السياسي العامل للحصول على نتائج مادية تفيد في حمل الدعوة، ومعنوية متعلقة برضوان الله، والحديث هنا يطول وليس مقامه الآن، ولذا فالخبرة والممارسة وسعة الاطلاع على الخطط والأساليب والممارسة العملية المتواصلة تجعل ذلك ممكنا وتجعل الدولة وصناع القرار فيها بارعين في رسم خطط وأساليب محكمة تتماشى وتتناغم مع مستوى أصالة المخزون الفكري والسياسي لديهم.

ونقيض ذلك الأنظمة الدكتاتورية التي مهما نوعت وبدلت من أساليبها فإنها لا تعرف إلا العنف والبطش والتخويف والترويع سياسة لقمع الشعوب التي تحكمها بالحديد والنار، ذلك أن هذه الدول إما أن تكون دولاً تابعة كدول العالم الثالث أو تكون دولة الحزب الواحد أو الزعيم الخالد وتكون الدولة كلها عادة قائمة على أساس جهاز أمني أو مخابراتي ينتهج القمع والبطش أداة لحكم البلاد والعباد، وإذا كان ثمة خطط وأساليب في هذه الدول في المجال الإقليمي فعادة ما ترسمه لها الدول الحاضنة المستعمرة لها.

إن الدول العريقة والخبيرة في السياسة وشؤونها تجدها خبيرة في موضوع رسم الخطط واستخدام الأساليب المختلفة بصورة بارعة وحذقة تجعل فرص فشلها ضئيلة جدا، وتجعل تكلفة خططها قليلة ومردودها عظيماً معنويا وماديا، وتقوم بذلك عن طريق عدة مهمات أو أفعال:

١. أن ترسم الخطة نفسها بكل تفاصيلها وبكل الأساليب والوسائل المتاحة والمتوفرة في الواقع أو في المخزون المتوفر لدى الدولة بحيث لا تترك مجالا لأي فراغ في الخطة.

٢. تحديد نقاط الضعف في الخطة المرسومة وإيجاد بدائل احتياطية للسند والدعم في حال الحاجة.

٣. تحديد سقف تكاليف الخطة المرسومة وأعبائها.

٤. رسم خطة أو خطط بديلة تكون كخطط ظل جاهزة للبدء في حال فشل الخطة المتبناة للعمل الآن.

٥. في حال فشل الخطط جميعها في تحقيق الغاية بصورة كاملة وجود خطة أو خطط لتقليل الخسارة أو تحجيمها.

مثال ذلك: اليمن والخطة الإنجليزية للحفاظ عليه كاملا أو على جنوبه أو على أقل من ذلك أو أكثر أمام محاولات أمريكا لاستعماره أو أن تجعل لها موطئ قدم فيه.

وقد كشف حزب التحرير هذه الخطط في جواب سؤال أصدره أميره العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة حول حقيقة ما جرى ويجري في عدن مؤخرا شارحا الخطط كاملة ومبينا خطرها على المسلمين وكيفية الخلاص لأهل اليمن من استعمار بريطانيا وأمريكا له.

جواب سؤال


هناك ناحية مهمة تجب مراعاتها عند رسم الخطط واستخدام الأساليب المتنوعة وهي ناحية خدمة المبدأ؛ ذلك أن الخطط والأساليب بحد ذاتها ليست غاية العمل وإنما هما وسيلة لتحقيق الأهداف المعنوية والمصالح المادية اللازمة للحفاظ على المبدأ والأمة.

وإن كان هذا الكلام ينطبق على الدول المبدئية كلها ولكن المسلمين هم أكثر الناس اهتماما بهذا الأمر لأن مادة السياسة عندهم هي قوانين وأحكام إلهية ينبغي مراعاتها بحذر عند مباشرة رعاية الشؤون داخليا وخارجيا، الأمر الذي سيكون له صداه القوي على حبك الخطط والأساليب.

ومثال ذلك قصة سمرقند؛ فقد قال البلاذري في فتوح البلدان: وقال أَبُو عُبَيْدة وغيره: لما استخلف عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ وفد عَلَيْهِ قوم من أهل سمرقند فرفعوا إليه أن قتيبة دخل مدينتهم وأسكنها المسلمين عَلَى غدر، فكتب عُمَر إِلَى عامله يأمره أن ينصب لهم قاضيا ينظر فيما ذكروا، فإن قضى بإخراج المسلمين أخرجوا، فنصب لهم جميع بْن حاضر الباجي فحكم بإخراج المسلمين عَلَى أن ينابذوهم عَلَى سواء، فكره أهل مدينة سمرقند الحرب، وأقروا المسلمين، فأقاموا بَيْنَ أظهرهم. اهـ.

وجاء في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي للشيخ عبد الشافي محمد عبد اللطيف: ووفاء المسلمين بالمعاهدات - نصّا وروحا - أصبح من الحقائق التاريخية التي لا يجادل فيه باحث منصف لدرجة أنه لما خالف أحد القادة الفاتحين هذه القاعدة وشذ عليها، سجل التاريخ الإسلامي تلك الحالة الوحيدة، وأزال خليفة المسلمين تلك المخالفة، والحالة هي حالة قتيبة بن مسلم، عندما دخل سمرقند على شروط معينة، ولكنه لما دخلها لم يف بالشروط، فلما جاء الخليفة عمر بن عبد العزيز 99-101هـ، رفع إليه أهل سمرقند شكواهم، وقالوا: إن قتيبة دخل مدينتهم على وعد بالخروج منها، ولكنه لم يف بوعده، أي: غدر بهم، فكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله على بلاد ما وراء النهر أن ينصب لهم قاضيا ينظر في شكواهم، فإن قضى بإخراج المسلمين من المدينة أخرجوا منها، فأقام لهم الوالي القاضي حاضر بن جميع، الذي نظر في القضية، ورأى أن الحق مع أهل سمرقند - المغلوبين - فحكم بإخراج المسلمين من المدينة على أن ينابذوهم على سواء، ولكن أهل سمرقند - وقد أذهلهم هذا السلوك الإسلامي الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ البشري - كرهوا الحرب وأقروا المسلمين على الإقامة في مدينتهم. اهـ.

انظر كيف كان تقديم الأمور المبدئية على المصالح المادية ولو كان فيها مصلحة المسلمين. وذلك ببساطة لأن المسلمين يؤمنون بأن مصالحهم الدنيوية والأخروية يحددها الإسلام، فالإسلام أذكى من عقول البشر والإسلام طريق مستقيم ينبغي عدم تعديه حال غوض غمار الحياة وتحدياتها. ولذا ينبغي أن نتذكر دائما بأنه لا يجوز مخالفة الإسلام بحجة مصلحة المسلمين، فالسياسة عند المسلمين هي أحكام شرعية وهي جزء من مبدأ عظيم لا يجوز تعديه وتجاوزه بحجاب مصالح آنية ورغبات سياسية.

إن الموضوع ليس مختصرا على رسم وحبك الخطط التي من شأنها تحقيق مصلحة المبدأ والأمة والدولة وإنما متعلق بكشف الخطط والأساليب التي يرسمها العدو لتحقيق مصالحه والنيل من هيبة ومصالح الدولة والأمة. ولذا كان من أهم الأعمال في الكفاح السياسي لدى الأحزاب السياسية والدول الفاعلة هو كشف الخطط والأساليب للمستعمر والعدو.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فرج ممدوح

Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 28th March 2024 - 10:21 PM