منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> كيف ستعالج الخلافة مشكلة الفقر (الجزء الأول والثاني), (مترجمة)
أم حنين
المشاركة Mar 21 2019, 07:44 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35




بسم الله الرحمن الرحيم

كيف ستعالج الخلافة مشكلة الفقر

(الجزء الأول)

(مترجمة)



على الرغم من الموارد المادية والبشرية الهائلة، فضلاً عن أغنى احتياطي من النفط والمعادن في العالم في بلادنا الإسلامية، فإن غالبية الأمة تعيش في فقر مدقع، حيث يحصل الفرد على أقل من 1.90 دولار يومياً لتلبية احتياجاته الأساسية. فالبطالة الجماعية المتزايدة والهائلة، والزراعة والصناعة المتخلفة، والضرائب المعطِّلة، والارتفاعات المستمرة في الأسعار، فضلاً عن إمدادات الطاقة باهظة التكلفة وغير المتاحة باستمرار، هي الدليل الواضح على سوء إدارة واستغلال بلادنا وسوء التوزيع الهائل لثروتنا. إن الاستثمار الحكومي في البنية التحتية والخدمات العامة من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية للناس هو في حده الأدنى أو حتى غير موجود على الإطلاق.
في الحقيقة، هذه هي نتائج السياسات غير الإسلامية وفقاً لإملاءات الأجندة السياسية للدول الاستعمارية الرأسمالية التي يطبقها حكام المسلمين، بما في ذلك قروض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي لا تفرض فقط نسبة ربا مرتفعة بل أيضاً سياسات إعادة الهيكلة الاقتصادية المدمرة في بلادنا.





في واقع الأمر؛ فإن التوزيع الإنساني والعادل للثروة من أجل توفير الاحتياجات الأساسية لكل إنسان ليس من بين أهداف الاقتصادات الرأسمالية. وعلاوة على ذلك، فإن الإبقاء على التفاوت الهائل في الثروة بين الأغنياء والفقراء يفيد الأيديولوجية الرأسمالية، حيث إنها أقامت وجودها على استغلال العوام من الناس، ورعاية الفئة القليلة من أصحاب رؤوس الأموال، الذين يمثلون ويحافظون ويحكمون الأيديولوجية الرأسمالية، والتي يزيد هوسها بالقوة المادية يوماً بعد يوم. وهكذا فإن الجشع والمنافسة غير المشروعة والاستغلال والمبادئ التوجيهية الاقتصادية لـ"الأسماك الكبيرة التي تتناول الأسماك الصغيرة" تحرم البشرية من حقوقها واحتياجاتها الأساسية.
وفقا لمؤسسة أوكسفام، "فإن أغنى 26 مليارديرا يمتلكون العديد من الأصول التي تعادل ما يمتلكه 3.8 مليار شخص يشكلون نصف سكان كوكب الأرض الأكثر فقرا. إن ثروة أغنى 1٪ في العالم تساوي إجمالي الثروة المتبقية للـ 99٪ الباقين".





"يموت حوالي 10000 شخص في اليوم بسبب نقص الرعاية الصحية و262 مليون طفل غير ملتحقين بالمدرسة، لأن والديهم غير قادرين على تحمل الرسوم أو الزي المدرسي أو الكتب المدرسية. تموت النساء بسبب عدم وجود رعاية أمومة محترمة، وحرم الأطفال من التعليم الذي يمكن أن يكون طريقهم للخروج من الفقر". تقرير أوكسفام 2019




الخلافة لا تمنع الفقر فحسب، بل تهدف إلى تحسين مستوى معيشة كل فرد من رعاياها!



أولا: يقوم النظام الاقتصادي في الإسلام على القرآن والسنة، ويتطلب من الفرد والدولة حماية حدود الله سبحانه وتعالى. يرفض الإسلام نظرية الاحتياجات الإنسانية غير المحدودة وندرة الموارد كما طرحتها الرأسمالية. كما يشير الإسلام بوضوح إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق موارد وفيرة من أجل خدمة احتياجات كل إنسان. ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 13]
قال نبينا محمد e فيما يتعلق بالاحتياجات الأساسية لكل إنسان: «لَيْسَ لِابْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ بَيْتٌ يَسْكُنُهُ وَثَوْبٌ يُوَارِي عَوْرَتَهُ وَجِلْفُ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ» (رواه الترمذي)
هذه هي الحقوق التي يضمنها الإسلام لكل إنسان وهذه هي الحقوق التي حرمت الرأسمالية البشرية منها... جعل الله سبحانه وتعالى من واجب الخلافة ضمان قدرة كل فرد على الوفاء باحتياجاته الأساسية. فالواجب على الدولة أن تضمن أن عبد الله قادر على الوفاء بواجبه في السعي إلى كسب الرزق، وبذل الوسع لكسب ما يحتاجه مؤونة. وعلى الرجل القادر واجب العمل من أجل تلبية احتياجاته الخاصة. أما بالنسبة للنساء، وأولئك الرجال غير القادرين على العمل، فمن واجب الدولة توفير الرعاية لهم وهذا حق لازم لهم، والدولة ملزمة بتوفيره. بالإضافة إلى ذلك، فإن إعالة الزوجة واجب على الزوج. وإعالة الأبناء واجب على الأب. ﴿وَعَلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]



قال النبي e: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» وهذا يعني أن العمل واجب على كل رجل قادر وإن لم يفعل فإنه سيتعرض للعقوبة كما هو الحال مع كل واجب.



وفي حالة عدم وجود أي شخص ممن تجب عليهم النفقة، أو إذا ما كان حاضرا لكنه غير قادر على دفع النفقة، فقد أوجبت الشريعة على بيت المال الإعالة، وبعبارة أخرى، يصبح الواجب على دولة الخلافة. قال رسول الله e: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ» (رواه مسلم من طريق جابر)





وهذا دليل أيضاً على أن من أهم القضايا التي تُعنى بها الخلافة في إدارة شؤون الأمة إيجاد عمل لأولئك القادرين الذين لا يجدون عملا.



يجب أن تسهل الخلافة الحصول على الاحتياجات الكمالية غير الأساسية، بذات طريقة تلبية الاحتياجات الأساسية. وتسهل الدولة على جميع الرعايا القدرة على تلبية احتياجاتهم الكمالية وتحقيق المساواة في المجتمع على النحو التالي:
أ) إعطاء الأصول المتاحة والثابتة من أموال بيت المال، ومن موارد الحرب، وأي شيء مماثل.



ب) منح بعض أراضيها الصالحة للزراعة لمن لا أرض له. وأولئك الذين يملكون الأرض ولكن لا يستغلونها لا يعطَون المزيد. وأما الذين لا يستطيعون زراعة أراضيهم فإنهم يحصلون على مساعدة مالية لتمكينهم من زراعة الأرض.



ج) تقديم المساعدة لغير القادرين على سداد ديونهم من خلال توفير الأموال من الزكاة، والغنائم الحربية، وأي شيء مماثل.



هذه هي كل أشكال الدعم التي لا نجد شبيها لها في ظل الأنظمة الرأسمالية في بلادنا.



ولتوفير الأمان، فإن جميع أنواع الخدمات العامة والمرافق كالخدمات الصحية والتعليمية، هي التزامات يجب أن تفي بها دولة الخلافة، بالإضافة إلى ضمان الاحتياجات الفردية. ويجب توفير هذه الأموال من أموال الدولة (بيت المال) لكل فرد، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو جنسه أو أصوله.
تجدر الإشارة إلى أن عدم الشعور بالأمان يؤدي إلى الفشل في الوفاء بجميع الواجبات الأخرى. وهذا هو سبب الوعد الأول الذي وعد به رسول الله e أصحابه، عندما أبلغهم عن الهجرة، فقد كان لتوفي الأمان لهم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لَكُمْ إِخْوَاناً وَدَاراً تَأْمَنُونَ بِهَا» [السيرة، ابن إسحاق]. ونتيجة لذلك، فإن المرافق والخدمات العامة يجب أن تضطلع بها دولة الخلافة، استجابة لقوله e: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». (رواه البخاري عن عبد الله بن عمر).



لا يسمح النظام الاقتصادي في الإسلام بتكدس الموارد في أيدي قلة من الناس. وهكذا، ففي أي وقت يحصل فيه هذا التفاوت في ثروات الأفراد، يجب على الخليفة العمل لتحقيق التوازن عن طريق وضع هذه الآية التالية موضع التنفيذ: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [الحشر: 7]
يحرم الإسلام كنز المال ويجعل الزكاة أمرا واجبا، من أجل ضمان توزيع الثروة بين الناس. وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من هذا الأمر فقال: ﴿وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: 34]
ما نواجهه من سوء الإدارة وانعدام البنية التحتية لن يكون موجوداً في ظل الخلافة. ففي ظل الخلافة، يطلق الإسلام العنان لضخ أموال الاقتصاد الكبيرة وبشكل مميز لدعم التنمية الزراعية والصناعية، دون ضرائب معوقة، وذلك من خلال إعادة هيكلة جذرية لملكيات الدولة والملكية العامة والملكية الخاصة فضلا عن تدابير أخرى.
يفرض الإسلام بناء قاعدة قوية للصناعة الثقيلة، مدعومة بأبحاث عالمية رائدة، لتأخذ الخلافة دورها المستحَق كدولة رائدة. كانت الزراعة في ظل الخلافة مدار حسد العالم لقرون وستكون من جديد! لأن الإسلام سيربط ملكية الأرض بزراعتها فعلا، وسيرفع الملكية الأجنبية عن الأراضي الزراعية، وسيلغي كذلك الضرائب المنهِكة على المنتجات الزراعية. وسيكون هذا بمثابة دعم هائل للأمن الغذائي فضلا عن توفيره للازدهار المحلي الذي تلبست به الأمة فعليا لقرون في ظل الحكم الإسلامي. وهكذا فاليوم ستعطي الخلافة الأولوية للمحاصيل التي تسمح لرعاياها بتلبية احتياجاتهم الأساسية من المأكل والملبس، مع استخدام الزائد عن الإنتاج في التجارة الخارجية. وستنشئ مراعيَ غنية لدعم الزيادة في الثروة الحيوانية.
في الوقت الحالي، لا يمكن تحمل تكاليف الكهرباء والفحم والنفط والغاز الطبيعي بل لا تتوفر في الغالب مثل هذه الخدمات بسبب الخصخصة الرأسمالية. ستقوم الخلافة بإلغاء جعل موارد الطاقة من الملكية الخاصة وإعادتها للملكية العامة بحيث يتم توفير الطاقة بسهولة وبثمن زهيد. وستلغي الضرائب المفروضة على الطاقة والوقود، الأمر الذي أدى إلى تضخم أسعارها بدرجة كبيرة. وهكذا فإن الخلافة سوف تظهر عملياً لعالم منهك مدمر بسبب انهيار الرأسمالية الفاسدة، حقيقة دين الإسلام.
الضرائب هي واحدة من أكثر أدوات الاقتصاد الرأسمالي ظلما! بينما في دولة الخلافة، لا ضريبة دخل ولا ضريبة مبيعات، فالملكية الخاصة في الأصل لا يجوز انتهاك حرمتها. يكون فرض الضرائب على فائض الثروة الذي يزيد عما هو مطلوب لتأمين الاحتياجات الأساسية وبعض الكماليات، وهذا أيضا في ظل ظروف صارمة. وما يسمح لهذه السياسة الضريبية المنخفضة هو حقيقة أن الخلافة لديها مصادر وفيرة للإيرادات من الممتلكات العامة وممتلكات الدولة، فضلا عن مجموعة فريدة من القوانين لتوليد الدخل من الزراعة والصناعة.
بعد أن حرمت الأمة من عائداتها الشرعية وخنقت إيراداتها وقدرتها على الشراء والإنتاج، قامت الحكومات العميلة في بلادنا باستدانة قروض البلدان الاستعمارية الكافرة. تعتبر هذه القروض فخاً شنيعاً مصمماً لإبقاء بلاد المسلمين غارقة في الديون، وتجريدنا ثرواتنا، والحد بشكل كبير من قدرتنا على الوقوف على أقدامنا لنشكل تحدّيا حقيقيا للغرب.
إن التضخم المتزايد في بلادنا يرجع إلى العملات التي تقل قيمتها باستمرار، لأنها لا تستند إلى الذهب والفضة كما تفرض الشريعة. ستقوم عملة الدولة على أساس الذهب والفضة من جديد وهو ما سيسهم بثبات الوضع بشكل أكيد.
للقضاء على التضخم من جذوره. ستقوم الخلافة بإصدار عملة مستقلة خاصة بها، تقتصر على الذهب والفضة، ولن يتم ربطها بأية عملة أجنبية بأي شكل من الأشكال. لن تأخذ الخلافة أية قروض بفائدة ربوية من دول الكفر الاستعمارية.
ستعيد الخلافة الرخاء والوفرة إلى بلادنا كما كانت الحال في الأزمنة السابقة في ظل حكم الإسلام. وليست كلمات رسول الله مجرد دليل على مسؤوليات وواجبات الخلافة، بل هي وعد وميثاق «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
أفريقيا، على سبيل المثال، كانت أبعد ما يكون عن أن تكون أفقر وأكثر جزء من هذا العالم تملؤه المجاعة وذلك في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز، ذلك لأنه لم يطبق سوى أحكام ومبادئ دين الإسلام.
روى يحيى بن سعيد، الذي كان واليا في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، قال:


"أرسلني عمر بن عبد العزيز إلى أفريقيا لأجمع الزكاة. وبعد أن جمعتها، أردت توزيعها على الفقراء، فوالله ما وجدت فقيراً في طريقي، لقد أغنى عمر بن عبد العزيز الفقراء وأخيراً، قررت استخدام مال الزكاة في شراء وتحرير العبيد" ابن عبد الحكم عبد الله (1994) الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز:



خامس الخلفاء الراشدين. دار الفضيلة، القاهرة 78


إذن كونوا على ثقة بكلام الله تعالى، فقد آمنتم بها ابتداء، حتى ننعم نحن كأمة والعالم كله بثمرة تطبيق الإسلام بأسرع وقت ممكن، إن شاء الله!
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: 24]





كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

زهرة مالك

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

Go to the top of the page
 
+Quote Post
أم حنين
المشاركة Mar 21 2019, 07:47 PM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35





بسم الله الرحمن الرحيم

كيف ستعالج الخلافة مشكلة الفقر – الجزء الثاني

أمثلة عملية من السنة والتاريخ الإسلامي


(مترجمة)



للبدء فقط بتذكير قصير يُعرف بماهية أحكام الإسلام الأساسية في منع الفقر:
- نظم الإسلام مسألة الملكية بطريقة واضحة وفعالة للغاية. يُسمح لكل فرد بكسب وحيازة الممتلكات الخاصة في كل ما ليس ملكا عاما أو ملكية للدولة، من خلال الطرق الشرعية التي أجازها الإسلام (العمل، التجارة، الميراث، الهدايا، إلخ)، دون تلك التي حرمها كالسرقة والاحتيال والرشوة، والقمار والربا، وكنز المال...



- يحرم الإسلام تكديس المال، الذي يطلق عليه كنز (كنز الذهب والفضة، حتى لو دفعت زكاته)، وكنز الطعام، وهو ما يسمى الاحتكار. أي إخفاء البضائع والسلع وتخزينها عند توقع ارتفاع أسعارها. تبين النصوص الشرعية والفقه الإسلامي وبكل وضوح حرمة هذه الأمور. وردت روايات مختلفة عن رسول الله e تعبّر بوضوح عن حرمة الاحتكار... روى سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد الله العدوي في البخاري أن رسول الله e قال: «لاَ يَحْتَكِرُ إِلاَّ خَاطِئٌ». وروى الأثرم عن أبي أمامة، قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ e أَنْ يُحْتَكَرَ الطَّعَامُ» وروى مسلم عن جمع من الرواة عن سعيد بن المسيب أن معمراً قال: قال رسول الله e: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ». فالاحتكار حرام في كل شيء لا فرق بين المواد الغذائية البشرية أو المواد الغذائية الحيوانية، أو المواد الغذائية أو حتى غير المواد الغذائية، من ضروريات أو كماليات، فإن ما يريده المحتكر في الواقع هو زيادة نسبة الغرم من المسلمين، وهذا حرام، فقد روى معقل بن يسار، أن رسول الله e قال: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ، لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».



- يحرم الإسلام الشركات القائمة على الأسهم والتجارة. فلا بد أن تقوم الشراكات والتجارة على تعاون حقيقي بين الأفراد على أساس المال + العمل و / أو الجهد، في حين إن سلعة الشراكة أو التجارة لا بد وأن تكون منتجاً حقيقياً ذا قيمة حقيقية.





- وجعل الإسلام الذهب والفضة العملة الوحيدة للدولة وجعلها مستقلة عن أية عملة أخرى أو اتفاقية مع دولة أو عالمية.





- لا توجد أية فوائد ربوية في باب من أبواب الاقتصاد، سواء ذلك الذي يمارسه الأفراد أو تمارسه الدولة. والبنك هو مجرد بنك حكومي، يقدم القروض دون أي ربا. ولا يجوز للدولة أن تقترض من الآخرين بربا.





- لا ضرائب في الإسلام. فالخلافة لن تأخذ ولا يجب أن تأخذ ضرائب من الناس...





إن سبب الفقر الموجود في بلادنا وفي جميع أنحاء العالم هو عدم وجود هذه الأسس والقواعد! لذلك إذا ما تم تطبيق هذه القواعد جميعها، فلا يوجد سبب يمكن أن يؤدي إلى وجود أو زيادة الفقر داخل الدولة. بالإضافة إلى ذلك، فإن لدى الخلافة آليات معينة لتوزيع الثروة بين الناس، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو جنسهم. كما يجب أن ندرك أنه ليس من الممكن، بل إنه ببساطة من المستحيل، تطبيق هذه السياسة الإسلامية في ظل الأنظمة الحالية غير الإسلامية.



أولاً وقبل كل شيء، الإسلام ينتج العمل، ويسهل العمل ولا يعتبر تقليل الوظائف "تسريح العمال" أداة اقتصادية كما هو الحال في الرأسمالية. تعتبر الرأسمالية تقليص الوظائف وبالتالي وجود مستوى معين من البطالة، وسيلة لحماية رأس مال أصحاب رؤوس الأموال. لذلك، ستشجع الدولة كل فرد، قادر على العمل، على إيجاد عمل أو إيجاد طرق لكسبه من أجل توفير احتياجاته واحتياجات من هم تحت ولايته ومسؤوليته، مثل زوجه وأولاده وأخواته وأبويه. تفرض النفقة المالية على الزوج لزوجه، وعلى الأبوين لأبنائهم، وعلى الأبناء لوالديهم، وعلى الوريث لأقربائه. كل هذه أسس من خلال نصوص شرعية صريحة. لقد أمّن الإسلام الاحتياجات الأساسية المذكورة لجميع رعايا الدولة من خلال الإعالة المالية، في حالتين: أولاً إذا لم يكن للشخص وريث، وثانياً إذا كان الشخص الذي تجب عليه النفقة غير قادر على توفيرها. في هذه الحالة، تكون النفقة واجبة على بيت المال في الدولة، كما قال النبي e: «مَنْ تَرَكَ كَلاًّ فَإِلَيْنَا وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ».
توفر الدولة في الإسلام أيضاً الاحتياجات الأساسية لجميع رعاياها، وهي: الأمن والرعاية الصحية والتعليم، وفقاً للنصوص الشرعية ذات الصلة، ووفقاً للطريقة السابقة. تجدر الإشارة إلى أن إيرادات بيت المال تكفي في الغالب لتلبية هذه الاحتياجات دون فرض ضرائب على المسلمين الأثرياء من أجل تأمينها. ولكن إذا كانت إيرادات بيت المال غير كافية لتلبية هذه الاحتياجات، تفرض الضرائب على المسلمين الأثرياء لتلبية الاحتياجات المطلوبة. (العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة، الأزمات الاقتصادية: واقعها ومعالجاتها من وجهة نظر الإسلام).
وبالتالي، إذا تذكرنا مثالنا من الجزء الأول من هذه المقالة، والذي وصف أنه خلال حكم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لم تجد الدولة أي شخص تعطيه الزكاة في "أفريقيا!"، ولذلك لم توزع هذه الزكاة!... فالحمد لله...
لا يمكن للاقتصاد الإسلامي أن يعمل إلا في إطار تطبيق شامل لكل حكم ونظام إسلامي. ولذلك فإن الشرط الأساسي لنجاح ذلك كان ولا يزال وجود الخلافة، وحاكمها الذي يتقي الله، الخليفة. إن التاريخ مليء بالشخصيات التي لا حصر لها، والتي حكمت الأمة على أساس التقوى، ولكن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ترك العديد من الأمثلة المشرقة التي تظهر الصفات التي ينبغي أن يتصف بها هذا الحاكم. يوفر الإسلام أهدافاً وقوانين لتطبيق نظام سياسي واقتصادي همه الرعاية.
كان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول خليفة يُنشئ بنية تحتية مؤسسية ومنظمة للسياسة المجتمعية وفقا للأحكام والقوانين من القرآن والسنة، ما سهل على الخلفاء من بعده الوفاء بواجباتهم كرعاة لشؤون الأمة في دولة الخلافة. فقد قام بتنظيم الخدمات العامة ونظام الرعاية للفقراء والمحتاجين. وكان أول من قام بإضفاء الطابع المؤسساتي على المزايا المقدمة للأطفال والأيتام والأرامل والمعوقين، بالإضافة إلى معاشات المسنين ومستحقات للعاطلين عن العمل وحتى خدمات الرعاية الصحية العامة... بل إن الفقراء من اليهود والنصارى في البلاد المفتوحة، والذين يعتبرهم الإسلام من رعايا الدولة، كانوا يتلقون رواتب من بيت المال. أما أولئك الذين كانوا يقومون بالاحتكار، أو عملوا على احتكار الأطعمة الأساسية بهدف رفع الأسعار، فقد كانوا يعاقبون بطرق مختلفة، بما في ذلك النفي إلى بلاد مختلفة.
طوال فترة حكم خلفاء الراشدين الأربعة، تلقى كل طفل، وبخاصة أولئك الذين يحتاجون إلى المعونة، مزايا من بيت المال. كما تم إيلاء اهتمام خاص وبشكل خاص للحفاظ على الحقوق القانونية والتعليمية والمالية للأطفال الأيتام. وقد أمر الخليفة عمر رضي الله عنه على سبيل المثال، الأوصياء والذين يقومون على رعاية الأطفال الأيتام بالعمل على زيادة ممتلكاتهم من خلال التجارة لتجنب تناقصها عبر مصرف الزكاة. قال: "اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة"، وعندما أتى إليه رجل مع طفل منبوذ، فقال للرجل: "اذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته". وقد جعل الخليفة علي رضي الله عنه 10 دراهم لكل طفل حديث الولادة ولكل طفل قد هُجر.
وعندما تلقى عمر رضي الله عنه هدية من الحلوى من واليه في أذربيجان، تساءل عما إذا كان جميع الناس هناك قد أكلوا مثل هذه الحلوى. وجاءه الجواب أنه نوع مخصص لنخبة المجتمع. فما كان من عمر رضي الله عنه إلا أن أرسل للحاكم: "اتق الله، وأشبع المسلمين مما تشبع منه".
أعطى رسول الله e اهتماماً خاصاً لاحتياجات النساء الأرامل. وقد تولى الخلفاء هذه المسؤولية بذات الاهتمام والرعاية. اشترى أبو بكر رضي الله عنه الثياب ووزعها على الأرامل الفقيرات خلال أشهر الشتاء. ودفع عمر رضي الله عنه مبالغ منتظمة للنساء اللاتي هاجرن من مكة إلى المدينة. وواصل علي رضي الله عنه الوفاء بهذه المسؤولية لجميع الفقراء والأرامل وغيرهم من المحتاجين. - خدمات الرعاية المجتمعية!
الخليفة عمر رضي الله عنه كثيرا ما كان يزور امرأة عمياء في المدينة ويوفر لها احتياجاتها، لعدم وجود من يفعل لها ذلك. - تأمين العجز! كما أصدر أوامر بأن الرواتب ستسن للأطفال المفطومين ثم أنفقها لاحقاً على كل طفل من تاريخ ولادته. وكان المبلغ 100 درهم أول مولده، و200 درهم عندما يكبرون أكثر بالسن وحتى أعلى من ذلك بعد بلوغهم سن البلوغ. كما نص على إعطاء 6 دراهم إضافية لكل طفل، سواء أكانت فتاة أو فتى، بالإضافة إلى ما منحه للأب كدعم له ليقوم بالرعاية. واستمرت هذه النفقات في ظل الخلافة – مخصصات الطفل!
تم إنشاء مؤسسة خاصة من أجل رعاية الشؤون النفسية والمعيشية والمالية لأُسر الجنود، وخاصة في غيابهم، أو عند تعرضهم للإعاقة بسبب أدائهم واجباتهم، أو في حالة استشهادهم، كما فعل رسول الله e.



دعا الخليفة عمر رضي الله عنه زوجته إلى المساعدة كقابلة لامرأة من البدو أثناء المخاض، فيما كان هو نفسه يعد الوجبة للعائلة خلال فترة ضعفها. بل جلس طوال الوقت خارج الخيمة في انتظار ولادة الطفل. وفي اليوم التالي،


طلب لهذه الأسرة مقدارا منتظماً من النفقة من بيت المال - منحة الأمومة ومخصصات إعالة!





ولم يميز بين مسلم وغير مسلم. فقد قدم الرعاية لكل فرد من رعيته: وقد أمر بنفقات يومية من بيت المال إلى يهودي مسكين وفقير قائلاً: "انظر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته ثم نَخذُله عند الهَرَم - أو نأخذ منه الجزية عند كِبَره"، - تأمين شيخوخة! وقد رأى مجموعة من النصارى يعانون من مرض الجذام، فصرف لهم من بيت المال لعلاجهم. - تأمين الرعاية الصحية! وأولئك الذين لا يمكن علاجهم، حصلوا على بدل منتظم حتى يوم حياتهم الأخير. - تأمين المرض!



قامت الخلافة العثمانية بتفتيش ومراقبة كل المواد الغذائية قبل منح الإذن ببيعها في السوق. ومن أجل تنظيم الأسعار خلال أوقات نقص الإمداد في مناطق معينة، شجع الخليفة المنافسة من خلال الواردات من أماكن أخرى في ولايات دولة الخلافة. ومن الأمثلة على ذلك ما كان في عهد الخليفة عبد الحميد الأول (1774-1789). فخلال فترة النقص في الموارد في إسطنبول، حين بدأ الجزارون في رفع أسعار اللحوم، بل وامتنعوا عن بيعها، أمر الجزارين من تراقيا بالمجيء وفتح محال للجزارة في إسطنبول. وهكذا ومن خلال زيادة المنافسة، انخفضت الأسعار مرة أخرى إلى مستوى ميسور. كما تقوم الخلافة أيضاً بفرض غرامات على المبيعات غير الأخلاقية. فقد كان على من يطففون في الميزان دفع غرامة مقدارها 1 عملة فضية (Akçe) مقابل كل 5 غرامات من اللحوم المباعة بطريقة فيها تطفيف. كما نصت الأحكام القانونية للجزارين على اعتقال الجزارين الذين كانوا يمتنعون عن بيع اللحوم ومقالات تاريحية أخرى اضعط هنــا


هذه مجرد أمثلة قليلة على كيفية تعامل "الخلافة" مع شؤون أمتها واتخاذ خطوات فعالة في مكافحة الفقر. أعاد الله علينا أيام العز والنعيم هذه بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة قريبا جدا بإذن الله.



﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ﴾



كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

زهرة مالك

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير



لمزيد من التفاصيل حول مبادئ الاقتصاد الإسلامي:



- النظام الاقتصادي في الإسلام، للشيخ تقي الدين النبهاني -رحمه الله- مؤسس حزب التحرير
- الأزمات الاقتصادية: واقعها ومعالجاتها من وجهة نظر الإسلام، للعالم عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير


Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 19th April 2024 - 11:57 AM