منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> جريدة الراية: لبنان ينتفض متمردا على أزلام الاستعمار
أم المعتصم
المشاركة Oct 31 2019, 07:00 AM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: المشرفين
المشاركات: 4,804
التسجيل: 19-January 15
رقم العضوية: 2,238



2019-10-30

جريدة الراية: لبنان ينتفض متمردا على أزلام الاستعمار


في الوقت الذي انتفضت فيه معظم شعوب الدول العربية على المنظومة الاستعمارية، ها قد جاء دور لبنان. فلقد ثار أهله ضد نظام المحاصصة الطائفية الغارق بالفساد ونهب الثروات.

إنها ثورة عفوية آن أوانها. ثورة تخطت حواجز الطائفية والمذهبية فتكاتفت المناطق المحسوبة على المسلمين السنة مع تلك المحسوبة على المسلمين الشيعة والمناطق المحسوبة على النصارى مع تلك المحسوبة على الدروز. وجميعهم ضد السلطة الفاسدة التي نهبت أموالهم وأساءت معاملتهم طوال عقود من الزمن.

إن أسباب الحراك الحاصل في لبنان تعود لنظام وعقلية حكمت البلد منذ سنة 1990. حكام هم أساساً زعماء مليشيات تسلطوا على الناس وحصروا رعاية الشؤون بمصالحهم فقط وحرموا الناس من الرعاية والحقوق.

وفي لمحة تاريخية سريعة، نذكر أن لبنان كيان طائفي صنعه الاستعمار الفرنسي بعد سلخه عن محيطه الشامي.

وبعد الحرب الأهلية جاءت أمريكا وعدّلت في نظامه بما يناسب مصالحها وسلمت البلد للنظام السوري حتى سنة 2005 حيث تم إخراجه بقوة الشارع، ثم حصل انقسام داخلي انتهى سنة 2016 من خلال ما سمي بـ"التسوية السياسية" التي ما زالت قائمة حتى الآن.

إن أمريكا تتحكم بالبلد بطوله وعرضه وبيدها كافة المرافق الاقتصادية والأمنية. فهي من أتت برياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان وجددت له رغم معارضة شكلية من بعض الأطراف الداخلية، وهي من فرضت الجنرال جوزيف عون قائدا للجيش. وأما الأطراف السياسية الأساسية في الحكم فجميعهم يكنون بالولاء لأمريكا إن كان بشكل مباشر أو عن طريق دول إقليمية. وأما الأحزاب التي لا تدين بالولاء لأمريكا فمنها من انسحب من الحكومة بداية الحراك ومنها من بقي داخلها بهدف التشويش على قراراتها.

أما النظام الاقتصادي في لبنان فهو نظام رأسمالي وعملته الورقية غير مغطاة بالذهب. الدين العام وصل إلى 85 مليار دولار ويوازي 150٪ من الناتج المحلي. الزيادة الربوية السنوية على الدين العام بلغت 6 مليار دولار. والعجز التجاري سجل رقما قياسيا في سنة 2018 حيث وصل إلى 17 مليار دولار وفي السنة ذاتها سجل ميزان المدفوعات عجزا قياسياً بلغ 4.8 مليار دولار. وبالرغم من هذه الأرقام الصادمة إلا أن الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري لم تغير من نهجها بل أقرت موازنة سنة 2019 بلغت فيها الزيادات الربوية للدين العام 37٪ من الموازنة ككل. وكانت قبل ذلك ولأهداف انتخابية وظفت الأحزاب الآلاف في القطاع العام وقامت بإقرار سلسلة الرتب والرواتب التي رفعت من قيمة رواتب موظفي القطاع العام. كل ذلك مع إبقاء سياسات الصفقات المشبوهة ونهب الثروات والاتكال على الدعم المالي الخارجي والاستدانة وعدم اتباع سياسة اقتصادية إنتاجية. ومنذ آب 2019 توقف المصرف المركزي عن دعم سعر صرف الليرة مقابل الدولار مما أدى إلى سلسلة من المشاكل المالية في عدة قطاعات خاصة.

وأما عن حاجات الناس؛ فالقطاع الكهربائي في عجز مالي منذ سنة 1992 في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي في معظم الأوقات. والنتيجة هي انتشار مولدات كهربائية لسد الحاجة. فأصبح الناس يدفعون فاتورتين للكهرباء؛ الأولى للدولة والثانية لأصحاب المولدات. والأمر نفسه يحصل بمصلحة مياه الشفة فالناس تدفع فاتورتين؛ الأولى للدولة والثانية لأصحاب خزانات المياه المتنقلة. ومع ارتفاع أقساط المدارس الخاصة بسبب إقرار سلسلة الرتب والرواتب اضطر الناس بنسبة 18٪ إلى نقل أولادهم إلى المدارس الرسمية التي تعاني من سوء الرعاية مثلها مثل أي مرفق للدولة. علماً أن الأكثرية الكاسحة من الناس كانت تضع أولادها في مدراس خاصة. وأما النفايات فالدولة عجزت عن معالجة هذا الملف أيضاً بالرغم من حصول حراك سنة 2015 بسبب النفايات وكادت الأمور أن تؤدي إلى انفجار شامل.

وفي كل هذه الفترة كانت هناك إشارات واضحة للسلطة أن المزاج العام لدى الناس وصل إلى حد الانفجار. ففي سنة 2015 كان هناك حراك واسع ضد السلطة بخصوص النفايات. وفي الانتخابات البلدية الأخيرة كادت لائحة السلطة أن تسقط في العاصمة بيروت وسقطت لائحتها بالفعل في مدينة طرابلس. وفي الانتخابات النيابية الأخيرة ورغم الدعم الدولي لأزلام السلطة في مؤتمر "سيدر"، كانت نسبة المشاركة 46٪ من الناس. 40٪ منهم انتخب لوائح السلطة. كل هذه كانت إشارات لم تتعظ السلطة منها كما أنها لم تتعظ مما حصل من حولها من دول ثار أهلها على حكامهم.

أما الأسباب المباشرة التي أدت لانفجار الشارع في هذه اللحظة فتختصر بحادثتين: الأولى تكمن بالحرائق التي شبت في مناطق عدة من 14-16 تشرين الأول. حيث فشلت الدولة في إطفائها، وإنما خمد معظمها بسبب هطول الأمطار. أما السبب الثاني فهو إقرار ضرائب جديدة نهار الخميس 17 تشرين الأول أي بعد يوم واحد من إخماد الحرائق. فبالرغم من أن الشارع أصبح بمثابة بركان ينتظر شعلة للانفجار، لم تأبه الحكومة لذلك وخرجت مقرراتها نهار الخميس لتعلن ضرائب جديدة منها ما يتعلق بضريبة على المكالمات من خلال الإنترنت ومنها مكالمات "الواتسآب" وأخرى زيادة نسبة ضريبة على القيمة المضافة لتصبح 15٪ في سنة 2022.

بداية التحركات كانت بأعداد قليلة في ساحة رياض الصلح أمام السراي الحكومي وأيضاً في منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت. ثم تعاظمت بشكل كبير على كافة مساحة لبنان. تراجعت الحكومة عن قراراتها الأخيرة لكن البركان انفجر ليعلن الناس أمرا واحدا بالإجماع: لا ثقة بالوسط السياسي في لبنان.

عرض رئيس الوزراء سعد الحريري ورقته الإصلاحية فأسقطها الشارع. وخرج زعيم حزب إيران اللبناني مرتين؛ الأولى أعلن فيها أن الحكومة حكومته وممنوع إسقاطها، والثانية اتهم فيها الحراك أنه ممول من الخارج. كل الأحزاب حاولت ركوب الحراك واختراقه إلا أنهم جميعهم فشلوا. فحزب إيران حاول اختراق الحراك عن طريق مهاجمة المصارف وحين فشل حكم عليه بالعمالة للخارج. أما سعد الحريري فحاول إعطاء صورة أنه يتبنى مطالب الحراك في إعلانه أنه مع إجراء انتخابات نيابية مبكرة ولكن الناس بقيت تطالبه بالاستقالة.

إلا أن حقيقة الحراك عبر عنه الوزير جبران باسيل في تسريب من إحدى مجموعات الدردشة حيث وصف الحراك بالزلزال الذي يمكن أن يدمرهم جميعا.

أما الدول الكبرى فلقد أعلن البنتاغون والخارجية الأمريكية أنهم يتابعون عن كثب الحراك في لبنان. وحتى هذه اللحظة لم يخرج كلام رسمي من أمريكا. إلا أن السفيرة الأمريكية ومعها سفراء الاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا أعلنوا دعمهم للورقة "الإصلاحية" التي أعلن عنها الحريري. مما يؤكد تمسك الدول الكبرى بالحكومة الحالية.

السلطة بأعمدتها الأربعة: تيار سعد الحريري وحزب إيران وتيار رئيس الجمهورية وحركة أمل التابعة لرئيس النواب، جميعهم موحدون ضد الناس. فالسلطة حاليا هي بكباش مع أهل البلد، وخياراتها تترواح بين استقالة أو تعديل في الحكومة أو حتى استقالة النواب ومعهم رئيس الجمهورية لتصل إلى حد أقصى إعلان حالة الطوارئ ونشر الجيش. إلا أن السلطة لا تريد التنازل لإرادة الناس وترفض الاستقالة.

أزمة لبنان عميقة جداً وهي كما أسلفنا تراكمات عقود من انعدام الرعاية. إن هذا الحراك هو حراك عفوي لا تقف وراءه دول ولا يحركه حزب أو حركة سياسية. الحراك هو امتداد لثورات الربيع العربي. هو تمرد على الاستعمار وأزلامه بل تمرد على النظام الرأسمالي وإن كانت هذه الخاصية لا يعلمها عامة الناس.

والحل في لبنان كما في أي بلد آخر يكمن في نبذ الفكر الغربي العلماني والإطاحة بعملائه المحليين وإرساء قواعد سياسية واقتصادية واجتماعية مبنية على عقيدة صحيحة: عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله. فأنظمة المجتمع في الإسلام كفيلة بحل مشاكل الإنسان بغض النظر عن جنسه ومعتقده.


بقلم: الأستاذ عبد اللطيف داعوق
نائب رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان

المصدر: جريدة الراية


Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 28th March 2024 - 05:18 PM