منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> مهددات الامن القومي السوداني بالتركيز علي الوجود الإسرائيلي, سياسى استراتيجى
السودان فى مواجهة اسرائيل
هل ترى ان السودان دخل فى مواجهة مع إسرائيل بعد ضربها مصنع اليرموك
نعم [ 0 ] ** [0.00%]
مجموع التصويت: 0
لا يمكن للزوار التصويت 
سودانى انا
المشاركة Nov 7 2012, 01:07 PM
مشاركة #1


ناقد جديد
*

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1
التسجيل: 31-October 12
رقم العضوية: 2,005



مهددات الامن القومي السوداني بالتركيز علي الوجود الإسرائيلي

في جنوب السودان

أ: محمد الحسن عبدالرحمن الفاضل

18/9/2012

مقدمة

اصبح الامن القومي السوداني يواجه مهددات كثيرة خاصة بعد انفصال الجنوب حيث اصبح السودان مسرح مكشوف في كل الجبهات للقوي الطامعة، فهنالك مشاكل حدودية مع دولة الجنوب ونزاع في دارفور لم يحسم بصورة نهائية وجبهة جديدة في جنوب كردفان والنيل الازرق، اضافة لوجود إسرائيل في دولة جنوب السودان وهذا هو الخطر الحقيقي والمهدد الاكبر للسودان والذي اود الحديث عنه خلال هذه الدراسة، والذى بدأ يشكل تهديد رئيسي للامن القومي للسودان، لذلك الدفاع عن الأمن القومي السوداني حق مشروع فهو دفاع عن الوجود ورقابة في الوقت نفسه ضد الأخطار الخارجية، والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، ولم يعد خافياً على أحد أن إسرائيل وبدعم من الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى تقوية نفوذها والعبث بأصابعها الخبيثة بأمن السودان وإشعال الأزمات فيه.‏ ولا شك أن هناك علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية لكيان الاحتلال الصهيوني مع دول حوض النيل ودول البحر الأحمر (إثيوبيا، إرتيريا، جنوب السودان)، وهى دول مجاوره و قريبة للسودان وهو ما يجب أن يأخذ بعين الاعتبار والحذر.‏

وتقوم هذه الدراسة علي فرضية اساسية وهي ان الوجود الاسرائيلي في جنوب السودان يعتبر مهدد رئيسي للامن القومي السوداني. ونتناول من خلال هذه الورقة الوقوف علي مهددات الامن القومي السوداني بصورة عامة وطبيعة الوجود الاسرائيلي في جنوب السودان وبدايته وتطوره واسبابه حتي نتعرف علي الخطر الذي يمكن ان يشكله علي السودان في الحاضر والمستقبل.

مفهوم الامن القومي

يمكن أن نعرِّف الأمن القومي بأنه سلامة حدود الدولة ومصالحها وقيمها وثقافتها من المخاطر المحدقة بها. وقد تكون هذه المخاطر خارجية آتية من دول الجوار أو الدول الكبرى، أو قد تكون داخلية كأن يهدد النظام الشرعي للدولة أو أمن المواطن في الداخل نتيجة لفقدان أحد مقومات الأمن. وتتمثل هذه المقومات في عوامل ثلاثة: القوة العسكرية، والتنمية الاقتصادية، والاستقرار السياسي(1).

أصبح مصطلح الأمن القومي بحاجة إلى إعادة تعريف، حيث يبدو أن باب الاجتهاد فيه أصبح فضفاضا على نحو أصبح يتسع لأمور تتجاوز المفهوم الأصلي له، ذلك أننا نعرف أن الأمن القومي هو امر يتصل بالوطن ومصيره، وأن كل ما يتصل بإضعاف الوطن والنيل من عافيته يدخل في صميم الأمن القومي، لذلك فإن خبراء الاستراتيجية والباحثين ينبهون دائما إلى ان الأمن القومي أمر يتجاوز بكثير طاقة ووظيفة وحدود اجهزة الأمن. بالتالي فهو ليس شأن العسكر وحدهم، وثمة كلام كثير في هذا الباب يبدو أننا بحاجة إلى التذكير بأهميته، لأن ما كان إجماعاً في مفهوم الأمن القومي اختلف الآن حتى تحول المفهوم إلى وجهة نظر واجتهاد يحتمل قراءات واجتهادات أخرى.

ان التركيز على ضمان عافية الوطن ينبغي ان يظل مسألة محورية ومنطلقا لا غنى عنه في تناول الموضوع، وحين يستخدم الشعار لحماية افراد أو مراكز القوى فإن ذلك يعد ضوءا أحمر ينبه إلى ان ثمة انحرافا في مفهوم الأمن القومي تتعين المسارعة إلى وقفه، ليس فقط لكي لا تتبدل القيمة، ولكن ايضا لأن من شأن ذلك صرف الانتباه إلى التحديات التي تهدد حقا أمن المجتمع ومصير البلد(2).

مصادر تهديد الأمن القومى

يتخذ تهديد الأمن أنماطاً متعددة، بحسب تعدد المجالات المرتبطة بالأمن ذاته إذ يكفي أيٍ منها لإحداث خلل في مسيرة الدولة، لما يترتب على ذلك من تأثير في إستقرارها، وفيما يلي نعرض لتلك الأنماط بمجالاتها المختلفة.

التهديد العسكري والأمني

- وجود مليشيات مسلحة ومعارضة .

- وجود تنافس ضار بين مختلف قوى الدولة، خاصة في قوى الأمن المتعددة، عند غياب التنسيق بينهم.

- عدم قدرة الدولة على توفير أمن المواطن وانتشار الفساد والظلم.

- ضعف الإنتاج الحربي وإنخفاض المستوى التقني في المعدات وعدم قدرة الدولة على تعبئة إمكاناتها العسكرية والمدنية .

- الغزو المسلح والحشود والمناورات على الحدود ودخول أراضي الدولة، وأيضاً الصراعات القبلية التي تهدد الأمن.

- إمتلاك الدولة المجاورة لأسلحة هجومية متقدمة ودخول الدول المجاورة في حلف مع الأعداء وفرض الحظر على إمدادات الأسلحة .

- إضطراب أمن دول الجوار وآثاره السلبية .

التهديد السياسي

- ضعف المشاركة الشعبية في النظام السياسي وعدم الشعور بالولاء والإنتماء .

- وجود تأثير ضار من جماعات المصالح على النظام السياسي وضعف السلطة التنفيذية .

- إنتفاء الإستقرار السياسي وكثرة تعديل القرارات .

- الإستقطاب والصراع الإجتماعي والفئوي والقبلي الحاد .

وبالنظر لدور الإعلام وعلاقاته بالأمن نجد أن الإعلام هو المرآة التي تبرز ضعف المشاركة الشعبية وقوتها كما أن الإعلام هو أحد المحركين لتقوية الشعور والإنتماء، كما أن جماعات المصالح هي في أحيان كثيرة تحرك الإعلام . بحسب غلبة مصالحها وإتجاهاتها، وتعتبر الصحافة هي رأس الرمح في توضيح الأهداف وإذالة تناقضها كذلك نجد أن الإعلام هو ساحة للصراع الإجتماعي والقبلي، ولعل مواثيق الشرف الصحفي وقوانين الصحافة تقيد إنزلاق الصحافة في الحط من قدر الديانات والأعراف الأخرى لتحقيق مكسب الأمن الإجتماعي.

- تجميد عضوية الدولة في المنظمات السياسية والدولية أو فصلها من المنظمات والهيئات الدولية .

- التحالف والتكتل السياسي ضد الدولة .

- قطع العلاقات الدبلوماسية .

- أعمال الجاسوسية والتخريب .

- ترويج الدعاية والشائعة ضد الدولة لتطّلع بمهامها الدولية وإدارة الدولة لأذماتها وتحالفاتها الدولية، ويجنب الدولة القطيعة الدبلوماسية كما يهم الإعلام في التحذير من التخريب وأيضاً يعتبر المضامين الإعلامية هي موارد للجاسوسية والتحليل التحسيني ويعتبر الإعلام هو وسيلة أصيلة للترويج للدعاية المضادة ونفي الشائعات كما أن الصحافة غير الهادفة من الممكن أن تكون مهدداً أمنياً على الدولة .

التخريب

يعتبر التخريب احد مهددات الامن القومى وهو من أكثر وسائل الحرب النفسية تأثيراً في النفوس ـ ومن اكثرها عملاً في العقول، وهو وسيلة قاسية في جانب من جوانبها ومحبطة في جوانب أخرى، وينقسم التخريب إلي ثلاثة أنواع :

- التخريب المادي .

- التخريب الإجتماعي .

- التخريب العسكري .

التخريب المادي : فالحرب النفسية لا تستخدم فقط الكلمة المنطوقة أو المصورة، فهناك إستخدام لوسائل أخرى مثل الأعمال المادية .

التخريب الإجتماعي : هذه الوسيلة من أخطر وسائل الحرب النفسية حيث تعتمد على إستهداف المجتمعات في بنيتها الأساسية – الشباب، النساء ، الأسرة ، وتتخذ وسائل متعددة مثل نشر الفواحش والمخدرات وتعليم النشء أساليب الغش والخداع وإضاعة الوقت والمال وغيرها .

ولعل الإعلام هو أحد وسائل التخريب الإجتماعي بترتيب ممارسات الرذيلة وتعاطي المخدرات(3).

مهددات الأمن القومي السوداني

ان مهددات الأمن عديدة ويمكن ابراز أهمها فيما يلي:

1. المخططات الأجنبية تجاه السودان .

2. صراع المصالح الدولية في المنطقة .

3.النفوذ الأمريكي والفرنسي والاسرئيلي المباشر علي بعض دول الجوار .

4. النزاع في القرن الإفريقي .

5. المشاكل الحدودية الراكدة ( المؤجلة ) .

6. أجندة المنظمات الأجنبية العاملة في السودان .

7. الغزو الفكري والثقافي عبر الفضائيات والإستلاب الحضاري .

8. عدم وجود إجماع وطني علي الغايات القومية .

9. ضعف التخطيط الإستراتيجي .

10. ضعف صناعة القرار.

11. ضعف الوعي والثقافة الإستراتيجية .

12. الجفاف والتصحر والأوضاع البيئية.

13. الأنشطة التنموية غير المتوازنة.

14. ضعف القدرات التنافسية للإنتاج الوطني.

15. عدم ربط التخطيط بالتنمية.

16. عدم ربط الاعلام بالتنمية.

17. العطالة والفقر(4).

التهديد الإقتصادي

- الفقر وضمور الناتج القومي.

- إنتفاء العدالة وارتفاع نسبة البطالة.

- ضعف توفر الطاقة والمواد الأولية.

- خلل التموين وقلة الإنتاج وتوقف الإستيراد.

- عدم الإكتفاء من المواد الإستراتيجية.

- غياب أو ضعف الرقابة الحكومية على الحركة الإقتصادية.

- فرض الحصار الإقتصادي على الدولة، وإيقاف المعونات.

- التكتلات الإقتصادية المعادية.

- التدخل الخارجي لفرض أوضاع إقتصادية.

ويسهم الإعلام في إستنهاض مكافحة الفقر ويقوم الإعلام بصورة عامة بالعمل الرقابي على الحركة الإقتصادية، ورصد تحركات الشركات المتعددة الجنسيات(5).

التهديد الإجتماعي

-الإستلاب ونشر آيدلوجيات وعادات وتقاليد إجتماعية وسلوكية ضارة.

- إستخدام الحرب النفسية ضد الدولة عن طريق الإعلام المضاد وخاصة الصحافة.

- إثارة النفرات القبلية والطائفية.

- النعرات القبلية والطائفية.

- تنافر التركيبة الإجتماعية وإشتعال الحروب.

- تدني مستوى التعليم والصحة وتدني الإرادة والإنضباط.

اشارت ورشة مكافحة المخدرات التى نظمتها لجنة الامن والدفاع بالمجلس الوطني الانتقالي 2008م، الى ان الاستهداف الخفي من القوى الاستعمارية للدول الاسلامية بنشر المخدرات كوسيلة لاستهداف تلك المجتمعات والسودان واحد من هذه الدول. وذكرت ان للمخدرات اثار اجتماعية واقتصادية وامنية هذا وقد اشارت الى ان وزارة الداخلية تضع كافة امكانياتها لمجابهة المخدرات لانها خطر يستهدف النسيج الاجتماعي ويهدد التنمية وان زراع ادارة مكافحة المخدرات لها يد طولى في التعامل معها ومكافحتها وان السيطرة على المخدرات عمل يحتاج لتضافر كل قطاعات المجتمع .

واكدت الورشة ان المخدرات هي من مهددات الامن القومي وتداولهاياتي لزعزعة الامن القومي العربي.

وان المخدرات تعتبر احد الازرع الخفية لتهديد امن السودان خاصة وان العدو لم يدخر وسعا في اداره الحرب الظاهرة والخفية واكد على ضرورة مكافحة المخدرات في كافة مراحلها تمشيا مع هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي دعا لمحاربة الخمر ولعن حاملها وشاربها والمحمولة اليه واشار الى ان المكافحة تعمد الى تجفيف مواطن الزراعة وقطع الصلة بين الموزع والمنتج وتوعية المستهلك عبر المنابر المختلفة كاجهزة الاعلام للتعريف بخطورة المخدرات ودعت الورشة المؤسسات التشريعية( المجلس الوطني) لسن التشريعات التي قد تسهم في سد الثغرات لمكافحة المخدرات.

واكدت الورشة على ان المخدرات تعتبر مهدد امني قوي واشارت الى ارتفاع معدل استهلاك المخدرات عالميا ويصل مستهلكوها الى 180 مليون شخص واشار الى ان للمخدرات تداعيات لجرائم اخرى كحوادث المرور والدعارة وغسيل الاموال وزكر ان المخدرات في بعض الدول اللاتينية تتحكم حتى في الانظمة السياسية واشار الى ان المخدرات هي احد وسائل تخريب المجتمعات التي يلجأ اليها المستعمر لاقعاد المستعمرات عن التنمية كما حدث في الصين والهند وكما يحدث الان في افغانستان(6).

ويرى كثيرالأستراتيجيون السودانيون ان الأمن السودانى لازال يواجه خطرين رئيسيين الأول يتمثل فى المخاطر الخارجية الآنية وكمايلى:

التهديد الإسرائيلى والأمريكى من خلال دولة الجنوب .تهديد دولة الجنوب واحتمال قيامها و بمساعدة دول اخرى بشن حرب ذات اهداف محددة من اجل تحقيق اهداف و اجندة غربية، او خلق ظروف تمكن من تحقيق اهداف سياسية لدولة الجنوب و بعض الدول الأخرى او لتغيير النظام الحاكم.

احتمال حدوث تغييرات سياسية مفاجئة فى الدول الأفريقية المجاورة للسودان بشكل يعرض امن السودان للخطر، وفى سبيل هذه المخاطر تكون الردود كمايلى :

أ- ان يتبنى السودان قوة عسكرية قادرة على صد اى هجوم مفاجىء قادرة على نقل الحرب اى ارض الخصم.

ب – ان يكون قادراعلى احتواء تداعيات قيام اى حرب و انتهاز الحركات المسلحة لهذه الحرب و القيام بتنفيذ عمليات فى مناطق اخرى كدارفور و حتى فى العمق .

ج – سد واغلاق الثغرات القائمة فى بنية الدفاع خاصة الثغرات التى يمكن ان تتسرب منها مجموعات التخريب و القيام بانشطة اخرى.

د- القيادة العسكرية والأمنية تغلق الباب امام المخاطر الأمنية، فى الوقت الذى يجب فيه على القيادة السياسية فتح الباب امام احتمالات السلام مع دولة الجنوب ( ناس قافلين وناس فاتحين).

المخاطر الداخلية

1- وهى تتعلق بدولة جنوب السودان و خطرتسرب السكان الى داخل السودان و تحولهم الى قوة لدعم المعارضة و احداث الفوضى و عدم الأستقرار.

2- الوجود الأجنبى و شبكات العملاء و الجواسيس من الدول الجاورة .

3- العمل على تكييف الحدود بحيث تصبح آمنة ومرنة يمكن الدفاع عنها والصمود فيها لمدة طويلة وتعويض خسائر اى اراضى حدودية بعمليات فى العمق.

4- مواجهة الأحتمالات المختلفة المترتبة على قيام الحرب مع احتمال الأنسحاب من اراضى تطالب بها دولة الجنوب و العودة لأحتلالها مرة اخرى.

5- التحسب لأسوأ الأحتمالات المتمثلة فى نشوب الحرب بمبادرة من(الجبهة الثورية ) او مجموعات متفلتة من الجيش الشعبى يمكن ان تفاجىء السودان.

6- احتمال الأضطرار لأدارة عمليات دفاعية بحتة داخل اراضى السودان اما بسبب تأخر اجهزة المخابرات فى اكتشاف النوايا الهجومية لدولة الجنوب او بسبب عمليات خداع سياسية من بعض قادة الجنوب ذوى الميول السلمية او لخداع استراتيجى تقوم بها دول اخرى كأمريكا واسرائيل.

7- التصدى لأى عمليات ارهابية تقوم بها الحركات المسلحة او الجبهة الثورية مع توجيه ضربات انتقامية داخل عمق الدولة المعتدية التى ترعى الحركات المسلحة.

8- القدرة على الأحتفاظ والتمسك بالأراضى داخل حدود الدولة المعتدبة لأى مفاوضات سلام قادمة.

9- التوقع و الصمود فى وجه اى اشكال اخرى من الحرب يمكن ان تفرضها دولة الجنوب و الحركات المسلحة التى ترعاها ، مع القدرة على القيام بعمليات عسكلرية و امنية خاصة ذات اهداف و مهام امنية متنوعة دفاعا عن المجال الحيوى.

10- حماية المؤخرة داخل السودان من اى عمليات عسكرية معادية.

11- تحقيق الأجماع الوطنى على القرارات السياسية والعسكرية والأمنية المتعلقة بقضايا الحرب و السلام وارهاب الحركات المسلحة و القضايا العالقة.

12- اعطاء الفرصة لأتباع اساليب الرد المتدرج على التهديدات المحتمل ان تواجه السودان من دولة الجنوب.

13- اجراء دمج و تبادل منطقى بين برامج البحث والتطوير فى القطاعين المدنى و العسكرى لأن الحرب بين الدولتين تشن بكل مقومات الدولة المختلفة.

14- تعدد الخيارات للقيادة السياسية تمكنها من تبنى الدفاع والمبادرة بالحرب تحت ذرائع مواجهة الحركات المسلحة بالجنوب مع بقاء المرونة لأى مفاوضات قادمة.

15- توفير احتياطات كبيرة من الأسلحة والذخائر لمواجهة حرب قد تكون طويلة الأمد بتوقع الدعم العسكرى اليوغندى ، الأمريكى والإسرائيلى لدولةالجنوب.

البدائل الأمنية المتاحة - النظرية الهجومية البحتة

قد لا نكون نملك الأمكانيات والقدرات التى تمكن من تنفيذ جميع المهام الأمنية فى وقت واحد بنجاح كامل. فالأقدام على شن حرب وقائية و رادعة على طول خطوط الحدود يتطلب ايضا تغطية مناطق اخرى مما يتطلب جيش كبير و انتشار واسع وباهظ التكاليف. بالاضافة الى ان الحرب الوقائية ستثير امام السودان مشاكل وانتقادات دولية قد لا تكون لها نتائج سياسية وقد تكون. علما بان هنالك احتمال لأزدياد حدة الأنقسام فى الجنوب داخل المجتمع خاصة مع الثوار وحاملى السلاح ضد حكومة الجنوب و القبائل المتصارعة و الجماعات المؤيدة للسلام بين السودان والجنوب من جهة والمجموعات التى تدعو للحرب من جهة اخرى.

النظرية الدفاعية البحتة

انتشار القوات المسلحة الواسع فى مناطق عديدة من البلاد يرفع معدل التآكل فى الأفراد و الأسلحة والمعدات بشكل قد يصبح خطيرا مما يهدد باحتمال خسارة اى حرب مقبلة و الحرب يمكن حسمها بالتكنولوجيا الحديثة اذا توفرت وهى تحول دون اثارة الرأى العام مع الأجماع الوطنى فى الداخل لكن هنالك كلفة امنية مالية عالية قد لا تتوفر وعليه لمنع احتمال الخسارة تبقى التكنولوجيا العسكرية الحديثة عاملا هاما فى النصر.

عند الحديث عن المفهوم الأمنى اهم ما يجب ملاحظته ان هذا المفهوم يتكيف مع الظروف و المتغيرات و يتعدل كلما اقتضت الحاجة و الضرورة .

( ان الصراع مع الجنوب سيكون صراع حول قضية تعارض فى المصالح وخلاف على الحدود و النفط و المياه وقضايا متعددة شائكة).

كما ان اى حرب لا بد ان تكون خاطفة سريعة و انهاء الحرب فى وضع افضل عسكريا و سياسيا مما كان عليه فى بدايتها.

والتخطيط لأى حملة عسكرية لا بد ان يدرس الحقائق والعوامل السياسية والدينية والقبلية وعمليات الثوار السائدة فى الجنوب حتى لا تتزايد المشاكل ذات الطابع الأمنى ويصبح القطاع المدنى فى عمق الأزمة. ومنع اى اتجاه لأعتبار اى تواجد سودانى فى الجنوب كسلطة محتلة حتى لاتزيد من حدة المشاكل الأجتماعية، فالدولة المنفصلة يجمها مع السودان تاريخ وثقافة وروابط اجتماعية قبل ان تنفصل و تبدأ فى تهديد السودان. لا نغفل دولا لازالت قوة محلية كانت وما زالت مصدر ثقة الولايات المتحدة، هذه الدول يمكن ان تنفذ الولايات المتحدة من خلالها اجندتها وهى دولة جنوب السودان، كينيا، يوغندا، اثيوبيا، الكونغو وافريقيا الوسطى فوجود قوات امريكية لمطاردة جيش الرب اليوغندى لا تخرج عن التنسيق بين الولايات المتحدة و يوغندا لأهداف اخرى ليس هى محاربة جيش الرب.

ان التواجد الأمريكى العسكرى فى بعض دول المحيط مؤكد كما ان الوجود الإسرائيلى فى جنوب السودان لا لبس فيه، كلا التواجدين يشكلان تهديدا حقيقيا للسودان لأنه فى اى نزاع قادم قد يرجح هذا التواجد كفة الجنوب معنويا وعسكريا وحتى سياسيا لأن لأمريكا و أسرائيل القوة العسكرية و السياسية و الأعلامية(7).

ان الخط الأستراتيجى للتفاوض فى القضايا العالقة الشائكة يقوم على الآتى:

- السعى الى اكتشاف المفهوم الجنوبى عن طبيعة السلام .

- السعى الى جرالطرف الآخر الى تنازلات معقولة (لبناء الثقة) و توفير المصداقية.

- اهمية التفاوض المباشر لأخراج الوسطاء والأصدقاء الخ... من اطار التفاوض لعدم حيادية هؤلاء وعدم حيادية حتى المنظمة الدولية. لقد اصبح التخلى عن المبادىء و السلوكيات المعروفة فى العلاقات الدولية والقانون الدولى امرا غير ذى بال و عادى..

لقد هدف مشروع فصل جنوب السودان الى اقامة دولة جنوبية افريقية لتكون قوة اقليمية فاصلة لفصل السودان العربى المسلم والجنوب الأفريقى المسيحى. وقد نجحت الحركة الشعبية بالتعاون مع اطراف دولية فى اقامة كيان دولة جنوب السودان التى بدأ ت تظهر فيها ملامح ومفاهيم التطور الأمنى الجنوبى وبدات ترسم خطواته وتحدد ابعاده و اسسه واهدافه وتعدل بحسب نتائج الضغوط والحروب والصراعات القبلية والسبل السياسية السلمية . الأمن الجنوبى فى مضمونه اصبح يعبر عن حقيقة و جوهر( الصراع العربى الأفريقى) و( والصراع العربى الإسرائيلى ) فى نفس الوقت وهو صراع على قضية تعارض فى المصالح و خلاف حول الحدود وخلاف فى الأقتصاد وهو صراع يحتاج الى الحسم بالطرق العسكرية الحربيــة وبالطرق السلمـية الديبلوماسيـة و السياسية. (مفهوم ) فى مفهوم الأمن القومى السودانى يمكن ان يستوعب كل هذه المستجدات و المتغيرات(8).

علاقة أسرائيل بدولة جنوب السودان

أن العلاقه بين إسرائيل ودولة جنوب السودان ليست جديدة، وتاريخها الحقيقي يعود إلى عام 1967م، عندما عرض الجنرال جوزيف لاقو لونجا - مؤسس حركة جنوب السودان (الانانيا)- على "إسرائيل" في ذاك الوقت استعداده لتقديم المساعدة لتل أبيب للحيلولة دون اشتراك الجيش السوداني مع الجيش المصري في محاربتها. وعلى الفور وجهت رئيسة الوزراء الصهيونية (جولدا مائير) الدعوة له لزيارة تل أبيب، وقامت بتكليف جيش الاحتلال بتدريب أتباعه، وزودتهم بالأسلحة التي يحتاجونها، وتم تنسيق عملية المساعدات "الإسرائيلية" لجنوب السودان مع كل من كينيا وإثيوبيا.

ويبدو أن التغلغل الصهيوني في الساحة السودانية لم يتوقف منذ هذا التاريخ، حيث اعترف (عاموس يادلين) الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الصهيونية المعروفة اختصارًا بـ"أمان" خلال تسليمه لمهام منصبه لخليفته، بدور "إسرائيل" الكبير في مساعدة الحركات الانفصالية بجنوب السودان، قائلاً :"لقد أنجزنا خلال السنوات الماضية كل المهام التي أوكلت إلينا، واستكملنا العديد منها، والتي بدأ فيها الذين سبقونا". وأضاف: "أنجزنا عملاً عظيمًا للغاية في السودان، نظمنا خط إيصال السلاح للقوى الانفصالية في جنوبه، ودربنا العديد منها، وقمنا أكثر من مرة بأعمال لوجستية لمساعدتهم، ونشرنا في الجنوب ودارفور شبكات رائعة قادرة على الاستمرار بالعمل إلى ما لا نهاية، ونشرف حاليًا على تنظيم "الحركة الشعبية" هناك، وشكلنا لهم جهازًا أمنيًّا استخباريًّا.

موقف إسرائيل من جنوب السودان

أن ما يجري في السودان سواء في إقليم دارفور أو جنوب السودان لا يمكن أن يكون عملا منعزلا عن واقع السياسة الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط، وأن الهدف الأساسي من هذه السياسات هو تمزيق السودان ومصر، وقد تكشف الأمر أخيراً عندما ظهرت تفاصيل دراسة كتبها العميد الإسرائيلي المتقاعد (موشي فرجي ) أعدها لمركز دراسات الشرق الوسط في جامعة تل أبيب بعنوان 'إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان، نقطة البداية ومرحلة الانطلاق'.

ويقول إن الصراع الذي ظهر في جنوب السودان بدأ في أول أمره وكأنه حدث محلي، ولكنه استرعى في مرحلة لاحقة الاهتمام الإسرائيلي ولم يكن ذلك شانه في أول الأمر لأن إسرائيل كانت تنظر إلى الصراع في جنوب السودان على أنه لا يتعلق بدولة من دول المواجهة معها، كما أن السودان لم يكن من وجهة نظر إسرائيل من الدول التي تتبنى مواقف متشددة منها، ولم يقدم دعماً حقيقياً للرئيس جمال عبد الناصر في مواقفه المختلفة من إسرائيل، خاصة في حملة قاديش وخلال العدوان الثلاثي على مصر أو خلال حرب عام1972م. ويقول (فرجى) إن السودان لم يتخذ موقفاً عدائياً من التغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية خاصة عندما كانت إسرائيل تحاول تعميق علاقاتها مع الإمبراطور هيلاسيلاسي في إثيوبيا وأخيراً مع كينيا وأوغندا. ولكن حدث تطور مهم في المؤسستين الاستخبارية والعسكرية بشأن السودان، ليس بسبب مواقف سابقة بل بسبب ما يمكن أن يشكله السودان من خطر على الأمن الإسرائيلي مستقبلاً، باعتباره عمقاً حقيقيا لمصر التي هي في نظر إسرائيل أكبر خطر يتهددها، ورأت إسرائيل أن الخطر الذي يشكله السودان بالنسبة لإسرائيل يشبه إلى حد كبير الخطر الذي يمكن أن يشكله العراق، وبالتالي يجب أن يكون التعامل مع السودان بالمستوى نفسه الذي يكون فيه التعامل مع العراق، ويجب أن يرتكز ذلك على التباين العرقي والطائفي والمذهبي الذي هو في نهاية الأمر الضمان الوحيد لكي يصبح السودان عاجزاً عن القيام بأي عمل كبير ضد إسرائيل أو تقديم الدعم ضدها لدولة في حجم مصر(9).

وبالتالي فقد رأت إسرائيل توسيع استراتيجيتها المخصصة للقرن الأفريقي بحيث يدخل إلى صميمها الموقف من جنوب السودان. ويقول (فرجي) إن هذه الإستراتيجية صاغها بن غوريون وأوري لورياني وبالتالي فقد بدأت إسرائيل فوراً بالتحرك لدعم كل الحركات الانفصالية التي تهدد الحكومة المركزية في الشمال. ويأتي هذا الموقف من إسرائيل بعد أن اعترفت الدراسة أن إسرائيل حاولت أن تتغلغل في صفوف الزعامات في شمال السودان ولكنها فشلت في أن تحقق نجاحاً يذكر. بل إن السودان بدأ تدريجياً في الدخول إلى الخندق المعادي لإسرائيل خاصة خلال حرب (أكتوبر) عام 1973.

وأفادت الدراسة إن إسرائيل جعلت من إثيوبيا مرتكزاً لها وقد تولى الاتصالات مع متمردي جنوب السودان (دافيد كمحي) المدير السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، وقالت إن الدعم الإسرائيلي هو الذي مكن حركة التمرد من الاستيلاء على مدن رئيسية في جنوب السودان، وكانت إسرائيل تمد المتمردين بالسلاح كما كانت تقوم بتقديم الاستشارات والتدريب من خلال خبرائها المقيمين في إثيوبيا. واستخدمت الحكومة الإسرائيلية سياسة جديدة أطلقت عليها اسم (شد الأطراف) استهدفت توتير العلاقات بين الحكومة السودانية والدول المجاورة حتى لا تتمكن الحكومة السودانية من تنفيذ سياساتها بالتعاون مع هذه الدول(10).

أن الأتصالات الإسرائيلية مع الجنوبيين بدأت من القنصلية الإسرائيلية في أديس أبابا، بحيث لعبت شركاتها "كواجهة" استخدمت لتلك الاتصالات، ووقع الاختيار على الدينكا أقوى قبائل المنطقة لتكون الباب الذي تتسلل منه إسرائيل إلى الجنوب وقد أطلق على هذه الإستراتيجية "شد الأطراف"، وتم تجاوزها في سنوات لاحقة ليطلق عليها شعار )البتر وليس الشد(، حيث تبدو التوجهات الإسرائيلية ماضية في تلبية طموحات الجماعات العرقية في الانفصال، وتشكيل الكيانات المستقلة عن الدول العربية‏.‏

ونتيجه لهذه العلاقات التاريخية بين قادة دولة جنوب السودان وقادة الكيان الصهيوني استجاب الرئيس "سيلفا كير" فى ديسمبر2011م لطلب النائب بالكنيست "دانى دانون" عن حزب "الليكود" للدعوة التي وجهها إليه بزيارة إسرائيل وذلك بعد الزيارة التي قام بها برفقة عدد من المسئولين الإسرائيليين الكبار لجنوب السودان بمناسبة افتتاح سفارة إسرائيل فى جوبا وكذلك وافق (دانون) على افتتاح سفارة لدولة جنوب السودان فى تل أبيب. وذكر سلفاكير خلال الاجتماع مع النائب الإسرائيلى إن عدداً من قيادات حركة حماس طالبوه بعدم إقامة علاقات مع إسرائيل لكنه رفض طلبهم، مؤكداً لهم أن جنوب السودان ليست دولة عربية وأن هناك بعض الدول العربية نفسها كمصر والأردن لديها سفارات إسرائيلية على أراضيها.

وطلب (دانون) خلال لقائه بوزير خارجية جنوب السودان "دينق ألور" أن تصوت جنوب السودان ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية لدى طرح الملف على الأمم المتحدة شهر سبتمبر 2011م. وقد التقى النائب بالكنيست رئيس برلمان جنوب السودان "دانيئيل أكوت" الذى أشاد بإسرائيل واعتبر نموذجاً يُحتذى به بالنسبة لدولته الحديثة، على حد قوله. ولفتت بعض المراقبين إلى أن (دانون) التقى بعدد من مواطني جنوب السودان الذين كانوا قد أمضوا فترة من الوقت فى إسرائيل بصفة لاجئين قبل عودتهم إلى وطنهم ليبحث معهم سبل إعادة مواطنيهم المتواجدين فى إسرائيل إلى جنوب السودان وتأهيلهم مهنيا.

استعرض الخبير الاسرائيلي (برئيل) في تقريره الأنباء التي ترددت بشأن اجتماع مسئولين "إسرائيليين" مع مندوبين عن حكومة جنوب السودان، والاتفاق على أن يستقبل مطار جوبا رحلات شركة الطيران الصهيونية (العال) بداية من العام 2012م، اضافة إلى اعتزام رجال أعمال "إسرائيليين" بناء فندق سياحي ضخم في جنوب السودان، وأن شركة "إسرائيلية" أخرى قامت بالفعل بأفتتاح مكتب علاقات مالية وتجارية هناك. هذه الأنباء التي يتم تسريبها في الأساس من خلال وسائل الإعلام العبرية تهدف في المقام الأول إلى جس نبض العالم العربي حيال الدولة الجديدة في جنوب السودان وعلاقاته المرتقبة مع "إسرائيل" من جهة، وتكشف استعدادات الكيان الصهيوني لاحتواء تلك الدولة والسيطرة عليها لتكون ورقة جديدة في يده؛ يستعين بها في حربه ضد العرب من جهة أخرى.

وكعادة الإعلام الصهيوني الموجه، حاول (برئيل) الإيحاء عبر تقريره المشبوه، بأن إسرائيل تتمتع بتعاطف وتأييد شعبي من جانب السودانيين الجنوبيين، زاعمًا بأن معظم سكان جنوب السودان يحملون مشاعر إيجابية تجاه إسرائيل، ويرحبون يإقامة علاقات معها، مبرزًا مثالاً على ذلك من خلال تعليقات القراء في إحدى المواقع الإلكترونية السودانية على خبر يتحدث عن تعميق العلاقات بين إسرائيل وجنوب السودان، حيث علق أحد الجنوبيين على ذلك قائلاً: "عقب الانفصال عن السودان، ستكون إسرائيل من أولى الدول التي سيدعوها الجنوب إلى إقامة سفارة لها هنا. فـ إسرائيل لم تقتل 2.5 مليون شخص من شعبنا مثلما فعل النظام السوداني، ونحن السودانيين الجنوبيين لا تهمنا حرب 1967م ولا حرب 1973م؛ لأنه ماذا تنتظرون من إسرائيل فعله عندما تُهاجم من عدة جبهات"(11).

يري كثير من المراقبين، أن السودان في ظل الخريطة الجيوسياسية الجديدة يتهاوى وسط عجز عربي مخجل ينذر بسقوط مزيد من الدول العربية في براثن التقسيم والتفتت، لتتحول إلى دويلات لا حول لها ولا قوة، وتفسح المجال أكثر أمام القوى المتربصة بها، لتزيد من سطوتها وشهوتها الاستعمارية(12).

إسرائيل وملف مياه النيل

أن إسرائيل كانت ولا تزال تبحث عن أوراق في ملف النيل للضغط بها على مصر، وهذا أمر تقليدي في السياسة الإسرائيلية، إلا أن الأخطر أن هناك تعاونًا عسكريًا متصاعدًا بين الكيان الصهيوني وجنوب السودان، ولعل إسرائيل تدرك أن تصاعد المد الثوري في المنطقة العربية، وسقوط نظام مبارك سيعقِّد الموقف بالنسبة لها، ويحرمها من أوراق الاستقرار اعتمادًا على حكومات متعاونة معها على حساب القضايا العربية والفلسطينية، وأن عليها أن تعوض ذلك بتدعيم التعاون العسكري والاستراتيجي مع دولة الجنوب.

على كل حال، فإن هذا الأمر الذي أصبح علنًا، ليس جديدًا على السودان، ولكن الغريب أن الدولة المصرية إبان حكم الرئيس مبارك كانت تتعامل مع هذه القضية التي تفرز ضجرًا في السودان، ببرود وإهمال أو غيبوبة أو خيانة، وكان ذلك يساعد في تحقيق الأهداف الإسرائيلية بتصرفات حمقاء تجاه السودان عمومًا، والجنوب خصوصًا، وإذا كان نظام مبارك قد سقط، فإن نظام مصر الجديد أو المؤقت لا يزال يتعامل مع القضية بدون تخطيط استراتيجي شامل، بل لعلنا نقول: إنه يتصرف برد فعل ضعيف وغير لائق مع هذه القضية الاستراتيجية، والعيب ليس بالطبع في عدم وجود خبراء مصريين - سواء في الخارجية أو المخابرات أو وزارة الري- قادرون على وضع تصور استراتيجي وتنفيذه، ولكن في استمرار غياب الإرادة الاستراتيجية في التعامل مع هذا الملف الحيوي، ويمكن أن تصور مدى الضعف والتخاذل في التعامل مع هذا الموضوع إذا علمنا أن رد الفعل المصري تجاه زيارة نتنياهو لجوبا كان زيادة رحلات الطيران بين جوبا ومصر، وكأن ذلك يكفي مؤنة الحركة الاستراتيجية المطلوبة في هذا الصدد(13).

لا يمكن القول بأن علاقة جنوب السودان والحركة الشعبية وقيادات الجيش الشعبي والقيادات العسكرية والأمنية في جنوب السودان جديدة بإسرائيل، وأن ذلك كان سرًا ثم أصبح علنًا، وأن المستور قد انكشف، بل الحقيقة أن المكشوف قد انكشف، فقد كانت هذه العلاقات قبل انفصال الجنوب موجودة أيضًا، وكشفتها معلومات مخابراتية وصحفية، بل كانت من البديهيات المعروفة في كل من السياسة المصرية والإسرائيلية على حد سواء.

وكانت زيارات قادة الحركة الشعبية لجنوب السودان إلى تل أبيب تجرى علنًا، وكذا تلقِّي التدريب واستقدام خبراء إسرائيليين إلى الجنوب وتلقي السلاح والمؤن والدعم السياسي للجنوب في أوروبا وأمريكا كان أمرًا معروفًا. ومع ذلك لا تزال السياسة المصرية تراوح مكانها.

لذلك المطلوب تحرك رسمي سوداني ومصري قصير المدى ومتوسط المدى وطويل المدى، فإن لم يوجد، فعلى الحركات الشعبية والسياسة المسئولة أن تفعل شيئًا، حتى لا يكون الخنجر المغروز في الخصر مدعاة لجرح نازف يؤثر في الكيان السوداني والمصري (14).

أهمية دولة جنوب السودان لإسرائيل

تبدو دولة جنوب السودان استراتيجياً، وفي ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية وفي القلب منها المصرية، غاية في الأهمية للدولة العبرية، خصوصاً لجهة تشكيل أداة ضغط جديدة على مصر فيما يتعلق بحوض النيل، شريان الحياة الرئيسي لهذا البلد العربي المحوري، لمنعه من الاستقلال مستقبلاً بقراره السياسي، والذي يشكل رافعة للنهوض العربي المنشود.

ومن الناحية التكتيكية يمكن لإسرائيل أن تحاجج أيضاً بشأن موضوع إعلان الدولة الفلسطينية من طرف واحد، مستشهدة بالحالة السودانية التي تمت باتفاق بين الطرفين، في مقارنة غير عادلة بين السودان الموحد و«إسرائيل الكبرى». ولكن، هل يمكن لوم إسرائيل، التي أقامت علاقات سرية وعلنية منذ عقود طويلة مع الجنوبيين، وفقاً لقاعدة (بن غوريون) التي تقول إن على إسرائيل أن تحاصر الدول العربية من خلال الدول المحيطة؟ أم نلوم القادة العرب ونحن وهم واقفين عاجزين عن الفعل السياسي في العمق الاستراتيجي لبلدانهم المهددة، والذي ملأت فراغه الدول المحيطة بها؟ أسئلة مؤلمة لابد من الإجابة عنها والوقوف عندها ملياً، وإلا سنشهد مزيداً من الغياب العربي عن ساحة الفعل السياسي الإقليمي والدولي، والعودة بشكل أو بآخر لحقبة الاستعمار بالمعنى الاستراتيجي للكلمة. فغياب الوزن السياسي للعرب في المنطقة يعني حضور الآخرين، وهذا لا يعني النظر لانفصال جنوب السودان بوصفه مؤامرة، بل هو حدث سياسي استراتيجي لابد من التعامل معه بواقعية سياسية، أول تعبيراتها، احتضان هذه الدولة الوليدة ودعمها بكافة أشكال الدعم الممكنة وعدم تركها لقمة سائغة للدول الطامحة إلى التمدد في مناطق الفراغ العربية (15).

ويعتبر الموقع الجيوسياسي لدولة جنوب السودان ذي أهمية بالنسبة لإسرائيل وللدول الغربية بشكل عام، لوقوعها في أعالي منابع نهر النيل، حيث توجد به الموارد الطبيعية خاصة النفط ومكانته الاستراتيجية المهمة بين الشمال العربي الأفريقي المسلم والجنوب الأفريقي المسيحي، ويكمن الخطر فى الوجود الإسرائيلى في احتمال وجود الدولة العبرية في دولة جنوب السودان(16).

ولدولة جنوب السودان أهمية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل، وذلك لأنها يمكنها أن تجعل الجنوب يرفض تنفيذ مشروع قناة جونقلي أو الدخول في أية علاقة تعاونية مائية مع كل من الشمال ومصر، إلا بعد موافقة مصر على استئناف مشروع ترعة السلام الذي تم طرحه في عهد السادات، الذي يقضي بتوصيل جزء من مياه النيل إلى صحراء النقب عبر خط أنابيب. ويمكن لإسرائيل ان تحرض دولة جنوب السودان على التوقيع على اتفاقية عنتبى التي ترفض الاعتراف بالحقوق التاريخية المصرية السودانية فى المياه، خاصة بعد ثورة يناير والاحداث الاخيرة فى سفارة اسرائيل ?مصر وما نتج عنه من إعادة قراءة ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية، وربما تعديل بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد(17).

إعتراف إسرائيل بدولة جنوب السودان

تعاطت إسرائيل مع إعلان دولة جنوب السودان بما يشبه الاحتفاء، معتمد إبداء تحفظ رسمي، وحرص على عدم الظهورالعلنى فى الصورة قدرالامكان، وحتى تأخير الاعتراف الرسمي بالدولة الوليدة إلى ما بعد الاعتراف الأمريكي والأوروبي بها. أما إعلامياً، فلم يتم إخفاء الرضى تجاه الحدث، مع قراءات واجتهادات لاستخلاص العِبَر وإسقاطها على الصراع العربي- الإسرائيلي، كما فعل يوسي بيلين ودوري غولد. وعموماً، ليس ثمة اختلاف جدي وعميق بين القراءتين الرسمية والنخبوية. بعد اعلان انفصال جنوب السودان عن السودان اعترف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتننياهو في بيان ان الحكومة الاسرائيلية تعترف بدولة جنوب السودان المستقلة، ويذكر ان اسرائيل لا تربطها علاقات دبلوماسية مع الخرطوم، وتتهم حكومة السودان بدعم مسلحين من حماس. واتهمت الخرطوم اسرائيل في /ابريل 2011م بتنفيذ ضربة جوية على الساحل السوداني من البحر الاحمر ما اسفر عن مقتل شخصين وتدمير السيارة التي كانوا يستقلونها. وكانت علاقات اسرائيل أكثر ودية مع الجيش الشعبي لتحرير السودان، الحركة المسلحة التي قادت جنوب السودان نحو الانفصال.

لايمكن الحديث عن دور إسرائيلي في جنوب السودان، سياسياً كان أو اقتصادياً، دون قراءة فاحصة للأداء الأمني والعمل الاستخباري لأجهزة المخابرات الإسرائيلية. مع العلم أن هذا التدخل الإسرائيلي لم يأت عفوياً، أو صدفة، بل إن الإستراتيجية التي قامت عليها إسرائيل منذ نشأتها الأولى تحددت بموجب ما ذكره مؤسسها ديفد بن غوريون حين قال "نحن شعب صغير،‏ وإمكانياتنا ومواردنا محدودة، ولا بد من العمل على علاج هذه الثغرة في تعاملنا مع أعدائنا من الدول العربية، من خلال معرفة وتشخيص نقاط الضعف لديها‏،‏ خاصة العلاقات القائمة بين الجماعات العرقية والأقليات الطائفية‏، بحيث نسهم في تعظيمها‏، لتتحول في النهاية إلى معضلات يصعب حلها أو احتوائه"‏.‏

ولعل ما توج هذه الجهود الإسرائيلية، ما كشف عنه النقاب من بدء وصول حشود كبيرة من الخبراء الإسرائيليين في مختلف المجالات إلى جوبا عاصمة الجنوب، استعداداً للسيطرة على الدولة الناشئة، حيث يتخصص هؤلاء الذين قدر عددهم بألف خبير في الزراعة والتعدين والاقتصاد والفنون والسياحة والإدارة. تعتقد إسرائيل أن مراميها السياسية والإستراتيجية في تشجيعها لانفصال جنوب السودان، تتجاوز كثيراً هذه البقعة الجغرافية لتصل إلى عواصم عربية مجاورة، ترى أنه لا بد من بقائها تحت المجهر الإسرائيلي. وهكذا، لم يكن مستغرباً أن تركز إسرائيل على النيل في السنوات الأخيرة لضمان الإمساك بأقوى ورقة للضغط على مصر، وفي هذا السياق جاء تركيز جولة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قبل أشهر عدة على ثلاث دول تعد من أهم بلدان المنابع لنهر النيل، وأكثرها رفضاً لاتفاقات المياه المعقودة مع دولتي المصب: السودان ومصر.

فإن مصالح إسرائيل في المفهوم الإستراتيجي باتت تتمثل في إقامة علاقات قوية مع دولة جنوب السودان، والأرجح أنها لن تكون إلا شوكة أخرى في خاصرة دولة عربية، لاسيما أن حقيقة انفصال الجنوب يجد مساندة قوية من اليمين المسيحي المتصهين في الولايات المتحدة للحد من المد العربي والإسلامي داخل القارة الأفريقية، مما يعني أن القادم سيكون لصالح إسرائيل بصورة أكثر خطراً وأبعد أثراً، لدرجة أن دولة الجنوب ستتحول إلى "قاعدة عسكرية" إسرائيلية في نهاية المطاف.

ويتردد على نطاق واسع ان إسرائيل قدمت اسلحة الى الجيش الشعبي خلال حربه التي استمرت 22 عاما ضد نظام الخرطوم، وان لم يقر اي جانب ذلك علنا. وتواجه دولة جنوب السودان الجديدة تحديات جمة، وقد اعلنت وكالة (اسرائيد) التي تتألف من منظمات اغاثة اسرائيلية ومنظمات اهلية يهودية، عن ارسالها على الفور مساعدات انسانية لجنوب السودان "بالنيابة عن الشعب الاسرائيلي واليهودي كبادرة حسن نوايا بين الشعبين". وتقول وسائل الاعلام ان العديد من الخبراء الاسرائيليين موجودون في جنوب السودان لاسيما في قطاع الزراعة. ووفرت اسرائيل ملجأ لآلاف اللاجئين السودانيين، بينهم المئات من جنوب السودان، وجرى احتفال باستقلال الجنوب في تل ابيب التي تضم أغلب السودانيين الذين استقروا في اسرائيل(18).

بحسب عدد من المحللين فإن إسرائيل استفادت من انفصال الجنوب عن الشمال، وكما يقول البعض وجدت ضالتها في الدولة الوليدة، وقد تؤثر علاقة إسرائيل مع جنوب السودان على دولة الشمال من عدة نواحي، فالخرطوم لا تزال تعتبر إسرائيل العدو الأول على الصعيدين الديني والسياسي.. كما أن إسرائيل تصنف الحكومة في السودان على أنها إسلامية تعادي إسرائيل وتعمل ضد مصالحها فضلاً عن أن السودان في المنظور الإسرائيلي هو المغزى للحركات المناضهة لإسرائيل في فلسطين.

السودان بدوره يطمع في إيجاد آلية عربية سريعة وحازمة تعمل تحت مظلة الجامعة العربية للتعامل مع الخروقات والشطحات المتوقعة بتحريض صهيوني من جانب هذه الدولة الوليدة، بهدف حفظ استقرار الأمن القومي السوداني الذي بات مستباحاً ومهدداً أكثر من ناحية الجنوب والعمل على تقوية حائط الصد من التمدد الإسرائيلي في المنطقة هذه المرة من ناحية جنوب السودان.

إسرائيل دائماً ما تمتلك زمام المبادرات سراً وعلانيةً بشأن نسج وبر المخططات هنا وهناك لتأجيج نار الفتنة ولم تقف في موقع المتفرج على ضياع مستقبلها في وسط محيط يغلي، فهي منذ زمن تمد أذرعها الأمنية والاقتصادية لإفريقيا وفي هذا الوقت التي تمر به الأمة بفترة تحول تسعى الحكومة الإسرائيلية لإنشاء حلف جديد يساندها بدلاً من الحلف الذي سقط بسقوط نظام الرئيس المصري محمد حسني مبارك بل وترمى الى أهداف أبعد من ذلك باستعدادها لشن حرب ضد إيران للحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة.

إتجاه دولة جنوب السودان بإقامة علاقات متينة مع إسرائيل سيجعل الباب موارباً أمام تل أبيب للحصول على مياه نهر النيل وتزيد من فرض سيطرتها عليها، عبر بناء المزيد من السدود وإقامة المشروعات المائية، كما سبق وأن فعلت في إثيوبيا، ليصير كرت ضغط جديد تشهره في وجه مصر، لتضييق الخناق عليها وابتزازها سياسياً واقتصادياً(19).

التعاون بين اسرائيل و دولة جنوب السودان

بعد انفصال الجنوب عن الشمال، أعلنت الحكومة الإسرائيلية وحكومة جمهورية جنوب السودان عن إقامة علاقات دبلوماسية بين الدولتين، على أن يتم بحث الجوانب العملية للعلاقات، بما في ذلك اعتماد السفراء، عبر القنوات الدبلوماسية القائمة. وصرح وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في بيان له أن "التعاون بين البلدين سيبنى على الأسس المتينة التي يسترشدان بها في إقامة علاقات ود وتكافؤ واحترام متبادل".

وأشار بيان الخارجية الإسرائيلية إلى أنه سيجري بحث الجوانب العملية للعلاقات الجديدة في المستقبل القريب بما في ذلك تبادل السفراء. وكانت حكومة جنوب السودان قد كشفت من جانبها في العاصمة جوبا إقامة علاقات مع إسرائيل بحضور وفد من الدبلوماسيين الإسرائيليين الذين قال البيان الإسرائيلي إنهم كانوا في زيارة لجوبا.

وسبق أن عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رغبته في إقامة هذه العلاقات خلال تصريحات تزامنت مع إعلان دولة جنوب السودان، كما أرسلت إسرائيل وفدا طبيا للمساعدات الإنسانية وكان أيضا وفد من رجال الأعمال الإسرائيليين قد زار جنوب السودان أخيرا. كما وصلت مجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين والخبراء في عدة مجالات إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، لغرض استكشاف إمكانيات الاستثمار هناك مع القيادة الرسمية. وعلم أن من بين المجالات التي طرحت للتعاون، ما يتعلق بالقضايا الأمنية مثل التدريب العسكري والاستخباري وتوفير الحراسة لمؤسسات تجارية وحكومية وغيرها.

وقد بادرت إلى هذا التعاون منظمة "الطاقم الإسرائيلي لتقديم المساعدات الإنسانية" التي تمولها التنظيمات اليهودية في كندا. وهذه المنظمة تقوم بنشاط منظم في جنوب السودان، قبل انفصال الجنوب، وبمعرفة من الحكومة السودانية. وهي التي بدأت في إرسال مساعدات غذائية وطبية، منذ إعلان الانفصال في جنوب السودان.

كما دعا كثير من خبراء إسرائيليون إلى إبرام اتفاقيات للتعاون الاقتصادي مع دولة جنوب السودان، وأشاروا إلى ثراء الجنوب بالنفط، فضلاً عن الأراضي الزراعية الشاسعة، الأمر الذي اعتبروا أن إسرائيل يمكنها استغلاله؛ ليصبح جنوب السودان بمثابة سلة غذاء متميزة لها. وأكد (يوئيل جوتنسكي)، الخبير والمحلل السياسي في صحيفة إسرائيل اليوم، أهمية إبرام اتفاقيات تعاون اقتصادي مع الجنوب، مشيرًا إلى أن الاقتصاد وحده سيكون البداية لتحقيق هذا التعاون المتميِّز. وأشار إلى أن الكثير من الدول العربية تتخوف من إبرام اتفاقيات التعاون الثنائي مع السودان إما لأسباب سياسية أو اقتصادية، معتبرًا أن تلك هي الفرصة لاستغلال جنوب السودان، فضلاً عن المناطق الزراعية التي من الممكن أن تتحول إلى سلة غذاء متميزة لإسرائيل.

وذكر جوتنسكي: إن الكثير من اللاجئين السياسيين السودانيين ممن يعيشون في إسرائيل الآن من الممكن أن يكونوا جسرًا للتواصل والسلام بين جوبا وتل أبيب، ولفت الى إبداء مسؤولين كبار بحكومة الجنوب ترحيبًا خاصًا بالخطوة، وكشف عن تكفل رجال الأعمال بإعادة المهاجرين الجنوبيين لتل أبيب.

وتم التوقيع بين إسرائيل ودولة جنوب السودان على اتفاقية تعاون حول البنية التحتية للمياه وتطوير التكنولوجيا وتتناول الزراعة، تعد الأولى بين الجانبين. وفي حين اعتبرت جوبا الاتفاقية «عادية»، واصفة التخوفات التي تطلقها بعض الدول العربية لا مبرر لها.

وبموجب الاتفاق، تقوم إسرائيل بتزويد جنوب السودان بتكنولوجيا تطوير نظام الري في الزراعة وإدخال نظام تطهير مياه المجاري. وقد وقعه من الجانب الإسرائيلي وزير الطاقة، عوزي لانداو، ومن الجانب دولة جنوب السودان، آكيك بول مايوم. وذكر الوزير الإسرائيلي خلال حفل التوقيع الذي جرى فى القدس الغربية في يوليو 2012م، واهتمت به جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية: «نحن نعتبر ذلك شرفا وامتيازا لنا بأن نصبح أول قطاع في إسرائيل يوقع اتفاقية مع البلد الجديد، جنوب السودان». وأضاف: «سنستمر في فعل كل شيء ممكن من أجل مساعدة جنوب السودان». وأكد أن إسرائيل تمتلك الكثير من المعرفة ولديها الكثير من الخبرات فيما يتعلق بقطاع المياه لتسهم به مع جنوب السودان، مشيرا إلى أن الاتفاقية تتضمن خططا للتعاون بين إسرائيل وجنوب السودان في مجالات تحلية المياه والري ونقل المياه وتنقيتها. وذكر أن اسرائيل تتابع أوضاع جنوب السودان ونضالاتها منذ أن كان فتى وشابا. وأضاف: «إن إسرائيل تعرف أي معاناة تعرضتم لها، فالعرب يتسمون بالقسوة الشديدة إزاء من لا يريدونه في صفوفهم).

أما الجانب الجنوبي فقال (ميوم) إنه متأثر جدا من الفرصة التي سنحت له للتعرف على القادة الإسرائيليين. وذكر إن هناك وجه شبه كبيرا بين تجربة إسرائيل وجنوب السودان من حيث التحديات الوجودية ومن حيث نوعية البشر الذين لا يريدون لنا ولكم الحياة». وأن جنوب السودان فقد 2.5 مليون نسمة من شعبه واليهود فقدوا 6 ملايين ومن واجب كلينا أن نسعى لأن لا يتم تكرار هذه الإبادة.

وذكر الوزير الجنوبي أن دولة السودان في الشمال تريد فرض مبلغ 36 دولارا عن كل برميل نفط نصدره إلى الخارج عبر أراضيه، بينما دول أخرى في أفريقيا تجبي بضع سنتات. ورد الوزير لانداو مقترحا بأن يرسل الجنوب السوداني النفط إلى إسرائيل لتكريره فيها. فقال ميوم إن بلاده ستدرس الاقتراح.

من جانبه، قال زعيم الأغلبية في برلمان جنوب السودان القيادي في الحركة الشعبية الحاكمة أتيم قرنق، إن الاتفاقية بين جنوب السودان وإسرائيل عادية وهي بين دولتين تعترفان ببعضهما البعض. وأضاف «لا أعرف لماذا يتخوف العرب من علاقاتنا مع إسرائيل وهناك صف طويل من الدول العربية في تل أبيب وتقيم معها علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية منذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 بين إسرائيل ومصر». وقال إن الدول العربية لم تتقدم لفتح علاقات مع جنوب السودان ولم تبدي أي اهتمامات. وأضاف (بالعكس دائما ما يقف العرب مع دولة السودان في الحق والباطل ولا يسعون لخلق علاقات جيدة معنا فماذا نفعل سوى أن نسعى إلى الآخرين بما فيهم إسرائيل).

وذكر أن الدولة العبرية لن تعيد إلى جنوب السودان موت مليوني شخص قتلوا خلال الحرب الأهلية الطويلة مع السودان لأكثر من 22 عاما. وأضاف أن ما ينتظره الجنوبيون من إسرائيل تحسين البنية التحتية في الإدارة والاقتصاد، لا سيما في مجالي المياه والزراعة والتقنيات الحديثة، مشيرا إلى أن في دولة جنوب السودان عددا من مصادر المياه وليس النيل وحده. وقال «نحن لا نعتمد على مياه النيل فقط هناك الأمطار والمياه الجوفية»، معتبرا أن الحديث عن أن العلاقة بين تل أبيب وجوبا القصد منه خنق مصر في حوض النيل لا أساس له من الصحة. وقال «ستكون علاقاتنا بمصر أقوى من كل الدول العربية ولن نعمل على خنق مصر عبر مياه النيل ومثل هذا الحديث غير علمي». وتابع «بالطبع لن نوقف جريان النيل عبر السودان إلى مصر ولن يحدث مثل ذلك». وإن الكثير من الأحاديث التي تتداولها النخب العربية، وبينها أن دولة جنوب السودان الخارجية ستصبح مخلب قط لإسرائيل والولايات المتحدة، فيه عنصرية واستعلاء. وأضاف «لسنا أعداء للعرب بالمرة حتى يتخوفوا منا. ونحن نرحب بهم في إقامة علاقات متميزة معنا في كافة المجالات»(20).

المصالح الاسرائيلية فى جنوب السودان

لاشك أن هناك مصالح إسرائيلية كبيرة فى دولة جنوب السودان حيث غزة الدولة الوليد منذ توقيع اتفاقية نيفاشا، ووفقا لبعض الإحصاءات الفندقية الجنوبية والأجنبية يوجد في كل مدن جنوب السودان قرابة 45 فندقا و9 نزل صغير، و13 مخيما، يسيطر علي أغلبها بشكل غير مباشر قياديون من الحركة الشعبية الجنوبية ويوفرون لها الحماية (بحسب مسئولين في الخرطوم)، ولكنهم في حقيقة الأمر يحمونها لصالح استثمارات صهيونية تدار بأيدي أفريقية في الجنوب .

ومعروف أن مجال التخصص في مجال الفندقة واحتكاره من قبل الصهاينة يوفر للمخابرات الصهيونية كنز من المعلومات حول الرائحين والذاهبين للجنوب من كل حدب وصوب ودراسة المنطقة جيدا ومعرفة الكثير عن أحوال الجنوب الاقتصادية والسياسية، وربما اختاروا هذا المجال لأسباب ربحية ولأسباب استخباراتية، لأنه يكشف لهم كل الأجانب الذين يدخلون الجنوب ويجعلهم يتحكمون فيه.

وهذا الوجود الإسرائيلي في منطقة حوض النيل و جنوب السودان ليس مجرد صدفة، برغم أنه يدر مئات الملايين من الدولارات علي الصهاينة، فمن جهة هو يوفر لهم أداة قوية لرصد كل المعلومات والأحداث التي تدور في المنطقة، ومن جهة أخري يضع يدهم علي منطقة هامة في مسار مياه نهر النيل، ويقوي نفوذهم في المنطقة ويوفر أرضية صلبة لمعيشة الاستخبارات الصهيونية هناك، والعمل من خلف الستار بهدوء.

وهذه الأعمال الإسرائيلية لا تكشف عن وجهها الصريح باعتبار أن هذه الشركات قام بتأسيسها إسرائيليون في البلدان الأفريقية المحيطة، ثم جاءت لتعمل في الجنوب، وهو ما يدفع الجنوبيين لنفي أي سيطرة صهيونية علي مجال الفندقة هناك بسهولة عبر التصريحات الصحفية، فهذه الفنادق التي تدار في جوبا مثلا لا تدار بواسطة الكيان الصهيوني، وإنما عبر مستثمرين أجانب في جنوب السودان من دول لها علاقة بالسودان، اريتريا، إثيوبيا ، أوغندا، كينيا.

والمفاجاءة الكبرى هى اكثر من 80-90% من هذه الفنادق يسيطر عليها إسرائيليون قدموا مع تدشين اتفاقية سلام الجنوب في 2005 ونشطوا في بيزنيس اقتصادي كبير هناك، وتخصصوا في مجال الفندقة الذي يعتبر – كما قال د. حسن مكي الخبير السوداني المعروف في صومعته بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم – بمثابة (الفرخة التي تبيض ذهبا ) للصهاينة في الجنوب، ولكنه بيزنيس "غير مباشر" حيث تدار هذه الفنادق عبر فروع فنادق تعمل من دول الجوار الأفريقية (أوغندا – كينيا – أثيوبيا ) ويتملكها إسرائيليون، وبعد الانفصال ظهروا بشكل بارز في الجنوب.

ولا تتعلق القضية بسيطرة الإسرائيليين علي قطاع الفندقة فقط في جنوب السودان، وإنما بقضية رهن اقتصاد الجنوب كله بالكيان الصهيوني، حيث الهدف الصهيوني – والغربي عموما ضمن فكرة تفتيت السودان وحصار مصر من الجنوب - منذ اتفاق سلام نيفاشا عموما هو التغلغل في اقتصاد الجنوب، والسعي لترويج فكرة فصل الجنوب، وتشجيع الجنوبيين عليها للحفاظ علي هذه المصالح الاقتصادية الصهيونية هناك .

فهناك معلومات متداولة أن مستثمرين بريطانيين على علاقة بالكيان الإسرائيلي تم الاتصال بهم للاستثمار في دولة جنوب السودان في مجالات عدة، من بينها المعادن الثمينة والنفط، وذلك في مناطق تقع على الحدود مع كينيا، وأن إسرائيل لا تكتفي بمجال الفندقة، وإنما بمجالات أخري خصوصا التسليحية، فهناك تقارير عدة تؤكد أن الأسلحة بدأت تتدفق إلى جنوب السودان، وأن جهاز المخابرات الإسرائيلي يأتي في مقدم أجهزة مخابرات دول عدة تورطت في صفقات تهريب السلاح إلى الجنوب.

والحكومة الصهيونية تركز أيضا علي المخزون النفطي باعتبار أن بترول السودان الذي بلغ تصديره نحو 600 ألف برميل في اليوم عام 2009م يأتي معظمه من جنوب السودان، ويقع في أراضي قبائل النوير الجنوبية، والشركات الأمريكية تعتمد على إسرائيل لتمهيد الطريق لعلاقات مستقبلية مع الجنوب استلهاما لعمل الموساد الإسرائيلي في دول حوض النيل.

ويعاقب السودان بالفصل لأنه جنوب مصر، وفصل الجنوب هي محاولة لعقوبة مصر، لأن الجنوب يعني التوسع المياهي المرتقب أو المستقبلي لأمن مصر المائي، لأن كل قنوات المياه كقنوات جونقلي وكقناة مشار وغيرها من القنوات لزيادة مياه النيل إنما ستكون في جنوب السودان، وهم ضربوا وحدة السودان عبر فصل الجنوب وعبر شغل مصر بالالتفات للخلف نحو مياه النيل دوما باعتبارها أمن قومي، خصوصا أن أوغندا وأثيوبيا أيضا بدأت تفتح ملف المياه .

ولا ننسي أن هناك رغبة صهيونية في خلق "إسرائيل ثانية" في جنوب السودان لأسباب عديدة بعضها يتعلق بزرع خاصرة جديدة في جنب العرب والسودانيون تشغلهم عن الشمال (إسرائيل الصهيونية)، وبعضها يتعلق بالرغبة في الترويج لنموذج صهيوني في التنمية في أفريقيا لجذب الأفارقة للاستثمارات والأعمال والخبرة الصهيونية، وتحويل جنوب السودان لإسرائيل جديدة سيكون هو المحك والدعاية المجانية لهذه الرغبة الصهيونية في الترويج لنموذج تنموي صهيوني في مناطق أعالي النيل عموما(21) .

ورغم أهمية ملف اللاجئين الجنوبيين الموجودين فى اسرائيل، فإن مصالح إسرائيل في دولة الجنوب لا تقتصر على ذلك وتتنوع على أكثر من مستوى، ففي المجال العسكري- الأمني، تُعنى إسرائيل بتنظيم وتعزيز القوات العسكرية والاستخبارية في جنوب السودان، لتوسيع سوق الأسلحة من جانب، وللحصول على معلومات دقيقة حول ما يجري في المنطقة من جانب آخر، ولا يخفى ما لهذا من أهمية لها، بسبب المسافات الواسعة التي تفصلها عن السودان.

تعمل إسرائيل على إنشاء قاعدة جوية في منطقة “فلج” بجنوب السودان، بهدف تدريب الطيارين الحربيين الجنوبيين، لتؤكد بذلك على الأهمية القصوى التي توليها لهذه الدولة، التي أصبحت بالفعل جزءاً رئيسياً من الاستراتيجية الإسرائيلية نحو أفريقيا جنوب الصحراء. كما تعتزم إسرائيل بناء ثكنات لقوات الحدود ومستشفيات عسكرية، وإنشاء مركز بحوث للألغام في “جوبا”. كما تسلّمت استخبارات “الجيش الشعبي” و”وحدة الأمن الرئاسي” في دولة جنوب السودان مؤخراً، أسلحة إسناد حربية وكمية من أسلحة المدفعية وعدداً من الراجمات وأجهزة للرصد والاستشعار الحراري مقدمة من إسرائيل. وقد وصلت الشحنة، طبقاً لتقارير صحفية نشرت مطلع يناير 2012، عبر الحدود الأوغندية إلى داخل “جوبا”.

وارتباطاً بهذا البعد العسكري- الأمني، تحرص إسرائيل على تعزيز التعاون مع دولة جنوب السودان لمواجهة التهديدات المحتملة الموجهة لها من داخل القارة، وهناك تقديرات أنه بفضل المساعدة التي تلقتها من دولة جنوب السودان تمكنت إسرائيل من شن نحو أربع غارات، على الأقل، خلال السنوات الأربع الماضية، على قوافل سودانية زعمت إسرائيل أنها كانت تحمل أسلحة ومقاتلين إلى قطاع غزة.

وفي مجال الاقتصاد، ثمة ما يغري إسرائيل بتعزيز علاقاتها مع دولة تضم أكثر من 8 ملايين نسمة، وذات احتياطيات نفطية مهمة (بالمرتبة 23 في العالم) كانت توفر نحو 90% من العملة الصعبة للسودان الموحد (سابقاً). وقد بيّن الإسرائيليون أن مجالات التعاون مع جنوب السودان ستشمل قطاعات الزراعة والغابات والنفط والتعدين والتكنولوجيا والطرق والجسور والكهرباء، وغيرها.

وذكرت تقارير صحفية حديثة أن مبعوثين إسرائيليين ناقشوا مع حكومة “جوبا” إنشاء خزان للطاقة الكهربائية في مدينة “نمولي” (خلال فترة وجيزة)، وشق قنوات للمياه. كما بدأ مستثمرون إسرائيليون بإنشاء محطة لتنقية المياه بين النيل الأزرق ودولة إثيوبيا على حدود جنوب السودان. وفي المستقبل المنظور، كمثال، يمكن للعديد من رجال الأعمال الإسرائيليين الذين يرسلون معامل النسيج وسواها إلى الصين أن يتوجهوا بدلاً من ذلك إلى جنوب السودان، خاصة أن الأجور هناك منخفضة جداً.

في المقابل تسعى دولة جنوب السودان إلى تحقيق العديد من المصالح والأهداف عبر توجهها نحو تعزيز العلاقات مع إسرائيل، فمن ناحية، يمكن التقدير بأن هذه الدولة الوليدة معنيّة بإقامة تحالف دولي، بمضامين استراتيجية، عسكرية وأمنية وسياسية، مع بعض القوى الإقليمية القوية بشكل يساعدها في مواجهة المخاطر التي يمكن أن تهددها، ولاسيما أنها تحاذي دولاً أفريقية لا تربطها بها علاقات ودية، وربما تنشأ نزاعات معها في المستقبل. ويبدو أن إسرائيل هي الدولة المفضلة لدى جنوب السودان لهذا الغرض لتكون دولة حليفة، لا سيما بفعل “ثقلها الدولي”، ممثلاً بعلاقاتها الوطيدة مع الولايات المتحدة وأوروبا، وثانياً بفضل ما تملكه من خبرات وأسلحة حديثة.

ومن ناحية أخرى تهدف دولة الجنوب إلى الاستفادة من الخبرات الإسرائيلية في مجالات الزراعة والبحث العلمي من أجل تعزيز فرص النمو الاقتصادي لديها، خاصة أنها تعد من أكثر دول العالم فقراً، وتحتاج إلى الدعم والمساندة من دول العالم كافة لترسيخ أركان الدولة الوليدة. إن زيارة رئيس دولة جنوب السودان إلى إسرائيل وما أسفرت عنه من نتائج تشير إلى أن مستقبل العلاقات بين الجانبين سيكون أكثر تعاوناً، وربما تصبح دولة جنوب السودان خلال وقت قصير قوة إقليمية فاعلة وحليفاً مهماً لإسرائيل والغرب. ورغم ما قد يثيره ذلك من تحفظات، فإنه يشير إلى ضرورة اتخاذ خطوات إيجابية من جانب الدول العربية لاحتضان الدولة الوليدة وتعزيز العلاقات معها لتكون قوة داعمة للعرب وقضاياهم وليس مصدراً إضافياً للتهديد(22).

انعكاسات الوجود الاسرائيلي فى جنوب السودان علي الامن السوداني

نسبه لهذا الوجود الاسرائيلي في الجنوب أبدت الحكومة السودانية قلقها من تسارع وتنامي وتيرة التطبيع بين دولة جنوب السودان وإسرائيل، وعبرت الخرطوم عن تخوفها من أن ترمي علاقة الدولة الوليدة بالدولة العبرية لزعزعة استقرار السودان. وذكر بعض المسؤالين في شمال السودان أن الحركة الشعبية ظلت تلقى العون من إسرائيل دعماً لإستراتيجية منع التمدد العربي والإسلامي. وأضافوا: ثبت عملياً أن الأمر أكبر مما كان يعتقد أو يقدر بعد تسارع خطوات التطبيع بين جنوب السودان وإسرائيل. وتنظر الحكومة السودانية لهذا الأمر من زاويتين الأولى أنه شأن داخلي سيادي لجنوب السودان لا يعنيها في شيء ولكن من زاوية ثانية تتحسب من تأثير هذه العلاقة على استقرار الأوضاع الأمنية بالسودان أو الإضرار به(23).

ويري بعض الخبراء أن الأمر المقلق في هذا المنحي أن إسرائيل ستعمل على محاربة الشمال انطلاقاً من وجودها الرسمي في الجنوب سواء من خلال التلاعب في المياه أو من خلال عمل استخباري، أو من خلال وجود عسكري قاعدي صريح فهي من المؤكد لم تسع للمجئ إلى الجنوب من أجله وحده خاصة اذا فهمنا مغزى مقولة مؤسسيها قبل نصف قرن من الزمان أن دولة إسرائيل تمتد حدودها من النيل إلى الفرات(24).

ومثل هذا الوجود الاقتصادي والسياسي والشعبي والامني والعسكري في نظر كثير من الباحثين بالنسبه لاسرائيل في دولة جنوب السودن سوف يشكل خطر كبير في مستقبل الايام علي المنطقه بصفه عامة وعلي السودان بصفه خاصة لان هنالك تداخل بين الشمال والجنوب في كثير من المناطق الحدودية والتي لايزال الصراع قائم حولها (25).

وتتسارع خطى التطبيع والتعاون الكامل بين إسرائيل ودولة جنوب السودان، وأصبح الحديث عن العلاقة الإستراتيجية التي ستقوم بين الدولتين مفتوحة على مصراعيها وتتناولها الصحف العبرية وبلا تردد ودون خجل. ومع توتر العلاقات بين الخرطوم وجوبا اثر الهزائم التي ألحقها الجيش السوداني بالجيش الشعبي التابع لدولة الجنوب في كل من ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وطلب الرئيس سلفاكير من الرئيس الأمريكي أوباما بفرض حظر للطيران السوداني في حدوده مع دولة الجنوب، وقرب زيارته للدولة العبرية.. تحركت كل القوى المعادية للسودان في الداخل والخارج.. حيث استغلوا جميعاً ارتفاع أسعار السلع الضرورية.. والتي جعلتهم يحلمون بالربيع العربي.. وتحركت قوى الشر خارج السودان، وتمردت أحزاب المعارضة على قياداتها المشاركة في الحكومة العريضة. وموقف المعارضة السودانية المعادي للحكومة والرافض لأي تعامل معها هو الذي شجع المتآمرين في الحركة الشعبية في بعض البلدان الأوروبية.

لقد فشلت الحكومة في استقطاب المعارضة المسنودة بالدعم الخارجي والمعنوي وغيره، إن المرحلة التي دخلنا فيها تحتاج لوفاق وطني، قوي ولجبهة داخلية قوية تستوعب كل القوى السياسية كما تحتاج لتقديم المطلوب من التنازلات من الحكومة ومن أحزاب المعارضة الرافضة للمشاركة الامة القومي والشعبي، إن الأمر خطير جداً والمطلوب تحرك سريع لوقف التداعيات المتوقعة ضد السودان.. وها هي إسرائيل أصبحت سكيناً في خاصرة الشمال، بعد أن استوطنت الجنوب تماماً، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.

وأقول يجب أن نتذكر السودان، والذي سوف يضيع مع الصراع السياسي المتزايد ومع التهديد بحظر الطيران ليسود جيش الحركة الشعبية. في ظل هذا الوضع، تحركت القوى المعادية للسودان في محاولة لإسقاط النظام في الخرطوم، نعم هناك سلبيات كثيرة صاحبت العشرين عاماً الماضية لكن لكن هنالك ايجابيات كثيرة (26).

أكد كثير من الباحثون في ندوة "تأثير الوجود الإسرائيلي في دولة جنوب السودان على الأمن القومي السوداني" إن وجود إسرائيل بالسودان حيوي ومتجدد وله إسقاطاته على المجتمع السوداني بصفة خاصة والمحيط العربي بصفة عامة. ويرون ان وجود إسرائيل فى دولة جنوب السودان ذو خصوصية لأن الجنوب انفصل من جسد السودان والسودان ليس له علاقة مع دولة الكيان الإسرئيلي بينما يدعم حماس وله علاقات مع إيران التي تدعم حزب الله والتوجه الإسلامي. وأن أهداف وجود إسرائيل فى دولة جنوب السودان لا ينفصل عن أهداف وجودها في أفريقيا، كما أن الصحوة الإسلامية التي تعم المنطقة العربية الآن وهذه الأيدولوجية تعتبرها إسرائيل تهديداً لوجودها.

بقدر ما يكون جنوب السودان عمقا إستراتيجيا وحيوياً مهما للسودان، لوجود روابط تاريخية وثقافية وعلاقات اقتصادية مهمة، فإن هذا الوجود يشكل خطرا كامنا على أمن واستقرار المنطقة العربية بدءا من حركة المرور في البحر الأحمر، وضمان تدفق مياه نهر النيل، والعلاقات الحدودية مع شمال أفريقيا العربية، بسبب التداخل الكبير في هذه القضايا بين العالم العربي وأفريقيا.

ولاشك أن إسرائيل في إطار سعيها لمحاصرة السودان وإضعافه لن توفر فرصة ثمينة كتلك التي يوفرها جنوب السودان، وبالتالي فإن عدم قدرة السودان على تطوير إستراتيجيات جديدة في علاقاته مع جنوب السودان من شأنه أن يبقي فرص تلاعب إسرائيل بأمنه ومصيره قائمة(27).

أن خطوة التطبيع المتسارعة مابين اسرائيل وجنوب السودان تبدات في الخطى سريعاً. وكان وفد إسرائيلى رفيع المستوى قد زار جنوب السودان لبحث افاق العلاقات بين البلدين، حيث اتفقا على تبادل التمثيل الدبلوماسى بينهما، واكد سلفاكير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان للوفد الاسرائيلي انه اختار مدينة (القدس) لتبني فيها سفارة بلاده عوض عن تل ابيب. ومع اعتبار ذلك شأنا يخص دولة جنوب السودان ولايعنى حكومة الخرطوم فى شئ، الا انه ربما يكون من وراء التسارع فيه خطوات التطبيع هذه محاولات للاضرار بالسودان (28).

ويرى البرفسير حسن الساعورى، أن الوجود الإسرائيلي في جنوب السودان فيه تهديد مباشر للأمن القومي السوداني، وهناك وجود إسرائيلي أمني وإستخباراتي وإقتصادي في الجنوب وأخذوا الأراضي الزراعية التي لا تفرق في أعالي وشمال بحر الغزال علي حدود السودان .

وذكر أن إسرائيل الآن علاقاتها قائمه في مناطق علي حدود السودان وليس في العمق الجنوبي وهذا أمر مقصود ووعدد كبير من الجنوبيين وأبناء دارفور التابعين لحركة عبد الواحد محمد نور هؤلاء جواسيس لصالح إسرائيل نسبة عاليه منهم تدربوا علي العمل الإستخباراتي وهذا يساعد علي إنتشار إسرائيل في كل مكان في السودان وغير مستبعد أن يكون تفجير السيارات بولاية البحر الأحمر أن يكون بإيعاز من عملاء الموساد في المنطقة .

من الصعوبة أن تكتشف بأن هناك إعداد كبيرة من مواطنيك أصبحوا مزروعين في الموساد أو في الإستخبارات الأمريكية الـ (CIA ) وهذا يحتاج إلي عمل دقيق ويأخذ فترة طويله ويحتاج إلى يقظه ساعة دخول هؤلاء السودان لمتابعتهم وفي العالم دخول من غير مطارات أو موانئ بدون وثائق وطرق غير رسميه(29).

ويشير بعض المراقبين إلى أن هناك اتفاقات مبرمة بين إسرائيل وحكومة جنوب السودان تنصُّ على قيام إسرائيل بتمويل صفقة طائرات مروحيَّة هجوميَّة لتسليح جيش الجنوب الجديد في إطار استكمال منظومة تسليح الجنوب التي شملت من قبلُ أسلحة وذخائر، وقاذفات مضادَّة للدبابات، ومنظومة صواريخ ومدافع مضادة للطائرات، ودبابات وسيارات وعتادًا عسكريًّا، في حين تناقلت الأخبار وصول حشد كبير من الخبراء الصهاينة في مختلف المجالات -نحو ألف خبير- إلى "جوبا" عاصمة الجنوب لتدريب قوات الجيش الجنوبي، اضافة إلى جسر جوي لنقل العتاد والسلاح من تل أبيب إلى جوبا، في محاولة لتجهيز الجنوب تحسبًا لنشوب حرب بينه وبين شمال السودان(30).

الخاتمة

الحالة السودانية الان تستدعي العديد من علامات الاستفهام والتعجب في التعامل مع مسألة الأمن القومي، إذ في حين اهتزت معايير ومعادلة التعامل مع مقومات وعناصر الأمن الخارجي التي دفعت السودان إلى التصالح مع بعض الدول والتخاصم مع البعض الاخر ، فإن حسابات الأمن الداخلي أصابها بدورها الخلل، إذ تجاوز الأمن عدم الاكتراث بقضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان وخدمات الصحة والتعليم والسكن، وتلك كلها ثغرات أضعفت كثيراً جدار الوطن، وأصبح أمن أركان النظام وأعوانه هو محور الاهتمام ومناط التركيز، ولابد أن نفرق هنا بين حماية أمن أركان النظام، وهو أمر مفهوم ومبرر، إذ بمعيار المصلحة الوطنية فإن الأمن القومي للبلد يتحقق بكشف العورات والانحرافات، لأن ذلك الكشف يوقف السوس الذي ينخر في عظام الوطن ويطهر فضاءه من مظان الفساد ومظاهره.

مما يبعث على القلق أن مراكز القوى الجديدة الصاعدة في السودان -يتقدمها تحالف بعض السياسيين مع الحركات المسلحة- أقامت شبكة من العلاقات أساءت كثيرا إلى وجه الوطن، ويبدو أن هذا النموذج مرشح للتكرار هذه الأيام رغم الجهود الكبيرة التي تبذل لاحتواء الحرب وتعزيز السلام، إن أخطر ما في محاولة التستر على الانحرافات بدعوى حماية الأمن القومي أنها تفتح أعيننا على حقيقة أن التحالفات القائمة أصبحت مستعدة للتضحية بأي شيء مقابل الحفاظ على مصالحها الخاصة، بما في ذلك مصلحة الوطن ذاته.

وغالبا ما توجه هذه التهديدات الى الانظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعتقدات ومن بينها صور الصراع المسلح والانقلابات العسكرية ومخططات تغيير نظام الحكم وأعمال الجاسوسية والتخريب المادي والمعنوي وأعمال الارهاب والنشاط المناهض والضغوط والمقاطعة الاقتصادية والحرب النفسية والاعلام الموجه المعادي وبلاشك فأن مسألة الامن القومي أصبحت مسألة نسبية في عصر أصبحت فيه وسائل التدمير الشامل قادرة على الوصول الى أي مكان في العالم ومن ثم لايوجد ما يعرف الامن القومي المطلق فالامن القومي الان هو مزيج من القدرة الشاملة للدولة والقوة المؤثرة لها وحسن الجوار والعلاقات الدولية المبنية على التحالف والتكامل والتعاون .

وللامن القومي أبعاد سياسية وأقتصادية وأجتماعية وعسكرية وأيدلوجية وجغرافية ولها كلها خصائصها التي تثبت ترابطها وتكاملها .والبعد السياسي وهو ذو شقين داخلي وخارجي يتعلق البعد الداخلي بتماسك الجبهة الداخلية وبالسلام الاجتماعي، تراجع القبلية والطائفية بما يحقق دعم الوحدة الوطنية .أما البعد الخارجي فيتصل بتقدير أطماع الدول العظمى والكبرى والقوى الاقليمية في أراضي الدولة ومواردها ومدى تطابق أو تعارض مصالحها مع الدولة سياسيا وأقتصاديا واجتماعيا وتحكمه مجموعة من المبادئ الاستراتيجية التي تحدد أولويات المصالح الامنية واسبقياتها.

أما بالنسبة للبعد الاقتصادي فأن مسائل الاقتصاد والدفاع والامن كل لايتجزأ ولذلك فأن مجال الامن القومي هو الاسترتيجية العليا الوطنية التي تعني بتنمية وأستخدام كافة موارد الدولة لتحقيق أهدافها السياسية .كذلك النمو الاقتصادي والتقدم التكنلوجي هما الوسيلتان الرئيستان والحاسمتان لتحقيق المصالح الامنية للدولة وبناء قوة الردع الاستراتيجية وتنمية التبادل التجاري وتصدير العمالة والنقل الافقي للتكنلوجيا وتوطينها وبخاصة التكنلوجيا العالية والحيوية

البعد الاجتماعي، بغير إقامة عدالة أجتماعية من خلال الحرص على تقريب الفوارق بين الطبقات وتطوير الخدمات يتعرض الامن القومي للخطر ويرتبط هذا البعد كذلك بتعزيز الوحدة الوطنية كمطلب رئيسي لسلامة الكتلة الحيوية للدولة ودعم الارادة القومية وأجماع شعبها على مصالح وأهداف الامن القومي وألتفافه حول قيادته السياسية ويؤدي الظلم الاجتماعي لطبقات معينة أو تزايد نسبة المواطنين تحت خط الفقر الى تهديد داخلي حقيقي للامن القومي تصعب أحيانا للسيطرة عليه وبخاصة في ظل تفاقم مشاكل البطالة والاسكان والصحة والتعليم والتأمينات الاجتماعية .

اما البعد العسكري فتتحقق مطالب الدفاع والامن والهيبة الاقليمية من خلال بناء قوة عسكرية قادرة على تلبية أحتياجات التوازن الاستراتيجي العسكري والردع الدفاعي على المستوى الاقليمي لحماية الدولة من العدوان الخارجي بواسطة الاحتفاظ بهذه القوة في حالة أستعداد قتالي دائم وكفاءة قتالية عالية للدفاع عن حدود الدولة وعمقها. والقوة العسكرية هي الاداة الرئيسية في تأييد السياسة الخارجية للدولة وصياغة دورها القيادي وبخاصة على المستوى الاقليمي ويمتد البعد العسكري الى أعداد الدولة والشعب للدفاع ودعم المجهود الحربي في زمن الصراع المسلح ولتحقيق مطالب الردع في فترات السلم، وثمة البعد الايدلوجي الذي يعزز ويؤمن أنطلاق مصادر القوة الوطنية في كافة الميادين في مواجهة التهديدات الامنية الخارجية والداخلية ويوسع قاعدة قاعدة الشعور بالحرية والكرامة وبأمن الوطن والمواطن وبالقدرة على تحقيق درجة رفاهية مناسبة للمواطنين وتحسين أوضاعهم المالية بصورة مستمرة .

من حيث ان البعد الجغرافي تحكمه دلالات الموقع الجغرافي وحدودها الطبيعية مع الدول المجاورة وعلاقات التحالف وحسن الجوار والمصالح القومية الحيوية ودور الدولة في السيطرة على الممرات المائية والمضايق وتأثيرها على التجارة العالمية وصادرات الطاقة وحركة الافراد والسلع عبر الحدود المشتركة مع البلدان المحيطة بالدولة.

النتائج

• النشاط الاستخباراتي التجسسي الإسرائيلي في السودان لازال قائم وهناك دلائل تؤكد ذلك في ظل الظروف الصعبة التي مرت ويمر بها السودان والمنطقة ومنها أن إسرائيل تستغل مناطق التماس بين السودان وجنوب السودان وتسعى مع راعيتها أميركا وتعملان دون كلل أو ملل لتطويع الوضع في السودان لصالحهما، والثابت أنها حققت جزءاً من أهدافها بفصل جنوب السودان .‏

• اصبحت الجبهة الجنوبية للسودان الان مسرح مكشوف لاسرائيل، وذلك له انعكاسات علي الامن السوداني في الحاضر والمستقبل.

التوصيات

• تقوية العلاقات مع دولة جنوب السودان عن طريق تقديم الدعم وخاصة الاقتصادى، لاحتواء الجنوب والتوصل الى اتفاق حول القضايا العالقة بأسرع وقت لتفويت الفرصة على إسرائيل.

• إنشاء أجهزة انزار مبكر ذات كفاءة عالية للتصدي لاى هجوم عبر البوابة الجنوبية.

• الاستفادة من الخبرات الفلسطينية وخاصة حركة حماس للرد علي اسرائيل فى اى محاولة عدوان على السودان عبر دولة جنوب.

• الاستفادة من مسلمى جنوب السودان فى الضغط على الحركة الشعبية ، حتى يحدث نوع من التوازن فى الداخل الجنوبى.

المصادر

1- د. حمدي عبد الرحمن، «الصراع في القرن الإفريقي وانعكاساته على الأمن القومي العربي»، المستقبل العربي، العدد157، مارس1992، ص 75.

2- فهمي هويدي، صحيفة الدستور المصريه، إعادة تعريف الأمن القومي، الاثنين 10 شعبان 1429- 11 أغسطس 2008م.

3- جيهان رشتي ، الدعاية وإستخدام الراديو في الحرب النفسية، ص 28 .

4- علي النميري، الأمن والمخابرات نظرة إسلامية، مركز الدراسات الإستراتيجية، الخرطوم ، الدار السودانية للكتب 1997م، ص 18.

5- علي النميري ، مصدر سابق، ص 20.

6- ورشة عمل المخدرات وتاثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والامنية،الجلسة التداولية ،لجنة الامن والدفاع بالمجلس الوطني الانتقالي،امدرمان ،الثلاثاء6-1-20087م.

7- لواء ركن (م) عادل مصطفي محمد باشري، موجه سابق باكاديمية نميري العسكرية العليا، فى مفهوم الأمن القومى السـودانى الثابت والمتغير ، بلوغسبوت، 26 /فبراير/2012م.

8- الجزيرة نت، 6/12/2010م.

9- مفكرة الاسلام، القاهرة، 2/1/2011م.

10 د. يوسف نور عوض، أستراتيجية التدخل الاسرائيلي في جنوب السودان، صحيفة القدس العربى.

11 - صحيفة اليوم السابع، مصر- 30 أغسطس 2011

12 -مفكرة الإسلام،القاهرة، 2/يناير 2011

13- مختصر الاخبار،مصر، 2011-12-18

14- رأي البيان، القاهرة، 30 يوليو 2011 م.

15- بي بي سي العربية ، 10يوليو/ 2011.

16- صحيفة الصحافة، السودان، العدد6545، 9 اكتوبر 2011م.

17- صحيفة الوان، السودان، 2/يناير 2012 م.

18- قناة العربية، 28 يوليو 2011م.

19- صحيفة الشرق الاوسط، السعودية، العدد12293، 25 يوليو 2012م.

20- محمد جمال عرفة ، موقع طريق السلف، مصر،27/11/2010م.

22- مركز الاعلام والدراسات الفلسطينية، القدس، ديسمبر 2011م.

23- بوابة الاهرام، مصر، ا/9/2011م

24- سودان سفاري، 23 يناير /2011م

25- http://kassab2010.montadarabi.com/t33-topic

26- صحيفة الراي العام السودانية 15/12/2011م.

27- تأثير الوجود الاسرائيلي في دولة جنوب السودان على الامن الوطنى السودانى، ندوة بمركز التنوير المعرفي، الخرطوم، 21/1/2012

28- ازهري بشير، مجلة النبأ، العدد السابع 2012م، الناشر: جامعة افريقيا العالمية، الخرطوم، ص 46- 47.

29- حوار مع البروفسير حسن على الساعور، مدير جامعة النيلين السابق، وكالة سونا للانباء، 2012.09.04م.

30- موقع قصة الاسلام، جنوب السودان .. والمخططات الصهيوأم
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 29th March 2024 - 01:04 PM