الثورات الحالية ونتائجها
الكثيرون يقولون أن الثورات الحالية دمرت البلدان في العالم الإسلامي، وان العالم الإسلامي كان ينعم بالاستقرار قبلها، وان ما بعد الثورات فتن وقلاقل وسفك للدماء وهي مشروع غربي للنيل من استقرار البلاد الإسلامية ولمزيد من التقسيم.
أما القول أن الثورات مشروع غربي فهذا قول خاطئ، بل على العكس هي ثورات مباركة ذاتية من أهل تلك البلاد رفضا للظلم الموجود حتى وإن رافقها تضحيات وألم ودمار، وحتى لو سيطر الغرب على بعضها مؤقتا، أما لماذا الثورات مباركة، فأقول وبالله التوفيق: 1- كسرت حاجز الخوف عند المسلمين من الحكام ومن بطشهم ومن قول كلمة "لا للظلم"، والخوف من الظالمين من العقبات الضخمة أمام أي عملية تغيير، قال عليه الصلاة والسلام : (( إذا رأيت أمتي تهاب ان تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منهم)) فقد كان المسلمون قبل الثورات أشبه بالموات حتى وإن كانوا أحياء. 2- اثبتت وكشفت عن كره الناس للعلمانية والعلمانيين وحبهم للإسلام ومن يعمل للإسلام، ولا ادل على ذلك من انتخابهم الإسلاميين، رغم خدمة هؤلاء الإسلاميين للغرب ومشاريع الغرب، ولكن هذا يدل على افلاس الغرب وذلك لاستخدامه اخر اسلحته وهو الاسلام المعتدل. 3- نمّت عند الناس وأظهرت مفهوم المحاسبة للحاكم وان الحاكم يجب أن يحاسب على أعماله، حتى وان كانت غير مبلورة على أساس الإسلام، إلا أنها بداية العاصفة التي تسبق الإعصار، وأيضا في هذه الحالة يعمل الإسلاميون المعتدلون للأسف على قتل هذا المفهوم بتقديس الزعماء الجدد المنتمين الى التيار الإسلامي على حسب زعمهم، ولكن هذا يقضي عليهم ولا يخدمهم كما يتوهمون. 4- الاستعداد للتحرك القوي لكل أمر يهم المسلمين، وهذا يعني عدم قدرة الحكام الظالمين على ترسيخ جذورهم وجذور ظلمهم وتبعيتهم للغرب في بلاد الإسلام، والتحرك للتظاهر نصرة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في العالم الاسلامي بشكل قوي ضد اعداء الاسلام وضد سياسات الحكومات الإسلامية المعتدلة (على حسب ادعاء البعض بإسلامية الحكومات) يدلل على ذلك. 5- احرقت الكثير من اوراق الاسلاميين الذين كانوا يخدعون الناس، وذلك عند وصولهم الى سدة الحكم وسيرهم على ما سار عليه سلفهم من الظالمين. 6- كشفت نفاق الغرب بشكل جلي وواضح وكشفت زيف من يدعون المقاومة والممانعة ومن يدعون العمل لتحرير فلسطين وبالذات في الثورة السورية. 7- فسحت المجال امام المخلصين من المسلمين بقوة اكبر لتوعية الناس على اسلامهم وعلى ما يدور حولهم من مؤامرات ولقيادتهم للثورة القادمة "ثورة الخلافة"
ان التفاف الغرب على بعض الثورات وإيصال بعض من يسمون الاسلاميين الى الحكم وتطبيقهم العلمانية بثوب الدولة المدنية لا يعني ان الامور انتهت. ولكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة والهدوء الذي يميز الله به الخبيث من الطيب، صحيح أن الغرب سيطر مؤقتا على بعض بلدان الثورات والسبب طبعا عدم وجود الوعي الكافي للتغيير عند أهل تلك البلدان، ولكن الوعي بعد الثورات بدأ ينمو بشكل كبير وسريع، وهذا يبشر بخير قادم.
أما الدماء والدمار الموجود، فهو مختلف السبب، ففي اليمن وليبيا سببه نزاع استعماري على تلك البلدان، وهذا يبشر بحرق جميع أوراق الكفار في بلادنا ولن يمنع الناس من التفكير في التغيير الصحيح بل ستكون تلك البلدان ميدانا جيدا لنشر الفكر الصحيح للتغيير، وأما في سوريا فسببه عدم وجود العميل البديل لبشار الأسد ولذلك عمد الغرب إلى محاولة سحق الثورة السورية بالقوة عن طريق بشار ثم إيران ومليشياتها العراقية وحزبها اللبناني ثم روسيا وأخيرا وليس آخرا ما يسمى التحالف الإسلامي بقيادة السعودية لحرب الإرهاب، والذي في حقيقته تحالف لمنع إقامة الخلافة الإسلامية، فقوة الوعي كادت تنجح الثورة السورية وتقوم الخلافة لولا أن الله قدر أمرا لا نعلمه بإطالة عمر هذه الثورة ليميز الخبيث من الطيب وليمحص الله الذين آمنوا ولحكمة بالغة في علم الله لا نعلمها.
والدماء والدمار هو ضريبة يدفعها المسلمون لسكوتهم الطويل عن الظلم، واعلم أخي يرحمك الله أن الكفر الذي عاش في بلادنا سنينا لن يسلم بسهولة لخروجه منها مذؤوما مدحورا، بل سيكافح ويناضل ولو قتل الكثيرين وحرق الأخضر واليابس، وإنّ هربنا من تقديم التضحيات يعني ببساطة أن نبقى عبيدا للكفر، وما أسهل وأيسر هذه التضحيات بالمقارنة مع غضب الله إن سكتنا عن حكم الكفر في بلادنا.
وانظر يرحمك الله إلى ما يلاقيه أهل بوما وتركستان والشيشان سابقا وكشمير وإفريقيا الوسطى وأهل الأندلس سابقا لسكوت المسلمين عن حكم الكفر؟؟؟ هل رحمهم؟؟؟ هل أبقاهم سالمين؟؟؟؟ فكر يرحمك الله قليلا ستجد أن العمل لإقامة حكم الإسلام هو القضية المصيرية للمسلمين لو قدم المسلمون في سبيل ذلك ملايين الشهداء.
إن الأرض السورية بسبب قوة الوعي فيها ستكون أرضا جدباء مسمومة لكل حكم كفر، وسيكون مصير أي حكم كفر قادم فيها لا قدر الله؛ سيكون مصيره الموت بسرعة شديدة، فحتى لو أقاموا حكم كفر (دولة مدنية ديمقراطية) في أرض سوريا بمساندة من الخونة، فإن مصيرها الفشل السريع والأكيد وكشف جميع المنافقين، فالله يمهد لدينه بطريقة شديدة القوة لا يمكن لبشر أن يحبطها.
وعودة الجبن السابق وعودة السكوت على الخيانة المفضوحة كما في السابق وقتل مفهوم المحاسبة وركون الناس السابق الذي يشبه نوم الاموات لن يعود وهذا يعني ان بركة الثورات ما زالت موجودة وكامنة في الامة الاسلامية.
وما على المخلصين من المسلمين إلا استغلال هذه الأمور لتوعية الناس على إسلامهم وعلى ألاعيب الغرب الكافر وأزلامه وعملائه في المنطقة وتوعية الناس على نفاق الحكام لتكون الثورات القادمة قريبا بإذن الله ثورات للخلافة.
|