ما هي الدولة التي يستحق حاكمها البيعة من المسلمين
الدولة بداية هي كيان تنفيذي لدستور معين، وحتى يوجد الكيان التنفيذي لا بد من وجود مؤسسات للدولة ونظام حكم يملك القائمون عليه السلطة في تلك الدولة، وفيها أنظمة تنظم أمور الناس في معاشهم في تلك الدولة، ويجب أن يوجد فيها نظام عقوبات لمن يخالف قانون الدولة، ويجب أن يكون للدولة قوات تحمي الدولة من المعتدين (داخليا وخارجيا)، ويجب أن يكون لها حدود جغرافية ثابتة أو متغيرة يوجد داخلها كيان الدولة وأجهزة الدولة ومؤسساتها.
فان حصل الخلل في هذه الأمور فان ذلك الكيان لن يكون دولة، فان كان خاضعا في أمنه لدولة أخرى فلن يعدوا أن يكون بلدية كبيرة، وان كان يملك الأمن ولا يوجد له مؤسسات وأنظمة لإدارة شؤون الناس أو لا يستطيع أن يدير أمور الناس فلن يعدو أن يكون تنظيما مسلحا أو مليشيا تسيطر على البلد، وأي نقص في هذه الأمور فلن توجد الدولة.
والآن حتى نوجد الدولة الإسلامية يجب إيجاد الدولة أولا ، وحتى يستحق حاكم هذه الدولة البيعة من المسلمين خليفة للمسلمين يجب توفر عدة شروط:
1- أن يكون الشخص المبايع مستوفيا شروط انعقاد الخلافة وان لم يكن مستوفيا شروط الأفضلية. 2- أن يكون هذا الشخص قد نال بيعة أهل ذلك القطر بالرضا والاختيار خليفة للمسلمين. 3- أن يكون سلطان ذلك القطر سلطانا ذاتيا يستند إلى المسلمين وحدهم في ذلك القطر. 4- أن يكون أمان المسلمين في ذلك القطر في الداخل والخارج بأمان أهل ذلك القطر. 5- البدء حالا بتطبيق الإسلام تطبيقا كاملا في جميع مؤسسات وأنظمة الدولة الجديدة.
هناك عدة أمور تجعل الكثير من الأشخاص يتيهون اليوم في ما يحصل من أحداث، ونستطيع حصر سبب الخلط في أمرين هما: • عدم فهم معنى الدولة • عدم فهم معنى خليفة واجب البيعة
فمن لا يميز معنى الدولة تراه ينجر خلف أي شخص يعلن خلافة، ولو لم يوجد عنده دولة، فشرط أساسي لبيعة الخليفة وجوده على رأس دولة، وإلا لا عبرة لأي إعلان للخلافة ما لم يوجد كيان الدولة أولا، والأمر الثاني هو شروط من يستحق البيعة ولو كان على رأس دولة.
ومن يخلطون الأمور التي ذكرناها تراهم يسهل خداعهم، فيصدق أن هناك دولة فلسطينية في الضفة أو غزة، ويصدق أن هناك دولة خلافة أعلنها البغدادي.
فمثلا الدولة الفلسطينية ليست دولة -بمفهوم الدولة عند جميع الشعوب- لأنها مثلا: • لا يوجد لها أمان داخلي • لا يوجد لها أمان خارجي • يمكن لليهود استباحتها متى شاؤوا.
وبناء عليه فإنها لا تعتبر دولة بل هي مجرد بلدية كبيرة تابعة للاحتلال الإسرائيلي.
وإعلان البغدادي للخلافة ليس دولة، فهو ما زال تنظيما مسلحا ولم يرق ليكون دولة، فهو: • لا يحقق الأمن الداخلي لرعيته ولا يوجد عنده استقرار داخلي، فالأرض عنده مخترقة من كثير من الجهات، فلو أن دولة معينة تم اختراقها من كثير من الجهات العسكرية وتم تدمير عاصمتها يجعل الدولة في حكم المنتهي، حتى تعود وتطرد هؤلاء وتحقق الاستقرار على الأرض، فكيف إذا لم يوجد ذلك من البداية. • لا يوجد لدولته مؤسسات وأنظمة ترعى شؤون الناس، ولا حدود جغرافية تعرف بها الدولة يوجد داخلها كيان الدولة، فهو ما زال تنظيما مسلحا قويا ليس إلا، ولا يوجد له مؤسسات وأنظمة، وهذا الشرطان يطعنان في كونه دولة من الأساس. • ومن ناحية البيعة من أهل البلد، فإنهم قد فرضوا زعيمهم البغدادي فرضا على الناس وليس بالبيعة، وهذا مخالف للشرع، إذ لا يصبح الشخص خليفة إلا ببيعة أهل القطر المعلن فيه خلافة.
فعدم وجود الدولة شرط رئيسي أساسي لعدم البيعة لذلك الشخص ولو بايعه كل من قال لا إله إلا الله، فبيعتهم باطلة لأنه ليس على رأس دولة حقيقية، وإن وفرضنا (وهذا غير موجود) وجود دولة لهم فالبيعة باطلة أيضا لأنه مفروض فرض على المسلمين، وبناء عليه فإعلانهم للخلافة لغو ولا قيمة له شرعا، ولا يوجد دولة حتى نختلف على من يترأسها.
وإن الخلط يحصل أيضا من ناحية ظن الكثيرين أن كثرة المسلحين تعني دولة، وهذا مفهوم خاطئ إذ كثرة المسلحين تعني أن التنظيم أفراده كثر، وان سيطروا على مساحات شاسعة في كثير من الدول، وبلغ عددهم الملايين فإنهم سيبقون تنظيما مسلحا، وهناك تنظيمات فعلا تكون أقوى من دولة معينة ومن عدة دول، ولكن هذا لا يخرجها عن كونها تنظيما مسلحا ليس إلا، وشواهد الواقع والتاريخ موجودة.
|