منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> المفهوم الشرعي للطاعة
الخلافة خلاصنا
المشاركة Jun 12 2016, 03:55 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



المفهوم الشرعي الطاعة



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق واشرف المرسلين، وبعد:
يقول الله تعالى: {وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون} (آل عمران:132)، إن لله سننا في الأمم والأفراد فيما يتصل بهلاكهم أو عافيتهم، فمن شاء أن يرحم سواء كان أمة أو فردا فعليه بطاعة الله ورسوله.

أما الطاعة: فهي ضد المعصية ومعناها الانقياد والاستسلام والخضوع

وأما لمن تكون؟

فالأصل أن تكون الطاعة لله وللرسول قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} (الأحزاب:36)، وطاعة الرسول هي طاعة الله تعالى، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} (آل عمران:31) ذلك لأن القرآن وحي الله إلى رسوله لفظا ومعنى، والحديث هو وحي الله إلى رسوله معنى واللفظ لرسول الله، وصدق الله العظيم: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى} (النجم:3-4)

طاعة الله والرسول فيها الخير والبركة والسداد والنصر، فعندما ارتدت القبائل عن الإسلام بعد وفاة الرسول ، وقد عقد اللواء لأسامة بن زيد أن يتوجه إلى الشام قبل وفاته، وقف الصحابة معارضين إصرار أبي بكر على بعث جيش أسامة خوفا على المدينة أن تستباح من قبل المرتدين إذا خرج الجيش فقال أبو بكر: ( والله لو جرت الكلاب بأقدام أمهات المؤمنين ما حللت لواء عقده رسول الله) الله أكبر كلمات تكتب بماء الذهب!! ولا يعلم أجرها إلا الله، وألقى الله الرعب في قلوب المرتدين حيث قالوا: (ما كان ليبعث جيش أسامة لأطراف الشام إلا وله في المدينة من يدافع عنها).

ومعصية الله والرسول فيها الانكسار والهزيمة والخذلان، وعندما أمر رسول الله الرماة في غزوة أحد أن يحفظوا ويلزموا أماكنهم ولو رأوا الطير تتخطف المسلمين، وينتصر المسلمون في أول المعركة ويتنادى الرماة: الغنائم الغنائم، فيتركوا موقعهم، وبحركة التفاف يقوم بها خالد بن الوليد وكان كافرا، فينفرط عقد المسلمين وكان درسا عمليا يتناسب مع عظم الحقيقة التي أراد الله لأمة الحق أن تتربى عليها أن الطاعة لله والرسول فيها النصر، وأن المعصية لله والرسول فيها الهزيمة، ولو انتصر المسلمون على ما فعلوه، لما كانت لهم بعد ذلك طاعة حيث يقولون: عصينا فانتصرنا وصدق الله العظيم: {إن تنصروا الله ينصركم} (محمد:7)

وأما أنواعها؟ فينبغي أن نعلم أن للطاعة مفهومان:
• مفهوم غير اسلامي: وهي الطاعة العمياء او طاعة المصالح او طاعة الخوف، او اي نوع من الطاعة بلا ضوابط ولا أصول نعود إليها من الكتاب والسنة وما ارشدا اليه من إجماع الصحابة والقياس، وهذا المفهوم للطاعة مرفوض.
• مفهوم إسلامي: وهي الطاعة المبصرة، الواعية، المدركة، التي يحكمها الكتاب والسنة وما ارشدا اليه من اجماع وقياس.

بعض الضوابط للطاعة على المطيع وذلك متخيل في ولي الامر او من هم دونه او في امير الحزب الذي يعمل لدين الاسلام بالأسس الشرعية او من هم دونه او لمن تجب له الطاعة:
1- السمع والطاعة في غير معصية الله، فمن امر بمعصية الله فلا طاعة له، عن علي بن أبي طالب قال: "استعمل النبي صلى الله عليه وسلم - رجلاً من الأنصار على سرية بعثهم وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا قال: فأغضبوه في شيء فقال: اجمعوا لي حطبا. فجمعوا فقال: أوقدوا نارًا فأوقدوا"، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى. قال: فادخلوها. قال: فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار. قال: فسكن غضبه وطفئت النار، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف".[رواه البخاري].
2- الحرص على تنفيذ الامر بأفضل صورة ممكنة والاجتهاد لنجاح الأمر بأتم وجه إن كان هناك مجال للاجتهاد، وان كان الامر على صورة معينة فعليه تنفيذها من غير زيادة ولا نقصان. ومن الامثلة على امور تحتاج الى حنكة واجتهاد وحرص على تنفيذ الامر ما قاله جندب بن مكيث الجهيني: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي إلى بني الملوح بالكديد، وأمره أن يغير عليهم وكنت في سريته، فمضينا حتى إذا كنا بالقديد.. فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر، فانبطحت عليه، وذلك قبل غروب الشمس، فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التل، فقال لامرأته: إني لأرى سوادًا على هذا التل ما رأيته في أول النهار، فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك. فنظرت فقالت: والله ما أفقد منها شيئًا. قال: فناوليني قوسي وسهمين من نبلي، فناولته فرماني بسهم في جنبي، أو قال في جبيني، فنزعته فوضعته ولم أتحرك، ثم رماني بالآخر فوضعه في رأس منكبي فنزعته فوضعته ولم أتحرك، فقال لامرأته: أمَا والله لقد خالطه سهماي، ولو كان ريبة لتحرك، فإذا أصبحت فابتغي سهمي فخذيهما لا تمضغهما عليَّ الكلاب. قال: فأمهلنا حتى إذا راحت روايحهم وحتى احتلبوا وعطنوا وسكنوا، وذهبت عتمة من الليل شننا عليهم الغارة، فقتلنا واستقنا النعم".[البداية والنهاية 4/223].
ومن الامثلة على امور تحتاج الى تنفيذ الامر على وجهه دون زيادة ولا نقصان ما حصل في غزوة الخندق حيث قال حذيفة رضي الله عنه: "لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب. وأخذتنا ريح شديدة وقر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا رجل يأتيني بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟) فسكتنا فلم يجبه منا أحد. ثم قال (ألا برجل يأتينا بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟) فسكتنا فلم يجبه منا أحد. ثم قال (ألا برجل يأتينا بخبر القوم ، جعله الله معي يوم القيامة؟) فسكتنا فلم يجبه منا أحد فقال (قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم) فلم أجد بدًّا، إذ دعاني باسمي، أن أقوم. قال (اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي) فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم فرأيت أبا سفيان يصلى ظهره بالنار فوضعت سهما في كبد القوس فأردت أن أرميه فذكرت قول رسول الله (ولا تذعرهم علي) ولو رميته لأصبته فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم، وفرغت، قررت. فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائما حتى أصبحت فلما أصبحت قال (قم يا نومان)".[رواه مسلم].
3- اذا تم اختيار شخص لمهمة معينة من بين عدة اشخاص، فعليه ان يجتهد في مهمته في احسن صورة مثل قصة حذيفة بن اليمان في القصة السابقة، فان من اختاره يعلم قدرته وهو من يتحمل مسؤولية اختياره، اما هو فعليه القيام بها بأحسن وجه وان لم يكن له فيها رأي.
4- تبرز التقوى وقوة الشخص اذا امر بأمر صعب فيها مشقة، لان الامور الاعتيادية يطيع فيها الجميع اما الامور الصعبة فلا ينفذها إلا من هم أهل لها، عن أبي الوليد عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله تعالى فيه برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم"[رواه البخاري ومسلم].
5- طاعة ولي الأمر فرض ونقصد بها الحاكم المسلم الحق وليس حكام اليوم وان ظلم وفسق واكل حقوق الرعية، قال عليه الصلاة والسلام ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله)) رواه البخاري وقوله ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره)) رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام ((تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ)) رواه مسلم، وهذا لا يعني ابد السكوت بل ان محاسبة الحكام فرض على المسلمين ان قصروا او هضموا حقوقها او ظلموها قال عليه الصلاة والسلام ((أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر)) ابو داود والترمذي وقال صلى الله عليه وسلم (( كلاّ والله لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر و لتأخذن على يد الظالم و لتأطرنه على الحق أطرا و لتـقـصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم )) رواه أبو داود و الترمذي
6- حكام اليوم لا تجب طاعتهم لأنهم ليسوا ولاة أمر، بل تجب إزالتهم وإقامة حكم الإسلام على أنقاضهم.
7- طاعة المسؤول في الحزب واجبة، قال عليه الصلاة والسلام ((إِذَا كَانَ نَفَرٌ ثَلاثَةٌ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ)) مستدرك الحاكم، وان امارة الحزب وطاعتها من هذا الباب، وطاعة المسؤول واجبة وان عصى الله، فان معصيته لله لا توجب عدم طاعته بل يجب محاسبته على تقصيره وطاعته في امره.
8- اعتبار الامر العام في الطاعة لمجموعة من الاشخاص موجها للشخص بعينه وانه لا يتم إلا بطاعته، فأنت على ثغرة من ثغر الاسلام فلا يؤتين من قبلك، فلا يقولن قائل غيري يفعل وان لم افعل لن اضر العمل، فهذا ليس قول من اراد طاعة الله ورسوله، بل هو قول الكسالى المتواكلين.
9- ترتيب الطاعة معروف فأولا طاعة الله ورسوله ثم طاعة ولي الامر ثم طاعة امير الحزب ثم طاعة الوالدين ثم طاعة الزوجة لزوجها الى اخره مما يمكن تقديمه، قال عليه الصلاة والسلام: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)) ابن عبد البر في الاستيعاب، وقال تعالى: { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} (لقمان:15) وعن عائشة قالت: ((سألت رسول الله : أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: زوجها؟ قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: أمه)) رواه البزار والحاكم وإسناد البزار حسن، وأما الحزب الذي يقوم بفرض فان طاعته مقدمة على غيره من البشر إلا ولي الأمر فطاعته واجبة على جميع المسلمين في غير معصية الله.


بعض الامور التي يجب ان تكون في المطاع مثل ولي او من هم دونه او امير الحزب الذي يعمل لدين الاسلام بالأسس الشرعية او من هم دونه:
1- الاهلية لهذا المنصب، فان هذه المناصب تكليف لا تشريف، عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله ألا تستعملني؟؟ قال فضرب بيده على منكبي ثم قال: ((يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها)) رواه مسلم
2- مراعاة تقوى الله فيمن هو مسؤول عنهم، فان حسابه يوم القيامة اشد من حساب من هم دونه، قال عليه الصلاة والسلام : ((ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة)) رواه مسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام (( كلكم راع ومسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته، قال فسمعت هؤلاء من النبي صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال والرجل في مال أبيه راع ومسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)) رواه البخاري
3- الاجتهاد في اصدار الاوامر بما يحقق المصلحة الشرعية في احسن صورة وعدم الاستهتار بها، فان عدم العناية بهذا الامر نوع من الغش للرعية، قال عليه الصلاة والسلام: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)) رواه مسلم
4- مؤاخاة ومصاحبة من هو مسؤول عنهم وعدم إشعارهم بالطبقية أبدا، فقد قال أنس بن مالك: دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال أيكم محمد؟؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم فقلنا له هذا الأبيض المتكئ...)) سنن ابي داود، حتى ان الصحابة بعد رسول الله حاسبوا عمر الخطاب في ثوب رأوه اطول من ثيابهم، لعدم تميزهم أبدا عمن هم مسؤولون عنهم.
5- عدم الفظاظة في التعامل مع من هو مسؤول عنهم، قال تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ( 159 ال عمران)

وأخيرا فان الطاعة من المواضيع التي يجب فهمها فهما قويا بالنسبة الينا كمسلمين حتى يعرف كل منا واجبه وما هو ملقى على عاتقه من مسؤولية، وليعرف الجميع ان المسؤولية تكليف لا تشريف، وان النجاة لنا جميعا هو بطاعة الله ورسوله اولا ثم طاعة ولي الأمر أو المسؤول، وان المعصية أو عدم الاهتمام بهذا الموضوع الحساس يؤدي الى كثير من المشاكل في الدنيا والعذاب في الآخرة.



منقول



https://www.facebook.com/145478009128046/ph...1059443/?type=3
Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Jan 1 2017, 05:31 PM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



بسم الله الرحمن الرحيم


طاعة رئيس الدولة


لقد حض الإسلام كثيرا على السمع والطاعة لرئيس الدولة، وجعل ذلك واجبا عينيا على كل أفراد الرعية مسلمين وذميين، واعتبر طاعة رئيس الدولة طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم طاعة لله عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :‎( من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني) رواه مسلم والبخاري والنسائي . وحرم الشرع الامتناع عن طاعة رئيس الدولة واعتبره جريمة وسماه مفارقة للجماعة، وأمر رئيس الدولة بإنزال العقاب على الخارجين إن كانوا أفرادا، وبقتالهم إن كانوا جماعات، ولكن الشرع قد استثنى ثلاث حالات من وجوب طاعة رئيس الدولة، وهذه الحالات الثلاث هي :

1 إذا أمر رئيس الدولة بأمر مخالف للحكم الشرعي، أي أمر بمعصية لله سبحانه، كأن أمر بتأميم أموال الناس الخاصة، أو أمر جيشه بمنع المسلحين من الوصول إلى فلسطين المحتلة لقتال اليهود، أو أمر بالانتساب إلى الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو انشأ جهاز مخابرات للتجسس على أفراد الرعية وإذلالهم، ففي هذه الحالة لا تجب طاعته في هذه الأمور بل تحرم لقوله صلى الله عليه وسلم ( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) . رواه مسلم والبخاري .

2 إذا تدخل رئيس الدولة فيما أباحه الله سبحانه للناس يفعلونه كما يشاءون، ولم يكن هذا المباح مما طلب الشرع منه التدخل فيه أو تنظيمه، كأن ألزم الناس ببناء بيوتهم حسب طراز معماري خاص بقصد تجميل المدن، أو اجبر المزارعين على تسويق محاصيلهم عن طريق مؤسسة التسويق الزراعي، أو حظر على التجار استيراد مواد معينه بقصد حماية المصنوعات المحلية، ففي هذه الحالة لا تجب طاعته، ولكنها لا تحرم فقد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يفعلون هذه الأمور وأمثالها من المباحات دون أن يتدخل فيها أو ينظمها.

وهاتان الحالتان هما اللتان يتصور حصولهما في دولة الإسلام، أما الحالة الثالثة وهي الحالة التي أغفلها معظم العلماء المعاصرين لسببين اثنين نذكرهما بعد قليل فهي إذا كان رئيس الدولة لا يطبق أحكام الإسلام، أي إذا لم يكن خليفة أو إماما للمسلمين، كجميع رؤساء الدول في بلاد المسلمين الآن، ففي هذه الحالة لا تجب طاعته مطلقا في أي أمر من أوامره أو قانون من قوانينه أو تشريع من تشريعاته، تحرم طاعته إذا كان الأمر منه مخالفا للحكم الشرعي، فلو أمر رئيس الدولة بفرض ضريبة على المساكن والشركات، أو انشأ صندوقا لجمع الزكاة وتوزيعها، أو وضع جمارك على واردات الدولة، أو ألزم الطلاب بتعلم لغة أجنبية، أو فرض على الشباب التجنيد الإجباري، فلا تجب طاعته في شيء من ذلك مطلقا وتحرم طاعته طبعا إن هو أمر الناس بمعصية كأن أباح الارتداد عن الإسلام تحت ستار حرية الاعتقاد، أو أعطى ترخيصا للأحزاب الشيوعية أو القومية، أو شجع الحركة الماسونية بان انتسب إليها ومكنها من التغلغل في دوائر الدولة وأوساط الناس، أو حارب الدعوة الإسلامية المخلصة الواعية، أو اخذ من العسكريين القسم على الإخلاص للدستور، والدليل على ذلك ما روى معاذ قال : " يا رسول الله أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنون بسنتك ولا يأخذون بأمرك فما تأمر في أمرهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا طاعة لمن لم يطع الله عز وجل " . رواه احمد . وما روى عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سيلي أموركم بعدى رجال يطفئون السنة ويعملون بالبدعة ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها ) . فقلت يا رسول الله : إن ادر كتهم كيف افعل؟ قال ( تسألني يا ابن أم عبد كيف تفعل؟ لا طاعة لمن عصى الله ) . رواه ابن ماجه واحمد .

ومعلوم أن جميع رؤساء الدول في العالم الإسلامي كله يعصون الله ولا يطيعونه لكونهم يحكمون بأحكام الكفر ولا يطبقون أحكام الإسلام، فهؤلاء الرؤساء كلهم لا طاعة لهم قطعا.
ونعيد ما سبق بعبارات أخرى للتوضيح فنقول : إن رئيس الدولة إما أن يكون خليفة وإما أن لا يكون، فإن كان خليفة وجبت طاعته في كل أوامره إلا في الحالتين الأوليين فحسب، فتحرم علينا طاعته في أي أمر مخالف للشرع أي في أي معصية، ولا تجب طاعته في قسم المباحات الفردية لأفراد الرعية التي تركها الشرع لهم يفعلونها بمحض اختيارهم، دون قسم المباحات الأخرى العامة التي يشترك فيها الناس وطلب منه الشرع أن يتدخل فيها أو ينظمها كسقي الفلاحين من مياه الأنهار، وتنظيم حركة السير في الشوارع، وتحديد الموازين والمكاييل، وكيفية اختيار الموظفين، وسائر اللوائح الإدارية العامة في الدولة .

وأما إن كان رئيس الدولة غير خليفة كأن كان ملكا، أو رئيس جمهورية، أو رئيس مجلس قيادة الثورة، فلا تجب طاعته في أي أمر من أوامره دون استثناء، وتحرم طاعته طبعا إن هو أمر بمعصية، أي بمخالفة لأي حكم شرعي .

وفي هذا العصر ومنذ عام 1923، أي منذ سقوط الخلافة الإسلامية على يد الانجليز بمعاونه حسين أمير مكة ومصطفى كمال في تركيا، والمسلمون يعيشون في الحالة الثالثة، وهذه الحال هي التي ينبغي أن يوجه إليها الاهتمام .

قلنا قبل قليل إن معظم العلماء المعاصرين قد اغفلوا هذه الحالة الثالثة لسببين، ونحن نفصل الآن هذين السببين على النحو التالي:

السبب الأول هو ضعف الإيمان وانعدام التقوى عند علماء السلاطين الذين بيدهم الإفتاء والتوجيه، وما يتبع ذلك وينتج عنه من النفاق الذي استشرى في هؤلاء العلماء، فبدلا من أن يفتوا بعدم وجوب طاعة الحكام الحاليين، يقومون بإفتاء الناس بما يحبه الحكام ويريدونه مما يخالف شرع الله سبحانه، ويوجبون طاعتهم، فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما احل الله، فصاروا كالأحبار والرهبان الذين ذكرهم الله سبحانه بقوله (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) وذلك أنهم كانوا يحرمون الحلال ويحلون الحرام لأتباعهم من اليهود والنصارى فيطيعهم أتباعهم طاعة تجعل من هؤلاء الأحبار والرهبان أربابا من دون الله، وهذا الفعل من أعظم المعاصي وأفظع أصناف الشرك بالله، والشرك كما يعلم علماء السلاطين جريمة لا يغفرها الله لأحد، ‎ولسوف يكب الله العزيز الجبار هؤلاء المنافقين على عمائمهم في نار جهنم .‎

والسبب الثاني هو أن المعاهد الشرعية وعلى رأسها الأزهر لا تدرس الإسلام بطريقته العملية في التدريس، أي لا تدرس أحكام الإسلام لتطبيقها في واقع الحياة كما كان الحال زمن صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين والسائرين على نهجهم من المسلمين، وإنما تدرس أحكام الإسلام تدريسا نظريا فلسفيا فحسب، ملتزمة بالمنهاج الذي فرضه عليها الكفــــار المستعمرين منذ أن احتلوا بلادنا في الحملة الصليبية الثانية بمعاونة من حسين في مكة ومصطفى كمال في أنقرة، وقبل ذلك بقليل، فصار معظم العلماء الخريجين يحملون الإسلام ويفهمونه كما أراده المستشرقون، لا للتطبيق وإنما لمجرد العلم والتكسب به، وفقدوا القدرة على الاجتهاد والقدرة على تطبيق الأحكام على الوقائع المستجدة والحوادث الجارية، ويتجلى جهلهم في القضايا العملية من معاملات ونظم حكم واقتصاد واجتماع، وعقوبات وعلاقات دولية وسياسات عامة، وبدلا من أن يفهموا حكم طاعة الحاكم فهما صحيحا ويطبقوه على الواقع تطبيقا سليما طبقوه على الواقع تطبيقا خاطئا، فأوجبوا طاعة الحكام الحاليين مساوين في حكم الطاعة بين الخليفة أو الإمام وبين الحاكم الكافر والحاكم الذي لا يحكم بالإسلام دون أن يلتفتوا إلى بديهية أن الخليفة غير الحاكم الكافر والحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله، وحاشا لرسول الله صلى عليه وسلم أن يأمر المسلمين بطاعة أعدائهم من الحكام الكافرين والذين يحكمون بغير ما أنزل الله، لان طاعة هؤلاء هي طاعة لنظامهم الكافر وأحكامه الكافرة، وإعراض وتخل عن نظام الإسلام وأحكام الإسلام، والواجب تجاه هؤلاء الحكام هو نبذهم كنبذ النجاسات، والبراءة منهم كالبراءة من الشيطان، عن كعب بن عجرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن تسعة فقال ( إنه ستكون بعدى أمراء من صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وهو وارد علي الحوض ) . رواه النسائي والترمذي . وعن أم الحصين أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقــــول (إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما قادكم بكتاب الله ) . رواه ابن ماجة. وفي رواية للترمذي ( ما أقام لكم كتاب الله ) وفي رواية لمسلم ( يقودكم بكتاب الله). وهذا العمل بكتاب الله قيد وشرط لوجوب طاعة الحاكم، وهو منتف كلية عن الحكام الحاليين دون شك.

إن المسلمين في هذا العصر قد أوقعوا ضحايا الحكام الكافرين والعلماء المنافقين والجاهلين، وما ذلك إلا لغياب الراعي المسؤول عن الإسلام والمسلمين .
إن حزب التحرير وهو يعمل لإيجاد هذا الراعي المسؤول ليهيب بالمسلمين أن يرفضوا طاعة حكامهم، وأن يتبرؤوا منهم، وأن يتخذوهم أعداء تجب محاربتهم وخلعهم، ويحذرهم من موالاتهم وحمايتهم والسكوت عنهم، (يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق) . ويهيب بالمسلمين أن يتعاملوا مع علماء السلاطين بما يستحقونه من المقت والتحقير، ومع العلماء الجهلة بالشك والحذر، وأن يتكاتفوا جميعا مع العاملين المخلصين لإعادة الخلافة الراشدة، وليعلموا أن الله العليم القدير قد وعد المسلمين بالتمكين في الأرض والظهور على الدين كله ولو كره المشركون.

حزب التحرير
غرة صفر سنة 1410 هـ
1/9/1989

المنشور منقول من صفحة منذر عبدالله
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 25th April 2024 - 09:41 AM