جهلك يخدم عدوك
يوم كان لنا خلافة كانت لنا سترا ووقاية من الوقوع في المعاصي، وكانت سترا لنا ووقاية من اعتداء الكفار علينا وعلى ديارنا، وكانت وقاية لنا من الجهل الذي يؤدي بصاحبه لخدمة عدوه، وكانت وقاية وستر للمسلمين من كل الشرور.
وبعد هدم الخلافة وقع المسلمون في المعاصي واعتدى الكفار على بلادهم وانتشر بينهم الجهل القاتل والمدمر وانتشر الفساد وعمّ وطمّ.
وحديثنا هنا عن الجهل الذي انتشر بعد هدم الخلافة والذي أصبح بسببه المسلم يحارب دينه ويخدم عدوه من حيث لا يدري، ويمكن تقسيم الموضوع إلى عدة محاور، ومن أهم هذه المحاور التي تخدم الأعداء:
أولا: الدعوة إلى أفكار تخدم الكفر، مثل الدعوة لأفكار كفر من قبل المسلمين ظانين أنهم بذلك يخدمون دينهم، مثل الدعوة إلى الديمقراطية والدولة المدنية، فيظن الداعون لهاتين الفكرتين مثلا أنهم بذلك يبعدون فكرة الديكتاتورية والتسلط عن الإسلام وأنه دين يتقبل الحوار الرأي الآخر، ولو أعمل هؤلاء القوم عقولهم قليلا لأدركوا أن الديمقراطية والدولة المدنية أفكار كفر تجعل البشر يشرعون من دين الله ويقصون بذلك القران والسنة عن الحياة، أي أن هاتين الفكرتين تثبتان موضوع العلمانية من حيث لا يدري هؤلاء القوم، ولم يدرك هؤلاء القوم أن الإسلام يحترم الآراء الأخرى ضمن دائرة الإسلام، ولديه القدرة الفائقة لدحض أفكار الكفر بسهولة بالغة، وهو الدين الوحيد في العالم المبني على العقل وهو الدين الوحيد الذي يأمر الإنسان باستخدام العقل، على عكس الأديان الأخرى التي بنيت على المادية كالشيوعية وعلى الحل الوسط (فصل الدين عن الحياة) كالرأسمالية وعلى الخرافات والترهات أمثال الأديان غير السماوية.
فجهل المسلمين بدينهم جعلهم يدعون لهاتين الفكرتين اللتين هما فكرتا كفر لا علاقة لهما بالإسلام، فمن دعا لهما فقد خدم عدوه بعلم أو بجهل منه، وركزنا عليهما لأنها الفكرتان الطاغيتان اللتين يحارب بهما الكفار المسلمين، وإلا فيوجد غيرهما الكثير.
ومن الأفكار التي يخدم بها الكفار أفكار نتجت باجتهادات خاطئة من مسلمين مثل وصفهم لحكام اليوم بأنهم ولاة أمر، وهذا بكل بساطة يثبت الحكام العملاء للكفار على كراسي الحكم ويجعل الكثير من المسلمين لا يعملون لخلعهم، ومثل فكرة الوسطية والاعتدال والتي يقصد بهما أن الإسلام يتقبل الآخر أي يتقبل أفكار غير إسلامية فنتج عن ذلك حوار الأديان والديمقراطية الإسلامية والبنك الإسلامي وغيره.
ومن الأفكار التي يخدم بها الشخص عدوه من حيث لا يدري هو وصف من يعادون الحكام بالإرهابيين ووصف من يدعو للخلافة بالإرهابي والانسياق خلف كل ناعق يدعو لحرب الإرهاب وغيرها.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-وللاطلاع على المزيد من حرب الأفكار يمكن الاطلاع على هذا الموضوع:
تغيير المسمياتhttp://naqed.info/forums/index.php?showtop...amp;#entry15904-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-ثانيا: مدح بعض فعال الكفار بما نراه من نقص عندنا نتيجة غياب الخلافة، وذلك مثل شخص يمتدح حاكما أوروبيا يجلس في الحافلة مع عامة الناس، أو مدح حاكم غربي لأنه يقف في الطابور ليأخذ حاجته من الطعام مثل بقية الناس، أو مدح سفرة طعام لحاكم غربي لبساطتها، أو مدح بعض أفعال الغربيين مثل تبرع شخص غربي بثروته لإنقاذ الفقراء حول العالم.
والدافع وراء ذلك هو ما نراه من حكام المسلمين الحاليين، فإذا خرج الحاكم خرجت خلفه وأمامه مئات سيارات الحراسة وتم إغلاق الشارع على الناس، وإذا أقام حاكم سفرة طعام وجدتها مليئة بالخراف المشوية وكل أصناف الطعام وتجد هذا الطعام يكفي ألف رجل مع انه معد للزعيم وضيفه مثلا أو أسرته، أو عند رؤيته لشخص خليجي ثري ينفق جزء كبير من ثروته لشراء سيارة هيكلها مصنوع من الذهب، وهكذا أصبح الشخص يقارن بين حال حكامنا وحال الحاكم الغربيين، فتراه ينبهر بمثل تلك الصور.
والحقيقة أيها الإخوة الكرام أن هذا الحاكم الغربي الذي تمتدحه فهو حاكم يعلن حربا على الإسلام وأهله ويعلن حربا على المسلمين في بلاده، فتراه يضيق عليهم، وهو من الداعمين الرئيسيين للحكام في بلادنا، أي من الداعمين للديكتاتورية، إذ أن حكامنا لولا الدعم الغربي لما صمدوا شيئا في الحكم، ولكنه الدعم الغربي لهم.
وبمدحك إياهم فإنك تمتدح النظم الغربية في الحكم والتي أشقت ودمرت العالم، وتمتد حاكما يبيح في بلاده الزنا والربا والشذوذ الجنسي وتمتدح كل قيم الكفر وقوانينه، وتهمل في نفس الوقت المشاكل الاجتماعية والخلقية والسياسية في بلاد الكفر، تهمل ملايين المشاكل في بلاد الكفر وتركز على صورة بسيطة عن بساطة حكامهم، وأنت بشكل غير مقصود طبعا تنفر الناس من الإسلام وأهله وتنفر الناس من حكم الإسلام عندما تعطي صورة مشرقة عن حكام الكفر.
ولو أعملت عقلك قليلا لماذا دائما هذه المواقف مصورة وتبث على الإعلام؟؟؟
أكيد ستدرك أن لها هدفا معينا، ولو أدركت أن اغلب حكام الغرب هم من أثرياء القوم بغنى فاحش ربما لتغيرت الصورة عندك.
إن الأمثلة الصحيحة التي ينبغي ضربها للناس هي أمثلة من تاريخ المسلمين مثل قصة عمر بن الخطاب وعدله وعمر بن عبد العزيز وعدله، فأنت بذلك تعطي صورة مشرقة عن الخلافة وعن العدل الحقيقي فيها الذي يعم الناس وليس فقط بساطة الحاكم، وتجعل الناس يعملون ويتشوقون لحكم الإسلام والخلافة.
ثالثا: تقليد أعمال الغرب بمظهر إسلامي، وذلك مثل مسابقات ملكة الجمال للمحجبات، فالمقلد يريد أن يجذب الناس للحجاب، ولكنه يفعل فعلا لا يقره الإسلام وهو إقامة مسابقات للنساء الجميلات وهذا يثير الفتنة بين المسلمين لما فيه من اختلاط وكشف للجمال المثير للشهوة، علاوة على أن هذه المسابقات هي تنافس في أشياء خَلْقِية غير مكتسبة، فالمرأة الجميلة تفوز لان الله خلقها جميلة والمرأة القبيحة تخسر لان الله خلقها قبيحة وهذا تقليد للقيم الغربية في نشر الجمال والفتنة والشهوة والخصومات بين المتباريات ويجعل المرأة الجميلة أفضل من المرأة القبيحة وهذا يخالف الإسلام، الذي جعل التفاضل بالتقوى ولم يأمر بإجراء مسابقات أيضا لمعرفة الأتقى، فهذا أمر بين العبد وربه.
إذن الذي فعل هذا الفعل خدم عدوه لان الإسلام لم يأمر بمثل هكذا مسابقات أصلا، فالأصل منع هذه الأمور نهائيا من بلاد المسلمين، وقس عليها المباريات الرياضية التي تلعب بها المرأة مرتدية لغطاء الرأس فقط، أما إظهار مفاتنها الأخرى باللباس الضيق وعدم لبسها للجلباب أصلا وقيامها بحركات تثير الرجال على شاشات التلفاز فهذا غير جائز، فالإسلام مثلا لم يطلب من المسلمين أن يكون بينهم نساء بطلات في كرة القدم أو التنس أو السباحة أو غيرها.
رابعا: خدمة العدو باستخدام مقاييسه في الحكم، فالجهل بمقياس الإسلام الوحيد في الحكم على الأفعال وهو الحلال والحرام جعل الناس لا ترى بأسا في استخدام مقاييس أخرى مثل المنفعة والمصلحة ومآلات الأفعال وجعلهم يستخدمون عقولهم في تحسين وتقبيح الأفعال وجعلهم يستخدمون عقولهم في تقرير ما هو الخير والشر، ولذلك تجد أحيانا صعوبة مع الناس إذا خاطبتهم بالأحكام الشرعية، فتقول هذا فعل حرام والشخص المقابل يقول ولكن هذا الفعل جيد يخدم المسلمين، وتقول هذا شخص علماني ويقول لك الشخص المقابل هذا شخص يعمل لصالح الإسلام، وتقول أن هذا فعل واجب ويقول لك الشخص المقابل أن هذا الفعل فيه ضرر كبير على الإنسان، وهكذا.
وهذه النقطة إن تم علاجها فقد عالجت أكثر موضوع الجهل تقريبا إذ أن هذه النقطة يمكن أن تؤدي لمشاكل في جميع المجالات الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وجميع حياة الإنسان، وهذه تحتاج علاجا كبيرا، ويمكن تصنيفها أنها أس المشاكل.
خامسا: الجهل بأساليب الإعلام الخبيث، فالجهل بأساليب الإعلام في تشويه الحقائق ونشر أفكار الكفر بغلاف إسلامي، والجهل بأساليب الإعلام في تلميع أشخاص وتدمير آخرين، والجهل بأساليب الإعلام في خدمة الحكام والكفر ومحاربة الإسلام وأهله، تجعل الشخص ينساق وراء الإعلام ويتكلم بلسانه ويحارب دينه من حيث لا يدري.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-للمزيد نرجو الاطلاع على موضوع
كيف نقاوم سحر ومكر الإعلامhttp://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4418&st=0-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-والخلاصة أن الشخص الجاهل يخدم عدوه من حيث لا يدري، وتحدثنا هنا عن أهم الأبواب التي يخدم فيها العدو، وإلا فأبواب الجهل كثيرة جدا، وهذا الجاهل في أي ناحية لا ينبغي اتخاذه عدوا، بل هو شخص من المسلمين سيطر عليه الجهل، وعلاجه يكون بتوعيته على دينه وعلى الكفر وأساليبه في مهاجمة الإسلام وعلى خبث الإعلام وتضليله، فنشر الوعي حاليا هو العلاج، وبعد إقامة الخلافة ستضع الخلافة درعا يحمي المسلمين من كل الشرور ومن هذه الشرور الجهل الذي يخدم الأعداء.
جهلك يخدم عدوك
Jun 29 2016, 11:15 AM
