منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

> الإسلام السياسي ووهم «الخلافة».. غموض وتناقض
أم حنين
المشاركة Oct 27 2017, 10:31 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



الإسلام السياسي ووهم «الخلافة».. غموض وتناقض

تاريخ النشر: الجمعة 27 أكتوبر 2017

لا شعوب من دون قيادة، والعدالة مطلب إنساني.. لكن أين «نظام الحكم الإسلامي» في هذا كله، وكيف يكون؟ هكذا يستهل المستشار الأستاذ الدكتور فاروق حمادة كتابه «مفهوم الخلافة الإسلامية.. جدلية النموذج بين الماضي والحاضر»، فيبين في مقدمته أنه لم توجد مجموعات بشرية عبر التاريخ إلا ولها ضابط من السلطة، أي نظام ورئاسة تدير شؤونها وتحافظ على وجودها ومصالحها، وتكون مرجعها عند حدوث الاختلاف والتنافر. لذا تحدث القرآن الكريم عن عدة مجتمعات وأمم كانت ترجع إلى نظام حاكم، مشيراً إلى أن صلاحيات الحكام اختلفت من مكان إلى مكان ومن زمان إلى آخر. أما الآيات التي تتحدث عن العدل ففيها تأكيد على حقيقة كونه مطلباً إنسانياً لا تقوم الحياة بدونه.

ويتطرق المؤلف إلى «القيادة النبوية» وبدايات المجتمع الإسلامي، موضحاً أنه لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة المنورة، جمع قبائل العرب تحت قيادته، وكان فيهم: النبيَّ المرسل، والمسؤولَ الأولَ، ورئيس الدولة، وإمام الصلاة، والقاضي، وقائد الجيش، والساهر على أمن المجتمع وسيادته. ولما توفي برزت أكبر قضية سياسية واجتماعية عند المسلمين، ألا وهي القيادة، أي: مَن يقوم مقام النبي؟ لقد أجمع الصحابة على وجوب تنصيب شخص يقوم على رأس القيادة ويتحمل المسؤولية، وإلى إجماعهم هذا استند المسلمون من بعد في تعيين الخليفة. ومن هنا أيضاً ذهب جمع إلى أن وجوب نصب الخليفة مدركه العقل لضرورة الاجتماع البشري ولعدم إمكانية عيش الناس منفردين، وحاجتهم إلى أطر لتنظيم الصراعات وإدارة التناقضات. وقرر أهل السنة وجمهور المسلمين وجوب نصب الإمام، لكنه من فروض الكفايات ويُرجَع فيه إلى أهل الحل والعقد واختيارهم، وليس من أصول الدين والعقائد، بل هو أمر فقهي مصلحي يرتبط بالأمور الدنيوية.

وإذ لا توجد آية قرآنية أو حديث نبوي يحدد من يتولى القيادة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تنوعت كيفية تولي الخلفاء الراشدين الحكمَ؛ من بيعة بالنسبة لأبي بكر، إلى استخلاف مع البيعة لعمر، إلى اختيار وشورى في حالة عثمان، إلى بيعة من طائفة من الناس لعلي.. مما يؤكد أن الأمر خاضع للزمان والمكان، وما من صيغة ثابتة ملزمة فيه.

وقد انتقلت الخلافة إلى بني أمية على يد معاوية بن أبي سفيان بالغلبة واعتماداً على قرشية الخليفة، وحصل التحول الكبير في تاريخ الحكم في الإسلام عندما أخذ معاوية البيعة من الناس بولاية العهد لابنه يزيد بن معاوية. ثم قامت دولة بني العباس بالغلبة على يد أبي العباس عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس (الملقب بالسفاح)، لكن الدولة العباسية أصابها الضعف خلال القرون اللاحقة، ولم يبق للخليفة فيها من الخلافة غير اسمه، فقامت دول متعددة تكاثرت مع الأيام.

لكن كيف كان موقف الفقهاء وعلماء الشريعة من تفرق الأمة إلى دول بعد أن كانوا يرون وجوب نصب خليفة واحد يحكم المسلمين جميعاً؟

يجيب المؤلف قائلًا بأن هذا الموقف تطور عبر العصور، لما لاحظه العلماء والفقهاء من حقائق واقعة تتطلب تغيير كيفية عقد الخلافة وتطويرها لتواكب الوقائع والمتغيرات تبعاً للزمان والمكان، حتى وصل الأمر عند ابن خلدون إلى قوله: «فاشترطنا في القائم بأمور المسلمين أن يكون من قوم أولي عصبية قوية غالبة على من معها لعصرها ليستتبعوا مَن سواهم، وإنما يخص هذا العهد كل قطر بمن تكون له فيه العصبية الغالبة».

وعلى أنقاض الخلافة العباسية قامت السلطنة العثمانية التي حكمت معظم العالم الإسلامي لعدة قرون باسم الخلافة والدين، لكنها سقطت وقامت على أنقاضها الدول الوطنية، فبدأ المسلمون وبعض مفكريهم يلتفتون إلى هذه النازلة التي حلت بهم، محاولين الاعتصام بنموذج يستثيرون به الهمم، ويردون به الغزاة الأوروبيين، فلم يكن ذلك النموذج إلا ذكرى الخلافة الراشدة، فأكثروا من الحديث عنها وحاولوا الرجوع إلى المصادر الدينية والفكرية لتحديد ملامح هذه الخلافة التي يضعونها أمامهم مثالًا يسعون إليه. لكن، وكما يؤكد المؤلف، فإن الأحاديث النبوية التي استدل بها دعاة العودة إلى الخلافة، وهم يحاولون استثارة مشاعر المسلمين وعواطفهم آنذاك (ومن أبرزهم جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده)، لا تقدم فكرة واضحة عن نظام دولة، لهذا بقيت فكرة الخلافة التي تعلقوا بها غامضة وعاطفية.


ومع ذلك، يقول الدكتور فاروق حمادة، فقد بقي هاجس الخلافة والدولة الواحدة يخامر أفكار الإسلاميين الذين ينطلقون من النصوص الدينية عموماً، فقامت حركات إسلامية تدعو إلى دولة الخلافة، وتحكيم الشريعة، وتعارض من تصفهم بالتيار العلماني. ومن أولى هذه الحركات جماعة «الإخوان المسلمين» التي أسسها حسن البنا في مصر خلال أربعينيات القرن الماضي، و«حزب التحرير الإسلامي» الذي أسسه الفلسطيني تقي الدين النبهاني المتوفى عام 1977.

وقد حاول البنا استثارة المشاعر العاطفية لدى المسلمين، مانحاً مسألة الدولة ونظام الحكم والقيادة الصدارة والأسبقية على كل ما عداها. وليؤكد ذلك جعل الدولة والحكم من أصول الشريعة وليس من الفروع الاجتهادية، خلافاً لما أجمع عليه علماء الإسلام السنة، مسايراً الشيعة الذين اعتبروها أصلا من أصول الدين.

لكن رغم ذلك الانشغال الكبير بفكرة الخلافة لدى حركات الإسلام السياسي، فقد ظلت هذه الفكرة، كما يلاحظ المؤلف، مفهوماً غامضاً تلفه العواطف والخيالات، ما جعلهم يتخبطون في تعاملهم من الحكومات القائمة ويتذبذبون في مواقفهم تجاه الأحداث الجارية. وتطور الأمر مع «القاعدة»، ومن بعدها «داعش» التي ارتكبت باسم «الخلافة» أشنع الممارسات وأفظع الانتهاكات.


وهكذا فالخلافة، بمعنى الحكم وطرق توليه والدولة وبنيتها واختصاصها، وعلاقتها بالمجتمع وأفراده، ما تزال فكرة غائمة عند التيارات السياسية الإسلامية المعاصرة، إذ ليس لديها مشروع واضح ولا خطاب ناضج في ذلك.


محمد ولد المنى

الكتاب: «مفهوم الخلافة الإسلامية.. جدلية النموذج بين الماضي والحاضر»

المؤلف: فاروق حمادة

الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

تاريخ النشر: 2017
Go to the top of the page
 
+Quote Post
 
Start new topic
الردود
أم حنين
المشاركة Oct 28 2017, 03:32 PM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



التعليق:

نلاحظ كمية كبيرة من المقالات تُنشر على المواقع العربية والهدف منه تشويه وطمس حقيقة الاحكام الشرعية التي وردت في القرآن الكريم والسنة الشريفة عن وجوب إقامة الخلافة ونظام الحكم في الإسلام إن كانت على مواقع محسوبة على النظام الخليجي الإماراتي وعمالته للإنجليز لا تخفى على أحد كموقع ميدل ايست اون لاين وموقع الإتحاد أيضا أو كان موقع تابع للنظام المصري عميل أمريكا كموقع اليوم السابع! فلماذا يا ترى هذه الحرب الإعلامية المشتركة بين أعداء الإسلام والمسلمين ولماذا التركيز على حزب التحرير وتشويهه والإفتراء عليه؟! هل لأن إقامة الخلافة الراشدة اصبح مطلب الأمة الإسلامية وحزب التحرير هو الحزب السياسي الذي يحمل مشروعاً نهضوياَ متكاملاً عملياً لتطبيق الحكم بالإسلام وقد وضع دستوراً لدولة الخلافة الإسلامية التي ستتحدى العالم وستتحدى أمريكا وبريطانيا وسائر أطياف الكفر؟!


إن الإهتمام الإعلامي ونقاش قضية إقامة الحكم بالإسلام في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة نقاش لا بد منه وقد ثار المسلمون على الغرب الكافر الإستعماري على جلاديهم من أنظمة طاغوتية دورها حماية كراسيهم في الحكم وعمالتها للغرب الكافر! وهي قضية مصيرية وقضية حياة أو موت والبحث فيها يجب أن يكون بحث فقهي وشرعي يستند إلى القرآن الكريم وإلى السنة النبوية الشريفة ولا يجب أن يكون من زاوية الواقعية أو من زاوية غربية بل البحث يجب أن يكون عن النصوص والأدلة الشرعية في مسألة إقامة دولة الخلافة الإسلامية وعد الله وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم. فيجب تضمين وجوب الخلافة من القرآن والسنة وهذا ما لا يفعله الكاتب أو الناشر على المواقع الإعلامية عن قصد، ولا عجب في ذلك لأن الإعلام العربي مجرد بوق وتابع للإعلام الغربي وبالتالي هو أداة في يد الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين التي تعمل لتسويق العمالة ولتضليل المسلمين عن قضية الحكم بما أنزل الله تعالى.


الأدلة الشرعية من القرآن و السنة وإجماع الصحابة على وجوب إقامة الخلافة


أما الكتاب، فإن الله تعالى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين المسلمين بما أنزل الله، وكان أمره له بشكل جازم، قال تعالى مخاطباً الرسول عليه السلام:{فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ}[048:005] وقال: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ َ}[048:005]. وخطاب الرسول خطاب لأمته ما لم يرد دليل يخصصه به، وهنا لم يرد دليل فيكون خطاباً للمسلمين بإقامة الحكم. ولا يعني إقامة الخليفة إلاّ إقامة الحكم والسلطان. على أن الله تعالى فرض على المسلمين طاعة أولي الأمر، أي الحاكم، مما يدل على وجوب وجود ولي الأمر على المسلمين. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ}[059:004] ولا يأمر الله بطاعة من لا وجود له. فدل على أن إيجاد ولي الأمر واجب. فالله تعالى حين أمر بطاعة ولي الأمر فإنّه يكون قد أمر بإيجاده. فإن وجود ولي الأمر يترتب عليه إقامة الحكم الشرعي، وترك إيجاده يترتب عليه تضييع الحكم الشرعي، فيكون إيجاده واجباً لما يترتب على عدم إيجاده من حُرمة، وهي تضييع الحكم الشرعي.



_________________________________________________



وأما السنّة فقد روى مسلم عن طريق نافع قال: قال لي ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» . فالنبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة، ووصف من يموت وليس في عنقه بيعة بأنه مات ميتة جاهلية. والبيعة لا تكون إلا للخليفة ليس غير. وقد أوجب الرسول على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة لخليفة، ولم يوجب أن يبايع كل مسلم الخليفة. فالواجب هو وجود بيعة في عنق كل مسلم، أي وجود خليفة يستحق في عنق كل مسلم بيعة بوجوده. فوجود الخليفة هو الذي يوجد في عنق كل مسلم بيعة سواء بايع بالفعل أم لم يبايع، ولهذا كان الحديث دليلاً على وجوب نصب الخليفة وليس دليلاً على وجوب أن يبايع كل فرد الخليفة. لأن الذي ذمّه الرسول هو خلو عنق المسلم من بيعة حتى يموت، ولم يذم عدم البيعة. وروى مسلم عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الإمام جُنة يُقاتَل من ورائه ويُتّقى به» .



وروى مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا ؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم» . وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية» . فهذه الأحاديث فيها إخبار من الرسول بأنه سيلي المسلمين ولاة، وفيها وصف للخليفة بأنه جُنة أي وقاية. فوصف الرسول بأن الإمام جنة هو إخبار عن فوائد وجود الإمام فهو طلب، لأن الإخبار من الله ومن الرسول إن كان يتضمن الذم فهو طلب ترك، أي نهي، وإن كان يتضمن المدح فهو طلب فعل، فإن كان الفعل المطلوب يترتب على فعله إقامة الحكم الشرعي، أو يترتب على تركه تضييعه، كان ذلك الطلب جازماً. وفي هذه الأحاديث أيضاً أن الذين يسوسون المسلمين هم الخلفاء، وهو يعني طلب إقامتهم، وفيها تحريم أن يخرج المسلم من السلطان، وهذا يعني أن إقامة المسلم سلطاناً، أي حكماً له أمر واجب. على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الخلفاء، وبقتال من ينازعهم في خلافتهم، وهذا يعني أمراً بإقامة خليفة، والمحافظة على خلافته بقتال كل من ينازعه. فقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» . فالأمر بطاعة الإمام أمر بإقامته، والأمر بقتال من ينازعه قرينة على الجزم في دوام إيجاده خليفة واحداً.



__________________________________________________



وأما إجماع الصحابة فإنهم رضوان الله عليهم أجمعوا على لزوم إقامة خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وأجمعوا على إقامة خليفة لأبي بكر، ثم لعمر، ثم لعثمان بعد وفاة كل منهم. وقد ظهر تأكيد إجماع الصحابة على إقامة خليفة من تأخيرهم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب وفاته واشتغالهم بنصب خليفة له، مع أن دفن الميت عقب وفاته فرض، ويحرم على من يجب عليهم الاشتغال في تجهيزه ودفنه الاشتغال في شيء غيره حتى يتم دفنه. والصحابة الذين يجب عليهم الاشتغال في تجهيز الرسول ودفنه اشتغل قسم منهم بنصب الخليفة عن الاشتغال بدفن الرسول، وسكت قسم منهم عن هذا الاشتغال، وشاركوا في تأخير الدفن ليلتين مع قدرتهم على الإنكار، وقدرتهم على الدفن، فكان ذلك إجماعاً على الاشتغال بنصب الخليفة عن دفن الميت، ولا يكون ذلك إلاّ إذا كان نصب الخليفة أوجب من دفن الميت. وأيضاً فإن الصحابة كلهم أجمعوا طوال أيام حياتهم على وجوب نصب الخليفة، ومع اختلافهم على الشخص الذي ينتخب خليفة فإنهم لم يختلفوا مطلقاً على إقامة خليفة، لا عند وفاة رسول الله، ولا عند وفاة أي خليفة من الخلفاء الراشدين، فكان إجماع الصحابة دليلاً صريحاً وقوياً على وجوب نصب الخليفة.



على أن إقامة الدين وتنفيذ أحكام الشرع في جميع شؤون الحياة الدنيا والأخرى فرض على المسلمين بالدليل القطعي الثبوت القطعي الدلالة، ولا يمكن أن يتم ذلك إلاّ بحاكم ذي سلطان. والقاعدة الشرعية (إن ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) فكان نصب الخليفة فرضاً من هذه الجهة أيضاً.



فهذه الأدلة صريحة بأن إقامة الحكم والسلطان على المسلمين منهم فرض، وصريحة بأن إقامة خليفة يتولى هو الحكم والسلطان فرض على المسلمين وذلك من أجل تنفيذ أحكام الشرع، لا مجرد حكم وسلطان. انظر قوله صلى الله عليه وسلم فيما روى مسلم عن طريق عوف بن مالك «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلّون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف، فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يداً من طاعة» . فهو صريح في الإخبار بالأئمة الأخيار والأئمة الأشرار، وصريح بتحريم منابذتهم بالسيف ما أقاموا الدين، لأن إقامة الصلاة كناية عن إقامة الدين والحكم به. فكون إقامة الخليفة ليقيم أحكام الإسلام، ويحمل دعوته فرضاً على المسلمين أمر لا شبهة في ثبوته في نصوص الشرع الصحيحة، فوق كونه فرضاً من جهة ما يحتمه الفرض الذي فرضه الله على المسلمين من إقامة حكم الإسلام وحماية بيضة المسلمين. إلاّ أن هذا الفرض هو فرض على الكفاية فإن أقامه بعضهم فقد وجد الفرض وسقط عن الباقين هذا الفرض، وإن لم يستطع أن يقيمه بعضهم ولو قاموا بالأعمال التي تقيمه فإنه يبقى فرضاً على جميع المسلمين، ولا يسقط الفرض عن أي مسلم ما دام المسلمون بغير خليفة.



والقعود عن إقامة خليفة للمسلمين معصية من أكبر المعاصي لأنها قعود عن القيام بفرض من أهم فروض الإسلام، ويتوقف عليه إقامة أحكام الدين، بل يتوقف عليه وجود الإسلام في معترك الحياة. فالمسلمون جميعاً آثمون إثماً كبيراً في قعودهم عن إقامة خليفة للمسلمين. فإن أجمعوا على هذا القعود كان الإثم على كل فرد منهم في جميع أقطار المعمورة. وإن قام بعض المسلمين بالعمل لإقامة خليفة ولم يقم بعضهم الآخر فإن الإثم يسقط عن الذين قاموا يعملون لإقامة الخليفة ويبقى الفرض عليهم حتى يقوم الخليفة. لأن الاشتغال بإقامة الفرض يسقط الإثم على تأخير إقامته عن وقته وعلى عدم القيام به، لتلبسه بالقيام به، ولاستكراهه بما يقهره عن إنجاز القيام به. أما الذين لم يتلبسوا بالعمل لإقامة الفرض فإن الإثم بعد ثلاثة أيام من ذهاب الخليفة إلى يوم نصب الخليفة يبقى عليهم، لأن الله قد أوجب عليهم فرضاً ولم يقوموا به ولم يتلبسوا بالأعمال التي من شأنها أن تقيمه، ولذلك استحقوا الإثم فاستحقوا عذاب الله وخزيه في الدنيا والآخرة. واستحقاقهم الإثم على قعودهم عن إقامة خليفة أو عن الأعمال التي من شأنها أن تقيمه، ظاهر صريح في استحقاق المسلم العذاب على تركه أي فرض من الفروض التي فرضها الله عليه، لا سيما الفرض الذي به تنفذ الفروض، وتقام أحكام الدين، ويعلو أمر الإسلام، وتصبح كلمة الله هي العليا في بلاد الإسلام، وفي سائر أنحاء العالم.


Go to the top of the page
 
+Quote Post



Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 25th April 2024 - 07:49 PM