بسم الله الرحمن الرحيم


التغيير معادلة كونية

افهموها ولا تعاكسوها





المعادلة الكونية للتغيير هي: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ وهنا نسأل المؤمنين بهذه المعادلة، ما الذي يجب علينا أن نغيره في أنفسنا وكيف؟! سيما وأن النفس مستودع لكل جزئيات حياة اﻹنسان وخبراته ومعلوماته ومشاعره وأفكاره، بل هي مستودع لكل بذور الخير والشر فينا.



وإذا أمعنا النظر في هذه المعادلة فإننا نجدها تتحدث عن تغيير واقع قوم ما وحالهم، إن الله ﻻ يغير ما "بقوم" وليس للقوم نفس واحدة بل مجموعة أنفس ولذلك كانت المعادلة دقيقة بقولها حتى يغيروا ما "بأنفسهم"، أي نفس كل أفراد ذلك القوم، وهنا نستشعر صعوبة التغيير ما دام المطلوب من كل القوم أو أغلبهم أن يتغيروا لاتجاه معين لتتحقق فيهم معادلة التغيير في ذلك الاتجاه.



ثم تبرز إشكالية التغيير ذاتها، فمن الذي يطلب من القوم أن يغيّروا أحوالهم؟! وما الدافع والحاجة للتغيير؟! وهل تتولد الحاجة ذاتياً وتلقائياً لدى القوم كما تتولد حاجتهم ذاتيا للطعام والشراب؟! أم أن هناك مؤثرات خارجية توقظ في النفوس تلك الحاجة للتغيير؟! وإذا ما كان القوم يعيشون حياة أقرب إلى المثالية التي تستوجب عليهم المحافظة على نسقها، فكيف يحدث أن يتغير هذا القوم فيتراجع نسق حياتهم إلى ما دون المستوى المثالي بكثير؟



تبقى اﻹشارة ضرورية لبداهة أن المعادلة ﻻ تنطبق إﻻ على واقع اﻹنسان دون غيره من المخلوقات الحية، لمعرفة مدى أهمية العقل في اﻹنسان للحياة، ومدى الخطر الذي يمكن أن يلحق باﻹنسان إذا ما سار في حياته كباقي المخلوقات بلا عقل يميز له بين اﻷشياء واﻷفعال، أو أنه استخدم هذا العقل بطريقة خاطئة فانحرف به.



أرى وأنا أكتب هذه الخاطرة أنّ عملية التغيير وفقاً لتلك المعادلة ما هي إﻻ معركة دائمة ﻻ تنتهي أحداثها، تجري في كيان الفرد منا، بين المعقول واللامعقول من اﻷفكار ونحن نتحرك في حياتنا، بين الخوف والرجاء وبين اﻹقدام وعدم الخوف إﻻ ممن يستحق أن نخشاه، معركة بين أن أنصر الحق وأخذل الباطل وفي كل اﻷحوال.



ويبقى السؤال قائماً للمؤمنين بهذه المعادلة، ما الذي يجب علينا أن نغيره في أنفسنا وكيف؟! ولماذا؟!



تذوّق هذه ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الرؤوف بني عطا (أبو حذيفة)