عن عبد الله بن عمر أنه سمع النبي e يقول: «الْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» راوه أحمد والبخاري، وورد في الحديث المتفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إن رسول الله e لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: «فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». وقد بلغ سيدنا عمر بن الخطاب أن عامله على حمص عمير بن سعد قال وهو على منبر حمص: "لا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان. وليس شدة السلطان قتلاً بالسيف أو ضرباً بالسوط ولكن قضاءً بالحق وأخذاً بالعدل" فقال عمر فيه: "وددت لو أن لي رجلاً مثل عمير بن سعد أستعين به على أعمال المسلمين".

ثار الأهل في السودان ضد حكومة الإنقاذ لأنها لم تحسن رعايتهم فلم تستطع أن توفر لهم دقيق الخبز والوقود والنقود وغلّت عليهم الأسعار بل وأخذت كرائم أموالهم وولغت في المال الحرام فكان القطط السمان والفساد، وكان سلطانهم ضعيفاً ليس له هيبة لأنه لا يقضي بالحق ولا يأخذ بالعدل، فنهبت ثروات البلد من بترول وذهب ومعادن، وصارت الدولة تعتمد في مصادر دخلها على أموال الناس؛ فقد ورد في قانون الحكم المحلي الضرائب والرسوم المحلية الواردة بالدستور وهي: "ضريبة القطعان، ضريبة العوائد، ضريبة الأطيان والأشجار المثمرة، ضريبة الملاهي، رسوم الرخص التجارية والصحة والمحلية، رسوم بيع الحيوانات، رسوم زرائب الهوامل، إيجارات ممتلكات تنظيم القرى، رسوم فرق التحسين، رسوم الكشف البيطري ورسوم الذبيح والسلخانات". بالإضافة للضرائب والرسوم الولائية وهي: "رسوم ترخيص العربات ورخص القيادة، ضريبة العقارات، ضريبة الدمغة الولائية، ضريبة الدخل الشخصي الولائي، ضريبة الإنتاج الزراعي والحيواني، رسوم النقل "البري"، رسوم تسجيل الأندية والجمعيات والروابط، عائدات بيع الأراضي الاستثمارية، رسوم الخطط الإسكانية وتخصيص الأراضي للأغراض السكنية والتجارية والزراعية والخدمية والصناعية والاستثمارية، الضرائب والقيمة المضافة"... وهناك أيضا موارد أخرى. وكذلك رسوم الحكومة القومية من ضرائب وجمارك ورسوم محاكم ورسوم المجال الجوي والبحري، بالإضافة لرسوم التعليم العام والعالي والرسوم المفروضة على القطاع الصحي وغيرها الكثير الكثير.

إن التغيير المنقوص الذي حصل في السودان طال بعض الوجوه ولكنه لم يصل إلى ما يريده الثوار من تغيير حقيقي جذري يصل إلى مكمن الظلم فيجتث هذه الأنظمة الظالمة من جذورها فيريح البلاد والعباد، لذلك كانت المعالجات التي طرحت خاطئة وقاصرة، فعندما ارتفعت أسعار اللحوم طلبوا من الناس مقاطعتها دون أن يبحثوا عن سبب الغلاء الحقيقي، فتكون المطالبة بإلغاء الرسوم والضرائب التي أدت إلى هذا الغلاء، وعندما اجتاحت السيول البلاد وتحولت الطرقات إلى برك وأنهار طلبوا من الشباب فتح المجاري دون أن يطالبوا الراعي المسؤول عن رعيته ليقوم بواجبه.

أيها الأهل في السودان: لن تتغير حياة الضنك التي تعيشونها إلا بتغيير هذا النظام العلماني بقوانينه ودستوره وأجهزته ورموزه تغييراً جذرياً وإقامة نظام الخلافة مكانه ليعود العدل فيشتد السلطان الذي يقوم بواجب رعايتهم ولا يعتدي على حرماتكم. يقول الرسول e: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا». إن دولة الخلافة التي تطبق الإسلام هي التغيير الحقيقي في حياتكم؛ فبالخلافة يحل الحلال ويحرم الحرام فترتقون إلى حياة كريمة في طاعة الله فينعم عليكم الله سبحانه وتعالى ببركات من السماوات والأرض، ولمثل هذا فليعمل العاملون.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
النذير محمد حسين
عضو مجلس الولاية لحزب التحرير في ولاية السودان