الثلاثاء, 05 تشرين2/نوفمبر 2019 23:44
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أيها المسلمون: انبذوا العلمانية وأقيموا دولة الخلافة التي تطبق الإسلام

 

 

احتار الناس حول العالم بعد أن خرجوا في ثورات حاشدة انتهت النهاية نفسها؛ إذ خرج النظام الساقط من الباب ليعود من الشباك! والمتابع يتساءل لماذا لم تنجح الثورات في تحقيق التغيير المنشود والخروج من واقع الناس الفاسد؟ وطالما لم تحقق الثورة بشكلها الحالي أي تغيير ملموس فما هو إذاً التغيير الحقيقي الذي يجب أن يسعى الناس إليه ليجلب تغييراً مختلفاً تماماً وأن تنجح نجاحاً ملموساً؟ وهل فعلاً الطريق للتغيير يكون عبر الخروج إلى الشارع والثورة بشكلها الحالي؟ وماذا عليهم أن يفعلوا ليخرجوا من المأزق الجديد الذي وقعوا فيه؟ وكيف نجح قادة الحراك الذين وثق فيهم الناس بأن ينهوا الثورة بتحقيق مصالحهم هم وليس مصالح الناس وأهداف الثورة ومطالبها؟ وبعد أن سُرقت الثورات الواحدة تلو الأخرى في عدة بلاد وتم الالتفاف عليها ليرجع الظلم والطاغوت ليكمل في طريق النظام القديم نفسه ويحكم بالنظام العلماني الرأسمالي الغربي نفسه الذي ثار عليه الناس وطالبوا بإسقاطه، كما حصل في عدة بلاد ومنها السودان مؤخراً حيث استفاق الناس من غفلتهم ليكتشفوا زيف "الدولة المدنية" التي نادى بها "تجمع المهنيين" عندما استغل التظاهرات العفوية العارمة التي خرجت في كانون الأول/ديسمبر 2018 ودفع ثمنها أبناء المسلمين بدمائهم ليركب موجة قيادة الثورة التي انتهت باتفاق خياني مع المجلس العسكري الذي قتل الناس وبطش بهم أمام أعين التجمع الذي وقَع على فض اعتصام القيادة الدموي في يوم 29 من شهر رمضان المبارك والمفاوضات مع المجلس العسكري كانت مستمرة فوق جثث الشهداء، لم يبذل أي مجهود حقيقي حتى اللحظة في البحث عن المفقودين أو معاقبة جميع الجناة، ونتيجة المؤامرات الخبيثة ظهرت قوى الحرية والتغيير (قحت) وكُونت الحكومة الانتقالية بتدخل الغرب الكافر المستعمر أمريكا من خلال النظام الإثيوبي العميل (طرف المجلس العسكري) من جهة وبريطانيا (طرف قحت) من جهة أخرى. فاللاعب الأساسي هو أمريكا والمتحكم هو أمريكا والفائز هو أمريكا، ومنذ بداية الثورة في السودان كان تدخل سفير أمريكا ومبعوثيها لتوجيه خط سير الأحداث كما يحلو للدولة الرأسمالية العلمانية الكافرة التي خططت لإنهاء العلمانية الملتحية في السودان لتحل محلها العلمانية السافرة. وما هي إلا أشهر قليلة حتى ظهرت الحكومة الانتقالية على حقيقتها العلمانية البشعة وتولت (قحت) برئاسة حمدوك ووزرائه، وأغلبيتهم من النساء، تولوا بالكامل القيام بالمهام المنوطة بهم وتنفيذ الإملاءات الغربية التي لطالما شكلت ولا زالت أساسيات النظام العميل للغرب وسياساته العلمانية في الحكم والدستور والقوانين، في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، وفي الرعاية الصحية، في الجيش وسياسة الدولة الداخلية والخارجية، ومن الحوار الوطني العلماني للنظام السابق وإلى الوثيقة الدستورية العلمانية الحالية، وكانت أبعد ما تكون عن الإسلام وعن رعاية شؤون الناس وتحسين حياتهم وعن مطالب الثورة أساساً. أخطأ الثوار خطأ فادحاً إذ انساقوا خلف قادة علمانيين يفصلون الدين عن الحياة وجاؤوا لمحاربة الإسلام عندما رفعوا شعارات غربية (حرية سلام وعدالة ودولة مدنية ومصلحة وطنية) أكدت أنهم أبناء الغرب الكافر المستعمر وإن كانوا من بني جلدتنا! فالشاهد أن لدول الغرب الكافر المستعمر يداً في كل ثورة سُرقت في بلاد المسلمين. فالغرب هو المستفيد الأول من إبقاء الشعوب المسلمة تحت سيطرته ونفوذه خدمة لمصالحه في المنطقة لنهب الثروات والتحكم في الاقتصاد والتجارة والأسواق العالمية وقوت الشعوب للسيطرة عليهم من خلال القروض الربوية لصندوق النقد الدولي والبنك المركزي والدولار، فلا تمر عمليات تجارية، أو عسكرية، أو انتخابات أو ثورات، أو سن دستور، أو بنود مفاوضات، أو اتفاقيات غربية - مثال اتفاقية "سيداو" التي صادق عليها حمدوك وسائر الاتفاقيات الغربية، أو غير ذلك في بلاد المسلمين، إلا وللغرب وسياسييه وسفاراته ومنظماته وشركاته الاستثمارية يد عابثة تضع العراقيل أمام التغيير الحقيقي لتصبح الثورة مغنماً جديداً للكافر المستعمر الغربي استغلها لصالحه من خلال عبيد النظام الحاكم ليستمر مسلسل استعباد واستعمار بلاد المسلمين وليستمر تثبيت عقيدة الكفر؛ العلمانية وفصل الدين عن السياسة وعن حياة الناس حتى يظل النظام الغربي الرأسمالي هو المتحكم وهو المطبق في حرب شرسة على العقيدة الإسلامية وعلى النظام الإسلامي لتغييب الحكم بما أنزل الله. والمشكلة في الإعلام بأشكاله المختلفة الذي يروج لتدخل الغرب الكافر المستعمر في شؤون المسلمين ويلمع عملاء الغرب الكافر المستعمر في الحكم ويظهر أن جميع الثوار منبهرون بثناء الغرب (المتقدم المتطور والذي ينادي بالحريات وحقوق الإنسان وكلها دعوات مزيفة، فالرأسمالية قد أثبتت فشلها في عقر دارها وما عليك إلا أن تبحث على الإنترنت عن المصائب المتعلقة ببلاد الغرب والإنسان الغربي عامة والمرأة الغربية خاصة)، بثنائه على الثورة، وبوعيده الكاذب وتهديداته المزيفة للنظام الحاكم الظالم - الذي نصبه هو ووضعه في الحكم - والذي يعلنه عادة في بداية الثورات، بعدم التعرض للأبرياء العُزل المظلومين الذين خرجوا في تمثيلية محبوكة وُزعت فيها أدوار الممثلين بدقة، وأفخاخ تُنصب وتضليل وتوجيه للحراك في اتجاه معين يخدم مصالح الغرب، بينما أمريكا هي من تعطي الأوامر للجيش بقتل المتظاهرين وكعادتها تطلق قبل تنفيذ المجازر تحذيراتها لـ"رعاياها" وإخراجهم من المنطقة التي يُراد تدميرها! كما حصل في مصر في مجزرة ميدان رابعة وفي السودان في المجازر المتكررة في شوارع القيادة العامة بالخرطوم... فقيادة الثورة سلاح ذو حدين فالقيادي والسياسي والإعلامي العلماني لا تردعه مخافة وتقوى الله رب العالمين بل يسعى لتحقيق رغباته وأهوائه، ولتحقيق مصلحته يصبح مجرماً وسفاحاً يتسبب في قتل الأبرياء الذين جلس معهم في ميادين الثورة واستمعوا له وتعاطف مع قضاياهم وأظهر كرهه لعدوهم وأوحى لهم بأنه في صفهم لكنه في الوقت نفسه هو الذي خطط للالتفاف حول مطالب الثورة وتضليل الحشود في الشوارع ونفذ مؤامرة خطيرة خبيثة ليسحب السجاد من تحت أقدام المتظاهرين لينصب نفسه قائداً وهمياً وبطلاً مزيفاً وليستغل دماءهم وتضحياتهم بفلذات أكبادهم ليصل للحكم والسلطة وتتبدل مواقفه فوراً عندما يستلم السلطة لتصبح مطالب الثورات ودماء الشهداء بعد ذلك في مهب الريح! إذاً السؤال الأهم هنا هو: "كيف يختار الشعب من يمثله في قيادة ثورته؟ وما هي نوع القيادة الصحيحة التي تضمن للناس تحقيق مطالبهم وإيجاد التغيير الحقيقي وأن يكون تغييراً جذرياُ ملموساً ومختلفاً؟" وللإجابة على السؤال يجب على من أرادوا التغيير أن يحصلوا على أكبر قدر من العلم والوعي الفكري السياسي ليفهموا حقيقة الصراع في هذه الدنيا وأن يقرأوا الأحداث السياسية بشفافية وموضوعية وأن لا يبتعدوا عن دينهم بأن يجعلوا العقيدة الإسلامية هي مقياسهم، فالإنسان مخلوق لخالق عظيم وهو مأمور بأن يتبع منهج رب العالمين وأن يسير على درب رسول الله الصادق الأمين e، فشهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله هي قاعدته الفكرية في هذه الحياة ومعناها أنه مأمور بأن يعيش وفقاً للأحكام الشرعية التي تنظم حياته كفرد وجزء من جماعة بل وجزء من أمة وجزء من البشرية، وأنه محكوم بالرأي العام في مجتمعه ومحكوم من قِبل الحاكم ويعيش في دولة تحكمه سلطتها وعليها أن ترعى شؤونه بالدستور والقوانين وأن تنظم علاقاته في مناحي الحياة. إذاً على الثائر - وفي بلد مثل السودان 98% من أهله مسلمون - أن يبحث عن منهج رب العالمين وعن طريقة قائدنا العظيم سيدنا محمد e للتغيير على حال الأفراد وعلى أوضاع الجماعة وعلى واقع الدولة، وهكذا يسير على الدرب باستنارة لا يخدعه علماني ولا شيوعي ولا "متأسلم"، ولا يضلله إعلام فاسد، ولا يسحب السجاد من تحته عميل للأعداء أهل الكفر! فالصراع صراع بين الحق وبين الباطل ولن يحمل الكافر أو المرتزِق أو العميل المأجور همّ الناس بل من يحمل الأمانة هو المؤمن الذي فهم دوره في هذه الحياة الدنيا والذي تشتاق روحه إلى رضا رب العالمين وجنة الفردوس ويفيض قلبه بحب سيدنا محمد e. بالتالي القيادة التي يبحث عنها حراك الشارع هي قيادة فكرية لا تقوم على المصالح المادية وحب السلطة ونهب الأموال والتضليل والخداع، والثورة هي ثورة فكرية تجمع بين العقول والقلوب والأرواح لهدف عظيم ولتغيير من نوع آخر... نظام حكم مختلف أساسه العقيدة الإسلامية يعيد الناس إلى الحكم بما أنزل الله... وفي السودان قادة الثورة لم يفوضهم الشعب الذي خرج ضد الظلم ولم يخرج ضد الإسلام.. هؤلاء العملاء دُربوا وصُقلت شخصياتهم صقلاً علمانيا رأسماليا شيطانياً ليصبحوا خط الهجوم الأول في الحرب على الإسلام إذ تحولت مطالب الثورات على أيديهم إلى دعوات لتطبيق العلمانية المنحلة. هؤلاء "الناطقون الرسميون" اختارهم النظام العميل للغرب ليتحدثوا بالنيابة عن الشارع في المنابر الإعلامية مناديب عن الأطراف الغربية، الأمريكية من جهة والأوروبية من جهة أخرى، قادة ليسوا من جنس الشعب، ينفذون أجندات علمانية منحلة، يدعون لكل ما هو حرام في شرع رب العالمين ويتسولون إملاءات أسيادهم في الغرب، فترى الحكام ووزراءهم ونظراءهم من جميع البلاد يسافرون إلى أمريكا استجداءً للقروض الربوية وللصفقات الاستثمارية الرأسمالية وطلباً للمعونات والرفع عن قائمة الإرهاب إرضاءً للكفار ولعملائهم في المنطقة متجاهلين تماماً السبب الحقيقي لخروج الناس المظلومين إلى الشوارع وكسرهم لحواجز الصمت والخوف (السودان نموذجاً)، طلباً للعيش الكريم ورفع الظلم، فلم يخرج المسلمون يوماً ضد الإسلام بل خرجوا دائماً ضد الظلم وضد حكم الطواغيت. إن الباحثين عن الحل وعن المخرج وعن التغيير يحملون الإجابة في عقولهم وقلوبهم ولكنهم ربما لا يعلمون بأنهم أقوياء بالحق وأن ذلك الحق هو بالمطالبة بتطبيق الإسلام بدون خجل أو خوف، فالسيادة للشرع وقد جعل الله تعالى يد المسلمين هي اليد العليا الضاربة، وبلادهم يجب أن تكون دولة واحدة وأن سلطان الأمة هو القول الفصل في اختيار من يحكمها، خليفة واحد يرفع أمر الخلاف ويرد كيد أعداء الإسلام فهل يدركون ذلك؟ إن المسلمين يحتاجون لقادة يحملون مشروعاً لإنجاح ثوراتهم ويحتاجون لمن ينير لهم طريق التغيير الحقيقي وأن يأخذ بيدهم ليخرجهم من ظلمات أهل الكفر والمصالح، أذناب الغرب الكافر المستعمر، إلى نور العقيدة الإسلامية وطمأنينة الحكم بما أنزل الله في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فالمعادلة الآن هي الحق ضد الباطل والكفر ضد الإسلام، والحل ببساطة في الإسلام وفي الإيمان وفي الإخلاص لله رب العالمين وفي السير على خطا سيدنا رسول الله e في التغيير لتنجح ثورات المسلمين نجاحاً كاملاً فتجلب لهم تغييراً انقلابياً جذرياً بإقامة نظام الحكم في الإسلام؛ دولة الخلافة الراشدة وتطبيق الإسلام عملياً وأن ينبذ المسلمون كل المفاهيم التي تعمل ضد تطبيق الإسلام؛ المفاهيم العلمانية والرأسمالية والديمقراطية والليبرالية والشيوعية والجمهورية والوطنيات والقوميات... فيقطعوا دابر سيطرة المفاهيم العلمانية والثقافة الغربية النتنة التي غزت العقول وأبعدتهم عن العيش على أساس العقيدة الإسلامية والحياة الإسلامية لينتقلوا إلى حقبة زمنية أخرى، مشرقة مُشرِفة في تاريخ البشرية بدون قيود التبعية للغرب والاستعباد. فالصفات التي يجب أن يبحث عنه الناس هي صفات كصفات صحابة رسول الله e، يجب أن يبحثوا وأن يفوضوا قادة ينضمون إليهم لم تتلوث أيديهم بالمشاركة في نظام الحكم العلماني السافر ولا في الحكم العلماني بثوب إسلامي ولم يوقعوا أو يشاركوا في اتفاقيات خيانية كانت سبباً في زهق أرواح الناس أو سرقة أموالهم أو قسمت أراضيهم ومزقت وحدتهم، قادة لا يرضى عنهم الغرب الكافر المستعمر، ولم يكونوا يوماً أداة لتنفيذ مخططاته في بلاد المسلمين جميعها، ولم يمولهم وليست لهم علاقات معه إلا علاقات العداء والبغض للكفار، قادة لم يحللوا ارتكاب المحرمات، ومواقفهم مواقف مشرفة ومعروفة ضد الظلم وضد الطواغيت وتجاه قضايا أمتهم، قادة لم يسكتوا طوال فترة حكم الطواغيت وفترة الاستعمار الغربي، قادة ثابتون على مبدأ الإسلام ثبات المؤمنين الذين ذُكروا في القرآن الكريم والسنة الشريفة وضحوا بأنفسهم وأموالهم وأوقاتهم في سبيل إعلاء كلمة الإسلام وطمس كلمة الكفر بنبذ العلمانية وقادتها وأحزابها ومنظماتها... فالحل في البحث عن القائد الرائد الذي لا يكذب أهله بحمله للإسلام مبدأ بعقيدته وأنظمته ودولته وتاريخه ومستقبله؛ هذا هو التغيير الحقيقي الذي لن يخيب الآمال والذي سينهض بالأجيال.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير غادة محمد حمدي – ولاية السودان

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/63500.html?fbclid=IwAR1r2nJKmMGCpD0xCIpgpEHsVK7U2-rKsIkz7tQagMTLs8rVixu2FWM2bxk

 
السبت, 25 آذار/مارس 2017 21:36
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

العقل ليس هو الدماغ كما يتوهم البعض



فالعقل طريقة تحصل في جسم الإنسان يتم بها إدارك ما حوله، وعملية العقل مرادفة لعملية الإدراك والتفكير فكلها بنفس المعنى، فمعنى عَقِلَ وأدرك وفكر بنفس المعنى.
وحتى تحصل عملية التفكير أو الإدراك أو العقل لا بد لها من شروط:

1- أن يكون الدماغ عند الإنسان سليما، فالدماغ مكان تخزين المعلومات وأداة الربط بينها كما ثبت علميا لحد الآن، فمن كان دماغه به شيء لا يستطيع التفكير بشكل سليم، وقلنا الإنسان لأنه الدماغ الوحيد الذي لديه قدرة على التفكير من بين جميع المخلوقات الحية التي نراها ونعرفها.

2- واقع يفكر به الإنسان، والواقع قد يكون بصريا مثل رؤية حيوان أو جماد، أو سمعيا مثل كلام نسمعه، أو واقع يدرك عن طرق حاسة الشم مثل الروائح، أو واقع يدرك عن طريق حاسة الذوق مثل تذوق الطعام، أو واقع يدرك عن طريق اللمس مثل معرفة الخشن من الناعم، وغير ذلك لا يمكن للعقل التفكير فيه لأن الإنسان لا يصل إليه بحواسه، فمن فكر في ذات الله أو الملائكة أو الجن فان تفكيره مجرد خيالات وخرافات لان حواسه لا تقع على هذه الأمور، ويكتفي المسلم بما ورد عن هذه الأمور يكتفي بنصوص القران والسنة ولا مكان لعقله هنا.

3- الحواس الخمسة التي تكلمنا عنها هي الطريق الوحيد للتفكير، فمن عدم حاسة معينة يصبح عنده خلل معين في التفكير، وأصعب حاستين يفقدهما الإنسان هما حاسة (البصر والسمع) فعن طريقها يحصل اغلب التفكير.

4- معلومات سابقة مخزنة في عقل الإنسان، فمن لا يملك معلومات عن اللغة الفرنسية مثلا لا يمكنه قراءة كتاب باللغة الفرنسية ولا يمكنه تفسير أي كلمة، على عكس إنسان يملك أسس اللغة الفرنسية فانه يمكنه تفسير ما كتب في الكتاب، والمعلومات السابقة يحصلها الإنسان عن طريق والديه عندما يكون صغيرا وعن طريق البيئة المحيطة به وعن طريق المدرسة حتى يتكون لديه كم هائل من المعلومات تعينه على عميلة التفكير عندما يكبر، فلو تم حبس إنسان في غرفة عشرين سنة مع تقديم الطعام والشراب له، فانه بعد عشرين سنة سيكون كالحيوان (أجلكم الله) لا يعرف شيئا، لان رصيد المعلومات السابقة لديه شبه معدوم، مع أن دماغه وحواسه سليمة، إلا انه لن يفقه شيئا لان لا معلومات سابقة لديه.

وأول معلومات سابقة ملكها الإنسان كانت من الله تعالى لسيدنا ادم عليه السلام، وهو ورثها للبشرية من بعده وحتى يومنا هذا، وكل ما استجد من معلومات إلى يومنا هذا فإنه مبني على نفس الأسس التي أعطيت لسيدنا آدم عليه السلام، وهذا يضرب فكرة الإلحاد التي لا تؤمن بوجود إله، قال تعالى: { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=5224&hl=

 
الخميس, 09 آذار/مارس 2017 21:58
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف يجب أن يكون المعلم في الإسلام؟!

 

نتج عن غزو الكفار الفكري لديار المسلمين أن تهدَّمت الأخلاق الإسلامية، وعمَّ الانحلال الأخلاقي باسم الحرية والديمقراطية وغير ذلك من الأسماء الرنانة التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وهدفها إفساد الشباب وتوجيه وهدر طاقاته فيما لا ينفع. لذلك فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل فرد مسلم، كل حسب دوره وعمله واستطاعته ليساهم في نهضة أمته لترتفع إلى العلوّ وإلى قيادة العالم كما كانت. ومن أهم هذه الأدوار دور المعلّم، وريث دعوة الأنبياء، المربّي، وصانع جيل المستقبل، وصاحب التأثير الكبير في حياتنا وحياة أبنائنا وتوجهاتهم وسلوكهم وحتى ميولهم وتطلعاتهم، وحامل الأمانة العظيمة والتي إن حملها بما يرضي الله تعالى كانت له نوراً وإلا، كانت له ناراً، فما أشرفها من رسالة وما أعظمه من دور! أوليس رسولنا e هو المعلم الأول؟ يقول الله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 151] ويعظّم الغزالي مهنة التعليم فيقول "من عَلِمَ وعَلَّمَ فهو الذي يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات"... هذا الدور الذي عمل أعداء الإسلام بوسائل عديدة وخبيثة على سلبه منه لأهميته وتأثيره على أجيال كاملة في بناء شخصياتهم وميولهم على أساس العقيدة الإسلامية، ولإفراغ هذا الجيل وجعله مائعاً مسخاً كارها لتاريخ أمته، ظانًّا أن الإسلام سبب تخلف الأمة وضعفها وذلّها...

 

فيا أيها المعلم، هل سألت نفسك يوماً لِمَ أصبحت معلماً؟ لم اخترت هذا الطريق لحياتك؟ فمعرفة هذا بصدق وصراحة يحدد لك صفاتك وأسلوب تعاملك ونهجك في هذا الطريق. فلو نظرنا حولنا لوجدنا أطيافا من المعلمين:

 

فهذا معلّم ينظر للتعليم باعتباره الوظيفة الوحيدة المتاحة أمامه، لم يقصدها رغبةً ولا حرصًا، بل هي فقط مجرد وظيفة وسبب للتكسُّب والارتزاق، ولو كان يستطيع امتهان وظيفة أخرى غيرها تُحقّق له مكاسب أكبر أو مثلها دون تحمل مشاق التعليم لقصدها... ومعلم ثان يشكو دهره ويندب حظّه، بسبب أعباء التدريس المرهِقة وقلة الراتب مقارنة مع أقرانه الذين اختاروا أعمالاً أخرى غير التعليم... وثالث جلُّ همّه إكمال المقرَّرات والفراغ من تدريسها، ولا يربطها بالواقع والعقيدة والإيمان والأخلاق ويعمّقهم في طلابه وسلوكياتهم ومفاهيمهم، ولا يلتفت إلى ما يجري خارج قاعة الدرس رغم ما يراه من فساد دون أن يفكر حتى بإنكاره أمام طلابه، فهو فعليا منفصلٌ تماماً عن واقع طلابه ومجتمعه وأمته... ورابع وخامس وسادس من الصور السلبية التي تزدحم بها حياتنا التعليمية والتي كان لها الأثر السيئ والعميق في مؤسَّسات المجتمع المتنوعة. فأيّ تفوّق وإبداع وأي إخلاص يُرجى ممّن هذه هي حالهم وتطلعاتهم!!

 

إذن، ما هي صفات المعلم الذي يستحق أن ينطبق عليه حديث رسول الله e «إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَواتِ والأرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في حِجْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ على مُعَلِمِي النَّاسِ الخَيْرَ» (رواه الترمذي)؟! ما هي صفات المعلم صاحب الرسالة التي تقارب رسالة الأنبياء ممن قال عنهم رسول الله e عن ابنِ مَسْعودِ رضيَ الله «لا حَسَدَ إلاَّ في اثنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاه اللهُ مَالاً فسَلَّطَهُ عَلى هَلَكتِهِ في الحَقَّ ورَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقضِي بِها ويُعَلِمُّها».

 

أول هذه الصفات هي تقوى الله والإخلاص له، فعلى المعلم أن يتحرّى بعلمه وإتقانه تعليمه وجه الله تعالى والدار الآخرة، وليس فقط الراتب والثناء من رؤسائه والشهرة والترقية وما شابه. عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله e«مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَة،ِ يَعْنِي رِيحَهَا». فعليه أن يقصد تعليم طلابه وتهذيبهم لما فيه خير الأمة والإسلام. يقول الإمام النووي "ويجب على الْمُعلِّم أن يقصد بتعليمه وجه الله لِما سبق، وألاَّ يجعله وسيلة إلى غرضٍ دنيوي، فيستحضر الْمُعلِّم في ذهنه كون التعليم آكد العبادات، ليكون ذلك حاثًا له على تصحيح النية، ومُحرِّضًا له على صيانته من مُكدِّراته ومن مكروهاته، مخافة فوات هذا الفضل العظيم والخير الجسيم". فبغياب الإخلاص والتقوى يحلّ الرياء والتكاسل والإهمال، فيخرج شباب ضحل الثقافة ضعيف العقيدة، غير واعين ولا مدركين قضايا أمتهم، مشكلين عبئا عليها بدل أن يكونوا مِعولا في بناء نهضتها. فمفهوم أن المعلم سيأخذ الراتب في نهاية الشهر سواء أخلص لله أم لم يخلص، لهي ضربة قاصمة في صميم التربية والتعليم، فأين الإخلاص؟ وأين الله وتقواه؟ وطبعا يجب على المعلم أن يكون متمكّنا من المادة العلمية التي يدرسها، حاذقا لأساليب توصيله العلم لطلابه.

 

ومن أهم صفات المعلم الصبر والحلم وطول البال، فعلى المعلم المربّي الذي يريد إخراج جيلٍ يتبع منهاج وعقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله أن يكون صبورا حليما حتى يستطيع التحمل، فخُلق الصَّبر والتحمُّل له الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بالصبر حتى في أعسر المواقف. وإن طول البال وسعة الصدر ضرورية ومهمة خصوصا كلما تذكر المعلم أن أجره محفوظ عند الله وأن هؤلاء النشء أمانة في عنقه. وعليه أن يدرك أن الطلاب لهم قدرات مختلفة وذوو أمزجة مختلفة، وذوو حاجات ومصالح ومشاكل وهموم مختلفة، فهو لهم معلم ومربٍّ وأب ينبغي أن يتَّسع قلبه لهم، ويرفق بهم ويرحمهم، ويعطف عليهم، ويصبر على معاناة تعليمهم وتوضيح الأفكار لهم بمختلف قدراتهم وحاجاتهم ونفسياتهم وعقولهم، فمنهم من يفهم العبارة والدرس من أول شرحٍ لها، ومنهم من يحتاج إلى إعادة وتكرار وشرح وتفصيل. ورسولنا e يقول: «إن الله لم يبعثنِ معنّتاً ولا متعنّتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً».

 

لكن نرى بعض المعلمين هداهم الله لا يملكون من الصبر والرحمة شيئاً، فمجرد أن يُغضبه الطالب أو لا يفهم أمرا أو يسأل عنه تراه يغضب ويثور بدل أن يحلم ويصبر ويتحمل. وقد يحصل أحياناً أن يتعرض لتصرفاتٍ أو كلامٍ به أذى من بعض الطلاب أو شيء من هذا القبيل فلا بد أيضا أن يتحمل ويصبر ويحتسب، ويمتص غضبهم واستفساراتهم وحتى ضجرهم أحيانا، ونذكر حين دخل معاوية بن الحكم رضي الله عنه في الصلاة مع الجماعة ولم يعلم أن الكلام قد حُرّم في الصلاة، فعطس أحد الصحابة فشمته، فنبهه بعض الصحابة بالإشارة فلم يفهم واستمر في كلامه، فلما انتهت الصلاة ناداه رسول الله ﷺ فأتى إليه خائفا، فقال له رسول الله e بكل لطف ولين: «أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتحميد وقراءة القرآن»، فقال معاوية معلقا على فعل رسول الله ﷺ: بأبي هو وأمي، ما رأيت أحسن تعليما ولا أرفق منه e. فهذا الصبر والرفق من رسول الله e القدوة والمعلّم وما يصدر عنه من أقوال وأفعال وتصرفات كلها تعليم.

 

وكذلك من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعلم الصدق والوفاء بالوعد فيما يدعو الله إليه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، فإذا وعد المعلم الطلاب بوعد معين فلا بد أن يفي بما وعد أو أن يعتذر لهم حتى يكون صادقاً أمامهم فيما يطلب منهم أن يفعلوا أو فيما يطلب منهم أن يتركوا ونحو ذلك. وكذلك عليه أن يكون متخلّقا بخلق التواضع، روى ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" عن عمر بن الخطاب t أنه قال: "تعلَّموا العلم، وعلِّموه للناس، وتعلَّموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلَّمتم منه، ولمن علَّمتموه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم جهلكم بعلمكم". وهو مُعلِّم ومتعلم في الوقت نفسه، فلا عجب ولا غرابة أن يستفيد الْمُعلِّم من طلابه في بعض مسائل العلم، بل أن يتراجع عن خطأٍ له وقع فيه، أو يقول لهم: "لا أدري"، و"الله أعلم" فيما خفي عليه ولم يعرفه، فهذا يجعله كبيراً في نفوسهم، ويتعلَّمون منه التواضع، وعدم الجرأة على الفتيا بغير علم.

 

نعلم أن الإسلام دين عدل ومساواة يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾، فليس في الإسلام طبقية، ولا يُكرم الغني لغناه ولا يُذَلُّ الفقير لفقره. والطلاب هم رعية والمسئول الأول عنها هو الْمُعلِّم عملاً بحديث رسول الله e«كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، فهم سواسية فلا يفاضل في معاملتهم حسب مكانة أهلهم أو حسبهم أو نسبهم أو مالهم... والعدل في المعاملة لم تكن تغيب عن علمائنا الأوائل، فتوارثوا توصية المعلم به، وتحذيره من خلافه. رُوي عن مجاهد بن جبر التابعي الكبير وتلميذ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: "معلم الصبيان إذ لم يعدل بينهم جاء يوم القيامة مع الظَّلَمة"، وقال ابن سحنون في "ما جاء في العدل بين الصبيان"، "وليجعلهم بالسواء في التعليم، الشريف والوضيع، وإلا كان خائنًا". وليس مثلما نرى في معاملة البعض اليوم لطلابهم يفرقون بين الطلاب، فيتجاوزون عن خطأ وفساد بعض الطلاب ممن أهلهم في موقع السلطة أو الغنى ويعطونهم حقا ليس لهم وعلى حساب غيرهم ممن يستحقونه. بينما في الإسلام حرص الخلفاء أن يعامل المعلمون أبناءهم كما يعاملون غيرهم، فها هو الخليفة هارون الرشيد في الوصية التي أرسلها إلى الكسائي مؤدب ابنه ومن ضمن ما جاء فيها: "... وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القوّاد إذا حضروا مجلسه، وقوِّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أبى فعليك بالشدة والغلظة".

 

إن المعلم الجادّ المخلص لا تقف مهمّته ودوره عند حدّ ما يُقدّمه في الصف، بل دوره الأهم هو قوة تأثيره في طلابه ومجتمعه، في قول الحق والوقوف معه، ولننظر في تاريخ معلمينا وعلمائنا وأئمتنا الذين حملوا العلم وعلّموه عقيدة وعلماً وعملاً ومنهجاً ودعوة، فها هو الإمام أحمد المعلم والذي ضرب أروع الأمثلة في الثبات على المبدأ والصبر أمام الفتن، لقد أوذي وسجن، وضرب وأهين، فلم تلِن له قناة، ولم يتزحزح عن حقٍ يراه ولو كلفه حياته، وهذه دروسٌ للعلماء والمعلمين والدعاة في كل زمانٍ ومكان. وها هي العالمة المعلّمة أم الدرداء الصغرى والتي كان يستدعيها عبد الملك بن مروان لتعلم نساءه، سمعته في مرة يلعن خادمه لأنه أبطأ عليه في أمر، فقالت له: سمعت أبا الدرداء يقول، سمعت رسول الله e يقول: «لا يكون اللّعانون شفعاء ولا شهداء، يوم القيامة»، قالت ذلك له ولم تخش في الحق لومة لائم ولم يمنعها كونه الخليفة من قول الحق، ولم تقل ليس لي علاقة بالأمر أو ليس هذا من شأني مثلما يفعل عدد من علماء ومعلمي هذا الزمان، ولم تقف موقف المتفرج غير العامِل مثل المعلمين الذين يقفون موقفا سلبيا مما يرونه الآن من تغريب في سياسة التعليم وتغيير في المناهج، فحتى لو كانوا لا يستطيعون التغيير في نُظم التعليم والمناهج - تلك السموم التي يضعونها لأبنائنا وبناتنا بين طيات الكتب ودفّاته - إلا أنَّ ذلك لا يعفيهم من واجبهم في إنكارها وتخفيف أضرارها بإعطاء الفكرة الصحيحة التي تنقضها من أساسها فهذا واجبهم كمربين مسلمين، خاصة ونحن نعيش النظام الرأسمالي بكل ما يحمله من مفاهيم بعيدة عن أحكام الإسلام عاملين فيه على هدم العقيدة الإسلامية ونشر الفساد والعلمانية والحريات والديمقراطية وغيرها من المفاهيم الرأسمالية العفنة في نفوس أبنائنا، فيجب عليهم إظهار هذا الفساد ومحاربة تلك الأفكار وتبيان زيفها وخطرها. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العلم بالخشية". فعليهم تعليمهم أسلوب التفكير الإسلامي الصحيح وعدم الرضا بما لا يُرضي الشرع، والصدع بالحق وعدم المداهنة والنفاق فيه... أن يزرعوا في نفوسهم أن الأجل والرزق بيد الله وحده فلا يخافون في الله لومة لائم، ولا يتعلمون الخوف والجبن...

 

ولكن للأسف وفي ظل الأنظمة الفاسدة التي تتحكم بالتعليم وبالمعلمين فإنها تحرص يوما بعد يوم على تعيين معلمين علمانيّي الفكر، يعتبرون الحضارة الغربية ومفاهيمها مثلهم الأعلى، وأن المنفعة والمصلحة أساس العلاقات، فتراهم مخلصين لتلك السياسة في التعليم والمناهج ويعطونها كما يريد واضعوها، بل ومن المعلمين من يكون على رأي القائلين ملكيا أكثر من الملكيين ويجاهد في إدخال هذه الأفكار في عقول طلبته بكل الطرق والوسائل في ذلك وكأنه سيأخذ نيشاناً منهم على إخلاصه في ذلك، ناسياً أو متناسياً خطورة هذا الأمر وعقابه عند رب العباد، حيث إنه لم يكتفِ بعدم إظهار ذلك الفساد بل وأيضاً يشجع عليه بتشجيعه تلك المناهج والأفكار المسمومة... ولا يقوم بدوره الحقيقي في الصدع بالحق.

 

وإن من أهم الأدوار التي يقوم بها الْمُعلِّم هو بناء شخصيات طلابه، أولئك الذين ينظرون إليه على أنه مثلهم الأعلى... ولهذا على المعلم أن يكون قدوة صالحة لطلابه، فإن القدوة الصالحة تُعتبر من أنجح الوسائل المؤثّرة في تكوين شخصية المتعلّم... قدوة في جوهره ومظهره، في شخصيته وقوة تأثيره، في أخلاقه وأدبه، فها هي أم الإمام مالك توصي ابنها بأن يطلب الأدب من معلمه قبل أن يأخذ العلم منه لما للأدب من أهمية على طالب العلم في سلوكه مع نفسه ومع ربه ومع الناس... فإنه لما طلب العلم وذكر لأمه أنه يريد أن يذهب فيكتب العلم، ألبسته أحسن الثياب، وعمَّمَته، ثم قالت: اذهب فاكتب الآن. وقال رحمه الله: كانت أمي تعمّمني وتقول لي "اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه". فالمعلم الذي يتحدّث لطلابه عن أضرار التدخين مثلا، والسيجارة في يده!.. أو الذي يحثّ طلابه على الصدق والالتزام بالمواعيد وأهمية الوفاء بها، ثم يكذب أو يحضر إلى الصف متأخرًا، أو يعد بما لا ينفّذ، أو يسكت ويجبن وينافق في موقف يتطلب الجرأة في الحق، فإنه يمحو بتصرف واحد عشرات الأقوال التي يصبُّها في آذانهم...

 

إذن، المعـلم ليس خازنا للعلم يغترف منه التلاميذ المعارف والمعلومات، ولكنه نموذج وقدوة... والقدوة عامل مهم في صلاح المتعلم أو فساده، فإن كان المربي صادقاً أمينًا كريماً شجاعًا عفيفاً يتَّسم بالخُلق الصالح نشأ المتعلّم على الصدق والأمانة والخُلق والكرم والشجاعة والعفة... وإن كان المربِّي كاذباً خائناً منافقاً جباناً نذلاً، نشأ المتعلّم على هذه الصفات والأخلاق. فمقام المعلم وموقعه ودوره جدُّ خطير، فلينظر كل معلم كم يُصلح من الناس وكم يُفسد! كم يؤثر إيجاباً وكم يؤثر سلباً! فالتعليم بالقدوة أعظم تأثيراً وأقوى حُجة من الكلام النظريّ المجرد، فكيف إذا كان الفعل يُخالف القول والسلوك يعاكس التوجيه؟!... وقد نعى القرآن الكريم على بني إسرائيل ذلك في قوله: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 44].

 

نخلص من هذا أن للمعلم دوراً ومكانة عالية مهمّة... ولا يجب أن يكون بمعزلٍ عن الأمة والمجتمع، بل يجب أن يكون له كما قلنا سابقا تأثير، فهو عالم عامل، قارئ مجاهد، آمرٌ بالمعروف ناهٍ عن المنكر، صادع بالحق... وسأذكر هنا قصة عن امرأة عالمة معلمة لنرى منها قوة تأثير العالم المعلّم حتى على الحكام، يُحترم ويُهاب جانبه، وهي قصة للسيدة نفيسة بنت الحسن التي كان لها أثر علمي في فقه عالمين كبيرين من أئمة المسلمين، وهما الشافعي وأحمد بن حنبل، ففي أحد الأيام وهي في مصر حيث عاشت، حدث أن قبض أعوان أحد الأمراء على رجل من العامة ليعذبوه. فبينما هو سائر معهم، مرّ بدار السيدة نفيسة فصاح مستجيراً بها. فدعت له بالخلاص قائلة: "حجب الله عنك أبصار الظالمين". ولما وصلوا بالرجل بين يدي الأمير، قالوا له: إنه مرّ بالسيدة نفيسة فاستجار بها وسألها الدعاء فدعت له بخلاصه، فقال الأمير: "أوَبلغ من ظلمي هذا يا رب، إني تائب إليك وأستغفرك". وصرف الأمير الرجل، ثم جمع ماله وتصدق ببعضه على الفقراء والمساكين.

 

وقيل أنه لما ظلم أحمد بن طولون، استغاث الناس من ظلمه، وتوجهوا إلى السيدة نفيسة يشكونه إليها. فقالت لهم: متى يركب؟ قالوا: في غد. فكتبت رقعة ووقفت بها في طريقه، وقالت: يا أحمد بن طولون. فلما رآها عرفها فترجّل عن فرسه، وأخذ منها الرقعة وقرأ ما فيها: "ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخُوّلتم ففسقتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نفاذة غير مخطئة لا سيّما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوعتموها، وأجساد عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنَّا إلى الله متظلمون، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون"! يقول القرماني: فعدل من بعدها ابن طولون لوقته! فرفع المظالم عن الناس... وهذا ما يجب أن يعرفه الجميع، أن المعلم له تأثير ودور وهيبة ومكانة ضاعت مثلما ضاع الكثير عندما ضاعت هيبة الإسلام بعد هدم دولته، ولن تعود إلا بعودتها وعودة الإسلام عزيزا مُهابا كما كان، وما ذلك على الله بعزيز...

 

وأختم بهذه الوصية التي قالها علي رضي الله عنه لكميل بن زياد النخعي الذي قال: "أخذ علي بن أبي طالب بيدي فأخرجني إلى ناحية الجُبَّان، فلما أصحرنا - أي نزلنا إلى الصحراء - جلس ثم تنفس ثم قال يا كُميل بن زياد، القُلُوبُ أوعيةٌ؛ فَخَيْرُها أوْعاها، احْفَظْ ما أقولُ لَكَ، النَّاسُ ثلاثةٌ: فَعالِمٌ رَبَّانِيٌّ، ومُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجَاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ، أتْباعُ كلِّ ناعِقٍ، يَميلونَ مَع كُلِّ رِيحٍ، لَم يَسْتَضِيئوا بِنُور العَلمِ ولم يَلجَأوا إلى رُكنٍ وَثِـيقٍ. العِلمُ خَيرٌ من المالِ، العِلْمُ يَحْرُسُكَ وأنْتَ تَحرُسُ المالَ، العلمُ يَزُكو على العَمَلِ، والمال تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، العلمُ حَاكِمٌ، والمال مَحكُومُ عَلَيْه، وصَنيعَةُ المالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ، ومَحَبَّةُ العالم دِيْنٌ يُدانُ بها. مَاتَ خُزَّانُ الأَموالِ وَهمُ أَحْيَاءٌ، والعلماءُ بَاقُونَ مَا بَقِي الدَّهْرُ، أَعْيَانهم مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُم في القُلُوبِ مَوجُودَةٌ"...

 

اللهم أعزّنا بالإسلام وأعزّ الإسلام بنا...

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مسلمة الشامي (أم صهيب)

- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/cultural/42506.html#sthash.r4FPUE66.dpuf

 
الثلاثاء, 14 شباط/فبراير 2017 10:33
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

العقدة الكبرى والعقد الصغرى

 

الحلقة الثالثة عشرة

 

 

 ثالثاً: عقدة البعدية أو البعدينية

 

هذه العقدة مرتبطة بالسؤال الثالث من أسئلة العقدة الكبرى عند الإنسان: إلى أين؟ والتي يكون جوابها عن مصيره بعد الموت، وأنه عائد إلى الله تعالى ليسأله ويحاسبه عن أعماله في الدنيا، فعند الإنسان تعلق وارتباط وثيق بما بعد الحياة الدنيا، ارتباط بين دوافع السلوك لديه وبين الغاية، والغاية لا تنفصل عن الغاية الكبرى والبعيدة، بل إن الغاية القريبة إن لم ترتبط بالغاية البعيدة أي بما بعد الحياة الدنيا تصبح لا معنى لها ولا طعم، لأنه في كل مرة يحقق فيها الإنسان شيئاً، وينجز أمراً، ويشبع دافعاً، يثور لديه السؤال: وماذا بعد؟ أو بالعامية: وبعدين؟ فيفقد طعم الفوز والنجاح، ويفقد طعم الإشباع ويفقد طعم الحياة، ويقع بين براثن اليأس، لأنه ليس هذا الذي يريده، لإن مجرد الإشباع، ومجرد الإنجاز، ومجرد النجاح، ومجرد الفوز، ومجرد التحقيق لأي شيء لا يعني إلا الإشباع، ولا يعني إلا الإنجاز، ولا يعني إلا النجاح، ولا يعني إلا الفوز، ولا يعني إلا التحقيق للشيء، وينتهي طعمه والإحساس به حين انتهاء تأثيره، وانتقال الإنسان من حالة تأثير التحقيق لأي شيء مما سبق، إلى غيره، فإنه ينسى ذلك الطعم، ويفقده.

 

ولكن ما السبيل إلى المحافظة على طعم الإشباع والإنجاز والنجاح والفوز والتحقيق لما يريد؟

 

السبيل الوحيد هو في إجابة السؤال الثالث من أسئلة العقدة الكبرى: إلى أين؟ إجابةً عقلية صحيحة مقنعة.

 

والإجابة الصحيحة هي في الركن الخامس من أركان الإيمان، الإيمان باليوم الآخر، والعمل بمقتضى هذا الإيمان، فإن وجد هذا الإيمان، فهنا يصلح الإنذار: (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)، فمن يخفْ أن يحشرَ إلى ربه يوم القيامة يتخذ الله تعالى ولياً له، ويجعله شفيعاً له، يرج رحمته ويخش عذابه، فيمتثل أمره، ويُرجَ منه أن يكون تقياً، كما دل على ذلك آخر الآية المفيدة للترجي المتحقق: (لعلهم يتقون) أي أن التقوى هي ثمرة من ثمار الخوف من الحشر في اليوم الآخر، والتقوى امتثال أمرِ الله تعالى في الحياة الدنيا، واجتناب ما نهى عنه.

 

وأورد الله سبحانه وتعالى أمثالاً من الأمم السابقة وكيف عُذِّبَ المكذبون منهم في الدنيا، وذكره ليكون آيةً وعبرة لمن يخاف عذاب الآخرة، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ  ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ)، فمن يخاف عذاب الآخرة أولى وأجدرُ بالاعتبار وأخذ العظة من الأمم السابقة وما حاق بهم من عذاب أليم في الدنيا، وما ينتظرهم من عذاب شديد في الآخرة، فلا يقع في ما وقعوا فيه من المعصية للرسل والتكذيب لهم.

 

بهذا يهدأ سؤال: وماذا بعد؟ أي تحلُّ عقدة البعدية، فلا يتحوّلُ رضاه بعد تحقيق شيء إلى قلق واضطراب تثيرها تساؤلات: ماذا بعد؟ ولكن، كيف هذا؟

 

إن الإيمان باليوم الآخر وما فيه من أهوال وحشر وحساب، ثم الثواب والعقاب، يجعل الإنسان يجيب عن سؤال: لماذا؟ ليدرك أن هناك أوامرَ عليه التزامُها والقيامُ بها، وأن هناك نواهيَ عليه اجتنابها والابتعاد عنها، فإن فعل والتزم الأمر واجتنب النهي، استمر رضاه، ودامت طمأنينته، والسبب هو أنه قد ادّخر عملاً صالحاً يرتجي ثوابه يوم القيامة، ويكون قد أرضى ربه وخالقه، فيزداد طمأنينة ورضا، ويستمرّ رضاه ما دام يعمل عملاً صالحاً، وتمتد طمأنينته ما دام يجتنب ما نهى الله عنه. اسمع قول الله تعالى: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ  فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) من يسلمْ وجهَه لله وهو محسنٌ فإن له الأجر في الآخرة، وكذلك لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون لا في الدنيا والآخرة، وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ  وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ  وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)، ومثلها عشرات الآيات التي تعد بالأجر عند الله تعالى لمن آمن وعمل صالحاً، وأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

 

 

كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير

أبو محمد – خليفة محمد - الأردن

- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/women-s-section/articles/42071.html#sthash.AKwWsPns.dpuf

 
الثلاثاء, 14 شباط/فبراير 2017 10:16
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

العقدة الكبرى والعقد الصغرى الحلقة الثامنة عشرة  

    سادساً: عقدة الموت:

  يشكل الموت للإنسان تحدياً كبيراً وصارخاً، على اختلاف معتقداته ومفاهيمه عن الحياة، فكل إنسان يدرك أنه سيموت لا محالة.  

والموت في المنظور الضيق عند كثير من الناس هو نهاية الحياة الدنيا، وانقطاع أمله، وتوقف وجوده، ومحدودية استمتاعه ونيله من شهوات الدنيا.   ولكنه في المنظور الحقيقي بداية للحياة الحقيقية للإنسان، هذا ما يقتضيه حل العقدة الكبرى، الحلَّ الصحيح، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)، فهو لم يخلق عبثاً، بل إنه خلق لأمر، وسيرجع إلى الله تعالى بعد الموت ليسأله عما فعل في الأمر الذي خلقه لأجله.  

إنه العبادة، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أجابت هذه الآية عن السؤال الأول من أسئلة العقدة الكبرى: من أين؟ والجواب: الذي خلقكم، وأجابت عن السؤال الثاني: لماذا؟ والجواب: اعبدوا ربكم، وبيّن لنا كيفية عبادته برسالة رسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم الذي هو معجزة رسوله: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ). فإن عجزتم عن الإتيان بمثله فأيقنوا أنه من عند الله، وهو معجزة لمن أتى به، وهو محمد صلى الله عليه وسلم.

وبعد هذه الآية بآيات يقول الحق جلّ وعلا: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، فهو الذي خلقنا بعد أن لم نكن، ثم يميتنا، ثم يحيينا، ثم نرجع إليه سبحانه، وهو سائلنا عما خلقنا لأجله، وما أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم به.  

وبعدها بآيات يقول سبحانه: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، فهذا بيان لحقيقة الإنسان في الأرض، مستخلفٌ فيها، وقد سخرت له، لينتفع منها، ويسير في كل ذلك بحسب نظام الله تعالى.   وهناك في الجنة، حيث خلق آدمُ عليه السلام وزوجه، بدأ التكليف الإلهي، بدأ بالأمر والنهي، (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ) أمرٌ بالسكن في الجنة له ولزوجه، وأمر بالأكل الرغد مما يريدان منها، والنهي عن أكل شجرة معينة، وهنا بدأ التكليف، فإن في مخالفة هذا النهي الظلمَ، يظلمون أنفسهم بمخالفة أمر الله تعالى ونهيه.

وهكذا تستمر آيات سورة البقرة ثاني سورة في القرآن الكريم، وأكبر سورة، وأول سورة كبيرة، تستمر في الإجابة عن أسئلة العقدة الكبرى إجابات عقليةً مقنعةً.   فالموت ليس نهاية للحياة، وإنما هو فاصل بين حياة زائلة، وحياة دائمة خالدة، ولكن الإنسان مفطورٌ على حبّ الحياة وكراهية الموت، بدافع من غريزة البقاء، التي تدفعه بمظاهرها المختلفة المتعددة لأن يحافظ على بقائه في الدنيا، وأن يرتقي بهذا البقاء لأحسن الدرجات والمراتب، ويمتلك أقصى ما يستطيع من متاع هذه الحياة الدنيا، وبهذه الغريزة وبمظاهرها هذه وغيرها من المظاهر الكثيرة تسير الحياة ويستمر استخلاف الإنسان في الأرض، ويستمر إعمار الأرض، ولكن إعمار الأرض يكون باستمرار الجنس البشري، وهذا يعني الموت للسابق، وانتهاء فترة اختباره وامتحانه، ليمر بالحد الفاصل بين الحياتين، حياته الأولى الزائلة، وحياته الثانية الباقية.  

فالأصل في الموت أن يكون دافعاً قوياً للإنسان لأن يعمل أكبر قدر ممكن من العمل الصالح قبل أن يأتيه الموت، ولا يكون مثبطاً له، ولا يكون سبباً لعقدة من العقد عنده، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي عن شداد بن أوس: (الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نفسَهُ وعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، والعاجزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَواها وتَمَنَّى على اللهِ) فالعاقل الأريب اللبيب هو الذي يعرفُ أنه مدينٌ، مدينٌ للخالق سبحانه وتعالى بكل شيء، خلقه ورزقه وهداه وأنعم عليه بالزوج والبنين والحفدة، عاجزٌ عن تحقيق شيء من النفع لنفسه إلا بإذن الله، وعاجز عن دفع الضر عن نفسه إلا بإذن الله. أفلا يجب عليه أن يعبد من أعطاه كل هذا؟ ويحمدَه ويشكره؟       كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير أبو محمد – خليفة محمد - الأردن - See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/women-s-section/articles/42144.html#sthash.QMGZfHeO.dpuf

 

الصفحة 1 من 28

اليوم

الخميس, 25 نيسان/أبريل 2024  
17. شوال 1445

الشعر والشعراء

يا من تعتبرون أنفسكم معتدلين..

  نقاشنا تسمونه جدالا أدلتنا تسمونها فلسفة انتقادنا تسمونه سفاهة نصحنا تسمونه حقدا فسادكم تسمونه تدرجا بنككم...

التتمة...

النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ

نفائس الثمرات النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ والسـعدُ لا شــكَّ تاراتٌ وهـبَّاتُ النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ...

التتمة...

إعلام ُ عارٍ

إعلام عار ٍ يحاكي وصمة العار      عار ٍ عن الصدق في نقل ٍ وإخبارِ ماسون يدعمه مالا وتوجيها         ...

التتمة...

إقرأ المزيد: الشعر

ثروات الأمة الإسلامية

روائع الإدارة في الحضارة الإسلامية

محمد شعبان أيوب إن من أكثر ما يدلُّ على رُقِيِّ الأُمَّة وتحضُّرِهَا تلك النظم والمؤسسات التي يتعايش بنوها من خلالها، فتَحْكُمهم وتنظِّم أمورهم ومعايشهم؛...

التتمة...

قرطبة مثلا

مقطع يوضح مدى التطور الذي وصلت اليه الدولة الاسلامية، حيث يشرح الدكتور راغب السرجاني كيف كان التقدم والازدهار في  قرطبة.

التتمة...

إقرأ المزيد: ثروات الأمة الإسلامية

إضاءات

JoomlaWatch Stats 1.2.9 by Matej Koval