المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
من بلاغة القران الكريم موضوع رقم(15)بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك،انظروا ما في هذه الاية(فمن شهد منكم الشهر فليصمه))185(البقرة)من بلاغة تأخذ بالألباب قال تعالى((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ))(185)البقرة. نلاحظ هنا أن المضاف قد حُذف من الاية،والتقدير:فمن شهد منكم هلالَ الشهرِ فليصمه.وقد جاء الحذف في قمة البلاغة وتفنيد ذلك كما يلي: 1- المضاف:نسبة اسم الى اخر بقصد التعريف به،أي ليصبح معرفة،على نحو قوله تعالى( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّه لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ))19التوبة .فقد عُرِّفت السقايةُ (بالحاج)،و(عمارةِ)بالمسجد الحرام،(وسبيلِ) بالله.ومثل قوله تعالى((قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ))50 غافر.فقد عُرف (دعاءُ)بالكافرين .وعلى نحو قوله تعالى( فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ۚ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۙ ولَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الْآثِمِينَ))106 (المائدة) .فقد عُرفتْ(مصيبةُ)بالموت،وعرفت(شهادةَ)بالله.وهكذا دواليك 2- معنى ذلك أن المضاف يكون نكرة ،فإذا أضيف إلى معرفة صار معرفة،أي أن المضاف إليه دليل عليه(يدل عليه بالتعريف)لأنه يُنسب إليه.ولذلك فقد حذف المضاف(هلالَ)من الاية ،لان المضاف إليه(الشهرِ) ليس دليلا على الهلال،بل العكس هو الصحيح،أي أن الهلال دليل على الشهر وليس الشهر دليلا على الهلال فالشهر القمري يبدأ ويدخل برؤية الهلال،قال تعالى( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39((يس،وقال تعالى) "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ" ))(البقرة:189)
3- فلو ذكره (المضاف)لكان الهلال مُعرَّفاً بالشهر،ولكن الواقع أن الشهر يُعْرفُ بالهلال ،فتنكسر القاعدة النحوية. 4- وكذلك حذف المضاف(هلال)لأن هلال الشهر(رمضان)-أو غيره من الاشهر-قد لا يرى بسسب الاحوال الجوية ،عندها علينا ان نتم عدة شعبان ثلاثين يوما،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُبِيَ عليكم فأكملوا عدة شبعان ثلاثين). [متفق عليه: البخاري.ولو ذكره في الاية(الهلال) لكان لزاما علينا رؤيته،مع أن احتمالية عدم رؤيته واردة،كما في الحديث الشريف. 5- ومعنى ذلك أن (شهد)في الاية ليست بمعنى حضر كما يتوهم كثير ممن فسرها،بل هي من قبيل الرؤيا لأن الهلال يُرى بالعين فالفعل شهد فيها هو من مثل قوله تعالى ))قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26)يوسف.فشهد هنا من المشاهدة،أي المعاينة، لان الشاهد-من أهلها-شاهدُ على أن القميص قُد من دُبر حين راه راي العين. وقد جاء في معجم لسان العرب في مادة(شهد):شهد فلان على فلان بحق،فهو شاهد وشهيد،والمشاهدة:المعاينة،وأصل الشهادة:الإخبار بما شاهده. وليس الفعل(شهد) بمعنى الحضور ،وذلك لأنها لو كانت بمعنى(حضرَ) لكان فيها معنى المخالفة واردا لوجود الشرط شرط رؤية الهلال لبدء الصيام،فانظر الى قوله تعالى(فمن شهد منكم الشهر فليصمه))فما حال من لم يشهده ،لا جواب إلا أن يكون ميتا،لأن المسلم عليه أن يصوم رمضان فرضا على التعيين بمجرد دخول شهر رمضان أينما كان مكان إقامته، ومفهوم المخالفة موجود في علم الفقه،قال تعالى( وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ (6)الطلاق.فمفهوم المخالفة إن لم يرضعن لكم(المطلقات من نسائكم) فلا تعطوهن أجرا.وعلى نحو قوله تعالى( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيم]((النور: 33)وعليه فإن الهلال يكون سببا في وجود الصيام أي دخول شهر رمضان ،تماما كأوقات الصلوات سببا في وجوب الصلاة،لان السبب:ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم. 6-وقد ورد عن النبي-عليه السلام-انه أخذ بشهادة واحد من المسلمين في رؤية الهلال، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن أعرابياً قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟) فقال: نعم، قال: (فأذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً). وعلى ذلك فإن (من شهد)هي بمعنى(من رأى)فمطلوب من كل مسلم تحري رؤية الهلال أينما كان ليبدا الصيام لانه فرض على التعيين.ولكن تكفي شهادة الواحد كما في الحديث الشريف. 7-كما أنه حذف(هلال)َمن الاية،حتى لا يعود الضمير في(فليصمه) على (هلال)فيما لو ذُكرت في الاية،لان الصيام يكون للشهر،وليس للهلال،وهذه لفتة أخرى في قمة البلاغة. وبعد أرأيتم كم في هذه الاية من وجوه البلاغة اللافتة! 8-وما دام الامر متعلقا بالرؤيا كما بينا- بالعين أو بأي وسيلة تساعد في الرؤيا كالتلسكوب مثلا - فتسقط ما تسمى بالحسابات الفلكية واختلاف المطالع. اللهم اجعل القران العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب هموننا وجلاء أحزاننا،وارزقنا تلاوته وتأويله اناء الليل واطراف النهار. بقلم الشاعر:داود العرامين/فلسطين
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
من بلاغة القران الكريم :لماذا حذف حرف الجر من اية((قل لا يعلمُ منْ في السماوات والارض الغيبَ الا الله))65(النمل ).موضوع رقم(14) واضح ان المعنى الرئيس في الاية هو ان ما في الغيب لا يعلمه الا الله تعالى ،((وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر)) الانعام(59).وهذا لا خلاف عليه غير ان الاسلوب الذي جاءت به الاية لتثبيت هذا المعنى اسلوب قمة في البلاغة حين خرج الاستثناء- الاصل بالاداة(إلا)-الى معنى اخر هو الحصر باستخدام اسلوب النفي(لا)وأداة الحصر(إلا)وهو من أقوى اساليب الإثبات،على نحو:ما في الدار إلا زيدٌ، وقوله تعالى ((وما على الرسول إلا البلاغ المبين))النور(54) ونحو قوله تعالى((لا يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون))ال عمران (112)ونحو ((وما النصر إلا من عند الله ينصر من يشاء إن الله عزيز حكيم ))الانفال(10) . وعودة الى الاية المقصودة فقد خرجت (إلا)عن الاستثناء الى الحصر،وذلك حين جعلت الحدث مقصورا على ما بعدها،وفي هذه الحال يكون الاستثناء مفرغا،أي غير موجود فيه شيء (فارغا)وما دام فارغا فلا يوجد مستثنى منه ،لذلك خرج إلى معنى اخر هو الحصر،والغاية منه أن تجعل الحدث الذي يسبقها مقصورا على ما بعدها أي حدث علم الغيب مقصور على الله تعالى لا يشاركه فيه أحد ،وهذا ورد في لغة العرب في قول الاعشى: لم تمشِ ميلاً ولم تركب على جملٍ====ولم ترَ الشمسَ إلا دونها الكِلَلُ وتاويلها هنا أي لم تر الشمس إلا مظللة بالكلية ولما خرج الاستثناء الى الحصر صار اعراب(الله):بدل من(منْ) وهو هنا بدل اشتمال :وهو الذي يكون فيه البدل ليس جزءاً من المبدل منه ولكنه مما يشتمل عليه فالله تعالى(البدل) ليس جزءا من المبدل منه(منْ) بل يشتمل عليه أي يعلمه هو الاخر كاملا في كل احواله .والبدل بداهة في اصطلاح النحويين يكون هو المقصود،ومن امثلة بدل الاشتمال قوله تعالى(يسألونك عن الشهر الحرامِ قتالٍ فيه))217 البقرة،فقتال بدل اشتمال من الشهر لان القتال يكون في الشهر وهكذا فالقتال هو المقصود. كما الله تعالى هو المقصود بالغيب حصرا. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فإن حرف الجر قد أُسقط من(منْ)والتقدير((قل لا يعلم ممن في السماوات والارض الغيب الا الله))وقد جاء اسقاطه في قمة البلاغة لان الله تعالى ليس جزءا ممن في السماوات والارض بل هو الخالق ليس كمثله شيء،ولا يستند في وجوده لشيء مطلقا، بل كل ما سواه مخلوق يستند إليه ،ولو ذكرها لكانت مِن للتبعيض على نحو قوله تعالى(وقالت اليهود والنصارى نحن أولياء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق)) المائدة( 18)وعلى نحو قوله تعالى((قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك))هود(48)،ونحو قوله تعالى((ومن ذرية ابراهيم واسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم ايات الرحمن خروا سجدا وبكيا))مريم(58) كان لهارون الرشيد –رحمه الله تعالى-طبيب نصراني ،دخل عليه يوما وكان عنده العالم الواقدي فقال الطبيب للواقدي يناظره:إن في كتابكم ما يدل على أن عيسى جزء من الله،وتلا الاية)):إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه))النساء (171).فقال الواقدي:قال تعالى: ((وسخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا منه )) الجاثية(13)فيجب إذا كان عيسى جزءا من الله أن يكون ما في السماوات وما في الارض جزءا منه ،فانقطع النصراني عن الكلام وأسلم،وفرح الرشيد بذلك ووصل الواقدي بصلة عظيمة. لان من هنا للابتداء أي ابتداء الخلق كله من الله تعالى،وليست للتبعيض فلا يوجد شيء يقال عنه :بعض أو جزء من الله،سبحانه الذي ليس كمثله شيء. ولذلك أسقط حرف الجر من اية الغيب (من) والتقدير ممن وإذا علمنا أن الفاعل في الاية هو(منْ) :ضمير منفصل مبني في محل رفع فاعل،فإن هذا الفاعل (المبدل منه )صار لفظ الجلالة (الله ُ)(بدلا منه).أي بدلا من فاعل الفعل(يعلم) المتعلق بعلم الغيب. وأما قوله تعالى(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا))الجن(26)فإن المعنى واضح فمن ارتضى الله تعالى من رسله أطلعه على ما أراده له من علم الغيب،أي يكون بإذن الله تعالى،وقد ذكر علة ذلك في قوله تعالى)ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيءٍ عددا)) فأين ما يدعيه بعض الشيعة –إن لم يكن جلهم-من علم بالغيب ينسبونه إلى أئمتهم المزعومين وخاصة الامام علي –رضي الله عنه-وهم منهم برئاء؟قال تعالى على لسان النبي عليه السلام)قل إني لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا بشير ونذير لقوم يؤمنون))الاعراف(188) سبحان من علم الانسان ما لم يعلم بقلم الشاعر:داود العرامين/فلسطين
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
سحر البيان في بلاغة القران في اية((واختار موسى قومَه سبعين رجلا لميقاتنا))لماذا حذف حرف الجر(من)؟(موضوع رقم13) (13)نلاحظ هنا أن حرف الجر(من)قد حُذف من الاية،والتقدير((واختار موسى من قومه سبعين رجلاً لميقاتنا)) ولمعرفة سبب الحذف لا بد من الوقوف على الامور التالية: 1-جاء اختيار موسى –عليه السلام- لسبعين رجلا من قومه،بعد أن عبدوا العجل في أثناء غيبته عنهم،وإنابة اخيه هارون عنه فيهم((وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين))الاعراف(142) ولما أخبره الله تعالى عما فعله السامريُّ بهم رجع إليهم غضبان أسفاً ،قال تعالى (فرجع إلى موسى إلى قومه غضبان أسفا))طه(86)،وقال تعالى على لسانه معنفا قومه(قال بئس ما خلفتموني من بعدي))ثم ألقى الالواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه وعاقب السامري ولام على قومه فعلتهم الشنيعة،ثم اختار منهم سبعين رجلا من كبرائهم،واشرافهم ليذهبوا معه إلى حيث يُكلمه ربه في المكان المقدس(جانب الطور الأيمن)وهناك يتضرعون إلى الله تعالى مع نبيهم لعله يتوب عليهم ،ولما وصل بهم إلى المكان كانت المفاجاة حيث دخلوا في معصية أخرى حين قالوا،قال تعالى((وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون))البقرة(55).والايات التالية تبين الموقف بجلاء قبل وبعد قال تعالى في سورة الاعراف: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)}
2-تتضح المسألة أكثر عندما يدخل النحو في التفسير،فنقول في إعراب (قومَه):مفعول به منصوب على نزع الخافض أما إعراب(سبعين)فهو :بدل من(قومه) منصوب،والبدل من التوابع يتبع ما قبله في الحكم أي يشترك معه ،بحيث يكون البدل والمبدل منه شيء واحد،غير أن البدل يكون هو المقصود،على نحو قوله تعالى(اهدنا الصراطَ المستقيمَ صراطَ الذين أنعمت عليهم)) الفاتحة ف(صراط الذين انعمت عليهم)بدل من(الصراط المستقيم)وهو المقصود،وعلى نحو قوله تعالى على لسان فرعون(وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الاسبابَ أسبابَ السماء فاطلع إلى إله موسى)) (36) غافر،ف(أسباب السماء) بدل من( الاسباب )،وعلى نحو((فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار)) طه(88)ف(جسداً )بدل من(عجلاً) وهو المقصود.وهكذا البدل. وبناء على ذلك فإن حذف (من) جاء في قمة البلاغة لأنه لو ذكرها وهي أصلا(للتبعيض)لتبادر إلى الذهن أن سيدنا موسى-عليه السلام-لم يكن موفقا في الاختيار ،أو انه لم يختر أفضلهم-وحاشاه ذلك- وقد دفع الله تعالى ذلك عن نبيه حين أسقط حرف الجر الذي يفيد التبعيض الذي يحتمل وجود من هم أفضل من ال(سبعين)المختارين في القوم،فجاء البدل في قمة البلاغة حيث إن ال(سبعين) البدل،و(قومَه)المبدل منه شيء واحد، فباقي القوم ليسوا بأفضل من ال(سبعين)حالاً فهم على شاكلتهم ،ولما كان البدل كما أسلفنا هو المقصود فإن ال(سبعين) هم رأس القوم،وأشرافهم ،وقد فعلوا ما فعلوا في غياب نبيهم،وعصوا ، ثم طلبوا ما طلبوا عند التوبة وتمادوا بحضور نبيهم،فكيف بالبقية؟ ولما وقع(قومَه)مفعولا به ليدل على أنه اختار كل القوم ضمنا للتوبة ،لأن المفعول به يقع عليه فعل الفاعل والفاعل موسى-عليه السلام- وهذا ليس غريبا على قوم موسى-عليه السلام-فيما كانوا عليه من التردي والإنحدار واتباع الهوى ،فقد خذلوه لما طلب منهم أن يدخلوا الأرض المقدسة،فلم يستجب له أحد حتى قال،قال الله تعالى على لسانه((قال رب إني لا املك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الكافرين)) المائدة(25) كما أخزوه لما طلبوا منه أن يجعل لهم إلها حين مروا على قوم يعبدون الاصنام بعد أن نجاهم الله تعالى من عدوهم فرعون قال تعالى((وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على اصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم الهة قال إنكم قوم تجهلون ))الاعراف(138) ،وقوله لهم في موقف اخر((قال يا قوم أتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير)) البقرة(61)وهذا رده عليهم لما قالوا قال تعالى على لسانهم((وقالوا يا موسى لن نصبر على طعام واحد)) وقصة البقرة شاهدة على سوء ظنهم ، وكثرة سؤالهم ،وفساد حالهم ،وقد رفع الله تعالى فوقهم جبل الطور- بعد أن أحياهم لما أخذتهم الصاعقة -حتى يظلوا على طاعة الله ونبيهم قائمين يخشون أن يسقط عليهم الجبل –الذي طلبوا عنده رؤية الله تعالى-إن نكنثوا العهد،قال تعالى ((وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوق واذكروا ما فيه لعلكم تتقون))البقرة (63)كما انهم لم يتورعوا أن يتهموا نبيهم بتهم كبيرة لا تليق بالأنبياء والمرسلين نخجل من ذكرها من مثل:،قتله لأخيه وبأن في جسمه نتوءات،وسلطوا عليه إحدى البغايا،مما يطول شرحه ...الخ ((يا أيها الذين امنوا لا تكونوا كالذين اذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها))الاحزاب(69). اللهم إن أصبت فبفضلك وإن اخطأت فمن نفسي بقلم الشاعر :داود العر امين/فلسطين
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
88
[FONT="Times New Roman"] من بلاغة القران الكريم(أنظروا ما في هذه الاية من بلاغة)((قال فبما أغويتني لأقعدنَّ لهم صراطَك المستقيم ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم...)) الاعراف(16) موضوع رقم(12) نلاحظ أن المولى جل في علاه قد حذف حرف الجر(على)والتقدير((لأقُعدن لهم على صراطَك المستقيم)) حيث إننا لا نقول في لغتنا (قعدت الأريكة) بل نقول:قعدت على الأريكة)،قال تعالى((ان أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون)) (55)يس لأن الفعل (قعد)فعل لازم وهو الذي يكتفي بالفاعل ،مثل:قعد الزائر،فهي جملة تامة،فإذا أردنا المزيد قلنا:قعد الزائر على الأريكة،وهكذا فالفعل اللازم يحتاج إلى واسطة لاكمال المعنى لدى السامع أو المتلقي ،والواسطة المحذوفة في الاية هنا هي حرف الجر(على) ،بينما أثبته(حرف الجر) في(من بين أيديهم)و(من خلفهم) و(عن أيمانهم)و(عن شمائلهم) ،وذلك الحذف جاء في قمة البلاغة لأن الشيطان لا يستطيع القعود على صراط الله المستقيم فهو طريق طاهر وشريف وأرفع وأسمى من أن يقعد عليه الشيطان اللعين الرجيم ،فإذا علمنا أن حرف الجر(على )يفيد الاستعلاء-قال تعالى((يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما اتيتك وكن من الشاكرين ))(144)الاعراف، وقال تعالى في تفضيل بني اسرائيل ((ولقد اخترناهم على علم على العالمين واتيناهم من الايات ما فيه بلاء مبين))(32)الدخان ،وقال تعالى ((وعليها وعلى الفلك تُحملون))(22)المؤمنون ،وقال تعالى((فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم إجعل على كل جبل منهن جزءاً))(260)البقرة ،وقال تعالى((إن الله اصطفي ادم ونوحا وال إبراهيم وال عمران على العالمين))(33)ال عمران ،-إذا علمنا ذلك عرفنا سبب الحذف، فحرمان ابليس من هذا الاستعلاء ومن الظفر بهذه المنزلة الشريفة يجعلنا ندرك أن الحذف جاء في قمة البلاغة،فيبقى سلطان إبليس على البشر محصورا في الذين يتبعونه والذيبن استطاع ان ينفذ إليهم من جهاتهم الاربعة،أو من إحداها،وما دام لا يستطيع القعود على صراط الله المستقيم يبقى كيده ضعيفا قال تعالى (فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً))(76) النساء،وهذه إشارة قوية أخرى في هذه الاية -(12)الاعراف- أدركها إبليس فقال تعالى على لسانه((فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلَصين))فنراه بعد أن قال(لأغوينهم أجمعين)(82) ص، قد استثنى(إلا عبادك منهم المخلصين)(82 )ص ،وهو يعلم مسبقا قول الله تعالى ((إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين)) (42)الحجر، وعبادُ الله هم المؤمنون فليس له عليهم سلطان،قال تعالى ((أِنه ليس له سلطان على الذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون ))(99)النحل،((أنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون))(100) النحل،ثم هو بنفسه يعترف لمن أغواهم في خطبة أخيرة له فيهم في النار((وقال الشيطان لما قضي الامر إن الله قد وعدكم وعد الخير ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي أِني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم )) (22)إبراهيم ،فإذا كان كيده ضعيفاً فإن الذين يستجيبون له هم الضعاف ضعاف النفوس وأصحاب الهوى وأولو اللذائذ ،وعُباد الشهوات ،واللاهثين وراء المنصب والجاه الزائف الزائل بغير هدى، وأهل الشرك والمنافقين، فأولئك وامثالهم قلوبهم فارغة وعزائمهم خائرة غير مشحونين بالايمان فسرعان ما تنفذ اليهم الشياطين فيسقطون في حبائلهم. كما أننا نلمس حرص إبليس اللعين على إغواء من يستطيع بكل ما يستطيع حين قال(ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين))باستعمال اللام لام التوكيد،فهو في حركة مستمرة حول الانسان يدور حوله ويحيط به كإحاطة السوار بالمعصم ليدخل من أي نافذة فُتحت له،ونلاحظ ان ابليس اللعين لم يقل(ومن فوقهم فأنّى له أن يكون فوق الانسان والانسان أكرم منه وأعز عند الله لو أدرك ذلك البشر عموما،فكيف يكون فوق الانسان وقد أُمر أن يسجد له،وهذه مكرمة لو أدركها الناس لعرفوا أنهم مكرّمون ابتداءً عند ربهم قبل أن يحي من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة بعد ارسال الرسل اليهم،هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فإن الشياطين يُقذفون من كل جانب بالشُهُب إذا ما حاولوا الصعود إلى أعلى قال تعالى((لا يسّمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب))(8)الصافات ،وقال تعالى((فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا)).كما أن فيها إشارة على أن الله تعالى((و هو القاهر فوق عباده)) وهو فوق السماوات والارض ولا يسمح لأحد أن يكون حاجزاأو حاجبا ما بينه وبين خلقه فالاتصال مع السماء يبقى مفتوحا لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها قال تعالى((يوم يأتي بعض ايات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن امنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا))الانعام(158). ولو أعربنا (صراطَك)في الاية (12)الاعراف-موضوع البحث- فانها:مفعول به منصوب على نزع الخافض،والخافض المنزوع-أي المحذوف-هو حرف الجر.والمفعول به يقع عليه فعل الفاعل،والفاعل إبليس ،وهذا النوع من الحذف موجود في القران الكريم قال تعالى((واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا))الاعراف(155)،والتقدير (واختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقاتنا))،ومن الشعر العربي الفصيح ،قول الفرزدق :منا الذي اختير الرجال سماحةً--------وخيراً إذا هب الرياح الزعازعُ والتقدير:منا الذي اختير من الرجال سماحةً وبما أن الاية القرانية قالها الله تعالى على لسان إبليس فيكون إبليس مدركا بنفسه أنه لا يستطيع القعود على صراط الله المستقيم ،والذي هو صراطَ الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية ادم كما هو مبين في سورتي( الفاتحة)و(مريم)،أي هو رسالات الله إلى البشر على مر العصور وما حوته من شرائع الُهدى تستقيم بها وعليها حياتُهم،ولكل نبي أتباع امنوا به فسعدوا بما اتاهم من الهدى ،وهم المؤمنون فهم محصنون من قعود الشيطان على طريقهم باتباعهم صراط انبيائهم الحصين أصلا، واّخرهم أتباع محمد-صلى الله عليه وسلم-فالايمان والتقوى بالتزام ما أمر الله ،واجتناب ما نهى عنه في رسالته الخاتمة(الاسلام)هى أقوى الحصون التي لا يستطيع الشيطان اعتلاءها،قال تعالى ((الذين امنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون)) الانعام (82)،فهلا أدرك المسلمون النعمة التي هم عليها فاستمسكوا بها؟ واخيرا فإن الشيطان للانسان عدو يجب الحذر منه وقد حذرنا الله تعالى في ايات كثيرة منه قال تعالى((ألم أعهد إليكم يا بني ادم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلاِ كثيرا أفلم تكونوا تعقلون(( أرأيتم حرف الجر الذي قيل عنه(يجر الجبل)فإذا ما حُذف من طريق الشيطان تعثر وبقي الجبل ثابتا. اللهم انا نعوذ بك من همزات الشياطين ونعوذ بك ربّ أن يحضرون ،اللهم فقهنا في القران وارزقنا حسن تلاوته وتدبر بلاغة معانيه. بقلم الشاعر:داود العرامين/فلسطين [size="5"][/size]
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
شكرا جزيلا لك(سهيل بن عمرو)على المرور وحسن التعليق كما أشكرك على ما ذكرته من وجود بعض الاخطاء ،سبحان الله(جل من لا يسهو). لك[size="5"][/size] مني يا أخي أطيب المنى شكرا لكل من مر على الموضوع[font="Palatino Linotype"][/font]
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
من بلاغة القرآن الكريم (انظروا ما في هذه الآية من بلاغة) ((قال فبما أغويتني لأقعدنَّ لهم صراطَك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم...)) الاعراف(12) موضوع رقم(12) نلاحظ أن المولى جل في علاه قد حذف حرف الجر (على) والتقدير: ((لأقُعدن لهم على صراطَك المستقيم)) حيث إننا لا نقول في لغتنا (قعدت الأريكة) بل نقول: (قعدت على الأريكة)، قال تعالى: ((إن المتقين هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون)) يس (55)، لأن الفعل (قعد) فعل لازم وهو الذي يكتفي بالفاعل، مثل: قعد الزائر، فهي جملة تامة، فإذا أردنا المزيد قلنا: قعد الزائر على الأريكة، وهكذا فالفعل اللازم يحتاج إلى واسطة لإكمال المعنى لدى السامع أو المتلقي، والواسطة المحذوفة في الآية هنا هي حرف الجر (على)، بينما أثبته (حرف الجر) في (من بين أيديهم) و (من خلفهم) و (عن أيمانهم) و (عن شمائلهم)، وذلك الحذف جاء في قمة البلاغة لأن الشيطان لا يستطيع القعود على صراط الله المستقيم فهو طريق طاهر وشريف وأرفع وأسمى من أن يقعد عليه الشيطان اللعين الرجيم، فإذا علمنا أن حرف الجر (على) يفيد الاستعلاء - قال تعالى: ((يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين )) الأعراف(144)، وقال تعالى في تفضيل بني اسرائيل: ((ولقد اخترناهم على علم على العالمين وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين)) الدخان(32)، وقال تعالى: ((وعليها وعلى الفلك تُحملون)) المؤمنون(22)، وقال تعالى: ((فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً)) البقرة(260)، وقال تعالى: ((إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين)) آل عمران(33)،- إذا علمنا ذلك عرفنا سبب الحذف.
فحرمان إبليس من هذا الاستعلاء ومن الظفر بهذه المنزلة الشريفة يجعلنا ندرك أن الحذف جاء في قمة البلاغة، فيبقى سلطان إبليس على البشر محصورا في الذين يتبعونه والذين استطاع أن ينفذ إليهم من جهاتهم الأربع، أو من إحداها، وما دام لا يستطيع القعود على صراط الله المستقيم يبقى كيده ضعيفا قال تعالى: ((فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً)) النساء(76)، وهذه إشارة قوية أخرى في هذه الآية -الأعراف(12)- أدركها إبليس فقال تعالى على لسانه: ((فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلَصين)) فنراه بعد أن قال: (لأغوينهم أجمعين) ص(82)، قد استثنى: (إلا عبادك منهم المخلصين) ص(82 )، وهو يعلم مسبقا قول الله تعالى: ((إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين)) الحجر(42)، وعبادُ الله هم المؤمنون فليس له عليهم سلطان، قال تعالى: ((أإنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون)) النحل(99)، ((إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون)) النحل(100)، ثم هو بنفسه يعترف لمن أغواهم في خطبة أخيرة له فيهم في النار ((وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله قد وعدكم وعد الخير ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي أِني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم )) إبراهيم(22)، فإذا كان كيده ضعيفاً فإن الذين يستجيبون له هم الضعاف ضعاف النفوس وأصحاب الهوى وأولو اللذائذ، وعُباد الشهوات، واللاهثون وراء المنصب والجاه الزائف الزائل بغير هدى، وأهل الشرك والمنافقون، فأولئك وأمثالهم قلوبهم فارغة وعزائمهم خائرة غير مشحونين بالإيمان فسرعان ما تنفذ اليهم الشياطين فيسقطون في حبائلهم.
كما أننا نلمس حرص إبليس اللعين على إغواء من يستطيع بكل ما يستطيع حين قال: ((ولآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)) باستعمال اللام لام التوكيد، فهو في حركة مستمرة حول الإنسان يدور حوله ويحيط به كإحاطة السوار بالمعصم ليدخل من أي نافذة فُتحت له، ونلاحظ أن إبليس اللعين لم يقل (ومن فوقهم) فأنّى له أن يكون فوق الإنسان، والإنسان أكرم منه وأعز عند الله لو أدرك ذلك البشر عموما، فكيف يكون فوق الإنسان وقد أُمر أن يسجد له، وهذه مكرمة لو أدركها الناس لعرفوا أنهم مكرّمون ابتداءً عند ربهم قبل أن يحيا من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة بعد إرسال الرسل إليهم.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الشياطين يُقذفون من كل جانب بالشُهُب إذا ما حاولوا الصعود إلى أعلى قال تعالى: ((لا يسّمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب)) الصافات(8)، وقال تعالى: ((فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا)). كما أن فيها إشارة على أن الله تعالى ((و هو القاهر فوق عباده)) وهو فوق السماوات والأرض ولا يسمح لأحد أن يكون حاجزا أو حاجبا ما بينه وبين خلقه فالاتصال مع السماء يبقى مفتوحا لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها قال تعالى: ((يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا)) الأنعام(158).
ولو أعربنا (صراطَك) في الآية (12) الأعراف-موضوع البحث- فإنها: مفعول به منصوب على نزع الخافض، والخافض المنزوع-أي المحذوف-هو حرف الجر. والمفعول به يقع عليه فعل الفاعل، والفاعل إبليس، وهذا النوع من الحذف موجود في القرآن الكريم قال تعالى: ((واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا)) الأعراف(155)، والتقدير (واختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقاتنا))، ومن الشعر العربي الفصيح ،قول الفرزدق: منا الذي اختير الرجال سماحةً -------- وخيراً إذا هب الرياح الزعازعُ والتقدير: منا الذي اختير من الرجال سماحةً وبما أن الآية القرآنية قالها الله تعالى على لسان إبليس فيكون إبليس مدركا بنفسه أنه لا يستطيع القعود على صراط الله المستقيم، والذي هو صراطَ الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم كما هو مبين في سورتي (الفاتحة) و (مريم)، أي هو رسالات الله إلى البشر على مر العصور وما حوته من شرائع الُهدى تستقيم بها وعليها حياتُهم، ولكل نبي أتباع آمنوا به فسعدوا بما آتاهم من الهدى، وهم المؤمنون فهم محصنون من قعود الشيطان على طريقهم باتباعهم صراط انبيائهم الحصين أصلا، واّخرهم أتباع محمد-صلى الله عليه وسلم-فالايمان والتقوى بالتزام ما أمر الله ،واجتناب ما نهى عنه في رسالته الخاتمة(الاسلام)هى أقوى الحصون التي لا يستطيع الشيطان اعتلاءها، قال تعالى: ((الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)) الأنعام (82)، فهلا أدرك المسلمون النعمة التي هم عليها فاستمسكوا بها؟
وأخيرا فإن الشيطان للإنسان عدو يجب الحذر منه وقد حذرنا الله تعالى في آيات كثيرة منه قال تعالى: ((ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلاِ كثيرا أفلم تكونوا تعقلون)) أرأيتم حرف الجر الذي قيل عنه (يجر الجبل) فإذا ما حُذف من طريق الشيطان تعثر وبقي الجبل ثابتا. اللهم انا نعوذ بك من همزات الشياطين ونعوذ بك ربّ أن يحضرون ،اللهم فقهنا في القران وارزقنا حسن تلاوته وتدبر بلاغة معانيه. بقلم الشاعر:داود العرامين/فلسطين
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
من بلاغة القران الكريم(أنظروا ما في هذه الاية من بلاغة)((قال فبما أغويتني لأقعدنَّ لهم صراطَك المستقيم ولأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم...)) الاعراف(12) موضوع رقم(12) نلاحظ أن المولى جل في علاه قد حذف حرف الجر(على)والتقدير((لأقُعدن لهم على صراطَك المستقيم)) حيث إننا لا نقول في لغتنا (قعدت الأريكة) بل نقول:قعدت على الأريكة)،قال تعالى((ان المتقين هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون)) (55)يس لأن الفعل (قعد)فعل لازم وهو الذي يكتفي بالفاعل ،مثل:قعد الزائر،فهي جملة تامة،فإذا أردنا المزيد قلنا:قعد الزائر على الأريكة،وهكذا فالفعل اللازم يحتاج إلى واسطة لاكمال المعنى لدى السامع أو المتلقي ،والواسطة المحذوفة في الاية هنا هي حرف الجر(على) ،بينما أثبته(حرف الجر) في(من بين أيديهم)و(من خلفهم) و(عن أيمانهم)و(عن شمائلهم) ،وذلك الحذف جاء في قمة البلاغة لأن الشيطان لا يستطيع القعود على صراط الله المستقيم فهو طريق طاهر وشريف وأرفع وأسمى من أن يقعد عليه الشيطان اللعين الرجيم ،فإذا علمنا أن حرف الجر(على )يفيد الاستعلاء-قال تعالى((يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما اتيتك وكن من الشاكرين ))(144)الاعراف، وقال تعالى في تفضيل بني اسرائيل ((ولقد اخترناهم على علم على العالمين واتيناهم من الايات ما فيه بلاء مبين))(32)الدخان ،وقال تعالى ((وعليها وعلى الفلك تُحملون))(22)المؤمنون ،وقال تعالى((فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم إجعل على كل جبل منهن جزءاً))(260)البقرة ،وقال تعالى((إن الله اصطفي ادم ونوحا وال إبراهيم وال عمران على العالمين))(33)ال عمران ،-إذا علمنا ذلك عرفنا سبب الحذف، فحرمان ابليس من هذا الاستعلاء ومن الظفر بهذه المنزلة الشريفة يجعلنا ندرك أن الحذف جاء في قمة البلاغة،فيبقى سلطان إبليس على البشر محصورا في الذين يتبعونه والذيبن استطاع ان ينفذ إليهم من جهاتهم الاربعة،أو من إحداها،وما دام لا يستطيع القعود على صراط الله المستقيم يبقى كيده ضعيفا قال تعالى(فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً))(76) النساء،وهذه إشارة قوية أخرى في هذه الاية -(12)الاعراف- أدركها إبليس فقال تعالى على لسانه((فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلَصين))فنراه بعد أن قال(لأغوينهم أجمعين)(82) ص، قد استثنى(إلا عبادك منهم المخلصين)(82 )ص ،وهو يعلم مسبقا قول الله تعالى ((إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين)) (42)الحجر، وعبادُ الله هم المؤمنون فليس له عليهم سلطان،قال تعالى ((أِنه ليس له سلطان على الذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون ))(99)النحل،((أنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون))(100) النحل،ثم هو بنفسه يعترف لمن أغواهم في خطبة أخيرة له فيهم في النار((وقال الشيطان لما قضي الامر إن الله قد وعدكم وعد الخير ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي أِني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم )) (22)إبراهيم ،فإذا كان كيده ضعيفاً فإن الذين يستجيبون له هم الضعاف ضعاف النفوس وأصحاب الهوى وأولو اللذائذ ،وعُباد الشهوات ،واللاهثين وراء المنصب والجاه الزائف الزائل بغير هدى، وأهل الشرك والمنافقين، فأولئك وامثالهم قلوبهم فارغة وعزائمهم خائرة غير مشحونين بالايمان فسرعان ما تنفذ اليهم الشياطين فيسقطون في حبائلهم. كما أننا نلمس حرص إبليس اللعين على إغواء من يستطيع بكل ما يستطيع حين قال(ولاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين))باستعمال اللام لام التوكيد،فهو في حركة مستمرة حول الانسان يدور حوله ويحيط به كإحاطة الصوار بالمعصم ليدخل من أي نافذة فُتحت له،ونلاحظ ان ابليس اللعين لم يقل(ومن فوقهم فأنّى له أن يكون فوق الانسان والانسان أكرم منه وأعز عند الله لو أدرك ذلك البشر عموما،فكيف يكون فوق الانسان وقد أُمر أن يسجد له،وهذه مكرمة لو أدركها الناس لعرفوا أنهم مكرّمون ابتداءً عند ربهم قبل أن يحي من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة بعد ارسال الرسل اليهم،هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فإن الشياطين يُقذفون من كل جانب بالشُهُب إذا ما حاولوا الصعود إلى أعلى قال تعالى((لا يسّمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب))(8)الصافات ،وقال تعالى((فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا)).كما أن فيها إشارة على أن الله تعالى((و هو القاهر فوق عباده)) وهو فوق السماوات والارض ولا يسمح لأحد أن يكون حاجزاأو حاجبا ما بينه وبين خلقه فالاتصال مع السماء يبقى مفتوحا لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها قال تعالى((يوم يأتي بعض ايات ربك يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن امنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا))الانعام(158). ولو أعربنا (صراطَك)في الاية (12)الاعراف-موضوع البحث- فانها:مفعول به منصوب على نزع الخافض،والخافض المنزوع-أي المحذوف-هو حرف الجر.والمفعول به يقع عليه فعل الفاعل،والفاعل إبليس ،وهذا النوع من الحذف موجود في القران الكريم قال تعالى((واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا))الاعراف(155)،والتقدير (واختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقاتنا))،ومن الشعر العربي الفصيح ،قول الفرزدق :منا الذي اختير الرجال سماحةً--------وخيراً إذا هب الرياح الزعازعُ والتقدير:منا الذي اختير من الرجال سماحةً وبما أن الاية القرانية قالها الله تعالى على لسان إبليس فيكون إبليس مدركا بنفسه أنه لا يستطيع القعود على صراط الله المستقيم ،والذي هو صراطَ الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية ادم كما هو مبين في سورتي( الفاتحة)(مريم)،أي هو رسالات الله إلى البشر على مر العصور وما حوته من شرائع الُهدى تستقيم بها وعليها حياتُهم،ولكل نبي أتباع امنوا به فسعدوا بما اتاهم من الهدى ،وهم المؤمنون فهم محصنون من قعود الشيطان على طريقهم باتباعهم صراط انبيائهم الحصين أصلا، واّخرهم أتباع محمد-صلى الله عليه وسلم-فالايمان والتقوى بالتزام ما أمر الله ،واجتناب ما نهى عنه في رسالته الخاتمة(الاسلام)هى أقوى الحصون التي لا يستطيع الشيطان اعتلاءها،قال تعالى ((الذين امنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون)) الانعام (82)،فهلا أدرك المسلمون النعمة التي هم عليها فاستمسكوا بها؟ واخيرا فإن الشيطان للانسان عدو يجب الحذر منه وقد حذرنا الله تعالى في ايات كثيرة منه قال تعالى((ألم أعهد إليكم يا بني ادم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلاِ كثيرا أفلم تكونوا تعقلون)) أرأيتم حرف الجر الذي قيل عنه(يجر الجبل)فإذا ما حُذف من طريق الشيطان تعثر وبقي الجبل ثابتا. اللهم انا نعوذ بك من همزات الشياطين ونعوذ بك ربّ أن يحضرون ،اللهم فقهنا في القران وارزقنا حسن تلاوته وتدبر بلاغة معانيه. بقلم الشاعر:داود العرامين/فلسطين
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
بســم الله الـرحمــن الرحيــم شكرا جزيلا لك (السامع المطيع)على المرور وحسن التعليق وعلى الدعاء ولك مثله مني وزيادة وتقبل تحياتي العطرة شكرا لكل من مر على الموضوع[size="5"][/size]
المنتدى: أدب و شعر
· مشاهدة الموضوع: #12762
· الردود: 11
· المشاهدات: 5,860
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
بســم الله الـرحمــن الرحيــم شكرا جزيلا لك(أم عاصم)من أسرة المنتدى على المرور وحسن التعليق والدعاء ولك مثله وزيادة،وتقبلي تحياتي العطرة شكرا لكل من مر على الملحمة
المنتدى: أدب و شعر
· مشاهدة الموضوع: #12653
· الردود: 11
· المشاهدات: 5,860
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 69
التسجيل: 17-May 12
رقم العضوية: 1,901
بســم الله الـرحمــن الرحيــم شكرا جزيلا لك (أبو احمد 1)على المرور وحسن التعليق ،دمت بخير وتقبل تحياتي العطرة شكرا لكل من مر على الملحمة أتمنى ممن يقراها ان ينشرها ليعم الاجر وتصل الفائدة
المنتدى: أدب و شعر
· مشاهدة الموضوع: #12612
· الردود: 11
· المشاهدات: 5,860