منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

56 الصفحات V   1 2 3 > » 

حلبجه
تاريخ المشاركة: Jan 6 2019, 07:51 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908









السؤال: توالت التصريحات من أردوغان حول الهجوم شرق الفرات، ثم تأجيل الهجوم، ثم معاودة التصريح بالهجوم...إلخ ثم المسارعة إلى روسيا بالتنسيق في العمليات بعد أن طلب الأكراد في منبج الحماية من النظام السوري... وقد تخلل ذلك إعلان ترامب أنه سيسحب الجيش الأمريكي من شرق الفرات... ثم الحديث عن سدّ الفراغ وهكذا... والسؤال هو: ما وراء تردد أردوغان في موضوع الهجوم شرق الفرات؟ وهل هذه الأعمال والتصريحات من أردوغان بالتنسيق مع أمريكا أو دون تنسيق ما يعني اختلافاً في السياسة بين ترامب وأردوغان؟ ثم ما الدافع لانسحاب الجيش الأمريكي من سوريا؟ والمعذرة عن طول السؤال وجزاك الله خيراً.

الجواب: بالتدقيق في الأحداث منذ إعلان أردوغان خطته للهجوم شرق الفرات وإلى إعلان ترامب الانسحاب من سوريا حتى اليوم... يتبين:

أولاً: سياسة أردوغان هي وفق السياسة الأمريكية لا تتجاوزها بشيء ذي بال، بل كما يقال حذو القذة بالقذة، وبيان ذلك:

1- جاء المبعوث الأمريكي لسوريا جيمس جيفري إلى أنقرة واجتمع مع المسؤولين الأتراك 2018/12/7، ورسم الخطة المرحلية الأمريكية في سوريا خاصة في منبج وإدلب، وأكد جيفري، أن التعاون حول منبج أصبح نموذجاً لإحلال السلام في سوريا، حيث ("من غير الممكن إيجاد حل نهائي هناك دون تعاون وثيق بين الولايات المتحدة وتركيا". وحول التعاون مع المسلحين الأكراد، قال: "دائما نؤكد أن عملنا مع قوات سوريا الديمقراطية ضد (داعش) مؤقت، وتكتيكي"... آر تي أون لاين في 2018/12/8)، وبعد أربعة أيام من تلك الزيارة أعلن أردوغان عن خطته الجديدة شرقي الفرات (في خطاب بثه التلفزيون، قال الرئيس التركي "سنشرع في عمليات عسكرية، خلال أيام، لإخلاء شرق الفرات من الإرهابيين الانفصاليين"، مشيراً إلى المناطق التي تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب"... بي بي سي 2018/12/12).

2- بعد الإعلان التركي عن الحملة العسكرية الجديدة شرقي الفرات بساعات صدرت تصريحات أمريكية تعارض ذلك، وكان مركزها البنتاغون (وقال "شون روبرتسون"، المتحدث باسم "البنتاغون"، في بيان، إن "القيام بعمل عسكري من جانب واحد في شمال شرق سوريا خاصة في ظل احتمال وجود أفراد من الجيش الأمريكي هناك أو في محيط المنطقة محل قلق بالغ". وأضاف: "أي أفعال من هذا النوع غير مقبولة بالنسبة لنا"... موقع الخليج الجديد 2018/12/13)، وبهذه المعارضة التي كان مركزها البنتاغون وأعضاء جمهوريين بارزين في مجلس الشيوخ الأمريكي فقد وجدت تركيا نفسها بين رأيين مختلفين يصدران عن واشنطن، لذلك تجمدت الخطة التركية انتظاراً للرأي النهائي في واشنطن! وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الاثنين 12/17 (إن بلاده ربما تشن في أي وقت عملية عسكرية جديدة في سوريا..." وقال أردوغان في خطاب ألقاه بإقليم قونية بوسط البلاد "أعلنا رسميا أننا سنبدأ عملية عسكرية شرقي الفرات". وأضاف "ناقشنا ذلك مع السيد ترامب وكان رده إيجابياً"... رويترز 2018/12/17).

3- أعلن الرئيس الأمريكي ترامب وبشكل مفاجئ يوم الأربعاء 2018/12/19 سحب القوات الأمريكية من سوريا، وأن ذلك بناءً على إنجاز المهمة، وهي دحر "تنظيم الدولة" (قال ترامب: "بعد الانتصارات التاريخية ضد "داعش"، حان الوقت لإعادة شبابنا العظماء إلى الوطن"... وكالة سبوتنيك الروسية 2018/12/20)، وبهذا الانسحاب ظهر وكأن أمريكا تخلي ساحة شرقي الفرات لتركيا، وعلى الفور أعيدت الحياة لخطة أردوغان، فوَفق المصدر نفسه (أرسل الجيش التركي تعزيزات جديدة نحو وحداته قرب الحدود مع سوريا، جنوبي البلاد).

4- بإعلان الرئيس الأمريكي الانسحاب من سوريا فقد ثارت عاصفة من الاحتجاجات بين السياسيين الأمريكان في واشنطن، وعارضها أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري، وبلغ من وقعها أن أدت وبشكل مفاجئ إلى استقالة وزير الدفاع الأمريكي (تقدم وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس باستقالته من منصبه... ولمح ماتيس بقوة في رسالة استقالته إلى وجود اختلافات في السياسات مع الرئيس ترامب..." بي بي سي 2018/12/21). ومع هذا الحرج في واشنطن قال الرئيس التركي في خطاب بإسطنبول (كنا قررنا في الأسبوع الماضي القيام بتوغل عسكري شرقي نهر الفرات... تحدثنا هاتفياً مع الرئيس ترامب وحدثت اتصالات بين دبلوماسيين ومسؤولين بالأمن وأصدرت الولايات المتحدة بيانات، وقد دفعنا هذا إلى التريث لبعض الوقت. وأضاف أردوغان "أرجأنا عمليتنا العسكرية ضد "المقاتلين الأكراد" في شرقي نهر الفرات حتى نرى على الأرض نتيجة القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا"... رويترز 2018/12/22).

وبهذا يتضح بأن العملية العسكرية التركية شرقي الفرات عادت بعد يومين فقط إلى مرحلة الانتظار مجدداً، لأنها تدور مع الهبّات القادمة من واشنطن، فتنشطها أو تخمدها، وأن التصريح بالهجوم والتأجيل كانت تقتضيه اعتبارات أمريكية منذ زيارة جيفري وما تبع تلك الزيارة، أي أن تركيا لا سياسة لها في سوريا بشكل منفصل عن ما يأتيها من واشنطن بما يكاد ينزل بها من الدوران في الفلك إلى ما يقربها من العملاء، فإن النظام في تركيا كان يراعي مصالح أمريكا أكثر من مصالح تركيا في أحيان كثيرة كما كان في عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"! وكانت تُلزَم بالخطوط الحمراء الأمريكية كما كان في منبج عندما اقتربت منها عملية "درع الفرات"، فتوقفت بعيداً عنها!

ثانياً: أما عن الدافع لقرار الانسحاب الذي اتخذه ترامب فيمكن فهمه من استعراض الأمور التالية:

1- بعد خيبة الأمل التي حصلت نتيجة التدخلات الأمريكية في أفغانستان والعراق، دافع الرئيس الأمريكي أوباما في وقت سابق عن شكل جديد من أشكال التدخل الذي استبعد أو قلل من مشاركة القوات الأمريكية فيها، واعتمد بشدة على الحلفاء لتزويدهم بالجنود في القتال. ومنذ بداية الصراع السوري، حشدت أمريكا أتباعها في المنطقة مثل تركيا وإيران ودول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الاتحاد الأوروبي للعب دور فاعل في إحباط الثورة ضد الأسد. وعندما لم يكن هذا كافياً، لجأت الولايات المتحدة بشكل علني إلى مساعدة روسيا لإيجاد حل دبلوماسي عن طريق اتفاقات جنيف... ومع ذلك فلم تُخلِ أمريكا الساحة السورية عسكرياً.

ولما جاء ترامب ركز على هذه المسألة فكان قرار الانسحاب في 2018/12/19 وقد دافع ترامب عن قراره، فكتب تغريدات عدة يوم 2018/12/20 على موقع تويتر: "إنه يفي بتعهد قَطَعهُ أثناء حملته الانتخابية في عام 2016 بالخروج من سوريا. وإن الولايات المتحدة تقوم بعمل دول أخرى منها روسيا وإيران دون مقابل يذكر. وقد حان الوقت أخيراً لأن يحارب آخرون... روسيا وإيران وآخرون هم العدو المحلي للدولة الإسلامية. نحن نؤدي عملهم. حان الوقت للعودة إلى الوطن وإعادة البناء" (وقال ترامب في تغريدة نشرها عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل (الاجتماعي) "تويتر": "خططنا للبقاء في سوريا 3 أشهر، وكان ذلك قبل 7 سنوات، لم نغادر أبداً". وتابع: "عندما أصبحت رئيساً، كانت "داعش" تزداد شراسة، وها هو الآن قد انهزم شرَّ هزيمة، وحان الدور على الدول الأخرى مثل تركيا للقضاء على ما تبقى منه بسهولة، نحن عائدون إلى الديار"... روسيا اليوم 2018/12/22).

وفي الوقت نفسه شكر روسيا وإيران والنظام السوري وأردوغان عندما أدّوا خدمة كبيرة لأمريكا في اتفاق سوتشي حول إدلب يوم 2018/9/17 مذكّرا أنه هو الذي أراد عقد هذا الاتفاق فلبّوا طلبه... فهو يدرك أن روسيا وإيران وحزبها في لبنان وأشياعها وتركيا والسعودية وأتباعهما من التنظيمات وغيرهم مستعدون للقتال للغاية نفسها التي تقاتل من أجلها أمريكا للحيلولة دون سقوط النظام السوري والحيلولة دون عودة الإسلام، فقد تعهدوا بذلك سراً وعلناً في اتفاقيات جنيف وأستانة وسوتشي وفي الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بسوريا وخاصة قرار 2254 الذي تقدمت به أمريكا إلى المجلس ونال الإجماع وأصبحت كل هذه الأطراف وغيرها تطالب بتطبيقه. وقد ذكرنا في جواب سؤال بتاريخ 2018/7/29 أن من خطط أمريكا: ("الاعتماد على قوى إقليمية "لحفظ السلام"، وقد تستقدم قوات مصرية وسعودية وتركية لهذا الغرض. وهذا الكلام ليس جديداً... ولم ينته هذا التصور الأمريكي للحل في سوريا والقاضي باستجلاب قوات من الخارج... إن إدارة دونالد ترامب تخطط لإحلال قوات عربية محل القوات الأمريكية في سوريا لحفظ الاستقرار في شمال شرق البلاد بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية...") وقد أعلن ترامب ذلك مباشرة في تصريحاته الأخيرة.

2- إن ترامب يفكر بعقلية التاجر التي تسيطر عليها فكرة الربح والخسارة، فهو يريد توفير نفقات الجنود الأمريكيين على الخزينة الأمريكية، ومع أن السعودية والإمارات كانت تدفع معظم نفقات الجنود الأكراد وتسليحهم وكذلك تساهم في تكاليف التحالف الدولي: (المملكة العربية السعودية والإمارات، باتوا في الآونة الأخيرة أحد أهم القوى الناعمة اللاعبة داخل سوريا، على خلفية تقارير إعلامية ذكرت دعم الرياض لكرد سوريا، على الحدود التركية... مصر العربية في 2018/12/4). وكذلك أعلنت السعودية يوم 2018/12/14 تسديد مبلغ للتحالف الدولي الذي تقوده أمريكا. فقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت ("إن السعودية ساهمت بمئة مليون دولار في حين تعهدت الإمارات بتقديم 50 مليونا في التمويل الجديد"... الخليج أونلاين 2018/12/17) ومع ذلك فهو يريد أن تُغطّى كل نفقات جنوده وتكاليف تنقلاتهم وأسلحتهم لأنه يعدُّ تلك النفقات خسارة في عرفه كتاجر، ومن ثم يريد أن يقوم بهذا الدور غيره، وهذا ظاهر غير خفي في تصريحاته التي نقلتها رويترز 2018/12/20 عقب قراره الانسحاب من سوريا (وأضاف "هل تريد الولايات المتحدة الأمريكية أن تصبح شرطي الشرق الأوسط، وألا تحصل على شيء سوى بذل الأرواح الغالية وإنفاق تريليونات الدولارات لحماية آخرين لا يُقدِّرون، في معظم الأحيان، ما نقوم به؟ هل نريد أن نظل هناك للأبد؟ حان الوقت أخيراً لأن يحارب آخرون") من كل ذلك يتبين أن أمريكا تريد أن يقوم الآخرون بحروبها، فتسيل دماؤهم بدل دمائها، وتُفتح خزائنهم بدل خزائنها!

3- إن ترامب يريد أن تنشغل الأطراف بالحل السياسي كما تريد أمريكا وليس بالأعمال العسكرية على الأقل في الظروف الحالية وقد صنع ذلك بتوقيف حشود روسيا والنظام تجاه إدلب لأنه يريد تأمين الحل السياسي وفق مخططاته قبل كل شيء، وقد أشرنا إلى ذلك في جواب السؤال الذي أصدرناه في 2018/9/22: (وقد باتت روسيا تعي هذه السياسة الأمريكية... لذلك لم تستطع إكمال هجومها الذي أعدت له لإنهاء الأزمة في إدلب على طريقتها لأن تركيا بدفع من أمريكا اعترضت وإيران صمتت... وهكذا فشل اجتماع إيران 2018/9/7 في إقرار خطة روسيا لمهاجمة إدلب وإنهاء الأزمة على طريقة روسيا، ولم يمضِ سوى بضعة أيام حتى عُقد اجتماع أردوغان بوتين وحل محل الهجوم إنشاءُ منطقة منزوعة السلاح وذلك بمباركة أمريكية! فقد نقلت وكالة نوفستي يوم 2018/9/18 عن مسؤول في الخارجية الأمريكية قوله للوكالة: "نرحب ونشجع روسيا وتركيا على اتخاذ خطوات عملية لمنع الهجوم العسكري من حكومة الأسد وحلفائه على محافظة إدلب"... وهكذا أوقفت روسيا قصفها على إدلب وأعادت سفنها التي ناورت في البحر المتوسط، ولا تزال تستجدي أمريكا مباشرة أو عبر تركيا لحسم موضوع إدلب عسكرياً قبل الحل السياسي... ولكن أمريكا تريد الحل السياسي قبل أي حسم عسكري في إدلب لاستعمالها ورقة ضغط لابتزاز روسيا حول قواعدها العسكرية في سوريا ومن ثم تجعل المعارضة تعرض موضوع القواعد في الحل السياسي... أي أن اهتمام تركيا ومن ورائها أمريكا بمنع هجوم روسيا على إدلب كان في الدرجة الأولى لمصلحة أمريكا وليس لمنع النظام من الوصول لإدلب أو لحماية المدنيين، بل في الوقت الذي تُحكِم فيه أمريكا الحل الذي تريد وتُخضع له روسيا فحينها تهون عندهم دماء إدلب، مدنيين أو غير مدنيين، منزوعة السلاح أو غير منزوعة السلاح... وسيرتهم تنطق بذلك في مناطق سوريا المختلفة، وجرائمهم تتقدمهم من كل جانب...) انتهى الاقتباس. وهكذا فإن ترامب باتخاذه قرار الانسحاب فقد قرَّب الأطراف من هذا الهدف، فهو قد خدع تركيا بأن جعلها تظن أنها ستسد فراغ انسحاب القوات الأمريكية... وأدخل الرعب في قلوب الأكراد بتهديدها من قبل تركيا، فسارعت إلى النظام تطلب منه أن يحميها، وهذا ما أراده النظام، فأمام تهديدات تركيا للأكراد في منبج توجه النظام بقواته إلى منطقة منبج... ولأن روسيا تدعم النظام وفي الوقت نفسه متفقة مع تركيا، وإذن يصبح من الصعب أن تقاتل تركيا النظام في منبج إلا إذا جدَّت علاقات جديدة في المنطقة... وهكذا جعل ترامب الأطراف لا تجد ميسوراً أمامها إلا أن تبدأ في أحاديث التسوية وفق ما تريد أمريكا! وقد بدأت بعض الأطراف تتحدث بذلك علناً وآخرون يتحدثون سراً:

أ- أشارت الناطقة باسم الخارجية الروسية إلى (أن قرار واشنطن سحب القوات من سوريا عليه المساهمة في التوصل إلى تسوية شاملة للوضع، مشيرة إلى عدم وجود وضوح في الجدول الزمني للانسحاب من سوريا... سبوتنيك عربي 2018/12/26).

ب- مصادر "المدن" (أكدت أن عملية السيطرة على منبج والتي أعلن عنها منذ يومين، توقفت بطلب من الجانب التركي، وتم تأجيلها بهدف إجراء المزيد من المفاوضات التركية مع روسيا وأمريكا... المدن 2018/12/27) انتهى

وعليه فقد استطاع ترامب أن يحول جهود الأطراف إلى التسوية التي مهد لها بموضوع الانسحاب الذي صرح به... حيث أصبحت الأطراف لا تجد أمامها إلا مخطط أمريكا بالتسوية لأزمة سوريا.

4- ثم إن العامل الانتخابي هو كذلك من الأسباب المعتبرة ذات الأهمية عند ترامب، فإن لدى ترامب موقفاً شخصياً قديماً ضد الحروب الخارجية، وفقا لحملة "أمريكا أولا" التي جعلته يفوز في الانتخابات، ومن ثم فإن الدعوة إلى انسحاب القوات من سوريا وأفغانستان تعود بالنفع عليه شخصياً، من أجل الحملة الانتخابية المقبلة لعام 2020. ولذلك فهو مهتم بعودة 2000 من القوات الأمريكية من سوريا (ذي غارديان في 2018/12/19) و 7000 من أفغانستان، (npr في 2018/12/21) ومن ثم يحظى بشعبية عند الشعب الأمريكي بشكل عام تساعده في إعادة انتخابه في عام 2020.

ثالثاً: وهكذا فقد أوجد ترامب صداعاً بل فوق الصداع لعملائه والأتباع نتيجة قراره بالانسحاب حتى قبل تنفيذه البطيء الذي قد يستغرق أشهراً، هذا إذا تم بكامله... وبتدبر ما جرى ويجري يتبين أن ترامب لا يقيم وزناً للعملاء والأتباع، ولو كانوا يعقلون لانفضوا من حوله ولكنهم لا يعقلون! فاستعملهم لتنفيذ مخططاته بالإذلال والخداع ولم تسلم من ذلك روسيا وأوروبا:

1- فالأكراد الذين هم طوع بنان أمريكا ظنوا أن أمريكا تدربهم وتسلحهم لينفصلوا عن سوريا وتقيم لهم دولة تتكفل أمريكا بحمايتها، وصاروا ينفذون ما تريده أمريكا في سبيل الدولة الموعودة! ولذلك كانوا الخط الأمامي في كل قتال تريده أمريكا! وقد أشاد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك أشتون كارتر بالقوات الديمقراطية السورية، وهي المظلة التي نظمت في إطارها الفصائل الكردية من قبل الولايات المتحدة. وقال كارتر عنهم ("أثبتوا أنهم شركاء ممتازون لنا على الأرض في محاربة (داعش). ونحن ممتنون لذلك، ونعتزم الاستمرار في ذلك، مع الاعتراف بتعقيدات دورهم الإقليمي". (صحيفة حريت ديلي نيوز، 18 آذار/مارس 2016) وهكذا ظن الأكراد أن أمريكا ستَبقى داعمة لهم في السرِّ والعلن ولم يلفت نظرهم تصريح جيمس جيفري، الممثل الخاص للولايات المتحدة في سوريا المذكور آنفاً: (... وحول التعاون مع المسلحين الأكراد، قال: "دائما نؤكد أن عملنا مع قوات سوريا الديمقراطية ضد داعش مؤقت، وتكتيكي"... آر تي أون لاين في 2018/12/8)، بل استمروا في عمالتهم ولهذا سهُل على أمريكا توظيفهم حيث تريد خدمة لمصالحها هي وليس لمصلحتهم! وعندما اقتضت مصلحة أمريكا إصدار قرار الانسحاب وترك ظهرهم مكشوفاً أمام تهديدات تركيا أصدرت أمريكا القرار ودون أخذ مصلحة الأكراد في الاعتبار... وهذا ما دفعهم إلى أحضان النظام وهو ما كانت تبغيه أمريكا لجعل النظام يعود إلى شمال سوريا وبطلب من الأكراد! (حث قادة الأكراد، الذين يسيطرون على معظم شمال سوريا والذين أزعجهم قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المنطقة، روسيا وحليفتها دمشق على إرسال قوات لحماية الحدود من خطر هجوم تركي... وتكشف دعوة الأكراد لعودة قوات الحكومة السورية إلى الحدود، التي خضعت لإدارة المسلحين الأكراد لسنوات، عن عمق أزمتهم في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ سحب القوات... سبوتنيك عربي 2018/12/27) وقد اعتبرت قوات سوريا الديمقراطية قرار الانسحاب الأمريكي المفاجئ من شرقي سوريا ("طعنة في الظهر وخيانة لدماء آلاف المقاتلين"، في أول تعليق لها على القرار، الأربعاء. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصادر وصفها بالموثوقة، أن جهات قيادية في قوات سوريا الديمقراطية "اعتبرت انسحاب القوات الأمريكية في حال جرى، خنجراً في ظهر قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردي"، التي سيطرت خلال الأشهر والسنوات الفائتة على أكبر بقعة جغرافية خاضعة لسيطرة تنظيم "داعش"، وهي منطقة شرق الفرات مع منبج. موقع التحرير نيوز في 2018/12/19) انتهى

2- وكذلك تركيا فقد أصبحت في حرج، فقد كانت تظن أن انسحاب أمريكا سيجعلها هي التي تسد الفراغ وبخاصة أن قرار الانسحاب كان بعد اتصال ترامب وأردوغان من خلال تلك المكالمة... فقد ذكرت روسيا اليوم 2018/12/19 (كشف مسؤول أمريكي مطلع أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اتخذ قرار سحب قوات الولايات المتحدة من سوريا نتيجة محادثاته الأخيرة مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان. وأوضح المسؤول الأمريكي، في حديث لوكالة "رويترز"، اليوم الأربعاء، أن القرار تم اتخاذه بعد مكالمة هاتفية جرت بين ترامب وأردوغان الجمعة الماضي. وقال المصدر ذاته مبيِّناً: "كل ما حدث لاحقاً يجري تطبيقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال هذه المكالمة الهاتفية".) وعن المكالمة الهاتفية بين أردوغان وترامب فقد نقلت وكالة الأناضول التركية 2018/12/21 (وقال الرئيس التركي "ترامب سألنا: هل بوسعكم القضاء على (داعش)؟" واستطرد أردوغان: "نحن قضينا عليهم، ويمكننا مواصلة ذلك مستقبلا... يكفي أن تقدّموا لنا الدعم اللازم من الناحية اللوجستية... في النهاية بدأوا "الأمريكيون" بالانسحاب. والآن هدفنا مواصلة علاقاتنا الدبلوماسية معهم بشكل سليم"). هكذا كانت تركيا تظن بأنها هي التي تملأ الفراغ... لكن الذي حدث هو تحرك النظام إلى منبج بطلب من الأكراد! (وتجمّع نحو ألف عنصر من قوات النظام، برفقة دبابات وعربات دفع رباعي مزودة برشاشات ثقيلة، في نقطة معبر التايهة. ودخل نحو 40 عنصراً من قوات النظام إلى نقطة مشتركة مع "قسد" في قرية اليالني شمال شرقي العريمة. وهي النقطة الأولى التي تتمركز فيها قوات النظام بعد الاتفاق مع "قسد" على نشر قوات مشتركة مقابل نقاط سيطرة الجيش الحر والقوات التركية... موقع المدن 2018/12/27).

ومن ثم توجه وفد تركي في 2018/12/29 وهو مكون من وزير الدفاع التركي والخارجية ورئيس الأركان لمناقشة الموضوع... ولكن تصريحات بعض المسئولين الروس كانت مستفزة لتركيا: فالمتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قالت الأربعاء 12/27، (إنه "يجب أن تسيطر السلطات السورية على الأراضي التي سيخرج منها الأمريكيون". وتابعت زاخاروفا: "بطبيعة الحال يظهر سؤال أساسي: من سيسيطر على المناطق التي سيتركها الأمريكيون؟ من الواضح أن هذا يجب أن يكون من قبل الحكومة السورية بموجب القانون الدولي..." وأعلنت زاخاروفا: "نقوم بتنسيق وجهات النظر عن كثب وننفذ سياسات محددة على المسار السوري مع الزملاء الأتراك، سواء باتجاه السياسة الخارجية أو في مجال العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب على الأرض"... موقع المدن 2018/12/27) وقال السيناتور الجمهوري الأمريكي البارز لينزي غراهام أيضاً (إن ترامب ملتزم بالتأكد من عدم اشتباك تركيا مع قوات وحدات حماية الشعب عقب انسحاب القوات الأمريكية من سوريا وأكد لتركيا حليفة بلاده في حلف شمال الأطلسي إقامة منطقة عازلة في المنطقة للمساعدة في حماية مصالحها. وتَعتبِر تركيا وحدات حماية الشعب فرعاً للحركة الانفصالية الكردية في أراضيها وتهدد بشن هجوم على هذا الفصيل... عربي بوست في 2018/12/31).

ثم أعاد الجيش الروسي، العمل بـ"مركز التنسيق الروسي للمصالحة في سوريا" ("في بلدة العريمة بريف منبج، بعد انسحابه منها قبل فترة"... موقع المدن 2018/12/27)، وكل ذلك أوجد ويوجِد عقبات أمام تركيا في ملء الفراغ!

3- وحتى روسيا الدولة القوية نسبياً فإن أمريكا تنتقل بها من أزمة إلى أخرى... وروسيا تدرك أنها غرقت في مأزق سوريا منذ تدخلها العسكري في سوريا بعد اجتماع أوباما وبوتين في 2015/9/29 فكان بوتين يأمل في مقابل ذلك رفع العقوبات نتيجة القرم ولكنها لم تُرفع... ثم كانت روسيا تريد حسم موضوع إدلب عسكرياً لتتحلل من عبء سوريا وتخرج من ذلك المأزق وليأخذ الحل السياسي بعد ذلك الوقت الطويل، فلا يضرها ما دامت تحللت من العمل العسكري في سوريا... لكن أمريكا حالت دون ذلك إلا أن يكون الحل السياسي أولاً... وقد ذكرنا هذا الأمر في جواب السؤال الذي أصدرناه في 2018/9/22 المذكور آنفاً (وهكذا أوقفت روسيا قصفها على إدلب وأعادت سفنها التي ناورت في البحر المتوسط، ولا تزال تستجدي أمريكا مباشرة أو عبر تركيا لحسم موضوع إدلب عسكرياً قبل الحل السياسي... ولكن أمريكا تريد الحل السياسي قبل أي حسم عسكري في إدلب لاستعمالها ورقة ضغط لابتزاز روسيا حول قواعدها العسكرية في سوريا ومن ثم تجعل المعارضة تعرض موضوع القواعد في الحل السياسي...).

ثم زاد الطين بِلَّة قرار ترامب بالانسحاب!!! ثم ما حدث بعد ذلك من كون روسيا أصبحت بين النظام وبين تركيا في منبج وباقي مناطق الأكراد شرق الفرات! فروسيا تدعم النظام، وبين روسيا وتركيا اتفاقات، وحشود تركيا وقوات النظام يقتربون، وروسيا بينهما ما يجعل روسيا في مأزق إذا اندلع القتال... وهكذا فأمريكا تنتقل بروسيا من مأزق إلى آخر!

4- وأما أوروبا فمنها من كان مشاركاً مع التحالف الدولي وانسحاب أمريكا سيتركهم في حرج فهم لا يستطيعون البقاء وحدهم... وفي الوقت نفسه كانوا يريدون بقاء أمريكا تعاني في سوريا لا أن تراقبهم من بعيد بسلام! ولذلك "احتجوا وهاجموا" قرار الانسحاب... فقد أعلن المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية: "أن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة قد أحرز تقدماً كبيراً لكن لا يزال هناك كثير من العمل، ويجب ألا نغفل عن التهديد الذي يشكله التنظيم حتى بدون أرض، لا يزال التنظيم يشكل تهديداً". (يورو نيوز 2018/12/19) أي يُبطل التصريحُ حجةَ ترامب التي أعلنها سبباً للانسحاب... وكذلك انتقد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بسحب القوات الأمريكية من سوريا، مشدداً القول على أن "الحليف يجب أن يكون محل ثقة". وقال متحدثاً من العاصمة التشادية نجامينا، "أشعر بأسف شديد إزاء القرار" الذي اتخذه ترامب بشأن سوريا. وقال ماكرون "أن تكون حليفا يعني أن تقاتل جنبا إلى جنب"، مضيفا أن فرنسا تفعل ذلك مع تشاد في قتال الجماعات المسلحة الجهادية. بي بي سي 2018/12/23) انتهى

رابعاً: وأخيراً فإنه من المؤلم أن يتحكم الكفار المستعمرون في قضايانا، فهم يقررون... والحكام في بلاد المسلمين ينفذون... دون أن يستحيوا من الله العزيز الحكيم ولا من رسوله صلوات الله وسلامه عليه، بل كلما بُيِّن لهم الحق نأوا عنه إرضاءً لسادتهم ومن ثم يبقونهم في مناصبهم، ولم ينظروا في ما مضى من أشياعهم عندما انتهى دورهم فلفظهم أسيادهم، فأهلكوا أنفسهم بأيديهم في الدنيا والآخرة، وذلك لبعدهم عن الحق الذي بُيِّن لهم ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ ومن ثم يخسرون دنياهم وأخراهم وذلك هو الخسران المبين.

في الثالث والعشرين من ربيع الآخر 1440هـ

2018/12/30م

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #21569 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Nov 24 2018, 09:05 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







لقد كان اتفاق سوتشي الخياني؛ يقضي بإيجاد منطقة عازلة على عمق 20كم؛ على امتداد خطوط التماس مع نظام طاغية الشام، ويقضي أيضا بفتح الطريق الواصل بين العاصمة دمشق وحلب، والطريق الواصل بين مدينتي اللاذقية وحلب، وغيرها من البنود التي لا تقل خطورة عن هذه البنود.

ويعتبر هذا الاتفاق منعطفاً خطيراً في مسار ثورة الشام؛ ولا زالت بنوده تضيِّق الخناقَ على رقبتها شيئاً فشيئاً تحت مسميات عدة؛ ظاهرها فيها الرحمة؛ وباطنها من قبلها العذاب، إمعاناً من القائمين عليه في تضليل أهل الشام؛ ليسهل عليهم تمرير مخرجاته وتنفيذ بنوده، ولعل بند فتح الطرقات لا يقل خطورة عن غيره من البنود؛ ويحمل في طياته مخاطر عظيمة تتمثل في أمور عدة أهمها:

- تنفيذه بوصفه أحد بنود اتفاق سوتشي؛ مما سيجعل فكرة إسقاط نظام القتل والإجرام من الماضي؛ ويمهد للحل السياسي الأمريكي.

- إعطاء الشرعية لنظام الإجرام عند السماح له بالمرور منها.

- فقدان القدرة على التحكم بالطرقات؛ لأنها ستكون تحت الحماية الدولية مما يعني خسارتها.

- إعطاء النظام مكاسب سياسية كبيرة وإعادة شرعيته الدولية بشكل كامل واعتبار الثوار كنتونات (إرهابية) يجب ترويض أهلها لإعادتهم إلى حظيرة النظام.

- تقطيع المناطق المحررة إلى ثلاثة أوصال مما يسهل العبث بها أمنيا والسيطرة عليها لاحقا.

- خروج الطرق الرئيسية عن سيطرة الثوار سيسهل الخروقات الأمنية المحتملة بشكل أكبر، مما سيزيد في عملية التصفيات للمخلصين من أبنائنا وإخوتنا، وسيسهل عمليات خطف بعضهم ونقلهم إلى أقبية الموت والقمع التي ثاروا للتخلص منها.

- تمكين النظام من وصل المدن الرئيسية بعضها ببعض وهذا مكسب كبير على كافة الصعد.

أيها المسلمون في الشام عقر دار الإسلام:

إن الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا يمكرون بثورتكم ليل نهار؛ مستخدمين بذلك أدواتهم في المنطقة من الحكام العملاء؛ مستخفين بشعارات إنسانية جوفاء وهم أبعد ما يكونون عنها؛ والأحداث شاهدة على ذلك، فلا تنخدعوا بشعاراتهم؛ ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ فهم العدو الذي أمرنا ربنا أن نحذره ولا نخضع لحلوله ومكره.

ولنسارع للعمل مع المخلصين الواعين من أبنائنا وإخوتنا لإسقاط مؤتمر سوتشي الخياني، ورفض كل مقرراته القاتلة؛ ولنحذر التنازل عن أهم ثوابت ثورتنا المتمثلة بإسقاط نظام الإجرام، وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة؛ ففي ذلك عز الدنيا وفلاح الآخرة. قال تعالى: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾.

أحمد عبد الوهاب

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير / ولاية سوريا

المكتب الإعلامي لحزب التحرير

ولاية سوريا عنوان المراسلة و عنوان الزيارة

تلفون: +905350370863 واتس

http://www.tahrir-syria.info E-Mail: syriatahrir44@gmail.com media@tahrir-syria.info


ولاية سوريا

التاريخ الهجري 10 من ربيع الاول 1440هـ رقم الإصدار: 1440 / 003

التاريخ الميلادي الأحد, 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 م

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #21320 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Nov 13 2018, 11:20 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







لم يكن مشهد الجنوب "حوران" عندما وقع في فخ التآمر الدولي، بدعاً من الأمر، بل كان حلقة من مسلسل المؤامرات التي حاكتها دول الكفر وعلى رأسها أمريكا، محاولة القضاء على هذه الثورة المباركة!

وقد كان دور "رجال المصالحات" و"الضفادع" بارزاً في ذلك، بل كان دوراً أساسياً وخطيراً قامت به حثالة من المتسلقين والمنتفعين، وكثير منهم كان قد أرهق الثورة والناس - عندما كانوا في صف الثورة - بأعمال مكشوفة رهنوا الثورة ووضعوا مصيرها بيد أعداء هذه الأمة عبر الموك والموم، أو من خلال المزاودة على المخلصين من أبناء الأمة الذين ما برحوا يحذرونهم من الانجرار إلى دهاليز الغرب والدخول معهم إلى الغرف السوداء، والتي كانت نتيجتها بيع التضحيات الجسام التي قدمها أهل الشام الصابرون المحتسبون الذين ما فتئوا يقدمون الغالي والنفيس في سبيل الوصول بالثورة إلى النصر المبين المتمثل في إسقاط هذا النظام العلماني وإقامة نظام الإسلام العظيم.

فقد ظنت هذه الفئة المنتفعة بروسيا والنظام خيراً، فوثقت بهم وسلمتهم نفسها في بداية الأمر، ثم سلمتهم أهلها وديارها "على شاكلة ابن مفلح الحنبلي فقيه دمشق أيام التتار"، الذي سرعان ما بدأ بالبطش والتنكيل به، بعد أن تمكن من دمشق وأهلها!

وهكذا أعاد التاريخ نفسه، فقد ألقي القبض على الكثير من هذه الفئة، إن كان في الجنوب أو في حمص والغوطة، كما صُفي العديد منهم، وكذلك سيق الآلاف من أبناء أهل الجنوب والغوطة وغيرهما من المناطق إلى جبهات القتال المشتعلة في المناطق المختلفة ليبطش بهم وليعودوا إلى بيوتهم جثثاً هامدة.

كما ابتدع النظام طريقة أخرى في الفتك برجال المصالحات، انتشرت هذه بشكل واسع في مناطق الجنوب، إذ قام بدفع أزلامه لرفع دعاوى ذات صبغة جنائية، أغلبها بتهمة القتل أو الخطف والترويع، ومن ثم شن حملة اعتقالات بحق هؤلاء، ليكتشفوا بأنهم وقعوا في فخ مسرحية خطيرة هي المصالحات.

ولهم أن يسألوا الضامن الروسي، عن ضمانته وجدواها، ولم يعلموا بأنه لا يرتجى من مثل هؤلاء إلا الغدر والخيانة، بعدما رأيناهم بأم أعيننا يسوون مدناً وقرىً عامرةً بالأرض، يدمرونها فوق ساكنيها، غير عابئين بأهلها إن كانوا شيوخاً أم أطفالاً ونساءً.

ولقد كان بوسعهم لو فقهوا مساعدة أهلهم أهل الشام الصابرين المحتسبين والاصطفاف بجانبهم ونيل شرف العمل معهم تحت قيادة الثلة الواعية التي لم تخذل أهل الشام يوماً منذ اندلاع ثورتها المباركة لإتمام مسيرة هذه الثورة، نحو تحقيق هدفها العظيم، ولكن يأبى الله إلا أن يميز الخبيث من الطيب، ويأبى الله إلا أن يمحق المنافقين بعد كشفهم وفضحهم على رؤوس الأشهاد في الدنيا والآخرة.

وفي هذه الفترة التي تواجه الثورة أخطر مؤامرة حاكتها دول الكفر وتقوم على تنفيذها أدواتها الإقليمية بزعامة النظام التركي، نرى الكثير من أبناء الأمة لا يزالون غافلين، أو يتغافلون عن القيام بالعمل الحقيقي الذي من شأنه نصرة الثورة والوصول بها إلى بر الأمان، فهم لا يزالون يقومون بالدور نفسه الذي قام به رجال المصالحات وضفادع الجنوب، من الوثوق بالروس أهل الغدر المجرمين والعمل معهم والاستماع لهم، وكذلك هو الحال مع النظام التركي الذي بدأ يدندن على معركة شرقي الفرات، حيث طلب من الفصائل المؤثرة في الشمال تجهيز نفسها ومقاتليها لمساعدة الجيش التركي في مهمته هناك، وقد غاب عنهم أن الحكومة التركية تمتلك جيشاً عرمرماً هو السابع على مستوى العالم، وأنها ليست بحاجة لبضعة آلاف من المقاتلين…، لكنه الخداع الذي يقوم به هذا النظام، ليتمكن من تنفيذ ما تآمر زعيمه أردوغان والمجرم بوتين في سوتشي على أهل الشام عامة وعلى أهل إدلب بخاصة.

فقد رأى بأن مؤامرته هذه مكشوفة لأهل الشام الذين حباهم الله وتكفل بهم، وذلك من خلال إظهارهم لرفض سوتشي من خلال الأعمال الشعبية، من بيانات صدرت عن أغلب المدن والمناطق، ومن خلال التظاهرات الشعبية، وليس آخراً من خلال الوفود الشعبية من مناطق متعددة التي زارت النقاط التركية في إدلب، وحمّلوها كتباً إلى الحكومة التركية، عبروا فيها عن رفضهم لسوتشي ومخرجاته الخطيرة بحقهم وبحق ثورتهم التي قدموا في سبيلها الغالي والنفيس!

فعلى الفصائل والمجموعات والأفراد الذين لا تزال على أعينهم غشاوة أن يتنبهوا ويستفيقوا ويصحوا قبل فوات الأوان، فأدوات الكافر المستعمر لا تزال تفتك بثورتكم وبأهلكم وتكيد بكم لترجعكم إلى نير عبوديتها.

فالنظام التركي يريد أن يخرجكم من إدلب إلى شرقي الفرات ليمكن النظام وروسيا من أهل إدلب تماماً كما فعل عند تسليم حلب، ومناطق شرقي السكة، وهو كذلك مع روسيا يريدون فتح الطرقات الرئيسية التي بنتيجتها ستسلم مناطق شاسعة للنظام بدون إطلاق رصاصة واحدة، وسيستعيد شرعية كبيرة طالما فقدها لسنين، وستكون بمثابة فتح شرايين الحياة له، وسيكون النظام التركي على تماس معه، وحينئذ لن يدخل لإدلب شيء إلا بموافقة النظام.

أمام هذه المخاطر الجسام التي تحيط بأهلنا في إدلب، نسأل المقاتلين المخلصين والثوريين والفاعلين على الساحة ونقول ماذا أنتم فاعلون؟ ألا ترون مصير من وثق بالنظام وروسيا؟ ألا ترون نتيجة المفاوضات والمؤامرات التي تجريها هذه الدول وأنها كلها تكيد بكم وتريد القضاء عليكم؟

لذلك يتوجب عليكم قطع أواصر الغرب الكافر وأدواته الإقليميين، وعدم الوثوق بهم البتة، والعمل مع الثلة المخلصة من أبناء هذه الأمة التي تحمل مشروع خلاصكم، مشروع الإسلام العظيم، الذي سيكنس كل مخلفات الكافر المستعمر من بلادنا إن شاء الله تعالى.

فالعاقل من اتعظ بغيره.. والأمة لن تسامح من خذلها وتآمر عليها والتاريخ لا يرحم، والله يعلم السر وأخفى، ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [سورة غافر: 44]


  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #21246 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Nov 9 2018, 07:34 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908




  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #21232 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Oct 8 2018, 09:25 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هناك عدد من الحقائق الواضحة والتي يجب أن لا تغيب عن أذهاننا وهي:

لم يستطع نظام العمالة والإجرام، وحلف اللئام الذي يدعمه يوماً أن يتقدّموا شبراً على الأرض بقوّتهم العسكرية، وإنما حصّلوا جميع المناطق بالهُدن والمصالحات.

اتخذت الدول التي تكيد لثورة الشام ذريعة حقن الدماء وتحقيق الأمن، لتسويق الهدن والمصالحات مع نظام العمالة والإجرام.

ام الروس ونظام السفاح بشار ومن يدعمه، بخيانة كل الوعود، والتنكر لكل شروط المصالحات التي لم تحقن دمًا، ولم تصن عرضًا ولم تحفظ كرامةً ولا أرضًا.

كل الدول الضامنة لاتفاقات خفض التصعيد والمصالحات شريكة في جريمة التآمر على أهل الشام، وإن اختلفت الأدوار والأوصاف.

إن قادة المنظومة الفصائلية وشرعيّيهم الذين جعلوا المصلحة العقلية لهم إلهاً، يحللون ما حرم الله على أساسها، هم -بغض النظر عن نواياهم- شركاء في جريمة حرف ثورة الشام عن أهدافها وتخليها عن ثوابتها، وفقدانها لبوصلتها، وتسليمهم قرار الثورة لأعدائها والمتآمرين عليها، حتى وصل بنا الحال إلى ما لا يخفى على أحد من تراجع وانحسار.

اتفاق سوتشي بين الحقيقة والتطبيل:

إن حقيقة اتفاق سوتشي ليس كما يُروج المطبلون لتركيا، المخدوعون بسياسة سلطانها، ولا كما يتوهم الحالمون المخدوعون، بأنها نصرٌ عظيم، وفتحٌ مبين، حفِظَ الدماءَ، وأنقذ إدلب وما حولها من الدمار والخراب، بل هو نعش يُراد أن يُحمل فيه ما تبقى من جسد الثورة، بعد القضاء عليه، إلى مثواه الأخير كما يُخطط الأعداء والمتآمرون علينا، حتى يعلنوا احتفالهم الكبير بالقضاء على ثورة الشام والمخلصين من أبنائها، الذين ثاروا على نظام العمالة والإجرام، وعلى ما خلفه من رأسمالية عفنة ونظام دولي مجرم، وتطلعوا إلى تطبيق شرع ربهم وإقامة دولة عزهم، دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

إن اختلاف طريقة القضاء على ثورة الشام واستبدال الأعمال السياسية بالأعمال العسكرية؛ لن يُغيّر من حقيقة سعي الجميع لتحقيق نفس النتيجة وإن اختلفت الطريقة والأساليب، وإذا كانت الغاية التي اتفق عليها الجميع هي موت ثورتنا والقضاء على آخر نفَس فيها؛ فمن الغباء أن نُصفّق لمن يحاول خنقنا بدعوى أنه أرحم بنا من الذي يحاول سحقنا بآلته العسكرية الفتاكة، ومن العار أن نُطبل ونصفق ونمتدح من يلف حبل الموت حول أعناقنا؛ بدعوى أنه أفضل ممن يريد قتلنا بطائراته وصواريخه، فالقتل هو القتل مهما اختلفت أساليبه وطرائقه.
سوتشي هو كأس الموت الذي يُراد لنا أن نتجرعه مبتسمين، وهو حبل المشنقة التي يراد أن نسير نحوه فرحين ونحن نتغنى بأمجاد قاتلنا العظيم.
أليس تسليمنا لتحصيناتنا في الخطوط الأولى؛ والتي بذلنا من أجل إقامتها الجهود والأموال والدماء، هو بمثابة تجرع السم القاتل.
وهل سحب السلاح الثقيل من نصف المحرر باتفاقٍ سياسي يُعتبر ذكاءً من الضامن التركي ونصراً لثورتنا؛ أم هو حبل موت يلتف حول أعناقنا؟!!!.
هل تسليم الطرقات الدولية (حلب-حماه) و(حلب-اللاذقية) ليُشرف عليها نظام الإجرام والروس والأتراك؛ مصلحةٌ للثورة أم مقتلة لها؟!!!، وهل يرضى نظام سفاح دمشق ومن يدعمه أن يُشارك الثوار بالإشراف على الطرقات الدولية التي تحت سيطرته.
وهل وجود المنطقة العازلة [15 -20 كلم على طول خطوط الرباط]؛ التي تفصل مناطق الثوار عن مناطق نظام الإجرام؛ ليتوقف عندها الجهاد؛ وتتفرغ بعدها الفصائل للاقتتال؛ الذي تُدق طبولُه وتنعق غربانُه؛ هو نصرٌ عظيمٌ أم شرٌ مستطير؟؟!!!.
وهل القضاءُ على فكرة إسقاطِ النظام؛ وشعارِ (الموت ولا المذلة)؛ الذي صدحت به حناجر أهل الشام نابعا من قناعتها، ليحل محله الرضى بعيش الذل والهوان والعودة إلى حظيرة نظام القتل والإجرام ليحكمنا بالكفر؛ ويسوسنا بالظلم والانتقام، هو فرج نُهلل له؛ أم عيش ذلٍّ وهوان نرتضي أن نحيا بظله؟؟!!!.
أمَا علم المروجون لهذا الاتفاق؛ وما يتضمنه من بنود وأفكار؛ أنَّه يهدف إلى فصل المجاهدين المخلصين عن حاضنتهم الشعبية؛ وتهيئة هذه الحاضنة للوقوع في مستنقع اليأس والاستسلام؛ وبذلك يفقد الثائرون سندهم الطبيعي؛ فيسهل اجتثاثهم والقضاء عليهم، فهل هناك أخطر على الثورة وأبنائها من ذلك الخطر الداهم؟؟!!!.
ولكن الكثيرين يتساءلون عن سبب تحول طبول الحرب التي كانت تُقرع إلى ما نتج عن سوتشي من مقررات منها "مناطق منزوعة السلاح" وإعطاء تركيا الدور الأبرز في إدلب وما حولها، وسنركز على الوضع الداخلي أكثر من الوضع الدولي، حيث تريد أمريكا فرض الحل السياسي على طريقتها، واستخدام إطالة الأزمة لترويض الناس؛ والضغط على الروس من خلال إطالة أزمتهم في سورية، حتى تتوصل أمريكا لإزالة القواعد الروسية من سوريا.

أما بالنسبة للوضع داخلياً:

فقبل انعقاد مؤتمر (سوتشي) أظهر كثيرٌ من الناس استعدادهم للمعركة القادمة؛ وأنها -بإذن الله- ستكون حاسمة تقلب الطاولة؛ وما بعدها لن يكون كما قبلها، وقد برز ذلك في مشاركة الناس في تحصين نقاط الرباط؛ وفي المظاهرات التي خرجت بالآلاف تصرُّ على إسقاط النظام.

هذا النَفَس الثوري والاستعداد للتضحية؛ جعل (أمريكا وروسيا وتركيا) يُدركون أن شنّ معركةٍ جديدة سيكون حماقة يرتكبها الدب الروسي؛ فتشتعل الثورة والجهاد من جديد؛ وتنقلب الطاولة عليهم، خاصة وقد ظهر أن هناك حاضنة شعبية للثورة يجب عزلها عن المجاهدين، وهكذا وجدت تلك الدول أن نزع السلاح من نقاط الرباط؛ و"تليين دفاعات إدلب"؛ خيرٌ من حربٍ طائشةٍ قد تقلب الطاولة، فتحوِّل معركة إدلب من معركة للقضاء على آخر أنفاس الثورة إلى معركة بدء التحرير باتجاه دمشق، و يلخص ما سبق قول أحد المسؤولين الروس: "اتفاق سوتشي يهدف لتليين دفاعات إدلب".

ويحقّ لأهل الشام بعد كل ذلك أن يتساءلوا: هل وقف قائدٌ من قادة الفصائل يوماً مسائلاً (الحليف التركي المزعوم) عن خروقات اتفاق أستانة وتهجير الناس من ديارهم؟؟!!! .

يحق لهم أن يسألوا لماذا سقطت مناطق خفض التصعيد واحدة تلو الأخرى؟؟؟؛ والضامن إما مشاركٌ في قتلنا أو مباركٌ لهذه المشاركة.

يحقّ لأهل الشام أيضاً أن يَسألوا (القادة): ماذا بشأن أصابعكم التي قلتم إنها ستبقى على الزناد؟؟!!! ألم تتعهدوا منذ [اتفاق وقف إطلاق النار والهدنة الشاملة في 29-12-2016] أن "أصابعكم ستبقى على الزناد"؟؟؟، فهل لا زالت على الزناد؟ أم أن "الخدر" قد أصابها فقررتم معالجة ذلك بتوجيه بنادقكم باتجاه صدور إخوانكم؟!!!.

هذا واقع الحال وأس الداء فكيف يكون العلاج والدواء:

قطع العلاقات مع الدول المتآمر سواء تلك التي تدعي صداقتنا أو تلك التي تجاهر بعداوتنا.
إدراك مدى الإمكانيات التي نملكها؛ والوعي على ضعف أعدائنا؛ وعدم الوقوع في اليأس وفيما يروج له أعداؤنا من أن الثورة انتهت ونظام السفاح قد انتصر، والإيمان بأننا نأوي إلى ركن متين عندما نتوكل على الله وحده.
الاعتبار والاتعاظ بحوادث التاريخ القديمة والحديثة؛ وتذكر ما حلَّ ببغداد من دمار بعد الاستسلام للتتار، وما حلَّ بأهل "سربرنيتشا" من قتل واغتصاب من قبل الصرب الأشرار؛ عندما وثقوا بوعود الأمم المتحدة وقواتها الدولية ورضوا أن يسلموا أسلحتهم لهم؛ ليُسلموهم بعد ذلك للصرب يُمعنون بهم ذبحا واغتصابا.
رفض كل الحلول التي يطرحها علينا الآخرون؛ حيث يتم تخييرنا بين طريقتين للقضاء علينا وعلى ثورتنا، إما القصف والقتل والتدمير؛ أو الاستسلام والخنوع والرضا بالعودة إلى حظيرة نظام الطاغية من جديد.
إيماننا أن الحل الصحيح يكون منبثقا من عقيدتنا؛ وهو ما يُوجبه علينا ربنا من العمل؛ معتمدين عليه متبعين ما أمرنا به؛ غايتنا بعد التوكل على الله نصرة دينه، وإعلاء كلمته؛ والعمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية التي بشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لن يصلح أمرنا إلا بما صلح به أمر أسلافنا؛ وذلك باعتصامنا بحبل الله كما اعتصم من قبلنا ليؤلف الله بين قلوبنا ويوحد كلمتنا ويمن علينا بالنصر والتمكين؛ وعندها يفرح المؤمنون بنصر الله، ونحقق خلاصنا الحقيقي ونعود من التيه والضياع الذي أوصلنا إليه اعتمادنا على غير الله؛ ومحاولتنا إرضاء غيره من شرق وغرب، اتبعنا سبيلهم واستضأنا بنارهم، فأضلونا عن سبيل الهدى والرشاد؛ وأوردونا المهالك.
لن تجتمع كلمتنا ولن يتوحد صفنا؛ إلا إذا تبنينا المشروع الذي ينبثق من عقيدتنا "مشروع الخلافة الثانية على منهاج النبوة"، فلنجدد عهدنا صادقين مع الله؛ ولنضع أيدينا بأيدي إخواننا العاملين من أجل نصرة دينه وحملة مشروعه؛ ولنكن يدًا واحدةً وإخوةً في الله، نعمل متكاتفين كالبيان المرصوص؛ ليس فقط من أجل الدفاع عن إدلب والرضا بعيش الذل والهوان؛ بل نعمل من أجل نصرة دين الله؛ وتحكيم شرع الله؛ وإقامة دولة الإسلام بعد إسقاط نظام القتل والإجرام.
قال تعالى sad.gif إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا

أسامة أبو زيد الشامي

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #21072 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Oct 5 2018, 09:10 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







إن معادلة تحقيق النصر ترتكز على أسس حدّدها الشرع الحنيف وبيّن خطواتها، وعلى الساعين في طريق عزّ الأمّة والمبتغين مجدها، والراغبين بتحقيق نصر الله أن يتبعوا هذه الخطوات دون الحيد عنها قيد أنملة، وإنا لنحسب أنَّ المسلمين جميعاً يتوقون كي يشهدوا ذلك اليوم العظيم، يوم يفرح المؤمنون بنصر الله.

ولكنَّ غالبيتهم لم يتخذوا العمل لإقامة الخلافة وفق الطريقة الشرعية التي حددها الإسلام قضيتهم المصيرية، وذلك أنه بسقوط الخلافة سقط الدرع الحامي لنا، فانتهكت أعراضنا وسفكت دماؤنا، ونهبت ثرواتنا، وشُردنا في أصقاع الأرض، وبسقوط الخلافة ضاع الإسلام عمليا، فعطلت أحكامه، واستهدفت أفكاره، حتى بات محصورا في المساجد والزوايا، وبعضاً من الأحوال الشخصية، لذلك كان العمل لإقامة الخلافة وفق الطريقة الشرعية التي حددها ربنا، وسار عليها رسولنا e من أوجب الواجبات.

وكان لزاما على المسلمين جميعا أن يجعلوا من إقامة الخلافة قضيتهم المصيرية، ويتخذوا حيالها إجراء الحياة أو الموت؛ حتى يعود الدين إلى التطبيق العملي في معترك الحياة، وتعود للأمة الإسلامية عزتُها ومكانتها التي ارتضاها الله لها خير أمة أخرجت للناس.

وليس هذا فحسب بل عليهم أن يلتزموا وهم يعملون لإقامة الدولة الإسلامية الثانية، الطريقةَ التي أقام فيها رسول الله eالدولةَ الإسلامية الأولى في المدينة المنورة.

قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، فهذا خطاب من الله الواحد الأحد لنبيه المصطفى ولمن يسير على خطاه، يُوجب فيه أن يسير في سبيل محددة، ووفق طريقة بينة مستقيمة، وأن تكون دعوته إلى الله على بصيرة، أي دعوة بينة واضحة كالشمس في رابعة النهار، لا مواربة فيها ولا غموض.

إن الصراع بين الحق والباطل، وبين الكفر ومعسكره والإيمان ومعسكره صراع أزلي، وما يحصل للمسلمين، وخاصة على أرض الشام خير دليل على ذلك.

فقد جمعت دول الكفر والدول المتآمرة جموعها، واستنفرت كل أدواتها، للقضاء على الثائرين الذين رفعوا الإسلام شعارا، وقدموا في سبيل الله التضحيات الجسام وهم يعملون لاقتلاع نظام الإجرام والعمالة للغرب الكافر.

ولا يكفي في هذا الصراع أن يكون حبُّ الخلافة في القلوب فحسب، ونصرةُ دين الله شعاراً فقط، بل لا بدَّ أن نسير في ذلك كما حدَّد لنا ربنا جلَّ وعلا، ولا بدَّ من الصدع والجهر قولاً وعملا، وذلك تأسِّياً برسولنا الكريم e، الذي استجاب لأمر ربنا عندما خاطبه بقوله: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾.

فكان عليه الصلاة والسلام سافراً متحدياً في دعوته، صادعاً بالحق هو ومن آمن معه، رغم جبروت قريش وبطشها.

وهذا رد صارخ على من يريد إخفاء المشروع بحجة إرضاء الغرب الكافر أو عدم استثارته، وهو يعلم يقينا أنَّهم لن يرضوا عنه حتى يتَّبعَ ملَّتَهم، قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.

فتبنِّي المشروع شرطٌ من شروط النصر، والصدعُ به جزءٌ من طريقته، ولازمٌ من لوازمه، وهو السبيلُ الوحيدةُ لنيل شرف النصر والتمكين، وهو الذي يُجلِّي هذا المشروع لأبناء أمتنا، فيجعلهم يسعون له على بصيرة، ويتخذون العمل له قضيتهم المصيرية، ويلجأون إلى ركن عظيم، وعندها يندحرُ مشروعُ الغرب الكافر، وتسقط أدواتُه القذرة، وأنظمتُه العفنة، وهذا ما يخشاه أعداؤنا.

ولكي نقطع الطريقَ على المتردِّدين والمُثبِّطين والمُخذِّلين، الذين يُحاولون أن يُبرّروا الإحجام عن ذلك بالخوف من طغاة الأرض، واتقاء نقمتهم وفسادهم، فإن رسول الله e قد حسم هذا الأمر فقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد: «لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ، أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ، فَإِنَّهُ لا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ».

أيها المسلمون الصابرون على أرض الشام:

لقد طال الكرب واشتدت المحنة وعظُم الثمن، وقد عاينتم تكالب الأعداء، وخذلان من يزعمون أنهم أصدقاء، وليس لنا من ناصر إلا الله جل في علاه، وقد وعد عباده المؤمنين الذين ينصرونه حق نصره، ويعتصمون بحبله، ويسيرون على هدي نبيهم، وصحبه الكرام، بالنصر والتمكين.

فهلمَّ أيها الصابرون الصادقون إلى ميثاق فيما بيننا، وفيما بيننا وبين ربنا، أن ننصر الله حق نصره، وأن نصدع بديننا، ونجهر بمشروعنا، "مشروع الخلافة الثانية على منهاج النبوة" لا نخشى في الله لومة لائم، ولنضعْ أيدينا بأيدي العاملين الصادقين، الذين نذروا أنفسهم لإقامتها، كي نحقق فوز الدنيا والآخرة، فلا نرى إلا شرعَ الله مطبقاً، وإلا رايةَ رسوله خفاقة، ففي ذلك عزنا وخلاصنا وشفاء قلوبنا، وما هذا ضرباً من الخيال ولا وَهْمَ دجّال، بل هو بشرى الصادق المصدوق، ووعدُ العزيز الحكيم، قال تعالى:

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 55].

التاريخ الهجري :18 من محرم 1440هـ

التاريخ الميلادي : الجمعة, 28 أيلول/سبتمبر 2018م حزب التحرير

ولاية سوريا

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #21063 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Sep 26 2018, 08:54 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







السؤال: حشد النظام السوري قواته جنوبي محافظة إدلب وأعلنت روسيا الجهوزية لخوض معركة إدلب "المعركة الكبيرة الأخيرة!" في سوريا، وأقامت مناورات عسكرية هي الأضخم في تاريخها الحديث شرقي المتوسط، وكان كثيرون ينتظرون بدء المعارك بعد القمة الروسية التركية والإيرانية التي انعقدت في طهران 7/9/2018، فظهرت معارضة الرئيس التركي أردوغان للحملة العسكرية على إدلب، وحل محل الهجوم على إدلب اتفاق المنطقة المنزوعة السلاح الذي جرى بين أردوغان وبوتين في 17/9/2018 فما سبب هذا التغيير؟... ثم توعدت أمريكا برد قاسٍ إذا استُخدمت الأسلحة الكيماوية، وتناغمت معها بعض الدول الأوروبية... فما حقيقة المواقف الدولية والإقليمية حول معركة إدلب؟

الجواب: لكي نتبين المواقف الدولية تجاه معركة إدلب يجب استعراض الوقائع التالية:

1- في البداية نقول إن أمريكا غير صادقة في ما تتظاهر به من دعمها للمعارضة، فهي من وراء النظام التركي والسعودي لخداع الفصائل السورية بسياسة الجزرة والعصا وجرها إلى المصالحات والهدن مع النظام، وتسليم المناطق له، بل إن رسالة أمريكا للمعارضة السورية في الجنوب كانت واضحة صريحة بأن عليها أن لا تتوقع دعماً أمريكياً لصد هجوم الجيش السوري. وفي مسألة إدلب فقد قالت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هيلي في مؤتمر صحفي ("هذا موقف مأساوي وإذا أرادوا مواصلة الطريق للسيطرة على سوريا فيمكنهم أن يفعلوا ذلك" في إشارة إلى الحكومة السورية وحليفتيها روسيا وإيران. وأضافت "لكنهم لن يستطيعوا أن يفعلوا ذلك بالأسلحة الكيماوية..." رويترز 4/9/2018)، فالمعارضة الأمريكية المعلنة هي لاستخدام الكيماوي وليس لسيطرة النظام على سوريا، ومن ذلك أيضاً ما طالب به رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد بـ(مزيد من المباحثات بين الأتراك والسوريين والروس بشأن عمليات أكثر دقة لمكافحة (الإرهاب) ستكون النهج الصحيح على عكس العمليات التقليدية الواسعة النطاق. وقال "أقترح تنفيذ عمليات مكافحة (الإرهاب) بطريقة تخفف من مخاطر فقد الأبرياء أرواحهم"... رويترز 4/9/2018). وأمريكا تستدعي مسألة الكيماوي متى أرادت، وتطلب فعلها من النظام ليكون ذلك ذريعةً لها لتنفيذ سياساتها، والنظام مطمئن بشكل كبير للدعم الأمريكي، إذ لولاه لما جاءت إيران وروسيا، ولولاه لما ضغطت تركيا والسعودية على الفصائل المسلحة لتوقيع الهدن والانسحاب من المناطق ليسيطر عليها النظام السوري، ولولاه لما عاد نظام الطاغية للمجتمع الدولي ومنه مفاوضات جنيف ليكتسب شرعية فقدها في سنوات الثورة الأولى.

2- إن أمريكا سمحت للتدخل العسكري الروسي لدعم النظام وقد أدت روسيا وإيران والمليشيات المهمة وأصبح النظام يسيطر على كثير من الأراضي السورية وأبرز ما بقي من الأراضي ذات الشأن هي إدلب... أما روسيا فهي تعاني في مستنقع سوريا وتريد أن تقتحم إدلب لينتهي مأزقها العسكري وتفرغ للأعمال السياسية، وأما أمريكا فتريد ترتيب الحل السياسي قبل إنهاء موضوع إدلب واستغلال موضوع إدلب لابتزاز روسيا بإطالة مأزقها العسكري أو تقصيره وفق موافقة روسيا على خطة الحل الأمريكي لسوريا التي يترتب عليها إخراج القواعد العسكرية الروسية كشرط للحل السياسي الذي تصوغه أمريكا وتجعل المعارضة تصر على إخراج القواعد كشرط للحل أي أن تكتفي روسيا من الغنيمة بالإياب! وهكذا كانت معارضة تركيا للعمل العسكري الروسي الذي كان معداً لمهاجمة إدلب بدافع من أمريكا...

3- لقد استمرت روسيا تنفذ مهمتها العسكرية في سوريا دون أي أفق لأي مهمةٍ سياسية بعد مجيء إدارة ترامب، فكان الاستيلاء على الغوطة بتعاون تركي كبير، أي برضا أمريكا، وفي السياق نفسه الاستيلاء على الجنوب... وفي الوقت ذاته ترفض أمريكا إجراء مفاوضات مع روسيا بشأن سوريا في إشارة إلى أن إدارة ترامب لا ترى دوراً سياسياً لروسيا على الأقل قبل أن تكمل مهمتها العسكرية! ولما تم حشر الثورة السورية المسلحة في إدلب، وأرادت روسيا الاستمرار في أعمالها العسكرية، فحشدت وتوعدت وناورت في المتوسط ببوارج كبيرة وقاذفات جوية استراتيجية وأغلقت المجال الجوي في شرقي المتوسط للمرة الأولى في تاريخها، فقد وجدت نفسها أمام مأزق كبير حيث شاهدت روسيا أموراً لم تكن في حسبانها، ومن ذلك:

أ- المعارضة التركية لعملية شاملة في إدلب: لم توافق تركيا على حرب شاملة على إدلب، (واعتبر الوزير التركي أنه ينبغي تحديد "الإرهابيين" ومحاربتهم، ولا يصح شن حرب شاملة على إدلب وقصفها بشكل عشوائي.) عنب بلدي 14/8/2018، وقد تجلّت معارضة تركيا للحرب بشكل واضح أثناء مؤتمر طهران بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران، وأبرزت تركيا، بشكل فاجأ روسيا، مخاوفَها من الحرب على إدلب، ومن تدفق اللاجئين إليها، وأحرجت روسيا باعتبار الحرب أداةً للقضاء على الحل السياسي في سوريا، (قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة إن استمرار الهجمات على محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة سيؤدي إلى انهيار العملية السياسية في سوريا... اليوم السابع 7/9/2018) ثم ومع ارتفاع النغمة الأمريكية ضد المساعي الروسية للحرب على إدلب، أخذت تركيا تحشو نقاط مراقبتها في إدلب بالسلاح، تلك النقاط التي أقيمت ضمن اتفاقية خفض التصعيد المتفق عليها مع روسيا وإيران، (قالت مصادر ميدانية وشهود لـ"سكاي نيوز عربية"، الأحد، إن رتلا عسكريا تركيا توجه إلى مدينة إدلب، المتاخمة للحدود مع تركيا، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية وجماعات أخرى. وذكرت المصادر أن الرتل العسكري التركي، الذي دخل إلى الأراضي السورية من معبر كفرلوسين باتجاه محافظة إدلب وريفها شمالي سوريا، يضم دبابات ومعدات عسكرية ويحمل ذخيرة... سكاي نيوز عربي 9/9/2018). وبهذا فقد أصبحت تركيا عقبة أمام الطموح الروسي بالقضاء على الفصائل العسكرية في إدلب. ولأنها كذلك فقد استدعى الأمر اجتماعاً ثانياً بين أردوغان وبوتين 16/9/2018 في سوتشي، أي بعد تسعة أيام فقط من اجتماعهما في طهران.

ب- مؤشرات تبدل للموقف الإيراني: أما إيران فقد أظهرت تمييزاً غير معهود في قمة طهران 7/9/2018 بين الفصائل المسلحة المعتدلة والأخرى "الإرهابية" في إدلب، وكأنها تؤازر موقف الرئيس التركي أردوغان الرافض للحرب وذلك ضد الموقف الروسي، ثم أخذت مواقف إيران تتضح أكثر (كشف وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، اليوم السبت، في تصريحات صحفية، عن اقتناع بلاده بأن الحل في سوريا سياسي وليس عسكرياً. وقال ظريف في مقابلة مع صحيفة (ديرشبيغل) الألمانية إن إيران تحاول تجنيب إدلب ما وصفه بـ"حمام دم"، في إشارة لمعارضة بلاده لأي هجوم عسكري على المنطقة... صحيفة زمان التركية 15/9/2018). وهذا الموقف الإيراني إذا ما اكتمل فإن روسيا قد تجد نفسها وحيدةً في حرب إدلب إذا ما أصرت على المضي فيها، وهي لا تستطيع خوضها وحيدةً.

ج- ولعل الأخطر من كل ذلك الموقف الأمريكي، الذي سارع بقرع طبول الضربة العسكرية إذا ما تم استخدام الكيماوي في إدلب، وتعلم روسيا بأن أمريكا وعبر النظام هي من يمسك ويتحكم بالضربات الكيماوية، لذلك سارعت باتهام المعارضة المسلحة بالتحضير لهجوم كيماوي ضد نفسها لتبرير ضربة أمريكية، بل واتهمت بريطانيا بالضلوع في ما أسمته "مؤامرة الكيماوي"، والضربات الأمريكية بشكل عام في سوريا تحرج روسيا كثيراً، بل إن الضربة الأمريكية هذه المرة قد تكون أشد وأوسع! (وقال بولتون خلال رده على أسئلة في أعقاب خطاب بشأن السياسة: "سعينا لتوصيل الرسالة في الأيام القليلة الماضية بأنه إذا تم استخدام الأسلحة الكيماوية للمرة الثالثة، فسيكون الرد أشد بكثير". وأضاف: "يمكنني القول إننا أجرينا مشاورات مع البريطانيين والفرنسيين، الذين انضموا إلينا في الضربة الثانية، واتفقوا معنا أيضا على أن استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى سيؤدي إلى رد أقوى بكثير".) عربي 21، 10/9/2018، وتتخوف روسيا ليس فقط من ضربة أمريكية غربية تحرجها في سوريا، بل وأيضاً من أن تطال قواتها هناك.

د- وأيضاً، فإن الضربة العسكرية لكيان يهود 4/9/2018 على وادي العيون بالقرب من مصياف غربي حماة وبانياس بريف طرطوس، وكل ذلك بالقرب من القواعد العسكرية الروسية (على بعد 50 كلم من قاعدة حميميم الروسية) ومن فوق القاعدة الروسية في طرطوس وأثناء المناورات الضخمة التي أقامتها روسيا في المتوسط من 1-8/9/2018 بمشاركة مجموعة كبيرة من عشرات القطع البحرية الكبيرة والقوات الجوية، تلك المناورات التي روجت لها روسيا باعتبارها المناورات الروسية الأضخم في التاريخ الحديث في البحر المتوسط... فكانت هذه الضربة من كيان يهود تحمل تحدياً غير مسبوق لروسيا. (وأفادت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري بأن الدفاعات الجوية لنظام الأسد تصدت لعدة صواريخ أطلقتها طائرات (إسرائيلية) على منطقة وادي العيون بريف حماة. وقالت سانا إن منظومات الدفاع الجوي تصدت لهجوم (إسرائيلي) بطائرات تسللت على علو منخفض من غرب بيروت واتجهت شمالا مستهدفة بعض المواقع العسكرية بمحافظتي طرطوس وحماة، وقد تم التعامل مع الصواريخ "وإسقاط بعضها وإرغام الطائرات المهاجمة على الفرار"... العربية نت 4/9/2018) ومثل هذه الضربة العسكرية القريبة من القواعد الروسية لا يجرؤ عليها كيان يهود دون التنسيق مع أمريكا، ولعل فيها ما فيها من الرسائل بأن التكنولوجيا الأمريكية لا تعوقها الدفاعات الجوية الروسية (إس 500)، حتى تتمالك روسيا الخشية بعد ذلك أن يطال القصف الغربي قواعدها في سوريا أو طائراتها...

ه- وهذا ما كان فقد تم إسقاط طائرة روسية في ريف إدلب ما جعل روسيا في مأزق فعلي: (وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع اللواء إيغور كوناشينكوف، إن الطيارين (الإسرائيليين) عمدوا إلى التستر بالطائرة الروسية مما جعلها عرضة لنيران الدفاعات السورية التي تسببت بسقوطها. وأضاف: "لم يكن ممكنا لوسائل مراقبة الطيران (الإسرائيلي) وطياري "إف-16" ألا يكونوا قد رأوا الطائرة الروسية، حيث إنها اتجهت للهبوط إلى ارتفاع 5 كلم. ورغم ذلك، نفذوا هذا الاستفزاز عمدا"... وسقطت الطائرة، وهي من طراز "إيل-20" وعلى متنها 15 عسكريا، حين كانت في طريق عودتها إلى قاعدة حميميم الجوية قرب مدينة اللاذقية الساحلية التي كانت تتعرض وقتها للهجوم من "صواريخ معادية" مساء الاثنين.. وشدد المتحدث على أن (إسرائيل) لم تحذر قيادة القوات الروسية في سوريا مسبقا، ولم يصل الإبلاغ بعمليتها عبر الخط الساخن إلا قبل أقل من دقيقة من الضربة، مضيفا: "الأمر الذي لم يسمح لنا بإخراج الطائرة الروسية إلى منطقة آمنة"... سكاي نيوز عربية ظهر الثلاثاء 18/9/2018)... (وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، اليوم الثلاثاء 18 أيلول/سبتمبر، أن (إسرائيل) لم تحذر قيادة القوات الروسية في سوريا بعملياتها بالقرب من اللاذقية. فقد قال كوناشينكوف: "لم تبلغ (إسرائيل) قيادة مجموعة القوات الروسية في سوريا بالعملية المخطط لها. وقد جاء البلاغ عبر "الخط الساخن" قبل أقل من دقيقة من توجيه الضربة، ما لم يسمح بانسحاب الطائرة الروسية إلى منطقة آمنة". وأشار المتحدث باسم الوزارة إلى أن الطائرة (الإسرائيلية) تمكنت من التغطية بالطائرة الروسية، لتتلقى الأخيرة ضربة منظومة الدفاع السورية. وأضاف أن الطائرات (الإسرائيلية) تعمدت خلق وضع خطير في منطقة اللاذقية، مشيرا إلى أن 4 طائرات "إف-16"، تابعة للقوات الجوية (الإسرائيلية) قصفت أهدافاً بالقرب من اللاذقية، يوم 17 أيلول/سبتمبر. وقد تم تنفيذ الضربة من علو منخفض. وصرح كوناشينكوف أن الإجراءات غير المسؤولة أسفرت عن مقتل 15 عسكريا روسيا، وذلك لا يتوافق مع روح الشراكة الروسية (الإسرائيلية)... سبوتنيك عربي نيوز 18/9/2018).

كل هذه الشواهد جعلت روسيا غير قادرة على حسم إدلب عسكرياً لتخرج من مأزقها ولا هي قادرة على تحمل استفزازات كيان يهود بدافع من أمريكا!

4- وهكذا فإن أمريكا تريد لروسيا أن تبقى عالقةً في سوريا، لا تستطيع الخروج منها إلى أن تنتهي أمريكا من تنفيذ الحل السياسي وفق مخططاتها، فقد أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون الأربعاء خلال مقابلة خاصة مع وكالة رويترز ("أن روسيا عالقة في سوريا وهي تبحث عمن يستطيع أيضا تمويلها لإعادة البناء بعد الحرب مشيراً إلى أن هذا يمنح واشنطن أدوات في المفاوضات مع موسكو... وقال بولتون إن واشنطن لديها ذراع في المفاوضات مع موسكو لأن "روسيا عالقة هناك في سوريا في الوقت الراهن" وأضاف بولتون "وأنا لا أعتقد أنهم يريدون البقاء هناك"... المصدر سبوتنيك نيوز عربي 22/8/2018).

وقد باتت روسيا تعي هذه السياسة الأمريكية، وربما أدركت توريط أمريكا لها في سوريا، وهي فعلاً عالقةٌ فيها لا تستطيع الخروج إلا بإذن أمريكا التي تمتلك كافة أدوات التأثير في سوريا، لذلك لم تستطع إكمال هجومها الذي أعدت له لإنهاء الأزمة في إدلب على طريقتها لأن تركيا بدفع من أمريكا اعترضت وإيران صمتت... وهكذا فشل اجتماع إيران 7/9/2018 في إقرار خطة روسيا لمهاجمة إدلب وإنهاء الأزمة على طريقة روسيا، ولم يمض سوى بضعة أيام حتى عقد اجتماع أردوغان بوتين وحل محل الهجوم إنشاءُ منطقة منزوعة السلاح! وذلك بمباركة أمريكية، فقد نقلت وكالة نوفستي يوم 18/9/2018 عن مسؤول في الخارجية الأمريكية قوله للوكالة: "نرحب ونشجع روسيا وتركيا على اتخاذ خطوات عملية لمنع الهجوم العسكري من حكومة الأسد وحلفائه على محافظة إدلب..." وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن اليوم الاثنين الاتفاق مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان على (إقامة "منطقة منزوعة السلاح" في منطقة محافظة إدلب "شمال غرب"، بحلول الخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر، تكون تحت مراقبة بلديهما. وقال الرئيس الروسي في ختام لقائه نظيره التركي في منتجع سوتشي الروسي "قررنا إقامة منطقة منزوعة السلاح بعرض يتراوح بين 15 و20 كيلومترا على طول خط التماس، ابتداء من الخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام". واعتبر بوتين أن هذا الاتفاق يمثل "حلا جديا" يتيح تحقيق "تقدم في حل هذه المشكلة". من جهته، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو للوكالات الروسية أن هذا الاتفاق سيمنع الهجوم المرتقب منذ أيام على آخر معقل للفصائل في سوريا. وردا على سؤال حول ما إذا كان هذا الاتفاق يعني أنه لن يكون هناك هجوم عسكري على إدلب، أجاب الوزير "نعم"، وفقا لوكالتي "إنترفاكس" و"تاس"... وفي المقابل، قال أردوغان في المؤتمر الصحفي عقب الاجتماع بين الرئيسين: "إن روسيا ستتخذ الخطوات اللازمة لضمان عدم حصول أي هجوم على منطقة خفض التصعيد في إدلب". فرانس24 / أ ف ب 17/09/2018).

وهكذا أوقفت روسيا قصفها على إدلب وأعادت سفنها التي ناورت في البحر المتوسط، ولا تزال تستجدي أمريكا مباشرة أو عبر تركيا لحسم موضوع إدلب عسكرياً قبل الحل السياسي... ولكن أمريكا تريد الحل السياسي قبل أي حسم عسكري في إدلب لاستعمالها ورقة ضغط لابتزاز روسيا حول قواعدها العسكرية في سوريا ومن ثم تجعل المعارضة تعرض موضوع القواعد في الحل السياسي... أي أن اهتمام تركيا ومن ورائها أمريكا بمنع هجوم روسيا على إدلب كان في الدرجة الأولى لمصلحة أمريكا وليس لمنع النظام من الوصول لإدلب أو لحماية المدنيين، بل في الوقت الذي تُحكم فيه أمريكا الحل الذي تريد وتخضع له روسيا فحينها تهون عندهم دماء إدلب، مدنيين أو غير مدنيين، منزوعة السلاح أو غير منزوعة السلاح... وسيرتهم تنطق بذلك في مناطق سوريا المختلفة، وجرائمهم تتقدمهم من كل جانب...

5- هذه هي حقيقة المواقف المؤثرة في مسألة الحرب على إدلب، دولياً وإقليمياً... لكن هناك أمراً يمكنه بإذن الله أن يقلب الطاولة على الموقف الدولي والإقليمي وهو بأن يتم إحسان وإتقان دور الفصائل في إدلب، وتفعيل دورها بصدق وإخلاص مع الله سبحانه،

، وهذه الفصائل نوعان:

الأول: الفصائل العسكرية التابعة لتركيا، وهي تلك التي نفذت الانسحابات والخيانات في مناطق مختلفة، والتي تتداول أفكار المصالحة والهدن بفعل الضغط التركي الكثيف المصحوب بشراء الذمم لقيادات تلك الفصائل وإغراقها بالمال السعودي، وهي الفصائل التي جرتها تركيا لمفاوضات أستانة التي أنتجت مناطق خفض التصعيد، أي سيطرة النظام وتسليم المناطق له. هذه الفصائل اليوم تقف أمام الحقيقة، وهي أنها كانت الأداة لإضعاف الثورة السورية وفقدان الكثير من المناطق بفعل وعود تركية تبين زيفها... ولأن صفوف هذه الفصائل لا تخلو من أفراد مخلصين، فإن همساً ملحوظاً يقترب من الصوت المسموع أصبح يدور في صفوف الفصائل حول خداع تركيا لهم، وقد لاحظ أردوغان هذا الأمر، وهو ما عبر عنه في قمة طهران مع رئيسي روسيا بوتين وإيران روحاني، بقوله (المعارضة تشعر بتعرضها للخداع عقب التطورات التي حدثت بعد تأسيس تلك المناطق "خفض التصعيد"... الجزيرة نت 7/9/2018) فأردوغان يقر بأن خططه في خداع الفصائل السورية قد انكشفت لهم، وهو ما يتخوف أردوغان منه، فهذه الفصائل حتى الآن لم تندفع لقتال الفصائل الرافضة للحل السلمي وفق الخطة التركية... وانكشاف الخداع التركي يمكن أن يستغل لاندفاع هذه الفصائل للقتال بشراسة إذا ما هوجمت...

الثاني: الفصائل الأخرى وهي التي غالباً ما ينعتها الإعلام بـ"الإرهابيين"، وهذه القوة قد زادت بترحيل الكثير من الثوار من مناطق مختلفة في سوريا كالغوطة والجنوب وحمص ومدينة حلب الشرقية وغيرها، وهذه القوة تسيطر على أجزاء معتبرة من المنطقة، وعلى الرغم من الاختلاف في أعدادها ودرجة تسليحها، إلا أن مكمن الخوف منها يمكن تلخيصه بما كانت تذكره التقارير الأمريكية سابقاً عن سوريا، والذي يفيد بأن القوى "المتطرفة" في المعارضة السورية وإن لم تكن الأكثر عدداً إلا أنها هي من يخوض المعارك الرئيسية الكبرى على الساحة السورية. أي أنها قوة صلبة ليس من السهل هزيمتها... خاصة أن منطقة إدلب تعتبر المنطقة الأخيرة التابعة للثوار، فإن القتال فيها عموماً سيكون شرساً من باب أن الثوار محاصرون فيها ولا مخرج آخر منها. لكل ذلك فإن المعركة من الناحية العسكرية ليست بالضرورة محسومة لصالح النظام رغم الحشد العسكري الكبير الذي أعدته روسيا لذلك، بل إن طول المعركة في إدلب وتركيز النظام قواه المحلية والأشياع فيها قد يفتح الباب على مصراعيه لتفلت مناطق أخرى سبق أن سيطر عليها النظام.


ولذلك فإن هذه الفصائل بأنواعها إذا أخلصت دينها لله، واستغلت مأزق روسيا نتيجة ضغوط أمريكا لابتزازها، وانفكت من خدع تركيا ومال السعودية... وقبل هذا وذاك تذكرت دائماً قوله سبحانه ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ فلم تخضع ولم تستسلم، ونصرت الله بصدق وإخلاص، فإنها بإذن الله ستُفشل خطط أعداء الإسلام والمسلمين وستردهم عن إدلب خائبين ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.


  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #21019 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Aug 22 2018, 09:06 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







إلى الأمة الإسلامية التي أكرمها الله فقال: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾...

إلى حملة الدعوة، شباب حزب التحرير وشاباته، الأنقياء الأتقياء ولا نزكي على الله أحداً الذين يقولون الحسن من القول ويعملون الصالح من العمل، فأثنى الله على من هذه صفاته: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين﴾...

إلى زوار الصفحة الكرام المقبلين عليها بحق وصدق، والساعين إلى الخير الذي تحمله، فجزاهم الله خيراً...

إلى كل هؤلاء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أبارك لكم عيد الأضحى الطيبَ المبارك، وتقبل الله الطاعات... وأسأل الله سبحانه أن يتقبل حج الحجيج وأن يجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً، وأن يوفق الله سبحانه الذين لم يحجوا هذا العام أن يحجوا العام القادم بخير وعلى خير، والله سبحانه يتولى الصالحين.

أيها الإخوة، يأتي العيد هذا العام وما زالت خلافتنا غيرَ موجودة فتجرأ الكفار المستعمرون وعملاؤهم علينا فأشعلوا القتل وسفك الدماء في بلادنا، وتنوعت جرائمُهم الوحشية من البراميل المتفجرة إلى الصواريخ المدمرة إلى الأسلحة الكيماوية... وكل ذلك بأيديهم تارة وبأيدي عملائهم تارة أخرى، فحيثما نظرت وجدت دماء المسلمين تُسفك ظلماً وعدوانا... ففي الشرق تلك بورما، وما أدراك ما بورما، فحال المسلمين فيها يُدمي القلب، وذلك من جرائم البوذيين وفظائعهم التي تنأى عنها وحوش الغاب... ومن بعد ترى كشمير وجرائم الهند فيها... فإذا صعدت إلى الشمال فترى الشيشان والقوقاز ثم القرم تَفْتِك بها أيادي روسيا الموغلةُ في الجريمة والدماء... فإذا سرت من هناك شرقاً إلى تركستان الشرقية، فسترى الصين تسومها صنوف العدوان... وأما إذا سرت جنوباً ولامست شاطئ البحر فستجدُ قلب بلاد المسلمين، الأرضَ المباركة، فلسطين أولى القبلتين، وسترى اليهود يغتصبونها ويرتكبون فيها الجرائم والمجازر، وتسمع أنين مسجدها وهو يئن من جرح عميق يكاد يجعله في النزع الأخير... ثم الشام وما أدراك ما الشام، تسيل الدماء فيها من كل جانب، فالمجازرُ الوحشية تكاد تنتشر في الأزقة والحارات بفعل طاغية الشام، ومن ورائه ومن قدامه أمريكا والأتباعُ والأشياع من روسيا إلى إيران ثم المليشيات... وكل هؤلاء يشعلون نار هذا القتل وسفكِ الدماء بجميع وسائل القتل المدمرة... وها هي مجازر إدلب تُطِلُّ برأسها من خلال القصف الوحشي على جنباتها، وحشود الطغاة المتجهة نحوها، الممزوجة بصفقات الخيانة من حولها... ثم العراق أختُ الشام في المآسي والمصائب... فإذا سرت جنوباً إلى اليمن الذي كان سعيداً فستراه قد أصبح حزيناً تفتك به مآسي الاقتتال، وتُغذِّيه الدولُ الكافرة المستعمرة التي اتخذته ميدان تنافسٍ بينها على جماجمنا ودمائنا... وأما إذا سرت إلى مغرب الشمس فستجد ليبيا يقتتل فيها المسلمون فيما بينهم... ثم إذا عرّجت نحو أفريقيا الوسطى فسترى أن المسلمين فيها قد نالهم الأذى والضررُ وسفكُ الدماءِ الزكية وانتهاكُ الحرمات ما يعجز عنه الوصف... ثم جارتها السودان، وقد فُصل جنوبه عن شِماله، وتُرك جرحه ينزف... ثم الصومال تئن من الألم الفظيع والاقتتال الشنيع منذ سنين...

كل تلك المآسي هي في بلاد المسلمين التي عزَّت في ماضي سنواتها بالإسلام وراية الإسلام وأذان الإسلام وعدل الإسلام... ولكن بعد زوال الخلافة وذهابِ الإمام الجُنَّة تبدَّل حالها وذاقت الأمرَّين حيث تداعى عليها الكفار المستعمرون وعملاؤهم الحكام الظالمون... ناهيك عن مآسي المسلمين في بلاد الكفار، فحدث ولا حرج، فإن تلك الأمم تريد أن يَخرج المسلمون من جلدهم، فلباس نسائهم يضربون طوقاً حوله، وصوتُ أذانهم يبذلون الوسع لإسكاته، وينشرون الكراهية ضدهم في مجتمعاتهم ومرافق حياتهم حتى في طرقاتهم... إنها مآسٍ منذ غياب الخلافة، آخذ بعضها برقاب بعض، مصائبُ متراكمة تَدَعُ الحليمَ حَيْرانَ...

أيها الإخوة، إن هذه المآسي لو أصابت أي أمة أخرى لانهارت أو كادت، وليئست من استمرار الحياة إن كان فيها بقية من حياة... وأما الأمة الإسلامية فإن لها في كتاب ربها وسنة نبيها وحتى في ظواهر المخلوقات من الليل والنهار ما يجعلها لا تهتز في الشدائد ولا يلين عزمها في الأزمات بل تزداد قوة فوق قوة وعزماً فوق عزم... تؤدي عملها بقوة وإحسان وتتوجه إلى ربها بصادق التُّكلان:

* أما في كتاب ربها فآيات الله تنطق بذلك: ﴿فإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾... ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾... ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾.

* وأما في سيرة نبيها فهو ما حدث لرسول الله e حيث كان عامُ الحزن فتوفيت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، ثم كانت وفاة أبي طالب الذي كان يعين رسول الله e، ومن بعدُ ذلك الرد العنيف من أهل الطائف الذي أدمى رسول الله e... ثم اشتدت الأزمة فتوافقوا على قتل رسول الله e ثم لحقوا به صلوات الله وسلامه عليه إلى غار ثور، وهو e مختفٍ فيه مع صاحبه الصديق أبي بكر رضي الله عنه، فوقفوا أمام باب الغار ولم يكن بينهم وبين رسول الله e سوى ذراعٍ أو بعض ذراع... كان هذا عشيةَ ذلك اليوم، وبعد ذلك بيومٍ أو يومين كان الرسول e يقيم الدولة في المدينة ويعلي صرحها فتضيءُ الدنيا وتصدع بالحق...

* وأما في ظواهر المخلوقات من الليل والنهار، فإن اشتداد ظلمة الليل يتلوها بزوغ الفجر الصادق، وتلك آية لأولي الألباب...

وهكذا فالأمة الإسلامية لا تيأس من رحمة الله، وهي تدرك أن اليسر بعد العسر، والفرج بعد الشدة، وبزوغ الفجر بعد ظلمة الليل... فلا تهزها الصدمات بل تعمل وتعمل مخلصة لله صادقة مع رسول الله... ولا يضيرها من ينحرف منها أو يضل فغالبها لا يرضى للإسلام بديلا...

أيها الإخوة، إن أولئك الكفار قد تنفسوا الصعداء بعد زوال الخلافة فقاموا بجرائمهم تلك وهم آمنون، فلا يقف في وجههم أحد ولا يصدهم عن جرائمهم أحد ولا يردهم إلى عقر دارهم أحد... فهم يدركون أن درع المسلمين قد زال ومن ثم يبذلون الوسع في أن لا يعود ذلك الدرع، ولأنهم يدركون أن صانعة هذا الدرع هي الخلافة حيث عز المسلمين ومنعتهم، لهذا هم يلاحقون العاملين لإعادة الخلافة... وهكذا أصبح حزب التحرير هدفاً لسهام الكفار المستعمرين وعملائهم الحكامِ في بلاد المسلمين، ومن ثم تعرض الحزب إلى شتى المضايقات والتعذيب المفضي للاستشهاد من كيد الكافرين وجواسيس الظالمين وحقد الحاقدين... فالحزب قد حُظر ومُنع في بلاد العالم الإسلامي حتى في تلك البلاد المفتوحة للأحزاب بأشكالها المختلفة مثل إندونيسيا فقد مُنع الحزب! وكذلك في تلك البلاد المشرعةِ أبوابُها للأحزاب على أنواعها حتى الغثِّ منها مثل تونس فكذلك قد مُنع الحزب... وأما شباب الحزب فسجون الطواغيت تنطق بحالهم، فهم في سجنهم الضيق يعذبون، وفي سجنهم الأوسع يلاحقون، وأما لماذا كلُّ هذا فهو لكلمة الحق التي يصدع بها الحزب فتصعقُهم فوق صعق السيوف لأنهم لا يملكون حجة تقف أمام كلمة الحق قاتلهم الله أنى يؤفكون...

أيها الإخوة: إن هذه المآسي التي تحل في الأمة وفي العاملين للخلافة لشديدةٌ شديدة، ولولا أن الله سبحانه قد جعل العيد مبعثاً للسرور، ومُدخِلاً في قلوب المسلمين البهجة والحبور، والصلَةَ الطيبة للأرحام، وأن تُشيع الأمة بينها من خلاله التهنئةَ وحسن السلام... ولولا أن وعداً من الله سبحانه بالعز والتمكين قادمٌ لهذه الأمة... ولولا أن هناك بشرى من رسول الله e بعودة الخلافة الراشدة... ولولا أن حزباً مخلصاً لله سبحانه، صادقاً مع رسول الله e، يعمل ليل نهار مبتهلاً إلى الله ومتضرعا أن يفتح على يديه بإقامة الخلافة وإعادة عز الإسلام والمسلمين... لولا هذه الأربعة لامتنعت الابتسامة أن تعلو الوجوه، فإن في القلب لجرحاً، وفي الحلق غصة، وذلك لكثرة المآسي التي تحيط بالمسلمين من قدامٍ وخلف، وعن يمين وشِمال... فالخلافة لها نحو قرن غائبة، فأصبح المسلمون مزقاً متفرقين، يحكمهم حكام رويبضات ظلمة... ناهيك عن عدوان الكفار المستعمرين وأحلافهم على البلاد والعباد، وكأن بلاد المسلمين ميدانُ صراع لسفك دمائنا وانتهاك حرماتنا...

ولكن، ومع شدة هذه المآسي فإن حزب التحرير مطمئن بنصر الله وبتحقيق وعده سبحانه وبشرى رسوله e، فهو لا ييأس من رحمة الله ما دام يحسن عمله بإذن ربه، فالحزب يدرك أن وقت عودة الخلافة مسطور في الكتاب، وكلما مضى يوم اقتربنا من ذلك الوقت يوما، وحزب هذا شأنه لا يدخل اليأس إلى قلبه ولا تلين له عزيمة أو تضعف له قناة بإذن العزيز الحكيم، بل إن الشدائد تزيده قوة، فالشدائد محك الرجال وشباب الحزب هم الرجال الرجال الذين يدعون الله سبحانه أن يكونوا ممن قال الله فيهم: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾... إنهم يحملون الدعوة بأيمانهم بفضل من الله، وسترتفع هذه الدعوة بأيديهم إن شاء الله، ومن ثم يتحقق وعد الله سبحانه وبشرى رسوله e في شعبها الثلاث بتوفيق الله وعونه

*- الأولى: في إعادة الخلافة على منهاج النبوة بعد هذا الملك الجبري: أخرج الإمام أحمد، والطيالسي في مسنده من حديث حذيفة، قال: قال رسول الله e: «... ثُمَّ تَكُونُ جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»... *- والثانية: في اقتلاع دولة يهود من جذورها، أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ...»، وفي لفظ آخر قال ﷺ: «تُقَاتِلُكُمُ يَهُودُ، فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ» *- والثالثة: في فتح روما بإذن الله، روى أحمد في مسنده والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن أبي قَبِيلٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: فَقَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ e نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ e: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا: قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ e: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ». وقد فُتحت القسطنطينية، وستُفتح روما إن شاء الله...

أيها الإخوة، إن في تدبر المسطور أعلاه بعقل سليم وفهم حكيم لأملاً بعد ألم، وبشرى فرحٍ بعد واقع حزن، ويسراً بعد عسر، وهناءً اقترب بعد شقاءٍ طال وطال، ونزولَ صلوات الله ورحمته بعد إنا لله وإنا إليه راجعون... ثم الخيرَ والنصر... الخير والنصر... الخير والنصر ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

وفي الختام فإني أسأل الله سبحانه أن يعود هذا العيد الطيب المبارك والأمة الإسلامية تستظل براية الخلافة الراشدة راية العقاب راية لا إله إلا الله محمد رسول الله... كما أسأله تعالى أن يكون شباب الحزب في مقدمة هذه الأمة يستظلون معها بظل الخلافة الراشدة... وأما الشاب الذي يقضي الله أجله قبل عودة هذا العيد، فإني أسأل الله سبحانه له، أن يستظل بظله سبحانه يوم لا ظل إلا ظله، والله رحمن رحيم.

وخاتمة الختام أقرئكم السلام وأدعو لكم بخير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم

في ليلة العاشر من ذي الحجة 1439هـ

عطاء بن خليل أبو الرشتة

الموافق 2018/08/21م

أمير حزب التحرير


  المنتدى: كتب و شخصيات · مشاهدة الموضوع: #20838 · الردود: 1 · المشاهدات: 3,673

حلبجه
تاريخ المشاركة: Aug 22 2018, 08:53 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908








إلى الأمة الإسلامية التي أكرمها الله فقال: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾...

إلى حملة الدعوة، شباب حزب التحرير وشاباته، الأنقياء الأتقياء ولا نزكي على الله أحداً الذين يقولون الحسن من القول ويعملون الصالح من العمل، فأثنى الله على من هذه صفاته: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين﴾...

إلى زوار الصفحة الكرام المقبلين عليها بحق وصدق، والساعين إلى الخير الذي تحمله، فجزاهم الله خيراً...

إلى كل هؤلاء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أبارك لكم عيد الأضحى الطيبَ المبارك، وتقبل الله الطاعات... وأسأل الله سبحانه أن يتقبل حج الحجيج وأن يجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً، وأن يوفق الله سبحانه الذين لم يحجوا هذا العام أن يحجوا العام القادم بخير وعلى خير، والله سبحانه يتولى الصالحين.

أيها الإخوة، يأتي العيد هذا العام وما زالت خلافتنا غيرَ موجودة فتجرأ الكفار المستعمرون وعملاؤهم علينا فأشعلوا القتل وسفك الدماء في بلادنا، وتنوعت جرائمُهم الوحشية من البراميل المتفجرة إلى الصواريخ المدمرة إلى الأسلحة الكيماوية... وكل ذلك بأيديهم تارة وبأيدي عملائهم تارة أخرى، فحيثما نظرت وجدت دماء المسلمين تُسفك ظلماً وعدوانا... ففي الشرق تلك بورما، وما أدراك ما بورما، فحال المسلمين فيها يُدمي القلب، وذلك من جرائم البوذيين وفظائعهم التي تنأى عنها وحوش الغاب... ومن بعد ترى كشمير وجرائم الهند فيها... فإذا صعدت إلى الشمال فترى الشيشان والقوقاز ثم القرم تَفْتِك بها أيادي روسيا الموغلةُ في الجريمة والدماء... فإذا سرت من هناك شرقاً إلى تركستان الشرقية، فسترى الصين تسومها صنوف العدوان... وأما إذا سرت جنوباً ولامست شاطئ البحر فستجدُ قلب بلاد المسلمين، الأرضَ المباركة، فلسطين أولى القبلتين، وسترى اليهود يغتصبونها ويرتكبون فيها الجرائم والمجازر، وتسمع أنين مسجدها وهو يئن من جرح عميق يكاد يجعله في النزع الأخير... ثم الشام وما أدراك ما الشام، تسيل الدماء فيها من كل جانب، فالمجازرُ الوحشية تكاد تنتشر في الأزقة والحارات بفعل طاغية الشام، ومن ورائه ومن قدامه أمريكا والأتباعُ والأشياع من روسيا إلى إيران ثم المليشيات... وكل هؤلاء يشعلون نار هذا القتل وسفكِ الدماء بجميع وسائل القتل المدمرة... وها هي مجازر إدلب تُطِلُّ برأسها من خلال القصف الوحشي على جنباتها، وحشود الطغاة المتجهة نحوها، الممزوجة بصفقات الخيانة من حولها... ثم العراق أختُ الشام في المآسي والمصائب... فإذا سرت جنوباً إلى اليمن الذي كان سعيداً فستراه قد أصبح حزيناً تفتك به مآسي الاقتتال، وتُغذِّيه الدولُ الكافرة المستعمرة التي اتخذته ميدان تنافسٍ بينها على جماجمنا ودمائنا... وأما إذا سرت إلى مغرب الشمس فستجد ليبيا يقتتل فيها المسلمون فيما بينهم... ثم إذا عرّجت نحو أفريقيا الوسطى فسترى أن المسلمين فيها قد نالهم الأذى والضررُ وسفكُ الدماءِ الزكية وانتهاكُ الحرمات ما يعجز عنه الوصف... ثم جارتها السودان، وقد فُصل جنوبه عن شِماله، وتُرك جرحه ينزف... ثم الصومال تئن من الألم الفظيع والاقتتال الشنيع منذ سنين...

كل تلك المآسي هي في بلاد المسلمين التي عزَّت في ماضي سنواتها بالإسلام وراية الإسلام وأذان الإسلام وعدل الإسلام... ولكن بعد زوال الخلافة وذهابِ الإمام الجُنَّة تبدَّل حالها وذاقت الأمرَّين حيث تداعى عليها الكفار المستعمرون وعملاؤهم الحكام الظالمون... ناهيك عن مآسي المسلمين في بلاد الكفار، فحدث ولا حرج، فإن تلك الأمم تريد أن يَخرج المسلمون من جلدهم، فلباس نسائهم يضربون طوقاً حوله، وصوتُ أذانهم يبذلون الوسع لإسكاته، وينشرون الكراهية ضدهم في مجتمعاتهم ومرافق حياتهم حتى في طرقاتهم... إنها مآسٍ منذ غياب الخلافة، آخذ بعضها برقاب بعض، مصائبُ متراكمة تَدَعُ الحليمَ حَيْرانَ...

أيها الإخوة، إن هذه المآسي لو أصابت أي أمة أخرى لانهارت أو كادت، وليئست من استمرار الحياة إن كان فيها بقية من حياة... وأما الأمة الإسلامية فإن لها في كتاب ربها وسنة نبيها وحتى في ظواهر المخلوقات من الليل والنهار ما يجعلها لا تهتز في الشدائد ولا يلين عزمها في الأزمات بل تزداد قوة فوق قوة وعزماً فوق عزم... تؤدي عملها بقوة وإحسان وتتوجه إلى ربها بصادق التُّكلان:

* أما في كتاب ربها فآيات الله تنطق بذلك: ﴿فإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾... ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾... ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾.

* وأما في سيرة نبيها فهو ما حدث لرسول الله e حيث كان عامُ الحزن فتوفيت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، ثم كانت وفاة أبي طالب الذي كان يعين رسول الله e، ومن بعدُ ذلك الرد العنيف من أهل الطائف الذي أدمى رسول الله e... ثم اشتدت الأزمة فتوافقوا على قتل رسول الله e ثم لحقوا به صلوات الله وسلامه عليه إلى غار ثور، وهو e مختفٍ فيه مع صاحبه الصديق أبي بكر رضي الله عنه، فوقفوا أمام باب الغار ولم يكن بينهم وبين رسول الله e سوى ذراعٍ أو بعض ذراع... كان هذا عشيةَ ذلك اليوم، وبعد ذلك بيومٍ أو يومين كان الرسول e يقيم الدولة في المدينة ويعلي صرحها فتضيءُ الدنيا وتصدع بالحق...

* وأما في ظواهر المخلوقات من الليل والنهار، فإن اشتداد ظلمة الليل يتلوها بزوغ الفجر الصادق، وتلك آية لأولي الألباب...

وهكذا فالأمة الإسلامية لا تيأس من رحمة الله، وهي تدرك أن اليسر بعد العسر، والفرج بعد الشدة، وبزوغ الفجر بعد ظلمة الليل... فلا تهزها الصدمات بل تعمل وتعمل مخلصة لله صادقة مع رسول الله... ولا يضيرها من ينحرف منها أو يضل فغالبها لا يرضى للإسلام بديلا...

أيها الإخوة، إن أولئك الكفار قد تنفسوا الصعداء بعد زوال الخلافة فقاموا بجرائمهم تلك وهم آمنون، فلا يقف في وجههم أحد ولا يصدهم عن جرائمهم أحد ولا يردهم إلى عقر دارهم أحد... فهم يدركون أن درع المسلمين قد زال ومن ثم يبذلون الوسع في أن لا يعود ذلك الدرع، ولأنهم يدركون أن صانعة هذا الدرع هي الخلافة حيث عز المسلمين ومنعتهم، لهذا هم يلاحقون العاملين لإعادة الخلافة... وهكذا أصبح حزب التحرير هدفاً لسهام الكفار المستعمرين وعملائهم الحكامِ في بلاد المسلمين، ومن ثم تعرض الحزب إلى شتى المضايقات والتعذيب المفضي للاستشهاد من كيد الكافرين وجواسيس الظالمين وحقد الحاقدين... فالحزب قد حُظر ومُنع في بلاد العالم الإسلامي حتى في تلك البلاد المفتوحة للأحزاب بأشكالها المختلفة مثل إندونيسيا فقد مُنع الحزب! وكذلك في تلك البلاد المشرعةِ أبوابُها للأحزاب على أنواعها حتى الغثِّ منها مثل تونس فكذلك قد مُنع الحزب... وأما شباب الحزب فسجون الطواغيت تنطق بحالهم، فهم في سجنهم الضيق يعذبون، وفي سجنهم الأوسع يلاحقون، وأما لماذا كلُّ هذا فهو لكلمة الحق التي يصدع بها الحزب فتصعقُهم فوق صعق السيوف لأنهم لا يملكون حجة تقف أمام كلمة الحق قاتلهم الله أنى يؤفكون...

أيها الإخوة: إن هذه المآسي التي تحل في الأمة وفي العاملين للخلافة لشديدةٌ شديدة، ولولا أن الله سبحانه قد جعل العيد مبعثاً للسرور، ومُدخِلاً في قلوب المسلمين البهجة والحبور، والصلَةَ الطيبة للأرحام، وأن تُشيع الأمة بينها من خلاله التهنئةَ وحسن السلام... ولولا أن وعداً من الله سبحانه بالعز والتمكين قادمٌ لهذه الأمة... ولولا أن هناك بشرى من رسول الله e بعودة الخلافة الراشدة... ولولا أن حزباً مخلصاً لله سبحانه، صادقاً مع رسول الله e، يعمل ليل نهار مبتهلاً إلى الله ومتضرعا أن يفتح على يديه بإقامة الخلافة وإعادة عز الإسلام والمسلمين... لولا هذه الأربعة لامتنعت الابتسامة أن تعلو الوجوه، فإن في القلب لجرحاً، وفي الحلق غصة، وذلك لكثرة المآسي التي تحيط بالمسلمين من قدامٍ وخلف، وعن يمين وشِمال... فالخلافة لها نحو قرن غائبة، فأصبح المسلمون مزقاً متفرقين، يحكمهم حكام رويبضات ظلمة... ناهيك عن عدوان الكفار المستعمرين وأحلافهم على البلاد والعباد، وكأن بلاد المسلمين ميدانُ صراع لسفك دمائنا وانتهاك حرماتنا...

ولكن، ومع شدة هذه المآسي فإن حزب التحرير مطمئن بنصر الله وبتحقيق وعده سبحانه وبشرى رسوله e، فهو لا ييأس من رحمة الله ما دام يحسن عمله بإذن ربه، فالحزب يدرك أن وقت عودة الخلافة مسطور في الكتاب، وكلما مضى يوم اقتربنا من ذلك الوقت يوما، وحزب هذا شأنه لا يدخل اليأس إلى قلبه ولا تلين له عزيمة أو تضعف له قناة بإذن العزيز الحكيم، بل إن الشدائد تزيده قوة، فالشدائد محك الرجال وشباب الحزب هم الرجال الرجال الذين يدعون الله سبحانه أن يكونوا ممن قال الله فيهم: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾... إنهم يحملون الدعوة بأيمانهم بفضل من الله، وسترتفع هذه الدعوة بأيديهم إن شاء الله، ومن ثم يتحقق وعد الله سبحانه وبشرى رسوله e في شعبها الثلاث بتوفيق الله وعونه

*- الأولى: في إعادة الخلافة على منهاج النبوة بعد هذا الملك الجبري: أخرج الإمام أحمد، والطيالسي في مسنده من حديث حذيفة، قال: قال رسول الله e: «... ثُمَّ تَكُونُ جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»... *- والثانية: في اقتلاع دولة يهود من جذورها، أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ...»، وفي لفظ آخر قال ﷺ: «تُقَاتِلُكُمُ يَهُودُ، فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ» *- والثالثة: في فتح روما بإذن الله، روى أحمد في مسنده والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن أبي قَبِيلٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: فَقَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ e نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ e: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا: قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ e: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ». وقد فُتحت القسطنطينية، وستُفتح روما إن شاء الله...

أيها الإخوة، إن في تدبر المسطور أعلاه بعقل سليم وفهم حكيم لأملاً بعد ألم، وبشرى فرحٍ بعد واقع حزن، ويسراً بعد عسر، وهناءً اقترب بعد شقاءٍ طال وطال، ونزولَ صلوات الله ورحمته بعد إنا لله وإنا إليه راجعون... ثم الخيرَ والنصر... الخير والنصر... الخير والنصر ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

وفي الختام فإني أسأل الله سبحانه أن يعود هذا العيد الطيب المبارك والأمة الإسلامية تستظل براية الخلافة الراشدة راية العقاب راية لا إله إلا الله محمد رسول الله... كما أسأله تعالى أن يكون شباب الحزب في مقدمة هذه الأمة يستظلون معها بظل الخلافة الراشدة... وأما الشاب الذي يقضي الله أجله قبل عودة هذا العيد، فإني أسأل الله سبحانه له، أن يستظل بظله سبحانه يوم لا ظل إلا ظله، والله رحمن رحيم.

وخاتمة الختام أقرئكم السلام وأدعو لكم بخير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم

في ليلة العاشر من ذي الحجة 1439هـ

عطاء بن خليل أبو الرشتة

الموافق 2018/08/21م

أمير حزب التحرير


  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20837 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Aug 1 2018, 07:44 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908









السؤال: إن ما حصل في درعا من دخول سريع للنظام إلى منطقة استعصت عليه سنين وقد تبعتها القنيطرة وقبلها الغوطة ومن قبل حلب وأخواتها والأنظار تتجه الآن نحو إدلب، ليدل على أن هناك أمورا تستأهل دراستها ومعرفتها، ولقد رأينا دور أمريكا وتلاعبها ودور الأطراف الداعمة وتلاعبها وموافقتها الضمنية من الدول الضامنة لتخفيض التصعيد كتركيا أو مشاركتها الفعلية كروسيا، فما الذي حدث ويحدث؟ وكيف تمكنت هذه الدول أن تلعب في الثورة السورية بهذا الشكل؟ وما هي الأدوار التي قامت بها؟ وماذا بعد؟

الجواب:

1- بعد انطلاقها سنة 2011 وتهديدها بخلع بشار عميل أمريكا، وانتشار الحالة الإسلامية فيها بشكل عميق، وتهديدها بتغيير وجه المنطقة نحو الإسلام، كانت الثورة السورية بكل ذلك حدثاً مفصلياً من زاويتين بالغتي الأهمية؛ فمن زاوية أبرزت قوى محليةً صلبةً لا توالي أمريكا ولا أوروبا، فكانت بذلك وللمرة الأولى بهذا الحجم قوةً فريدة من نوعها نبتت في الأمة دون أن يكون للكفار عليها سلطان، ومن زاوية ثانية فقد عجزت أمريكا، القوة المهيمنة في سوريا والعالم، عجزت عن علاجها، وكانت هذه أشبه بالمعجزة! فليس في سوريا صراع دولي، بل الصراع هو بين أمريكا وأتباعها وعملائها من جهة، وبين أهل سوريا من جهة أخرى، فليس لأوروبا نفوذ في سوريا كاليمن وليبيا مثلاً، بل أمريكا هي المتحكمة في النظام والأتباع والعملاء، فالصراع هو بين أمريكا وملحقاتها وبين المخلصين من أهل سوريا، ومع ذلك فقد بقيت الثورة السورية تقض مضاجع أمريكا حتى إن الرئيس السابق أوباما قد ذكر بأنها شيبت شعره "أنا واثق من أن القسم الأكبر من الشيب في رأسي بسبب الاجتماعات التي عقدتها بشأن سوريا" رأي اليوم 2016/8/5...

2- لقد سلكت أمريكا طريقين مختلفين لتحقيق الهدف الأعلى لأمريكا في المنطقة، وهو القضاء على الثورة السورية، واستمرار الحكم العميل:

أ- أما الطريق الأول، فهو توفير كل سبل الدعم المالي والعسكري للنظام في دمشق حتى لا ينهار، ومن ذلك دفع إيران ومليشياتها إلى سوريا والقتال بجانب بشار، ثم الدفع بروسيا إلى الطريق نفسه، فالرئيس الروسي بوتين قد أعلن التدخل الروسي في سوريا نهاية أيلول 2015 مباشرة بعد اجتماعه مع الرئيس الأمريكي السابق أوباما في نيويورك. ومنعت أمريكا كل الهيئات والمؤسسات الدولية من أي إدانة ذات مغزى لنظام بشار رغم شدة الجرائم التي وصلت حد استعمال السلاح الكيماوي، ومع أن أمريكا هددت النظام إذا استخدم السلاح الكيماوي لكنها لم تنفذ تهديدها خشية على النظام، وهذا ما حدث، فعندما قام النظام واستخدم السلاح الكيماوي في الغوطة يوم 2013/8/21 أرسلت بوارجها لتوجه ضربة للنظام، ولكنها تراجعت حتى لا تؤثر هذه الضربات في نفسية النظام! فيسقط قبل نضج العميل البديل، وذلك لأنها لم تر في الائتلاف الوطني السوري الذي أسسته قدرة على أن يملأ الفراغ، وبخاصة وأنه مكشوف بعلاقاته مع أمريكا وعملائها، ولهذا تراجعت أمريكا، وكان تراجعها دليلاً واضحاً لكل ذي عينين على محافظة أمريكا على النظام رغم أن الضربة الكيماوية من النظام كانت فظيعة بشكل وحشي... ومع ذلك فقد بقيت الثورة في سوريا صامدةً، بل وتحرز التقدم على الأرض.

ب- وأما الطريق الثاني، وهو الأخطر، فهو الاحتواء، فأعلنت أمريكا أنها مع الثورة السورية، مخادعة لتلك الفصائل لأنها لا تقاتله علناً ولو فقهوا لعلموا أنها توكل غيرها! وقد سبق أن ذكرنا ذلك في نشرة أصدرناها بتاريخ 2015/10/11م، وقد جاء فيها (... وهنا كانت الطامة فأمريكا تُظهر نفسها مع الثوار وصعب عليها قتالهم علناً، وهم قد ألحقوا ضرراً بالنظام، ولم ينضج البديل الأمريكي بعد، فكانت تلك اللعبة النارية القذرة بأن تقوم روسيا بالمهمة، فدورها دعم النظام علناً وضد الثوار علناً، والحرب عليهم عندها مبررة، والنظام جاهز لاستدعاء روسيا بأمر من أمريكا وهذا ما كان... فقد وافقت روسيا على لعب هذا الدور الشرير القذر في سوريا خدمة لأمريكا!...)، وهكذا كانت أمريكا تصرح أنها تدعم المعارضة بالمال والسلاح ولكنه كان جعجعة دون طحن! لأن أمريكا تمنع وصول أي سلاح فعّال للثورة عن طريق تركيا أو الأردن، وكانت ترسل بعض المساعدات من قبيل السترات الواقية من الرصاص فقط لترسيخ فكرة أنها مع الثورة، وكانت تعلن عن دعم وتدريب لا يستفيد منه إلا بضعة أشخاص، لم يتجاوزوا الخمسة أحياناً، وكان الهدف من وراء ذلك دفع الفصائل باتجاهها. وكانت أمريكا تتوقع أن ادعاءها هذا سينكشف عاجلاً أو آجلاً لذلك استعانت بأتباعها في المنطقة وبخاصة تركيا والسعودية في عهد الملك سلمان مطلع 2015، فكانت هاتان الدولتان مكلّفتين باحتواء الثورة، وأخذ ولاء قيادات الفصائل، وتمييع الحالة الإسلامية للثورة، فاستخدمت هاتان الدولتان في سبيل ذلك أدواتهما المخابراتية، والدعم المالي القذر، ومشايخ السوء، وتقدمان الإيواء وتوفران الملاذ الآمن، والمنبر الإعلامي، والأموال المسمومة.

3- ولأن الثورة في سوريا كانت ذلك الوقت صلبة في أهدافها وإسلامها، فكان لا بد من كثافة استخدام تلك الأدوات للنفوذ الأمريكي، حتى إن بعض المصادر قد ذكرت أن بعض الفصائل في سوريا تلقت ما يقارب المليار دولار! وعبر الدعم المالي وكثافته، وتوفير المنبر الإعلامي وأهميته، والملاذ الآمن وخطورته، فقد أصبح لأتباع أمريكا "السعودية وتركيا" نفوذ على المعارضة والفصائل العسكرية التي ربطت بمخابرات تلك الدول، حتى تمكنت الدولتان خاصةً عبر عناصر القوة المالية والإعلامية أن تُبرز قيادات وتُعليها، فتسيطر عن طريقها على تلك الفصائل! وكانت أمريكا وباستخدام كامل لعملائها وأدواتها في المنطقة تريد حرف الثورة السورية وتشتيت أهدافها، فأعلنت أن مهمتها في سوريا هي وتحالفها الدولي هو محاربة (الإرهاب)، أي محاربة فصائل الثورة السورية، ورغم انخراطها في الحرب السورية منذ سنة 2014 فقد كان قصفها يقتصر على ضرب الفصائل التي تسميها (إرهابية)، ولا تضرب قوات بشار، وتنسق مع روسيا، إلا أن كثيراً من قادة الفصائل المسلحة قد وثقوا بها، وأخذوا ينسقون عملياتهم مع غرفها المخابراتية الموم والموك، بل وانخرطوا في طريقها الذي تسميه "مكافحة الإرهاب"، فكان الاقتتال الداخلي والانخراط في الدم المحرم ما أربك الثورة السورية التي صارت تقاتل على جبهتين، الجبهة الأمريكية ضد "الإرهاب" التي أضيفت إلى الجبهة الأصلية "إسقاط النظام"، وكانت الفصائل تتعرض إلى ضغط تركي وسعودي يضافان إلى الضغط الدولي لمزيد من الانخراط في الجبهة الأمريكية، وإبعادها عن الجبهة الأصلية! وكان التدخل التركي "درع الفرات" تتويجاً لهذا التوجه، حيث طلبت تركيا من الفصائل التابعة لها الانسحاب من معارك حلب والتوجه شمالاً لقتال تنظيم الدولة، وهكذا كان حتى تمكنت قوات بشار وأحلافها روسيا وإيران من احتلال مدينة حلب نهاية 2016 بعملية أشبه بتسليم تركيا حلب للروس ومن ثم للنظام! لقد كانت استجابة الفصائل المسلحة لتركيا وانسحابها من معارك حلب وانخراطها في الجبهة الأمريكية ضد "الإرهاب" مؤشراً بالغ الخطورة، إذ أشار ذلك بوضوح إلى أن قيادات الفصائل التي رضعت ملايين الدولارات قد صار لها تأثير قوي في فصائلها، وأن أمريكا وبعد طول انتظار يمكنها أن تفتح صفحةً فيها أمل للقضاء على الثورة السورية، وأخذت السياسة الأمريكية توجه الساحة السورية في اتجاه تصفية الثورة، ذلك الهدف الذي رأته أمريكا ممكناً بعد أن نجحت وأتباعها في أخذ ولاء كثير من قادة الفصائل العسكرية... ثم كرر أردوغان موضوع درع الفرات فقد افتعل غصن الزيتون لتسهيل دخول النظام إلى إدلب، فإن النظام السوري وهو يتقدم نحو إدلب ويطوق مطار أبو الضهور قام أردوغان بتحريك القتال نحو عفرين! ويشترك فيه نحو 25 ألفاً من المعارضة كما أكد القيادي العسكري في "فيلق الشام"، ياسر عبد الرحيم، (أن نحو 25 ألف مسلح من "الجيش السوري الحر" يشاركون في العملية العسكرية التركية في عفرين... روسيا اليوم: 2018/01/23م)، وكان ذلك بعلم أمريكا وموافقتها، فقد صرح وزير خارجية تركيا مولود جاووش أوغلو أنه "بحث الأزمة السورية ومسألة الوحدات الأمنية الحدودية مع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس مساء الاثنين (2018/1/15) في كندا،"... وكالة الأناضول 2018/1/17) ويؤكد ذلك ما تردد من تصريحات أمريكية يفهم منها أن غصن الزيتون وموضوع عفرين وتحركات الجيش التركي والجيش الحر كله برضا تام من أمريكا ومن روسيا بالتنسيق مع أمريكا، ومن هذه التصريحات: (قالت القيادة المركزية بالجيش الأمريكي، إن تركيا أطلعتهم على العملية العسكرية بمدينة "عفرين" السورية،... قدس برس: 2018/01/21م)

4- لقد أصبحت الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية في سوريا بعد تسليم حلب على النحو التالي:

أ- تبريد الساحة السورية: وكان العنوان الأبرز لهذا الهدف هو مسار أستانة الذي حملت تركيا الفصائل المسلحة التابعة لها إليه حملاً لمفاوضة بشار وإيران وروسيا على وقف إطلاق النار. وقد تُوِّج هذا التوجه بما يسمى اتفاقات "خفض التصعيد" التي أخذت تتنقل من منطقة إلى أخرى، فوصلت الجنوب الذي لم تكن فصائله قد شاركت قبل ذلك في مفاوضات أستانة، ولكنها شاركت أخيراً! وخلال سنتين من هذه المفاوضات فقد برزت تركيا كدولة ضامنة للاتفاق إلى جانب روسيا وإيران. وكانت صلابة الثورة في سنواتها الأولى قد منعت أي وقف لإطلاق النار، فكان هدفاً بعيد المنال لإدارة أوباما، إلا أنه أخذ يتحقق مع نهاية تلك الإدارة في 2016 ثم مجيء إدارة ترامب. وكان تبريد الساحة السورية يعني أمريكياً إفساح المجال للمفاوضات من دون تهديد مباشر بخلع نظام بشار عسكرياً، وإنما في مفاوضات تؤكد شرعية النظام ولذلك لم يتضمن أي قرار الإشارة إلى إزالة بشار حيث استخدمت أمريكا الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي تتحكم فيه وأرسلت أتباعها المبعوثين من السود والخضر والبيض من كوفي عنان إلى الأخضر الإبراهيمي إلى دي ميستورا، وعقدت مؤتمرات جنيف لجمع المعارضة مع النظام، اعتبارا من مؤتمر جنيف1 الذي عقد يوم 2012/6/30، وفي كل ذلك إقرار للنظام وللحفاظ عليه. وكذلك عقدت مؤتمرات فينّا1 و2 عام 2015، ومن أهم بنود مؤتمر فينّا2 المحافظة على الهوية العلمانية للدولة السورية وعلى مؤسساتها، واستصدرت القرارات الدولية وآخرها القرار الذي تقدمت به أمريكا نفسها يوم 2015/12/18 وقبله المجلس بالإجماع وهو القرار الذي يلخص كل القرارات ونتائج مؤتمرات جنيف وفينا المتعلقة بسوريا، فيلخصها في قرار واحد يحمل رقم 2254. وأصبح هذا القرار المرجعية للحل السياسي في سوريا، وأصبحت جميع الدول تنادي بتطبيقه حتى الفصائل المسلحة بتأثير الدول الداعمة نادت به، وهذا القرار لا يدعو إلى إزالة بشار! ما يؤكد حماية أمريكا له ولنظامه. هكذا كان حتى تسليم حلب، وبعد ذلك أصبح إلزام الفصائل المسلحة بعدم فتح الجبهات أمراً وارداً، ثم الضغط عليها لتحقيقه والالتزام التام بوقف إطلاق النار، وترك النظام ومعه روسيا وإيران (الضامنان الآخران لخفض التصعيد) يستفردون بمناطق الثوار واحدة تلو الأخرى! أما الضامن الثالث تركيا فلم يحرك ساكناً تجاه تلك الخروقات! فقد أخذ النظام بضرب منطقة وادي بردى ولم يجف بعد حبر أول اتفاق لخفض التصعيد مطلع 2017، على مرأى ومسمع من هذا الضامن! بل بلغ من تواطئها عندما أشعل النظام معارك الغوطة الشرقية أن مخابراتها شاركت بنفسها في عمليات "مكافحة الإرهاب" في الغوطة، (وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن خلال مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء لقناة (تي.آر.تي) الإخبارية الرسمية إن تركيا لا تريد وجود منظمة متشددة في الغوطة الشرقية.) رويترز 2018/3/15. يقول هذا والنظام وروسيا وإيران والأتباع يقصفون الغوطة قصفاً وحشياً وكأن تركيا أردوغان تبرر لهم ذلك!

ب- الانخراط في السياسة الأمريكية باسم "مكافحة الإرهاب": بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عزمه التخلص من تنظيم الدولة، وامتداداً لمعركة الموصل سارت أمريكا في هذه السياسة على أربع جبهات:

- أما الجبهة الأولى فقد قاد الجيش الأمريكي الفصائل الكردية المدعومة أمريكياً لإخراج تنظيم الدولة من الرقة، وقاد كذلك فصائل أخرى شرق سوريا لحرب تنظيم الدولة، وأصبح للأكراد شأن كبير في الشمال السوري وبالتحديد المناطق الكردية في سوريا، وأبرز القوات الكردية فيها هي قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وكانت قد استعادت بدعم أمريكي كبير أهم المناطق من سيطرة داعش، وسيطرت في كل شرق الفرات؛ أي على 28 في المائة من المساحة السورية، لكنها المنطقة الأغنى بثروات النفط والغاز وكذلك بالثروات المائية والزراعية، ومن كوباني إلى الرقة وناحية البوكمال ودير الزور... ولم يكن هذا ليؤثر في النظام، فالقوات الكردية تتحرك بأمر أمريكا ومن ثم فلا تقف في وجه النظام، وقد تداولت العديد من الوسائل الإعلامية في الآونة الأخيرة، أنباء تسليم وحدات حماية الشعب، المكوّن الأكبر لقوات سوريا الديمقراطية، بأمر من أمريكا مناطق عدة للنظام السوري، بموجب اتفاقيات جرت في دمشق والقامشلي. (وكشف القيادي في "المجلس الوطني الكردي" في سوريا فؤاد عليكو، عن الأسباب والمتغيرات التي دفعت بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي "PYD" إلى عقد اتفاق غير معلن مع النظام السوري، وتسلم الأخير بموجب بنوده مناطق كانت تحت سيطرة القوات الكردية، من بينها حي النشوة بالحسكة، ومناطق أخرى شرق نهر الفرات.) (2018/07/16 https://arabi21.com) ونقل موقع «هيرابوليس» عن مصدر خاص لم يكشف عنه، أن اجتماعاً جرى يوم السبت الماضي "بين شخصيات تابعة لمليشيا قسد تمثل مجلس منبج العسكري التابع لها، ومسؤولين تابعين لنظام الأسد في مقر شعبة حزب البعث في مدينة حلب". وأضاف أنه تمت مناقشة "عملية تسليم المربع الأمني في مدينة منبج لمليشيات النظام بالإضافة لسد الشهداء (سد تشرين) جنوب شرق المدينة" (2018/07/11 www.qasioun-news.com)، وقيادات الجماعات الكردية شمالي سوريا باتت رهن أمريكا، فإذا ما أرادت لهم أمريكا العودة إلى حضن عميلها بشار فلن يرفضوا، وهناك بوادر لذلك، فقد نقل موقع صحيفة رأي اليوم 2018/6/7 عن القيادي الكردي البارز صالح مسلم حول الهرولة لمفاوضة النظام قال: (أبوابنا كانت دوما مفتوحة للجميع ووجدنا تغيرا في حديث الأسد مؤخرا، فقبل شهرين كان يصفنا بالإرهابيين، والآن يتحدث عن التفاوض، وهذا تقدم... ومثلما يفكر الجميع بمصالحه سنفكر نحن أيضا)، وقد سبق أن صرح وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم ونقلته صحيفة العرب اللندنية 2017/9/27 (إن السوريين الأكراد "يريدون شكلا من أشكال الإدارة الذاتية ضمن حدود الجمهورية العربية السورية. وهذا الموضوع قابل للتفاوض والحوار"). إن النظام والأكراد ورقة أمريكية لا تمثل أي عقبة للحل السياسي، فما تريده أمريكا لهم لا يرفضونه ولا يرفضه النظام، سواء أبقوا كما كانوا قبل 2011 أو بحكم ذاتي ضمن سوريا...

- وأما الجبهة الثانية فقد قادتها تركيا في معركة درع الفرات شمالي حلب في 2016/08/24م ومن ثم غصن الزيتون في 2018/01/20م، فسهل دخول النظام حلب وجنوب إدلب، وذلك أن تلك الفصائل بأمر تركيا تركت معاركها مع النظام وانخرطت في الاقتتال في الدرع والغصن فضاعت حلب وجنوب إدلب أو كادت! وكانت تركيا قبل ذلك، وهي مستمرة حتى اليوم بإيعاز من أمريكا، كانت تمارس دوراً آخر في إدلب فدخلت المنطقة بوحدات استطلاع اعتبارا من يوم 2017/10/7 ومن ثم بنشر قواتها وإقامة نقاط مراقبة ضمن اتفاق خفض التصعيد مع روسيا وإيران... وجاء ذلك بعد اجتماع أردوغان مع الرئيس الأمريكي ترامب يوم 2017/9/21 بنيويورك، وصرح يومها ترامب "أن أردوغان أصبح صديقا لي". (الأناضول 2017/9/21) وكان الحديث بينهما منصبا حول الوضع في سوريا. وقد وافق ترامب على دخول تركيا إلى إدلب، (بدأ الجيش التركي عملية استطلاع في محافظة إدلب السورية بهدف إقامة منطقة خفض التوتر بموجب اتفاق أستانة... سكاي نيوز عربية 2017/10/09م) ونشر موقع "عنب بلدي" في 2018/05/13م أن العملية التركية ما زالت مستمرة فقال: (تستكمل تركيا الخطوات التي بدأتها في محافظة إدلب وتسير فيها باتجاهين الأول نشر نقاط المراقبة المتفق عليها في اتفاق تخفيف التوتر في أستانة، والآخر تنظيم الهيكلية العسكرية للفصائل العاملة فيها دون تفاهم حتى اليوم مع الفصائل الإسلامية...)، وأضاف موقع عنب بلدي (منذ مطلع العام الحالي انتشرت نقاط المراقبة التركية في إدلب على الحدود الشرقية لجيب إدلب دون الشريط الغربي ما طرح تساؤلات عن الأسباب التي حصرت النقاط من الشرق فقط!... وبحسب المصادر لم تتلق الفصائل الدعم التركي إلا مرة واحدة... ورغم التحركات التركية تبقى الغارات الجوية الروسية الملف الشائك الأبرز في المشهد اليومي لإدلب... وبحسب مراسلي عنب بلدي في إدلب وريفها يستهدف الطيران الروسي ريف إدلب الجنوبي بصواريخ شديدة الانفجار يسمع صداها في جميع أرجاء إدلب).

- وأما الجبهة الثالثة فقد حركت أمريكا النظام السعودي الذي شاركها في التحالف الدولي وكان يعلن أنه مستعد لإرسال قوات برية إلى سوريا لحساب أمريكا وبقيادتها، وقد لعب هذا النظام دورا قذرا كالنظام التركي بأن وضع الفصائل المسلحة التي تسممت بأمواله تحت تأثيره ومنع هذه الفصائل من التقدم نحو قلب العاصمة دمشق مع أنها كما يقال على مرمى البصر منه وبعضها على مرمى الحجر! وهو الذي أخضعها للقبول بالمفاوضات مع النظام، فجعل الفصائل التي وقعت تحت تأثير تمويله تأتي إلى الرياض وتقبل بالمشاركة في المفاوضات فكان لقاء الرياض1 يوم 2015/12/11 وصدر بيان الرياض ومؤتمر الرياض2 يومي 22-2017/11/24 وشكلت وفدا مشتركا للتفاوض مع النظام في جنيف وفي فينا بإيعاز وتخطيط أمريكي. ولا زال النظام السعودي مستعدا لتقديم الخدمات لأمريكا، وقال ولي العهد السعودي ابن سلمان بعد لقائه لأسياده في أمريكا ليعلن عما أوعزوا إليه أن يقوله لمجلة التايم الأمريكية، فقد نقلت عنه يوم 2018/4/6: "أعتقد أن بشار أسد باق في الوقت الحالي. لا أعتقد أن بشار سيرحل دون حرب ولا أعتقد أنه يوجد أحد يريد أن يبدأ هذه الحرب".

- وأما الجبهة الرابعة فكانت لقوات بشار وإيران وروسيا بعد أن ضمنت لها تركيا "خفض التصعيد" في المناطق الأساسية، إذ خاضت قوات تلك الجبهة المعارك في تدمر ووصلت إلى دير الزور وكل ذلك بتواطؤ تركيا والسعودية وتأثيرها على الفصائل فصرفتها عن مجابهة الطاغية إلى جبهات أخرى بحجة مكافحة (الإرهاب)، وهكذا تنفس النظام الصعداء وأزال عن نفسه غبار الهزائم الكثيرة التي مُني بها خلال سنوات الثورة، فظهر بمظهر القوة في جولات المفاوضات في جنيف وكذلك أستانة حيث صار يتحدث من موقع قوة وينسحب من المفاوضات، وصارت الفصائل تطلب من الدول الضغط عليه ليقبل بالحل السلمي بعد أن كان مطلباً له ليقيه الانهيار!

ج- إبعاد جهات التشويش: فضلاً عن إبعاد أمريكا للدول الأوروبية عن المشهد السوري، وحصره بينها وبين روسيا دولياً، مع أن روسيا ليست جهةً منفصلة عن أمريكا في سوريا، إلا أن أمريكا استخدمت روسيا ووقوفها إلى جانب بشار كواجهة للتفاوض معها دولياً بشأن سوريا، ومنع الدول الأوروبية من التدخل، وما لا يقل أهميةً عن ذلك أن سعت أمريكا للحد من جهات التشويش الإقليمية "قطر والأردن": – أما قطر فقد قامت أمريكا بإثارة السعودية ومصر ضد قطر وفرض المقاطعة عليها منتصف 2017 واتهامها بدعم "الإرهاب" في سوريا، وهكذا وجد النظام في قطر نفسه تحت تهديد مباشر من عملاء أمريكا، فأحجم عن الاستمرار في التشويش في سوريا، وانتهى دوره الفاعل. – وأما الأردن فقد كان هو ومخابراته يقيم العلاقات القوية مع فصائل الجنوب في سوريا، وكان ذلك لصالح بريطانيا على أمل الولوج بشيء من النفوذ إلى سوريا... وللحد من هذا فقد بادرت أمريكا بنفسها إلى فتح المفاوضات مع روسيا حول خدعة "خفض التصعيد" جنوبي سوريا، وهكذا مكنت النظام من السيطرة شبه الكاملة على الجنوب ومن ثم انتهى التأثير الفاعل للأردن أو كاد...

5- وبالتدقيق في السياسة الأمريكية وسياسة أتباعها خاصة تركيا والسعودية وتلحق بهم مصر بدرجة أقل بسبب مشاكلها الداخلية، نجد أن أمريكا تسير في آن واحد في كل الخطوط العريضة التي رسمتها لسوريا والمذكورة أعلاه، فهي تترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لجهود النظام وروسيا وإيران لضرب المعارضة عسكرياً، وتزيل أي شكوك لدى المعارضة بأن أمريكا قد تهب لنجدتها، فعندما بدأ النظام بشن حملته على درعا والمنطقة الجنوبية مدعوما بالطيران الروسي وجهت أمريكا رسالة للفصائل في الجيش الحر عبر سفارتها في الأردن يوم 2018/6/23 قالت فيها "نفهم أنكم يجب أن تتخذوا قراركم حسب مصالحكم ومصالح أهليكم وفصيلكم كما ترونها، وينبغي ألا تسندوا قراركم على افتراض أو توقع بتدخل عسكري من قبلنا" (موقع عنب بلدي 2018/6/23). أي أن أمريكا تقطع أي أمل للفصائل المتعاونة معها بأنها قد تهب لنجدتها! وكأن بعضهم، كما نقلت بعض وسائل الإعلام، قد صحا من غفلته فقال إن أمريكا قد خدعتهم! آلآن؟

وهكذا فإن أمريكا تسير فعلياً في سياسة استئصال الفصائل المسلحة في سوريا عن طريق النظام وإيران وروسيا، ولا تضع أمام ذلك أي عراقيل، ولكن قبل ذلك وبعده المساهمة الفعالة من تركيا والسعودية! وأما الدعم الأمريكي للفصائل فكان يقف عند حدود التصريحات أو الأموال التي تدفع للقادة لقاء الولاء، وما كان يصل من سلاح أمريكي فهو بسيط وقليل وغير فعال وذو طبيعة دفاعية (أي غير فتاك)، وكان ذلك في الماضي بهدف إقناع الثوار بأن أمريكا معهم وتدعمهم ليوالوها، أما اليوم وبعد أن رجحت كفة بشار العسكرية فإن ذلك الكلام قد انتهى، وانتهت معه التصريحات الأمريكية بهذا الخصوص، وأصبح هذا الملف مقفلاً من أمريكا وكذا من أتباعها تركيا والسعودية.

6- وأما مسار المفاوضات السياسية فقد كانت أمريكا تؤجله إلى أن يُقضى على الثورة ومن ثم يقف بشار على قدميه، ولذلك كانت تشغل أتباعها وعملاءها لتهيئة الأوضاع في محادثات جانبية إلى أن تنضج ظروف الحل السياسي فيكون المقعد الرئيس لها... ولذلك فإنه خلال مسار المفاوضات السياسية الذي استمر لسنوات كان عملاء أمريكا وأتباعها في السعودية وتركيا ينشطون في تنظيم الاجتماعات والمؤتمرات للمعارضة السورية وكانوا يبرزون قيادات في المشهد السياسي ويبعدون قيادات، وكل ذلك في أخذ ورد إلى أن يقف النظام على قدميه فتتولى أمريكا الحل السياسي بدور لروسيا أو دون دور... ولكن بعد الإنجازات العسكرية الكبيرة لبشار وحلفائه في مدينة حلب، ثم وادي بردى والقلمون، ثم الغوطة الشرقية وإزالة المخاطر من حول دمشق العاصمة، ثم أرياف حمص وحماة، واليوم في درعا، وربما بعد ذلك في إدلب وما تبقى من ريف حلب، فهذه الإنجازات الكبيرة توحي بأن الحل السياسي الأمريكي يقترب، لكن ذلك مؤجل لما بعد إدلب. ويبدو أنهم يعدون لذلك، فقد أكملوا تنفيذ اتفاقية الفوعة الزبداني وأبرم اتفاق نهائي بين روسيا وتركيا يوم 2018/7/17 نص على إجلاء سكان بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين للنظام في محافظة إدلب حيث كانتا محاصرتين من قبل الفصائل، لئلا تبقى أية أوراق ضغط بيد الفصائل وكي لا يكون النظام في حرج إذا هاجم المنطقة وارتكب المجازر... ومن ثم لم تبق دون الحل السياسي الأمريكي إلا إدلب ومعها ريف حلب الغربي، وهي منطقة مهمة وفيها تجمع كبير للثوار، لكن لتركيا سبيلاً كبيراً على الكثير من الفصائل المسلحة فيها، والراجح أن تضغط تركيا عليها لتسليم السلاح الثقيل للنظام والصلح معه، وهذا أشد خطورة من حرب النظام وروسيا وإيران مع أن كليهما خطر وضرر... فإذا ما نزعت القوة العسكرية من الثورة السورية فإن الحل السياسي الأمريكي يكون قيد الإعداد والتنفيذ... والراجح أن أمريكا تريد الإبقاء على بشار لفترة "انتقالية" تكون جزءاً من حلها السياسي، وتتأكد خلال تلك الفترة من تصفية المعارضين، ومن ثم تأتي بعميل مثل بشار يواصل الحفاظ على نفوذها في سوريا، وكذلك حفظ أمن ربيبتها دولة يهود المغتصبة لفلسطين، فهذه تريد في سوريا عميلاً مثل بشار يحفظ لها أمنها فلا تطلق عليها طلقة، فقد صرح نتنياهو للصحفيين قبل مغادرته موسكو يوم الخميس 2018/07/12م "لم تكن لدينا مشكلة مع أنظمة الأسد (الوالد والولد) على مدار أربعين عاما لم تطلق رصاصة واحدة من هضبة الجولان. نحن لا نعارض استقرار الرئيس السوري بشار أسد لكننا سنعمل على حماية حدودنا". (هآرتس اليهودية 2018/7/12).

7- والقوة العسكرية التي يمتلكها النظام السوري ضعيفة وغير كافية للسيطرة على سوريا بعد الحل السياسي، فقد أصبح جيش بشار منهكاً بشكل كبير. وعلى الرغم من المدد الذي لا ينقطع بالأسلحة التي توفرها له القنوات الأمريكية المختلفة سواء عبر روسيا أو إيران أو غيرها إلا أن القوى البشرية تبقى مشكلته الرئيسية. لذلك فإنه من المتوقع أن أي حل سياسي أمريكي لا بد أن يرتكز على قوة قادرة على صونه، وقد تسلك أمريكا أحد الطريقين التاليين أو كليهما معاً، وهما:

أ- استمرار الاعتماد على إيران وحزبها ومليشياتها الأخرى من إيرانيين وأفغان وباكستانيين... إلخ، وهذا يلزمه إسكانهم وتجنيسهم، الأمر الذي تشير بعض الأخبار إلى قيام النظام السوري به اليوم، فقد قدّر أحد الخبراء لوكالة DW الألمانية 2018/4/30 عدد تلك المليشيات بـ45 وعدد عناصرها يقترب من 40 ألفاً، وذكر الخبير (في اعتقادي أن هذه المليشيات ستبقى في سوريا... وشاهدنا عملية توطين في حزام دمشق فالمليشيات الشيعية موجودة في حي السيدة زينب وغيرها من المناطق... وأعتقد أن إيران تحاول، كما هو الحال بالنسبة للحشد الشعبي، تجنيس هؤلاء أو سلك سبل أخرى تساعدهم على البقاء في المنطقة).

وعلى الرغم من أن النظام يجبر أبناء المناطق التي يخضعها من جديد لسيطرته للخدمة الإلزامية في الجيش، إلا أن شكوك الولاء تجعله يعتمد على تلك المليشيات التي قاتلت إلى جنبه أثناء سنوات الثورة.

ب- الاعتماد على قوى إقليمية "لحفظ السلام"، وقد تستقدم قوات مصرية وسعودية وتركية لهذا الغرض. وهذا الكلام ليس جديداً، فقد نقلت الجزيرة نت عن صحيفة أمريكية 2016/4/8 (أشارت مجلة ذا ناشونال إنترست الأمريكية إلى الحرب التي تعصف بسوريا منذ سنوات، وقالت إن البلاد التي انزلقت في المستنقع بحاجة لقوات حفظ سلام، بغض النظر عن أي شكل ينتهي به الصراع.) ولم ينته هذا التصور الأمريكي للحل في سوريا والقاضي باستجلاب قوات من الخارج رغم الإنجازات العسكرية لبشار فقد نقلت الجزيرة نت 2018/4/17 (قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تخطط لإحلال قوات عربية محل القوات الأمريكية في سوريا لحفظ الاستقرار في شمال شرق البلاد بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية. وأفادت الصحيفة بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون اتصل بمدير المخابرات المصري بالوكالة عباس كامل لمعرفة موقف القاهرة من هذا المسعى. وأضافت أن التواصل جرى مع دول خليجية أيضا من أجل المشاركة في هذه القوات وتقديم الدعم المالي لها، وتوقع مسؤولون في الإدارة أن تستجيب الدول العربية لطلب ترامب خصوصا فيما يتعلق بالدعم المالي).

8- هذا هو ما تدل عليه الوقائع التي جرت وتجري حول السياسة الأمريكية في سوريا... وبتدبره يتبين أن استمرار النظام وعدم سقوطه لم يكن في الدرجة الأولى بقوة النظام ولا بقوة أمريكا وأتباعها روسيا وإيران ومليشياتها، ولا بقوة الأتباع والعملاء تركيا والسعودية حتى وإن كان لكل ذلك تأثير، وإنما كان السبب الأكبر هو في الخيانة أو المخادعة والتواطؤ من كثير من رؤساء الفصائل لثقتهم بأمريكا بأنها معهم ونسوا أنها عدو للإسلام والمسلمين في كل أعمالها... وكذلك الثقة بأتباعها وعملائها تركيا والسعودية، ونسوا كيف كان تسليم حلب بفتح جبهة درع الفرات وسحب المقاتلين منها، ومن ثم غصن الزيتون حيث وجهت المقاتلين هناك وتركت جنوب إدلب لقمة سائغة لروسيا والنظام... وأما السعودية فنسيت تلك الفصائل كيف هيأتها للمفاوضة مع نظام الطاغية في اجتماعات ومفاوضات تقر النظام أكثر من إزالته، وها هو ولي عهد السعودية يكشف ما كان مستوراً فيصرح بأن بشار باق... ثم الأدهى والأمر أن روسيا تقصفهم بحممها بشكل وحشي ومع ذلك يتفاوضون معها ويسلمونها أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة! وإنه لمنظر مؤلم أن تستلم روسيا دباباتهم ومدافعهم وهم أقرب إلى الذل والخنوع... كل ذلك هو السبب الأساس فيما حدث، فقد مكثوا سنوات طوالاً يقاتلون النظام ويتقدمون في مناطقه، ولكنهم في بضعة أيام خرجوا من حلب بتواطؤ من تركيا، وفي خلال أقل من ذلك خرجوا من جنوب سوريا وخاصة درعا بتواطؤ من السعودية، وفي الحالتين كانت مخازن أسلحتهم زاخرة بالسلاح الذي غنموه من جيش النظام... إنه لأمر محزن حقاً أن يصمدوا سنوات أمام البراميل المتفجرة والصواريخ المدمرة والأسلحة الفتاكة من النظام وروسيا وإيران ومليشياتها، ولكنهم في أيام بالتواطؤ والخيانة يسلمون أماكنهم دون قتال، بل وأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة! ويتركون ديارهم مهجرين!! إن المتدبر لذلك يرى أن السبب الأساس هو ثقة الفصائل في أعداء الإسلام والمسلمين، وثقتهم في العملاء والأتباع، سواء أكان قادة الفصائل أولئك يعلمون أم كانوا جاهلين، وسواء أكانوا عامدين متعمدين أم كانوا من باب الخطأ مخطئين، فكلاهما مرّ... وقد يسأل سائل وحق له أن يسأل فيقول ما دام حزب التحرير على هذه الدرجة من الوعي والبصر والبصيرة ويدرك مجريات الأمور فلماذا لم ينصح الفصائل ويبصرهم فلا يقعوا فيما وقعوا فيه؟ إني أقول لمن يسأل هذا السؤال لقد حفيت ألسنتنا ونحن ننصحهم ونعظهم ونبين لهم واقع الأمر بالأدلة والبراهين... وقد كلَّت أقدامنا من السير إليهم لنصحهم وإرشادهم حيث إن بعض المسالك إليهم كان من الصعب على السيارات أن تسلكها فنسير فيها راجلين حتى إننا لكثرة تواصلنا معهم ظنَّنا بعضُهم أننا منهم!! ولو اطَّلع من يسأل هذا السؤال على إصداراتنا وأجوبة أسئلتنا، وما أكثرها، لعلم أننا بذلنا الوسع في هذا الأمر بل فوق الوسع، ولكن كثيراً من أولئك القادة لا يرعوون ولا يتقون، بل كانوا يقولون عندما نحذرهم من المال القذر الذي يأخذونه من تلك الدول الخائنة: "ومن أين لنا أموال إذن؟ فحزب التحرير لا يعطينا أموالاً"، فيزينون لأنفسهم أخذ المال من الكفار والخونة! فإذا قلنا لهم إنكم ستكونون بذلك رهائن عندهم يقولون لا! فضاع ما ضاع وهم في غفلتهم يعمهون... وإذا قلنا لهم إنكم تغنمون من النظام سلاحاً كثيراً وافراً فلماذا تُذلُّون أنفسكم على أبواب أولئك الخونة لأخذ شيء من شيء من السلاح؟ فيقولون ومن أين نأخذ السلاح وحزب التحرير لا يعطينا السلاح؟ فإن قلنا لهم إن أعناقكم تكون مرهونة عندهم بهذا السلاح قالوا لنا نأخذ من العدو ونقاتل العدو! ثم تبيَّن لهم بعد فوات الأوان أن السلاح مُنع عنهم وهم في أشد الحاجة إليه، بل وسلموا أسلحتهم بفعل تواطؤ أولئك الخونة... وهكذا فقد نصحناهم ولكن لا يحبون الناصحين! وكمثال أذكر بعض ما جاء في إصدارنا في 2018/04/05م:

(... ومع أن الحزب لم يدّخر جهداً في توعية تلك الفصائل، وتبصيرها بما يجري ويدور، إلا أنهم كانوا يبررون سيرهم خلف أولئك بأنهم يدعمونهم بالمال والسلاح، وأن الحزب لا يستطيع ذلك، بل فقط يدعمهم بالنصح... ويضيفون إن ذلك النصح لا يغني من ضرب السيوف شيئاً! ولم يدركوا أن السيف بيد حامله، ذو حدين، فهو في يد الواعي المبصر يكون درعاً يقيه شر خصمه، ووسيلة قوية لهزيمة عدوه... ولكنه بيد المخدوع الراكض وراء دعم المجرمين يكون درعاً ممزقاً، تبرز أسلاكه من خلاله، فيقتل من هو في يده قبل أن يقتله خصمه!

وإننا نتوجه لتلك الفصائل التي كانت ترفض توعيتنا لهم، وتبصيرنا لهم... فقد كانوا يقولون هذا كلام لا يغني من الحرب شيئاً، بل يريدون الدعم بالمال والسلاح الذي يجدونه عند خونة المسلمين، عرباً وتركاً وفرساً، بل بعضهم يضيف حتى ولو من مجرمي الروس والأمريكان، ظناً منهم بأن أخذهم المال القذر من أولئك، لن يمنعهم من القتال عن الشام... نقول لكل هؤلاء: ها أنتم ترون نتيجة أفعالكم وأقوالكم، فقد أصبحتم مهجرين مطرودين حتى من دياركم وأبنائكم!)

9- وفي الختام نقول: إنه لم يبق من الأماكن إلا إدلب، وقد يكون في جعبة أردوغان دروع أخرى وأغصان تُضيع إدلب وما حولها وهو ساكن لا يبدي حراكاً... فنقول للفصائل ونتوجه إليهم أن لا ينخدعوا بتحركات أردوغان ولا يخلوا إدلب للنظام... ولا ينسوا ما أصابهم في حلب، وليتذكروا حديث رسول ﷺ الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ»، فكيف إذا كان مرات ومرات؟! ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.

وخاتمة الختام، فإننا نؤكد ما سبق أن قلناه: إن الأيام دول، ولقد ابتليت هذه الأمة بمثل ذلك وأشد، من الصليبيين والتتار، ثم عادت فنهضت، واقتلعت جذورهم، وسادت العالم من جديد... صحيح أن حكم الإسلام كان هو النافذ في تلك الأيام، وأن الخلافة كانت موجودة حتى وإن كانت ضعيفة، فكان للأمة رأس يجمعها لقتال عدوها، وإحقاق الحق وإزهاق الباطل، ومن ثم هزمت عدوها ونهضت من جديد... واليوم ليس هناك حكم بالإسلام، وليست هناك خلافة، وإذن من الذي يجمع المسلمين للقتال؟ قد يقول قائل مثل هذا القول، وهو وصف للواقع صحيح، ولكن العمل للخلافة مستمر بقوة بإذن الله، وقد أصبحت مطلباً رئيساً للمسلمين في بلدانهم، وهم يرقبون ذلك بالقول والفعل، وينطلقون لقلب تلك الأيام السود 26، 27، 28 رجب 1342هـ، التي كانت مسرح التآمر والجريمة في إلغاء الخلافة، ينطلقون لإزالة تلك الأيام السود، ويعيدونها مشرقة بالخلافة من جديد في يوم قدره الله، وما ذلك على الله بعزيز، وعندها سيعلم الذين ظلموا وخانوا وأجرموا أي منقلب ينقلبون... وعلى المسلمين أن لا ييأسوا من رحمة الله، فالشام ستبقى الشام، فهي عقر دار الإسلام: أخرج نعيم بن حماد في الفتن، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عُقْرُ دَارِ الْإِسْلَامِ بِالشَّامِ».

والحزب مطمئن بنصر الله، ليس فقط للأنبياء والمرسلين، بل كذلك للمؤمنين الصادقين، وليس فقط في الآخرة، بل في الدنيا كذلك، ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ويصيب الذين أجرموا صغار في الدنيا، وعذاب أليم في الآخرة، والله منتقم جبار، عزيز حكيم.



  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20762 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Apr 16 2018, 09:44 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908


فهرس سلسلة " إقامة الدولة في ظل قانون السببية "




فهرس سلسلة " إقامة الدولة في ظل قانون السببية "
  المنتدى: مجلات و جرائد · مشاهدة الموضوع: #20260 · الردود: 0 · المشاهدات: 1,832

حلبجه
تاريخ المشاركة: Apr 14 2018, 09:52 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908






السؤال:

جاء في إصدارنا بتاريخ 11/04/2018م عن اجتماع بوتين وروحاني وأردوغان أن هؤلاء الثلاثة ينفذون مصالح أمريكا في سوريا، لتمكين الحكم العلماني فيها تحت النفوذ الأمريكي، ومن ثم يكون بوتين يعمل في سوريا بالتوافق مع أمريكا ولخدمتها... فما تفسير الضربة الأمريكية في سوريا هذه الليلة، مع أن بوتين له قوات في طرطوس وحميميم؟ وكيف يكون يعمل بالتوافق مع أمريكا ثم هي تضرب قواته في سوريا؟ ثم ما هذا التحالف بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومصالحهم مختلفة؟ نرجو توضيح ذلك، وجزاك الله خيراً... والمعذرة عن سرعة السؤال...

الجواب:
1/ في البداية نصحح بعض ما جاء في السؤال، فأمريكا لم تضرب مواقع روسيا في سوريا وهذا واضح في تصريح وزارة الدفاع الروسية صباح هذا اليوم 14/04/2018م، وإنما ضربت حواليها قرب باب مواقعها، وهي صامتة، مع أنها تزعم أنها صاحبة البلاد والعباد في سوريا والممسكة بزمامها!

2/ إن الضربة الأمريكية هي تأديب لروسيا أكثر منها ضرب للأسلحة الكيماوية السورية، فإن نحو عشرة مواقع ضُربت فجر اليوم، ومع ذلك فإن بعض التعليقات لخبراء عسكريين في وسائل الإعلام صباح هذا اليوم ذكرت أن القليل من تلك المواقع مصانع كيماوية أو مراكز أبحاث، وأن أكثرها مواقع عسكرية.

3/ أما كيف هي تأديب لروسيا، فإن روسيا رغم خدماتها في سوريا لمصلحة أمريكا، إلا أن شيئاً من الزهو لامسها، فحاولت استغلال نشاطها في سوريا بانتفاخ كأنها الممسكة بزمام الأمور في سوريا، متجاوزة المسموح لها بأنها تعمل لترسيخ نفوذ أمريكا في سوريا، وليس لتحل محلها... فكانت الضربة في عقر دار روسيا قريباً من مواقعها لتعيد روسيا إلى حجمها فإن زلّت قدمها فاستغلت ما تقوم به في سوريا لتظهر من ورائه كأنها مركز قوة أو نفوذ، فإن أمريكا تقف في وجهها بقوة إلى حد الإهانة، كما صرح السفير الروسي في واشنطن بأن الضربة الأمريكية كانت إهانة لبوتين شخصياً وليست لروسيا فحسب!

4/ أما لماذا كانت الضربة موجهة لإهانة روسيا أكثر مما هي للمواقع السورية، فذلك لأن جعجعة ترامب استمرت بضعة أيام قبل الضربة، فكانت رسالة للنظام بإخلاء مواقعه، ولذلك كانت الخسائر تكاد تكون مادية مع أن الصواريخ التي أُطلقت أكثر من مائة صاروخ... أما الأثر الناتج فإنه لم يكن جديداً على النظام، فهو معتاد عليه فهو يهون على نفسه: و (من يهن يسهل الهوان عليه)، وهذا شأن العملاء، فإن أسيادهم لا يرون بأساً في ضربهم كلما اقتضت مصالح الأسياد ذلك، ووقائع التاريخ كثيرة في هذا المجال... ثم إن أمريكا قد فعلت نحو هذا في العام الماضي على أثر أحداث خان شيخون... فالعميل ليس جديداً هذا الأمر عليه، بل هو (مروّض) عليه، وفوق ذلك فبعد الضرب يحتفل بالنصر! إلا أن الأثر الذي يوقف عنده هو بالنسبة لروسيا، التي سحبت أكثر سفنها، وأخلت بعض المواقع فراراً من توقع الضربة، ومع أن الضربات كانت قريبة من مواقعها، وهي التي كانت تزعم أنها المتحكمة في سوريا، ورغم كل ذلك فلم تستخدم دفاعاتها الجوية لصد الضربة كما صرحت وزارة الدفاع الروسية ظهر اليوم!

5/ في تصريح لأحد المسؤولين الروس صباح اليوم، أعلن أن روسيا ستقدم شكوى لمجلس الأمن، وفعلاً قدمتها وتقرر اجتماع مجلس الأمن الساعة الخامسة عشرة بتوقيت غرينتش هذا اليوم، أي كما تفعل الدول الضعيفة بأن تكون الشكوى هي الحيلة والوسيلة أمام العدوان عليها، فروسيا اعتُدي عليها عملياً حتى وإن لم تُضرب قواعدها، لأنها كانت تصول وتجول في سوريا، مدغدغة مشاعرها بعظمة الاتحاد السوفيتي السابق... فكانت الضربة كما ذكرنا آنفاً تعيدها لحجمها فهي لم تجرؤ على أي عمل مادي إزاء تلك الضربة... وهكذا يظهر مدى الغباء السياسي لدى الروس حيث يبذلون الجهود المتواصلة في سوريا، والنتيجة أن لا يستقر لهم قرار إلا أن يكون بيد أمريكا، فلم يتعظوا من سنواتهم الطويلة في مصر ثم بجرّة قلم أخرجهم السادات من مصر لأن النفوذ الذي كان قائماً هو لأمريكا ولم يدرك الروس ذلك، وهم يكررونه اليوم في سوريا، فيقومون بأعمال وحشية لمصلحة غيرهم كيداً للإسلام والمسلمين، وهذه الأعمال الوحشية التي ترتكبها روسيا ومن ورائها أمريكا لن تمحى من أذهان المسلمين، والأيام دول، وإن غداً لناظره قريب.

6/ أما ما ورد في السؤال من أن تحالفاً بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا... فهو ليس على وجه الدقة (تحالف) بمعنى التحالف بين دولة وأخرى ند لها، بل هو بإذن من أمريكا كما حدث في العراق وسوريا بتكوين التحالف الدولي بحجة مكافحة الإرهاب، حيث وافقت أمريكا على إشراك بريطانيا وفرنسا في التحالف... وقد سبق أن ذكرنا ذلك مفصلاً في إصداراتنا السابقة.

7/ إن المؤلم هو أن الدول المؤثرة في العالم (تسرح وتمرح في بلادنا)، وتمسك بزمام الأمور دون أهل البلاد... ونحن لا دولة تجمعنا وتعيد عزتنا، وإلا لأدركت أمريكا بالقول والفعل كيف كانت تدفع (رسوم مرور) عند دخول البحر المتوسط، تدفعه لوالي الدولة العثمانية في الجزائر... ولأدركت كذلك فرنسا كيف كانت تستجير بخليفة المسلمين سليمان القانوني لإنقاذ ملكها المأسور... وأيضاً لأدركت بريطانيا كيف كانت تقدم اعتذاراً إلى سفير الدولة العثمانية في لندن لبعض الإساءة للرسول ﷺ، قام بها رجل مسرح، ومتى هذا؟ لما كانت الدولة العثمانية في أوج ضعفها، ومن ثم اكتفت بالاعتذار، وإلا لكان الأمر فوق فوق ذلك.

إن كل مسلم فيه عرق ينبض يجب أن يبذل الوسع في العمل مع حزب التحرير لإعادة الحكم بما أنزل الله، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ومن ثم يعز الإسلام والمسلمون، ويُذل الكفر والكافرون. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

السبت 27 رجب 1439هـ

2018-04-14م

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20253 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Apr 6 2018, 10:34 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908


إقتباس(حلبجه @ Apr 6 2018, 07:31 PM) *



بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

وأخيراً كُشِف القناع عن وجه وكلاء أمريكا أردوغان وروحاني وبوتين

فهم منشغلون بالوكالة لإبقاء الحكم السوري العميل لأمريكا

لتتفرغ لأزمتها في كوريا والصين


  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20231 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Apr 6 2018, 10:31 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20230 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Apr 6 2018, 10:15 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







اجتمع رؤساء روسيا وإيران وتركيا في أنقرة الأربعاء 04/04/2018م، ثم أصدروا بيانهم الختامي، وكان واضحاً من البيان، سواء أكان ذلك من خلال ما تنطقه السطور، أم كان من خلال المخفي والمستور... كان واضحاً عزم أولئك الثلاثة على بذل الوسع للمحافظة على الحكم العميل لأمريكا في سوريا، والوقوف في وجه تحركات أهل الشام لإقامة حكم الإسلام:

أما أردوغان، فاستعمل الخداع ولا يزال، وذلك في درع الفرات، فاستنفر المقاتلين إلى درعه، ومن ثم أضاع حلب وسلّمها للنظام... ثم كان غصن الزيتون، فاستنفر المقاتلين أيضاً إلى عفرين، فأضاع جنوب إدلب وأتبعها الغوطة الشرقية... ولا زال في جعبته دروع وأغصان يحتفظ بها إلى أن يكتمل جمع المقاتلين في إدلب، ومن ثم يستنفرهم إلى جهة أخرى، فتضيع إدلب!

وأما روحاني - الخامنئي - فمليشياته في سوريا تجوب السهل والجبل، من حرسه الثوري، وحزبه اللبناني، إلى مليشياته من الآفاق، وكلهم لا يدّخرون وسعاً في قتل الناس للمحافظة على طاغية الشام.

وأما بوتين، فإجرامه ومجازره في سوريا ملء السمع والبصر، وهو لا يحتاج إلى شيء من الخداع والتبرير، كما يفعل أردوغان، أو روحاني - الخامنئي، فأولئك يستعملون الخداع، لأنهم يصيحون بصوت عالٍ أنهم مسلمون! وأما بوتين فليس بحاجة لذلك، فهو عدو صريح للإسلام والمسلمين.

إن هؤلاء الثلاثة منشغلون بالمحافظة على بقاء الحكم العلماني العميل لأمريكا في سوريا، ويبذلون من الجرائم والمجازر والوحشية في سوريا، وسعهم بل فوق وسعهم! وهم يدركون أن النفوذ الذي يصاحب هذا الحكم هو نفوذ لأمريكا، فينشغلون عنها بالوكالة لإفساح المجال أمامها لمعالجة أزماتها في شرق آسيا في كوريا الشمالية والصين... ولو كانوا يعقلون لنهجوا نهجاً آخر غير هذا السبيل، ولكن الشيطان يستحوذ على أوليائه!

ومع كل هذا وذاك، فلم يكن أولئك المجرمون، سواء أكانوا هؤلاء الثلاثة، أم أمريكا التي من ورائهم، لم يكونوا ليقفوا على أقدامهم بجرائمهم، لولا ذلك العدد من الفصائل التي سارت خلفهم بسياسة العصا والجزرة، المغلفة بالمال القذر، والتهديد والوعيد... ولولا ذلك لغاصت بأولئك المجرمين أقدامهم... ومع أن الحزب لم يدّخر جهداً في توعية تلك الفصائل، وتبصيرها بما يجري ويدور، إلا أنهم كانوا يبررون سيرهم خلف أولئك بأنهم يدعمونهم بالمال والسلاح، وأن الحزب لا يستطيع ذلك، بل فقط يدعمهم بالنصح... ويضيفون إن ذلك النصح لا يغني من ضرب السيوف شيئاً! ولم يدركوا أن السيف بيد حامله، ذو حدين، فهو في يد الواعي المبصر يكون درعاً يقيه شر خصمه، ووسيلة قوية لهزيمة عدوه... ولكنه بيد المخدوع الراكض وراء دعم المجرمين يكون درعاً ممزقاً، تبرز أسلاكه من خلاله، فيقتل من هو في يده قبل أن يقتله خصمه!

وإننا نتوجه لتلك الفصائل التي كانت ترفض توعيتنا لهم، وتبصيرنا لهم... فقد كانوا يقولون هذا كلام لا يغني من الحرب شيئاً، بل يريدون الدعم بالمال والسلاح الذي يجدونه عند خونة المسلمين، عرباً وتركاً وفرساً، بل بعضهم يضيف حتى ولو من مجرمي الروس والأمريكان، ظناً منهم بأن أخذهم المال القذر من أولئك، لن يمنعهم من القتال عن الشام... نقول لكل هؤلاء: ها أنتم ترون نتيجة أفعالكم وأقوالكم، فقد أصبحتم مهجرين مطرودين حتى من دياركم وأبنائكم!

ومع كل هذا وذاك، فإن هذه الأمة لن تهزم بإذن الله، بل الأيام دول، ولقد ابتليت هذه الأمة بمثل ذلك وأشد، من الصليبيين والتتار، ثم عادت فنهضت، واقتلعت جذورهم، وسادت العالم من جديد... صحيح إن حكم الإسلام كان هو النافذ في تلك الأيام، وأن الخلافة كانت موجودة حتى وإن كانت ضعيفة، فكان للأمة رأس يجمعها لقتال عدوها، وإحقاق الحق وإزهاق الباطل، ومن ثم هزمت عدوها ونهضت من جديد... واليوم ليس هناك حكم بالإسلام، وليست هناك خلافة، وإذن من الذي يجمع المسلمين للقتال؟ قد يقول قائل مثل هذا القول، وهو وصف للواقع صحيح، ولكن العمل للخلافة مستمر بقوة بإذن الله، وقد أصبحت مطلباً رئيساً للمسلمين في بلدانهم، وهم يرقبون ذلك بالقول والفعل، وينطلقون لقلب تلك الأيام السود 26، 27، 28 - رجب 1342هـ، التي كانت مسرح التآمر والجريمة في إلغاء الخلافة، ينطلقون لإزالة تلك الأيام السود، ويعيدونها مشرقة بالخلافة من جديد في يوم قدره الله، وما ذلك على الله بعزيز، وعندها سيعلم الذين ظلموا وخانوا وأجرموا أي منقلب ينقلبون.

أيها المسلمون: إن أولئك الثلاثة الذين أجرموا بحق سوريا، كافرهم ومنافقهم، لن يهنأوا بجرائمهم ومجازرهم في حق الشام وأهله، بل سيأتيهم العذاب من حيث لم يحتسبوا، فإن الشام قد ابتليت من قبل بأشياعهم ثم بقيت، وهم قد هلكوا، وهذا ما سيكون بإذن الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾.

وفي الختام، كلمة نقولها إلى جيوش المسلمين الرابضة في ثكناتها... إن أمركم عجب، فإذا استنفركم الحكام لقتل المسلمين فعلتم، وإن استنفركم المسلمون لنصرتهم، تباطأتم وتخاذلتم، بل صمتّم صمت القبور، وحجتكم طاعتكم لرؤسائكم، مع أن طاعة أولئك الرؤساء هي الطريق للخزي في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة، ولن يغنوا عنكم حينها شيئاً، حتى إن قلتم وقلتم دفاعاً عن أنفسكم: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾. ومع ذلك فإن لديكم متسعاً من الوقت، لتكفِّروا عما صنعتم، فتنصروا دين الله، لإعادة حكم الإسلام في الأرض، وقطع الحبال مع الظلمة والمنافقين، والكفار المستعمرين، فعسى أن يكون ذلك كفارة لكم، وصدق الله العظيم ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾.

وأخرى نقولها للمسلمين بعامة، لا تيأسوا من رحمة الله، فالشام ستبقى الشام، فهي عقر دار الإسلام: أخرج أحمد في مسنده عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ نُفَيْلٍ، أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أَلَا إِنَّ عُقْرَ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ». وفي رواية نعيم بن حماد في الفتن، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عُقْرُ دَارِ الْإِسْلَامِ بِالشَّامِ».

وخاتمة الختام، فإن حزب التحرير، الرائد الذي لا يكذب أهله، ماضٍ في عمله مع الأمة ومن خلالها، وهو ثابت على الحق بفضل الله، لم يغير ولن يغير فكرته وطريقته، لأنهما الحق، ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَال﴾، وهو قوي بربه، عزيز بدينه، يضرع إلى الله العزيز الحكيم، أن يتحقق وعد الله على يديه ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وأن تتحقق بشرى رسول الله ﷺ للحزب وأهله، وكافة المسلمين، أخرج أبو داود الطيالسي عن حُذَيْفَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «... ثُمَّ تَكُونُ جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، ثُمَّ سَكَتَ. وأخرجه أحمد بلفظ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «... ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ» ثُمَّ سَكَتَ.

والحزب مطمئن بنصر الله، ليس فقط للأنبياء والمرسلين، بل كذلك للمؤمنين الصادقين، وليس فقط في الآخرة، بل في الدنيا كذلك، ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ويصيب الذين أجرموا صغار في الدنيا، وعذاب أليم في الآخرة، والله منتقم جبار، عزيز حكيم.

التاريخ الهجري :18 من رجب 1439هـ

التاريخ الميلادي : الخميس, 05 نيسان/ابريل 2018م حزب التحرير

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20229 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Mar 23 2018, 10:51 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908






خطبة مقترحة لاحد الاخوة

محنة الغوطة أثَرَةٌ ومنحة(الخطبة الأولى)

ان الحمد لله,نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات حكامنا ,من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا, واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ,له الخلق وله الأمر وله الحمد في الأولى والآخرة ,وله الحكم واليه ترجعون , واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه من دون الخلق وخليله ,بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة ,وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه أليقين وصلوات ربي وسلاماته عليه وعلى اله وأصحابه أجمعين ,ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم بإتقان الى يوم الدين.

عباد الله:- اوصيكم وإياي بتقوى الله العظيم,وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة امره, واعلموا ان التقوى وقاية والمعاصي غواية, وانه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "

قال الله تعالى:- " وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ()وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ "خطبتنا اليوم" محنة الغوطة أثَرَةٌ ومنحة"

اللهم اجعلنا لك أولياء، ولشامنا أوفياء، وعلى عدوك أشداء، وانصرنا على القوم الكافرين

عباد الله: لقد كانت معركة حنين محنةً كبيرة ودرسا عظيما للمسلمين، أُعجبوا بكثرتهم، وكانوا اثني عشر ألفا وقالوا : "لا نهزم اليوم من قلة". والمسلمون بشر، أتاهم ضعف واتكلوا على قوتهم المادية، فجاءهم الجواب العملي المباشر أن لا عبرة بالكثرة والقلة ، وأن النصر من عند الله عز وجل. فأراد الله أن يعطيهم درسَ عقيدةٍ لا ينسونه، وهو أن القوة من عند الله، وأن النصر من عند القوى العزيز، فقال الله عز وجل:﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً ﴾،فهنا درس لكل إنسان أن لا يغتر بقوته، وأن لا يعتمد على حوله وذكائه وفطنته.قال ابن القيم بمعناه:" فوض الأمر إلى الله عز وجل، وأعلن عجزك، فإن أقرب العباد من الله الذين يعلنون الانكسار بين يديه.وأقربهم إلى النصر أشدهم تواضعاً الله، وكلما ذل العبد وتواضع لله واتقى رفعه الله ونصرة.وكلما تكبر، قال الله: اخسأ فلن تعدو قدرك، وعزتي وجلالي لا أرفعك أبد"ا.فكان هذا الدرس في العقيدة: أن القوة من عنده تبارك وتعالى، وأنه هو الذي يهدي وينصر ويسدد، فلا قوة تأتي من غيره مهما جلبوا من الخيل والرجال ، ومهما اعدوا ووالوا ووصلوا حبلا غير حبل الله, فإنها كبيت العنكبوت:﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون ﴾. ومن فقه السيرة: فإذا كانت وقعة بدر قررت للمسلمين أن القلة لا تضرهم شيئاً في جنب كثرة أعدائهم إذا كانوا صابرين متقين، فإن غزوة حنين قد قررت للمسلمين أن الكثرة أيضاً لا تفيدهم إذا لم يكونوا صابرين ومتقين.

عباد الله: وإن من أبرز الدروس المستفادة من محنة حنين هو التوكل على الله سبحانه وتعالى والافتقار إليه وعدم الاغترار بالعدد كثرة او قلة في قتال الأعداء، مصداقا لقول الله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}. ومن الدروس أن النصر بيد الله جل وعلا، وأن الابتلاء والتمحيص والتأديب من الله لعباده، وأن ثبات النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته رسالة مستدامة للقادة من بعده، وأن توبة الصحابة ورجوعهم إلى نصرة الحق والعمل لإعزاز دينه رسالة مستدامة لأهل الغوطة وأهل الشام وأمة الإسلام وجيوش المسلمين حتى يرث الله الأرض من عليها. وهذا من فضل الله عليهم؛ كما قال الله تعالى: {ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ* ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

وبعد انتهاء المعركة جاءت الدروس الإستكمالية للمسلمين من المهاجرين والأنصار، ولتكون رسالة مستدامة للمسلمين من بعدهم إلى يوم الدين. في قضية اختيار الدنيا على حساب الاخرة كما جاء في الحديث عن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال:" أترضَوْن أن يذهبَ الناسُ بالشاةِ والبعيرِ، وتذهبون بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى رحالِكم، لولا الهجرةُ لكنتُ امْرءًا من الأنصارِ، ولو سلكَ الناسُ واديًا وشِعْبًا لسلكتُ واديَ الأنصارِ وشِعَبِها، الأنصارُ شِعارٌ والناسُ دِثارٌ، إنكم سَتلْقوْن بعدي أَثَرَةً، فاصبروا حتى تَلْقوْني على الحوضِ. وفي رواية اخرى قال: اللَّهمَّ ارحمِ الأنصارَ وأبناءَ الأَنصارِ وأبناءَ أبناءِ الأنصارِ. قالَ: فبَكَى القَومُ حتَّى أخضَلوا لِحاهُم وقالوا: رَضينا بِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ قَسْمًا وحظًّا. ثمَّ انصَرفَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وتفرَّقْنا. وفي هذا الحديثِ: إِشارةٌ إلى جَلالَةِ رُتبةِ الهِجرةِ، ومَنزِلةِ الأَنصارِ الذين نصروا الإسلام وحموا دولته وفيه: أنَّ مَن فازَ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم واتِّباعِه، فقدْ فازَ بكلِّ شيءٍ. فاللهم انصر الإسلام وأهله وأهل الشام والغوطة ورحمهم وانزل السكينة عليهم .

عباد الله: إن الذي يحصل في غوطة دمشق محنة عظيمة لأهلها ولجميع المسلمين، وأثرةٌ مفضوحة من قادة فصائل الشام المترفين الذين يتسكعون في "استوديوهات" وسائل الإعلام الكافر يجرون المقابلات مع الصحفيين والصحفيات وتسلط عليهم الأضواء والكاميرات بين جنيف واستانه في الوقت الذي تصب فيه القنابل والصواريخ على بيوت الناس صبا، فتمزقهم أشلاءً، وتسيل دماؤهم أنهارا. فماذا كانت النتيجة؟ هزائم متوالية وشلالات دماء منهمرة حيث عصوا أمر ربهم بالثبات والرباط، واتبعوا أمر أردوغان، وبوتين وترمب وزعماء ايران وقطر والسعودية .واللوم كل اللوم على الجيوش الرابضة من حول الشام, تفتح الممرات المائية أمام السفن البحرية لمحاربة اهل الشام وفلسطين وكل المسلمين ,ويفتحون المعابر كي يدخل الداخلون، ويخرج الخارجون، ثم ربط قادة هذه الفصائل بالمال النفطي والرعاية السياسية من الأنظمة المجرمة، لتنمو وتترعرع تحت سمع الأجهزة الاستخباراتية وبصرها، فإذا انتهت مهمتها وحان قطافها فعلوا ذلك دون عناء كبير، أو وقت كثير، فتغلق الحدود وتضيق الموارد المالية، وأمور بين ذلك كثير. وتلك ضريبة لا بد أن يدفعها من ابتعد عن امر الله.
يقول صلى الله عليه وسلم في حديث يختصر مآسي الأمة الإسلامية «يا معشرَ المهاجرينَ: خصالٌ خمسٌ إذا ابتليتم بهنَّ وأعوذُ باللهِ أن تدركوهنَّ لم تظهرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حّتى يُعلنوا بها إلا فشا فيهمُ الطاعونُ، والأوجاعُ التي لم تكن مضتْ في أسلافِهمُ الذين مَضَوْا، ولم يَنقـُصُوا المكيالَ والميزانَ إلا أُخِذوا بالسِّنينَ وشدةِ المؤونةِ، وجَورِ السلطانِ عليهم، ولم يَمنعوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنعوا القطرَ من السماءِ، ولولا البهائم لم يُمطـَروا، ولم يَنقـُضوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِهِ إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عدوَّهُم من غيرِهم، فأخذوا بعضَ ما كانَ في أيديهم، وما لم تـَحكم أئمتـُهُم بكتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ويَتحرَّوْا فيما أنزلَ اللهُ، إلاَّ جعلَ اللهُ بأسَهُم بينـَهُم» ,هذه نتائج الابتعاد عن شرع الله فهل من مدكر,

فلا حول ولا قوة الا بالله.التائب من الذنب كمن لا ذنب له. أدعو الله وانتم موقنون بالإجابة

الخطبة الثانية:الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده المرتجى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المجتبى

عباد الله: إن لنا في كل محنة منحة، وبعد كل أثرة إيثار، فالحرب سجال، والأيام دول، ومن سره زمن ساءته أزمان. ولكن وقد من الله على ثورة الشام بثائرين مخلصين وغير مرتبطين، استفادوا دروسا كثيرة، وازدادوا معرفة بالمخطط الشيطاني الذي دبرته إيران وتركيا وروسيا تحت المظلة الأميركية، وهم ينادون إخوانهم في الفصائل إلى الإعراض عن المال السياسي القذر، والإقبال على مالك الملك العزيز المقتدر الذي له خزائن السماوات والأرض. ومن شدة صبرهم وشديد وعيهم أنهم قالوا بأن معركة حلب ليست نهاية ثورة الشام وإنما هو خطوة أولى من خطواتها،ولكن السؤال على من تقع مسؤولية نصرة اهل الشام وفلسطين وكل المسلمين المستضعفين؟

ان المسؤولية ملقاة على عاتق الجيوش في تخليص الأمة من حكامها –فالجيوش هي السند الرئيسي للحكام-، وهي المسؤولة عن نصرة المستضعفين من المسلمين في كل مكان وفي تحرير البلاد المحتلة وفي دعم أهل الحق والخير لإقامة دولة الإسلام على منهاج النبوة وهي مسؤولية كبرى في أعناقهم فالقوة في أيديهم، واعلموا أن عصيان أوامر هؤلاء الحكام والتمرد عليهم والتخطيط للانقلاب عليهم هو واجب عليهم للخلاص من الظلم، فانصروا اهل الحق العاملين المخلصين لاقامة دولة الاسلام الراشدة على منهاج النبوة، ولا يلفتنكم تهديد الحكام لكم، فإن موتا في طاعة خير ألف مرة من حياة في معصية الله، وإن من مات منكم وهو يعمل لنصرة دين الله وعباد الله فإن له أجرًا عظيما عند الله كونه من اجل دين الله ونصرته ونصرة عباده قد يعادل أجر سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ان استشهد ، كأجر سعد بن معاذ سيد أهل يثرب الذي نصر رسول الله صلى عليه وسلم وسَلّمَ في المدينة المنورة ليقيم دولة الاسلام، حيث كان سعد سيد أهل القوة والمنعة في المدينة المنورة، وعندما مات هذا الصحابي الجليل اهتز له عرش الرحمن، فهل تحبون أن يهتز عرش الرحمن لموتكم أم تحبون أن يلعنكم الناس صباح مساء لخذلانكم لهم.

لذلك يجب العمل على تحرير الجيوش من قادتها الخونة مثل تخليص الأمة من حكامها الخونة، قال النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لعوف بن مالك رضي الله عنه: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا" ويقول" يومُ الملْحَمَةِ الكُبْرى فُسطاطُ المسلمين بأرضٍ يُقالُ لها الغُوطةُ فيها مدينةٌ يُقالُ لها دِمشقُ خيرُ منازلِ المسلمين يومئذٍ "هذه ارض الملحمة الكبرى بيننا وبين أعداء. ولن يكون راية الا راية لا اله الا الله ,وان دولة الخلافة قادمة ان شاء الله .وسيحسم الأمر لصالح امة الاسلام وابشروا بالنصر القادم والقريب لهذه الأمة وان مع العسر يسرا يا أهل الغوطة ويا أهل الشام, وان غدا لناظره لقريب قال الله تعالى "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. "

اللهم احفظ اهل الشام والغوطة وكل المستضعفين بحفظك وتولهم برعايتك اللهم انصر المسلمين في كل ارض وفي كل مكان واكفهم شر كل طاغية جبار. اللهم احقن دمائهم واحفظ أعراضهم و ذراريهم و أموالهم. نسألك اللهم ان تجعل لهم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا اللهم اكفهم شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن اللهم عجل الفرج وأرح العباد والبلاد من الظالمين والمجرمين, اللهم خذ الظالمين أخذ عزيز مقتدر اللهم أبرم لإخواننا المسلمين في الشام وكل العالم أمرا رشيدا؛ تُعِز فيه أولياءك، وتُذِل فيه أعداءك، ويُعمل فيه بطاعتك اللهم يا حي يا قيوم يا من بيده ملكوت كل شيء أنت تعلم ما حل بإخوان لنا و وأخوات لنا فيك فمن لتلك الأعراض ومن لتلك الدماء ومن لتلك الأرواح إلا أنت ... اللهم احفظهم بحفظك وأبدل خوفهم أمناً وأبرم لهم أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك اللهم ربنا دعوناك تائبين طائعين فلا تردنا يا مولانا عن بابك خائبين,اللهم توفانا مسلمين وألحقنا بالصالحين وأقم الصلاة

إضغط هنا لزيارة موقعي > مع اهلنا في الشام

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20153 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Mar 21 2018, 10:35 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908



بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

جريدة الراية:

يا أهل الشام: أدركوا ثورتكم قبل أن تبكوا على أطلالها

تدخل ثورة الشام عامها الثامن في ظل أوقات عصيبة مخضبة بالدماء التي يعيشها أهل الشام هذه الأيام، وخاصة في الغوطة الشرقية المحاصرة التي يراد لها أن تستنسخ سيناريو حلب، مع تكرار الأسباب نفسها التي خسرنا بسببها حلب، في مشهد تتفطر له القلوب وتشيب له الولدان؛ حرق وتدمير وتهجير، وآلاف من الحمم والقذائف، وقصف بشتى أنواع الأسلحة "المحرّمة" المفضلة دولياً، وحصار فوق حصار، وتمزيق الغوطة نفسها إلى أجزاء، وارتفاع عدد الشهداء وتناثر أشلاء الأبرياء، وحركة نزوح قسري لعشرات الآلاف ممن افترشوا الأرض والتحفوا سماءً ماطرة بالرصاص وهواءً تلوثه الأسلحة الكيميائية التي استخدمها النظام بضوء أخضر أمريكي أممي للمرة الخامسة في أقل من أسبوعين... كل ذلك على مرأى ومسمع العالم المتخاذل منه والمتآمر، وصمت الناس و الفصائل في باقي المدن المحررة وكأن الأمر لا يعنيها أو كأن الدور لن يصل يوماً إليها، وما كان سلاحها ليصدأ ولا بنادقها لتخرس لولا سحر أموال الداعمين القذرة التي أوردتنا المهالك. وثالثة الأثافي ما أعلنته فصائل الغوطة في بيان مشترك من استعداد لإجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا في جنيف، تحت رعاية الأمم المتحدة، مؤكدةً "التفاعل الكامل لتنفيذ القرارات الأممية والانخراط الكامل في العملية السياسية"!تدخل ثورة الشام عامها الثامن في ظل أوقات عصيبة مخضبة بالدماء التي يعيشها أهل الشام هذه الأيام، وخاصة في الغوطة الشرقية المحاصرة التي يراد لها أن تستنسخ سيناريو حلب، مع تكرار الأسباب نفسها التي خسرنا بسببها حلب، في مشهد تتفطر له القلوب وتشيب له الولدان؛ حرق وتدمير وتهجير، وآلاف من الحمم والقذائف، وقصف بشتى أنواع الأسلحة "المحرّمة" المفضلة دولياً، وحصار فوق حصار، وتمزيق الغوطة نفسها إلى أجزاء، وارتفاع عدد الشهداء وتناثر أشلاء الأبرياء، وحركة نزوح قسري لعشرات الآلاف ممن افترشوا الأرض والتحفوا سماءً ماطرة بالرصاص وهواءً تلوثه الأسلحة الكيميائية التي استخدمها النظام بضوء أخضر أمريكي أممي للمرة الخامسة في أقل من أسبوعين... كل ذلك على مرأى ومسمع العالم المتخاذل منه والمتآمر، وصمت الناس و الفصائل في باقي المدن المحررة وكأن الأمر لا يعنيها أو كأن الدور لن يصل يوماً إليها، وما كان سلاحها ليصدأ ولا بنادقها لتخرس لولا سحر أموال الداعمين القذرة التي أوردتنا المهالك. وثالثة الأثافي ما أعلنته فصائل الغوطة في بيان مشترك من استعداد لإجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا في جنيف، تحت رعاية الأمم المتحدة، مؤكدةً "التفاعل الكامل لتنفيذ القرارات الأممية والانخراط الكامل في العملية السياسية"!

أعداؤنا يرموننا عن قوس واحدة، ولا غرابة، سواء من جاهر منهم بالعداء أو لبس ثوب الأصدقاء. فالنظام ومن ورائه الروس بطائراتهم وبوارجهم ومليشيات إيران وحزبها في لبنان يتقاسمون أقذر الأدوار على الأرض، ودعم أمريكي سافر لنظام الإجرام عبر الضغط على فصائل الجنوب لالتزام الصمت و"ضبط النفس" ريثما ينهي النظام مهمته في اقتحام الغوطة، أما القوات التركية وأرتالها المتحركة في الشمال، فما إن أخذت مواقعها في مناطق معينة في الداخل السوري دون غيرها بحجة مراقبة "خفض التصعيد" ودفعت بالفصائل المرتبطة بها المنشغلة ببسط السيطرة والنفوذ لإشعال نار الاقتتال فيما بينها وسفك الدم المحرم في هذا الوقت الحرج بالذات، حتى سحب النظام أرتاله، متبختراً مطمئناً، من حماة وما حولها نحو الغوطة الجريحة للبطش بأهلها لإعادتهم إلى حظيرة الطغيان من جديد، مع نشاط دائم للمكر الأردوغاني الذي بات لا يبدأ حملة عسكرية في الشمال إلا بالتزامن مع حملة مسعورة مقابلة لنظام أسد بغية قضم مدينة محررة جديدة، وبات على كل لسان أنه كما كانت حلب مقابل مدينة الباب أيام درع الفرات، كذلك فإن "غصن الزيتون" وعفرين مقابل الغوطة وغيرها مما يردده الناس عن شرقي السكة وغربها، أما آلاف المقاتلين الذين سحبهم أردوغان إلى عفرين فهذا دورهم المنوط بهم دون أن يعلموا أن الدور لا بد يوماً قادم إليهم إن كان فيهم بقايا عزة!

وإمعاناً منه في النفاق وتنفيذ ما يمليه عليه ساسة البيت الأبيض، فقد عبر أردوغان، كدأبه دوماً، عن استعداده لاستقبال من تبقى من أهالي الغوطة، وهو الذي على دمائهم وأشلائهم يقتات عرشه وسلطانه المخضب بدماء الأبرياء الذين يشكون إلى الله من قتلهم ومن خذلهم.

كما كان لأحداث عفرين وما سببته من ضغط اقتصادي هائل على الناس من حصار وغلاء متعمد في المحروقات الأثر الكبير في نفوس الناس الذين يراد لهم أن يصلوا إلى مرحلة من اليأس والقنوط ومعاناة شظف العيش ليكونوا مهيئين للقبول بما يمليه علينا أعداء الإسلام، والرضا بالحل السياسي الأمريكي الذي يبقي المؤسسات الأمنية والعسكرية جاثمة على صدور العباد مع تغيير شكلي في الوجوه الكالحة المجرمة لا غير.

ولا يفوتنا التذكير بالخدمات الجليلة التي قدمتها الهدن الكارثية (من طرف واحد) لصالح نظام الإجرام، والتي كانت متنفسه كي يسحب أرتاله ويستفرد بالمناطق واحدة تلو الأخرى ويقضمها تباعاً وسط استخذاء من أسكرتهم أموال الداعمين من قادة و"شرعيين" باتوا سبَّةً ولعنةً على الثورة وأهلها إلا من رحم ربي، وهم من حاولوا القيام ببعض المعارك الاستعراضية تنفيساً لمشاعر الأمة الغاضبة ونفوس أبنائها المحتقنة.

ونخاطب هنا المخلصين من إخواننا في الفصائل أنكم بيضة القبان إن حملتم الأمانة بحق، وإن سكوتكم عن ارتباط قادتكم هو الذي يبدد جهودكم وعظيم تضحياتكم ودماء مليون شهيد من أعز أحبابكم، فالله الله في دينكم وعرضكم ودماء شهدائكم كي تلقوا الله يوم القيامة بصحائف عز بيضاء وهو عنكم بإذن الله راض.

وختاماً، فإننا نؤكد، بعد كل ما سبق، أن الكرب شديد بحق وأن القادم أعظم ما لم يتدارك مخلصو أهلنا الموقف، فيأخذوا على أيدي الظالمين والمجرمين الذين أوصلوا ثورتنا إلى ما وصلت إليه؛ ليضبطوا البوصلة من جديد ويصححوا المسار ويلتزموا بثوابت ثورة الشام ويلتفوا حول مشروع سياسي واع ومخلص من صميم عقيدتنا، يسير بالأمة ومعها بثقة وثبات نحو إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام، قبل أن يأتي يوم نبكي فيه دماً، يوم لا ينفع بكاء أو نحيب على أطلال ثورة نعوذ بالله أن نفرط بها. ونؤكد أيضاً أن نصرة الحق وأهلهشرف عظيم لا يحوزه إلا رجال يرفعون الصوت عالياً، يبيعون أنفسهم لله، يبايعونه على ما يرضيه سبحانه من خلع ثوب الركون والمهانة ومن تسبب بها من قادة الضرار، والسير بخطا ثابتة لضرب النظام في عقر داره كي تعود غوطة الشام من جديد عقراً لدار الإسلام ولو كره المجرمون، بعد توحيد الجهود خلف قيادة سياسية تتقي الله في دين أهل الشام ودمائهم، وتسير بهم إلى حيث عزهم ورفعتهم، لعل الله يرضى بذلك عنا فينصرنا بفضله، فهو القائل في محكم التنزيل: ﴿فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وهو القائل سبحانه: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾

بقلم: الأستاذ ناصر شيخ عبد الحي

عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا

نشأ بتاريخ: 21 آذار/مارس 2018

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20145 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Mar 18 2018, 11:11 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908


*
إقتباس(ام عاصم @ Mar 17 2018, 07:20 PM) *
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
بارك الله فيك وفي جهودك
وفي ميزان حسناتك

وعليكــم السـلام ورحمة الله وبركاتـه..

اشكرك على اهتمامك وعلى هذه المداخلة الطيبة::

نصر الله أهل الغوطة وأيدهم بعظيم سلطانه, وجعل لهم سلطان على الكون والحياة والناس أجمعين بسلطان كيان نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة الحقة والحقيقة....

******* اللهم آمين ******* اللهم آمين
*
  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20144 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Mar 16 2018, 11:44 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908





عمل الغرب منذ أيام الثورة الأولى على قتل الثورة الشعبية وتحويلها الى ثورة فصائلية يسهل معها ربط قادة الفصائل بالداعم وبالتالي السيطرة على قرار الثورة وتوجيهها حيث يريد الغرب, وإنجاز الحل السياسي الأمريكي القاتل وصولاً إلى وأد الثورة وإعادة الشرعية لنظام الإجرام ومن ثم إعادة الناس الى حضن النظام المجرم, وقد حرص على ربط المجاهدين بهذه الفصائل والتضييق عليهم ليجبر المخلصين منهم على البقاء ضمن هذه العباءة. ولم يغب عنه دور المرقعين الذين يزينون كل جريمة ويبررون كل خيانة ويسوقوا المجاهدين سوقاً حيث يريد القادة المتآمرون.

وإن ما وصلت إليه الثورة اليوم وما هي على أبوابه من منزلاقات خطيرة، يوجب علينا أن نفكر في ضرب هذه المنظومة الفصائلية المرتبطة بالداعمين والتي ضيعت كل تضحيات أهل الشام وأوردت الثورة المهالك مراراً وتكراراً.

فالغرب لا يستطيع تمرير أي مخطط خبيث إلا من خلال هذه الفصائل ولم يستطع أن يحافظ على النظام المجرم إلا بتواطؤ قادتها والتزامهم بخطوط الغرب الحمراء, فضلاً عن أن إساءات هذه الفصائل وجرائمها بحق الناس وسلوكياتها الأمنية القذرة هو ما دفع كثيراً من الناس إلى اليأس من تغيير الواقع ودفعهم إلى التراجع والتخلي عن دورهم الثوري الفعال.

ولا نستطيع أن نتجاهل حقيقة أن مقومات هذه الفصائل وأداتها في تنفيذ ما يريده المرتبطون من قاداتها هم عناصرها وخاصة المخلصين منهم في كثير من الأحيان, فقد تحول هؤلاء إلى أداة بيد القادة يضحى بهم حيثما يريد هو ويرقع بهم جرائم وتنازلات الفصيل فغدت دماؤهم وتضحياتهم سلعة يتاجر بها قادتهم ووسيلة لتحقيق ما يريده الغرب وأزلامه.

ومع إدراك كثير من هؤلاء المخلصين لواقع القادة والشرعيين المرقعين إلا أن هناك جداراً بينهم وبين التغيير على هؤلاء, جداراً حرص المرقعون على المحافظة عليه وضمان عدم المساس به, فالحديث عن القادة أو المرقعين هو حسب زعم المرقعين خيانة للثورة ونيلٌ من الجهاد وتمكين لأعداء الثورة من رموزها! فضلاً عن القبضة الأمنية التي تبطش بكل من يشكك بهؤلاء المتآمرين أو يفكر أن يحاسبهم على جرائمهم.

والعامة أيضاً ينطبق عليها ما جرى ذكره عن المجاهدين, ولذلك فإن أولى خطوات التغيير هي ضرب هذه المنظومة الفصائلية وكسر جدار الخوف والصمت وإخراج ما يدور على ألسنة الناس والمجاهدين إلى العلن وصولاً إلى إيجاد الشرخ بين الفصائل المرتبطة والأمة ابتداء، كي نصل إلى إشعار المجاهدين المخلصين بأنهم بطاعتهم العمياء لقادتهم وسكوتهم عن ارتباطهم وعدم محاسبتهم على أخطائهم ومنكراتهم أضحوا غرباء عن أمتهم وثورتهم وأنهم أصبحوا في خندق آخر تمهيداً لإعادتهم إلى أمتهم وخلق الأجواء التي تهيء تمرد المخلصين على قادتهم والتحاقهم بركب الجماعة المخلصة التي تنتظرها الأمة بفارغ الصبر بعد يأسها من كل الفصائل القائمة.

لذلك، فإننا في حزب التحرير - ولاية سوريا نعلن إطلاق حملة (يا ويل قوم يصمتون) لتبيان خطر السكوت على القادة وأن السكوت هو جريمة لا تقل خطراً عن البيع والتنازل. ويمكنكم متابعة الحملة على هاشتاغ #ضاق_الخناق.

الجمعة 30 جمادى الأولى 1439هـ

الموافق 16\2\2018م

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20134 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519


حلبجه
تاريخ المشاركة: Mar 14 2018, 11:18 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908



ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ


15 // 03 // 2018 - م

ذكرى انطلاق ثورة مباركة في الشام

15 // 03 // 2011 - م

’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’


’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’


  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20124 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Mar 14 2018, 11:01 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







تختم ثورة الشام عامها السادس بجراح نازفة أدمت أطرافها، وظهر لأعدائها وكأنها القاضية، فتراهم فرحين بما أنجزوه، شامتين بمَن ضحى خلال هذه السنوات، ظانّين أن لا غالب لهم، ولكنهم لم يعلموا أنها سنّة الله في التغيير، ولن تجد لسنّة الله تبديلاً ولا تحويلاً، فلم يبقَ من فرعون إلا العبرة لمن اعتبر، وبقي موسى عليه السلام بنصر ربّه مُخلّداً في كتاب الله.

إن الثورة اليوم تئن من جرح في غوطتها حيث أقرب نقطة إلى معقل النظام دمشق، فبعد سلسلة من الهدن المُذلة والتي فرّغت الطوق عن العاصمة دمشق، قرر أعداء الثورة الإجهاز على آخر قلاع هذا الطوق، فبعد تهجير أهالي داريا، ومن ثم الزبداني و مضايا حسب اتفاق المدن الأربع، وبعد تهجير قرى وادي بردى، بقيت الغوطة الشرقية شوكة في حلوقهم يريدون اقتلاعها.

وبذرائع واهية وأسباب تُقنع المجرمين في هذا العالم قررت روسيا المجرمة ومن ورائها أمريكا، وباستخدام عميلهم المجرم بشار، أن تستأصل أهل الغوطة وتبعد شبحهم عن نظام بشار، فبدأت حملتها بحجة محاربة (الإرهاب)، فانعقد مجلس الأمن في الـ 24 من شباط ليُقرّ بالإجماع على إعطاء الضوء الأخضر لروسيا المجرمة باستمرار حملتها في الغوطة، حيث كان القرار بوقف إطلاق النار مدة 30 يوماً ما عدا المناطق التي فيها (إرهابيون) حسب وصفهم.

في المقابل فإن أهل الغوطة قرارهم لم يتغير فهو الثورة وما تقتضيه من الدفاع عن أنفسهم وأرضهم فهم الآن ينقلون للعالم ثباتاً وصموداً فريدا، مستمداً من إيمانهم بربهم، رغم أنه ما زال فيهم سمّاعون لهم، فيرون في تصنيف أعدائهم حقّاً فيُخرجون إخوة لهم يُسمّون (إرهابيين) حسب تصنيف الأعداء، ورغم ذلك لم تتوقف مجازر المُجرمين، ولن تتوقف لأنهم يرون في كل من ثار على نظام بشار المجرم (إرهابياً) وإن وضعوا لهم أولويات في القتل.

لم يكن مؤلماً لأهل الغوطة أن هاجمهم النظام مدعوما بروسيا وغيرها، فهم لا ينتظرون غير ذلك منهم، لكن الذي يؤلمهم هو تخاذل من يُشاركهم هذه الثورة، فالجبهات مع النظام في غير الغوطة أصبحت تُشبه جبهة الجولان طيلة أكثر من أربعين عاماً مع كيان يهود، ففي الجنوب تقف فصائل درعا مُتفرجة بعد أن كُبّلت بالمال السياسي، لا تُحرك ساكناً، وإلى شمال الغوطة فما زالت بعض مناطق القلمون مُحاصرة كالغوطة، لكنها تنتظر دورها بفعل الارتباط والارتهان لقرارات الداعم.

وكذلك ريف حمص الشمالي المُحاصر، فبعد تهجير أهالي مدينة حمص قبل ثلاث سنوات، ومن ثم تهجير حيّ الوعر قبل سنة تقريباً، بقي ريف حمص الشمالي خاضعاً لقرارات الهدن التي لطالما خرقها النظام، دون أن يُدرك القائمون على أمر الريف أن سكونهم هذا سيُوصلهم إلى الندم في يوم لا ينفع فيه الندم، حيث سيقولون أكلت يوم أكل الثور الأبيض.

وأما أكبر المناطق التي تحت سيطرة الثوار حيث إدلب وريفها وريف حلب الغربي، فقد أخذ منهم الارتهان للداعمين مأخذاً عظيماً، فبعد سيطرة النظام على مناطق واسعة جنوب إدلب، لم يدفعهم ذلك لرصّ صفوفهم وتوحيد كلمتهم وقطع دابر الداعمين، بل كانت نُصرة الغوطة باقتتال دامٍ أُشعل بينهم بعد أن ركّزت تركيا نقاط مراقبتها على جبهات النظام، وبينما تُدكّ الغوطة بشتى أنواع الأسلحة فإن فصائل الشمال تتناوب في السيطرة على المناطق المُحررة.

وهؤلاء المتقاتلون قسمٌ أدخل الأتراك ليُثبتوا نقاطهم، وقسمٌ يُشارك الجيش التركي في عمليته "غصن الزيتون" والتي تهدف للسيطرة على عفرين وما حولها، تحت ذريعة الحفاظ على الأمن القومي التركي، متناسين جميعاً دور تركيا في القضاء على ثورة الشام، بالاشتراك مع أمريكا التي تدعم قوات "قسد" التي سيطرت على شرق سوريا بعد طرد تنظيم الدولة هناك، فتركيا بعمليتها هذه وباشتراكها في تثبيت نقاط المُراقبة المُتفق عليها في أستانة، تريد الإحكام على الثورة بعد إنهاك فصائلها بالاقتتال، مما يُمهد الطريق أمام الحل السياسي الأمريكي.

وبنظرة خاطفة إلى واقع الثورة تجد أن كلّاً من روسيا وتركيا يسيران باتجاه تثبيت الحل السياسي الأمريكي والذي صاغته في جنيف1 والذي يُقرر إنهاء الثورة عبر حكومة مشتركة تجمع فتات المُعارضة العلمانية مع رجالات النظام سواء برحيل أسد أو ببقائه، فروسيا تستخدم إجرامها لكسر إرادة أهل الشام وإبعاد خطرهم على النظام، وتركيا تستخدم مالها لشراء الذمم لافتعال الاقتتال وتسليم المناطق للنظام المجرم.

وتحت أزير رصاص الاقتتال، ومن بين الركام الذي خلّفته جرائم بشار، تبقى صيحات أهل الشام رافضة لكل هذا التآمر، ويبقى أهل الشام المُخلصون مُصرين على ثورتهم التي ترنو لإسقاط النظام، فها هم أهل الغوطة يُثبتون للنظام المجرم ومِن خلفه روسيا وأمريكا أن غوطتهم عصيّة عليهم، وأنهم لن يُسلموا رقابهم لأعدائهم، وكذلك في الشمال فقد استطاع كثير من الأهالي تحييد مناطقهم عن الاقتتال، وعبّروا عن رفضهم لكلّ أشكال الاقتتال ورفضهم للمنظومة الفصائلية كما يؤكدون على حرصهم على وجوب نُصرة الغوطة بفتح جبهات الساحل.

لذلك فإن ثورة الشام ستبقى عصية أمام تآمر أعدائها إذا ما التزمت أمر ربّها، ونصرته لتستحق نصره الموعود والمشروط قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ ونصرة الله بنصرة دينه بتبنيه كمشروع سياسي بديل عن نظام بشار المجرم، وبإعطاء قيادة الثورة للثلة الواعية التي تحمل هذا المشروع العظيم وتسعى لإيجاده في واقع الحياة، مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لينعم المسلمون بالعيش في ظلّه، وتُنقذ البشرية من ضنك العيش في ظل الرأسمالية الظالمة.

كتبه لجريدة الراية: أ. منير ناصر، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 14 آذار/مارس 2018 - م

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #20123 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519


حلبجه
تاريخ المشاركة: Dec 18 2017, 10:44 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908






  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #19883 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

حلبجه
تاريخ المشاركة: Dec 12 2017, 09:38 PM


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908







السؤال الأول ;:

نعلم أن روسيا دخلت سوريا باتفاق مع أمريكا أو بأمر منها للمحافظة على النظام وتهيئة الأجواء للحل السياسي مع المعارضة... ولكن لوحظ أن أمريكا تكاد تقاطع محاولات روسيا لجمع النظام مع المعارضة في أستانة وسوتشي وغيرها فهي إن حضرت فبصفة مراقب كالأردن! فما تفسير ذلك وشكراً؟

الجواب ;:

إن تفسير ذلك يكاد يتلخص في كلمتين: عنجهية أمريكا وغباء روسيا... وبيان ذلك:

1- صحيح أن تدخل روسيا كان بموافقة من أمريكا أو بأمر منها ولمصلحة أمريكا... وقد سبق أن وضحنا هذا الأمر في نشرة أصدرناها بتاريخ 2015/10/11م، وقد جاء فيها (... وهنا كانت الطامة فأمريكا تُظهر نفسها مع الثوار وصعب عليها قتالهم علناً، وهم قد ألحقوا ضرراً بالنظام، ولم ينضج البديل الأمريكي بعد، فكانت تلك اللعبة النارية القذرة بأن تقوم روسيا بالمهمة، فدورها دعم النظام علناً وضد الثوار علناً، والحرب عليهم عندها مبررة، والنظام جاهز لاستدعاء روسيا بأمر من أمريكا وهذا ما كان... فقد وافقت روسيا على لعب هذا الدور الشرير القذر في سوريا خدمة لأمريكا!...) ووضحنا هذا الأمر أكثر في جواب سؤال أصدرناه في 2015/11/18م بعنوان: (آخر المستجدات على الساحة السورية) وجاء فيه: (... أ- عدوان روسيا على سوريا في 2015/9/30 سبقه مباشرة اجتماع أوباما وبوتين في 2015/9/29 ودام الاجتماع 90 دقيقة... احتلت الأزمة الأوكرانية الجزء الأول منه بينما ركز الرئيسان على الوضع في سوريا بالجزء المتبقي. وقد ظهرت نتائج هذا اللقاء فوراً "وفي 2015/9/30 وافق مجلس الاتحاد الروسي بالإجماع على طلب بوتين استخدام القوات الجوية الروسية في سوريا... روسيا اليوم 2015/9/30"...

ب- حتى المواقع التي كانت تضربها روسيا في سوريا كان معظمها باتفاق مع أمريكا فقد نقلت سي إن إن في 2015/10/4: "الجنرال أندري كارتابولوف، المسؤول العسكري في قيادة الأركان بالجيش الروسي قال مساء السبت 2015/10/3، إن المناطق التي تم استهدافها من قبل سلاح الجو الروسي في سوريا كانت قد عُرّفت لموسكو سابقاً من قبل القيادة العسكرية الأمريكية بأنها مناطق تؤوي إرهابيين فقط...").

وهكذا فإن أمريكا أدخلت روسيا إلى سوريا لدعم النظام وتهيئة الأجواء للحل الأمريكي، ولم تدخلها لصياغة حل كأنها هي التي تتحكم في الأمور في سوريا... ولكن غباء روسيا دفعها بعد أن قامت بأعمال وحشية واستطاعت أن تحافظ على عدم سقوط النظام، دفعها لأن تظن أنه يمكنها أن تدير الحل السياسي ولا ترى أن أمريكا قد تعارض، بل توافق ما دامت هي، أي روسيا، قد أدت الدور الوحشي في سوريا كما طلبت أمريكا فحمت النظام من السقوط...

2- وبناء على هذا الظن الساقط دعت إلى اجتماعات أستانة وسوتشي ودعت الفصائل ووضعت مشاريع... ودعت أمريكا للمشاركة وأن يكون لها دور فاعل معها: (وقال بيسكوف، اليوم السبت، إنه كانت هناك تطورات إيجابية فيما يخص التسوية السورية في الفترة الأخيرة، "لكن ذلك يتطلب جهوداً مشتركة من أجل إيصالها إلى مستوى جديد نوعياً. وكل ذلك يتطلب تعاملاً بين روسيا والولايات المتحدة بشكل أو بآخر"... أورينت نيوز 2017/11/4)، وكانت روسيا تأمل بأن يعقد لقاء قمة بين رئيسها بوتين والرئيس الأمريكي ترامب في فيتنام خلال قمة "آبيك" 2017/11/10، وطالبت علناً وفي مرات عدة بعقد لقاء بين الرئيسين، واستمرت تطالب حتى أثناء انعقاد القمة بشكل يدل على مدى حاجة روسيا للتنسيق مع أمريكا بخصوص علاقاتهما الثنائية وبخصوص سوريا، إلا أن أمريكا لم تستجب ووافقت فقط على إصدار بيان مشترك للرئيسين وكأن اللقاء قد تم، مع أنه لم يرْقَ لدرجة لقاء، وإنما بيان أعده خبراء من الطرفين ومصافحة رئيسين. وهذا مثال على النداء الروسي لأمريكا الذي يرقى إلى درجة التذلل.

3- إن روسيا تدرك في الوقت ذاته أنها عاجزة عن ذلك بدون أمريكا، فترسل لها النداء تلو النداء على أمل الاستجابة، وقد ظهر عليها نوع من التذلل في ذلك كما ذكرنا آنفاً في مطالبتها بعقد لقاء بين بوتين وترامب.

ولأن روسيا تستعجل الحل في سوريا فقد دعا رئيسها بوتين بشار المجرم لعقد لقاء في سوتشي في 2017/11/20م، ثم اتصل مع ترامب في 2017/11/21م يخبره بما دار من مباحثات مع بشار: (أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن اتصالاً هاتفياً اليوم الثلاثاء مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب ركز على بحث الأزمة في سوريا ونتائج لقائه بشار الأسد. روسيا اليوم 2017/11/21م)

وهكذا فإن روسيا تريد وبقوة الإسراع في حل الأزمة السورية، وتتوهم كعادتها أنها القوة العظمى التي تشارك بجانب أمريكا حل الأزمة السورية، لذلك نجدها تتلهف لتلقف الحل السياسي اليوم لأنه يمثل الخروج الأمثل لها، فالحل السياسي يوقف نزيفها خاصةً الاقتصادي الناجم عن مشاركتها العسكرية... لكل ذلك فقد أخذت بالمبادرة لعقد لقاءات توحي بأنها تقود الحل في سوريا، فتستدعي بشار إليها، ثم تستدعي أردوغان وروحاني، ثم تخطط لاستدعاء ما تسميه ممثلي "كافة أطياف الشعب السوري" للخروج بحل للأزمة. وهي تستجدي أمريكا أن تشترك معها لينضج الحل بسرعة فهي قد أعلنت نيتها سحب بعض قواتها (قال فاليري جيراسيموف رئيس أركان القوات المسلحة الروسية الخميس إنه سيتم على الأرجح تقليص حجم القوة العسكرية الروسية في سوريا "بشكل كبير" وإن ذلك قد يبدأ قبل نهاية العام الجاري... يورو نيوز 2017/11/23) ومع ذلك تتباطأ أمريكا في إجابة طلبات روسيا...

4- فهذه هي اللعبة الأمريكية مع روسيا بخصوص سوريا، أي تركها وحدها في المستنقع وإهمال مطالبها وعدم التنسيق معها إلا بالقليل وغالباً عبر الأتباع، ومنها يتبين بأن كافة مساعي روسيا لقيادة الحل السياسي في سوريا محكوم عليها بالفشل بفعل وقوع روسيا في مستنقع أمريكي كبير في سوريا، والذي تسكت عنه أمريكا وتشجعه هو استمرار روسيا بوصفها واحدة من أدوات الهيمنة الأمريكية التي تستخدمها في سوريا ضد الثورة وضد الحالة الإسلامية فيها، وليس لروسيا أي دور قيادي في حل الأزمة السورية رغم ما تظهره من مشاهد لقاءات ومؤتمرات واستقبال في موسكو وسوتشي...

وقبل أن يتضح مسار روسيا مع أمريكا فإن كافة مبادرات روسيا للحل في سوريا ستقف عاجزة تنتظر مشاركة أمريكا، وعندما تنضج عناصر الحل في سوريا فإن المتوقع أن تتقدم أمريكا بنفسها عبر الأمم المتحدة، أو عبر الدول التابعة لها في المنطقة لفرض الحل في سوريا.

5- هذا ما يبدو من تحركات روسيا وأمريكا في سوريا وهي تحركات مقدور على إفشالها بإذن الله إذا ما استقامت الفصائل المسلحة وفكت ارتباطها بعملاء أمريكا الإقليميين وبخاصة تركيا والسعودية، ومن ثم وقفت في وجه النظام بصدق وإخلاص ملتحمة مع المخلصين في الأمة، معتصمة بحبل الله... وعندها فإن سوريا بإذن الله ستكون خيبة أمل لأمريكا وروسيا، وقاصمة لظهرهما معاً ومن ثم يخرجان يجران أذيال الهزيمة لا يلوون على شيء... وما ذلك على الله بعزيز.

==============


السؤال الثاني ;:

عاد الحريري عن استقالته واجتمعت الوزارة برئاسته في 2017/12/5 وصرح بعدها أن الوزارة وافقت على النأي بالنفس... وبتتبع تصرفات الحريري يظهر فيها الاضطراب والتناقض: بعد سنين من الفراغ الرئاسي في لبنان ذهب الحريري إلى عون في 2016/10/20 واتفق معه على الرئاسة والحكومة وهو يعلم أن عون وحزب الله كتلة واحدة وأن الحزب هو العنصر الفاعل... وفي 2017/11/04م أعلن الحريري استقالته وهو في السعودية وصب جام غضبه على حزب الله... والآن عاد عن استقالته واستمر في الحكومة وفيها حزب الله! فما تفسير هذا الاضطراب والتناقض؟ ثم هل هناك توجه لتقليص نفوذ إيران وحزبها؟ وهل يتوقع عُدوان من دولة يهود على لبنان أو على حزب الله مستغلة الظروف الحالية؟ وجزاك الله خيراً.

الجواب ;:

لكي يتضح الجواب لا بد من ذكر واقع العلاقة بين آل الحريري وبين السعودية وهي أن الحريري تبع للسعودية فإن كان الحاكم السعودي موالياً للإنجليز انعكس ذلك على الحريري في تصرفاته في سياسته بلبنان وهكذا إن كان الحاكم موالياً لأمريكا... وعلى ضوء ذلك يمكننا الإجابة على النحو التالي:

1- انتهت ولاية الرئيس اللبناني الأسبق ميشيل سليمان في أيار/مايو 2014م وكان الحاكم في السعودية هو الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولأن عبد الله كان موالياً للإنجليز... ولأنه كان هناك إصرار من حزب الله أن يكون عون هو الرئيس ومعروف أن حزب الله وعون كانوا مدعومين من إيران الموالية لأمريكا... لذلك فلم يوافق الملك عبد الله أن يكون عون هو رئيس لبنان، ومن ثم أمر سعد الحريري أن يعارض ترشيح عون لرئاسة الجمهورية حيث إن سعد الحريري كان في سياسته تبعاً لسياسة السعودية أي كما هي سياسة عبد الله، ولذلك بقي مركز رئاسة الجمهورية اللبنانية شاغراً سنتين ونصف تقريباً أي من انتهاء ولاية ميشيل سليمان في أيار/مايو 2014 حتى ظهر يوم الاثنين عند انعقاد البرلمان اللبناني وانتخاب عون رئيساً للجمهورية وكان ذلك في 2016/10/31م...

2- إن الذي ساعد على ذلك هو تغير الحكم في السعودية، فقد توفي الملك عبد الله في 2015/01/23م، وتولى الحكم من بعده أخوه سلمان، وكما هو معروف فهو موال لأمريكا... وبدأ هذا الملك بقصقصة أجنحة الموالين للإنجليز من أبناء الملك عبد الله ومؤيديه السابقين إلى أن رتب أجواء حكمه... وبعد أن استقرت له الأمور، ولأن أمريكا كانت تريد استقرار الوضع في لبنان على طريقتها بانتخاب عون رئيساً للجمهورية، فقد طلبت من سلمان أن يأمر الحريري بعدم المعارضة! ولهذا ذهب سعد الحريري إلى عون واتفق معه ورشحه لرئاسة الجمهورية، أي أن المعارضة التي كان يقودها سعد الحريري في عهد عبد الله انتهت الآن في عهد سلمان! (أطلّ الرئيس سعد الحريري من بيت الوسط مرشحاً النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، في حضور أعضاء كتلته وعلى رأسهم الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري... ثم ألقى كلمة جاء فيها: "بناء على نقاط الاتفاق التي وصلنا إليها، أعلن اليوم أمامكم عن قراري تأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية"... النهار 2016/10/20م) وبعد ذلك انعقد البرلمان في 2016/10/31م وانتخب عون رئيساً للجمهورية... (... يذكر أن دعم رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لترشيح عون هو الذي سهل حصول الانتخابات الرئاسية بعد شغور دام سنتين و5 أشهر، منذ انتهاء ولاية الرئيس اللبناني الأسبق ميشال سليمان في أيار/مايو 2014... العربية 2017/10/31م)، ولذلك كانت زيارة عون للسعودية لرد الجميل! وكما هو واضح مما سبق فإن الحريري تبع للحاكم في السعودية فيعارض أو يوافق حسب ما يمليه حاكم السعودية عليه.

3- بعدما تولى ترامب الحكم في أمريكا زار السعودية في 2017/05/20م وكانت له تصريحات متصاعدة حول إيران وحزب الله وكان يهدف من تصعيد هذه التصريحات أمام قمة من نحو 50 من رويبضات الحكام في بلاد المسلمين إلى صرف الأنظار عن قضية المسلمين في فلسطين وجعلها مركزة على إيران وكان ذلك تمهيداً لما كان يخطط له من اعترافه بالقدس عاصمة لليهود... وكان واضحاً في تلك التصريحات التصعيد المكثف... وبطبيعة الحال فإن السعودية وغيرها من أشياعه قد نهجوا هذا النهج، ولأن الدور المركزي لإيران في المنطقة يغلب عليه تصرفات حزب الله في لبنان وتدخله في سوريا فطلبت السعودية من الحريري أن ينتهج سياسة أخرى ضد حزب الله وإيران فاستدعته إلى السعودية وطلبت منه الاستقالة هناك وأن يلقي بياناً بأسبابها في تصريحات مشددة ضد إيران وضد حزب الله... وهكذا كان فأُحضِر الحريري إلى السعودية وصرح تصريحاته العنترية... وأعلن استقالته من هناك في 2017/11/04م.

4- إن أمريكا تدرك أن تصريحاتها ضد إيران وحزب الله لا تعني المفاصلة مع إيران وحزبها وإنما هو تصعيد لاستغلاله في إخافة أهل الخليج، فهي كانت تريد من السعودية ومن الحريري تصريحات لإرسال رسالة لكن ليس للسير في هذا الشوط إلى مداه، وبعبارة أخرى فإن أمريكا لا تريد إنهاء وجود الحزب بل توجيه رسالة بقدر دون التصعيد غير المحسوب في لبنان... ولذلك طلبت من السعودية التهدئة أي أن يخفف الحريري من لهجته، جاء في موقع النشرة في 2017/12/04م (... لم يتحرّك وليُّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلّا بعد تنسيق كامل مع ​البيت الأبيض​ مباشرة، وبعد الزيارة الرابعة لكبير مستشاري الرئيس الأمريكي صهره ​جاريد كوشنير​ إلى ​الشرق الأوسط​ منذ تولّي الرئيس ​دونالد ترامب​ مهمّاته الرئاسية، وحيث إنّ هذه الزيارة بقيت بعيدة من التداول الإعلامي، فيما استقرّ كوشنير والوفد المرافق في​ السعودية​ لأربعة أيام تخلّلتها زيارات سريعة لمصر و​الأردن​ و(إسرائيل). وبعد زهاء الأسبوعين من رحيل كوشنير، انفجرت أزمتا لبنان والاعتقالات داخل السعودية... وخلال الأزمة السياسية الحادّة التي ضربت لبنان، ظهرت بوادرُ في هذا الإطار، فالتفاهم الذي كان قائماً بين البيت الأبيض ووليّ العهد السعودي حول لبنان اندرج تحت عنوان الضغط على «حزب الله» لتعديل حجمه الإقليمي بعدما أصبح كبيراً جدّاً... وتحت هذا العنوان، انطلق وليّ العهد السعودي بهجومه في اتّجاه ​الحكومة​ اللبنانية من خلال رئيسها ​سعد الحريري​، وبالتالي نسف التسوية التوافقية التي نشأت مع وصول العماد ​ميشال عون​ إلى ​قصر بعبدا​... لكنّ الأسلوب السعودي جاء عنيفاً وخالياً من الحنكة الدبلوماسية، ما هدَّد الاستقرار اللبناني الداخلي، في حين إنّ المؤسسات الأمريكية كانت تردّد في استمرار أنّ الضغط الذي سيستهدف «حزب الله» محكوم بسقف محدَّد لا يمكن تجاوزه لكي لا تنفجر الأمور... ومع تعثّر الأمور، تحرّكت المؤسّسات الأمريكية على أساس أنّ الاستقرار اللبناني بات معرَّضاً للانهيار... موقع النشرة: 2017/12/04م)

5- وهكذا بدأ الحريري بالتخفيف من اللهجة المشددة بناء على أوامر السعودية... وحتى يكون هناك مخرج يحفظ ماء الوجه فقد استقبلت السعودية الرئيس الفرنسي وجرت محادثات والتقى بالحريري ثم سافر الحريري إلى فرنسا ثم إلى مصر وأوجد جواً كأنه يتشاور لاتخاذ الموقف المناسب مع أن الموقف كان مرسوماً في السعودية قبل سفره وهو أن يخفف اللهجة ولا يمضي في الاستقالة إلى منتهاها... وهذا ما كان فعاد إلى لبنان في 2017/11/21م ثم أعلن التريث في الاستقالة في 2017/11/22م ثم خفف لهجته إلى درجة كبيرة تجاه حزب الله فصرح أن حزب الله لا يستعمل سلاحه في الداخل وكأنه يخدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين ونسي استعمالات الحزب لسلاحه في أكثر من حادثة في الداخل! إلى أن أعلن العودة عن الاستقالة واجتماع الحكومة برئاسته في 2017/12/05م وصرح قائلاً في بيانه (... إن الوضع قد سوّي بعد موافقة جميع أعضاء الحكومة على البقاء بمنأى عن شؤون الدول العربية الأخرى) يقول ذلك ومليشيات حزب الله تقاتل في سوريا ليل نهار!

6- والخلاصة أن الحريري تبع للحكم في السعودية، فسياسة الحاكم في السعودية وولاؤه ينعكس على الحريري أمراً ونهياً... وهذا الأمر ليس بخافٍ على كل ذي عينين، والمخادعة فيه لا تسمن ولا تغني من جوع!

أما هل هناك توجه لتقليص نفوذ إيران وحزبها، فهذا أمر وارد ولكن المتوقع أن يكون ذلك بعد وصول الحل في سوريا إلى الدرجة التي تريدها أمريكا فعندها إذا استنفدت إيران وحزب الله دورهما فيمكن أن يحدث انسحاب من سوريا وتقليص الدور العسكري لإيران وحزبها... وللعلم فإن حزب الله هو تبع للحكم في إيران كما هو الحريري تبع للحكم في السعودية، ولذلك فإن المتوقع إذا انتهى موضوع سوريا بترتيبات معينة بانسحاب إيران فسيتبعه ترتيبات معينة لحزبها في لبنان.

أما هل يتوقع عدوان من دولة يهود على لبنان أو على حزب الله فهذا يتوقف على ترتيبات الحلول في سوريا أي يتوقف على الظروف القائمة والمستجدة...

الحادي والعشرون من ربيع أول 1439هـ

09/12/2017م

  المنتدى: قضايا الإعلام · مشاهدة الموضوع: #19849 · الردود: 1546 · المشاهدات: 1,010,519

56 الصفحات V   1 2 3 > » 

New Posts  يوجد ردود جديدة
No New Posts  لا يوجد ردود جديدة
Hot topic  موضوع ساخن (يوجد ردود جديدة)
No new  موضوع ساخن (لايوجد ردود جديدة)
Poll  استفتاء (يوجد تصويت جديد)
No new votes  استفتاء (لا يوجد تصويت جديد)
Closed  موضوع مغلق
Moved  موضوع منقول
 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 12th November 2024 - 12:46 AM