للتعليم أهمية كبيرة جدا في بناء الأجيال في أي بلد ومجتمع، وتنبع أهميته بالذات في المدارس من أنه يستهدف صغار السن، الذين يمكن تشكيلهم بسهولة من قبل الجهاز التربوي والتعليمي في البلد، لأنهم سيكونون قادة المستقبل وجنوده وأهله، وإن من أهم الأعمال التي عمل الاستعمار جاهدا على الولوج إليها هو الجهاز التعليمي والتربوي، قبل هدم الخلافة عن طريق العملاء الفكريين للاستعمار، وبعد هدم الخلافة والسيطرة على البلاد عن طريق عملائه والتدخل في صياغة المناهج، تدخل بشكل سافر في العملية التعليمية، وما زال يسهر ويحرص على وضع المناهج التي توافق الأفكار الغربية.
وهنا لا نقصد أن الغرب تدخل فقط في موضوع المناهج، ولكن للمنهاج الأهمية القصوى في العملية التعليمية كونه يشكل عقول الطلبة بما يريده من مفاهيم وأفكار.
وعندما نقول الغرب فإننا بشكل ضمني نتحدث عن الحكام في العالم الإسلامي الذين هم الأداة التي ينفذ بها المستعمر خططه في العالم الإسلامي، فهم عملاء ووكلاء للاستعمار في تدمير العملية التعليمية وتغريب مفاهيم الطلاب وإفسادها ونشر الجهل بينهم، ولكن كل هذا بإيعاز من الاستعمار.
إذن الحكام الحاليين لا يريدون للعملية التعليمية أن تنتج أجيال واعية متعلمة، لأن هذا يهدد الظلم والقمع الذي يحاولون فرضه على الناس، بل يريدون أجيالا جاهلة بعلوم الدنيا والأهم جاهلة بالمبدأ الإسلامي الذي هو الروح والقوة لإنهاض المسلمين؛ نعم المعارف الإسلامية وكل علم انبثق عن العقيدة الإسلامية والثقافة الإسلامية لا يريد الحكام للأجيال أن تتعلمها، ويحاولون جاهدين بما لا يحدث ثورة عليهم أن يزيلوها من المناهج، إذ لو استطاعوا لعلموا أبناءنا الكفر الصراح من أول يوم، ولكنهم يحسبون حسابا لردة فعل الناس، وأما في صعيد العلوم الحياتية التي تتعلق بالأمور المدنية فيحاولون جاهدين أن لا يكون المسلمين عندهم تقدم في هذه الأمور، لأنهم يريد للمسلمين أن يبقوا سائرين مثلهم تحت تبعية الغرب الكافر.
هناك جانب مهم جدا يتعلق بالناحية الإدارية والتنظيمية قد لا يطلع عليه بشكل جيد ودقيق إلا المعلمين أو أساتذة الجامعات أو من يقومون على شؤون التعليم، وله أثر فاعل في تدمير العملية التعليمية، فسنطرح بعض النقاط التي يمكن لغير العاملين في المجال التربوي استيعابها بسهولة، ليدركوا ويعوا كيف أن تدمير عملية التعليم لا يقتصر على المناهج الفاسدة، وهذه الأمور التي سنطرحها هي للمثال وليست للحصر، ومن هذه الأمور:
• الدول في العالم الإسلامي لا تهتم ببناء المدارس والمستشفيات والمساجد إلا ما ندر وإلا لهدف يرفع من أسهمهم، بل يتم هذا الأمر في الغالب من الأهالي أو من مؤسسات غربية لها أهداف استعمارية في العالم الإسلامي، بينما ترى الحكام يهتمون جدا ببناء المراقص ودور اللهو والبرامج التلفزيونية المفسدة، وإنتاج المسلسلات والأفلام التي تدمر أي قيمة إسلامية في نفوس المسلمين، ويدعمون أي برنامج إفسادي في البلد، ويهتمون بالإنفاق الكبير على بناء السجون والمعتقلات ودعم أجهزة المخابرات، وكل ما من شأنه تثبيت القمع والظلم والخوف في البلد.
• المناهج المتعلقة بالعلوم الحياتية كالرياضيات والعلوم والفيزياء والكيمياء والتكنولوجيا موضوعة بطريقة تناسب الأذكياء فقط، وتقدر أن الطالب يفهم بسرعة البرق، ولذلك نجد أن 5% يستوعبون الكتاب المقرر وما فيه من تمارين ومسائل، ونسبة 40% تقريبا تستوعب الفكرة العامة للدرس، والبقية يكون المنهاج عليهم صعبا أو تستوعب أسهل التمارين في الدرس، ففي المناهج القديمة قبل أكثر من 25 عاما تقريبا اذكر أن الفكرة تطرح وتطرح عليها عشرات التمارين السهلة ثم الصعبة ثم قليل من المسائل الصعبة حتى يتم استيعاب الفكرة للدرس بطريقة جيدة، وكان عدد الأفكار المطروحة اقل مما هي عليه الآن، مما يمكن الطالب من استيعابها رغما عنه، ومع ذلك كان فيها بعض السوء ولكن ليس كمناهج اليوم، أما اليوم فمناهج محشوة بكمية كبيرة جدا من الأفكار والوحدات الدراسية، وتمارينها وأسئلتها صعبة جدا، والكتاب المقرر طويل، والمعلم يريد أن ينهي المنهاج حتى لا تتم محاسبته، فينهي درس تلو درس والطالب لم يستوعب فكرة الدرس.
• كثرة الكتب والمواد المقررة للطالب الصغير، فتجد أن طالب الصف الأول الابتدائي يدرس عشرة كتب تثقل ظهره عند حملها، مع أن طالب الصف الأول والثاني تقريبا لا يحتاجان إلا كتابان اثنان هما كتاب لفهم اللغة قراءة وكتابة وكتاب علمي لفهم الأسس الصحيح للعمليات الحسابية وبعض العلوم العامة في الحياة، لأن أي طالب لا يتقن القراءة والكتابة والحساب لا يمكن أن يفهم شيئا من العلوم أبدا، فنجد أن الطالب يترفع من صف إلى صف حتى يصل الصف السابع والثامن والتاسع وهو لا يتقن القراءة والكتابة والحساب، فكيف سيستوعب بقية المواد إن لم يدرك أدوات فهم العلم وهي القراءة والكتابة والحساب. أضف إلى ذلك إضافة مادة اللغة الأجنبية أو الانجليزية، فالطالب الصغير عندها سيحصل عنده تشويش كبير من كثرة الكتب واللغة الأجنبية فيرفع من صف إلى صف وهو ضعيف جدا في القراءة والكتابة والحساب.
• أعداد الطلاب في المدارس دائما كبيرة جدا، فالصف الذي يتسع لـ (20) طالبا يضعون فيه 40 أو 50 طالبا، وهذا له أسباب كثيرة منها قلة المدارس وعدم اهتمام الحكومة ببناء المدارس، وهذا يؤثر على العملية التعليمية للطلاب، فحصة دراسية وقتها مثلا أربعون دقيقة، ستكون مثمرة أكثر لـ (20) طالبا وسيهتم المعلم بهم بشكل أكبر ويتابع تعليمهم ونقاط ضعفهم وسيكون الصف أكثر هدوءا وأقل مشاكل بين الطلاب، بينما لو كان الصف فيه أعداد كبيرة فان فرصة الطالب من متابعة المعلم ستقل، وسيكثر الشغب في الصف وتكثر المشاكل، والسعيد من الطلبة من استوعب المعلومة لوحده فورا من المعلم، أما الطالب الضعيف فلا حظ له هنا وذلك لكثرة الطلاب، هذا عدا عن الناحية الصحية لتلوث هواء الغرفة الصفية من كثرة الطلاب، وهناك مدارس شاهدتها أن الطالب لا يجد طاولة يجلس عليه بل تراه يجلس على الشباك أو على الأرض وذلك لعدم اتساع الغرفة الصفية لهم.
• كثرة العبء الدراسي على المعلم، فالمعلم يخرج من حصة ويدخل أخرى وربما يحصل على استراحة واحدة من كل سبع أو ثماني حصص، وهذا يرهق المعلم كثيرا، فلا يجد وقتا للراحة للتحضير للحصص القادمة، ولا يجد وقتا لتنمية معلوماته، ولا لمتابعة أعمال الطلاب الكتابية، وترى وزارة التربية تركز على الأمور الشكلية مثل توثيق كل عمل يقوم به، وهذه تأخذ من العلم وقتا كبيرا، فما أن يغادر المعلم المدرسة إلا ورأسه يؤلمه وشديد الضجر من العبء الدراسي اليومي، وهذا لا شك يقلل من عطاء المعلم للطلاب، ففرق كبير بين معلم نصابه الأسبوعي 12 حصة أسبوعية وبين معلم يعطي 18 عشر حصة أسبوعية، وبين معلم نصابه الأسبوعي 25 حصة أسبوعية، فالأكيد أن كثرة العبء على المعلم تؤثر في عطائه، هذا وان هناك نظام التنصيص في بعض الدول، أي أن المدرسة إذا احتاجت 10 حصص من العلوم، ومدرسة أخرى احتاجت عشر حصص أخرى من العلوم، فإنهم يطلبون من المعلم أن يداوم يوم في مدرسة ويوم آخر في مدرسة أخرى، وهذا يؤثر على عطاء المعلم بشكل أكيد، وهناك نظام الفترتين، أي أن المدرسة تداوم فترة صباحية لطاقم تعليمي وطلاب،وفترة مسائية لطاقم تعليمي آخر وطلاب آخرين، وهذا يؤثر على الوقت المخصص للدراسة بشكل أكيد، ويرهق الطلاب والمعلمين، وهذا كله بسبب أن الوزارة تريد قدر الإمكان أن لا توظف معلمين أكثر، أو تبني مدارس أكثر وهذا يعني طاقم تعليمي جديد، وتوفر على الحكومة والدولة ولو على حساب تدمير العملية التعليمية.
• راتب المعلم الضئيل القليل الذي لا يكفيه أعباء الحياة، وهذه دفعت الكثير من المعلمين أن يبحثوا عن أعمال أخرى بعد وظيفتهم، وهذا يجعل المعلم ينتقل من تعب إلى تعب آخر، وفي صباح اليوم التالي يأتي إلى المدرسة متعبا بشكل كبير مما يؤثر في عطائه للطلبة، وهذا جعل المعلمين محل تندر من أنهم فقراء يحتاجون حسنة من الناس، وجعل هذا البعض من غير المعلمين يسخرون من المعلم ويجعلونه موضع نكات، مما ينفر من العلم والتعليم، حتى أصبح من يرسب في المدرسة يفتخر بذلك لأنه غدا سيعمل تاجرا ويوظف عنده بعض المعلمين في محلاته على سبيل المثال.
• القوانين التربوية التي تصدر كلها لا تصب أبداء في صالح الطلبة والعملية التعليمية، فمثلا يمنع ترسيب الطلاب إلا بنسبة 5% مثلا، وهذا يعني انه إذا كانت نسبة الراسبين 15% فان 10% تلقائيا يرفعون للصف التالي والذي يليه وهكذا، حتى يصل الطالب في الصف العاشر مثلا وهو لا يستطيع القراءة والكتابة والحساب، وهذا بسبب ترفيعه التلقائي ولان هناك من هو اقل فهما للعلم منه، وهكذا أصبحت مدارسنا تحصي نسبة الأمية فيها وقد أصبحنا نسمع عن أرقام صادمة تصل 70% لا يقرؤون ولا يكتبون ولكنهم في الصف الخامس مثلا، الذي يفترض أن الطالب قد تجاوز هذه الإشكالية، وهذا يؤدي إلى أن يصل هذا الطالب إلى التوجيهي ويتم ترفيعه تلقائيا والى الجامعة ويتم تخفيض الإجراءات فيها كي ينجح، ثم ينتقل إلى الحياة طبيبا أو معلما أو مهندسا وهو ضعيف، وانظر حينها إلى المصائب الحاصلة... فالحكومات ترى أن ترسيب من يستحق الترسيب وذلك لقلة استيعابهم أو عدم إتقانهم النواحي العلمية يعني مدارس أكثر لهذه الفئة، مدارس لبطيئي الفهم أو مدارس مهنية أو مدارس حرفية وصفوف أكثر ومعلمين أكثر وربما فتح الكثير من المدارس والتي يمكنها استعياب من لا يتقنون المواد العلمية والثقافية بشكل جيد، وهذا يثقل الميزانية كثيرا، ولذلك تقليل نسبة الرسوب يوفر على الدولة الملايين ولو على حساب خروج الآلاف من المدرسة دون نتيجة لعملية التعليم.
• منع الضرب والعقاب للطلاب مما أثر على العملية التعليمية، فزادت مشاغبات الطلاب في الصف، وزاد تمردهم على المعلمين، حتى أصبحنا نسمع كثيرا عن معلمين يتم ضربهم من قبل الطلاب، وزيادة نسبة المشاغبات في الصف تؤثر على العملية التعليمية بشكل كبير جدا، فصف مليء بالفوضى يكون تعليم الطلاب فيه سيئا جدا، وعندما قلنا عن قانون منع العقاب، يعني أن الطالب لو توجه وشكا المعلم لأنه ضربه فهذا يعرض المعلم للإنذار أو السجن وربما الطرد من الوظيفة، فيصبح المعلم لا يهتم كثيرا بضبط الصف من المشاغبات، المهم أن يعطي حصته بأي شكل، تعلم الطلاب أو بقوا على جهلهم. وهذا لا يعني أن الضرب وسيلة لازمة للتعليم، ولكن يلزم كثيرا في موضوع تأديب الطلاب الذين في غالبهم أطفال لا يفقهون مصلحتهم ويحبون اللعب واللهو، فان لم ينضبطوا فلا عملية تعليمية ناجحة، وتحصل الصورة العكسية أنه من كثرة مشاغبات الطلاب بسبب الجو غير الإسلامي الذي نحياه يتم استفزاز المعلم بشكل كبير جدا فيقوم المعلم أحيانا بإيذاء الطالب من كثرة ضربه، وهذا أيضا أمر يضر بالعملية التعليمية والمعلم والطالب.
• وضع معلمات يعلمن الطلاب الذكور، ومعلمين يعلموا الفتيات، وتعمل الوزارات أيضا على الاختلاط قدر الإمكان بين الطلاب، لان هذه الخطط هي خطط غربية تهدف إلى كسر الحواجز بين الجنسين كي يتم إفساد الأخلاق بشكل أكبر، ووجود الجنسين معا يصرف نظر الطلاب عن التعليم إلى المعاكسات والتحرشات ومحاولة إظهار الشباب لرجولتهم والإناث لجمالهن أمام الجنس الآخر، مما يضر بالعملية التعليمية بشكل كبير جدا، وقد أثبتت دراسات غربية أن المدارس المختلطة ينخفض فها المستوى التعليمي عن المدارس غير المختلطة، وهناك توصيات من خبراء تربويين غربيين لفصل الجنسين في المدارس كي تثمر العملية التعليمية أكثر، ونحن ندرك خطره قبل تنفيذه لأنه فعل حرام ولا خير في تطبيق برامج محرمة على الطلاب، ونرى الآثار المدمرة لهذا البرنامج في الغرب.
• الأعمال الغير منهجية التي تقوم بها شركات ومؤسسات غربية أو نسوية كلها تصب في إفساد أخلاق الطلاب والطالبات، ودائما تأخذ هذه الأعمال الموافقة من الوزارة، مثل يوم ترفيهي للرقص، ويوم ترفيهي لزيارة الطلاب الذكور لمدارس الإناث، يوم لتوعية الطلاب على الجنس، ويوم للتحذير من المخدرات وضررها فيتم تبصير الطلاب بالمخدرات مع أنهم لم يسمعوا عنها في حياتهم، ويوم لتحذير الفتيات من الزواج المبكر والعمل على تمردهن على الأسرة ويوم ترفيهي لزيارة أماكن تفسد أخلاق الطلاب، ويوم لتعليم الطلاب كيف يفتتحون حسابا ربويا في البنك... وهكذا، ولأن هذه الأعمال تفسد الأخلاق يتم الموافقة عليها من الوزارة، أما أن يتقدم شيخ مثلا لوعظ الطلاب من خارج المدرسة، فهذه أمور يتم رفضها، لان هذا غير مقبول وقد يعلم الطلاب أمور "متطرفة" غير مقبولة عند النظام الحاكم.
• عدم الأمان للمعلم، فان تم الاعتداء على معلم من قبل الأهالي والطلاب، فان الشرطة لا تهتم كثيرا بهذا الأمر في غالب الأحيان، فيفقد المعلم هيبته ورغبته في التدريس، بينما نرى الدول لو تم الاعتداء على شرطي فإنها تقيم الدنيا ولا تقعدها لان هيبة رجل الأمن من هيبة الدولة.
• اعتماد طرق التدريس اليوم كثيرا على التحفيظ بدل طريقة الدراسة الفكرية المؤثرة، أي التي تؤثر في سلوك الطالب فيندفع في حياته لتطبيقها والدعوة إليها والدفاع عنها، وهذا الخلل يحصل بالذات في المعارف التي يدرسها الطالب، فيدرس الطالب أمورا ويتم تحفيظه إياها، بينما الواقع مختلف تماما عما يدرس، فيحصل عنده انفصام بين ما يتعلمه وبين الواقع المعاش المختلف، وهذا بسبب أن الفكر الموجود في المناهج مبني على أساس علماني يختلف عن العقيدة الإسلامية التي يعتنقها الطالب، فيدرس الطالب أن السارق في الشريعة الإسلامية تقطع يده ولكن في الواقع لا يجد أن السارق تقطع يده، فيحصل هنا عنده خلل في الفهم بين ما يدرسه وبين الواقع، فيضطر لحفظ هذه المعلومة مجرد حفظ كي ينجح في التعليم ليس إلا، ومثلا يتعلم أن اليهود أعداء للمسلمين ولكنه يرى أن زعيم بلاده يقيم علاقات مع يهود فيحصل الاضطراب في فهم المعلومة، وقس على ذلك الكثير من الأمثلة، مع أنهم اليوم يعملون على إخراج هذه الأفكار من المناهج لتكون بعيدة جدا عن الإسلام.
• تعلم تخصصات لا يوجد لها مكان عمل أو مكان عملها الهجرة إلى بلاد الغرب، ونتكلم هنا عن الجامعات، فنجد أن تخصصات التعليم المسموحة في بلادنا محصورة في التعليم والتطبيب والهندسة المدنية أو المعمارية بشكل كبير جد، وأقل درجة في تخصصات الصناعة والزراعة، ونقصد هناك بالصناعة الصناعات التجميعية، أما الهندسة في مجال صناعة الآلات وصناعة مصنع الآلات واستخراج الثروات من باطن الأرض، والعلوم النووية وهندسة الطيران وصناعة الأسلحة، فهي شبه معدومة عندنا، والسبب أن الأمة لن تتقدم صناعيا إلا إذا امتلكت صناعة مصنع المصانع وصنعت أسلحتها بنفسها، أما ما دمنا نستورد الأسلحة ونستورد القطع من بلاد الغرب والمحركات والالكترونيات ونقوم فقط بتجميعها في بلادنا، فسنبقى متخلفين صناعيا وتكنولوجيا.
• عدم قيام الدولة بتنظيم الدراسة الجامعية، أي حسب ما تحتاجه البلد، فتجد مثلا أن الآلاف يدرسون الهندسة ولا يوجد مكان عمل إلا لنصفهم فقط، بينما في مجال آخر يكون هناك شح في هذه الدراسة، وهذا يكثر من جيوش العاطلين عن العمل، ويجعل الطالب الجامعي يتوجه إلى عمل آخر ولا تستفيد الدولة من شهادته ودراسته أبدا، وهذا يؤدي إلى عملية إحباط من الدراسة الجامعية التي لا يتمها الطالب إلا بعد أن يفرغ جيوب والده من النقود لكثرة مصاريف التعليم الجامعي.
أضف إلى ما ذكرناه الجو الغير الإسلامي والضنك الذي فيه المسلمون والذي نحياه هذه الأيام لا يشجع أبدا على التعليم، ففقر مدقع وتعليم مرتفع الأجور وبطالة كثيرة تنتظر الخريجين وحاجة ملحة للأسرة للمال وهجرة بسبب سوء الوضع السياسي وبسبب الحروب تجعل الكثير من الطلاب يتركون الدراسة، واسطة ومحسوبية، والرجل غير المناسب يوظف، وتمييز بين الطلاب والمعلمين والمدارس، وتسرب مدرسي بسبب ضيق الحال، فساد عريض منتشر لا يشجع على التعليم، والسبب هو سبب مبرمج من قبل الحكام الحاليين لتدمير العملية التعليمية ولكي لا ينتشر الوعي بين أبناء المسلمين فيعملوا على خلع هؤلاء الحكام المجرمين.
هذه الأمور وغيرها الكثير مما لا يمكن التطرق له نرى أنها تدمر العملية التعليمية، ولذلك فتدمير العملية التعليمية يقوم على تدمير ركنين هما:
• المنهاج الذي يتم تعديله سنويا ليوافق ما يريده الغرب من تدمير قيم الإسلام ومفاهيمه في النفوس، ومن تغريب مفاهيم الطلاب وجعلهم يقدسون الإنسان الغربي، وجعلهم إسلاما معتدلا كما يريد الغرب، وهو ركن هام جدا.
• القوانين الإدارية والتنظيمية هي الأخرى تدمر العملية التعليمية بشكل كبير جدا، ولو أن المناهج صحيحة والإدارة فاسدة والتنظيم فاسد لأفسدت عملية التعليم، وهذا يدل على أهمية الأمور الإدارية والتنظيمية.
فإذا أضفنا إليها ما تقوم به الحكومات من بث البرامج التي تدمر قيم الإسلام على التلفزيون والإذاعة والفضائيات والإنترنت والصحف، ندرك أن الحكام يريدون تدمير أي أمر ينهض المجتمع، يريدون للمجتمعات أن تبقى متخلفة ساكتة تلاحق رغيف الخبز ولا تفكر في أي أمر ينهض المجتمع، هكذا يريد الغرب الكافر وهكذا ينفذ الحكام خطط الغرب الكافر وهكذا هي العملية التعليمية في ظل غياب الخلافة.
إن التعليم لن يعود التعليم الذي ينهض بالمجتمع والدولة ويطور النواحي التكنولوجية ويبني الشخصيات الإسلامية في نفوس الطلاب بناء حقيقيا صحيحا إلا في ظل دولة إسلامية دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وهذا سيجعل المسلمين أقوى أمم الأرض، فتقوم الدولة بوضع المناهج المبنية على أساس العقيدة الإسلامية، وتقوم بوضع نظام إداري وتعليمي وتنظم التعليم بشكل صحيح مهما كلف من أموال وتلاحق آخر ما توصل إليه العلم، عندها سيتخرج من النظام التعليمي في دولة الخلافة الرجال الرجال أمثال سعد بن عبادة وخالد بن الوليد وأمثال الشافعي وأبي حنيفة وأمثال ابن سينا والخوارزمي وغيرهم من العلماء في علوم الدنيا والآخرة، نعم تغيير النظام التعليمي من الجذور هو الحل، بداية من المناهج الفاسدة إلى النظام التعليمي والتربوي، والى رفع قدر المعلم والتعليم عند الأمة الإسلامية، حتى يصبح المعلم يسير في دولة الخلافة في طرقاتها وهو يفتخر أنه يعلم أبناء المسلمين ويعمل في أجل المهن والأعمال.
رابط الموضوع على الفيس بوك:::
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=358672121141966&id=145478009128046&substory_index=0
التحول نحو الخلافة لن يتوقف مهما علمنوا مناهجنا
في ظل غياب الخلافة فإن الهجوم الغربي على مناهج التعليم ازداد بقوة كبيرة وذلك لإدراك الغرب الكافر أن المناهج هي التي تصنع الأجيال وتؤثر في بناء شخصياتهم، ورغم سوء المناهج منذ غياب الخلافة وعملية التغيير المستمرة على المناهج كل فترة من الزمن إلا أن الغرب يشن حملة على ما في المناهج من بقية خير وذلك لأنه يرى الوعي يزداد على الإسلام بين أبناء المسلمين، فيظن الكافر المستعمر أنه بتغيير المناهج نحو الأسوأ سيوقف هذا الوعي، ولكن خاب فأله وظنه وسيرديه ظنه هذا في واد سحيق.
إن الوعي على الإسلام يزداد يوما بعد يوما وذلك بفضل وجود حملة الدعوة الواعين على ألاعيبه وخططه والذين يعملون على بث الوعي بين أبناء المسلمين، فقد استطاع هؤلاء ولله الحمد أن يضربوا الثقة بين الحاكم والمحكوم وان يعروا هذه الأنظمة العلمانية الإجرامية، فأصبح كل فعل تقوم به هذه الأنظمة محل شك من قبل الرعية، وعملية تغيير المناهج ولله الحمد ورغم خطورتها إلا أنها تصطدم بالوعي الكبير بين أبناء المسلمين وبين أولياء أمور الطلبة وبالوعي الكبير عند المعلمين ويصطدم كذلك بالبيئة التي أصبحت تحمل رأيا عاما قويا اتجاه الحكم بالإسلام، ولذلك فمهما علمنوا مناهج التعليم فلن يوقفوا بإذن الله تعالى عملية التحول الكبير في المجتمع نحو الإسلام وعودة الحكم بالإسلام.
https://www.facebook.com/145478009128046/photos/a.145707605771753.1073741828.145478009128046/425101061165738/?type=3&theater
ان الهجوم على اللغة العربية يعني الهجوم على الإسلام، لان اللغة العربية هي الطاقة التي إن امتزجت بالطاقة الإسلامية انتشر الإسلام وتوسع، واللغة العربية هي الوعاء الذي عن طريقه يفهم الإسلام، ولذلك فان المناهج التي تعلم اللغة العربية بتقليل الآيات القرآنية كشواهد للغة العربية هي مناهج تهاجم الإسلام واللغة العربية وليست مناهج تخدم الإسلام ولا بأي شكل من الأشكال.
http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4379&hl=
http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=5167&pid=18143&mode=threaded&start=0#entry18143
آيات عرابي
18 يناير 2017
منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا اقرأ عن الأفغاني ومحمد عبده
وما قرأته كان مرعباً وصادماً فأنا مثل الملايين نشأت وتعلمت في المدارس أن الأفغاني ثائر ومحمد عبده مجدد !!
فجمال الدين الأفغاني لم يكن أفغانياً وإنما كان شيعياً من إيران وتعلم في النجف
وجاء إلى مصر بعد أن تم طرده من عاصمة الخلافة بعد أن ألقى خطبة ادعى فيها أن النبوة (صنعة بشرية) كالفلسفة وغيرها
فطرده شيوخ اسطنبول وتم ترحيله على مصر
وفي مصر استقبله رئيس الوزراء رياض باشا (وهو سليل عائلة يهودية)
وخصص له راتباً حكومياً قدره عشرة جنيهات شهرياً وهو مبلغ فلكي في نهاية القرن التاسع عشر
واسكنه حارة اليهود ثم زرعه في الأزهر
وادعاءه أنه أفغاني يوحي للمتلقي أنه سني وهكذا يصبح بإمكانه ضخ سمومه دون أن يعترض أحد أو ينتبه إليه أحد
وفي الأزهر كان باكورة تلاميذه هو المقبور سعد زغلول والذي كان وقتها طالباً بالأزهر وانتهى به الحال إلى أن يصبح نعلاً في قدم الاحتلال البريطاني وصديقاً للورد كرومر وهو من شجع قاسم أمين فيما بعد على بدعة (تحرير المرأة) وخلع الحجاب.
وفي الأزهر انتبه الشيخ عليش من علماء الأزهر لأفكاره المشبوهة, فكان يضربه بعصاه كلما وجده يلقي درساً, حتى (قطع رجله) من الأزهر وأصبح يلتقي تلاميذه على مقهى وفي بيته بحارة اليهود.
وانضم للمحفل الماسوني البريطاني ثم غادره عندما وجد أنه لا يعارض الخديوي إسماعيل بصورة كافية ثم أسس محفل ماسوني تابع لفرنسا ضم بعد فترة عدداً من الشخصيات من بينهم محمد عبده وتوفيق ابن إسماعيل الذي كان وقتها ولياً للعهد.
وليس صحيحاً أنه دخل الماسونية على سبيل الموضة, فقد ترك المحفل البريطاني ليؤسس محفلاً تابعاً لفرنسا باسم (كوكب الشرق)
وجمال الدين الأفغاني هو أول من طعن في الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه واتهمه بالمسؤولية عما سماه بالإقطاع والنظام الطبقي ووصف من حاصروا بيت سيدنا عثمان رضي الله عنه بـ(المستضعفين) وادعى أن الصحابي أبا ذر الغفاري رضي الله عنه هو أبو الاشتراكية في الإسلام.
وفي مصر أسس جمعية مصر الفتاة وكانت كلها من اليهود وهي تشبه جمعية تركيا الفتاة الماسونية التي كانت تعمل لتقويض الخلافة في نفس الوقت.
وأسس في الشام جمعية العروة الوثقى وهي جمعية ماسونية كانت تعمل ضد الخلافة العثمانية.
وقد قال السلطان عبد الحميد خليفة المسلمين عن جمال الدين الأفغاني أنه كان عميلاً للانجليز وكتب في مذكراته أنه وضع خطة بالتعاون مع مستشرق بريطاني لنقل الخلافة إلى الشريف حسين.
وكما كان جمال الدين الأفغاني ماسونياً وعميلاً الإنجليز كان محمد عبده ماسونياً هو الآخر وسعى كرومر لتعيينه في منصب المفتي وكان يشيد به وبسعد زغلول وقاسم أمين.
وكان كرومر دائم الإشادة به في مذكراته التي يرسلها لحكومته
(وكرومر هذا هو من قال : جئت إلى مصر لأمحو ثلاث, القرآن والكعبة والأزهر)
ومحمد عبده حسب بعض المراجع (من بينها كتاب عودة الحجاب) هو الذي أملى على قاسم أمين بعض أجزاء كتابه عما يسمى بتحرير المرأة.
كما ساعد محمد عبده الإنجليز في الهند واصدر فتوى ضد مقاومة الاحتلال البريطاني كما أوفده البريطانيون إلى الجزائر وتونس فدعا المسلمين إلى ترك السياسة وذلك قبل الاتفاق البريطاني الفرنسي بعام واحد.
كما أفتى بان الحجاب مجرد عادة ودعا لفصل الدين عن الدولة.
بالإضافة إلى أن المشهور عن جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده بشهادة معاصريهما أنهما لم يكونا يصليان وكانا يشربان الخمر, فكيف يمكن لعاقل أن يعتبرهما إمامين ؟
ومن أفكار جمال الدين الأفغاني ومن بعده محمد عبده خرجت دعوات ما يسمى بتجديد الخطاب الديني وما يسمى بـ”الاصلاح” ودعوات الوطنية والقومية والاشتراكية.
ومن عباءة جمال الدين الأفغاني ومن بعده محمد خرج عبد الرازق (وهو ماسوني أيضاً) ليؤلف كتاب (الإسلام وأصول الحكم) الذي نفى فيه فكرة الخلافة تماماً.
ومن عباءة هؤلاء خرج طه حسين (الذي قال سكرتيره الشخصي أنه تنصر في كنيسة بفرنسا قبل زواجه من زوجته الفرنسية وان عمها كان قسا ولم يوافق على الزواج إلا بعد أن تنصر).
والسبب في انتشار أفكار هؤلاء المخربين المنحرفين أن الاحتلال البريطاني كان يرعاهما لتدمير عقيدة المسلمين في مصر.
ولكي تتصور كارثية هذا الوضع, تذكر قصة ذات الرداء الأحمر التي تقترب من فراش جدتها دون أن تدري أن الذئب تنكر في ثياب جدتها.
ما حدث أن الاحتلال البريطاني نجح في اختراق الأزهر من الداخل عن طريق جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده, فأصبح الإسلام الحقيقي في مصر كالقطار الذي خرج من القضبان ليحل محله قطار آخر لا يشبه الأول إلا من حيث شكله الخارجي.
وهكذا تم تفريغ الأزهر من محتواه ولتتصور خطورة هذا الوضع, تخيل مريضاً يُحقن بالسم بدلاً من الدواء.
الوصول لمرحلة المرتد مر بطريق طويل بدأه محمد علي رجل فرنسا بتحجيم الأزهر وزرع بعض رجاله به (مثل حسن العطار عضو أول محفل ماسوني في عهد الاحتلال الفرنسي) مروراً بأكبر محاولة اختراق تمت على يد جمال الدين الأفغاني واتخذت شكلاً منتظماً على يد المخرب محمد عبده.
ما قرأته مرعب حقاً (ومازلت اقرأ وما اكتشفته من المراجع باللغة الانجليزية عن جمال الدين الأفغاني مرعب حقاً, فقد كان على صلة بجماعة تمارس السحر الأسود في مصر والهند)
وحين وصلت إلى هذه النقطة من القراءة, أدركت من أين جاء ذلك الدين الموازِ الذي استحدثوه للناس
عرفت من أين جاء عبارات مثل (الدين لله والوطن للجميع) والمفاهيم المغلوطة من نوع (اذكروا محاسن موتاكم) والأحاديث الباطلة مثل (خير أجناد الأرض)
وكيف يمكن لشخص أن يقتنع بما يخالف صريح القرآن ويردده كالببغاء مثل (اخناتون أول الموحدين) ثم يذهب ليصلي الجمعة.
وأصبح من الضروري تعرية هذين الشخصين وإتاحة كل ما هو معروف عن فضائحهما للجميع حتى يدرك الناس حجم الخطر الذي عاشوا فيه حوالي 100 سنة.
أصبح من الضروري تفكيك جذور هذه الحالة التي تعيشها مصر وتعرية محمد عبده صانع عقيدة الأزهر الحالية وفضح الأفغاني وهو من يمكننا اعتباره الأب المؤسس لما يسمى بالوطنية التي تقف الآن في معركة شرسة في مواجهة الدين بل والأب المؤسس للقومية الأفكار القومية والاشتراكية, فالرجل كان ماكينة شر لا تكل ولا تفتر. وهو الساحر الذي أخذ يستخرج من قبعته الأرانب ليلقيها على الساحة في مصر وصاحب اكبر تأثير على السياسة المصرية امتد حتى الآن ومن عباءته خرج سعد زغلول ومحمد عبده وقاسم أمين وأحمد لطفي السيد وكل منهم مفسد مبدع في مجاله. وهو بالإضافة إلى كل ذلك أبو الاشتراكية التي عاش المصريون في ظلها حقبة من أكثر حقب تاريخها إظلاماً.
وبقدر المكانة الصنمية التي وضع فيها إعلام الاحتلال ومن بعده وكلاءه هذين المخربين, أصبحت أكثر إصرارا على كشفها للناس في سلسلة مقالات وتغريدات ومنشورات وأعمال مرئية إن شاء الله
وربما نبه هذا الجميع أننا بحاجة إلى حركة إصلاح في الاتجاه الصحيح.
حركة استعادة للدين … حركة تجديد حقيقي يقوم بها شيوخ المسلمين الأجلاء الحقيقيين الواعين لهذا التخريب.
حتى نعيد القطار إلى القضبان من جديد بعدما تعطل خارج الزمن أكثر من 100 عام عشناها في غيبوبة.
===========================
بعض المراجع
الإسلام والحضارة الغربية
الخنجر المسموم
دعوة جمال الدين الأفغاني في ميزان الإسلام
حقيقة جمال الدين الأفغاني
مذكرات السلطان عبد الحميد
عودة الحجاب
#المقدمة
الحلقة الأولى: محاولات لإدخال الأدوات
الحلقة الثانية: تمركزوا في بلادنا لضرب عقيدتنا
لقد بدأت كتائب #التبشير تتوافد على العالم الإسلامي منذ القرن الرابع عشر الميلادي على شكل موجات من الرهبان والراهبات: الدومنيكان والفرنسيسكان إلى #مراكش و #الجزائر و #تونس و#مصر و #الشام بدعوى افتتاح المدارس والمستوصفات والمستشفيات من أبرزها:
أولاً:
أ- الكاثوليكية والتي كانت أولى الإرساليات التبشيرية في الشام منذ القرن السادس عشر ممثلة باليسوعيين الذين بدأوا بجذب أتباع المذاهب النصرانية الأخرى إلى الكاثولوكية وتنظيم الموارنة وربطهم بروما، وقد حققوا ذلك عام 1736م. بالإضافة إلى إنشائهم مدارس في بيروت 1839م، وفي غزير 1843م والتي تحولت إلى جامعة القديس يوسف "اليسوعية" بعد انتقالها إلى #بيروت1875م، وفي زحلة 1844م، ودمشق 1872م، وحلب 1873م.
ب- وفي عام 1877م أسس القس الأمريكي صموئيل زويمر باول إرسالية أمريكية في الخليج العربي بمساعدة القس جيمس كانتين، وقد أنشأ هذا القس الأخير في البحرين عام 1891 أول مركز تبشيري تحت ستار طبي ومنه انطلق لإنشاء فروع للإرسالية في مسقط ودبي والشارقة.
ج- في #الكويت تم تشييد الإرسالية الأمريكية عام 1913م بإدارة الطبيب الإنجليزي ستانلي ميلرى والتي افتُتِحت فيما بعد مدرسة كان من طلابها الشيخ فهد السالم ومن مدرسيها أستاذ سوري اسمه (إسرائيل) والقس داوننغ، ولا تزال هذه الإرسالية نشيطة في البحرين والشارقة وعجمان ومسقط #عُمان.
د- وفي آسيا الغربية كان لـ"هنري مارتين" اليد الطولى في ترجمة التوراة إلى الهندية والفارسية والأرمنية وقد تلقفته الهيئات التبشيرية لتنشره في تلك الربوع.
ثانياً: في شرق آسيا فثمة إرساليات أمريكية واسكتلندية وهولندية ونرويجية.
أ- في الهند ركّز "كاري" على استقطاب الأطفال الفقراء لتربيتهم وإعدادهم للقيام بدور المبشرين بوصفهم من أبناء #البلاد نفسها.
ب- وفي الملايو التي اعتنقت الإسلام في القرن الثالث عشر الهجري فقد سعت هذه الإرساليات إلى مزج عقائد أهلها القديمة بالكاثولوكية ثم بالبروتستانتية لضرب الإسلام هناك.
ج- وفي إندونيسيا برزت نتائج جهود الإرساليات التبشيرية منذ سنوات وكذلك الحال في الفلبين.
د- في الصين عام 1813م اتخذت الإرساليات طابع المعونة الطبية أيضاً وقد حققوا تقدما ملحوظا بين الناس عن طريق تقديم الكثير من المساعدات الإنسانية والطبية.
ثالثاً:
أ- في #الأستانة والتي أصبحت منذ عام 1846م مركزاً لأعمال المبشرين ووكراً أميناً لنشاطاتهم ولا سيما بعد تأسيس الكنيسة البروتستانتية فيها
ب- وفي مالطة فقد أسسوا أواخر القرن السادس عشر الميلادي مركزاً كبيراً للتبشير، وجعلوه قاعدة هجومهم التبشيري والثقافي على بلاد الإسلام، وانتقلوا إلى بلاد الشام سنة 1625م وحاولوا إيجاد الحركات التبشيرية، غير أن نشاطهم كان محدوداً ولم يتعدَّ تأسيس بعض المدارس الصغيرة ونشر بعض الكتب الدينية، وبقوا على هذا الحال إلى عام 1773م عندما ألغيت الجمعيات التبشيرية لليسوعيين وأغلقت مؤسساتهم، إلّا أنهم في سنة 1820م تجدد نشاطهم وأسسوا أول مركز للتبشير في بيروت.
وسنتطرق في الحلقة القادمة بالتفصيل عن دور الإرساليات التبشيرية في لبنان كقاعدة انطلق منها المبشرون لترسيخ #الثقافة الغربية في جميع شؤون حياة المسلمين.
رنا مصطفى
الحلقة الثالثة: #بيروت نقطة الارتكاز
الحلقة الرابعة: تقصُّد نقاط الضعف
عمد #الغرب عن طريق إرسالياته التبشيرية إلى البحث عن نقاط الضعف والسعي لتعميق النعرات العنصرية والمذهبية والطائفية لإذكاء الخلافات وإثارة المشاكل وإيجاد الذرائع التي تبرر تدخلاته الخارجية في شؤون الدولة الداخلية، كما حدث أثناء اندلاع الفتنة الطائفية في لبنان والشام أعوام 1840م، 1860م، 1958م، 1975م. إذ ركّز المستشرقون والمبشرون جهودهم على اختلاق ما يسمى بمشكلة الأقليات وتكرست حماية الدول الأوروبية لتلك الأقليات ولا سيما النصرانية منها بموجب شروط "الامتيازات الأجنبية" التي بدأتها فرنسا منذ القرن السادس عشر بحق النصارى الأوروبيين في #الدولة_العثمانية والتي ما لبثت أن اتسعت تدريجياً حتى أصبحت الاتفاقيات تشمل فعلياً جميع الكاثوليك ومن ضمنهم موارنة لبنان التابعون للبابوية، كما اهتمت بريطانيا بالنصارى عموماً وعقدت صداقات حميمة مع الدروز في لبنان وسوريا واليهود في فلسطين عن طريق افتتاحها مدارس ومعاهد تعمل على تعليم ونشر أفكارها بين تلك الطوائف.
ولقد كان من الملاحظ آنذاك أن معظم أفراد الأقليات سارعوا للانفتاح على #الغرب وتبني عاداته واستيعاب ثقافته والتبشير بأفكاره وإتقان لغاته بل وتمثيل وكالاته ومصالحه في أحيان كثيرة.
وكان من جراء ذلك أن اتخذت أعمال #التبشير مظهراً آخر غير تأسيس المدارس ودور التبشير والمطابع والمستوصفات؛ إذ بدؤوا عملهم السياسي وخاصة في بيروت واسطنبول المركزين الرئيسين اللذين اتخذهما أعداء الإسلام قاعدة لهم لضرب الدولة الإسلامية من خلال تأسيس الجمعيات.
ففي بيروت وفي سنة 1847 أسست الإرسالية الأمريكية وبرعايتها جمعية علمية سمتها "جمعية الفنون والعلوم" من أعضائها "ناصيف اليازجي" و"بطرس البستاني" من نصارى لبنان ومن أخطر عملاء الإنجليز، إلى جانب "إيلي سميث" و"كورنيلوس فان ديك" من الأمريكان، ولم ينتسب إليها خلال عامين سوى خمسين عضواً عاملاً من جميع بلاد الشام كلهم من النصارى، وكانت أهداف هذه الجمعية في أول الأمر غامضة، ولكنها كانت تظهر بمظهر نشر العلوم بين الكبار وفي المدارس بين الصغار وذلك لتثقيفهم #الثقافة الغربية، موجهين بتوجيه خاص وفق الخطة التبشيرية، ولكنها لم تثمر وماتت بعد خمس سنوات من تأسيسها دون أن تترك إلا أثراً واحداً وهو الرغبة عند المبشرين في تأسيس الجمعيات.
وقد بقي الأمر على هذه الحال من إخفاقات متتالية لعديد من الجمعيات حتى عام 1857م، حيث تشكلت جمعية على أسلوب جديد وذلك بظهورها بالمظهر العربي، إذ كان مؤسسوها كلهم من العرب تحت اسم "الجمعية العلمية السورية" ومن أبرز أعضائها "محمد أرسلان" من الدروز و"حسين بَيهم" من المسلمين و"إبراهيم اليازجي" و"ابن بطرس البستاني" من النصارى، ومن برنامجها التوفيق بين الطوائف وبعث القومية العربية في النفوس بالإضافة إلى غايتها المخفية والتي كانت استعمارية تبشيرية باسم العلم والتي كانت تتجلى ببعث الثقافة الغربية والحضارة الغربية بين الناس.
وفي سنة 1875م تأسست في بيروت "الجمعية السرية" كحزب سياسي قام على أساس فكرة القومية العربية، وتُعتبر أول حزب سياسي قام في البلاد الإسلامية دعت للعروبة وللقومية، وأثارت العداء للدولة العثمانية والتي أسمتها الدولة "التركية"، وعملت على فصل الدين عن الدولة، وتحويل الولاء عن العقيدة الإسلامية بين المسلمين، واتهام تركيا بأنها اغتصبت الخلافة من العرب وأنها فرّطت في الدين الإسلامي، مع أن القائمين بهذه #الجمعية السرية والمتولين أمرها نصارى يحقدون على الإسلام!!
والذي يجزم به من تَتَبع تاريخ هذه الحركات و #الجمعيات أن الغربيين هم الذين أنشأوها وأنهم كانوا يراقبونها ويشرفون عليها ويهتمون بها. فقد كانت من نتائج أعمال الدول الأوروبية في بيروت تخريب وتغريب الأفكار والنفوس بين مختلف قطاعات المجتمع من النساء إلى الشباب، إلى الطلاب وحتى الكهول (سنة 1907م ظهرت في بلاد الشام جمعية تبشيرية خاصة بالكهول).
ولقد أثبتت الوقائع أن معظم الكوارث التي أصيبت بها بلدان العالم الإسلامي كانت بناء على دراسة وتخطيط المبشرين وتلامذة الإرساليات التبشيرية. أما دور مركز اسطنبول في العمل على ضرب الخلافة العثمانية فسنتطرق إليه إن شاء الله في الحلقة القادمة من سلسلة دور #العلم والغزو التبشيري في إزالة الإسلام من العلاقات والمعاملات وطرق العيش، وفي هدم الدولة الإسلامية.
رنا مصطفى
- فرق تسد -
قام الغربيون بوسائلهم الخفية بتشجيع الحركات الانفصالية عند المسلمين أنفسهم في داخل كيان#الدولة بين الترك والعرب، فشجعوا الحركات #القومية وساعدوا على قيام الأحزاب السياسية التركية والعربية كحزب #تركيا الفتاة أو الاتحاد والترقي وكحزب #الاستقلال العربي وحزب العهد... الخ
وكان من أهم أعمالهم وأفظعها إنشاء تلك #الجمعية "#الاتحاد_والترقي" والتي تأسست في بادئ الأمر في باريس على يد شبان أتراك تشبعوا بالأفكار الفرنسية وأمعنوا في دراسة الثورة الفرنسية، وقد تأسست كجمعية سرية ثورية بزعامة "أحمد رضا بك"، وكان من الشخصيات عند الناس، وكانت فكرته نقل الحضارة الغربية إلى بلاده تركيا. وقد أسست هذه الجمعية لها فروعاً أخرى في برلين وسلانيك واسطنبول.
وكان مركز باريس منظماً تنظيماً دقيقاً، وكان برنامجه متطرفا، ووسائل الدعاية التي يعتمد عليها قوية ومتينة. وكانت لهم جريدة باسم "الأنباء" تُهرَّب إلى اسطنبول مع البريد الأوروبي، فيتلقفها جماعة من الأتراك يتعهدون توزيعها سراً، وكانوا يصدرون نشرات سياسية تُهرَّب بنفس الأسلوب. وقد لقيت دعما من المحفل الماسوني الإيطالي الأكبر في سالونيك وغيره من المحافل الماسونية التي كان أعضاؤها مندمجين بجمعية "الاتحاد والترقي" و"تركيا الفتاة". وظلت كذلك حتى سنة 1908م حيث قامت بالانقلاب واستولت على الحكم، وظهرت قوتها، وأظهرت أوروبا رضاها عنها.
صارت هذه الجمعية تتحكم في الدولة كلها متمثلة في جماعة الحزب الحاكم وأنصاره الذين يرون أن الإسلام وحده غير صالح لهذا العصر، بل الصلاح كله في الأفكار الغربية والحضارة الغربية، ويرون المحافظة على القومية التركية من أهم أعمالهم، وصاروا يفتخرون بالوطنية إذ كانوا يرون تفضيل تركيا على باقي البلاد الإسلامية، وتفضيل التركي على سائر المسلمين.
وهكذا بدأ معول الهدم في جسم الدولة، إذ القومية هي أخطر رابطة تفصل بين الناس وتوجد بينهم العداوة والبغضاء والحروب. فبعد أن أوهموا أن هذه الجمعية عند نشأتها لجميع رعايا الدولة العثمانية لا فرق بين تركي وعربي وألباني وشركسي، إلا أنهم بعد استلامها الحكم حرموا العرب في هذه الجمعية من المراكز الحساسة فيها وحولوها إلى جمعية تركية. وبذلك أثاروا التعصب ضد العرب خاصة، وأتبعوا التمييز ضدهم في الجيش أيضاً وانتزعوا وزارة الأوقاف وسلموها لتركي وكذلك الداخلية والخارجية، كما أرسلوا عن تعمد ولاة أتراكاً للبلاد العربية ممن لا يعرفون #اللغة_العربية، فقد تنكروا للغة العربية دون أن يأبهوا لكونها لغة #القرآن_الكريم وجعلوا اللغة التركية هي اللغة الرسمية، وصاروا يُعلِّمون النحو والصرف باللغة التركية.
ومن جهة أخرى تغلغل الإنجليز والفرنسيون أيضا في صفوف العرب الذين أخذوا يحملون النعرة القومية، وفتحوا لهم خزائن بلادهم، ونشطت سفاراتهم في الاتصال بهم، وساهموا بعقد مؤتمر للشباب العرب بتاريخ 18 حزيران/يونيو سنة 1913م في باريس، فكان ذلك أول إعلان عن انحياز القوميين العرب إلى إنجلترا وفرنسا ضد دولتهم العثمانية.
قام رجال حزب الاتحاد والترقي بتأسيس جمعية "ترك أوجاغي أي العائلة التركية" كَردٍّ على هذا المؤتمر وجعلوا غايتها محو الإسلام، وبدأت حركة التتريك في مختلف الولايات العثمانية واستهدفت تعميم اللغة التركية عن طريق تشجيع نشر المؤلفات والمطبوعات لهذه اللغة، فأصدروا في العراق والشام فضلاً عن اسطنبول العديد من الصحف والمجلات التركية التي بلغ مجموعها تقريبا أربعين صحيفة بين عامي 1895م - 1907م.
وهكذا أثمرت أساليب إثارة النعرة القومية، والنزعة #الوطنية، فتحول الولاء عن الإسلام وأصبح المقياس عند الذين يباشرون السلطان في الدولة هو #القومية و #الوطنية، حتى الدعوة في سبيل توحيد صفوف الرعية من عرب أو ترك...
مناهج الاسلام واثرها في التقدم العلمي العالمي الحالي
المهندس: موسى عبدالشكور
يقول الحق تبارك وتعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ، تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا، سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}، ولم تكن هذه الملامح الإيمانية والصفات الخُلقية الرفيعة إلا نتاجا لمنهج الإسلام في التربية والتعليم، لإيجاد الشخصيات الإسلامية المتميزة في كل الميادين . فالمعلم الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أرسى قواعد التعليم ووضع المناهج لبناء الشخصيات الإسلامية أول مرة في التاريخ البشري، وتخرج من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم كبار رجالات التاريخ من الصحابة الكرام، ومن جاء بعدهم من القادة والساسة والعلماء الافذاذ. ولقد بقي المسلمون قرونا طويلة من تاريخهم المجيد يخرجون أجيال مجاهدة متفقهة، سادوا في القارات الثلاثة المعروفة خلال مائة عام وتفوقوا على أقرانهم من الأمم الأخرى في مجالات الحياة جميعا. ولكنهم في القرن الآخير تراجعوا حتى أصبحوا في ذيل الأمم، بل سيطرت عليهم الأمم وصاروا أصفارا على شمال هيئة الأمم والسبب واضح وهو قلة التمسك بالدين الذين هو عصمة الأمر، وبدا ذلك جليا على المسلمين منذ أواخر عهد الدولة العثمانية عندما اتجهوا لتغريب مناهجهم الدراسية وتغيير أنماط معيشتهم، واكتمل التفاف حبل المشنقة الغربي حول أعناقهم بهدم دولة خلافتهم، وتقسيم بلادهم، واستبدال نظام الحكم الاسلامي بحكم علماني اثيم. حيث تم البدء في أكبر عملية تغيير في مناهج التعليم لدى المسلمين فكان التخلي عن بناء الشخصيات الإسلامية ، وإبعاد المسلمين عن العقيدة والجهاد والفقه والتاريخ الإسلامي واللغة العربية، ليتم سلخ المسلمين عن دينهم وتاريخهم ولغتهم بكل ما تعني الكلمة من معنى بمسارات ثلاثة لايجاد دين جديد يكون خفيفا على اسماع الغرب الكافر وتغيير الثقافة الاسلاميه بثقافة التطبيع وثقافة السلام ثقافة محاربة الارهاب وعلو الاجنبي مهما كان
ومن هنا فليس غريبا بعد ذلك ألا ترى في جيوش المسلمين خالدا وعمروا وصلاح الدين، وليس غريبا ألا ترى في فقهائنا أبا حنيفة والشافعي ومالكا وابن حنبل، ولا ترى في علمائنا كِنديا ولا رازيا ولا جزريا ولا ابن هيثم، وليس غريبا ألا ترى في مؤرخينا ابن خلدون ولا واقديا ولا طبريا ولا ابن أثير، وليس غريبا ألا ترى في نسائنا خنساءً ولا هندا ولا سكينة ولا خولة، إلا ما ندر، والنادر لا حكم له.
فعموم أمتنا اليوم نتاج للمناهج المدرسية البائسة التي تصاغ بما يمليه الغرب الكافر عليها من افكار تخدم مصالحة لضمان تفوقة على الامة الاسلاميه ولقلب حركة التاريخ الاسلامي الزاهر الذي عاشه المسلمون في في ظل مناهج الاسلام في التربية والعلوم حين كانت اوروبا على العكس تماما.
فقد كان عقاب الكنيسة لمن يصرح بفكرة علمية طبيعية، مثل كروية الأرض أو دورانها أو مثل ظاهرة قوس المطر الحرق حياً أو الإعدام شنقاً لان الكنيسه تعتبر العلوم كفرا ومن الشيطان ثم غيروا بعد هزيمتهم في الشام ومصر وشمال افريقيا وملاحقتهم الى اوروبا والتي كان لها الاثر الاكبر في البحث عن سبب تقدم المسلمين عليهم فرافق الحروب الصليبيه لصوص العلم الذين عملوا سرا لصالح الكنيسه وبتوجيهها وتم سرقه الكتب الكثيره التي تم الاستيلاء عليها اثناء هذه الحروب وقد تسترت الكنيسه على معظم هذه الكتب حتى هذه اللحظه لانهم قد افهموا الناس بان الاسلام والمسلمين هم العدو والشطيان لذلك فيجب اخفاء مصادرها الاسلاميه وقد تم الافراج عن بعضها بعد ان تم ترجمتها الى اللغات الاوروبيه دون ذكر اسم الكاتب وادعوا بانها من علمائهم .
ولا زال النصارى الاوروبيين ينكرون مصدر علومهم وقد اشتغل علماء اوروبا مثل جاليليو وليوناردو دافن شي بابحاث المسلمين دون ذكر أي اثر للمسلمين حيث ظهرت الحركه العلميه في اوروبا في نفس الفتره التي توقف فيها التقدم العلمي عند المسلمين سنه1650م"حيث انحسر التقدم العلمي للمسلمين وتناسوا وجود مئات الالفاظ العربيه والتي ما زالت تستعمل حتى وقتنا الحالي كما قال باحثوهم وكذلك وجود الاجهزه والادوات العلميه المستخدمه في الطب والهندسه حتى الان ويكفي شهادات العلماء الاوروبيين بما تم نقله عن المسلمين من علوم وهي كثيره لا مجال لذكرها
ويكفينا ما ورد في رساله الملك جورج الثاني ملك إنجلترا مع ابنة أخيه الأميرة دوبانت ورئيس ديوانه على رأس بعثة إلى إشبيلية لما كان المسلمين يحكمون الاندلس والممهوره بخادمكم المطيع جورج ملك إنجلترا ويكفينا ايضا الحديث عن فردريك ملك صقلية فقد كان عربياً في كل شيء خلا النسب، وكان يقرأ ويكتب بالعربية وكانت حياة قصره عربية، وعندما أسس أول جامعة في أوروبا وهي جامعة نابولي سنة 1224م كانت الأفواج الأولى من المدرسين فيها عرباً ومسلمين.
ومن الصعب أن نذكر ما أنجزه المسلمون عبر القرون السابقة، وسنقتصر على بعض الإسهامات والإنجازات في بعض العلوم و الهندسه والتي اثرت في التقدم الذي نعيشه اليوم
فقد يظنَّ البعض ان المسلمين اقتصروا على دراسة علوم الشريعة فقط، لاننا فتحنا اعيننا على ما انتجته الحضاره الغربيه التي تنكرت لانجازات المسلمين في العلوم الا ما ذكر على استحياء من قبل الاوروبيين والصحيح إن علوم الكون والحياة، هي نتائج البحث المتواصل لدراسات وعلوم قد تم انتاجها من قبل المسلمين فقد جاء الإسلام ليحقق الخير للبشرية في مختلف جوانب الحياة وساعرض على مسامعكم بعض ما اثمرته حضارة الاسلام ومناهج التعليم فيه وهذا العرض معظمه ماخوذ من بعض شهادات مفكري الغرب المنصفين الذين لم يستطيعوا انكاره
فقد عرض التلفزيون الالماني فلما وثائقيا بعنوان علوم الاسلام الدفينه استعرض فيه دور المسلمين في العلوم وعلاقه ما انتجه المسلمون من علوم والعلوم والتقدم الحالي في اوروبا هذا الفلم الذي لم يحاول المسلمين عمل فلم مثله لتوضيح علاقه علوم أو روبا بعلماء المسلمين ؟
ففي مجال الطب وعندما كان النصارى يعالجون الامراض بحلق الشعر ورسم صليب على جلده الراس كان المسلمون يجرون العمليات الجراحيه المعقده فقد انتجوا مايلزم من ادوات للجراحه وتشخيص الإمراض لا زالت تستعمل حتى الان والمرض عند الكنيسة ينشأ من ارتكاب الخطايا, وهو من صنع الله وما صنعه الله لا يشفيه الإنسان وإنما يشفى بوسائل الغفران التي تقررها الكنيسة وهي الاعتراف بالخطايا أمام الكاهن , وبه تطهر الأجسام وتبرأ.
ومن أهم مآثر المسلمين وإنجازاتهم في ميدان الصيدلة والأدوية إدخالهما في نظام المراقبة، على الصيادله ,الصيدليات من خلال وظيفة الحسبة التي تقوم على أساس الأمر بالمعروف والنهي عن وقد سُنَّ امتحانُ الصيادلة في عهد المعتصم، أي منذ عام 221 ه
وقد أقيمت الصيدليات ملحقة ب المستشفيات، وأقيم المستشفى ميداني في المعركة صنفت الادويه في الكتب مثل "الجامع لمفردات الأدوية والأغذية" لابن البيطار و قد وجد فيها اكثر من اربعة الاف كتاب طب مختلف و كما كان المسلمين أول من كتب الطب شعراً من أجل سهولة الحفظ عند طلبة كلية الطب
اما علم الكيمياء فجابر بن حيان وضع أسس علم الكيمياء الحديث، ويعتبر ابو الكيمياء لاكتشافه الاحماض التي ساهمت في صناعه الادويه وصباغة النسيج وصناعة الزجاج وتحضير الزيوت والعطور، والصلب واستخراج المعادن والدباغه وصناعه الورق التي ادت الى انتشار الكتب والتي ادت الى الطباعه وطوروا طرق الصهر والإذابة والترشيح والتبلور والتقطير، وأكسدة الفلزات.
اما علم الهندسة عند المسلمين " علم الحيل النافعة "فهو من العلوم الرياضية التي تستدعي إعمال العقل، فكان الإبداع في مجال الحيل النافعة ان الإسلام كرَّم العبيد؛ فمنع إرهاقهم وحرم تحميل الحيوانات فوق طاقتها وضرورات التعمير والبناء وضمان الانتصار في الحرب التي صاحبت اتساع الدوله الإسلامية مما ادى الى السبق في مجال العلم والتكنولوجيا عند المسلمين واختراع الانسان الالي وغيره قبل ما يقارب الف عام ولم يصنعه المسلمون من اجل الشقاء ولا من اجل استغلال الاخرين لقد كان همهم الاول راحة وسعادة الانسان لانها قربى الى الله وكذلك حياة كريمة للنفس فكان الطب ومحاولات القضاء على الفقر وكان علم الري والزراعه وعلم معرفة الوقت وبداية الاهلة لارتباطها بمواقيت الصلاة والصوم فكان علم الفلك وصناعة الساعات
وقد إضاف المسلمين لعلم الهندسة وعلم الحيل النافعة الشيئ الكثير فالكندي ألف الرسائل المختلفة في تقسيم المثلث والمربع واستخرج سمت القبلة، وكان يرجع إلى مؤلفاته المعماريون عند القيام بحفر الأقنية والجداول بين دجلة والفرات، وأدخل المسلمون أيضا المماس والقواطع، واستخدموا فن الزخرفة الذي يعتمد على قواعد هندسية في رسم المغلقات، وترتيب الخطوط، وجمع المسلمون بين الهندسة والجبر، ولذلك يُعتبرون واضعي الهندسة التحليلية
وقد ظل المسلمون يبدعون ويضيفون الكثير لعلم الهندسة حتى تبلورت تقنيات الهندسة الميكانيكية في العالم الإسلامي منذ القرن الثالث الهجري ليتاسس علم الهندسة او "الحيل النافعة"، وهي آلات وتجهيزات يعتمد البحث فيها على حركة الهواء (نيوماتك)، أو حركة السوائل واتزانها (الهيدروليك) ووضعوا له القواعد العلمية التي بني عليها علو الهندسة ، وصنفوا فيه كتبًا رائدة، لا يزال الكثير منها مجهولاً أو مفقودًا.
ويمثل علم "الحيل النافعة" او الهندسه الجانب التقني المتقدم لغاية وهي: "الحصول على الفعل الكبير من الجهد اليسير"، اي استعمال الحيلة مكان القوة، والعقل مكان العضلات، والآلة بدل البدن لرفع المشقة عنه وكان جليا في رفع الأحجار ومواد البناء لإتمام الأبنية العالية من مساجد ومآذن وقناطر وسدود فصنع المسلمون الات رفع ساعدت على إنجاز تلك الأعمال الخالدة.. وإلا فكيف يمكن أن ترفع مئذنة فوق سطح مسجد سبعين مترا.. أي ما يزيد على عشرين طابق
وقد اشتهر في هذا المجال :
ابناء موسى بن شاكر: واشتهروا بكتابهم القيم المعروف باسم "حيل ابناء موسى".ويحتوي هذا الكتاب على مائة تركيب ميكانيكي مع شروح تفصيلية لطرائق التركيب والتشغيل.فعتبر اساسا لعلم التحكم الآلي وبذلك سبقوا به أوروبا بخمسمائة عام، وقد اخترع أحمد بن موسى قنديلا آليا يتشعل نفسه وترتفع فيــه الفتيلة تلقائيا ويصب الزيت بنفسه ولا يمكن للرياح إطفاءه
ثابت بن قرة: سنة 221 هـ / 834 م اوجد علم التكامل والتفاضل وشرح العلاقة بين الجبر والهندسة وقـد وضع ثابت بن قره كتابا عن قوانين الروافع ومعادلاتها وحساباتها وقد ترجم وكان لهذا الكتاب فضل كبيـــر في النهضة الصناعية الحديثة...
أحمد بن خلف المرادي:الف كتاب في الحيل النافعة بعنوان "الأسرار في نتائج الأفكار" ويحوي على شرح عن الطواحين والمكابس المائية، ويشرح أكثر من ثلاثين نوعا من الآلات الميكانيكية، وساعة شمسية متطورة جدا .ومن أمثلة التقنيات المتقدمة "الانسان الالي " التى صورها كتاب المرادي: "حامل المصحف" الموجود في جامع قرطبة، ويتيح تناول نسخة نادرة من القرآن الكريم، وقراءتها دون أن تمسها الأيدي بطريقة آلية
عبد الرحمن بن أحمد بن يونس: وهو عبد الرحمن بن أحمد بن يونس، توفي في سنة 1009م، وهو الذي اخترع الرقاص (البندول وقد سبق غاليليو الإيطالي بستمائة عام
اما بديع الزمان الجزري:قام بتصميم الساعات وآلات رفع الماء. والروافع آلالية، وتحويل الحركة الخطية إلى حركة دائرية بواسطة التروس المسننة، وهو الأساس الذي تقوم عليه جميع المحركات العصرية، وله كتاب "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل" وقد ترجم هذا الكتاب إلى الإنجليزية وفيه وصف لتصميم مضخة يعتبرها المؤرخون الجدد الأقرب للآلة البخارية، ويُعد الجزرى أول من اخترع الإنسان الآلي المتحرك، وكان ذلك بغرض الخدمة في المنزل، فقد طلب منه الخليفة الملك الصالح أبي الفتح قره أرسلان أمير ماردين في تركيا أن يصنع له آلة تغنيه عن الخدم كلما رغب في الوضوء للصلاة، فصنع له الجزري آلة على هيئة غلام يتقدم ويصب الماء من الإبريق بمقدار معين، فإذا انتهى يقدم له المنشفة تم يعود إلى مكانه
تقي الدين الدمشقي: صاحب كتاب "الطرق السنية في الآلات الروحانية"، وفيه وصف العديد من الأجهزة الميكانيكية مثل: الساعات المائية والآلية والرملية، والروافع بالبكرات والتروس (المسننات)، والنافورات المائية، وآلات الدوران بمفهوم الرسم الهندسي الحديث ذي المساقط، وله كتاب "المضخة ذات الأسطوانات الست"، هو الأساس الذى قامت عليه تقنية المحركات والضواغط الحديثة متعددة الأسطوانات.
وكلنا تعرفون القصة التي وقعت أحداثها في سنة 807 م، حينما أرسل الخليفة العباسي هارون الرشيد هدية عجيبة إلى شارلمان ملك الفرنجة، وكانت عبارة عن ساعة ضخمة بارتفاع حائط الغرفة تتحرك بواسطة قوة مائية، وأثارت دهشة الملك وحاشيته، ولكن رهبان القصر اعتقدوا أن في داخل الساعة شيطانا يحركها، فتربصوا به ليلا، وحطموها ولم يجدوا بداخلها شيطانا
أما تأثير المسلمين في الهندسة المدنيه فانتشار القصور والمساجد وغيرها لا زال ماثلا بل يحدث عن نفسه في مختلف مدن العالم الاسلامي فمن فقصر الحمراء الذي يزوره سنويًا ما بين (50 - 60) مليون نسمة، من جميع أنحاء العالم فالدخل اليومي أكثر من مليون ومئتي ألف يورو عند باب قصر الحمراء،
أما الصناعة فازدهرت بشكل كبير لتوفر المواد البشرية و الخامات الطبيعية التي نحتاجها مثل صناعة النسيج و صناعة السفن و الأخشاب و المصانع العسكريه و الصناعات الغذائية و الصناعات الجلدية والزجاج و استخراج المعادن مثل الذهب و الفضة و الحديد و الرصاص و الكبريت و النحاس و الرخام.
و قد نشأت المصانع الحكومية التابعة للدولة مثل صناعة البلاط و المطرزات و مصانع الصابون و الشمع و الزجاج و الخزف و الورق و قد أنشأت دار الكسوة لعمل ملابس لثياب موظفي الدولة صيفا و شتاءا
اما في مجال الزراعه فقد تم دفع الماء بالقنوات وقد ازدهرت الزراعة وانتشرت المدارس الزراعية زمن العباسيين فتوسعوا في البحث و درسوا أنواع النباتات و صلاحية التربة و استعملوا الأسمدة. وحفر القنوات و بناء السدود وشقوا الجداول وضعوا تقويما للزراعة عرف بالتقويم القرطبي كدليل لزراعة النباتات و مواعيدها. واعتنوا بالثروة الحيوانية لتوفير الغذاء و الكساء و صناعة النسيج
واهتم المسلمون بالمكتبات وأنشأ المستنصر بالله مكتبة عظيمة تحوي على ما يزيد على 400 ألف مصنف في شتى العلوم والفنون
بالاضافه لكل هذا حاول بعض الأوربيين التقليل من شأن المسلمين في نهضة أوروبا العلميه وازدهارها وهم ينسون مثلاً أن الإدريسي والخازن قد سبقا نيوتن في القول بالجاذبية، وأن ابن النفيس قد سبق (هارفي) إلى كشف الدورة الدموية، وأن ابن مسكويه قد سبق (دارون) في القول بالتطور، وابن خلدون قد سبق (لامارك) في القول في أثر البيئة على الأحياء، وأن ابن سينا قد سبق علماء الغرب في الطب والمعادن والنبات والحيوان، وأن ابن يونس وابن حمزة قد مهدوا كثيراً بكشوفهما إلى معرفة اللوغاريتمات وحساب التكامل والتفاضل، وأن الخوارزمي أول من ألف في الحساب والجبر بطريقة علمية منظمة، وأول من استعمل الأرقام في الحساب
وللدلالة على عظم التراث العلمي للمسلمين ما خلفوه في خزائن الكتب الموجودة في وبذلك فقد كان للحضارة الاسلامية فضل جليل على العالم اجمع. ولا زال الاوروبيين يحتفضون حتى الآن بمخطوطات إكتشافات العلماء المسلمين من أمثال إبن سيناء و إبن رشد و المقريزي و الفارابي في متاحفهم كدليل على كذب إدعائاتهم وكذلك المصطلحات العربيه والتي لا زالت مستخدمه في مختلف العلوم فانها بالمئات والمجال لا يتسع لذكرها وهي موجوده في الكتب وعلى الانترنت لمن اراد
اما في مجال الجامعات فان اول جامعة قد تم بنائها من قبل المسلمين فقد انشاتها فاطمة الفهريه وهي الان جامعة القرويين في فاس ثم انتقلت للعالم الاسلاميه كله ثم اوروبا واما البحث العلمي فكان المأمون او من اسس دار الحكمه وقد اسس مرصدا لرصد النجوم وعلم الفلك وكان التعليم مجانا بالاضافة لكسوة الطالب وطعامة وراتبه الشهري وانشأ الخلفاء الكثير من التكايا خدمة للعلم و ترجمة الكتب التي كانت توزن بالذهب
اما اليوم فان الحكومات في العالم الاسلامي وللأسف مهتمة بترسيخ وجودها وليس بتشجيع العلم والعلماء وهم يشجعون الفن الراقص والسينما والتلفزيون والنشاطات الرياضيه والفضائيات لما له من تأثير في تلهية الجماهير عن الحق وهو المطلوب إثباته وعلى هذا فالمشكله في المناهج ومؤسسات التعليم والجامعات والصناعه وهي مشكله سياسيه تتبناها الانظمه للحفاظ على الكراسي وخلق جيل خادم للنظام حيث تضع الدوله الخطط الازمه لتمييع المجتمع والفئه المتعلمه وتصرف الميزانيات على ثقافه التبعيه للانظمه والغرب الكافر فلم تعد برامج الفضائيات ترفا أو رفاهية، بل أصبحت ضرورة ومعيارا أساسيا لتقدم الدول بدل التقدم العلمي لهذا هناك الآن تنافس بين الدول بعدد الفضائيات لا بعدد الجامعات وعدد المصانع والاكتفاء الذاتي ورفاهيه المجتمعات وسعادتها وما زال السباق في عالمنا الاسلامي نحو الفضاء منحصرا في سباق القنوات الفضائية ـ وبخاصة في شهر رمضان المبارك
وهذا هو الهدف من هذه الحملة الضخمة التي استهدفت تغيير المناهج وتفكيك الوسط التعليمي واستغلالها في خدمة الفئة الحاكمه لاستقطاب جيل معالج فكريا لضمه إلى مشروع السلطة أي القبول بالواقع وعدم معارضته بل تبرير مواقفه والدفاع عنه ,هذه هي سياسات الدول القائمه في العالم الاسلامي وهي عكس ما كان في مختلف عصور دوله الخلافه الاسلاميه
إن إصلاح التعليم المرجو هو صبغ المعرفة الحديثة ذاتها بالصبغة الإسلامية التي تجسد مبادئ الإسلام في منهجيته و استراتيجيتة في علو الاسلام و يكون اساسا لكل العلوم ويتحقق من خلالها الاهداف من الخلق وهو عبادة الله تعالى ولا يكون ذلك الا بدولة الخلافة الراشده القيبه باذن الله .
يبدو أن عام 2030 سيكون حافلاً بتغييرات جذرية مرتقبة، حسب رؤية #الأمم_المتحدة ومنظماتها المختلفة، فهو العام الموعود الذي تتحقق فيه رؤية الأمم المتحدة "تحويل عالمنا: جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة" التي أطلقت في أيلول/سبتمبر العام الماضي، ومن ضمنها القضاء على الفقر بجميع أشكاله وتحقيق المساواة بين الجنسين. وتتضمن 17 هدفاً منها #التعليم الجيد.
"اليوم، ومع إطلاق إطار العمل الخاص بالتعليم حتى عام 2030، وافقت حكومات عبر #العالم على كيفية تجسيد وعد للتغيير على أرض الواقع". بهذه الكلمات افتتحت المديرة العامة للمنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو، إيرينا بوكوفا، الاجتماع الذي عُقد على هامش فعاليات الدورة الثامنة والثلاثين للمؤتمر العام لليونسكو في 4 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
لا شكَّ أن البشرية اليوم، تحتاج حقاً إلى من ينقذها من براثن الجهل والتجهيل، فملايين الأطفال محرومون من التعليم في أنحاء العالم بسبب الفقر والحروب والسياسات الحكومية الفاشلة. وذلك حسب تقارير الأمم المتحدة على مدى السنوات الأخيرة. حيث إن واحداً من بين كل ثلاثة أطفال خارج المدرسة يعيش في دولة متأثرة بنزاع. وفي 35 دولة تصنف على أنها الدول الأكثر تأثراً بالعنف، يتعرض 65 مليون طفل بين سن 3 و15 عاماً إلى خطر خسارة فرصة التعليم. وبحسب البيانات الواردة في التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع في تموز/يوليو 2015، يزيد احتمال ترك الشابات اليافعات في المناطق المتأثرة بنزاعات للمدرسة في المرحلة الثانوية بنسبة 90% مقارنة مع نظيراتهن في #الدول الأخرى.
رغم كثرة الإحصائيات والتحذيرات بشأن انتشار حرمان #الأطفال من التعليم، والدعوات لإصلاح أنظمة التعليم، وبذل مزيد من الجهود لأجل توفير التعليم الأساسي على الأقل، للمحرومين في مناطق النزاع والمناطق النائية التي تعاني الفقر، إلا أن هذه الدعوات تبقى مجرد طاحون هواء لا تنتج. فلا أنظمة التعليم تحسنت، ولا الفقراء استطاعوا تعليم أبنائهم وبناتهم. بل تزداد الحروب ويزداد حرمان الفتيات والصبية من حقهم في التعليم في مناطق كثيرة نتيجة الحروب التي تغذيها وتشنها#الدول_الاستعمارية الكبرى، ويزداد #الفقراء فقراً، ولا يظل إلا صدى شعارات حقوق المرأة والطفل في التعليم.
فالرأسمالية بكل منظماتها لم تنتج سوى الجهل والدمار. فهذا أنتوني ليك المدير التنفيذي لمنظمة#اليونيسيف يقول في مقال له بعنوان: "جيل ضائع من الأطفال المحرومين من التعليم": "على الرغم من أن أعداد الأطفال المتأثرين بالنزاعات وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، فإن تمويل التعليم في حالات الطوارئ يبقى متدنياً للغاية. ففي سنة 2013 خصص أقل من 2% فقط من المساعدات التي قدمت لحالات الطوارئ لصالح فرص التعليم والتعلم". وشهد شاهد من أهلها!
لكن المثير للشفقة أن الأمم المتحدة لا تيأس! فعشرات السنوات منذ ظهور المبدأ الرأسمالي، وألوف الفتيات المحرومات من التعليم، لم تكن كافية لتُريهم أن سياساتهم فاشلة ولا تحقق ربع الأهداف التي تُرسم في كل اجتماع جديد، ولا تساوي قيمتها الحبر الذي كُتبت به. آلاف الدراسات من أخصائيي تربية، ومنظمات حقوقية ومتنفذين في سلك التعليم عن ضرورة تعليم الفتيات وما يحققه تعليم النساء من ازدهار وتنمية اقتصادية. لكنَّ الكلام شيءٌ والفعل شيءٌ آخر. فكل الرؤى المتعلقة بتعليم المرأة تنبع من بوتقة النظرة المادية، وفشل المنظرون في أطروحتهم المسماة "think out of the box" أو التفكير خارج الصندوق؛ فكل حلولهم مستقاة من نظريات المساواة التامة بين الجنسين العقيمة، وكأن المساواة هي مصباح علاء الدين الذي بمجرد مسحه سيخلص كل نساء العالم من #الفقر والحرمان من الحقوق الأساسية والتهميش والمهانة التي عانين منها في قرن ويزيد من الزمان.
يقوم #البنك_الدولي، ومنظمات الأمم المتحدة المختلفة كاليونسكو واليونيسيف وغيرها بدراسات دورية كل سنة عن أعداد المحرومات من التعليم من #النساء، وتُعقد الاجتماعات، وتسن القوانين واللوائح والتشريعات لأجل إعطاء المرأة حقها في التعليم. لكن الحديث كلَّه يدور حول تأكيدات على وجوب تعليم النساء، وليس على كيفية توفير فرص التعليم. وصل الإنسان للقمر ولا تزال الاجتماعات تناقش حق التعليم للمرأة، وإذا ما صدر قرار لخطوة جديدة في مسيرة الألف ميل، تصبح رأياً بعد عين لا تغادر ملفات الاجتماع.
وهذا كلامهم بألسنتهم يدينهم: "في الأول من كانون الثاني/يناير عام 2006، استفاق العالم على موعد نهائي قد فات. فقد بقي هدف التنمية الألفية: التعادل بين الجنسين في التعليم الأساسي والثانوي بحلول نهاية عام 2005، من دون أن يتحقق. ما يبعث على الإحباط هو أن ذلك الموعد النهائي كان هدفاً واقعياً يمكن تحقيقه. وتكمن مأساةُ هذا الفشل في العدد الذي لا يمكن تخيله من الأطفال، وغالبيتهم من الفتيات، ممن تركوا لمواجهة مستقبلٍ غامض" من تقرير اليونيسف (2005) حول منجزات النوع الاجتماعي وآفاق التعليم: تقرير الفجوة [الجزء الأول]، نيويورك: اليونيسف، ص4. ويقدم تقرير برنامج "التقدم من أجل الأطفال" تحليلاً مقارناً لكل منطقة، موضحاً أن أعظم الإنجازات في معدل الزيادات السنوية في المشاركة المدرسية في السنوات العشرين الماضية تحققت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بزيادة بلغت 1.4 للأولاد و 1.2 للفتيات.
تُعلي #الرأسمالية من القيمة المادية، بل تكاد تكون هي القيمة الوحيدة في المبدأ والمسيرة لعقول أهله. فجُلُّ المعاملات تقوم على المنفعة والمصلحة، وحتى الجمعيات الخيرية وُجدت لأجل إزاحة العبء المادي عن الدولة. وهكذا تسيطر النظرة النفعية على المبدأ والقائمين عليه. وليس التعليم إلا جزءاً من هذه المنظومة وتتأثر النظرة له بالنظرة النفعية. فحرص الرأسماليين على المرأة وتعليمها نابع من ضرورة مساهمتها في الدخل القومي! حيث "وجدت الدراسات التي قام بها البنك الدولي بوجه إجمالي، أن سنة واحدة إضافية من التعليم الابتدائي أعلى من المتوسط يرفع معدل الأجر النهائي للفرد بنسبة 5-15%، مع تحقيق عائدات بصورة عامة للفتيات أعلى من الفتيان. وأن سنة واحدة إضافية من التعليم الثانوي إلى أعلى من المتوسط يرفع معدل الأجر النهائي للفرد بنسبة 15-25%، أعلى للفتيات من الفتيان." تي. بول شولتز. 2002. "لماذا ينبغي على الحكومات أن تستثمر أكثر في تعليم الفتيات." التنمية العالمية 30. كما ذكر تقرير أبحاث السياسة للبنك الدولي عن المساواة بين الجنسين والتنمية، أن "زيادة عدد النساء اللواتي يحصلن على التعليم الثانوي تنمي معدل الدخل الفردي". وبعد هذا تُطرح على الساحة قضية تعليم المرأة في الإسلام وتهميش الإسلام للمرأة وظلمه لها، باستغلال بعض المعتقدات والعادات الخاطئة التي يمارسها المسلمون، وذلك رغم غياب دولة الخلافة التي تطبق الإسلام على أرض الواقع. ويتم تجاهل الواقع المزري الذي تعيشه المرأة في ظل الرأسمالية حيث مئات من الفتيات محرومات من التعليم، ويتم تجاهل إهمال الأنظمة بحق شعوبها وعدم وجود بنى تحتية وتمويل كافٍ ليُسلَّط الضوء على زواج القاصرات أو تعدد الزوجات كمنطلق لمحاربة أحكام الإسلام.
إنَّ كلَّ الجهود المبذولة لأجل توفير فرص أكثر لتعليم النساء حول العالم لا تصب إلى في خانة إدانة الغرب، وإظهار عورته وسوأة الرأسماليين الذين يهدرون الوقت في التنظير بينما في كل لحظة هناك ألوف من النساء يخسرن فرصاً جديدة في الحصول على تعليم جيد. وذلك بسبب السياسات العقيمة التي تنفذها الدول الغربية والقائمة على شيطنة الآخر وفرض النظرة الغربية. فهذه نجاة بلقاسم، وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث في #فرنسا، فإنها قالت، في افتتاح الجلسة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي: "إن الاقتناع الذي تسترشد بها سياساتنا إنما يتمثل في أن أوجه عدم المساواة ليست أمراً محتوماً. أما المسؤولية الملقاة على عاتقنا فهي أن نسعى لكي لا تشكل خلفية الطلبة عائقاً أمام آفاق تعليمهم وفرصهم المستقبلية". كما أنها أبرزت أهمية التعليم من أجل تحقيق المواطنة العالمية، مشيرةً إلى الدور الأساسي للمدارس في مكافحة التطرف وتعزيز القيم الخاصة بالحرية والتسامح وعدم التمييز. هذا في الوقت الذي تحارب فيه بلادها المسلمات وتفرض عليهن الاختيار بين الحق في التعليم أو التمسك بشعائر العقيدة الإسلامية!
بيان جمال
يعيش التعليم في العالم العربي حالة مأساوية، ويعاني أزمة خانقة، صحيح أنه لا يمكن التعامل مع#الدول_العربية جميعاً بنفس الطريقة من حيث بحث وتحليل الواقع التعليمي فيها، نظراً للخصوصية التي تحملها كل دولة وارتباطها بأحداثها الداخلية من ثورات وحروب وصراعات وغيرها من الأحداث التي أثرت على التعليم كما أثرت على غيره من القطاعات، ولكن رغم هذا الاختلاف فإن حال التعليم في العالم العربي يكاد يكون واحداً، ومشاكله مشتركة.
فتدني جودة التعليم مشكلة يعاني منها العالم العربي بتفاوت بسيط بين دوله، فقد حصلت هذه الدول على مراتب متدنية في مؤشر جودة التعليم الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2015-2016م، فعلى سبيل المثال جاءت البحرين في المركز 33 والأردن في المرتبة 45، أما تونس فجاءت في المركز 84 عالميا، فيما احتلت المغرب المرتبة 101 ثم الجزائر في المركز 119 وموريتانيا في المركز 129، بينما احتلت مصر المرتبة قبل الأخيرة على مستوى 140 دولة شملها#التقرير.
ويرجع هذا التدني في جودة التعليم إلى عوامل عدة أهمها مناهج التعليم وأساليبه القائمة على التلقين والحفظ دون التحليل والفهم، وغياب المواد التي تنمي الحس النقدي والتفكير لدى الطلبة، ونستحضر هنا ما قالته إحدى الأمهات المصريات المشاركات في ما أطلق عليه "ثورة الأمهات ضد المناهج": "المناهج الحالية لم تنتج لا علماً ولا تطوراً حقيقياً في عقليات الأبناء بقدر ما أصابت الأولاد بانحناء في الظهر من ثقل الكتب في الحقائب المدرسية"، ولا ننسى أيضاً سياسات التعليم الفاشلة كالترفيع التلقائي للطلبة، ومن هذه العوامل أيضاً أن الميزانيات المخصصة للتعليم في العالم العربي لا تزال غير كافية وبعيدة عن التكافؤ مع الميزانيات المخصصة للقطاعات الأخرى، فعلى سبيل المثال أكد تقرير دولي صادر عن مرصد الحقوق الاجتماعية والاقتصادية تراجع الإنفاق الحكومي على التعليم في #الأردن منذ العام 2000 وحتى الآن، حيث إن الإنفاق الحكومي كان يصل إلى نحو 13% في ذلك العام لينخفض إلى زهاء 9% العام 2010. إضافة إلى عدم اهتمام هذه الدول بالبحث العلمي، فهو قياسا بالناتج المحلي الإجمالي يقل عن 0.8% في #المغرب و #تونس، وعن 0.5% في #مصر و #الأردن، وعن 0.2% في #السعودية و #الجزائر و #العراق و #الكويت.
وبعد أن عجزت الدولة عن توفير تعليم جيد بفرص متساوية لجميع الناس بسبب الفساد وسوء التخطيط طفا التعليم الخاص الذي يصب في مصلحة الاستثمار لا الجودة.
وقد دفع تدني جودة التعليم وغياب الرعاية والاهتمام بالمبدعين والمتفوقين من #الدولة، إضافة إلى عدم توفر فرص عمل للخريجين، دفع العديد من الطلاب إلى الهجرة إلى الدول الغربية، لطلب العلم أو للعمل بعد التخرج، وقد أظهرت بعض الدراسات التي قامت بها جامعة الدول العربية ومنظمة اليونيسكو والبنك الدولي أن العالم العربي يساهم في ثلث هِجرة الكفاءات من البلدان النامية، وأن 50% من الأطباء، و23%من المُهندسين، و15%من مجموع الكفاءات العربية المُتَخَرِجَة يهاجِرون متوجِهين إلى أوروبا والولايات المُتحِدة وكندا، وذكرت تقارير أن 54% من الطلاب العرب، الذين يدرسون في الخارج، لا يعودون إلى بلدانهم، وتأتي مصر في مقدمة الدول المصدرة للعقول إلى الخارج خاصة كندا والولايات المتحدة وألمانيا، وطبقا لبيانات اتحاد المصريين بالخارج، فإن تعداد علماء وأكاديميي مصر المقيمين بالخارج، يبلغ حوالي 86 ألف عالم وأكاديمي، منهم 1883 في تخصصات نووية نادرة، كما يضمون 42 رئيس جامعة حول العالم.
ومن مشاكل التعليم في العالم العربي والتي أثرت على جودته أيضاً تعيين معلمين غير مؤهلين وليس لديهم كفاءة لتدريس الطلبة ولا سيما في الصفوف الدنيا التي يتعلم فيها الطالب المهارات الأساسية من قراءة وكتابة وحساب، أو يتم إجبار معلمين على تدريس مواد غير تخصصهم الجامعي، ففي تقريرها السنوي حول التعليم لعام 2014 قالت اليونسكو إن 43 % من الأطفال في الدول العربية يفتقرون إلى المبادئ الأساسية للتعليم بسبب تردي قدرات المعلمين وافتقارهم للتدريب المناسب لأداء وظيفتهم. ومن جانب آخر فإن المعلم العربي مثقل بتكاليف الحياة التي لا يعينه ما يتقاضاه من راتب على أدائها، حتى إن بعض المعلمين اضطر لممارسة عمل إضافي لا يتناسب ومهنته لسد هذه التكاليف، كما أنه مثقل بجداول التدريس المزدحمة وبمطالب الوزارة التي لا تنتهي من خطط ووسائل ونشاطات وعدم توفر الإمكانات والوسائل التي تعينه على أداء وظيفته، أضف إلى ذلك قلة الاحترام وتراجع مكانة المعلم مما أثر على أدائه وإنتاجيته كما يرى الباحثون.
ولا يمكننا الحديث عن التعليم في العالم العربي دون الحديث عن المدارس وضعف بنيتها التحتية، حيث لا يتوفر في بعض المناطق عدد كاف من المدارس مما يجعل المدارس تداوم فترتين صباحية ومسائية، فمثلاً 80 % من إجمالي المدارس في قطاع غزة تداوم على فترتين حسبما أوضح د. علي خليفة مدير عام الإدارة العامة للتعليم، إضافة إلى مشكلة عدم توفر مدارس، فإن بعض المدارس تفتقر للغرف الصفية الكافية، مما نتج عنه اكتظاظ الصفوف الدراسية مما أثر على فهم الطلبة واستيعابهم للمواد الدراسية بسبب الفوضى وكبر العدد، كما أن ذلك أثر على أداء المعلم، فعلى سبيل المثال وصل تعداد التلاميذ في الصف الواحد في بعض المدارس المصرية إلى 120 طالباً وفق ما نشره موقع بي بي سي، وفي غالبية المدارس اليمنية، يحتضن الصف الدراسي الواحد من 90 إلى 120 طالبا، ووصل العدد إلى 50 طالباً في بعض مدارس الأردن ولا سيما في العقبة. والنقص ليس فقط في الغرف الصفية بل أيضاً في المرافق التابعة للمدرسة من ساحات ومكتبات ومختبرات العلوم والحاسوب، وتعاني بعض المدارس من عدم توفر مستويات معقولة من النظافة والتدفئة والتبريد والتهوية وكذلك عدم توفر عدد كاف من الوحدات الصحية ودورات المياه. بل الأدهى والأمر أن تكون بنية هذه المدارس متآكلة وأن تتسرب منها المياه في الشتاء إلى الصفوف، وذلك كما حصل في عدد من المدارس الابتدائية والإعدادية في ولاية المستنير في تونس خلال شهر كانون الأول/ديسمبر لعام 2016، حيث تعطلت الدراسة تماما بالمدرسة الإعدادية "الامتياز" بسبب وجود بركة مياه أمام المدرسة فلم يتمكن التلاميذ من الدخول. كما تعطلت الدروس بـ"المدرسة الابتدائية طريق القيروان" حيث غمرت مياه الأمطار 6 قاعات وتسربت المياه أيضا من سقف قاعتين. وأضاف المندوب أن الدروس تعطلت بالمدرسة الإعدادية "سالم بشير" بعد أن تسربت المياه إلى عدة قاعات.
ويعد التسرب من المدارس أحد المشاكل التي يعاني منها التعليم في العالم العربي، فحسب إحصائية أصدرتها الأمم المتحدة عام 2015، فإن حوالي 21 مليون طفل في العالم العربي تسربوا من التعليم أو يواجهون خطر التسرب من التعليم، ولهذا التسرب أسباب عدة من أهمها تدني التحصيل الدراسي للطلبة وصعوبات التعلم، وكذلك العامل الاقتصادي واضطرار هؤلاء الطلاب لترك المدرسة للعمل ومساعدة أهلهم في توفير متطلبات الحياة خاصة إذا توفي الوالد أو كان مريضاً غير قادر على العمل.
ومن المشاكل الرئيسية أيضاً والتي يعاني منها التعليم في العالم العربي الأمية، فوفقا لتقديرات صادرة عن اليونسكو فإن واحداً من كل خمسة بالغين يعاني من الأمية في العالم العربي، وحسب التقرير فإن موريتانيا فيها النسبة الأعلى من الأمية في العالم العربي، وفي المغرب لا يزال 10 ملايين شخص يعانون من آفة الأمية. ويشير آخر إحصاء للسكان إلى أن عدد سكان المغرب يقارب 34 مليونا، ما يعني أن قرابة ثلث السكان أميون. وتعاني نصف المغربيات فوق سن 15 سنة من الأمية. أما في مصر، فربع السكان البالغين يعانون من الأمية. كما أكدت المنظمة في تقرير لها أن نحو 43% من الأطفال في الدول العربية يفتقرون إلى المبادئ الأساسية للتعليم. ووفقا للتقرير، فإن طفلا من بين كل أربعة أطفال في الدول الفقيرة، وبينها دول عربية، لا يستطيع قراءة جملة واحدة.
كانت هذه صورة مختصرة عن حال التعليم في العالم العربي، وكانت هذه أبرز ما يعانيه من مشاكل، إضافة إلى مشاكل أخرى ناتجة عن خصوصية كل بلد، كتدمير المدارس واستهداف المعلمين والطلبة وتهجيرهم من بلادهم في البلاد التي تشهد حروباً وصراعات كسوريا والعراق واليمن، وكالصعوبات التي يواجهها الطلاب والمعلمون في فلسطين في سبيل الوصول إلى المدارس نتيجة الحواجز التي يضعها كيان يهود، وغيرها من المشاكل التي لا يتسع المقام لذكرها.
ويبقى السؤال: ما هو السبيل لتحسين هذا الحال والنهوض بالتعليم في العالم العربي؟!
يدعو البعض إلى استيراد نماذج تعليمية رائدة عالمياً وتطبيقها في بلادنا للنهوض بالتعليم، وقد بدأت بعض مدارس الإمارات تطبيق النموذج الفنلندي، كما سعت مصر لتطبيق النموذج السنغافوري تارة ثم عادت ووقعت اتفاقيات لتطبيق النموذج الياباني في مدارسها، ولكن هذا الخيار لم يكن ناجحاً، إذ كيف لنا أن نأتي بنبتة من موطنها الأصلي ونزرعها في موطن آخر لا تتوفر فيه ظروف مناسبة لها ونتوقع منها أن تنمو وتعيش؟! فسياسة التعليم والمناهج الدراسية في هذه البلاد نابعة من المبدأ الذي تحمله، وكذلك هيكلية نظام التعليم والنجاح والرسوب وطريقة التدريس المتبعة عندهم تختلف عما هو معمول به عندنا، وأبسط العوامل التي تؤدي إلى فشل تطبيق هذه التجربة، هو أن هذه الدول تجعل التعليم من أولوياتها وتقوم برعاية المتعلمين، وتوفر البنية التحتية والمقومات اللازمة لنجاح العملية التعليمية، وهو أمر نفتقده في بلادنا، حيث تدفع هذه الدول للمعلمين رواتب مجزية تكفيهم مؤونة الحياة وتجعلهم يتفرغون للتدريس ويبدعون فيه، وتعقد دورات تأهيلية منتظمة للمعلمين لتجديد مؤهلاتهم وتطوير قدراتهم المهنية، كما توفر بنية تحتية مساعدة ومحفزة للمعلم والمتعلم من حيث المباني والمرافق التابعة لها من المختبرات والمكتبات وتوفر الأدوات والوسائل التكنولوجية اللازمة من حواسيب وألواح ذكية وشاشات عرض حتى إن اليابان أدخلت الروبوت إلى مدارسها.
إن تغيير الصورة القاتمة للتعليم في العالم العربي والنهوض به وتحسين جودته عالمياً، يكون من خلال سياسة تعليمية ناجعة تليق بأبناء الأمة بصفتها أمة إسلامية، سياسة لا تنظر للمؤسسات التعليمية على اعتبار أنها مؤسسات ربحية تدر مالاً على الدولة، بل تنظر لها على أنها مؤسسات مهمتها صناعة الأجيال وصياغة الأفكار. وهذا لن يتحقق إلا إذا توفر القرار السياسي الصحيح من دولة مبدئية ترعى شؤون الرعية في جميع شؤون الحياة وليس فقط في قطاع التعليم، وهذه الدولة هي دولة#الخلافة_الراشدة على منهاج النبوة القادمة قريباً بعون الله.
أختكم براءة مناصرة
فخ #العولمة خلف رواية #الجامعة ذات الطراز العالمي (مترجم)
#المقدمة
أي طالب مسلم ذاك الذي لا يرغب في الدراسة في إحدى الجامعات العالمية؟ وأي محاضر مسلم ذاك الذي لا يطمح في أن يكون في بيئة أكاديمية من الطراز العالمي؟ نعم، أصبح شعار "جامعة عالمية" أو "جامعة بحثية" يسمع بشكل متزايد خلال العقد الماضي. كل جامعة في أي مكان في العالم تطمح في أن تصبح في نهاية المطاف من بين إحدى الجامعات العديدة المصنفة عالميا.
لكن حال #التعليم العالي في العالم الإسلامي مأساوي للغاية. وفي مقال لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا باكستان (شباط 2016)، كان عنوانه العصر المظلم في العالم الإسلامي كشف حقيقة أن 1.6 مليار مسلم لا يساهمون إلا في قدر قليل من المعرفة على مستوى العالم. فالمسلمون على ما يبدو - والذين يشكلون غالبية 57 دولة ويتواجدون تقريبا في كل دولة في العالم - لم يحصدوا إلا ثلاث جوائز نوبل في تاريخ هذه الجائزة القيمة. وعدد من الجامعات التي تمثل دولها عضوا في منظمة المؤتمر الإسلامي كانت في المرتبة الـ500 في التصنيف العالمي أو أفضل من ذلك بقليل.
كل الجامعات في #العالم الإسلامي تقريبا لا تحصل على رتب عالية في نظم تصنيف الجامعات العالمية على اختلاف أنواعها. وفي نشرة 2014 -15 لتصنيف الجامعات العالمي QSS، لم تكن هنالك أية جامعة إسلامية ضمن أعلى 100 جامعة، وبين الـ400 الأعلى رتبة لم تكن هناك إلا 17 جامعة (11 منها كانت بين أعلى 300 و400). وبالمثل، ففي النتائج الأخيرة لعام 2016 لترتيب الجامعات على مستوى العالم للتايمز للتعليم العالمي فقد ظهر بأن عشراً فقط من جامعات العالم الإسلامي كانت من بين أعلى 400 جامعة في العالم (خمسة منها من بين أعلى 300 و400). وكنتيجة لذلك، فقد تعالت الأصوات المنادية برفع رتبة الجامعات في العالم الإسلامي لتصبح ضمن الجامعات "ذات الطراز العالمي".
هذه المادة ستشرح هذه القضية من جانبين اثنين.
الأول محاولة كشف ما وراء رواية الجامعة من الطراز العالمي، والثاني سنناقش فيه كيف تصوغ سياسة التعليم في الإسلام تعليما على مستوى عالمي تحت مظلة الخلافة.
فخ رواية العولمة
النقاشات التي تدور غالبا حول أن تكون الجامعة من الطراز العالمي تظهر بأن هذا النوع من الجامعات هو الذي يمكن أن يتنافس مع الجامعات من المستوى العالمي وأن تنتج خريجين يمكنهم منافسة أولئك من الجامعات العالمية. وتعطَى هذه النقاشات زخما نتيجة التأثير الكبير للعولمة في جوانب مختلفة من حياة الإنسان. أولا، العولمة في المجال الاقتصادي وذلك من خلال تطبيق اقتصاد السوق الحرة. ثانيا، تتجلى العولمة في الجانب الثقافي وذلك عبر تدفق الثقافة الغربية إلى العالم الإسلامي. ثالثا، العولمة في سوق العمل هي نتيجة سياسة اقتصاد السوق الحرة. ورابعا العولمة في حقل التعليم تحصل من خلال إنشاء مؤسسات تعليمية في جميع أنحاء البلدان النامية وكذلك عبر المنح الدراسية بين الدول.
أشعرت العولمة أيضا البلدان النامية بالحاجة إلى الارتفاع بمستوى مؤسساتهم لتتماشى مع مثيلاتها في البلدان المتقدمة، وذلك باعتماد برامج مثل مؤشر التنمية البشرية (HDI)، والبرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA)، وغيرها من البرامج. هنا بذرت قيم المنافسة وها هي تزدهر الآن خاصة عندما تتغذى هذه البذار على الدونية التي تشعر بها البلدان النامية التي تخلفت عن الركب. وفي المرحلة الابتدائية والثانوية من التعليم، أدت هذه المخاوف إلى فكرة مقاييس المدرسة الدولية، وذلك من أجل إعداد الطلبة للمنافسة على المستوى العالمي.
ومع ذلك فقد انتقد إيدي سبهان وبقوة واضعي السياسات التعليمية في إندونيسيا ووصفها بأنها تخدم فكرة الجامعة العالمية إلا أنها في الوقت ذاته ليست قادرة على أن تنقل بوضوح تعاريف ومفاهيم جامعة عالمية، إلا من خلال التوجه المستمر نحو مفهوم التقييم والاعتراف بما يتماشى مع المقاييس الدولية. ولذلك فمن الواضح بأن الحكومات في البلاد الإسلامية تردد فقط هذا المفهوم دون وجود أساس أيديولوجي واضح، كما أنها تتبع هذه الرواية المقلدة التي ليس بالضرورة أن تكون متماشية مع هوية البلاد.
من الناحية الأيديولوجية، يظهر تيار عولمة الجامعات أيضا تفاهة رواية العولمة والحداثة الكبيرة هذه، حيث تتبنى المطالبة بالـ"حداثة" الانفتاح والتسامح، بينما ومن ناحية أخرى هناك جهود كبيرة تبذل في سبيل فرض معيار ثقافي واحد. سمى ذلك هيربيرت ماركوس بظاهرة "الإنسان ذي البعد الواحد"، ويعني بذلك ممارسة قيادة المجتمع نحو نظام موحد أي النظام الرأسمالي، عبر التعليم، والإعلام ...إلخ.
صناعة الرأسمالية - العالمية في مقابل راجع الصناعة في العالم الإسلامي.
إن تعليما عالي المستوى هو في القمة الأوثق صلة مع العالم الصناعي. ولذلك، فإن إنتاجية البحوث دائما ما تتلقى تحفيزا تقف وراءه الحاجات الصناعية التي تتطلب ابتكارا كبيرا. وبالتالي، فمن المنطقي أن تجد الجامعات في العالم الإسلامي صعوبة في مزاحمة أعلى 100 جامعة في ترتيب تصنيف الجامعات في العالم حيث إن جميع البلاد الإسلامية تقريبا تعاني وعلى نطاق واسع من انعدام التصنيع، بينما يسير الغرب في طور التصنيع منذ أكثر من 150 عاما. في حين إن واحدا من متطلبات الدولة لتكون السباقة في العلوم والتكنولوجيا، هو ما إذا كانت قادرة على إجراء البحوث المؤدية إلى حل المشاكل التي تواجهها الدولة، فضلا عن كونها قادرة على تشكيل نظام صناعي لتنفيذ ما نتج عن هذه البحوث على أرض الواقع.
ومن ناحية أخرى، فإن تيار الجامعة العالمية على مدى العقد الماضي حافظ على استمرارية واقع انعدام التصنيع في العالم الإسلامي وذلك من خلال توجيه البحوث الداخلية كي لا تخدم إلا احتياجات صناعة الرأسمالية العالمية، وليس الصناعات الوطنية داخل بلادهم. وقد تفاقم هذا الوضع بما يملكه حكام المسلمين من سياسات رديئة. فعلى سبيل المثال، لم تطور الدول العربية مطلقا القطاع الصناعي على الرغم من قطاع البترول، وذلك بسبب ما تدعيه شركات النفط الغربية التي ترغب في السيطرة على تكرير النفط الخام.
إن منطق #الرأسمالية موجود وبقوة في العديد من مؤشرات الجامعة العالمية. ويمكن رؤيته عبر المؤشرات، على سبيل المثال، وذلك مثل دخل البحوث من الصناعة (لكل أعضاء هيئة التدريس، 2.5%)، دخل البحوث المحلي/دخل البحوث العام (0.75%)، دخل البحوث (المقياس النسبي) (5.25%). وهنا، يكون الحرم الجامعي كالشركة التي تسعى لجني الأرباح عبر النشاطات الفكرية، وبخاصة البحوث، وفي سبيل العالم الصناعي العالمي فإنها مستعدة لخنق سلطة الدولة إذا لزم الأمر. وعلاوة على ذلك، فإن قواعد الحكم على الويبومتريك في وضوح شبكة الإنترنت في الحرم الجامعي تقوم على أساس "سوق عالمي جديد" متعلق بالمعلومات الأكاديمية، وتعتبر شبكة الإنترنت وسيلة مهمة جدا كوسيلة لعولمة الحرم الجامعي.
وهذا يتماشى مع الرغبة في جعل التعليم العالي سلعة والذي ابتكرته منظمة التجارة العالمية من خلال جعل التعليم ضمن ما يسمى صناعة قطاع التعليم العالي وذلك من خلال اتفاقية (جاتس) الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات التي تنظم تحرير التجارة لـ12 قطاعاً خدماتياً، مثل الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وخدمات المحاسبة، والتعليم العالي والتعليم مدى الحياة، وخدمات أخرى. وقد جعلت مظلة اتفاقية الجاتس/منظمة التجارة العالمية GATS/WTO الذي تمت المصادقة عليه عام 1995 في مراكش، جعلت من التعليم سلعة، وما يدعو أكثر للقلق هو أن الحكومة أخذت بهذه الاتفاقية بمحض إرادتها، دون الالتفات إلى القدرة المحلية أو المبادئ التربوية في دستورنا.
وبسبب ضغط منظمة التجارة العالمية للمصادقة على اتفاقية الجاتس، أصدرت الحكومة الإندونيسية مرسوما رئاسيا رقم 111/2007 بشأن مجالات الأعمال التجارية المفتوحة والمغلقة أمام متطلبات قطاع الاستثمار. الأستاذ سفيان أفندي تأسف بشدة لإصدار هذا القانون كونه جعل التعليم واحدا من المجالات المفتوحة أمام الاستثمار الأجنبي، ومع وجود الحد الأقصى من المشاركة برأس المال بنسبة 49%. هذا كان الفخ الأول، وهو هيمنة قوة أجنبية على النظام التعليمي في العالم الإسلامي.
ومن ناحية الاستقلال، فمن الواضح للعيان بأن الأنظمة في العالم الإسلامي لديها مستوى عال من التبعية وانعدام الرؤية الأصيلة للمضي قدما في تعليم حضارتهم الخاصة. وعندما تسعى الحكومات في العالم الإسلامي إلى جعل جامعاتها من الطراز العالمي وذلك من خلال موافقتها للمواصفات المطلوبة - سواء في تصنيف الجامعات العالمي QS، أو الويبومتريك، أو تصنيف جامعة شانغهاي جياو تونغ، أو غيرها من التصنيفات - فإن هذا يعني إخضاع نظام التعليم في العالم الإسلامي لإملاءات شركات النشر، والمؤسسات البحثية والجامعات الأجنبية. ومن الواضح جدا الآن بأن الجامعة ذات الطراز العالمي ليست سوى رواية عولمة رخيصة تحاول ببساطة خداع العالم الإسلامي وإخضاع نظامنا التعليمي.
استمالة الموارد البشرية المتميزة للأمة
عندما تفقد الدولة سيطرتها على اتجاه نظام البحث والتعليم، ولا تمتلك أيضا نظاما صناعيا محليا مستقلا، فإن هذا يؤدي إلى فقدان الدولة سيطرتها على مواردها البشرية. هناك قصص عديدة عن بلاد إسلامية فقدت القدرة على وقف هجرة العقول إلى بلدان متقدمة. وفي السنوات الخمسين الماضية، هاجر عدد كبير من المثقفين من العالم الإسلامي إلى البلدان الصناعية. وقدرت إحدى الدراسات بأن الرقم يقارب الـ 500 ألف. وهذا الرقم يمثل العدد من العالم العربي، الذي يغطي ثلث الهجرة المهنية بكاملها. أحد خيرة أبناء وبنات إندونيسيا: خويرل أنور، ولد في كديري، شرق جافا. وهو يعمل الآن في معهد نارا للعلوم والتكنولوجيا في اليابان وهو خبير في الاتصالات السلكية واللاسلكية وصاحب براءة اختراع G4 في أنظمة الاتصالات التي تقوم على ترميز تقسيم التردد المتعامد OFDM)). أندريفو رشدي (33 عاما) ونيلسون تانسو، كلاهما خبيران في تكنولوجيا النانو. حاليا أندريفو محاضر في جامعة سنغافورة الوطنية، في حين إن نيلسون تانسو محاضر في جامعة ليهاي في الولايات المتحدة الأمريكية.
هذه الاستمالة للموارد البشرية المميزة للأمة الإسلامية أصبحت في نهاية المطاف أمرا سهلا جدا بسبب غياب الرؤية السياسية في بلدان العالم الإسلامي فيما يتعلق بالعلم والتكنولوجيا. وعلاوة على ذلك، فإذا ما جعل التعليم سوقا مفتوحة كأي عمل تجاري أمام رأس المال الأجنبي، ومن ثم يصبح احتواء الموارد البشرية من قبل الأجانب أمرا سهلا للغاية وذلك عبر تغريب قلوب وعقول الشباب، وتقديم وعود بتأمين مستقبل أفضل لأبحاثهم، وكذلك "بيع" الأيديولوجية العلمانية والقيم التي تبدو متناغمة مع التقدم والازدهار.
النقد من وجهة نظر الإسلام:
العامل الأول لفشل الفكر الأساسي للأيديولوجية الرأسمالية هو جعلها المعرفة سلعة. والنتيجة هي براغماتية تتنامى في مجال التعليم. وينعكس هذا الهدف من التعليم، الذي جعل الجانب المادي في درجة أعلى من هدف تطوير المعرفة وتحسين النوعية الذاتية. وإذا ما نظرنا بعناية، سواء أكان ذلك بوعي أم بدونه، فإن التعليم الذي يحمل على مستوى عال يظهر بوضوح التوجه ناحية النفعية، بل إن هذا هو الأكثر وضوحا في مجال التعليم العالي. وفي الواقع، فإن الكثير من الجامعات الكبرى تدعي بلا خجل بأنها جامعات تجارية.
يرفض الإسلام وبشدة هذا الأمر، ففي الإسلام للمعرفة مكانة سامية جدا. وإن جعل التعليم والمعرفة سلعة هو انتقاص وإهانة للمعرفة. وقد حذرنا الإمام الغزالي في لغة واضحة في مقدمة كتابه "بداية النهاية" فقال: "اعلم أيها الحريص المقبل على اقتباس العلم، المظهر من نفسه صدق الرغبة، وفرط التعطش إليه، أنك إن كنت تقصد بالعلم المنافسة، والمباهاة، والتقدم على الأقران، واستمالة وجوه الناس إليك، وجمع حطام الدنيا، فأنت ساع في هدم دينك، وإهلاك نفسك، وبيع آخرتك بدنياك".
بالنسبة للإمام الغزالي، تعد المعرفة أمرا ثمينا جدا، وبالتالي فإنه أمر وضيع جدا أن تصرف المعرفة نحو الأمور الدنيوية. لا بد أن تُجعل المعرفة مسخرة لمعرفة الله تعالى والسعي لرضوانه. ومن سعى للمعرفة بهذه النوايا السامية كما قال، ".. فإن الملائكة تبسط لك أجنحتها إذا مشيت، وحيتان البحر تستغفر لك إذا سعيت. ولكن ينبغي لك أن تعلم، قبل كل شيء، أن الهداية التي هي ثمرة العلم لها بداية".
أما العامل الثاني لفشل الفكر الأساسي للرأسمالية فهو موقف الدولة الذي لا تتدخل فيه فيما يتعلق بإدارة المؤسسات التعليمية، وتطوير المعرفة، وبناء نظام صناعي متين. فالدولة في نظر الإسلام، لها دور مركزي في بناء العلاقة بين نظام التعليم وتوجهات البحوث الوطنية والاحتياجات الصناعية. وهذا الدور يُبنى في إطار الدولة باعتبارها خادمة للأمة. وهذا لأن قيادة الدولة تلزمها برعاية شؤون الناس الذين يقعون تحت مسؤوليتها. يقول رسول الله ﷺ واصفا الإمام بالراعي: «الإِمَامُ رَاعٍ وَ مَسْؤُوْلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» (رواه البخاري وأحمد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه).
وبالتالي، فمن الواجب على الدولة توفير نظام تعليمي عالي الجودة فيه مرافق ملائمة ورواتب كافية لكل من يعمل في هذا النظام، وذلك من خلال توفير دعم لجعل الرسوم في متناول الناس. ولذلك، فإن الإسلام يحرم رفع يد الدولة عن التدخل في هذه الشؤون، ناهيك عن السماح للرساميل الأجنبية بالاستثمار في التعليم عندنا.
إعادة العصر الذهبي للإسلام
في القرن الواحد والعشرين، غالبية الجامعات العالمية التي حازت على أعلى 100 أو 500 رتبة في العالم كانت من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وأستراليا. وقلة قليلة أخرى كانت من سنغافورة والصين وكوريا والهند أو ماليزيا.
ماذا لو كان هذا التصنيف قبل ألف سنة من الآن؟
إذن لن يكون هناك شك بأن أفضل الجامعات في العالم ستكون في زنجبار وبغداد والكوفة وأصفهان وقرطبة والإسكندرية والقاهرة ودمشق ومدن كبيرة أخرى في بلاد الإسلام. الجامعات خارج رقعة الدولة الإسلامية كانت في معظمها موجودة في القسطنطينية التي كانت لا تزال عاصمة روما البيزنطية، أو في كايفينغ عاصمة الصين في ذلك الوقت أو في نالاندا في الهند. وبعيدا عن هذه المذكورة لم تكن هناك جامعات أخرى خلال ألف سنة مضت، ناهيك عن الولايات المتحدة، التي اكتشفت قارتها حديثا عام 1492م.
تخيل دولة فيها نسبة الأمية 95%! هذا فظيع. لكن هذا ما كانت عليه أوروبا ما بين القرن التاسع والثاني عشر الميلادي. حتى قيل بأن الإمبراطور كارل في آخين، كان يحاول تعلم تلك "المهارة الصعبة والنادرة" في شيخوخته. وفي الأديرة كان هناك عدد من القساوسة القادرين على القراءة. كانت هذه الفجوة بين الشرق والغرب. وفي الكتاب المقدس للنصارى، لم يكن أحد يستطيع قراءة وفهم الكتاب المقدس إلا القس. وهذا الحال، الذي عرف بعصر الظلمات في أوروبا (العصور الوسطى المظلمة) هو ما تسبب بحسب العديد من المؤرخين في الثورة العلمية لعصر النهضة (التنوير).
وفي الوقت ذاته، كان ملايين الأطفال في المناطق الريفية والحضرية في دولة الخلافة يجلسون على السجادة وهم يتعلمون نطق أحرف القرآن، والكتابة، وحفظ الحروف، ويبدأون بتعلم أساسيات اللغة العربية (النحو والصرف). كانت الرغبة في أن تكون مسلما صالحا هي بداية كل علم، لأن الواجب على كل مسلم أن يكون قادرا على قراءة القرآن.
في الواقع، فإنه ولفترة طويلة من الحضارة الغربية جعلت هذه الحضارة المعرفة خاصة بطائفة معينة فحسب. وليس بعيدا عن تاريخها القديم، فقد جعلت الحضارة الغربية الحديثة المعرفة، وخاصة في مجال التعليم العالي، حكرا على جماعة معينة فحسب يتمتعون بها. وفي المقابل، فإن في الإسلام طريقة فريدة من نوعها لتقدير المعرفة. فالإسلام يحترم المعرفة، وليس ذلك عبر "جعلها مثمنة" كما تفعل الرأسمالية، ولكنه يمجد العلم باعتباره توأم الإيمان، يشاركه في الهدف النبيل المتمثل في تشكيل شخصية الإنسان وجعلها نزيهة نبيلة. ونتيجة لذلك، فليس هناك أية أفضلية لأمة الإسلام في طلب العلم، فالجميع لديه الالتزام ذاته في السعي للمعرفة. والفرق هو في التقوى فحسب.
إن لدى الأيديولوجية الإسلامية مفهوما واضحا شاملا للنظام الذي يشمل مجالات الحياة كلها، ولا بد من تطبيقه كاملا في ظل #دولة_الخلافة. إن الأيديولوجية الإسلامية تنظم الإدارة الصحيحة للموارد الطبيعية في سبيل جعل ثروة الدولة وفيرة، ما سيمكنها من خلق رخاء للمجتمع بأسره، فضلا عن عدم التسبب في أي ضرر. ومن هذه الثروة الوفيرة، ستمول الدولة المشاريع البحثية المختلفة فضلا عن توفير أفضل التسهيلات، وستظهر احتراما كبيرا للمثقفين، ما سيدفعهم لتقديم أفضل ما يستطيعونه. وبذلك ستحل مشاكل الأمة وستحصل على استقلاليتها. ولذلك، وعودا على مصطلح "جامعة من الطراز العالمي"، فإننا بطبيعة الحال، ليس علينا أن ننسجم والمعايير المحددة التي وضعها الغرب. فالإسلام بطبيعة الحال يملك معاييره الخاصة، قائمة على نوعية الشخصيات التي لا بد وأن تبنيها الجامعة، ومعايير الجامعة من الطراز العالمي. وهذا ما أشار إليه العلماء بقولهم: "تقدمت المجتمعات الغربية عندما تخلت عن دينها، في حين لن يتقدم المسلمون إلا إذا درسوا دينهم".
...يتبع الجزء 2
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هل #التعليم تجارة؟
#الخبر:
ذكرت الجريدة البريطانية المشهورة #التلغراف، الثلاثاء 21 شباط/فبراير خبراً بعنوان: "أول مدرسة برسوم دراسية مخفضة في بريطانيا، ستكلف الأهالي فقط 52 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع". وجاء فيه: "أول مدرسة برسوم دراسية مخفضة ستفتح أبوابها في أيلول/سبتمبر القادم، وحسب مدير المشروع فلا ينبغي للأهالي توقع أي امتيازات".
#التعليق:
حسب موقع التلغراف فإن متوسط الرسوم #الدراسية في #المدارس الخاصة يصل إلى 13 ألف جنيه إسترليني سنوياً ويرتفع في المدارس الداخلية ليصل إلى 300 ألفاً. صاحب هذا المشروع يقول بالمناسبة: "#المدرسة لن تكون للفقراء فقط بل لكل من يرى أن تكلفة التعليم الخاص مرتفعة". حيث تكلف المدرسةُ أولياءَ أمور الطلبة 277 ألف جنيه إسترليني سنوياً.
يُذكر أن مؤسس المشروع هو بروفيسور في مجال سياسات التعليم، وله عدة مؤسسات لتوفير "التعليم الخاص" للفقراء في الهند وإفريقيا والصين. وألَّف كتاباً انتقد فيه تدخل الدولة في قطاع التعليم حيث يقول: "الأمية الوظيفية وجنوح الأحداث وعدم الابتكار التقني كلها تشير إلى فشل التعليم الحكومي، فلماذا تشارك الحكومة في التعليم؟"
#النظام_الغربي القائم على فصل الدين عن الحياة، هو نظام مصلحةٍ بامتياز. فالنظرة الماديَّة تسيطر على كل النظام بدءاً بالحكومة التي تحوَّلت من مؤسسة رعوية للأمة الناخبة إلى مؤسسةِ رئاسة تسطر السياسات التي توافق مصالح النخبة الحاكمة؛ إلى الجمعيات والمؤسسات الخيرية والأفراد والعامة. وجميع المعالجات في هذا المبدأ منبثقة بطبيعة الحال عن النظرة #النفعية. فالدولةُ لا تنظر لرعاياها إلا كمصدرِ دخلٍ، ومجموع أفراد يؤثر كلٌّ منهم في الناتج القوميِّ. وصارت قيمة الإنسان هي ما يُنتج فهو ثمنه. ومع إقصاء الدين عن الحياة وسيادة مفهوم "الغاية تبرر الوسيلة" مع عدم تحديد هذه الغاية أصلاً بمقياس وعدم تقييدها بأي ضابط صارت المجتمعات تنطق بأن البقاء للأقوى.
هذه النظرة التي شجَّعت الطامعين والرأسماليين على استغلال غيرهم، وانتهاك كل فضيلة وخلق لأجل تحقيق المصالح الذاتية وتحقيق أكبر قدرٍ من المتع الجسدية، زادت حدة #الفقر وعدد الفقراء، وحرمت الكثيرين من حقوق الإنسان التي تتشدق بها المؤسسات الدولية التي أوجدها الأغنياء لإقناع #الفقراء أن هناك من يعمل لأجلهم.
التعليم لم يكن بعيداً عن هذه النظرة. فالدولة لا تنظر لنفسها كمسؤول عن رعايا يجب عليها تقديم كل ما يلزمهم لحياةٍ كريمة ودون مقابل، بل هي ترى فيهم مستهلكين وسوقاً استثماريةً يجب استغلالها جيداً. القانون الذي يلزمها بتوفير التعليم والمسكن والمأكل لا يرى غضاضة في أن تأخذ ثمناً لهذه الخدمات الأساسية على شكل ضرائب أو رسوم تزيدهم فقراً على فقرهم. ولا أن تقدم لهم أقل من الحد الأدنى ليستطيعوا الحياةَ بشكل كريم. ففي كل أنحاء العالم يُعرف عن التعليم الحكومي أنه ذا مستوىً أدنى من التعليم الخاص، ويفتقر للمعايير الدولية التي مرةً أخرى تضعها المؤسسات الدولية التي أوجدتها #النخب #الرأسمالية الحاكمة!
صار التعليم سوقاً للاستثمار من قبل رجال الأعمال يزايدون فيه على حسب ثرواتهم ومقدار الربح الذي يكتفون به من العامة. بينما الدولة قد رفعت يدها عن التعليم بشكل غير مباشر لتريح نفسها من العبء الاقتصادي الثقيل الذي يتطلبه المستوى المطلوب من التعليم. فإهمال الدولة دفع الشعوب للمطالبة بتعليم أفضل لأبنائها، فكانت الفرصة السانحة لرجال الأعمال لتقديم النوعية المطلوبة من التعليم بالمعايير العالية التي تضمن جودة التعليم وتوفير كل المستلزمات من غرف صفية مكيَّفة ومختبرات وغيرها، وظروف دراسةٍ آمنة، لكن بأضعاف أضعاف الرسوم الدراسية في التعليم الحكومي، فالمهم في القطاع الخاص هو الربح. ووقع أولياء الأمور الساعون لتعليم أبنائهم لأجل مستقبل أفضل، وقعوا بين سندان الفقر ومطرقة جودة التعليم.
وجود مثل هذه المدرسة كأول مدرسة تخفض الرسوم، ليس امتيازاً حقاً، إلا في نظر شعبٍ اعتاد على دفع الكثير وخفف له مقدار الضريبة. فالأصل أن تقوم الدولة بتوفير التعليم بالمجان بمستوى يلائم تقديرها للعلم والعلماء. أما الدول الرأسمالية التي صدَّعت رؤوسنا بحقوق الإنسان ونشرت كل أذرعها الخبيثة في بلادنا لتدس سمومها بحجة تطوير التعليم، فلم تجد حرجاً في تقديم تعليم رديء لرعاياها، ثم تلاحق شركات القطاع الخاص التي قدَّمت نوعية تعليم أفضل لتأخذ منها #الضرائب!
فهل هذا هو أفضل ما يمكن للرأسمالية أن تجود به على البشرية؟ هل حقاً صار التعليم مرتبطاً كغيره بالسعر الذي يحدده رجال الأعمال؟
قد تكون هذه المدرسة ملائمة للفقراء أو محدودي الدخل ضمن الواقع الموجود أكثر من غيرها، لكن الفكرة كلها قائمة على مبدأ عقيم لا ينتج حلولاً بل يقدم المشكلة تلو الأخرى.
مرةً أخرى تثبت الوقائع فشل التشريع البشري والحاجة الملحة لنظام ربّاني عادل يُعطى فيه الجميع نفس الامتيازات ونفس المستوى من الخدمات. وتنطق الرأسمالية بعجزها ووحشيَّتها. وتبقى البشرية تنادي بحاجتها لنظام الإسلام ودولة الخلافة التي تطبقُّه على الوجه الأفضل. حيث تقدِّم الخلافةُ التعليم كأحد واجباتها للرعية دون مِنَّة ولا مقابل، وعلى الطراز الرفيع حيث تنبثق رؤيتها من تقدير الإسلام العظيم للعلم والعلماء وحثِّه على طلب العلم وجعله فريضةً. حيث سيتم توفير التعليم في دولة الخلافة في المرحلتين الابتدائية والثانوية بالمجان لجميع الطلاب، من الذكور والإناث، ودولة الخلافة تسعى إلى توفير المستوى الجامعي بالمجان أو بتكلفة منخفضة بحسب قدرة الدولة. وسيتم توفير التمويل لزيادة المرافق التعليمية مثل المختبرات والمكتبات ومراكز البحوث. وللحصول على تمويل التعليم، فإنّ الخلافة ستعيد من هيكلة إيرادات الدولة وفقا للأحكام الشريعة لتسريع التقدم العلمي، وسوف تدر عوائد ضخمة من الممتلكات العامة مثل الطاقة والشركات الحكومية مثل البناء على نطاق واسع وتصنيع الآلات، حيث تجمع الزكاة من عروض التجارة ورأس #المال والأراضي، وتنهي جميع أشكال الضرائب المهلكة مثل ضريبة الدخل وضريبة المبيعات التي خنقت النشاط الاقتصادي.
فأيُّ المبدأين أحقُّ بقيادة العالم؟ وأيُّ الفريقين أصدق في رعاية البشرية وتحقيق تطلعاتها؟
أختكم بيان جمال
إن #العلم بحر واسع وعميق المدى، مهما أبحر الإنسان وغاص في أعماقه فإنه لن يستطيع أن يدرك منه الكثير، فالإنسان مهما كانت مكانته العلمية فإنه لم يؤت من العلم إلاَّ القليل، لقوله تعالى ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾. لقد جعل الله التعليم من الأمور المطلوبة على كل إنسان، وجعل العلماء أفضل من الجهلاء، فالهدف الأسمى للتعليم هو الهدف الديني في المقام الأول، وكل ما عداه خادم وتابع لهذا العلم. إن المتعلم بأمور الدين والدنيا هو عكس الجاهل الذي يكون عرضة للأوهام والخرافات التي تحرفه عن أمور دينه، وأيضاً لا يحسن التصرف في أمور دنياه، فيكون تبعا للمتعلم وللعالم والمبدع، بينما يبقى هو في آخر الركب مقلداً غير نافع لنفسه ولا لغيره.
من هنا تأتي أهمية التعليم وضرورة الأخذ بنواصي العلوم و #المعرفة. فكما للتعليم وسائله وأساليبه للاكتساب والتحصيل وأيضاً لنشره بين أفراد المجتمع، وكما له نتائج عديدة كإضاءة طريق الأجيال ليروا العالم بعيون مستبصرة، فبسبب هذه الوسائل والنتائج أصبح من المهم أن تسعى الدول للحفاظ عليه وتأمينه لجميع أفراد المجتمع دون أي تمييز مناطقي (الريف- المدينة) أو جنسي (ذكر-أنثى)، وأهم شيء على الدولة تأمينه هو الأمن، فهو من أول مطالب الإنسان في حياته، حيث يُعتبر ضرورة لكل جهد بشري فردي أو جماعي، لتحقيق المصالح العامة للجميع، قال رسولنا الكريم «منْ أَصبح مِنكُمْ آمِناً في سِرْبِهِ، مُعَافَىً في جَسدِه، عِندهُ قُوتُ يَومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحذافِيرِها».
إن #الأمن نعمة من أجلّ نعم الله عز وجل على عباده، فهي مطلب كل #أمة وغاية كل دولة، فمن أجلها جُندت الجنود ورصدت الأموال وفي سبيل تحقيقها قامت الثورات والصراعات. وقد أشار القرآن الكريم إلى دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام لربه أن يرزق مكة الأمن والطمأنينة حين أودع فيها زوجه وفلذة كبده، فقال تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾. فقدّم عليه السلام نعمة الأمن على نعمة الطعام والغذاء، فما قيمة الغذاء إذا لم يتوفر الأمن؟ لو كان للغذاء دون الأمن قيمة كانت المساعدات الإنسانية التي يرسلها حكامنا لذر الرماد في عيوننا، كانت غيرت حال 2 مليون من أطفال #اليمن الذين يعانون من سوء التغذية، ولما كانت المجاعة قد لاحت بالأفق في جنوب#السودان، ولما دقت منظمة الفاو ناقوس الخطر إزاء سوء التغذية الذي يهدد أكثر من 16 مليون طفل دون سن الخامسة في دول غرب أفريقيا، فبغياب الأمن تغيب كل مقومات الحياة الكريمة.
وما قيمة التعليم أيضاً إذا غاب الأمن وامتزج الكتاب بالدم؟ هذا ما يحصل في معظم مناطق العالم الإسلامي، في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من البلاد الإسلامية حيث الصراعات والنزاعات المتأججة باستمرار. قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) "إن ما يُقدر بنحو 535 مليون طفل، أي ما يعادل واحداً من كل 4 أطفال في العالم يعيشون في مناطق متضررة من النزاعات أو الكوارث، ولا يستطيعون في كثير من الأحيان الحصول على الرعاية الصحية أو التعليم أو الغذاء أو الحماية مما يجعلهم عرضة للأمراض والعنف". وأضافت أن أكثر من 390 مليون طفل من المتضررين من تلك الأوضاع يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بينما يعاني نحو 65 مليون طفل من أزمات في #الشرق_الأوسط.
وبناء على هذه الإحصائيات الصادمة وبعد تعمق بدراسة أحوال هذه البلاد ومقدراتها، نرى بأن مجمل هؤلاء الأطفال يعيشون في مناطق النزاعات والصراعات التي تقع تحت سيطرة نفوذ الدول الكبرى المستعمرة، هذه الدول التي، وبحجة تحقيق أمنهم وأمن شعوبهم، تشن الحروب وتُحدث القلاقل والاضطرابات لتحقيق مصالحها المادية التي لا تقوم لها قائمة إلّا على حساب دماء الأبرياء واضطهادهم وتشريدهم، لأنها مصالح تقوم على مبدأ يخالف القيم الإنسانية بغايته الاستعمارية.
منذ سنوات والدول الكبرى قد أعلنت فتح جبهاتها العسكرية في العديد من بلاد المسلمين خاصة بعد ثورات الربيع العربي، وذلك لإعادة إحكام قبضتها من جديد على الأمة الإسلامية وإرادتها في التغيير. وما زالت رحى هذه الحروب تدور حاصدة البشر والحجر والشجر، وخاصة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، ففي تقرير لليونيسيف الأخير، أشار أن 2.4 مليون طفل في سوريا، و3 ملايين طفل في العراق ومليوني طفل في ليبيا، إضافة إلى 2.9 مليون في اليمن لا يرتادون المدارس.
وبحسب هذا التقرير فإن أكثر من 13 مليون طفل في منطقة الشرق الأوسط أي حوالي 40% من أطفال المنطقة لا يرتادون المدارس بسبب الصراعات المتأججة في بلادهم. هذا بالإضافة إلى أوضاع اللاجئين في دول الجوار التي لجأوا إليها بحثاً عما فقدوه في بلادهم من أمن وأمان وعيش كريم، والذي لم يجدوه بسبب غياب البنية التحتية لمختلف القطاعات في هذه الدول من اقتصادية واجتماعية وتعليمية، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمية وبالتالي انتشار الجهل والفقر والبطالة والعنف والاستغلال. فبحسب تقارير هيومن رايتس ووتش فإن 212 ألف طفل من سوريا من أصل 708 آلاف في عمر التعليم تسجلوا في مدارس تركية في العام الدراسي 2014-2015، بينما لجأ الكثير من الأطفال إلى التسول أو العمل بشكل غير شرعي بأجور زهيدة. وقد بلغ عدد الأطفال اللاجئين من سوريا والذين لم يرتادوا المدارس في دول الجوار بسبب عدم القدرة على تحمل عبء طلاب إضافيين، أكثر من 700 ألف طفل لاجئ.
إن عدم توفر الأمن وازدياد وتيرة القتل والاستهداف المتعمد للمدارس وبشكل متكرر يجعل من التعليم معضلة صعبة يصعب تحقيقه وتأمينه، فبحسب منظمة يونيسف فإن هناك نحو 8850 مدرسة في سوريا والعراق واليمن وليبيا قد دُمرت أو تضررت بحيث لا يمكن استخدامها لأنها إما تحولّت لمأوى للعائلات الهاربة والمشردة، وإما أنها احتلت من قبل أطراف النزاع. ولقد كشفت إحصائيات وزارة التعليم العراقية عن احتياج العراق لتأسيس حوالي 10 آلاف مدرسة لاستيعاب الزيادة المطّردة في عدد الطلاب. ووفق إحصائيات وزارة التعليم اللبنانية أيضاً فإن المدارس في لبنان هذا العام لم تستطع استيعاب أكثر من 200 ألف طفل لاجئ. وأما في ليبيا فالمدارس تعاني من الأعداد المتقاطرة من التلاميذ مما أدى إلى ازدحام الفصول الدراسية والتي قد تصل إلى خمسين تلميذاً وأكثر لعدم صيانة المدارس المتضررة جراء الحرب في مختلف المدن الليبية، ولتزايد حركة النزوح الداخلية، إذ قدّرت مفوضية #الأمم_المتحدة لشؤون اللاجئين أن هناك حوالي 218000 نازح داخلي في ليبيا.
لقد فقد الطلاب بمختلف فئاتهم العمرية فرصهم في التعليم بسبب النزاعات والحروب، والتي في ظل استمرارها نرى أن قطاع التعليم كما غيره من القطاعات يعاني الكثير من المشكلات والأزمات الكبيرة، حيث أثرت هذه الحروب سلباً على التعليم وكيفية تأمينه للجميع، إذ يتم استقطاب المتسربين من التعليم من جانب التنظيمات والمليشيات المقاتلة، وعادة ما يكون المقابل المادي هو الدافع لاستقطاب الأطفال لصفوفهم بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست في أيار/مايو 2015 فإن الأطفال يشكلون حوالي ثلث عدد قوات الحوثيين التي تضم 26 ألف مقاتل، وعدد معسكرات تدريب الأطفال على القتال في سوريا والعراق يتجاوز 14 معسكرا. هذا بالإضافة إلى تضرر الكادر التعليمي جراء هروب البعض أو اعتقال البعض الآخر، ففي اليمن أشارت التقارير إلى مقتل أكثر من 40 معلماً في تعز وجرح العشرات بالإضافة إلى تشريد الآلاف منهم، وفي سوريا ترك ما لا يقل عن 25500 معلم و523 مستشاراً تعليمياً عملهم في المناطق الأكثر احتداماً، وفضلوا اللجوء إلى دول الجوار أو النزوح داخلياً للمناطق التي يسيطر عليها النظام لضمان الحصول على رواتب منتظمة تتراوح بين 200 و450 دولاراً شهرياً.
بسبب إطالة أمد الصراع إلى ما لا نهاية، تتضمن تداعيات تردي أوضاع التعليم في العالم الإسلامي تهديدات مباشرة في مستقبل جيل بكامله، فبغياب وانعدام التعليم ينشأ جيل بلا هوية، يُقاد وفق سلطة وسياسة القوي، تابع بكل مقوماته (الفكرية والثقافية والتربوية) لمن أفقده الإبداع والتميز والحياة بكرامة. وهذا ما يصبو إليه أعداء الإسلام، وهذا ما يؤكده استهدافهم المتكرر والممنهج لأجيال المستقبل وللمدارس خاصة في سوريا، فيدك جدرانها فوق رؤوس الأطفال الذين دأبوا على الدراسة والتعليم رغم الظروف الصعبة وأجواء الخوف والرعب المسيطر بفعل الطائرات الصليبية الاستعمارية التي تصول وتجول انتقاماً من المناطق التي طالبت بتغيير النظام ورفعت شعار الإسلام، وكأنما رسالة الإرادة والصمود التي أرسلها هؤلاء الأطفال الأباة أججت حقد الطغاة، ومفادها أننا جيل#المستقبل ولن نهاب مدافعكم، فأمة اقرأ ستدك عروشكم ولو بعد حين.
فمن هو المسؤول الحالي عن حماية التعليم وأهله من تلاميذ وجامعيين ومبدعين، من البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية وعمليات القنص والتجويع؟؟ ومن طائرات التحالف العربي والصليبي؟؟ ومن المليشيات والتنظيمات المسلحة؟؟ هذا السؤال يجب أن يطرح على من يدعون أنهم دول عظمى يقودون العالم، على من وضع القوانين الدولية، تلك القوانين التي تبقى حبرا على ورق أمام جرائمهم الوحشية بحجة حربهم الوهمية على (#الإرهاب)، فحربهم إنما هي على الإسلام والمسلمين فقط لا غير.
لم تعد دعاوى نصرة #الدول الضعيفة و #الحريات و #حقوق_الإنسان والسلام العالمي والعدل الدولي تنطلي على أحد، فكلها شعارات رنانة تغطي الأوجه القبيحة والقلوب السوداء، فعمَّ الظلم والظلام. ولكن بعد سواد الليل سينبلج الصبح بنوره وضيائه ليعم هذا النور ربوع الأرض، إنه نور الحق نور دولة الخلافة التي ستطبق حكم الله في الأرض، ليعم الأمن والأمان، ولتُخرج الناس من ظلمات الرأسمالية والغرب إلى نور الإسلام وعدالة #القرآن، والتي ستواجه الحروب الاستعمارية بجيش الموحدين، قاهر الأعداء ومحرر الأرض وحافظ العرض للمسلمين وغير المسلمين...
رنا مصطفى
منشور فيصل القاسم
أرقام مخيفة عن العالم العربي...
أظهرت القمة الحكومية العالمية التي يرعاها بدبي أنَّ
ــ 57 مليون عربي لا يعرفون القراءة والكتابة
ــ 13.5 مليون طفل عربي لم يلتحقوا بالمدرسة هذا العام
ــ 30 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر
ــ 8 %زيادة في معدلات الفقر آخر عامين
ــ تريليون دولار كلفة الفساد في المنطقة العربية
ــ 5 دول عربية في قائمة العشر دول الأكثر فساداً في العالم
ــ رغم أن العالم العربي يمثل 5% من سكان العالم إلا أنه يعاني 45% من الهجمات الإرهابية عالمياً
ــ 75 %من اللاجئين عالمياً هم عرب
ــ 20ألف كتاب فقط ينتجها العالم العربي سنوياً أقل من دولة مثل رومانيا
ــ 410ملايين عربي و2900 براءة اختراع فقط
ــ 50مليون كوري ولديهم 20201 براءة اختراع
ــ من عام 2011 حتى 2017 تم تشريد 14 مليون عربي
ــ من عام 2011 حتى 2017 خسائر بشرية تصل
إلى 1.4 مليون قتيل وجريح
ــ من عام 2011 حتى 2017 تم تدمير بنية تحتية بقيمة 460 مليار دولار
ــ من عام 2011 حتى العام الحالي خسائر في الناتج المحلي العربي بقيمة 300 مليار دولار.
https://www.facebook.com/falkasim/photos/a.175325562524576.45538.151271931596606/1583280345062417/?type=3&theater
التعليق:
إحصائيات مهمة دكتور فيصل القاسم، ولكن حبذا لو علقت على السبب في ذلك، لكان أفضل من طرح المرض فقط حتى لا يظن المتابع أن العرب متخلفون لا فائدة منهم!!!
سبب تخلف العرب والمسلمون بشكل عام هو بعدهم عن الحكم بالإسلام وسكوتهم عن غياب الخلافة، ورضاهم بهؤلاء الحكام الخونة الذين يطبقون الديمقراطية الغربية!!!
دول الغرب التي يتم مدحها ليل نهار هي من تدعم الطغاة والجهل في بلادنا، ولولا الدول الغربية لسقط حكامنا منذ أمد بعيد، صحيح أننا السبب لسكوتنا عن هؤلاء الحكام، ولكن يجب الإفصاح أن هؤلاء الحكام ثابتون على كراسيهم بدعم غربي من الدول التي تدعي الحرية والإنسانية!!!
على كل إن ما يعانيه المسلمون اليوم من تخلف نظامهم التعليمي ومن فساد منتشر سببه هؤلاء الحكام في العالم الإسلامي ومنهم طبعا حكام قطر، والحل فقط يكون بالعودة إلى ديننا وإقامة دولة القران دولة الخلافة، عندها ثق تماما يا دكتور أن الغربيين سيأتون إلى دولة الخلافة لينهلوا من علومها!!!!!
https://www.facebook.com/145478009128046/photos/a.145707605771753.1073741828.145478009128046/428817927460718/?type=3&theater
بالتعليم تحفظ #ثقافة الأمة وهويتها... وبالخلافة على منهاج النبوة يُضمن ذلك ويُنفذ
http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=5177&hl=
واحدة من أثمن الهدايا التي يمكن أن نقدمها لأطفالنا هي منحهم القدرة على #التفكير بأنفسهم عن قضايا الحياة والعالم بطريقة تجعلهم قادرين على تمييز الحق من الباطل في كل الأمور وعدم خضوعهم بسهولة في تفكيرهم وأحكامهم الصادرة لآراء المحيطين بهم.
في عالم اليوم، يمطَر الشبان #المسلمون بوابل من المعلومات حول الطريقة الليبرالية الغربية في الحياة وحول الإسلام. من جهة، يتم تعزيز النظم و #القيم الغربية واعتبارها طريقة العيش الأعدل والأكثر تحضرا التي يمكن أن تضمن لهم #السعادة و #الازدهار والنجاح، بينما من جهة أخرى، تهاجم معتقدات الإسلام، وأحكامهه وأنظمته بلا هوادة، وتتهم بكونها قمعية، ورجعية، وغير متحضرة وتؤدي إلى البؤس والسخط. في مثل هذه البيئة، لا بد من أن نبني التفكير النقدي في شبابنا حتى يمكنهم إيجاد معنى من كل هذه المعلومات وليكونوا مخولين لتمييز الحقيقة من الأكاذيب. بعد ذلك سيكونون قادرين على إصدار أحكام صلبة وصحيحة واختيار الأفكار ونمط الحياة التي يعتمدونها، وصياغة الآراء حول القضايا والأحداث العالمية والروايات المختلفة عن طرق العيش.
القرآن يوجه المؤمن مرارا للتفكير بعمق في القضايا بدلا من الاتباع الأعمى من أجل وضع استنتاجات صحيحة حول القضايا، بما في ذلك الأدلة على وجود الله سبحانه وتعالى وحقيقة الإسلام. فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الجاثية: 5]
الله سبحانه وتعالى أيضا يدين التقليد الأعمى لمعتقدات وآراء الآخرين. يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام: 116]، ويقول: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 170]
طريقة التفكير النقدي هي وسيلة لدراسة المسائل لإلقاء الأحكام السليمة القائمة على براهين واضحة ودراسة عميقة، وليس بناء على الأقوال، والادعاءات، أو الرأي المهيمن في المجتمع أو الاستنتاجات الرجعية السطحية. هذه الطريقة في التفكير لا يمكن تطويرها ببساطة فقط عن طريق نقل المعرفة الإسلامية لأطفالنا. بل يتطلب ذلك منا تشجيعهم باستمرار على السؤال والتفكير بعمق في الأفكار والادعاءات ووجهات النظر التي يتم تقديمها لهم ومن ثم يقررون ما إذا كان يقبلون أو يرفضون من خلال تقييم دقيق لسلامة الأدلة التي تستند عليها تلك الأفكار والادعاءات ووجهات النظر. وعلاوة على ذلك، اعتمادا على عمر ومستوى فهم الطفل، ينبغي عرض جوانب مختلفة من الحجة لهم وبعد ذلك ينبغي إرشادهم وتوجيههم في التفكير في صحة كل أمر من أجل التوصل إلى حقيقته.
على سبيل المثال، نظرية التطور والادعاء من قبل أنصارها بأن #الإنسان تطور خلال عملية فيها مخلوقات وكائنات أقل تعقيدا تغيرت إلى كائنات معقدة بطريقة عشوائية أساسا دون جهة توجيه، أي بدون إله. مع مثل هذه الفكرة السخيفة، ينبغي حث الطفل على السؤال حول ما إذا كان هناك أي مثال في الحياة يمكن أن نلاحظ فيه تطور بنية بسيطة إلى واحدة أكثر تعقيدا من خلال عملية عشوائية دون وجود يد توجهه؟ علاوة على ذلك، ينبغي أن يكون السؤال ما إذا كان حكما سليما الاعتقاد بأن مخلوقا واحدا "تطور" إلى آخر فقط من مراقبة أوجه التشابه في بناء الهيكل العظمي الأحفوري أو معالم جثث حيوانات في وقت لم يكن فيه أحد على قيد الحياة ليشهد مباشرة ويسجل هذا التطور. من محض التكهنات ومن المثير للسخرية الادعاء بأن طوبة يمكنها أن "تتطور" بنفسها إلى بيت مستقلةً عن أي قوة خارجية بالاستناد كدليل على أن كليهما من مواد مماثلة، على الرغم من أنه ليس لديهما أي قوة للتطور إلى أي شيء بغض النظر عن عدد ملايين السنين التي تمر وبغض النظر عن أي نوع من البيئات المختلفة التي يتعرضان لها. فكيف يمكن لمثل نظرية سخيفة بأن تكون مقبولة كدليل لنفي وجود الخالق مقابل مدى عقلانية، ومنطقية الحجة التي تقول بأن أي شيء موجود وله تصميم يحتاج إلى كائن ذكي لإيجاده وتصميمه. أو الحجة المنطقية العقلانية التي تقول بأن أي شيء محدود أو يعتمد على شيء آخر لبقائه ووجوده - كما هو الحال لكل شيء في هذا الكون - لا يمكنه خلق نفسه وبالتالي يحتاج إلى شيء ذاتي الوجود غير محدود خارج هذا الكون لإيجاده. وهذا الشيء الذي خلق الإنسان والحياة والكون هو الله سبحانه وتعالى. وليس هناك أي شيء يمكن ملاحظته في هذه الحياة يتعارض مع هذه المبادئ. وبالتالي، يجب أن يكون شبابنا قادرين على فهم أن وجود الله هو الحقيقة، استنادا إلى البراهين العقلانية القاطعة بدلا من نظرية غير قابلة للإثبات على أساس مجرد افتراض كفرضية التطور.
دعونا نأخذ مثالا آخر، مثل الادعاء بأن أي طريقة للعيش، مثل طريقة #الإسلام الذي يرفض القيم الليبرالية مثل الحريات الشخصية والجنسية هي طريقة قمعية. مع مثل هذا الاتهام، يجب أن نشجع أطفالنا على السؤال بأنه كيف سيكون السقوط حقيقياً في مجتمع يسمح لأفراده ببساطة باتباع رغباتهم وفعل ما يشتهون، إلى جانب مفهوم المساءلة أمام الخالق والعيش وفقا لأحكامه وشريعته. فهل سيولد النوع الأول من المجتمع احتراما للمرأة، أو حماية لتناغم الحياة الأسرية، أو ضمانا لحقوق الأطفال؟ الإجابة هي لا، والدليل على ذلك المشاكل والجرائم الاجتماعية العديدة التي تعاني منها المجتمعات الليبرالية اليوم، والتي تسببت بشعور الكثيرين بالظلم. في المقابل، فإن المجتمع الذي تحكمه قوانين الخالق سيشبع فيه الأفراد غرائزهم ولكن بطريقة تعود بالنفع على سلامة وانسجام الجميع، وفقط من شأن الخالق الذي خلق البشر أن يعرف كيفية تحقيق ذلك.
وبالتالي، ينبغي تشجيع أطفالنا على توظيف طريقة التفكير النقدية هذه لجميع المسائل - سواء أكانت تتعلق بمعتقداتهم الإسلامية، وأفكار الأمم الأخرى، أم الأحداث السياسية في العالم. فمثلا، عندما يتم تعريض الشباب المسلم لأسباب وحلول المشاكل السياسية، فإنه لا بد من هدايتهم إلى تقييم حقيقة هذه المزاعم. فعلى سبيل المثال، عندما يواجه الشباب السرد العلماني المهيمن والحجة بأن معظم الحروب سببها الدين أو التطرف الإسلامي، نحن هنا يجب أن ندفعهم إلى دراسة المصادر الحقيقية التي أدت لعدم الاستقرار الحالي والصراعات في العالم بدلا من مجرد قبول هذه الادعاءات دون سؤال. عندما يفعلون ذلك، سيدركون بإذن الله بأن معظم الحروب وأعمال (الإرهاب) يكون سببها صراعات على السلطة والثروة، أو الغضب المثار من قبل الاحتلال واستعمار الأراضي من قبل الحكومات التي تسعى للموارد، والكسب المادي، والنفوذ السياسي في العالم وليس أي عقيدة دينية أو معتقدات سياسية إسلامية. أو عندما يقال لأبنائنا بأن الحل لوقف إراقة الدماء في #سوريا، و #فلسطين، أو #كشمير هو عن طريق الأمم المتحدة، فإنه ينبغي إرشادهم إلى السؤال عن أصل #الأمم_المتحدة، والمصالح التي تخدمها حقا، وما هي نسبة نجاح المجتمع الدولي فيما يتعلق بحماية أرواح المسلمين وحقوقهم. وفي أعقاب ذلك، ينبغي عرض وجهة النظر الإسلامية وحلولها لهذه المشاكل، بحيث يصبحون قادرين على الفهم بوضوح بأن وجهة النظر هذه فقط يمكنها تقديم إجابات ذات مصداقية لهذه القضايا - على سبيل المثال، فقط دولة تخدم بإخلاص مصالح الإسلام و #الأمة: #دولة_الخلافة على منهاج النبوة لديها القدرة والإرادة السياسية لحشد جيشها لتحرير البلاد الإسلامية المحتلة وحماية أرواح المظلومين.
بناء طريقة التفكير النقدي في أبنائنا يتطلب منهم أيضا فهم قدرات وحدود العقل البشري. فيجب عليهم أن يدركوا قدرة وحصة الإنسان من المنطق البشري ومتى يمكن استخدامه عند التفكير في بعض الأمور ومتى لا يمكن بسبب القيود الفطرية فيه. وهذا سيضمن تطبيقهم التفكير بشكل مناسب على القضايا. على سبيل المثال، فإن العقل البشري ينبغي أن يستخدم لتحديد حقيقة ما إذا كان هناك وجود للخالق أو إذا كان القرآن هو كلام الله أو ما هو نوع النظام الأفضل لحكم الناس أو الحقيقة وراء الأحداث السياسية، وما إلى ذلك. وهذا لأنه لديه القدرة على فحص الحقائق والأدلة المطلوبة لإيجاد استنتاجات لهذه القضايا. وهذا هو ما يسمى بعقل المعرفة لأنه من المنطق البشري.
بينما عند اتخاذ قرار بالحكم على عمل ما بكونه عملاً جيداً أو سيئاً، أو على قانون بكونه عادلاً أو
جائراً، أو إذا كان هناك حياة بعد الموت، فإن العقل البشري لا يملك القدرة الفطرية لإصدار أحكام على هذه الأشياء بشكل مباشر وموضوعي. وذلك لأنه من تلقاء نفسه لا يستطيع الوصول إلى هذه الحقائق والبراهين ذات الصلة المطلوبة لإصدار استنتاجات سليمة حول هذه الأمور. وبالتالي فإن أي رأي سيصوغه سيكون شخصياً أو على أساس التخمين. شبابنا بحاجة إلى فهم أنه لإثبات الحق في هذه القضايا، فإنهم بحاجة إلى الرجوع إلى الأدلة التي تنتقل من مصدر ثبتت سلامة وصحة أصوله، دون أدنى شك بالاستخدام الصحيح للمنطق البشري. هذا المصدر هو القرآن الكريم - وهو ممن لديه كل #العلم و #المعرفة بهذه المسائل لأنه خلق للإنسان وجميع المخلوقات، وبالتالي فهو يعلم تماما طبيعته وما هو الخير والشر بالنسبة له. وهذا ما يسمى بالنقل أو نقل المعرفة لأن هذه المعلومات يتم نقلها من مصدر موثوق.
رعاية طريقة التفكير النقدي لدى الشباب المسلم من خلال تشجيعهم وإرشادهم إلى إصدار الأحكام على أساس براهين قوية واضحة والأدلة المناسبة هو خطوة أساسية في بناء القناعة في الأفكار والآراء الإسلامية وترسيخ العقلية الإسلامية إلى جانب السلوك الإسلامي التي تشكل الشخصية الإسلامية. وهذه هي الطريقة لبناء أبنائنا لئلا يصبحوا أولئك الذين لديهم مجرد معلومات إسلامية وإنما أولئك الذين يتبنون المفاهيم الإسلامية باعتبارها ملكا لهم، فضلا عن أولئك المفكرين المستقلين الذين يبحثون باستمرار عن الحقيقة، بدلا من الاتباع الأعمى للآخرين. وهذا هو السبيل إلى خلق شباب مسلم ليس لديه شكوك في الأفكار والآراء الإسلامية وبالتالي واثق في دينه والأحكام التي يصدرها على الواقع.
إذا لم يتم بناء هذا المدخل المهم لدراسة وتقييم المعلومات، فإن الأفكار والمعارف الإسلامية قد تكون مجرد واحدة من العديد من مصادر المعلومات في ذهن الطفل، وربما لن تؤثر على وجهة نظره تجاه القضايا أو السلوك في الحياة. علاوة على ذلك، فإن بناء الطريقة الصحيحة للتفكير في أبناء المسلمين ينبغي أن يشمل دائما توجيههم للتفكير في التطبيق الصحيح لمفاهيم الحياة بحيث لا يبقى الفكر الإسلامي كموضوع أكاديمي في أذهانهم بل مطبقا في حياتهم.
﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29]
الدكتورة نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
(#المسلمة و #التعليم 2)
ضمن حملة: الخلافة والتعليم إحياء العصر الذهبي
مع انتهاء #الحكم الإسلامي وسقوط #دولة_الخلافة، بدأت دعوات #التغريب والتخريب تظهر في بلاد المسلمين على لسان الناعقين الذين انضبعوا بالغرب. فلم يتركوا جحراً إلا ودخلوه خلفه، وغردوا كما الببغاء بكل نشاز يدعون لتحرير المرأة ويطالبون بحقوقها، مقتفين أثر الحركات النسوية في الغرب. متعامين عن المكانة التي احتلتها #المرأة في الإسلام. ظهرت الأصوات المطالبة بتعليم المرأة، وضرورة مخالطتها للرجال وعدم فصلها عن المجتمع، فنادى خلفهم أذنابُهم. وساد اللغط في مسألة تعليم المرأة بين من يحرم خروج المرأة وظهورها للرجال كلياً بحجة تحريم الاختلاط، وبين من يؤيده وقد فتنه بريق الانفتاح الغربي وغاب عنه #التاريخ المشرق للعالمات المسلمات.
والعجيب أن كلا الطرفين، من سمح بالاختلاط لأجل تعليم النساء، ومن حرم خروج المرأة، أجحف بحق المرأة ووقع في الفتنة، وصُرف نظره عن أساس المشكل، فغُضَّ طرفه عن الحل الشرعي الصحيح. فليست مسألة تعليم المرأة مسألة مستحدثة، ولا هي جديدة في ديننا، بل إن الإسلام جاء بكل أحكامه للبشر جميعاً رجالاً ونساء، يحمل إليهم الهدي والهدى، والنور والإيمان، جاء ليخرجهم من الظلمات ويرفع عنهم الجهل والعصيان. وكلُّ مسلم يقرأ قول الله سبحانه: ﴿قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [الزمر: 9]. بل إن رسول الله ﷺ قد أمر الشفاء بنت عبد الله القرشية وقد كانت قارئة وكاتبة، وكانت تعلم نساء المسلمين، فقال لها: "علمي حفصة رقية النملة كما علمتيها الكتابة"، وتقديراً لعلمها ومكانتها فقد حرص الخلفاء على استشارتها والأخذ برأيها، وكان عمر يقدمها في #الرأي.
وقد نهلت النساء #المسلمات في الصدر الأول من الإسلام من النبع الصافي حيث ظهر منهن النابغات في مختلف العلوم والفنون، وبرز من النساء المفسرات والفقيهات وراويات الشعر والأخبار وعالمات الأنساب، وأسهمت المرأة في نقل الأحكام إلينا عن طريق السند حيث كان منهن النساء الثقات المحدثات، ولا سيما ما يخص أحكام النساء والبيوت، وكان جل الصحابة والخلفاء رضي الله عنهم يرجعون إلى أمهات المؤمنين، وعلى رأسهن عائشة وحفصة وأم سلمة - رضىي الله عنهن - يستفتوتهن عما خفي عليهم من أحكام دينهم أو غاب. وقد ألف الزركشي كتاباً قائماً برأسه، قصره على الأمور التي استدركتها عائشة رضي الله عنها على أعلام الصحابة. وقد بلغها يوماً أن عبد الله بن عمرو بن العاص يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، فقالت: "يا عجباً لابن عمرو؛ يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن؟!... لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد وما أزيد أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات".
كما روى البخاري أن النساء قلن للنبي ﷺ: "غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك". فعيّن لهن يوما يلقاهن فيه ويعلمهن. وهو ما يفسر كثرة أعداد راويات الحديث النبوي، اللاتي أفرد لهن محمد بن سعد، في كتابه الطبقات الكبير جزءًا خاصًا حيث بلغ عددهن أكثر من سبعمائة راوية. كما ترجم ابن حجر حياة (1543) محدِّثة، وقال عنهن إنهن كن ثقات عالمات، بل لقد خصص السخاوي مؤلفاً كاملاً من قاموس سيرته الذاتية بعنوان "الضوء اللامع" مكون من 12 مؤلفاً، للعلماء من الإناث، وذكر معلومات عن 1075 عالمة وباحثة.
لقد كان هذا الاهتمام بتعليم المرأة، واهتمامها هي بطلب العلم وتعليمه ونفع الناس به، أن دولة الإسلام قد ركزت على تعليم الناس أمور دينهم ودنياهم، وكانت دولة رعاية بحق ترعى الناس وتسوسهم وقد أيقن الخلفاء أنهم عن رعيتهم سيُسألون. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال "كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما يعلم المعلم الغلمان في الكُتَّاب". ويروي الإمام مالك رحمه الله في الموطأ عن عبد الرحمن بن عبد القاري "أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: قولوا التحيات لله..." ووصل اهتمام عمر بن الخطاب بتعليم رعيته كل ما يحتاجون إليه في حياتهم أنه كان يعلم المرأة كيف تعد طعام بيتها، فقد روي عن حزام بن هشام عن أبيه قال: "رأيت عمر بن الخطاب عام الرمادة مر على امرأة وهي تعصد عصيدة لها، فقال: ليس هكذا تعصدين، ثم أخذ المسوط (ما يخلط به كالملعقة) فقال: هكذا، فأراها، وكان يقول: لا تذرن إحداكن الدقيق حتى يسخن الماء بل تذره قليلا وتسوطه بمسوطها فإنه أريع له وأحرى ألا يتقرد، أي يتجمع ويركب بعضه بعضا".
وهذا كله في بيئة إسلامية تؤاخي بين الرجال والنساء فتجعل المرأة شقيقة الرجل، وتجعل أساس العلاقة بينهم: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة 71]. في نظام إسلامي، من عند خبير لطيف، فرض نظاماً عادلاً كفيلاً بإحقاق الحق وإزهاق الباطل، فكفل بمنظومته التشريعية وأحكامه السامية تعليم المرأة، وعفة المجتمع. فأحكام اللباس الشرعي للمرأة وغض البصر، وتحريم الخلوة والاختلاط والخضوع والتبرج... كلها جاءت لمعالجة النظام الاجتماعي في المجتمع المسلم وضبط علاقة الرجل بالمرأة وفق أصول شرعية، كما تقوم الدولة الإسلامية على رعاية حسِّ المجتمع وفكره فتمنع انتشار الدعوات المشبوهة والمفاهيم الهدَّامة التي تحصر العلاقة بين الرجال والنساء بغريزة النوع ومظهر الميل للآخر، وتحرص كل الحرص على إيجاد الثقافة الإسلامية الصحيحة في المجتمع، بحيث يربي الأجيال عبر مختلف الوسائل وعلى كافة الأصعدة على الحياء والتقوى وغض البصر والغيرة على المحارم وأعراض المسلمين. وفي هذا الجو الإيماني تتلقى المرأة العلمَ عن محارمها من الرجال، أو نساء مثلها أو رجال بحيث يعلم رجلٌ مسلمٌ جماعة من النساء، ولا تخالط النساء الرجال من طلبة العلم. ويكون المعلم رجلاً ذا ثقة مستأمناً على نساء المسلمين. ورد في الحلية لأبي نعيم قصة تزويج سعيد بن المسيب ابنته رباب لأبي وداعة، وقد ذُكر في القصة أنه لما أراد زوجها الخروج من البيت ذات يوم قالت أين تذهب فقال: إلى مجلس سعيد يعني أبوها لكي أتعلم العلم فقالت (اجلس أعلمك علم سعيد) قال فجلست (فوجدت عندها ما عند سعيد من العلم).
"فصل الرجال عن النساء عامة أمر ثابت بالنصوص الشرعية في القرآن والسنة، وهذا الفصل جاء عاماً، لا فرق في ذلك بين الحياة الخاصة، والحياة العامة. ولا يستثنى من ذلك إلا ما جاء الشارع بجواز الاجتماع فيه سواء في الحياة الخاصة، أو في الحياة العامة. وقد أجاز الشارع للمرأة البيع والشراء وأوجب عليها الحج ومحاسبة الحكام، وأجاز لها تمثيل غيرها وحضور صلاة الجماعة إلى غير ذلك فلم يعزلها عن المجتمع. فهذه الأفعال التي أجازها الشارع للمرأة، أو أوجبها عليها ينظر فيها فإن كان القيام بها يقتضي الاجتماع بالرجل جاز حينئذ الاجتماع في حدود أحكام الشرع، وفي حدود العمل الذي أجازه لها، وذلك كالبيع والشراء والإجارة والتعلم والتطبيب والتمريض والزراعة والصناعة وما شابه ذلك. لأن دليل إباحتها أو إيجابها يشمل إباحة الاجتماع لأجلها، وأما إن كان القيام بها لا يقتضي الاجتماع بالرجل سواء كان الاجتماع مع وجود الانفصال كما في المسجد، أو كان مع وجود الاختلاط كما في مشاعر الحج والبيع والشراء فهذا الاجتماع غير جائز". (مقتبس بتصرف من كتاب #النظام_الاجتماعي في الإسلام للشيخ تقي الدين النبهاني).
فالإسلام لم يحرم اجتماع المرأة بالرجل للتعليم، بل أجازه في حدوده وضوابطه، فهذا رسول الله يعلم النساء بنفسه في يوم أسبوعي رتيب، وقد درس ابن عساكر نفسه على يد 80 معلمة مختلفة في عصره، ويروي ابن سعد في طبقاته أن الشفاء بنت عبد الله العدوية رأت فتياناً يقصدون في المشي ويتكلمون رويداً فقالت: ما هذا؟ قالوا: نُسَّاك. فقالت: كان والله عمر إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع هو والله الناسِك حقاً.
وهذه كريمة المروزية أو "أم الكرام" كما سمَّاها علماء عصرها، ممن رووا صحيح البخاري، قال عنها الحافظ الذهبي: "كانت إذا روت قابلت بأصلها، ولها فهم ومعرفة مع الخير والتعبد، روت الصحيح مرات كثيرة..." وممن أخذ الصحيح عنها أبو الغنائم النرسي وقد فصل كيفية الأخذ عنها، فقال: "أخرجت كريمة إلي النسخة بالصحيح، فقعدت بحذائها - أي إزائها أو قبالتها كما في المعجم الوسيط تحت مادة حذا -، وكتبت سبع أوراق، وقرأتها، وكنت أريد أن أعارض وحدي، فقالت: لا حتى تعارض معي، فعارضت معها. قال: وقرأت عليها من حديث زاهر". [السير للذهبي 18/234] بهذه الأحكام الغراء، وبوجود دولة للمسلمين تطبقها،
ارتفعت مكانة المرأة العلمية فاستفادت وأفادت، وكانت علماً في الهدى والمعرفة. بل كانت للمرأة في ظل الخلافة الأوقاف والمدارس والمساجد يبنينها من أموالهن الخاصة ويقمن على رعايتها. مثل فاطمة الفهري التي قامت بتأسيس جامعة القرويين عام 859م. واستمر ذلك حتى الأسرة الأيوبية في القرن الثاني عشر، عندما تم تأسيس 160 مسجداً، ومدرسة في دمشق، وأسست النساء 26 منهم من خلال نظام الوقف. وكان نصف المسؤولين عن هذه المؤسسات أيضًا من النساء. وفي ظل الخلافة العثمانية أنشأت "بَزْم عَالم سلطان" زوجة السلطان "محمود الثاني" ووالدة السلطان "عبد المجيد اﻷول" مؤسسات خيرية كثيرة منها مشفى عام 1843م وجامع بجوار المشفى عام 1845م، وجامع آخر فيه مكتبة، بالإضافة إلى المدرسة المعروفة الآن باسم مدرسة "إسطنبول الثانوية للبنات" وذلك عام 1850م، وتبرعت لها بأربع مئة وواحد وثلاثين كتابًا.
لقد رفع الإسلام منزلة المرأة الأدبية، فأنقذها من الحضيض وبوأها الأوج. فبقيت في سماء المجتمع الإسلامي بمكانة مقدسة تتطاول إليها الأنظار بالرحمة والرعاية. وإذا أردنا استعادة هذه المكانة، فإنه لا يمكننا تصور المرأة المسلمة تتعلم تعليماً حقاً يخلق منها شخصية مسلمة رفيعة القدر، بغير تصور نظام إسلامي يُطبق بشكل كامل. إن فهم نجاح المرأة في طلب العلم يجب أن يكون في ضوء الأحكام الشرعية كمنظومة متكاملة جاءت من عند الله الخبير اللطيف، لرعاية شؤون البشر وإرشادهم. فلا يتأتى إسقاط النظرة الغربية للمرأة على المسألة ومحاولة التوفيق، ولا يتأتى لنا أن ننظر للمسألة بعين الواقع، كما لا يمكن أن نفهم حقيقة المسألة دون تصور كامل للحياة الإسلامية في ظل نظام إسلامي يطبق الإسلام لرعاية الشؤون كما أمر الله عز وجل.
وهذا لا يكون إلا بالعمل الجاد المخلص لاستئناف الحياة الإسلامية، وإزالة كل دخيل على ديننا من أفكار ومفاهيم وقوانين ومواثيق واتفاقيات غربية، تؤطر لوضع المرأة في ظل نظام وضعي، وتفرض عليها مخالفة شريعة الله لتنال العلم، فتخيرها بين معصية الله ومعصيته! وتفنيد كل السموم التي تمرر من خلال المناهج العلمانية التي فرضت على مدارسنا وجامعاتنا، ووسائل الإعلام والتواصل والندوات والجمعيات التي ترعاها دول الغرب، لنبرئ ذمتنا أمام الله سبحانه، ويكون عملنا شفيعاً لنا يوم القيامة حين نُسأل عمَّا فعلنا تجاه أخواتنا وبناتنا المسلمات.
﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 105]
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بيان جمال
نتج عن غزو الكفار الفكري لديار المسلمين أن تهدَّمت #الأخلاق الإسلامية، وعمَّ الانحلال الأخلاقي باسم الحرية والديمقراطية وغير ذلك من الأسماء الرنانة التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وهدفها إفساد الشباب وتوجيه وهدر طاقاته فيما لا ينفع. لذلك فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل فرد مسلم، كل حسب دوره وعمله واستطاعته ليساهم في نهضة أمته لترتفع إلى العلوّ وإلى قيادة العالم كما كانت. ومن أهم هذه الأدوار دور المعلّم، وريث دعوة الأنبياء، المربّي، وصانع جيل المستقبل، وصاحب التأثير الكبير في حياتنا وحياة أبنائنا وتوجهاتهم وسلوكهم وحتى ميولهم وتطلعاتهم، وحامل الأمانة العظيمة والتي إن حملها بما يرضي الله تعالى كانت له نوراً وإلا، كانت له ناراً، فما أشرفها من رسالة وما أعظمه من دور! أوليس رسولنا ﷺ
هو المعلم الأول؟ يقول الله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 151] ويعظّم الغزالي مهنة التعليم فيقول "من عَلِمَ وعَلَّمَ فهو الذي يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات"... هذا الدور الذي عمل أعداء الإسلام بوسائل عديدة وخبيثة على سلبه منه لأهميته وتأثيره على أجيال كاملة في بناء شخصياتهم وميولهم على أساس العقيدة الإسلامية، ولإفراغ هذا الجيل وجعله مائعاً مسخاً كارها لتاريخ أمته، ظانًّا أن الإسلام سبب تخلف الأمة وضعفها وذلّها...
فيا أيها المعلم، هل سألت نفسك يوماً لِمَ أصبحت معلماً؟ لم اخترت هذا الطريق لحياتك؟ فمعرفة هذا بصدق وصراحة يحدد لك صفاتك وأسلوب تعاملك ونهجك في هذا الطريق. فلو نظرنا حولنا لوجدنا أطيافا من المعلمين:
فهذا معلّم ينظر للتعليم باعتباره الوظيفة الوحيدة المتاحة أمامه، لم يقصدها رغبةً ولا حرصًا، بل هي فقط مجرد وظيفة وسبب للتكسُّب والارتزاق، ولو كان يستطيع امتهان وظيفة أخرى غيرها تُحقّق له مكاسب أكبر أو مثلها دون تحمل مشاق التعليم لقصدها... ومعلم ثان يشكو دهره ويندب حظّه، بسبب أعباء التدريس المرهِقة وقلة الراتب مقارنة مع أقرانه الذين اختاروا أعمالاً أخرى غير التعليم... وثالث جلُّ همّه إكمال المقرَّرات والفراغ من تدريسها، ولا يربطها بالواقع والعقيدة والإيمان والأخلاق ويعمّقهم في طلابه وسلوكياتهم ومفاهيمهم، ولا يلتفت إلى ما يجري خارج قاعة الدرس رغم ما يراه من فساد دون أن يفكر حتى بإنكاره أمام طلابه، فهو فعليا منفصلٌ تماماً عن واقع طلابه ومجتمعه وأمته... ورابع وخامس وسادس من الصور السلبية التي تزدحم بها حياتنا التعليمية والتي كان لها الأثر السيئ والعميق في مؤسَّسات المجتمع المتنوعة. فأيّ تفوّق وإبداع وأي إخلاص يُرجى ممّن هذه هي حالهم وتطلعاتهم!!
إذن، ما هي صفات المعلم الذي يستحق أن ينطبق عليه حديث رسول الله ﷺ
«إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَواتِ والأرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في حِجْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ على مُعَلِمِي النَّاسِ الخَيْرَ» (رواه الترمذي)؟! ما هي صفات المعلم صاحب الرسالة التي تقارب رسالة الأنبياء ممن قال عنهم رسول الله ﷺ
عن ابنِ مَسْعودِ رضيَ الله «لا حَسَدَ إلاَّ في اثنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاه اللهُ مَالاً فسَلَّطَهُ عَلى هَلَكتِهِ في الحَقَّ ورَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقضِي بِها ويُعَلِمُّها».
أول هذه الصفات هي تقوى الله والإخلاص له، فعلى المعلم أن يتحرّى بعلمه وإتقانه تعليمه وجه الله تعالى والدار الآخرة، وليس فقط الراتب والثناء من رؤسائه والشهرة والترقية وما شابه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ
: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَة،ِ يَعْنِي رِيحَهَا». فعليه أن يقصد تعليم طلابه وتهذيبهم لما فيه خير الأمة والإسلام. يقول الإمام النووي "ويجب على الْمُعلِّم أن يقصد بتعليمه وجه الله لِما سبق، وألاَّ يجعله وسيلة إلى غرضٍ دنيوي، فيستحضر الْمُعلِّم في ذهنه كون التعليم آكد العبادات، ليكون ذلك حاثًا له على تصحيح النية، ومُحرِّضًا له على صيانته من مُكدِّراته ومن مكروهاته، مخافة فوات هذا الفضل العظيم والخير الجسيم". فبغياب الإخلاص والتقوى يحلّ الرياء والتكاسل والإهمال، فيخرج شباب ضحل الثقافة ضعيف العقيدة، غير واعين ولا مدركين قضايا أمتهم، مشكلين عبئا عليها بدل أن يكونوا مِعولا في بناء نهضتها. فمفهوم أن المعلم سيأخذ الراتب في نهاية الشهر سواء أخلص لله أم لم يخلص، لهي ضربة قاصمة في صميم التربية والتعليم، فأين الإخلاص؟ وأين الله وتقواه؟ وطبعا يجب على المعلم أن يكون متمكّنا من المادة العلمية التي يدرسها، حاذقا لأساليب توصيله العلم لطلابه.
ومن أهم صفات المعلم الصبر والحلم وطول البال، فعلى المعلم المربّي الذي يريد إخراج جيلٍ يتبع منهاج وعقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله أن يكون صبورا حليما حتى يستطيع التحمل، فخُلق الصَّبر والتحمُّل له الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بالصبر حتى في أعسر المواقف. وإن طول البال وسعة الصدر ضرورية ومهمة خصوصا كلما تذكر المعلم أن أجره محفوظ عند الله وأن هؤلاء النشء أمانة في عنقه. وعليه أن يدرك أن الطلاب لهم قدرات مختلفة وذوو أمزجة مختلفة، وذوو حاجات ومصالح ومشاكل وهموم مختلفة، فهو لهم معلم ومربٍّ وأب ينبغي أن يتَّسع قلبه لهم، ويرفق بهم ويرحمهم، ويعطف عليهم، ويصبر على معاناة تعليمهم وتوضيح الأفكار لهم بمختلف قدراتهم وحاجاتهم ونفسياتهم وعقولهم، فمنهم من يفهم العبارة والدرس من أول شرحٍ لها، ومنهم من يحتاج إلى إعادة وتكرار وشرح وتفصيل. ورسولنا ﷺ
يقول: «إن الله لم يبعثنِ معنّتاً ولا متعنّتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً».
لكن نرى بعض المعلمين هداهم الله لا يملكون من الصبر والرحمة شيئاً، فمجرد أن يُغضبه الطالب أو لا يفهم أمرا أو يسأل عنه تراه يغضب ويثور بدل أن يحلم ويصبر ويتحمل. وقد يحصل أحياناً أن يتعرض لتصرفاتٍ أو كلامٍ به أذى من بعض الطلاب أو شيء من هذا القبيل فلا بد أيضا أن يتحمل ويصبر ويحتسب، ويمتص غضبهم واستفساراتهم وحتى ضجرهم أحيانا، ونذكر حين دخل معاوية بن الحكم رضي الله عنه في الصلاة مع الجماعة ولم يعلم أن الكلام قد حُرّم في الصلاة، فعطس أحد الصحابة فشمته، فنبهه بعض الصحابة بالإشارة فلم يفهم واستمر في كلامه، فلما انتهت الصلاة ناداه رسول الله ﷺ فأتى إليه خائفا، فقال له رسول الله ﷺ
بكل لطف ولين: «أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتحميد وقراءة القرآن»، فقال معاوية معلقا على فعل رسول الله ﷺ: بأبي هو وأمي، ما رأيت أحسن تعليما ولا أرفق منه ﷺ
. فهذا الصبر والرفق من رسول الله ﷺ
القدوة والمعلّم وما يصدر عنه من أقوال وأفعال وتصرفات كلها تعليم.
وكذلك من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعلم الصدق والوفاء بالوعد فيما يدعو الله إليه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، فإذا وعد المعلم الطلاب بوعد معين فلا بد أن يفي بما وعد أو أن يعتذر لهم حتى يكون صادقاً أمامهم فيما يطلب منهم أن يفعلوا أو فيما يطلب منهم أن يتركوا ونحو ذلك. وكذلك عليه أن يكون متخلّقا بخلق التواضع، روى ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "تعلَّموا العلم، وعلِّموه للناس، وتعلَّموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلَّمتم منه، ولمن علَّمتموه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم جهلكم بعلمكم". وهو مُعلِّم ومتعلم في الوقت نفسه، فلا عجب ولا غرابة أن يستفيد الْمُعلِّم من طلابه في بعض مسائل العلم، بل أن يتراجع عن خطأٍ له وقع فيه، أو يقول لهم: "لا أدري"، و"الله أعلم" فيما خفي عليه ولم يعرفه، فهذا يجعله كبيراً في نفوسهم، ويتعلَّمون منه التواضع، وعدم الجرأة على الفتيا بغير علم.
نعلم أن الإسلام دين عدل ومساواة يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾، فليس في الإسلام طبقية، ولا يُكرم الغني لغناه ولا يُذَلُّ الفقير لفقره. والطلاب هم رعية والمسئول الأول عنها هو الْمُعلِّم عملاً بحديث رسول الله ﷺ
: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، فهم سواسية فلا يفاضل في معاملتهم حسب مكانة أهلهم أو حسبهم أو نسبهم أو مالهم... والعدل في المعاملة لم تكن تغيب عن علمائنا الأوائل، فتوارثوا توصية المعلم به، وتحذيره من خلافه. رُوي عن مجاهد بن جبر التابعي الكبير وتلميذ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: "معلم الصبيان إذ لم يعدل بينهم جاء يوم القيامة مع الظَّلَمة"، وقال ابن سحنون في "ما جاء في العدل بين الصبيان"، "وليجعلهم بالسواء في التعليم، الشريف والوضيع، وإلا كان خائنًا". وليس مثلما نرى في معاملة البعض اليوم لطلابهم يفرقون بين الطلاب، فيتجاوزون عن خطأ وفساد بعض الطلاب ممن أهلهم في موقع السلطة أو الغنى ويعطونهم حقا ليس لهم وعلى حساب غيرهم ممن يستحقونه. بينما في الإسلام حرص الخلفاء أن يعامل المعلمون أبناءهم كما يعاملون غيرهم، فها هو الخليفة هارون الرشيد في الوصية التي أرسلها إلى الكسائي مؤدب ابنه ومن ضمن ما جاء فيها: "... وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القوّاد إذا حضروا مجلسه، وقوِّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أبى فعليك بالشدة والغلظة".
إن المعلم الجادّ المخلص لا تقف مهمّته ودوره عند حدّ ما يُقدّمه في الصف، بل دوره الأهم هو قوة تأثيره في طلابه ومجتمعه، في قول الحق والوقوف معه، ولننظر في تاريخ معلمينا وعلمائنا وأئمتنا الذين حملوا العلم وعلّموه عقيدة وعلماً وعملاً ومنهجاً ودعوة، فها هو الإمام أحمد المعلم والذي ضرب أروع الأمثلة في الثبات على المبدأ والصبر أمام الفتن، لقد أوذي وسجن، وضرب وأهين، فلم تلِن له قناة، ولم يتزحزح عن حقٍ يراه ولو كلفه حياته، وهذه دروسٌ للعلماء والمعلمين والدعاة في كل زمانٍ ومكان. وها هي العالمة المعلّمة أم الدرداء الصغرى والتي كان يستدعيها عبد الملك بن مروان لتعلم نساءه، سمعته في مرة يلعن خادمه لأنه أبطأ عليه في أمر، فقالت له: سمعت أبا الدرداء يقول، سمعت رسول الله ﷺ
يقول: «لا يكون اللّعانون شفعاء ولا شهداء، يوم القيامة»، قالت ذلك له ولم تخش في الحق لومة لائم ولم يمنعها كونه الخليفة من قول الحق، ولم تقل ليس لي علاقة بالأمر أو ليس هذا من شأني مثلما يفعل عدد من علماء ومعلمي هذا الزمان، ولم تقف موقف المتفرج غير العامِل مثل المعلمين الذين يقفون موقفا سلبيا مما يرونه الآن من تغريب في سياسة التعليم وتغيير في المناهج، فحتى لو كانوا لا يستطيعون التغيير في نُظم #التعليم والمناهج - تلك السموم التي يضعونها لأبنائنا وبناتنا بين طيات الكتب ودفّاته - إلا أنَّ ذلك لا يعفيهم من واجبهم في إنكارها وتخفيف أضرارها بإعطاء الفكرة الصحيحة التي تنقضها من أساسها فهذا واجبهم كمربين مسلمين، خاصة ونحن نعيش النظام الرأسمالي بكل ما يحمله من مفاهيم بعيدة عن أحكام الإسلام عاملين فيه على هدم العقيدة الإسلامية ونشر الفساد والعلمانية والحريات والديمقراطية وغيرها من المفاهيم الرأسمالية العفنة في نفوس أبنائنا، فيجب عليهم إظهار هذا الفساد ومحاربة تلك الأفكار وتبيان زيفها وخطرها. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العلم بالخشية". فعليهم تعليمهم أسلوب التفكير الإسلامي الصحيح وعدم الرضا بما لا يُرضي الشرع، والصدع بالحق وعدم المداهنة والنفاق فيه... أن يزرعوا في نفوسهم أن الأجل والرزق بيد الله وحده فلا يخافون في الله لومة لائم، ولا يتعلمون الخوف والجبن...
ولكن للأسف وفي ظل الأنظمة الفاسدة التي تتحكم بالتعليم وبالمعلمين فإنها تحرص يوما بعد يوم على تعيين معلمين علمانيّي الفكر، يعتبرون الحضارة الغربية ومفاهيمها مثلهم الأعلى، وأن المنفعة والمصلحة أساس العلاقات، فتراهم مخلصين لتلك السياسة في التعليم والمناهج ويعطونها كما يريد واضعوها، بل ومن المعلمين من يكون على رأي القائلين ملكيا أكثر من الملكيين ويجاهد في إدخال هذه الأفكار في عقول طلبته بكل الطرق والوسائل في ذلك وكأنه سيأخذ نيشاناً منهم على إخلاصه في ذلك، ناسياً أو متناسياً خطورة هذا الأمر وعقابه عند رب العباد، حيث إنه لم يكتفِ بعدم إظهار ذلك الفساد بل وأيضاً يشجع عليه بتشجيعه تلك المناهج والأفكار المسمومة... ولا يقوم بدوره الحقيقي في الصدع بالحق.
وإن من أهم الأدوار التي يقوم بها الْمُعلِّم هو بناء شخصيات طلابه، أولئك الذين ينظرون إليه على أنه مثلهم الأعلى... ولهذا على المعلم أن يكون قدوة صالحة لطلابه، فإن القدوة الصالحة تُعتبر من أنجح الوسائل المؤثّرة في تكوين شخصية المتعلّم... قدوة في جوهره ومظهره، في شخصيته وقوة تأثيره، في أخلاقه وأدبه، فها هي أم الإمام مالك توصي ابنها بأن يطلب الأدب من معلمه قبل أن يأخذ العلم منه لما للأدب من أهمية على طالب العلم في سلوكه مع نفسه ومع ربه ومع الناس... فإنه لما طلب العلم وذكر لأمه أنه يريد أن يذهب فيكتب العلم، ألبسته أحسن الثياب، وعمَّمَته، ثم قالت: اذهب فاكتب الآن. وقال رحمه الله: كانت أمي تعمّمني وتقول لي "اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه". فالمعلم الذي يتحدّث لطلابه عن أضرار التدخين مثلا، والسيجارة في يده!.. أو الذي يحثّ طلابه على الصدق والالتزام بالمواعيد وأهمية الوفاء بها، ثم يكذب أو يحضر إلى الصف متأخرًا، أو يعد بما لا ينفّذ، أو يسكت ويجبن وينافق في موقف يتطلب الجرأة في الحق، فإنه يمحو بتصرف واحد عشرات الأقوال التي يصبُّها في آذانهم...
إذن، المعـلم ليس خازنا للعلم يغترف منه التلاميذ المعارف والمعلومات، ولكنه نموذج وقدوة... والقدوة عامل مهم في صلاح المتعلم أو فساده، فإن كان المربي صادقاً أمينًا كريماً شجاعًا عفيفاً يتَّسم بالخُلق الصالح نشأ المتعلّم على الصدق والأمانة والخُلق والكرم والشجاعة والعفة... وإن كان المربِّي كاذباً خائناً منافقاً جباناً نذلاً، نشأ المتعلّم على هذه الصفات والأخلاق. فمقام المعلم وموقعه ودوره جدُّ خطير، فلينظر كل معلم كم يُصلح من الناس وكم يُفسد! كم يؤثر إيجاباً وكم يؤثر سلباً! فالتعليم بالقدوة أعظم تأثيراً وأقوى حُجة من الكلام النظريّ المجرد، فكيف إذا كان الفعل يُخالف القول والسلوك يعاكس التوجيه؟!... وقد نعى القرآن الكريم على بني إسرائيل ذلك في قوله: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 44].
نخلص من هذا أن للمعلم دوراً ومكانة عالية مهمّة... ولا يجب أن يكون بمعزلٍ عن الأمة والمجتمع، بل يجب أن يكون له كما قلنا سابقا تأثير، فهو عالم عامل، قارئ مجاهد، آمرٌ بالمعروف ناهٍ عن المنكر، صادع بالحق... وسأذكر هنا قصة عن امرأة عالمة معلمة لنرى منها قوة تأثير العالم المعلّم حتى على الحكام، يُحترم ويُهاب جانبه، وهي قصة للسيدة نفيسة بنت الحسن التي كان لها أثر علمي في فقه عالمين كبيرين من أئمة المسلمين، وهما الشافعي وأحمد بن حنبل، ففي أحد الأيام وهي في مصر حيث عاشت، حدث أن قبض أعوان أحد الأمراء على رجل من العامة ليعذبوه. فبينما هو سائر معهم، مرّ بدار السيدة نفيسة فصاح مستجيراً بها. فدعت له بالخلاص قائلة: "حجب الله عنك أبصار الظالمين". ولما وصلوا بالرجل بين يدي الأمير، قالوا له: إنه مرّ بالسيدة نفيسة فاستجار بها وسألها الدعاء فدعت له بخلاصه، فقال الأمير: "أوَبلغ من ظلمي هذا يا رب، إني تائب إليك وأستغفرك". وصرف الأمير الرجل، ثم جمع ماله وتصدق ببعضه على الفقراء والمساكين.
وقيل أنه لما ظلم أحمد بن طولون، استغاث الناس من ظلمه، وتوجهوا إلى السيدة نفيسة يشكونه إليها. فقالت لهم: متى يركب؟ قالوا: في غد. فكتبت رقعة ووقفت بها في طريقه، وقالت: يا أحمد بن طولون. فلما رآها عرفها فترجّل عن فرسه، وأخذ منها الرقعة وقرأ ما فيها: "ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخُوّلتم ففسقتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نفاذة غير مخطئة لا سيّما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوعتموها، وأجساد عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنَّا إلى الله متظلمون، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون"! يقول القرماني: فعدل من بعدها ابن طولون لوقته! فرفع المظالم عن الناس... وهذا ما يجب أن يعرفه الجميع، أن المعلم له تأثير ودور وهيبة ومكانة ضاعت مثلما ضاع الكثير عندما ضاعت هيبة الإسلام بعد هدم دولته، ولن تعود إلا بعودتها وعودة الإسلام عزيزا مُهابا كما كان، وما ذلك على الله بعزيز...
وأختم بهذه الوصية التي قالها علي رضي الله عنه لكميل بن زياد النخعي الذي قال: "أخذ علي بن أبي طالب بيدي فأخرجني إلى ناحية الجُبَّان، فلما أصحرنا - أي نزلنا إلى الصحراء - جلس ثم تنفس ثم قال يا كُميل بن زياد، القُلُوبُ أوعيةٌ؛ فَخَيْرُها أوْعاها، احْفَظْ ما أقولُ لَكَ، النَّاسُ ثلاثةٌ: فَعالِمٌ رَبَّانِيٌّ، ومُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجَاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ، أتْباعُ كلِّ ناعِقٍ، يَميلونَ مَع كُلِّ رِيحٍ، لَم يَسْتَضِيئوا بِنُور العَلمِ ولم يَلجَأوا إلى رُكنٍ وَثِـيقٍ. العِلمُ خَيرٌ من المالِ، العِلْمُ يَحْرُسُكَ وأنْتَ تَحرُسُ المالَ، العلمُ يَزُكو على العَمَلِ، والمال تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، العلمُ حَاكِمٌ، والمال مَحكُومُ عَلَيْه، وصَنيعَةُ المالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ، ومَحَبَّةُ العالم دِيْنٌ يُدانُ بها. مَاتَ خُزَّانُ الأَموالِ وَهمُ أَحْيَاءٌ، والعلماءُ بَاقُونَ مَا بَقِي الدَّهْرُ، أَعْيَانهم مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُم في القُلُوبِ مَوجُودَةٌ"...
اللهم أعزّنا بالإسلام وأعزّ الإسلام بنا...
مسلمة الشامي (أم صهيب)
جزاكم الله خيرا وبك بكم وبجهودكم
تقتل الريادة و #الإبداع وتشجع #التقليد والإتباع!
تولي الدول اهتماماً كبيراً لسياسة #التعليم وأساليبه، وتقوم ببنائها على عين بصيرة، لما لها من أثر كبير في بناء شخصيات الأفراد وإبراز وجه #الدولة وبيان مكانتها بين الدول، وسياسة التعليم الناجحة هي التي تؤدي إلى إيجاد علم للدارس وعمل للمجتمع، بحيث تكون المدارس والجامعات حاضنات للأفكار، ومراكز لتفريخ العلماء المبدعين في شتى المجالات. وتلعب مناهج التعليم والطرق والأساليب التي تدرس بها دوراً حيوياً في تحديد نوعية التعليم وخلق #التفكير_الإبداعي لدى الطلاب.
إن المدقق في سياسة التعليم في بلاد #المسلمين يرى أنها سياسة فاشلة، سياسة تجهيل لا تعليم، سياسة تربي في النفوس مبدأ التقليد والاتباع لا مبدأ الريادة والإبداع، ويظهر ذلك بوضوح في طريقة التدريس المتبعة فيها، فهي طريقة عقيمة تؤدي إلى تعطيل عملية التفكير وقتل الإبداع عند الطلاب، لأنها تقوم على التلقين والتعليم النظري، وتركّز على الحفظ المجرد للمعلومات دون ربطها بالواقع أو تحليلها وفهمها، ونتيجة لذلك أصبحت الأفكار مجرد معلومات صمّاء غير متصورة في ذهن الطلاب، يرددونها ليُمتحنوا فيها ثم ينسونها ويمزقون الكتب والأوراق بعد انتهاء الامتحان.. فالتعليم عندهم علامات وشهادة وليس علما يطبقه في الحياة لترتقي أمته...
وتُتَبَعُ هذه الطريقة العقيمة في #التدريس في تدريس #العلوم التجريبية وغير التجريبية على حد سواء، فالمواد غير التجريبية كالتاريخ واللغة والمعارف الإسلامية من فقه وتفسير وحديث وغيرها، يملؤها الحشو والتكرار، وتقوم على الحفظ والاستظهار بدل الفهم والتفسير والمقارنة والنقد.
ولا زالت أغلب الأسئلة تأتي للطلاب في #امتحانات هذه المواد - حتى في #الجامعات والمعاهد العليا - على شكل (اذكر، عدد، بيّن)، هذا عدا عن الأسلوب الممل الذي تدرس به هذه المواد، ولو أخذنا اللغة العربية كنموذج على هذه العلوم، نرى أنها تدرس على أنها مادة جامدة ليس فيها حيوية، تدرس بأسلوب لا ينمي قدرات الطلبة على الكتابة والتأليف والخطابة والتحدث، حتى مواضيع التعبير التي يفترض بها أن تنمي قدرات الطلبة على الكتابة والتعبير عن أنفسهم وتمكن من اكتشاف الكتاب والمؤلفين من بينهم، أصبحت في كثير من الأحيان طلباً بتلخيص الدرس أو القصة التي درسوها بدلاً من الكتابة حول موضوع معين، وإن طلب منهم الكتابة فإن هناك قوالب وصوراً نمطية للأشياء لا يجب أن يخرجوا عنها، أو يبدعوا في إيجاد صور وتشبيهات جديدة.
أما على صعيد العلوم التجريبية كالكيمياء والفيزياء وغيرهما، فتدرس بطريقة الإدراك الصرف (المجرد) أي التعليم بالتلقين، لا بطريقة #الإدراك الحسي الناتج عن استخدام الحواس الخمس من خلال التجريب والممارسة العملية، حتى ترسخ #المعلومات في عقول الطلبة فيصعب نسيانها، ويستطيعوا إثبات صحة المعلومة المعطاة لهم أو نقضها. وحتى إن احتوت كتب هذه المواد على قضايا للبحث أو وضعت فيها تجارب علمية ليجريها الطلبة، فإنهم يصطدمون بمعضلة الافتقار للبنية التحتية اللازمة لدراسة هذه العلوم من مختبرات وأدوات ومراجع، فالمدارس والجامعات المجهزة بهذه التجهيزات قليلة وقسم منها هو مدارس وجامعات خاصة لا حكومية، ويتم توفير هذه التجهيزات فيها من خلال الدعم والتبرعات الخارجية التي تُخضعهم لإملاءات وشروط معينة ليس من ضمنها طبعا ما يساعدهم على التفكير والتحليل والربط الصحيح للنهضة والرقي...
فالحكومات في بلاد المسلمين ليست فقط لا تولي اهتماماً بالعلم والمتعلمين، بل إن مسؤولي التربية والتعليم في بلاد المسلمين يطالبون بالتخفيف من تدريس المواد العلمية وتدريس الرقص والموسيقى بدلاً منها، ليحل الفساد والجهل مكان العلم والإبداع، فقد صرح وزير التربية في تونس ناجي جلول في برنامج على قناة الحوار التونسي: "يلزم نقّصوا شوية Math وشوية physique بس نربحو وقت للرقص والموسيقى"!
إن هذه الطريقة في التدريس تؤدي إلى اكتساب الطلاب للمعلومات اكتساباً سطحياً نظرياً، وتجعل من الحصص الدراسية أمراً مملاً فاقداً للحيوية والنشاط، وهي كذلك لا تخلق دافعية لدى الطلاب للتعلم وحب المدرسة، حتى إن بعض الأبحاث والدراسات تشير إلى أن طريقة وأساليب التدريس المملة هي سبب من أسباب التسرب المدرسي، إضافة إلى أنها لا تنمي قدراتهم على اتخاذ القرارات والتعامل مع المواقف الحياتية، باختصار إنها طريقة تجعل من الطلاب مجرد ببغاوات يرددون ما حفظوا.
ولهذا كله نرى الفجوة بل الهوة الكبيرة التي يجدها طلابنا عندما يذهبون للتعلم في الجامعات الغربية... فهي أكبر دليل على عقم هذه الأساليب...
أما ما هي الطريقة الصحيحة للتدريس التي تخرج لنا علماء ومبدعين، فهي الطريقة التي تجعل من العقل أداة للتعليم والتعلم، وتعتمد الخطاب الفكري من المعلم والتلقي الفكري من المتعلم طريقةً للتدريس فيها، مع تغيير في الأساليب والوسائل لإيصال الأفكار إلى الطلاب بسرعة ونجاح، والأساليب متنوعة كالحوار والمناقشة والقصة والمحاكاة وحل المشكلات وإجراء التجارب والتدريب العملي المباشر، وحتى الخيال... فإذا أراد المعلم أن ينقل الفكر إلى المتعلم فإنه ينقله بوسيلة أو أكثر من وسائل التعبير وعلى رأسها اللغة، فإذا اقترن هذا الفكر عند الطلبة بواقع محسوس أو سبق أن أحسوا به أو أحسوا بمثله فقد انتقل إليهم فكراً كأنهم هم الذين توصلوا إليه، لذا لا بد للمعلم أن يقرب معاني الأفكار إلى ذهن الطالب بقرنها بواقع محسوس لديهم أو بواقع قريب مما يحسونه حتى يأخذوها أفكاراً لا مجرد معلومات وذلك باستخدام الوسائل والأساليب التعليمية المتنوعة كما ذكرنا.
ولكن لا بد من الانتباه إلى أن الأساليب والوسائل غير دائمة، وأن على المعلم أن يبدع في إيجاد الأساليب والوسائل الناجعة لتفهيم الطلاب الأفكار المقررة، مراعياً ظروفهم والفروق الفردية بينهم. فمثلا كان الخطاب والتلقي الفكريين سابقاً يتم بالقلم والورقة والمشافهة والتقليد والكتابة، لكنها اليوم تتم بالصور المطبوعة والمتحركة والأشرطة الصوتية والتجارب في المختبرات.
فلو أردنا على سبيل المثال تعليم الطلاب درساً حول المواد الموصلة للحرارة وللكهرباء والمواد غير الموصلة لهما، فإن الطريقة الصحيحة أن يقوم الطلبة بتجريب ذلك في مختبر مجهز لهذا الغرض فيرى الطالب بعينيه كيف أن النحاس مثلاً موصل للكهرباء، بينما البلاستيك لا، ويلمس بيديه كيف أنه موصل للحرارة بينما البلاستيك غير موصل لها، بدلاً من تدريسهم هذه المعلومة على الورق فقط.
وعند تدريس مواضيع تتعلق بالفتوحات والمعارك التي قام بها قادة المسلمين في مادة #التاريخ، يمكننا أن نستخدم أشرطة الفيديو والخرائط وغيرها من الوسائل لتقريب الصورة إلى ذهن الطلبة، وعلينا أيضاً أن لا نكتفي باستخدام المعلومات مجردة عن فكرة العقيدة الإسلامية، بل يجب أن تحدث تأثيراً في نفوس الطلبة، كأن يستشعر الطالب أهمية الجهاد في سبيل الله وأنه طريقة لحمل الدعوة إلى الأمم والشعوب، وإصرار المسلمين عليه، ووجوبه عليهم، والأجر الذي يحصلون عليه، وفضل الشهادة عند الله تعالى، ومعاني البذل والتضحية والعزة، واستخلاص العبر عند الهزيمة في بعض المعارك، وسبب #النصر، إلى غير ذلك من تركز هذه المفاهيم.
وعند تدريس #اللغة_العربية وعلومها من صرف ونحو وبلاغة وغيرها، لا يجب أن ندرسها باستخدام المعلومات المجردة عن العقيدة الإسلامية فهي لغة القرآن، وبها يفهم وتفهم السنة، ومن خلالها تستنبط الأحكام الشرعية، ويدرك وجه إعجاز القرآن. مع استخدام الأساليب والوسائل التكنولوجية المختلفة لإيصال المعلومات مع ضرورة إشراك الطلبة في المناقشة والبحث وتحليل النصوص باستخدام ما تعلموه من علوم العربية، وإفساح المجال لهم للكتابة والإبداع.
إن حديثنا عن سياسة التعليم الفاشلة وطريقة التدريس العقيمة لا يعني أن #الأمة_الإسلامية، ليس فيها مبدعين وعلماء ومخترعين في مختلف المجالات، بل فيها الكثير والحمد لله، ولكنهم لا يحظون بالتكريم والاهتمام المناسبين، ولا يتم دعمهم مادياً واحتضان مواهبهم وإبداعاتهم من قبل الأنظمة في بلاد المسلمين، فكم من مخترع ومبدع اضطر للهجرة من بلاده لأنه لم تتوفر له الإمكانيات والظروف المناسبة في بلاده، وإذا بنا نسمع بعد فترة عن مخترعات واكتشافات لهم في البلاد التي هاجروا إليها، ومن هؤلاء المهندس التونسي أشرف بن ثابت الذي هاجر إلى #ألمانيا وأثناء عمله فيها اخترع أول كاميرا k44 في العالم تستعمل للأغراض الطبية.
بينما في مفارقة عجيبة نرى الأنظمة في بلاد المسلمين ترعى من لديه "موهبة" في الرقص والغناء والألعاب
التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وتقيم لهم البرامج والمسابقات وتنفق عليهم المليارات، لأنها باختصار أنظمة تنفذ إملاءات وترعى الفساد والجهل، بدعم ومساندة من دول الغرب ومنظماتها الدولية، التي تتعمد تجهيل أبنائنا من خلال مناهج تقتل الإبداع وتحرم الطالب من التجربة العملية والتفكير النقدي وإعمال العقل، ومن خلال عمليات تقويم تركّز على الحفظ المجرد للمعلومات دون ربطها بالواقع أو تحليلها أو فهمها.
ختاماً: إن سياسة تعليمية كهذه لا يمكن أن تشكل بأي حال من الأحوال تربة خصبة لإنبات الإبداع، وإن أنظمة عميلة كهذه لا يمكن أن تكون داعمة للمبدعين، فإيجاد الإبداع ورعاية المبدعين لا يكون إلا من خلال دولة تولي اهتماماً بالتعليم وتنظر إليه على أنه أحد أهم القنوات التي من خلالها يصنع قادة الأمة ليضطلعوا بأعباء أمتهم بل والعالم أجمع، فتضع سياسة تعليمية تحقق هذا الهدف، وتهيئ البنية التحتية اللازمة من مكتبات ومختبرات ووسائل المعرفة الأخرى في المدارس والجامعات، وتهيئها في خارجها أيضاً لتمكين الباحثين والدارسين من مواصلة أبحاثهم، وترفع من شأن العلم والعلماء وتحتضنهم وتشجعهم على التنافس في العلم، وذلك كما فعل المأمون عندما جعل وزن الكتاب المُترجَم - من لغة غير العربية إلى اللغة العربية - ذهبًا للعالِم الذي يقوم بترجمته وبعض الروايات تقول إنه جعل ذلك أيضاً لكل من يؤلف كتاباً. وكما فعل هارون الرشيد، الذي قال عنه عبد الله بن المبارك: "ما رأيتُ عالمًا، ولا قارئًا للقرآن، ولا سابقًا للخيرات، ولا حافظًا للحرمات في أيام بعد أيام رسول الله وأيام #الخلفاء_الراشدين والصحابة، أكثر منهم في زمن الرشيد وأيامه، لقد كان الغلام يجمع القرآن وهو ابن ثماني سنين، ولقد كان الغلام يستبحر في الفقه والعِلم، ويروي الحديث، ويجمع الدواوين، ويناظر المعلمين وهو ابن إحدى عشرة سنة"، ولم يكن ذلك إلا بكثرة إنفاقه، واهتمامه بالعلم والعلماء وطلابه منذ الصغر!!
إن تطبيق نظام تعليمي رائد لن يكون إلا في ظل #دولة_الخلافة_الراشدة الثانية على منهاج النبوة والتي ستعيد الأمة الإسلامية، كما كانت الأولى في كل المجالات، حيث خرجت من مدارسها العلماء والساسة والقادة في شتى الميادين وأرست قواعد مجتمع إسلامي يشار له بالبنان، فكانت تخرّج رجال دولة وقادة معركة ورجال فقه وعلم ونقلت العالم من دياجير الظلام إلى #نور_الإسلام، ونسأل الله أن يكون قيامها قريبا...
براءة مناصرة
بيان صحفي
#مؤتمر ومعرض #المرأة العالمي: "#الخلافة_والتعليم: إحياء العصر الذهبي"
برعاية القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير وبالتعاون مع القسم النسائي لحزب التحرير في إندونيسيا - (مترجم)
======================
في يوم السبت الموافق 11 آذار/مارس، سوف يقوم القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير وبالتعاون مع القسم النسائي لحزب التحرير في #إندونيسيا، برعاية #مؤتمر_المرأة العالمي في #جاكرتا، إندونيسيا، بعنوان "الخلافة والتعليم: إحياء العصر الذهبي" ليعرض أزمات#التعليم التي تؤثر حالياً على العالم الإسلامي. وسيحضر المؤتمر متحدثات من فلسطين، وتركيا، وتونس، والخليج، وماليزيا، والمملكة المتحدة، وهولندا، وإندونيسيا. حيث سيجمع المؤتمر حوالي 1700 امرأة مؤثرة، منهن المعلمات، والمحاضرات، والباحثات، بالإضافة إلى الخبيرات في مجال التعليم، كما سيضم طالبات جامعيات، وناشطات طلابيات، وقائدات مجتمع، وصحفيات، وممثلات لمنظمات. وسيتضمن المؤتمر كلمات، وحلقات نقاش، وشهادات من مندوبات سيقمن من خلال تجاربهن بعرض مشاكل وإخفاقات أنظمة التعليم في مناطقهن.
وسيتم نقل المؤتمر بشكل مباشر للجمهور العالمي بثلاث لغات: #العربية، والإنجليزية، والإندونيسية. كما سيسبق المؤتمر معرض تاريخي يوم الجمعة الموافق 10 آذار/مارس، حيث سيتم فيه عرض بعض القضايا المهمة التي سيتناولها المؤتمر أيضا، من بينها سياسة ومنهاج التعليم في #دولة_الخلافة. ومن المتوقع أن يجذب المؤتمر زواراً من جميع أنحاء إندونيسيا.
يأتي المؤتمر والمعرض تكليلاً لجهود ثلاثة أسابيع من الحملة العالمية المكثفة حول قضية سوء حالة التعليم في البلاد الإسلامية وكيف أن الخلافة وحدها هي التي ستوفر الوسائل التي ستمكّن من حل هذه الأزمة وبناء نظام تعليمي على مستوى عالمي.
ومن المواضيع التي سيتم تناولها في المؤتمر والمعرض: ماذا يجب أن يكون الهدف الحقيقي للتعليم، والمخططات المكثفة الحالية التي تهدف إلى المزيد من علمنة النظام التعليمي في بلاد المسلمين، وأسباب أزمات التعليم في العالم الإسلامي، ورؤية دولة الخلافة لنظام التعليم وكيفية إنشاء جيل وحضارة ذهبية، وكيف ستبني دولة الخلافة نظاما تعليميا بمستوى عالمي، وحقوق المرأة في التعليم في ظل الدولة الإسلامية، وتوجيهات حول كيفية تشكيل نظام تعليمي إسلامي في ظل غياب دولة الخلافة اليوم.
مما لا شك فيه أن #العالم الإسلامي حاليا يعاني من "أزمة في التعليم" ذات أبعاد خطيرة. إن الحالة المزرية لنظام التعليم في المنطقة تقف في تناقض صارخ مع ما تمتعت به البلاد الإسلامية من نظام تعليمي ممتاز في ظل الحكم الإسلامي لدولة الخلافة والتي أوْلت اهتماما ودعما كبيرا لاكتساب ونشر العلم، حيث قادها هذا الاهتمام إلى أن تكون مركز العلم في العالم. حيث إنها ربّت أعدادا كبيرة من الباحثين والعلماء واحتضنت عصر الابتكارات والاكتشافات العظيمة، مما أوجد حضارة عظيمة أصبحت قوة عظمى في العالم. يهدف المعرض والمؤتمر إلى دعوة المسلمين في العالم لإحياء هذا العصر الذهبي من التعليم والبحث والتقدم العلمي، من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة والتي ستبني حضارة عريقة ستقود العالم بالفكر والعدالة الإسلامية.
سيعقد المؤتمر بإذن الله يوم السبت 11 آذار/مارس في تمام الساعة الثامنة صباحا، في جيدانغ براجوريت، بالاج سودرمان جاي أي. د. ساهارجو رقم 268 جاكارتا. وسيقام المعرض يوم الجمعة الموافق 10 آذار/مارس من الساعة الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساء في جيدانغ براجوريت، بالاج سودرمان جاي أي. د. ساهارجو رقم 268 جاكارتا. كما سيعقد مؤتمر صحفي يوم المؤتمر الساعة الثانية عشر ظهرا في قاعة الشخصيات المهمة في جيدانغ براجوريت، بالاج سودرمان.
يسمح للنساء فقط بحضور المؤتمر والمعرض، ولكن يمكن للصحفيين الرجال حضور المؤتمر الصحفي.
صفحات الحملة:
https://goo.gl/48dTS3 / www.facebook.com/WomenandShariahA
رابط تحميل فيديو الحملة:
https://youtu.be/St9nYSWy950
رابط البث الحي للمؤتمر - الساعة الرابعة صباحا بتوقيت المدينة المنورة:
https://youtu.be/KwHEyQztPc4
رابط البث المدعم باللغة العربية للمؤتمر - الساعة 14:00 ظهراً بتوقيت المدينة المنورة:
https://youtu.be/rRIpSuCcz4k
للمزيد من المعلومات بخصوص المؤتمر أو المعرض وللاعتماد الصحفي يرجى التواصل عبر البريد الإلكتروني التالي:
Khilafah.Education2017@gmail.com
كثير من الآباء يشكون عقوق أولادهم وعدم طاعتهم لهم، وإذا ما قاموا بتنفيذ الأمر الصادر لهم من والديهم ينفذونه وهم متبرمون غاضبون، يتهمون آباءهم بالظلم والقهر، فكيف يستطيع الوالدان إقناع أبنائهم بما يريدون؟ وأن يوجدوا لديهم الدافع لتنفيذ الأمر برغبة وحب ودون إجبار وإكراه.
1- #القدوة
القدوة في #التربية هي من أنجح الأساليب المؤثرة في إعداد الولد سلبا أو إيجابا، فإذا كان المربي صادقا أمينا كريما عفيفا، نشأ الولد على #الصدق و #الأمانة والعفة والكرم. وإذا كان المربي كاذبا خائنا بخيلا نشأ الولد على الكذب والخيانة والبخل والجبن والنذالة. لذا وجب على الوالدين أن يتصفا بالصفات التي يريدان غرسها في الأبناء، وأن يراعيا القواعد السلوكية التي يريدان تنشئة الأولاد عليها.
2- استخدام القصة في إقناع الأولاد
هذا الأسلوب له تأثيراته النفسية وانطباعاته الذهنية وحججه العقلية، وقد استخدم القرآن القصة على نطاق واسع لأنها أسلوب مهم لزرع مفاهيم الأعماق في النفوس. والقصة القرآنية لها ثلاث مهمات: إثارة التفكير وأخذ #العظة والعبرة والتسلية.
3- إيجاد الألفة بين الآباء والأبناء
عن طريق معرفة #النظام التمثيلي للأولاد عن طريق ملاحظة سلوك الولد وكلماته وحركات يديه وعينيه وطريقته في التنفس وإيماءاته وتعبيرات وجهه. فيعرف إن كان من ذوي النظام البصري أو السمعي أو الحسي، إذا عرف الآباء النظام التمثيلي للأبناء، يستطيع الآباء التأثير فيهم بما يتناسب مع نظمهم. فإذا أردت التأثير على الولد البصري فاجعل كلامك معه سريعا وعاليا واستخدم وسائل الإيضاح (رسوم وصور) واعرض الموضوع بصورة عامة، لا تقترب منه. أما إذا كان ابنك سمعيا، فاجعل كلامك بين السرعة والوسط، تنفس بسرعة معتدلة، واعرض الموضوع بصورة إجمالية ونوع في نغمات صوتك ودرجته أثناء حديثك معه. أما إذا كان ابنك حسيا فاجعل كلامك هادئا بطيئا وتنفسك عميقا، اعرض الموضوع بتفاصيله، واقترب منه وأشبع مشاعره والمسه.
4- كيفية الحوار بين الآباء والأبناء
قبل محاولة إقناعه بأي موضوع، يجب على الوالدين معرفة نمط الابن وكيف يفكر، هل هو من الناس الذين يفضلون الحصول على المتعة أم من الذين يركزون على تجنب الألم؟ هل هو من الذين يتأثرون بكلام الآخرين حولهم أم بحديث أنفسهم؟ هل هو من الذين يهتمون بمصالحهم الخاصة أم من الناس الذين تتسع دائرة اهتماماتهم ليهتموا بمصالح الآخرين؟ وهل هو من الذين يركزون على أوجه الخلاف أم من الذين يركزون على أوجه التشابه بين الأشياء؟ وهل هو من الذين يقتنعون بسرعة من مرة واحدة؟ أم من الذين يحتاجون كل مرة إلى إقناع. وهل هو من الناس الذين يقومون بأنشطتهم مضطرين؟ أم الرغبة تدفعهم لذلك؟ وكل صنف من هؤلاء له مدخل للحديث.
5- ساعد ابنك على تحقيق أهدافه:
#الحوار مع الأبناء يشجعهم في الحديث عن طموحاتهم وأحلامهم وأهدافهم وماذا يريدون من الحياة وما الذي يخططون له مستقبلا. كما يشجع الأبناء على التعبير عن مشاكلهم مع زملائهم وإخوانهم وأصحابهم مما يجعل الوالدين مطلعين أولا بأول على مشاكل أولادهم ومساعدتهم في حلها. شجع ابنك على الحديث عن مشاعره وانفعالاته وأفكاره وأحلامه ومشاريعه ودعه يحلم ويتحدث عن حلمه... ثم ساعده في تحديد أهدافه بوضوح. شاركه في تصنيف هذه الأهداف، قريبة المدى، متوسطة المدى، بعيدة المدى، حدد معه الفترة الزمنية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، هل هي أهداف يومية أم أسبوعية أم شهرية أم سنوية. ضع معه جدولا يوميا يتبعه.
6- علم ابنك كيف يتحكم في مشاعره كالخوف أو الغضب أو الغيرة عن طريقين، التحكم في الأعضاء، والتمثيل الداخلي
أ- التحكم في الأعضاء: يستطيع الإنسان أن يتحكم في مشاعره بحركات بسيطة
ب- التمثيل الداخلي: وهو أن يقنع نفسه عن طريق حوار داخلي بأنه شجاع وليس جبانا
7- المداخل الأسرع تأثيرا في الأبناء: إذا أردت فتح حوار أو تكليف الأولاد بمهام أو مناقشة مشكلة فاختر أحد المداخل التالية: المشاعر والتكرار والاسترخاء والخيال واستغلال الحوادث والتلقين واستخدام الأسلوب الحسن في الطلب.
8- إعطاء الأوامر الفعالة: ما ذكر سابقا قد لا يجدي مع بعض الأولاد، فإذا طلبت منهم شيئا لا يستجيبون لك، إن الطلب بأدب يجدي مع الأولاد الذين تربوا منذ نشأتهم على طاعة الوالدين واحترامهما واحترام الكبار، لكن هناك من الأولاد من نشأوا على التمرد والعصيان والعناد وعدم الالتزام بالواجب، فهؤلاء يصعب التعامل معهم، ويرفضون تنفيذ أوامر والديهم، لذا على الوالدين إعطاء الأوامر الفعالة، وعدم الاكتفاء بمجرد الطلب بلطف.
- أعط الأمر عندما تريد أن يكف ابنك عن القيام بعمل خاطئ كالصراخ بصوت عال أو مزعج، قل له: توقف عن الصراخ.
- أعط الأمر عندما تريد أن يقوم ابنك بعمل ما كحل الواجبات المدرسية، قل له: اكتب واجباتك.
كيفية إعطاء الأوامر
اقترب من ابنك، ارسم تعبير استياء وغضب على وجهك واجعله ثابتا وانظر بثبات في عينيه ونادِ عليه باسمه وأعط أوامر صارمة واضحة بصوت حاد وإذا رفض الاستجابة كرر الطلب بحزم أكبر.
لا تعطِ أوامر غامضة ولا تسأل سؤالا عند إعطائك الأمر، ولا تعلق على السلوك السيئ عند إعطاء الأمر، ولا تعط أسبابا لقانون معين، أثناء حصول السلوك السيئ، فإن الوقت الذي يجب أن توضح فيه القانون أو القاعدة السلوكية المطلوبة يجب أن تكون قبل وقوع المخالفة أو بعد التوقف عنها وليس أثناءها.
نجاح السباتين – ولاية الأردن
الجزء 2
الخلافة على منهاج النبوة ستحمي #التعليم من أن يكون سلعة استعمارية في #بلاد_المسلمين
مترجم
حدد الله سبحانه وتعالى الجودة التي ستنتج من عملية التعليم في الإسلام، بحيث يصبح الأفراد مؤهلين كأولي الألباب وجيلاً يصبح خير أمة. في المستقبل، سيصبح هذا الجيل قادرا على قيادة أمته لتصبح أمة عظيمة وقوية ورائدة، بل إلى درجة أنها ستصبح رائدة #العالم في #الحضارة وفي التطور التكنولوجي. هذا المقال هو الجزء الأخير من النقاش حول المفهوم الإسلامي للجامعة ذات المستوى العالمي.
التعليم هو استثمار كبير لحضارة
قبل فترة طويلة من #الصحوة في #أوروبا و #أمريكا، كانت الأمة الإسلامية وحضارتها تقودان العالم بنجاح في الحضارة والتطور التكنولوجي لمدة 13 قرنا. لم تغلبها أية أمة أخرى في الصمود هذا القدر الطويل من الزمن. وقد وصف هونكي والفاروقي جيدا خلفية المجتمع الإسلامي في عهد الخلافة، حيث إنهما أسندا سببين رئيسيين لنجاحها في حيازة وتطوير العلوم والتكنولوجيا.
أولا، النموذج الفكري الذي نشأ في #المجتمع الإسلامي، والذي ولد من العقيدة الإسلامية. والذي يصرح بأن العلم والإيمان "توأمان"، وأن التعلم هو شكل من أشكال العبادة - كطريقة لمعرفة الله - وأن العلماء هم ورثة الأنبياء، في حين إن الخرافة هي شكل من أشكال الشرك. هذا النموذج حل محل النموذج الجاهلي، والذي كان أيضا النموذج الفكري لروما وبلاد فارس والهند، والذي جعل العلم امتيازا طبقيا محجوبا عن عامة الناس. وعلى العكس من ذلك، استخدم هونك مصطلح "أمة واحدة تذهب إلى المدرسة" لتوضيح أن هذا النموذج الفكري كان ثوريا جدا بحيث كانت هناك صحوة علمية وتكنولوجية. وظهر الدافع في السعي وراء طلب #العلم من خلال الأحاديث الشريفة مثل «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، و«اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»، و«اطلبوا العلم، ولو في الصين»، و«طلب العلم ساعة خير من قيام ليلة»، الخ. وحتى الأثرياء كانوا متحمسين وفخورين جدا للقيام بالأمور التي من شأنها رفع مستوى العلم والتعليم في المجتمع، مثل بناء مكتبة عامة، وإنشاء مرصد، أو مختبر، فضلا عن التعاقد مع الخبراء.
ثانيا، كان دور الدولة قويا في توفير المحفزات الإيجابية لتطوير العلوم. وعلى الرغم من أن الأوضاع السياسية كانت متغيرة، إلا أن موقف الحكام المسلمين في الماضي نحو العلم كان أكثر إيجابية من الحكام الحاليين. لقد أظهرت الدولة احتراما كبيرا تجاه المعلمين والباحثين والعلماء ووفرت احتياجاتهم، ومكّنتهم بجدية في دورهم بل وشجعتهم على التمكن من أعلى المستويات من العلوم وكانت دوافعهم إلى ذلك مستندة إلى القرآن والسنة.
والنقطة الثانية هي محور هذه الورقة. لا جدال في أن استقلال الدولة وقوة رؤيتها هي أهم العوامل في التمكن المعرفي/العلمي وتوجيه تخطيط نظام تعليم متميز. وذلك لأن النظام السياسي للدولة سوف يقوم بتوجيه إدارة مواردها (الطبيعية والبشرية) كاملة لتحقيق أهدافها السياسية.
السياسة في الإسلام تعني رعاية شؤون الأمة داخليا وخارجيا بأحكام الإسلام. وتنفيذ النشاط السياسي يكون من قبل الأمة والدولة. الدولة هي المؤسسة التي تباشر هذه الرعاية عملياً. والأمة تقوم بمحاسبة الدولة في قيامها بواجباتها. وفي الوقت نفسه، فإن الهدف السياسي للإسلام هو الحفاظ على حياة الرعية بالشريعة الإسلامية في جوانب مهمة من حياتهم، وهي: المحافظة على النسل، والعقل، والشرف، والحياة البشرية والممتلكات، والدين، والأمن، والبلاد.
في مجال التعليم، من أجل تحقيق الهدف السياسي للإسلام في الحفاظ على العقل، تلتزم الدولة بتشجيع الأفراد على طلب العلم، والتفكير والاجتهاد، وكذلك الحالات المختلفة التي يمكن فيها تطوير قدرات العقل البشري، وهو أيضا يشيد بوجود العلماء (انظر: سورة المائدة: 90-91؛ سورة الزمر: 9؛ وسورة المجادلة: 11). ستقوم سياسة الدولة في نظام الإسلام بتخطيط النظام التعليمي جنبا إلى جنب مع أنظمة الدعم كاملة. ليس فقط من حيث الميزانية، ولكن أيضا فيما يتعلق بوسائل الإعلام، والبحث والعمل والصناعة، صعودا إلى مستوى السياسة الخارجية. الحكومة الإسلامية تدرك حقا بأن التعليم هو استثمار المستقبل من أجل بقاء الإسلام.
I. السياسة الداخلية في الإسلام: ضمان عدم تحويل التعليم إلى سلعة
يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾، أنزل الله سبحانه وتعالى الإسلام رحمة للعالمين. وتتحقق رحمة الإسلام هذه من خلال تحقيق الخير للجميع من خلال قدرة أحكام الإسلام على حل جميع مشاكل الحياة لجميع البشر في العالم. وينطبق الشيء نفسه في التعليم. لن تقوم الخلافة بالتمييز عند توفير التعليم. وسيتم توفير التعليم الجيد المجاني من المستوى الابتدائي إلى المستوى الثانوي لجميع الرعايا بغض النظر عن الدين أو المذهب أو العرق، أو الطائفة، أو الجنس. وبالنسبة للتعليم العالي، فإن الخلافة ستقوم بتوفيره وفقا لقدراتها.
في عهد الدولة الإسلامية التي نشأت في المدينة المنورة بقيادة النبي ﷺ، بدأ نمط توفير التعليم، وكان النبي ﷺ بصفته رئيس الدولة يشيد بالعلم. وفي الفترة اللاحقة للخلافة الإسلامية، تم توفير التعليم مجانا لجميع الرعايا. وبالتالي، لم يحصل طوال التاريخ الإسلامي، أن سعت الدولة للربح أو فرضت رسوما على الرعية مقابل التعليم. ويرجع ذلك إلى أن النموذج الفكري للدولة قد أعدّ التعليم باعتباره حاجة أساسية للشعب يجب أن تتحقق. ثم أصبح التعليم في جوهر السياسة الاقتصادية في الإسلام، أي ضمان إشباع جميع الحاجات الأساسية. والحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد الرعية هي ثلاثة المأكل والملبس، والمسكن. أما بالنسبة لحاجات المجتمع الأساسية، فهي الأمن، والطب، والتعليم.
تضمن السياسة الداخلية للإسلام منع التعليم من أن يصبح تجارة أو سلعة اقتصادية. وعلاوة على ذلك، إذا فرضت رسوم معينة على الأفراد مقابل التعليم، فإن ذلك سوف يؤدي إلى التمييز بين الأفراد، لأنه سيؤدي إلى وجود نوعين من التعليم، تعليم للأثرياء وتعليم لعامة الناس. وبناء على ذلك، كان من الضروري أن نفهم المبادئ الأساسية للتمكن المعرفي عبر النظام التعليمي، والتي هي على النحو التالي:
التمكن العلمي والتكنولوجي يجب أن يتم بشكل منهجي من قبل الدولة.
التمكن العلمي والتكنولوجي يجب أن يكون فقط على أساس سياسات الدولة، وألا يكون مدفوعا من قبل المصالح الخاصة، ناهيك عن الأجانب.
يجب أن تعيش الأمة الإسلامية في ظل نظام دولة الخلافة، التي هي الدولة الإسلامية التي تطبق الإسلام وتحمل الدعوة للإسلام في جميع أنحاء العالم بحيث يتم تطبيق الإسلام ليكون رحمة للعالمين.
هذه هي المبادئ الأساسية الثلاثة التي يجب أن تلتزم بها الأمة الإسلامية التي وصفها الله سبحانه وتعالى بأمها "خير أمة". يجب أن نتذكر، أن ذروة التمكن في العلوم والتكنولوجيا أيام مجد الأمة الإسلامية في الماضي لا يمكن فصلها عن إقامة نظام الخلافة، حيث إن للخلافة نظام قيادة متكاملة على الصعيد العالمي ويتم تنفيذ الدور السياسي بمحاذاة الدور الديني. كما يدلنا التاريخ على أن الأعلام والقادة السابقين كانوا أفرادا أتقياء ورجال دولة مؤهلين وموثوقاً بهم، فضلا عن علماء ورعين يخشون ربهم، ويحبون المعرفة، ويحبون أمتهم. من هذا الجانب يمكن أن نرى التكامل بين الركائز الثلاث الرئيسية في تشكيل الحضارة الإسلامية، أي الدين والسياسة، والمعرفة، مندمجة تحت حكم واحد لنظام الخلافة وبقيادة الخليفة.
وفي الوقت نفسه، فإن المعيار لقياس قدرة دولة ما في التمكن العلمي والتكنولوجي بشكل منتظم، هو ما إذا كانت الدولة:
قادرة على تشكيل نظام التعليم وفقا لنظرة الدولة للحياة والمشاكل التي تواجهها الدولة
قادرة على تشكيل قدرة بحثية تؤدي إلى حل المشاكل التي تواجهها الدولة
قادرة على تشكيل نظام صناعي يطبق نتائج البحوث
قادرة على تشكيل نظام صناعي قادر على تحقيق منافع اقتصادية إلى حد ما
قادرة على توجيه النظام الصناعي من أجل حل المشاكل التي تواجهها الدولة، منطلقا من رؤية الدولة ورسالتها.
وبناء على هذه المبادئ الأساسية، يتبين أن دولة قوية ومستقلة سوف تضافر كل المكونات الاستراتيجية من أجل التمكن العلمي، بدءا من النظام التعليمي، وبما في ذلك القدرات البحثية، ونظامها الصناعي، وأنماط تعيين العمالة، وصولا إلى السياسة الدبلوماسية والعلاقات الدولية مع الدول الأخرى. وقد صممت جميعا بتعاون انطلاقا من المسار السياسي للدولة.
السياسة الخارجية في الإسلام: تحول دون أن يصبح التعليم أداة للإمبريالية
بالنسبة للدول التي تأسست على الأيديولوجية الرأسمالية فإن العلوم والتكنولوجيا هي العوامل الاقتصادية الأكثر أهمية، بجانب السياسة والقانون، والتغييرات الاجتماعية والثقافية. ولذلك، من أجل إنعاش الاقتصاد، فإنها تحتاج إلى تطوير العلوم والتكنولوجيا. انظروا إلى المراكز الصناعية للتعليم العالي واسعة الانتشار في جميع أنحاء العالم والمثيرة للاهتمام، مثل بوسطن، ونيويورك، وكاليفورنيا، أو تورنتو، وكولومبيا البريطانية، أو لندن، ومانشستر، وكامبريدج، أو سيدني، وملبورن، وكانبرا. هذه المدن الصناعية بدأت عملية رسملة القرن الـ21 للعلوم والتكنولوجيا، وخصوصا عندما يفهم بداهة بأن المعرفة هي المحرك للنمو الاقتصادي - اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا.
وبالتالي فإن تحليل سوزان سترينج صحيح، من حيث إن العلم والتكنولوجيا هي واحدة من نقاط القوة في العالم؛ "المعرفة هي القوة، فمن كان قادرا على التطوير أو الحصول عليه ومنع وصول الآخرين إلى نوع من المعرفة التي يحترمها ويسعى إليها الآخرون، سوف يمارس نوعا خاصا جدا من القوة الهيكلية". وهكذا أصبحت ممارسات احتكار المعرفة اليوم نوعا من متطلبات وجود أية دولة تسعى لتكون قادرة على قيادة العالم. وهذا ما قام به الغرب ضد البلاد الإسلامية، مما أدى إلى تزايد ارتفاع مستوى الاعتماد على الغرب من حيث التطور العلمي.
هذا الاعتماد هو محل للسخرية حقا، ذلك لأن الأمة الإسلامية كانت في الحقيقة في طليعة التمكن العلمي. وقد قدم العلماء المسلمون العديد من الاكتشافات التي تم جمعها في كتب المعرفة، ثم تطورت باستمرار من خلال البحوث. وأثبت علماء كبار مثل ابن سينا، والفارابي، وابن خلدون، والخوارزمي، وغيرهم، بأن الإسلام قد قاد يوما مجد العلم.
جنبا إلى جنب مع تراجع الإسلام، تناقص عدد العلماء المسلمين، وحتى إن مصادر المعرفة التي وجدت في آلاف الكتب إما أن تكون قد دمرت أو أخذها الغرب لتطويرها. وأخيرا، أصبح الغرب هو الذي ينجز التطورات السريعة في العلم، وليس الإسلام. وذلك لأن الدراسة والبحث، وتطوير العلوم يتم بنشاط في الغرب. وفي الوقت نفسه فإن الأنظمة في البلاد الإسلامية ليست جادة في هذه الأنشطة، لذلك فهي ما زالت متأخرة باستمرار من التمكن العلمي.
لمعالجة مشكلة اعتماد البلاد الإسلامية على الدول الغربية فيما يتعلق بالعلوم والتكنولوجيا، سيستعرض هذا الجزء من الورقة تحديداً كيف تتناول السياسة الخارجية في الإسلام مسألة التمكن العلمي والتكنولوجي. السياسة الخارجية في الإسلام لديها مسار سياسي يمنع استخدام التعليم كأداة للإمبريالية، سواء أكانت الدولة الإسلامية هي الفاعل أم المفعول به. وبعبارة أخرى، فإن الدولة الإسلامية سوف لن تستعمِر بلدا آخر باسم التعليم أو تسمح لنفسها بأن تُستعمَر بسبب الحاجة للمعرفة.
سوف تُلغي دولة الخلافة السياسات الخارجية للدول القائمة في العالم الإسلامي اليوم، والتي تتميز بالضعف والخنوع للغرب، لتُحل محلها نموذجا جديداً على أساس الإسلام. واستنادا إلى الشريعة الإسلامية، فإن الخلافة سوف تبني العلاقات مع الدول الأخرى في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة، والتعليم. وفي كل الشؤون الخارجية، وسوف تضمن الخلافة نشر الدعوة للإسلام للبشرية جمعاء في أفضل طريقة. قال النبي ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوْا أَنْ لاَاِلَهَ إِلاَّاللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَّسُوْلُ اللهِ وَيُقِيْمُوْا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوْا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوْا ذَلِكَ عَصَمُوْا مِنِّيْ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ اْلإِسْلاَمِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»
ستقوم دولة الخلافة الإسلامية بتنفيذ سياسة خارجية قائمة على طريقة ثابتة معينة، هي الدعوة والجهاد. هذه الطريقة لم تتغير على الرغم من أن حكام الدولة الإسلامية قد تغيروا. لم تتغير هذه الطريقة منذ تأسيس النبي ﷺ الدولة في المدينة المنورة، إلى أن هدمت الخلافة العثمانية. وعندما كان النبي ﷺ يحكم في المدينة المنورة، كان دائما يعد الجيوش، كما أنه بدأ الجهاد للقضاء على أشكال مختلفة من الحواجز المادية التي أعاقت الدعوة للإسلام. كانت قريش إحدى تلك الحواجز المادية التي حالت دون انتشار الإسلام، وبالتالي كان لا بد من محاربتها. لقد قضى رسول الله ﷺ بنجاح على الحواجز المادية للمؤسسات الحكومية لقريش وغيرها من القبائل في شبه الجزيرة العربية، حتى انتشر الإسلام في جميع أنحاء العالم. وفي الوقت نفسه، سيتم بناء العلاقات بين دولة الخلافة والدول الأخرى استنادا إلى المبادئ التالية:
هناك فرق جوهري جدا بين المعرفة (العلوم والتكنولوجيا) والثقافة. المعرفة - ومنها العلوم والتكنولوجيا - هي عالمية، وليست مملوكة ولا حكرا على أمة بعينها. فأي شخص لديه الحق في تحصيلها ودراستها. دولة الخلافة - باعتبارها دولة أيديولوجية يتوجب عليها الحفاظ على ثقافة أجيالها، بحيث تصبح للأمة الإسلامية شخصية إسلامية نموذجية ونبيلة. وبذلك، تلزم دولة الخلافة جميع الأنظمة والبرامج ومناهج التعليم التي يتم تطبيقها في جميع أنحاء المؤسسات التعليمية القائمة تحت رعاية دولة الخلافة الإسلامية، تلزمها الرجوع إلى النظام والبرامج والمناهج الدراسية لدولة الخلافة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الدولة أن تضمن أن نظام التعليم الذي يجري في البلاد خالٍ من تأثير أي من الأيديولوجيات أو الأفهام التي تتعارض مع العقيدة الإسلامية، وكذلك خال من الثقافات الأجنبية.
في مجال التعليم، فإن الخلافة وفق مسار سياستها الخارجية واستراتيجيتها الدبلوماسية ستتعاون بشكل استباقي مع الدول الأخرى غير المعادية، أما المبادئ التي تحكم الاتفاقيات الدولية لدولة الخلافة في التعليم فهي كما يلي:
تطبق الدولة الإسلامية المناهج الدراسية في التعليم وفق سياسة معينة لتشكيل الشخصية الإسلامية
تسمح الشريعة الإسلامية بتعليم وتعلم أنشطة في إطار تنمية المعرفة التي تعود بالفائدة على الأمة والعالم
يجوز للدولة الإسلامية إبرام اتفاقات لجلب مدرسين ومحاضرين في مجال العلوم التجريبية من الخارج، لأن المعلم مرتبط بمنهج الدولة، وينبغي منه ألا يحيد عنه
لا يجوز إبرام اتفاق يتضمن محتواه السماح للدول الأخرى بنشر الأفكار والعقائد الخاطئة، أو فتح المدارس الخاصة بين أبناء الأمة
لا يجوز إبرام اتفاق يتطلب محتواه أن تكون الدولة الإسلامية ملزمة بأي برنامج لا يتفق مع سياسات التعليم التي يجب التقيد بها بقوة
يضمن الإسلام بمبادئه النبيلة بأن تكون جميع العلاقات والاتفاقيات مع الدول الأخرى دائما على أساس التناظر وليس التلاعب، لأن منهجية السياسة الخارجية في الإسلام ليست استعمارية مثلما هي الحال في النظام الرأسمالي، وإنما هي الدعوة والجهاد لإعلاء القيم الإنسانية. وعلاوة على ذلك، فإن الأصل في العلاقات الدبلوماسية في الإسلام هو الاهتمام بالمصالح الداخلية دون تجاهل لمصالح الدول الأخرى.
خطوات تكتيكية لدولة الخلافة في سياسة التمكن المعرفي
أ. استراتيجية بناء قدرة الدولة في التمكن المعرفي
الاستراتيجية الأولى مرتبطة ببناء ثلاثة نظم فرعية تدعم قدرة الدولة في التمكن من أعلى مستويات المعرفة.
أولا: بناء نظام تعليم يقوم على رؤية من المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية إلى التعليم العالي بحيث تكون العقيدة الإسلامية المصدر الوحيد للفلسفة والأعراف العلمية، وبذلك يولد جيل يحمل صفات عقلية القيادة وإخلاص المؤمن، ولديه مجموعة متنوعة من المهارات ومجالات الخبرة.
ثانيا: بناء نظام البحث والتطوير، الذي لديه القدرة على إجراء بحوث متكاملة سواء من معاهد ومؤسسات البحوث في الدولة، أو من الجامعات. بحيث تكون كلها تحت التحكم والتشجيع والتمويل الكامل من قبل الدولة.
ثالثا: بناء نظام صناعي استراتيجي مملوك ويدار بشكل مستقل من قبل الدولة، ويستند إلى متطلباتها العسكرية الحديثة وإشباع الحاجات الأساسية للأفراد. ولضمان استقلال الصناعة بما في ذلك القدرة على التحكم والإدارة وضمان أمن الإمدادات من العناصر المهمة في هذه الصناعة، وهي: المواد الخام، والتكنولوجيا، والخبرة، والهندسة، والتمويل، والقدرة على تشكيل سلسلة صناعية كاملة.
ب. استراتيجية أخذ المعرفة من الحضارات الأخرى
أولا: التعاون المعرفي والعلمي، والتكنولوجي مع دول الكفر المعاهدة
الاتفاق في مجال العلوم والتكنولوجيا جائز على الإطلاق، وذلك لأن الشريعة الإسلامية تسمح بذلك. وبالتالي، يسمح بهذا التعاون تبعا لشكل هذا التعاون، مع الاستمرار في مراقبة الموقف السياسي الدولي، ويسمح للخليفة قبول أو رفض مثل هذا الاتفاق من أجل الإسلام.
ثانيا: ترسل الدولة وفوداً من العلماء لطلب العلم في بلد معين. وسوف ترسل الدولة بمسارها السياسي وفوداً من العلماء للدراسة في الخارج لصالح المصالح الاستراتيجية لدولة الخلافة. فمثلا عندما رأى الخليفة الحاجة إلى قوة بحرية قوية لتعزيز الجهاد ضد القوة العظمى روما، بعث وفوداً من الأمة لتعلم تقنيات بناء السفن والملاحة باستخدام علم الفلك والبوصلة والبارود، وهلم جرا. وكان لا بد لدراسة ذلك في الصين - الذي كان أول من وضع علم البوصلة أو البارود، لذلك ذهبوا إلى هناك، رغم صعوبة الرحلة، وكان عليهم أن يتعلموا لغات أجنبية عدة. وهذا خلاف ما يحدث اليوم، حيث إن المنح الدراسية للعلماء المسلمين للدراسة في الخارج يتم تمويلها في الغالب من قبل أطراف خارجية، وليس من قبل الدولة. في الواقع، فإن الدول الأجنبية هي التي تقوم بتمويلهم، بينما تعمل الحكومة كمجرد ميسر فقط.
ثالثا: توظيف علماء أجانب لتعليم "الأمة الإسلامية"
في حالات سياسية معينة، يجوز اتخاذ بعض التدابير المخابراتية، خاصة عند التعامل مع الدول المعادية لدولة الخلافة، كما هي الحال في زمن السلطان محمد الفاتح (1453م) حيث جرت محاولات لإطلاق سراح السجين أوربان، المهندس البارع في صناعة المدافع، من سجن القسطنطينية. وكان الإمبراطور قسطنطين قد سجنه حتى يمنع توظيفه من قبل القوة العسكرية العثمانية. وبعد أن تم اتخاذ خطوات جادة تم إطلاق سراحه حضر أوربان إلى السلطان الفاتح، وتم توظيفه براتب يزيد عشرات أضعاف راتبه عندما كان يعمل في القسطنطينية. وأخيرا، صنع المدفع الضخم، الذي كان الأكثر تقدما في ذلك الوقت.
نستنتج من هذه القصة، أنه لو كانت هناك جدية لدى إحدى بلدان المسلمين نحو التمكن من العلوم واستقلال الرؤية، فإنه يجب بذل محاولات لتوظيف مشاهير #العلماء من مراكز التعليم المشهورة عالميا اليوم مع دفع أجور عالية لهم. ليقوموا بتعليم أبناء وبنات #البلاد، على بعض المعارف التي لم تتقن بعد، والذي يهدف إلى التنافس مع قدرة البلدان المتقدمة. أستاذ من جامعة هارفارد على سبيل المثال، يجب أن تدفع له عشرات المرات راتبه في الولايات المتحدة لتدريس أحدث تكنولوجيا التعدين في العالم الإسلامي، وعليه أن يدرس وفقا لمنهج #الدولة، ويجب ألا ينحرف عنه.
من الممكن إعادة بناء مجد #الإسلام للعالم الإسلامي إذا تم توحده كحضارة ليصبح "قوة جديدة" على الساحة السياسية العالمية. ستعود الأمة الإسلامية قريبا لقيادة العالم في الحضارة والتطور التكنولوجي، إذا تم إعادة توجيه نوعية الجيل الحالي فورا ليصبح جيلا من القادة. لأن البلاد الإسلامية لديها قوة هائلة فيما يتعلق بالموارد البشرية والموارد الطبيعية، والتي إذا توحدت تحت ظل دولة الخلافة، فإنه لن يكون هناك أي دولة أو أمة تستطيع أن تضاهيها.
وهذا سوف يحل بالضرورة اعتماد #الأمة الإسلامية على التكنولوجيا من دول الغرب. وستواجه سياسة احتكار المعرفة التي يقوم بها #الغرب من قبل أبناء الأمة الإسلامية بالاستقلال وقوة إبصار مبدئهم. وببطء ولكن بثبات، سيتغير الموقف، وسيصبح الغرب هو الذي يعتمد على الخلافة الإسلامية إن شاء الله.
والله أعلم بالصواب
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيديو انطلاق حملة : "الخلافة والتعليم: إحياء العصر الذهبي"
معلم مقهور وطالب مظلوم
في ظل الأنظمة التعليمية الحالية التي تسوء يوما بعد يوم بسبب النظام التعليمي الفاشل، هذا النظام الذي أصبحنا نسمع بشكل غريب عن مستوى من الأمية يفوق 70% في الصفوف الأولى للطالب والتي يفترض أنها تعلمه القراءة والكتابة، هذا النظام التعليمي الفاشل جعل المعلمين مقهورين وظلم الطلبة الذين هم موضع العملية التعليمية.
وما سنتحدث عنه هو حالات موجودة وبكثرة، وهي ليست هجوما على الطلاب أو على المعلمين لا سمح الله، ولكن هي بيان لما يعانيه النظام التعليمي في بلادنا، وإلا فالخير كبير في اغلب معلمينا وفي اغلب طلابنا.
أما بالنسبة للمعلم فحدث ولا حرج، فالمعاش للمعلم لا يكفيه الحد الأدنى من متطلبات الحياة مما يؤدي بالمعلم إلى البحث عن أعمال أخرى بعد دوامه المدرسي، فينتقل من عمل في التعليم نصف النهار الأول إلى عمل آخر حتى المساء وهكذا، حتى يصاب المعلم بالإعياء مما يؤثر على أدائه المدرسي.
يذهب المعلم صباحا وهو بنفسية غير جيدة من هذه المهنة، فمعاشها لا يكفيه، وليت الأمر اقتصر على الراتب الذي يأخذه المعلم!!!
فعندما يبدأ المعلم التدريس يفاجأ بوجود طلبة بنسبة عالية تصل 60% لا يريدون التعلم وهم ضجرون شديد الضجر من التعليم، فيعملون على إثارة الفوضى وأي أمر يعطل العملية التعليمية في الحصة المدرسية، من إثارة الفوضى وعدم الاستجابة للمعلم، فيتعب المعلم في الحصة ويرى نتيجة الاختبارات غير مرضية أبدا مما يؤدي به إلى نوع من الإحباط في تطوير نفسه بالقول:"أتعب ولا أجد نتيجة"
صفوف مكتظة حتى أنه في بعض الصفوف تجد الطلبة يجلسون على الأرض وعلى الشبابيك والمعلم لا يجد مكانا للوقوف أمام الطلبة، وصفوف ضيقة مكتظة يصعب ضبطها لجلوس الطلاب بشكل متراص، مما يؤدي إلى كثرة الأمراض في الجهاز التنفسي للمعلم والطلاب والروائح الكريهة في الصف، مما يجعل المعلم ينتظر فراغ الحصة بفارغ الصبر حتى يخرج من الحصة.
عدد الحصص مرتفع فما أن يخرج من صف حتى يدخل آخر، ولا يجد له إلا حصة واحدة للاستراحة وربما لا يوجد له في ذلك اليوم، فيمضي يومه من الصباح حتى الظهيرة وهو يعطي حصة تلو الحصة في ظروف صعبة فينتهي الدوام وهو منهك.
وفي حصة الاستراحة إن وجدت يكون عليه كمّ هائل من الأعمال الكتابية من تحضير الحصص وغياب الطلبة وأوراق تدريب للطلبة وتصحيح الامتحانات واجتماعات الإدارة، فيصاب بالإنهاك.
في بعض المدارس تجد الكثير من الطلبة الذين يتمردون على المعلمين، فيثيرون الفوضى بتعمد شديد، ولا يستطيع المعلم الكلام معهم لان أولياء أمورهم ربما مسؤولين أو ربما من عائلات سيئة قد تعتدي على المعلم إن فكر بمعاقبتهم أو ربما مجرد الصراخ عليهم، وإذا حصل الاعتداء على المعلم بسبب هؤلاء الطلبة وأهاليهم فان أمره يمر مرور الكرام بينما لو اعتدي على احد هؤلاء الطلبة فان الدنيا تقوم ولا تقعد على هذا "المعلم المجرم"، فيحار المعلم كيف يعطي حصة ناجحة في صف فيه مثل هؤلاء الطلبة؟؟
المهم في وزاراتنا أن لا تتحدث عن المشاكل بل يجب أن تتحدث عن الايجابيات حتى لا تثير فتنة على حسب زعمهم، فيضطر المعلم لتحمل كل سيئات النظام التعليمي والفوضى مما يؤدي إلى حصة فاشلة، المهم في النهاية عند وزارة التربية والتعليم أن لا تقول أن لنظامهم التعليمي سيئات.
ومن المصائب التي يعاني منها المعلم كثرة الاجتماعات والطلبات من مديريات التربية والتعليم بتنفيذ أمور لا يمكن تنفيذها أبدا في بيئات مدرسية غير صالحة نهائيا لهذه الأمور، مثل عمل مجموعات من الطلبة للتعليم الجماعي في صف الطلبة لا يستطيعون المشي فيه إلا فوق الطاولات لعدم وجود متسع على الأرض للمشي، ويحار أيضا كيف ينفذ برنامج حاسوبي للتعليم في مدرسة لا يوجد فيها حواسيب أو فيها ربما مجرد حاسوبين مثلا، وكيف ينفذ تجربة مخبرية في مدرسة لا يوجد فيها أدوات مخبرية أو غرفة مخبرية.
الترسيب ممنوع إلا بنسبة لا تتجاوز 5% مما يؤدي إلى ترفيع الطلبة من صف إلى صف وهم لا يتقنون القراءة والكتابة، ومناهج ضخمة سيئة لا يمكن إنهاؤها خلال الفصل الدراسي، ويطلب من المعلم إنهاء المنهاج وفي نفس الوقت علاج كل الطلبة الضعاف ويمنعون ترسيب الطلبة، ولا يوفرون للمعلم ما يحتاجه من بيئة مدرسية ووسائل تعليمية، ثم يحاسبونه بكل قوة عن ضعف الطلبة الذي هم ضحية لهذا النظام التعليمي الفاشل وليس ضحية المعلم.
أما بالنسبة للطلبة موضع العملية التعليمية فهم مظلومين بشكل كبير في هذا النظام التعليمي، فالصفوف مكتظة مما يقلل فرصة الطالب من اهتمام المعلم وعنايته، فصف فيه 50 طالب في حصة مدرسية مدتها 40 دقيقة، لا تكفي لضبط الطلبة ولا تكفي لشرح الدرس ولا تكفي لان يسال الطالب مجرد سؤال، هذا إذا سارت الحصة على ما يرام.
أما المناهج فهي موضوعة بشكل سيئ جدا، فعدد الكتب كبير جدا على الطلبة بالذات في المرحلة الأولى للتعليم، ويجب تدرسيه لغة أجنبية بسبب سيطرة الاستعمار على بلادنا، ومعلم منهك يدخل عليهم وهو غير مسرور بعمله ولا بتعليمه، ويصرخ فيهم أحيانا ويعاقبهم ليضبطهم بسبب كثرتهم ولا يجد المعلم وقتا لاستيعاب الطلبة وفهم مشكلاتهم، فيلجا أحيانا إلى قمعهم من اجل تسيير العملية التعليمية.
يتم أحيانا توظيف معلمين سيئين من ناحية الكفاءة في التعليم، لا يعرفون كيف يديرون ثلاثة طلاب فضلا عن أن يديروا صف مدرسي، وهؤلاء الخريجين هم من ضحايا التعليم الجامعي الفاشل أيضا، لا يوجد تدريب جيد لهم قبل التوظيف لان هذا ربما يحتاج ميزانية من الوزارة وهذا يجب التقليل منه، ويكون الضحية في النهاية الطالب، لان الطالب سيخضع لتجربة معلم جديد لا يفقه معنى التعليم مما يضر بالطلبة.
الطلبة الضعاف في الناحية الأكاديمية لا توفر لهم مدارس تعلم النواحي الحرفية والمهنية والصناعية، فليس كل الطلبة مبدعين في الناحية العلمية، فتجد أن أكثر من ثلاثة أرباع الطلاب ليسوا مع المعلم أثناء الحصة لأنهم لا يفقهون النواحي العلمية بشكل جيد، فيرفعونهم من صف إلى آخر ويمضون الأيام وهم أميون لا يستطيعون القراءة والحساب بشكل جيد.
الفوضى في المدارس تؤدي إلى التشويش على الطلبة المهتمين بالعلم والتعليم، فيقل تحصيلهم العلمي ويجدون بيئة في الحي وفي الشارع لا تشجع على التعليم، بل تتندر بالنكات على المعلمين فيؤدي هذا إلى احتقار مهنة التعليم عند الطلبة.
وبسبب هذا الفشل في النظام التعليمي تجد أن الكثير من أولياء الأمور يضطرون لإرسال أبنائهم ليأخذوا الدروس الخصوصية خارج المدرسة، مما يكلف الأهل البسطاء الكثير من المال وهذا بسب فشل النظام التعليمي في إيصال الرسالة التعليمية بشكل جيد، ومن لا يملك المال فان ابنه سيكون ضحية لهذا الفشل في النظام التعليمي.
ومع ذلك ورغم كل هذه السيئات التي نراها في نظامنا التعليمي إلا انه يوجد قسم لا باس به من المعلمين والطلاب ممن يشقون هذا الطريق الصعب البائس الذي أوجده النظام التعليمي، فتجد معلمين رغم كل سيئات النظام التعليمي إلا أنهم يتفانون في إيصال الرسالة التعليمية للطلبة بأفضل ما يتوفر لديهم، حتى انك تجد معلما يشتري الوسائل التعليمية من ماله الخاص ليوفر للطلبة الشرح الأفضل للحصة، وبعض المعلمين يتحملون الإهانات من بعض أولياء الأمور، المهم أن لا يؤثر ذلك على أدائهم التعليمي وحتى الطلبة أبناء هؤلاء الأهل السيئين فإنهم لا يهانون من قبل المعلمين بسبب آبائهم السيئين، والبعض الآخر من المعلمين يستمر في تعليمه حتى لو تأخر الراتب أو تم الخصم منه، وبعضهم يعطي دروسا خصوصية للطلاب مجانا أو بأسعار زهيدة جدا المهم أن يفهموا المادة التعليمية ويكون عملهم هذا لوجه الله تعالى.
وبالنسبة للطلاب فان سوء النظام التعليمي لا يمنعهم من الاهتمام بالتعليم ولا يمنع هذا أهلهم من تدريسهم ومتابعتهم وتوفير ما يلزم لهم كي يفهموا المادة التعليمية بشكل جيد، ويوفرون لهم كل ما يلزم حتى يخرجوا متعلمين أقوياء رغم سوء هذا النظام التعليمي.
هذا وانه ولكثرة المشاكل في نظامنا التعليمي إلا أنك تجد أن الكثير من الخريجين من العالم الإسلامي يتوجهون إلى بلاد الغرب للعمل فيها، وهذا يدلل انه رغم سوء النظام التعليمي في بلادنا وتطوير النظام التعليم في الغرب إلا أنك تجد الكثير من أبناء المسلمين يتفوقون على الغربيين الذين توفر لهم كل الإمكانات، وهذا لان العقيدة الإسلامية جعلت التعليم مقدسا عن المسلمين وأعطت المعلم والمتعلم احتراما واهتماما كبيرا، ولو وجد نظام يرعى هؤلاء لعملوا في بلادهم، ولكنها الآثار السيئة لغياب الخلافة.
إلا انه يوجد هناك أمور تزيد في قهر المعلم وظلم الطلاب، وهي ليست من أي منهما، ولكنها من النظام التعليمي بشكل عام:
• الأساس التعليمي في العالم الإسلامي منفصل عن العقيدة الإسلامية، فأساس التعليم قائم على أساس فصل الدين عن الحياة، ومن تحت ستار قائم على تغريب المفاهيم عند أبناء المسلمين وإبعادهم عن دينهم الإسلامي، مما يؤدي أن يكون هناك انفصام بين ما يتعلمه الطلاب وبين ما يحملونه من عقيدة في قلوبهم.
• تدخل غربي في وضع المناهج التعليمية، فالمناهج لا توضع إلا تحت إشراف الدول الغربية والمؤسسات الغربية، وكل صفحة ومعلومة توضع تحت إشراف الغربيين بما لا يؤدي إلى ثورة على الحكام أو سخط ينفجر ويدمر عروش الحكام، وبما يؤدي لأن يبقى العالم الإسلامي متأخرا عن الغرب.
• الأنظمة لا تدعم العملية التعليمية ولا تدعم برامج التعليم ولا تدعم البحث العلمي في العالم الإسلامي، ولا تهتم أبدا في بناء المدارس، وتحاول جاهدة أن تقلل من الإنفاق على التعليم، بينما على أجهزة الأمن والمخابرات ومحاربة الإسلام تنفق كل ما تستطيع.
• التعليم قائم على التلقين وعلى تقليد الغرب بما يتعارض مع العقيدة الإسلامية، بينما أسلوب التلقين الفكري وان يكون التعليم مؤثرا بسلوك الطالب فهو غير موجود، وهذا الأسلوب الناجح لا يكون إلا إذا كان التعليم مبنيا على أساس العقيدة الإسلامية وكان هناك دولة ترعاه.
هذا وان دولة الخلافة القادمة قريبا بإذن الله تعالى يجب عليها مراعاة كل العيوب الموجودة في النظام التعليمي الحالي وتغييرها أو إصلاحها حسب الموضوع، فمثلا:
• يجب أن يكون الأساس الذي توضع بناء عليه المناهج التعليمية العقيدة الإسلامية حتى لا يكون هناك انفصام بين ما يتعلمه الطلاب وبين ما يحملونه من عقيدة إسلامية
• استخدام أسلوب التلقين الفكري للطلاب، والابتعاد قدر الإمكان عن التحفيظ للأفكار والمفاهيم.
• توفير مدارس بأعلى قدر مستطاع بحيث تكون الصفوف غير مكتظة بالطلبة، وتوفير كل ما يمكن من مرافق للمدرسة للمساعدة في عملية التعليم، وتوفير المختبرات والأجهزة الحديثة للمساعدة في عملية التعليم
• التدقيق على كل خريج جامعي يريد أن يصبح معلما، بحيث يتم تدريبه تدريبا قويا مكثفا كي يكون صالحا للتعليم، والتركيز على وضع المعلمين كثيري الخبرة لتعليم الصفوف الأولى
• الحرص الشديد على سير العملية التعليمة بحي لا تسمح الدولة بأي تمرد ولو بسيط على أي معلم من أي شخص في الدولة مهما كان مركزه، وبحيث يعتبر الاعتداء على المعلم اعتداء على الدولة نفسها
• تحسين أوضاع المعلمين بشكل جيد وحسب المستطاع كي يتفرغ للتعليم وتطوير نفسه، والعمل في نفس الوقت على زيادة عدد المعلمين كي يتوزع حمل التعليم على عدد كبير من المعلمين
• توفير الأمن للمدارس من أي اعتداء من سفهاء الناس وسقطهم.
• مراقبة تحصيل الطلبة باستمرار ووضع الطلاب كل حسب ما يحتاج إليه من دراسة أكاديمية علمية أو دراسة مهنية أو حرفية، ولو اضطرت الدولة لفتح الكثير من المدارس لهذه الأمور.
إن النظام التعليمي والمعلم والطالب سيبقون يعانون في ظل هذا النظام التعليمي الفاشل والفاسد، فالمشكلة ليست في شخص المعلم، وأيضا ليست في طلبتنا واستيعابهم، بل هي في النظام التعليمي الفاشل، وهذه المشكلة لن تحل ولن يزال القهر عن المعلم والظلم عن الطلبة إلا بإقامة الخلافة وتغيير النظام التعليمي بشكل كامل، عندها سنعود كما كنا سابقا الأول في العالم في مجال التعليم والابتكارات والاختراعات، وسيأتي على دولة الخلافة رعايا الدول الأخرى لكي ينهلوا من علوم الدولة الإسلامية.
https://www.facebook.com/145478009128046/photos/a.145707605771753.1073741828.145478009128046/434144460261398/?type=3&theater
(مترجم)
كان تطبيق سياسات التحديث، بعد هدم الخلافة العثمانية، بشكل خاص يعتمد على أساس #تحرير_المرأة من براثن (التخلّف و #الرّجعية). وكان التعليم العلماني ونظامه التعليمي، الذي كان يُنظر إليه بأنه حديث ومعاصر، هو العامل الأساسي في بناء الأمم الحديثة ويتطلب إلغاء وتشويه الصورة الإيجابية لنمط الحياة الإسلامي السابق. وادّعت الدّول #الديمقراطية #العلمانية الجديدة في العالم الإسلامي مكافحة تجهيل #المرأة من خلال تشويه سمعة مستوى المرأة التعليمي في الإسلام وخصوصًا تحت ظل الخلافة ووصفها، في ظل هذا النظام الإسلامي بالتالي: "أمهات جاهلات، شريك سطحي ومخدوع، اتّحاد زواج غير مستقر، عضو كسول وغير فعّال وغير منتج في المجتمع"، وبالرّغم من أنه خلال القرون الأولى من الخلافة العثمانية لم تكن النساء يتعلمن ضمن نظام مدرسي مُمنهج ومبني من قبل الدولة - الذي لم يكن أيضًا موجوداً للرجال - إلاّ أنّهن لم يُسلبن أو يُحرمن من الحصول على العلوم والمعارف أو متابعة التعليم أو من الحصول على المهارات الطبية أو من التفوق في مجالات تعليمية أخرى، على النقيض من ذلك، فإن البحث والسّعي وراء المعارف والثقافة والعلوم الإسلامية والعلمية - من الرجال والنساء على حد سواء - أمر يُثابون عليه بشكل كبير.
في ظلّ الخلافة العثمانية كان التعليم والتدريب للأطفال، بشكل أساسي، مُلقى على عاتق كبار السّن أو الآباء في العائلة. كان هيكل العائلة في ظل الخلافة العثمانية مبنيًا على القيم الإسلامية وغالبًا ما كان يعيش ثلاثة أجيال من العائلة مع بعضهم بعضاً. وفي مثل هذه الهيكلية كانت المعرفة والتعليم تنتقل في هذه الوحدة العائلية من الكبار إلى الصغار. ومن هنا، كان تعليم المرأة القراءة والكتابة والقرآن الكريم والمعارف الإسلامية الأساسية بالإضافة إلى الحِرَف وإدارة المنزل والآداب والسلوك تُوفر لها في البيت، وأيضًا فإن أية مهارات أخرى أو تدريبية احترافية تُعطى لهُنّ في المنزل.
لطالما نظر #الإسلام إلى تعليم الإناث نظرة أهمية كُبرى. فقد كانت أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وصحابيات الرسول ﷺ على سبيل المثال يُمثلن قدوة يُحتذى بها في جميع نواحي الحياة، السياسية والفقهية والطبية و #الأدب و #الشعر. بالإضافة لهذا فإن #الإسلام قد أعطى المرأة الحق في العمل في مختلف المجالات بما فيها الطب. دعوى مرفوعة للخلافة العثمانية. المثال القادم يُوضّح وجود الطبيبات الإناث في ظل الخلافة العثمانية.
"في القرن الخامس عشر وصفت مخطوطة تركية خاصة بالجراحة تسمى تيشراهيتول هانية من سابونستش أوغلو، وصفت طبيبات إناث أجرين عمليات جراحية نسائية معقدة. كنّ يُسمين بالطبيبات.
وأشارت ملفات الأجور من سنة 1798 - 1799 لمستشفى الحريم في قصر توبكابي يسمى "كاريلير هاستانيسي، أشارت إلى توظيف طاقم صحي من الإناث مشابه لمستشفيات اليوم. وعالجت فيه طبيبة تدعى مريم كادين عائلة عبد الحميد في بداية القرن التاسع عشر. وكانت تتقاضى معاشًا شهريًا وتصريحاً مفتوحاً للدخول إلى الحريم.
الصيدلية الملكية في قصر يلديز وظّفت طبيبة أنثى تسمى الطبيبة جولبيياز هاتون وكان معاشها يبلغ 200 akces عام 1872م. كما وكانت هناك أيضا الطبيبة مورتي في مكتب الحجر الصحي. وقامت السيدة مونتاغو، زوجة السفير البريطاني عند الخلافة العثمانية، بذكر وجود طبيبات داخل الدولة يقمن بالتطعيم ضد الجدري وذلك في رسائلها عام 1717م. وكانت مجهزات الأدوية، ويسمين "حكيم كادين" يُدعون إلى القصر ويُعطين المعاشات وهدايا عيد الفطر وعيد الأضحى. وكانت تسمى الطبيبة التي تعالج الانتفاخ والإسهال عند الأطفال بـ "كرباشي كادينلار"، وعالجت الأزبتشي كادينلار، مرضاً يسمى "الأز" (التهاب جلدي).
وأثبتت وثائق قانونية تعود لعام 1622م أن طبيبتين كانتا تُجريان عمليات جراحية للرجال إحداهن كانت تُدعى - صالحة هاتون - والتي أجرت عمليات استئصال الأورام والفتاق على 21 رجلاً.
بالإضافة لهذا، من المعروف جيدًا أن العثمانيات لم يكنّ أميّات أو غير متعلمات كما يُدّعى دائمًا. العديد من النساء كُنّ يمتلكن في بيوتهن مكتبات خاصة. والكتاب الذي حاز على المكان الأول في بيوتهن كان القرآن الكريم. كما واحتوت مكتباتهن على كتب في السير للشخصيات الإسلامية البارزة والأدعية المأثورة والقصائد التي تتحدث عن النبي ﷺ، وكُتب التاريخ والأدب.
وكانت #النساء اللواتي يعشن ويعملن في قصور الخلفاء يستطعن الحصول على مستوى عالٍ من التعليم. حريم قصر توبكوبي على سبيل المثال احتوت على مدرسة النُخبة للبنات والتي عُرفت داخل وخارج الدولة بالمستوى التعليمي العالي الذي قدمته للطالبات. بالإضافة لذلك كان بالمحيط القريب من القصر، حيث سكنت النساء اللواتي غادرن الحريم بعد الزواج، كان الناس يستطيعون الانتفاع من المعرفة والأخلاق وطريقة حياة النساء اللواتي اكتسبن الدرجة العالية من التعليم داخل القصر. وأيضًا فإن النّاس خارج القصور قدّموا لبناتهم التعليم في الأدب والرياضيات والتاريخ وحتى اللّغات الأجنبية مثل الإنجليزية والفرنسية والفارسية من خلال توظيف مدرسين خاصّين داخل بيوتهم بحسب قدراتهم المادّية.
وحقيقة أن التعليم لم يكن حكرًا على نساء القصور، يُثبت من خلال مذكّرات آخر معلمة في القصر صفيّة أونيوفر عن الوقت الذي أمضته في الحريم. صفية أونيوفر لم تتلق تعليمها داخل القصر، وكان السلطان رشاد قد عيّنها عام 1915م كمعلمة للبنات والنساء في الحريم. وقد علمتهن القرآن الكريم والعلوم الإسلامية والقراءة والكتابة والحساب والهندسة واللياقة البدنية. كما وكتبت أونيوفر في مذكراتها أن جميع نساء الحريم كان لديهن مكتباتهن الخاصة في بيوتهن وكن يناقشن مع بعضهن الكتب التي كنّ يقرأنها، وكن مهتمات بالتاريخ بشكل كبير. إن مستوى التعليم الذي تلقته النساء في #الحريم يمكن أن نفهمه بمثال ابنة #السلطان محمود الثاني، عديلة سلطان (1826- 1899) حيث كانت مشهورة بشاعرة الديوان وبالإحسان. كما اشتهرت بقصائدها الرائعة ورسائلها الملحمية التي كتبتها باللّغة التركية العثمانية البليغة، وهي لغة تعلمتها فقط بعد دخولها إلى القصر.
وبالرغم من الهبوط الفكري المتزايد والاضطرابات السياسية في آخر 101 - 150 سنة من عمر الخلافة العثمانية، إلاّ أنه لم يتوقف بناء المؤسسات التعليمية من قبل الحكومة. وعلى وجه الخصوص قام السلطان محمود الثاني وعبد الحميد الأول بكل ما يستطيعونه من أجل إقامة نظام تعليمي مرموق للأمّة الإسلامية.
قام السلطان محمود الثاني عام 1830م بتأسيس نظام تعليمي إلزامي للبنات والبنين ابتداءً من جيل الخامسة إلى عمر البلوغ. وقام أيضًا بمنع توظيف الأطفال أو انضمامهم إلى المهن قبل إنهائهم للمدرسة. كان المدرسون لهذه الصفوف عادةً ما يكونون أئمة المساجد في الأحياء السكنية أو نساء متعلمات.
ولكن لم يكن ممكنًا المحافظة على هذه القوانين بسبب التطورات السياسية، لذا حاول الخليفة عبد الحميد عام 1845م مرةً أخرى تنظيم التعليم في المدارس الابتدائية والثانوية في كافة أنحاء الدولة، وكان يتم مراقبة المدرسين جيدًا، ثمّ توسيع المنهاج الدراسي ومراقبة الحضور.
القرآن الكريم كان يُدرّس في المرحلة الابتدائية بالإضافة إلى الكتابة واللّغة التركية والعقيدة الإسلامية الأساسية والأخلاق والهندسة والحساب والتاريخ وحفظ القرآن الكريم غيبًا، بالإضافة إلى المواضيع الأخرى. وخلال هذه الدروس جلس البنات والبنين في طابور منفصل داخل الصفّ الدراسي. وكان شاهزاد محمد ابن #السلطان_عبد_الحميد الأول قد افتتح مدرسةً في منطقة إيمرجان في اسطنبول عام 1778م.
هذه المدرسة قدّمت التعليم بعد المدرسة الابتدائية للبنات والبنين وسُمّيت على اسم والدته هوماشاه هاتون.
وفي عام 1783م قدّمت مدرسة للبنات فقط التعليم الثانوي في كومبكابي حيث قامت ثلاث معلمات، عائشة ونفيسة وهاديسي بالإشراف على تعليم البنات. وبعدها في عام 1807م أُسّست مدرسة طاهر هاتون الثانوية للبنات في منطقة سيركشي في اسطنبول.
بالإضافة إلى مدرستين أخريين ثانويتين في أوسكودار / اسطنبول عام 1807 و1811، ومدرسة ثانوية في سيفيك نيهال أوسطا عام 1842. وهذه المدرسة الأخيرة أسّسها رئيس صندوق فاليدا سلطان (والدة الخليفة). وهذه أمثلة قليلة توضّح وجود المدارس في الخلافة العثمانية حين تلقّت البنات فقط، والبنات والبنين مع بعضهم بعضاً التعليم.
هذه المدارس الثانوية للبنات حوت مناهج دراسية واسعة شملت دراسة #القرآن_الكريم وترتيله والدراسات
الإسلامية والأدب وقواعد العثمانية والعربية والفارسية والصحة والهندسة والحساب وفن الخطوط والتاريخ والحرف ومعلومات عامّة حول الحياة. وكانت الإدارة المنزلية موضعًا مهمًا يتم تدريسه في هذه المدارس. وقدّمت المدرسة معلومات تفصيلية وشاملة حول مواضيع واسعة ومتعددة من أجل تجهيز البنات لحمل مسؤولياتهن الإسلامية بعد الزواج. ويشمل هذا كل شيء من الطبخ إلى العلاج في البيت إلى الخياطة والحسابات المنزلية، وفنّ الضيافة ومعالجة الأمراض البسيطة. وأيضًا التغذية الصحية المناسبة للعناية بالأطفال وكبار السّن.
وسواء أكان التعليم في المدارس أو في البيت، كانت العثمانيات جاهزات جيدًا لتحمّل المسؤولية في البيت. وكنّ يمتلكن المعارف والخبرة اللازمة للعب أدوارهن كزوجات.
وفي عام 1842م تمّ افتتاح أول دورة حكومية لتخريج القابلات في تيبهاني - أ. أميري وأول خرّيجاته كنّ 10 مسلمات و26 من غير المسلمات. وبعدها بأعوام، عام 1858م تم افتتاح أول مدرسة رشدية ثانوية للبنات وخصوصًا كالفا إناس روشيديسي ووفّرت التعليم الديني الأساسي، وفي هذه المدارس عملت النساء، مسلمات وغير مسلمات، كمعلمات، وخصوصًا دروس الخياطة. ومنذ عام 1871 أشرفت النساء في بعض المدارس على الإدارة. ومع مرور الوقت تطلب وجود المدارس الثانوية للبنات إنشاء مدارس تدريب معلمات للإناث حيث تستطيع خرّيجاتها العمل كمعلمات في الرشديّات. وبناءً على ذلك تمّ افتتاح دار المعلمات عام 1870. وفي نفس العام تمّ إنشاء مدرسة أخرى للبنات. مدرسة الفنون والحرف (سانايي مكتبليري). ومن خلال توفير الدورات الحرفية مثل الخياطة والطبخ والتطريز ونسج السجّاد، جهزت هذه المدرسة الإناث الدخول إلى سوق العمل إذا ما رغبن في ذلك.
وتمّ توظيف الخرّيجات في مجالات حكومية مختلفة من أجل خدمة الناس بالمهارات التي اكتسبنها، مثل العمل كمترجمات للغات أجنبية متعددة. وأظهرت السجلات أن النساء كنّ يتلقين منحًا خلال تعليمهن.
إن دولة الخلافة وقادتها الذين حكموا بالإسلام رأوا أنه من واجبهم توفير احتياجات الأمة بالإضافة لهذا، لا يوجد أي دليل على معاملة النساء كرعايا من الدرجة الثانية، أو سلبهنّ حقّهن في التعليم أو العمل أو في توظيف مهاراتهن لخدمة الناس. على العكس من ذلك، كان التشجيع والمساعدة من قبل الدولة يُعطى لهنّ للسير في طريق العلم واكتساب مهارات متعددة في ظلّ الدولة التي تطبّق أحكام الله عزّ وجل.
قال رسول الله ﷺ: «من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترًا من النار»
زهرة مالك
#الطفل إنسان وهو جسد مادي فيه طاقة حيوية تتمثل في الحاجات العضوية والغرائز و #التفكير
أولا: إشباع الحاجات العضوية
يحتاج الطفل إلى الطعام والشراب والتنفس وقضاء الحاجة ودرجة حرارة مناسبة وضغط جوي مناسب، لتنمو عضلاته وينمو جسمه لذا لا بد من إشباع هذه الحاجات لديه.
يكون نمو الطفل في السنوات الأولى من حياته سريعا، ويكون النمو عادة من الأعلى إلى الأسفل ومن مركز الجسم إلى الأطراف، ولهذا يجب الاهتمام بطعام الطفل وشرابه ونومه ونظافته. ومعالجة بعض المظاهر المرضية كالمغص أو البكاء والصراخ. وترك الطفل يلهو ويلعب ويتحرك في أماكن آمنة وتحت رقابة المربي حتى تنمو أعضاء جسمه ويتمكن من استخدامها.
ثانيا: إشباع الغرائز – #النمو الانفعالي
تبدأ الغرائز بالظهور من خلال النمو الانفعالي ويقصد به المشاعر الناتجة عن إحساسات الغرائز من سرور وارتياح وضحك وبكاء وخوف وغضب وأسى وحزن وضيق وألم ويتطور النمو الانفعالي عند الطفل من استجابات عامة مشوشة إلى أخرى خاصة، كما تأخذ انفعالاته في التنوع والتخصص. فتظهر المشاعر المتعلقة بغريزة البقاء كالخوف والقلق والغضب والأسى والألم والضيق ومخاوف الطفل في هذه المرحلة فإنها تنتقل من الأشياء الحسية إلى الأشياء الوهمية كالأشباح والوحوش والظلام أو يخاف من الأصوات العالية أو الألم الجسدي أو الحركات المفاجئة. لذا يجب حماية الطفل من الانفعالات الشديدة وضرورة إبعاده عن كل ما يثير فيه الخوف أو القلق، وأن يكف الأهل عن سرد القصص التي تثير الخوف كقصص الغولة والجن وغيرها، خاصة في هذه المرحلة بالذات. كما يظهر عنده الصراع مع الأولاد والشجار معهم. كما يوجد حب التملك لدى الطفل أيضا لديه البخل والكرم ولديه الأثرة والإيثار وهذه مظاهر لغريزة البقاء عند الإنسان، وهذه المظاهر يمكن إحلال الواحدة مكان الأخرى، ويمكن تقوية واحدة وإضعاف أخرى، أو يمكن استخدامها جميعا في مواقف متنوعة، وهذه تتبع مفاهيم الإنسان وميوله.
ثالثا: النمو الاجتماعي
من #المشاعر التي تظهر لدى الأطفال تلك المشاعر المتعلقة بغريزة النوع كالتعلق بالأم والالتصاق بها والخوف من فقدانها وإحساسه بمحبتها وعطفها، يبدأ الطفل منذ الأشهر الأولى من حياته بالاستجابة للمؤثرات الاجتماعية حوله مثل كلام البالغين وضحكهم معه وتقديمهم الغذاء له وفي اللعب الخيالي يبدأ الطفل في تحديد دور الجنس الذي ينتمي إليه، فالأولاد يتبنون دور الأب أو الجد، بينما البنات يتبنين دور الأم أو الجدة. وفي هذا العمر يتأثر الولد بأبيه وإخوته الذكور، بينما تنجذب البنت إلى أمها وأخواتها الإناث.
والأصدقاء في هذه السن لهم تأثير على الطفل في تفكيره ومشاعره وسلوكه، وهو يبذل جهده في تقليدهم. حتى إنه يقلدهم في انتهاك المعايير السلوكية التي تربى عليها، لأنه يتعلم معايير أخرى غير موجودة في منزله، أفضل طريقة هي استهجان سلوكه مع مناقشته فيما يعنيه حقيقة أو يحس به، على الأم أن تواجه مخالفاته بهدوء، دون أن تشجعه على الاستمرار فيها، بل تذمها وتحذره من الاستمرار فيها، وإلا فإنها تعاقبه على ذلك وتنفذ بالفعل تهديدها له.
رابعا: النمو اللغوي
يساعد الأطفال على النمو اللغوي #الأسرة و #الحضانة، و #الروضة، ويفشل الأبوان في مساعدة الطفل على التقدم في الكلام عندما يبالغون في تأمين حاجات الطفل ورغباته، ينبغي إعطاء الطفل فترة ليعبر عن حاجاته بالكلام قبل أن يتم توفيرها له. وكذلك يفشل الوالدان اللذان يضغطان على أولادهم في أن يتكلموا بسرعة ودقة منذ البدء لأن ذلك يؤدي به إلى الفشل ويعوق تقدمه في التعبير.
خامسا: النمو العقلي
إن التفكير يقتضي سلامة الأعصاب والحواس والدماغ وقدرة الدماغ على الربط بين الواقع الذي يحس به والمعلومات المخزنة في الذاكرة، لذا ينبغي التحقق من سلامتها جميعا والاهتمام بالمعلومات المقدمة للطفل بأن تكون معلومات صحيحة وحقيقية ومرتبطة بالواقع حتى يستطيع التفكير فيها. وهذا يعني أن على الأم أن توفر البيئة المناسبة لطفلها لتطوير دماغه بشكل طبيعي وتشجيعه على الاكتشاف والتعلم، وعلى الأم أن تحادثه وتقرأ له وأن تستمع معه إلى الأناشيد الهادفة.
ويتعلم الطفل فكرة الارتباط بين السبب والنتيجة، وعلى الأم أن توفر لطفلها الأشياء التي تلزمه لإجراء هذه التجارب، واكتشاف عقلي آخر يتوصل الطفل إليه هو فكرة (دوام وجود الشيء) حيث يكتشف أن الأشياء لا تفنى عندما تختفي عن ناظريه، وأنها مستمرة في دوامها. وليس كما كان يفكر سابقا. ثم يبدأ بتكوين صور عقلية للأشياء والأفعال والمفاهيم، ويستطيع أن يحل بعض المشكلات البسيطة مستخدما عملية المحاولة والخطأ في عقله بدلا من استخدام الأشياء المادية، كما يزداد تعلمه اللغوي، وعندما تتطور ذاكرته وقدراته اللفظية يبدأ في فهم مفاهيم زمنية بسيطة ويستطيع أن يفهم العلاقات بين الأشياء، يساعده على ذلك ألعاب الفك والتركيب لتكوين أشكال لصور معينة ويبدأ في إدراك قيمة الأعداد.
يقضي الطفل معظم وقته في السؤال عن كل شيء يحصل حوله، وينتبه بشدة للأجوبة التي تعطيها له أمه، فلو سأل لماذا تظهر الشمس بالنهار؟ لماذا يأتي الليل؟ من خلقنا؟ أين الله؟ على الأم أن تنظر لهذه الأسئلة بجدية وتحاول الإجابة عنها إجابة صحيحة بسيطة مباشرة، لأن ذلك يساعد طفلها على توسيع معرفته.
نجاح السباتين – ولاية #الأردن
كلمة الافتتاح
تلقيها الناطقة باسم نساء حزب التحرير في #إندونيسيا
(مترجمة)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين لا شريك له، هو الخالق المدبر المصور له الأسماء الحسنى. وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله لا نبي بعده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد...
أخواتي العزيزات، بارك الله فيكنّ...
بحمد الله تعالى، يتشرف القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير، وبالتعاون مع نساء حزب التحرير في إندونيسيا، بتنظيم هذا المؤتمر النسائي العالمي الخامس. عنوان مؤتمرنا اليوم هو "الخلافة والتعليم: إحياء العصر الذهبي". لقد اعترف العالم بأن العصر الذهبي للحضارة الإنسانية حدث عندما سادت العقيدة الإسلامية العالم مع تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع أنظمة الحياة، بما في ذلك التعليم.
هذا المؤتمر هو تتويج لحملة عالمية عن #الخلافة والتعليم، والتي بدأت يوم 16 شباط/فبراير 2017، وتضمنت توزيعاً واسعاً للعديد من المقالات وأشرطة الفيديو، والمشاركة الفعالة في وسائل التواصل الإلكتروني، والتفاعل مع قيادات وناشطين في المجتمع، وافتتاح معرض بتاريخ 10 آذار/مارس. وطوال فترة الحملة، بيّنا واقع وأسباب أزمة التعليم في جميع أنحاء العالم، الذي هو تطبيق نظام التعليم العلماني من جانب الحكومات الديمقراطية الليبرالية التي تتبنى الفكر الرأسمالي. وقد جعلت عقيدة الكفر التعليمَ سلعةً تجارية واستخدمته كأداة من أدوات الاستعمار الرأسمالي، خصوصا في بلاد المسلمين.
ومن أجل البلاد الإسلامية، قام الغرب بتزويد التعليم بوسائل ومواد أبعدت المسلمين عن عقيدتهم وإرثهم الثقافي، وكذلك منعت صحوتهم وتقدمهم. وفي الوقت نفسه، جعلوا المسلمين يطبقون العلمانية والليبرالية وغيرها من الأفكار غير الإسلامية. وأصبح أبناء هذه الأمة محل تجارب علمية في المختبرات التي تختلف عن الموطن الحقيقي للمسلمين. وقد تم تدريبهم على الطريقة الغربية، والتي هي جعل العلم أو المعرفة بعيدا عن التطبيق العملي واستبدال المواد الأكاديمية التي تنتهك منهجية التدريس الإسلامي الصحيح بها. وبيّنت هذه الحملة أيضا الصور المجيدة للحضارة الإنسانية في ظل دولة الخلافة التي كانت تطبق نظام التعليم الإسلامي الذي كان قادرا على حماية هوية المسلمين كخير أمة.
أيتها الأخوات العزيزات، سيُقدم لكنّ في هذا المؤتمر اليوم إن شاء الله عرض عن الهدف الحقيقي من التعليم في الإسلام، وأسباب أزمة #التعليم اليوم، والكيفية التي طبقت بها الخلافة التعليم بحيث وصلت بهذه الأمة إلى عصر ذهبي. وسيوضح هذا العرض أيضا لمحات عن المدارس والتعليم العالي في النظام الإسلامي، وأساليب التدريس، وأهمية اللغة العربية، فضلا عن استراتيجيات التعليم لجيل اليوم من المسلمين قبل إقامة #دولة_الخلافة الثانية على منهاج النبوة. وستتاح لكن الفرصة أيضاً لإجراء حوار مع مصادر مختصة في جلسة المناقشة.
أخواتي رحمكنّ الله...
إن هذه الحملة والمعرض والمؤتمر حول موضوع الخلافة والتعليم ذو أهمية كبيرة. وهنا نقدم حلا لمشاكل التعليم في بلادنا التي تزداد سوءاً. إن هذه المناقشة ذات صلة وثيقة بوضعنا الحالي، فإنه بإمكاننا رؤية صورة التعليم القبيحة بأعيننا، حيث معنويات الطلاب المحطمة، وتدهور نوعية المعلمين، وطرق التعليم الغامضة على نحو متزايد، وعدم وجود عدد كاف من المدارس، وعدم كفاية المرافق في المدارس والجامعات، وارتفاع تكلفة التعليم، وعدم الحصول على التعليم في مختلف المناطق، وصعوبة إيجاد علماء حقيقيين، كل هذه المشاكل واضحة لعيوننا وآذاننا. كل هذا يعكس رداءة نوعية التعليم لدينا.
إن الجهود المعلنة من قبل الحكومات لمعالجة هذه المشاكل لم تضع حداً لها. وإن تغيير #المناهج الدراسية المتكرر لم يحسّن من نوعية الطلاب. وإن شهادات المعلمين لا تمنحهم بالضرورة حياة مزدهرة ولا تزيد من إخلاصهم في العمل. بل على العكس من ذلك، يُهمل الطلاب نظرا للمتطلبات الإدارية للشهادة. وإدارة التعليم من قبل إدارات خاصة، وليس من قبل الدولة، جعل الحصول على تعليم جيد باهظ الثمن للطلاب. إن اتجاهات أبحاثهم تتحكم بها هذه المؤسسات، والتي من المتوقع أن تمنحهم الرعاية المجتمعية، لكنها في الواقع تحاصرهم لأن يصبحوا عمالا للشركات الرأسمالية. ونتيجة لذلك، فقد كانت هناك جهود مختلفة لتحسين قطاع التعليم، ولكنها في الحقيقة جعلت الوضع أسوأ حالا.
لذلك، وبشعور تام بالمسؤولية، قمنا بتنظيم هذا المؤتمر باعتباره أفضل عمل لله سبحانه وتعالى ولرسول الله r ، وللإسلام ولهذه الأمة، حتى تُقام شريعة الله سبحانه وتعالى في هذا العالم، ولإرضائه سبحانه وتعالى حتى ينزل علينا بركاته، إلى أن تنتصر أمة الإسلام، وتسود أنظمة الإسلام جميع البشر في جميع أنحاء العالم، وتتحقق المثل العليا النبيلة في بناء جيل يجهد في تقديم أفضل مساهمة للحضارة الإسلامية.
أيتها الأخوات الكريمات،
إن عودة #العصر_الذهبي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال إنشاء نظام التعليم الإسلامي الذي يتكامل مع النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المستمدة من #الشريعة_الإسلامية. إن طريقة إعادة هذا العصر الذهبي واضحة وضوح الشمس، وما علينا إلا إتباعها. وإن هذه الصورة الذهبية حقيقية لأنها كانت موجودة لمئات السنين. وفقط مع العمل الجاد يمكننا إيجادها مرة أخرى، وهذا من خلال نشر الوعي داخل هذه الأمة عن النظام الديمقراطي الفاسد الذي هو من صنع البشر وتفوّق النظام الإسلامي الذي هو من عند الله. وبالتالي، لن تتردد هذه الأمة في الإطاحة بهذا النظام غير الإسلامي، والمطالبة بتطبيق الإسلام.
سوف يؤتي عملنا الشاق اليوم ثماره، التي سوف نورثها لأجيالنا الحبيبة القادمة. ونحن نأمل حقاً أن تنجح هذه الحملة والمؤتمر، وأن تحدث تأثيراً كبيراً في هذه الأمة. عسى أن تُكتب لنا من الصالحات، وأن تثقل موازيننا في الآخرة، وأن نقيم الحجة يوم الحساب بإذن الله بأننا عملنا لهذه الدعوة ودعونا العالم للكفاح من أجل إقامة #الخلافة_الراشدة_على_منهاج_النبوة.
أخواتي رحمكنّ الله...،
وأخيراً أقول بسم الله الرحمن الرحيم وعلى بركة الله أفتتح هذا المؤتمر
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
والسلام عليكُنّ ورحمة الله وبركاته
الناطقة باسم نساء حزب التحرير في إندونيسيا
الكلمة الأولى- إندونيسيا- ما هي الغاية الحقيقية من التعليم؟ (مترجمة)
الكلمة الثانية- #فلسطين- أسباب أزمة #التعليم في #العالم_الإسلامي
الحمد لله رب العالمين الذي فرض علينا طلب العلم وجعل مرتبة العلماء بعد الأنبياء.. والصلاة والسلام على خير المرسلين القائل: «يوزَن يوم القيامة مدادُ العلماء بدم الشّهداء»...
لقد أولى #الإسلام #العلم والتعليم أهميّة عظيمة فهو من ضروريات #الحياة ومظهر من مظاهر#النّهضة ودليل على ارتقاء الأمم، فالغاية من التعليم هي تكوين الشخصيات الإسلامية وتزويد المجتمع بما يحتاجه من العلوم والمعارف لتحقيق الاكتفاء والرّفعة لئلا نكون بحاجة إلى غيرنا من الدول، بالإضافة إلى أنه الطريق التي يتم بها حفظ ثقافة الأمة ونشرها والتي هي عنوان حضارتها وأساس مقاييسها ونظام حياتها التي تسعى لتطبيقه في الداخل ونشره في الخارج.
ومن المقطوع به أن التعليم في عالمنا الإسلامي يعاني من أزمة تبكي لها العين ويدمى لها الفؤاد حيث يؤثّر على أجيال متعاقبة من أبنائنا وبناتنا... وإن المشاكل الناجمة عن نظام التعليم العلماني في بلاد المسلمين متشابهة مع بعض الخصوصية لكل بلد المرتبطة بأحداثها الداخلية من ثورات وحروب وصراعات.
إن أول وأهم مشكلة يعاني منها التعليم السائد حاليا أنه متوارث ومفروض علينا من عهود الاستعمار، فمعظم أنظمة التّعليم في بلاد المسلمين مستوردة من الغرب، هدفها حفظ المعلومات لاجتياز الامتحانات ونيل الشهادة بدل أن تفسح للطلبة المجال الكافي لهضم المادة والتفكير والتحقيق والتحليل والربط والتطبيق... فالهدف هو المعلومات وليس الطالب، والشهادة وليس العلم النافع، وذلك بشكل ممنهج وليس من قبيل الصدفة، فهو شكل من أشكال الاستعمار والغزو الفكري والثقافي، فالتّعليم الذي يعطى لأبنائنا في المدارس والجامعات ليس مرتكزا على القاعدة الأساسية الإسلامية وهي العقيدة الإسلامية، بل يعمل على تحويلهم إلى علمانيين ينادون بالديمقراطية والحريات ويدافعون عنها... تعزّز فيهم الرابطة الوطنية والقومية لتحل محل الإسلام وأعظِم بها من مشكلة! وما تغيير المناهج المتكرر في الأردن وفلسطين والسعودية وتونس وتركيا وغيرها إلا مثال واضح لهذه الخطط الخبيثة في إبعاد الطلبة عن دينهم وقضايا أمتهم... بالإضافة إلى جمود المنهج التعليمي وعدم موائمته لحاجات الطلاب وتطلعات المجتمع...
ومن الأمور التي تشكل أزمة في جودة التعليم المؤسسات التعليمية، فهناك انعدام للرؤية الصحيحة وسوء تنظيم وسوء نتائج واضحة، ولا ترابط بين مراحل التعليم المختلفة، فالأصل أن الدولة هي التي تتحمل مسؤولية التعليم وتهيئة كل ما تتطلبه العملية التعليمية من مؤسسات ووسائل تعليمية، ومدارس، وجامعات، ومكتبات، ومختبرات، والأهم من ذلك معلمين مؤهلين وعلماء...الخ. وعند تسليط الضوء على المدارس في معظم بلاد المسلمين نجد أن هناك قصورا في توفير المدارس في كل مكان خاصة في القرى والمناطق النائية، وإن توفرت فلا تتوفر فيها البيئة المناسبة من حيث جاهزيتها بكل ما تحتاجه العملية التعليمية من مبانٍ ملائمة وكهرباء ومياه نظيفة وتهوية وتدفئة ووسائل وأدوات... فلا الصفوف مناسبة من حيث اتساعها أو إضاءتها، ولا المقاعد من حيث الراحة وملائمتها لجلوس الطلبة فترة طويلة، واكتظاظ الصفوف في الكثير منها، ليس فقط في مناطق مثل غزة التي تصل فيها فترات التدريس إلى ثلاث... أو مصر التي يصل أحيانا عدد طلاب الصف الواحد فيها 120 طالباً، أو اليمن التي يحتضن الصف الدراسي الواحد فيها من 90 إلى 120 طالبا، أو باكستان التي فيها - وفقًا للبيانات التي نشرتها منظمة اليونسكو - أكثر الفصول الدراسية ازدحامًا في دول جنوب آسيا وتبلغ نسبة أعداد الطلبة إلى أعداد المعلمين فيها نحو 500 طالب لكل ثلاثة معلمين، أو أفغانستان والتي فيها عدد المدارس غير كافٍ والصفوف مكتظة حتى إن التعليم هناك على فترتين مما يجعل التدريس لبضع ساعات فقط وهناك الآلاف من المدارس التي تعمل في الخيام... والسودان والمغرب والأردن وموريتانيا والصومال... بل أيضاُ في تركيا (والتي تعتبر أكثر تقدّما) يعاني النظام التعليمي فيها بشكل عام من نقص في الموارد والميزانية وكثرة طلاب المدارس. فمثلا هناك صفوف المدارس في المناطق الشرقية تحتوي على خمسين طالبا... وكذلك هناك قصورٌ من حيث توفر المكتبات والمختبرات وإن وجدت فعلى الأغلب ليس بالعدد الكافي لعدد الطلاب بحيث تشجع الطلاب على الإقبال على القراءة والبحث العلمي وتنمي عندهم التفكير والإبداع... ولا ننسى البعد عن اللغة العربية وإضعافها مما أدى إلى تراجع في الإبداع والقدرة على الرؤية المستقلة للتعليم فليس من المستغرب إذا عزف الكثير من الطلاب عن التعلم والإبداع.
أما بالنسبة لمشكلة الأمية فحدّث ولا حرج... فالأميّة كانت شبه معدومة في الدولة الإسلامية حيث كان تعلّم القرآن كتابة وقراءة إلزاميا، والكتب والمكتبات ميسّرة للاطلاع والاستعارة، في حين بلغت نسبة الأمية في أوروبا حينها أكثر من 95%، وفي الوقت الحالي أصبح الوضع معكوسا وأصبحنا نحن المسلمين نعاني من الأميّة! وهذا تحصيل حاصل لسياسات التّعليم التي تتبناها أنظمة العالم الإسلامي والتي وضعت أصلا بإملاءات من الكافر المستعمر والتي قضت على الدافع عند الطلاب والمعلمين على السواء، ناهيكم عن التّكاليف العالية التي يتحملها أولياء الأمور، ولا ننسى انعدام الأمن بسبب الحروب وعدم الاستقرار.
فبحسب تقرير المعرفة العربي لعام 2014م فإن عدد الأميّين في المنطقة العربية بلغ سنة 2012 نحو 51.8 مليون أمي من سن 15 عاما فما فوق، كان النصيب الأوفر من هؤلاء في صفوف النساء، حيث بلغت نسبة المرأة من عدد الأميين 66 بالمائة... وحسبما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" عام 2015 فإن أكثر من 12 مليون طفل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هم خارج المدرسة أو مهددون بتركها، وأن 40 في المائة من الأطفال في أفغانستان ليسوا في المدرسة، و90 في المائة من النساء الأفغانيات في المناطق الريفية أميات. وأظهر تقرير حكومي وجود 24 مليون طفل في باكستان من دون تعليم... وعدد طلاب المدارس الابتدائية الذين لا يستطيعون القراءة والكتابة يبلغ تقريبًا النصف! وجودة التعليم في بنغلاديش سيئة جدا بسبب الغش وتسريب أسئلة الامتحانات في جميع المستويات والمراحل.
وهذا ينطبق على الجامعات أيضا، فلو نظرنا إلى تكاليف التعليم في ظل المبدأ الرأسمالي الذي نرزح تحته - والذي تكون الأسرة فيه هي المسئولة عن تعليم أفرادها وليست الدولة - نجد أن التعليم الجامعي مكلف ومرهق لميزانية الأسر، مما يجعل البعض يتخلى عن طموحه الجامعي رغم تفوقه لعدم قدرته على تكاليفه، أو يضطر الأهل أحيانا إلى بيع أراضيهم وممتلكاتهم أو الاقتراض أو امتهان أكثر من عمل، أو يعمل الطالب نفسه ليتمكن من تسديد تكاليف الدراسة الجامعية الباهظة من رسوم وكتب ومواصلات وغيرها... وهنا نتساءل: أوليس التعليم من الحاجات التي أوكل الإسلام على الدولة توفيرها لرعاياها!! فما هو مقدار نفقات هذه الدول (لا أبقى الله لحكامها وجودا) على قطاع التعليم؟!! مع العلم أن الدول في العالم الإسلامي غنية بالثروات المادية والبشرية ولكن مقدّراتها ليس بيد أهلها، وإنما بيد الكافر المستعمر عن طريق هؤلاء الرويبضات التابعين لأسيادهم ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ﴾... فإن تدنّي الإنفاق على قطاع التعليم يشكل عائقا أمام تطويره، حيث أنفق 41 بلدا في العالم الإسلامي 6% فقط من ميزانيته على التعليم سنة 2011م، و25 بلدا أقل من 3% من النّاتج القومي الإجمالي سنة 2011م. وتحتل تركيا المركز الثاني قبل الأخير بين دول منظمة التعاون والتنمية في تخصيص الموارد من الدخل القومي للتعليم. وبلغت نسبة إنفاق باكستان على تنمية التعليم 2015 - 2016، 2.3٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي! في حين إن كيان يهود (الجسم الغريب المفروض علينا) ينفق 10% من النّاتج المحلي على التعليم ويدعم معظم الجامعات وينفق ما معدّله 1100 دولار على كل طالب سنويا، وأشارت إحصائية وردت في الجزيرة نت إلى أن أقل الدول إنفاقا على البحث العلمي البلاد العربية خاصة الموجودة في آسيا حيث لم يتجاوز إنفاقها 0.1%، والإفريقيّة 0.5%، ووفقا لتصنيف (جيا تونغ شنغهاي) الأكاديمي العالمي لجامعات العالم وصلت أربع جامعات للعدو الصّهيوني إلى لائحة أفضل 150 جامعة في العالم. في حين لم يكن لأي من الجامعات العربية مكان في هذه اللائحة! وضمن نتائج تصنيف أفضل 500 جامعة، فإن جامعة عربية واحدة فقط دخلت التّصنيف هي جامعة الملك سعود وجاء ترتيبها الـ(428)!! وفي تصنيف QS العالمي عام 2014/2015 لأفضل 100 جامعة لم تحصل أي من الجامعات في العالم الإسلامي على مرتبة عالية فيه، ومن بين 400 لم يكن هناك سوى 11 جامعة من بينهم، وأيضا أظهرت أحدث نتائج 2016 تايمز للتعليم العالي أن هناك فقط 10 جامعات في العالم الإسلامي ضمن أفضل 400 جامعة!
وحتى المنح والبعثات معظمها يكون لغير مستحقيها، كذلك ما يطلق عليها "كليات القمة" غير متاحة وكأنها مقتصرة على ناس معينين! مما يكبت الإبداع ويحُدّ من عدد العاملين على تطوير العلوم والأبحاث والتقدم العلمي وتأليف الكتب، مع أن الأصل أن يكون المجال مفتوحا أمام الجميع كحق من حقوقهم... وكذلك نجد تفضيل بعض الأسر الفقيرة التي لا تملك أن تعلم كل أفراد الأسرة تعليم الذكور على الإناث لأنهم هم المسئولون عن الأسرة والإنفاق عليها وبالتالي يرون أن التعليم ضرورة لهم أكثر من الإناث... وحتى لمن يتمكنون من إكمال تعليمهم الجامعي ففرص العمل قليلة والأجر منخفض، ومتطلبات المعيشة باهظة، ويشعرون بعدم الأمن والعدل في بلادهم، إذ إن المؤسسات الجامعية والبحثية والوظائف تسودها المحسوبية والمركزية والاستبداد، بالإضافة كما ذكرنا إلى ضعف الإنفاق على البحث العلمي فيصيبهم الإحباط وأحيانا اليأس، مما يؤدي إلى واحدة من أهم المشكلات التي تعبر عن واقع الأمة في مختلف المجتمعات الإسلامية، وتُعيق بناء مستقبل أفضل لها هي مشكلة "هجرة الكفاءات" والتي تنقل العقول والخبرات والمهارات إلى دول الغرب، مما يؤثر في قوة الأمة الإسلامية فكرياً وحضارياً وتربوياً وعلمياً... فهناك مئات آلاف الطلاب من البلدان الإسلامية يتابعون دراستهم في الغرب لا سيما الخريجون الحاصلون على درجة الدكتوراة ولا يعودون إلى بلادهم. فقد أظهرت بعض الدراسات التي قامت بها جامعة الدول العربية ومنظمة اليونيسكو والبنك الدولي أن العالم العربي يساهم في ثلث هِجرة الكفاءات من البلدان النامية، وكذلك تحتل تركيا (القدوة في مجال التعليم في عدد من البلاد الإسلامية) المرتبة الـ11 بين الدول التي تضم أكبر عدد من الطلاب في الخارج. وتتصيد الجامعات الأجنبية العقول اللامعة من باكستان بالتعاون مع المدارس الخاصة - لاستغلالها لصالح الدول الغربية وليس لصالح أهل باكستان أو بقية العالم الإسلامي.
وبعد هذا كله نتساءل: لماذا يتقدمون ونتأخر نحن؟! هم يستقطبون علماءنا ويحتفون بهم في الوقت الذي تحتفي الحكومات في العالم الإسلامي، بحكّامها وإعلامها، بالفنانين والراقصين ولا تمنح العلماء والمبدعين أي قدر من الاهتمام أو الاعتناء اللازم! فتُسرق الكفاءات المسلمة وتصبح قوة للدول الكافرة وضعفاً لنا!!
في ضوء هذا كله، ماذا نتصور أن تكون أحوال المعلّمين في مثل هذه البلاد من حيث مكانتهم وحفظ كرامتهم ورواتبهم وظروف العمل؟! فإن كان التعليم من أهم أسس النهضة، فإن المعلم من أهم أركانه، ولذلك ارتفع الإسلام بمنازل المعلمين، وقدّر جهودهم، وكرم سعيهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ الله وملائكته وأهل السَّموات والأرض حتَّى النَّملة في جحرها وحتَّى الحوت ليصلُّون على مُعلِّم النَّاس الخير».. ولكن ظلم واستبداد هؤلاء الحكام لم يوفّر أحدا من أبناء هذه الأمّة الشريفة ولا حتى هؤلاء المعلمين الذين وصفهم نبي الرحمة بأنهم ورثة الأنبياء..! فبينما تقدّر الدول الرأسماليّة - والتي فيها مقياس الأعمال المصلحة والربح المادي كأمريكا واليابان وألمانيا - العلماء والمعلمين وتحفظ لهم مكانتهم من حيث حصولهم على أعلى الأجور وعلى امتيازات وتكريم ليس لغيرهم، نجد أنّ بلاد العالم الإسلامي بما فيها الدول العربية يتقاضى فيها المعلمون أقل الأجور وأزهدها، مما يضطر معظمهم إلى امتهان عمل إضافي لا يتناسب ومهنته لسد تكاليف الحياة الباهظة، إضافة إلى افتقارهم إلى ظروف عمل جيّدة ومناسبة لطبيعة العمل وهيبة المعلمين، وهذا كله يؤثر على نظرة طلابهم والمجتمع لهم سلبياً. ولا ننسى سياسة تعيين معلمين غير مؤهلين وليس لديهم كفاءة لتدريس الطلبة ولا سيما في الصفوف الدنيا التي يتعلم فيها الطالب المهارات الأساسية من قراءة وكتابة وحساب، أو يتم إجبارهم على تدريس مواد غير تخصصهم الجامعي مما يؤثر على جودة التعليم. ففي تقريرها السنوي حول التعليم لعام 2014 قالت اليونسكو إن 43 % من الأطفال في البلاد العربية يفتقرون إلى المبادئ الأساسية للتعليم بسبب تردي قدرات المعلمين وافتقارهم للتدريب المناسب لأداء وظيفتهم إضافة إلى تراجع مكانة المعلم مما أثر على أدائه وإنتاجيته وعطائه. كذلك ليس من المستبعد أن يتعرض للإهانة والعقوبات إذا طالب بأدنى حقوقه مثلما حصل في تونس وفلسطين ومصر والأردن...
ولا ننسى كذلك طرق التدريس وأساليبه العقيمة والتي تنقصها المرونة والإبداع والتنوع والحيوية والتي تؤدي إلى الملل وعدم القدرة على التفكير والإبداع، فهي تقوم على التلقين والتعليم النظري، وتركز على الحفظ المجرد لمعلومات صمّاء غير متصوَّرة في أذهانهم دون ربطها بالواقع أو تحليلها وفهمها مما أدّى إلى عدم الرغبة في التعلم وبالتالي إلى التّسرب من المدارس. فقد حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن 12 مليون طفل في الشرق الأوسط هم خارج المدرسة نتيجة الفقر والتمييز الجنسي والعنف، ولا يشمل الإحصاء الأطفال الذين أجبروا على ترك مدارسهم بسبب الحروب في العراق وسوريا والذي يزيد عددهم عن ثلاثة ملايين.
إن كل هذا نتيجة طبيعية لسياسة أنظمة هذه البلاد، ولا أخص بلدا دون آخر، بل جميع بلاد العالم الإسلامي. فهي تابعة للكافر المستعمر، فمنذ أن نجح هذا المستعمر في هدم الخلافة العثمانية وضع خططه لاستعمار هذه البلاد لتظل تابعة له تنفذ سياساته وتحافظ على مصالحه وتمكنه من مقدرات الأمة وثرواتها. وكانت أدواته في ذلك هؤلاء الحكام العملاء الذين اصطنعهم بيديه وتحت عينه ليكونوا عبيدا أوفياء له، وفعلا كانوا. فما فتئوا ينفذون أوامره ويتبنّون جميع سياساته التي تتعلق بالحكم والاقتصاد والتعليم...الخ، ولكي لا يخرجوا عن حدود سيطرته ابتدع ما يسمّى بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيث جعلهم مرتبطين بالدول الاستعمارية، خاصة أمريكا، عن طريق إرغامهم على اللجوء إلى الاقتراض من البنك الدولي والذي يكون من ناحية يحدد المشاريع والاستثمارات التي تُنفَق القروض فيها، وبطبيعة الحال لا تكون مشاريع تحتاجها الدولة وتعتبر حيوية لها وتساهم في ارتقائها، ومن ناحية أخرى هي قروض من الدول الرأسماليّة، يعني فوائد تتضاعف ولا تستطيع الدولة السداد والانفكاك من ذلك وتبقى رهينة وتابعة للدول المستعمرة!!
والذي يهمنا في هذا الباب أن التعليم ليس من أولويات اهتمام هؤلاء الحكام وأسيادهم إلا بقدر ما يخدم مصالحهم وينفذ مخططاتهم ومؤامراتهم على هذه الأمة العريقة بمبدئها، فقد تبنّوا أجندة العلمانية الغربية ووجهة نظرها الرأسمالية في التعليم خاصة في وضع المناهج لعلمنة وتغريب الأجيال المتعاقبة كما ذكرنا سابقاً... ويقومون باستيراد نماذج تعليمية نُفذت في الغرب، أو يتبنون الحلول التعليمية من المنظمات الغربية التي تهدف فقط إلى زيادة علمنة التعليم ويطبقونها في بلادنا بحجة النهوض بالتعليم! مثل النموذج الفنلندي في الإمارات والنموذج السنغافوري ثم الياباني في مصر، والأمريكي في أكثر من بلد عربي وإسلامي، وطبعا كانت تجارب فاشلة، فسياسة التعليم في تلك الدول نابعة من المبدأ الذي تحمله، ذات أيديولوجية مخالفة للمعتقدات الإسلامية للمسلمين، وكذلك وسائله ومقوّماته وطرق تدريسه ونظامه ومناهجه وبنيته التحتية تختلف عما هو موجود عندنا ولا ترتبط بالواقع ولا تلبي احتياجات الطلاب والمجتمع.
إن كل هذه المشاكل والقضايا لن تحل ولن يعود للعلم والتعليم والمعلم هيبته ومكانته وقوته إلا بوجود الدولة الراعية التي تهتم بنوعية التعليم وتعتبره من المصالح والمرافق الأساسية للرعية، والتي توفره بقدر ما يتطلبه معترك الحياة ولا تنتظر أي شيء من الرعية مقابل تعليمها لهم لأنه واجب عليها، فيكون التعليم فيها مجانا للجميع ولكل فرد ذكرا كان أم أنثى، وتجعل أساسه العقيدة الإسلامية. وتضمن للمعلم مكانة رفيعة... دولة قادرة على احتضان العلماء وتوفير العيش الكريم لهم فيعودوا ليساهموا في تقدمها التكنولوجي والعلمي إن شاء الله، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القادمة قريباً بعون الله...
اللهمّ مكنّا من تطبيق دينك الذي ارتضيته لنا بإقامة دولة الخلافة الإسلامية واجعلنا من شهودها وجنودها.
الكلمة الثالثة- كلمة #المكتب_الإعلامي_المركزي لـحزب التحرير
رؤية #التعليم في #دولة_الخلافة: إحياء الجيل و #الحضارة الذهبية (مترجمة)
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [إبراهيم: 1]
أخواتي العزيزات والضيوف الكرام، ليس هناك شك في أن الجميع هنا يرغب في رؤية نهاية أنظمة التعليم الفاشلة في بلادنا الإسلامية، ويتشوق لولادة نموذج تعليم مشرق فعلاً والذي سيلبي تطلعات شبابنا التعليمية ويصنع عصراً ذهبياً من العلم والابتكار والحضارة الذهبية التي ستتفوق في كل مجال من مجالات الدراسة وستتميز في تحقيق التقدم والتنمية؛ إن هذا النموذج التعليمي سيكون ثروة حقيقية تفخر بها هذه الأمة ومنارة يتطلع العالم لتقليدها.
ولكن أخواتي العزيزات، إن بناء نظام تعليمي من الطراز الأول يتطلب وجود نظام سياسي من الطراز الأول؛ نظامٍ يتبنى رؤية سياسية واضحة، نظامٍ ينهض بالمجتمع ويتمتع برؤية سياسية مستقلة للدولة والعالم؛ ورؤية سياسية تستند للآية الكريمة التي تلوتها - يخرج الناس من ظلام الكفر وجهله وينقذهم من كل الدمار واليأس والظلم والأحلام المحطمة التي ينشرها الكفر على هذه الأرض إلى نور الإسلام وعدله ونهضته التي سيمنحها للبشرية في كل مجالات الحياة - روحياً وفكرياً وأخلاقياً وسياسياً واقتصادياً، وفي كل مجالات العلوم والتكنولوجيا. إن هذا النظام السياسي من الطراز الأول هو دولة الخلافة على منهاج النبوة التي ستطبق العقائد والأحكام والأنظمة الإسلامية بشكل كامل وشامل، والتي قادت العالم لقرون في تميز مؤسساتها الأكاديمية والتعليمية وابتكاراتها واكتشافاتها المتطورة، وكذلك مساهماتها الكبيرة في مجال التنمية البشرية.
ليس هناك شك أيتها الأخوات، أن نظام الخلافة العظيم هذا، الذي يتبنى وجهة نظر الإسلام المتميزة عن التعليم حيث إن طلب العلم فيه يرتبط بشكل وثيق بعبادة الله سبحانه وتعالى وبالثواب العظيم في الآخرة، ويقترن بشكل وثيق أيضاً مع الرؤية السياسية الإسلامية العظيمة التي وصفْتُها، ما من شك أن هذا النظام سيؤسس نظاماً تعليمياً نموذجياً من الطراز الأول وسيبني جيلاً شاباً وأمة ودولة، وكلها ستجسد صفات قيادية نستطيع من خلالها قيادة البشرية من الظلمات إلى النور كما أمرنا الله سبحانه وتعالى.
وذلك لأن الدولة التي تسعى لقيادة العالم من خلال القيادة الإسلامية، دين الحق والعدل، لن تقبل لمناهجها التعليمية أن تُفرض عليها فرضاً وفقاً للخطط الأجنبية العلمانية التي تنشر الفساد والجهل؛ وإنها لن تقبل بتقليد نماذج التعليم للدول الأخرى أو أن تبقى تابعة لها متأخرة عنها تحاول محاكاة نجاحهم الأكاديمي والعلمي؛ وإنها لن تقبل بأي نظام تعليمي من الدرجة الثانية يُمَوَّل بفتات الدولة؛ وإنها لن تقبل بالاعتماد على أي بلاد أجنبية لتطوير قطاعاتها الاقتصادية والزراعية والصناعية والعلمية والتكنولوجية وجيوشها، وأنظمة التعليم والرعاية الصحية، أو أن تجعل أي باب للدولة مفتوحاً لتدخُّل الدول الاستعمارية.
كلا أيتها الأخوات! لأنها دولة تسعى إلى قيادة هذا العالم بنور الإسلام، فإن الله سبحانه وتعالى قد أوجب على دولة الخلافة أن تتمتع برؤية سياسية مستقلة محلياً ودولياً وتستند فقط إلى الإسلام وحده؛ وبالتالي يجب أن تكون أيضاً مستقلة في وضع مناهجها التعليمية، وكذلك توفير خدماتها العامة والبنى التحتية، واستيفاء جميع احتياجات الدولة والأمة، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ [النساء: 141]
وبالتالي فإن الخلافة ستبني نظاماً تعليمياً متميزاً سيمكن الدولة من تحقيق هذه الأهداف النبيلة، بحيث سيكون هناك ارتباط قوي بين التعليم والوفاء بالقضايا الحيوية ومصالح الدولة والأمة، وتضمن الاكتفاء الذاتي والاستدامة المستقلة؛ وبالتالي ستضع حداً لهذا الانفصال بين أنظمة التعليم في بلادنا واحتياجات مجتمعاتنا الصناعية والزراعية والتقنية وغيرها وهو الأمر الذي أدى إلى الاعتماد على الدول الأخرى. وهذا، إلى جانب استثمار دولة الخلافة المكثف في التصنيع لاستيفاء احتياجات المجتمع بشكل مستقل ولجعل الخلافة قوة عالمية عظمى، سيمكن الدولة من الاستفادة من مهارات وعقول أبناء الأمة المتميزة لتطوير الدولة، بحيث لا يتم إهدار طاقاتهم الثمينة أو أن تقوم الدول الأجنبية بسرقتها.
أسس التعليم في دولة الخلافة:
ولذلك أخواتي العزيزات، كيف ستتمكن دولة الخلافة من تحقيق هذه الرؤية المتميزة عملياً لنظام تعليمي من الطراز الأول؟ حسناً، للإجابة على هذا السؤال، فإن حزب التحرير قد فصل في مشروع دستور دولة الخلافة وفي كتابه "أسس التعليم المنهجي في دولة الخلافة" المبادئ الأساسية والأهداف وطرق التدريس والمناهج الدراسية وهيكل السياسة التعليمية لهذه الدولة - وقد تم تبنيها كلها استناداً إلى الأدلة الشرعية الواضحة.
النقطة الأولى والأهم أيتها الأخوات هي أن ندرك أن الأساس الذي تستند إليه كل جوانب النظام التعليمي في دولة الخلافة - من ناحية أهدافه، ومن ناحية المواضيع التي يتم تدريسها ومحتواها، وتنظيم المدارس وكل شيء آخر، هو العقيدة الإسلامية وحدها، لأن هذا هو الأساس الوحيد لحياة المسلم ودولة الخلافة. فهي المقياس الوحيد الذي يحدد ما يجب أن تتضمنه المناهج وما يجب رفضه، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85]
ولذلك، فإن مناهج التعليم في دولة الخلافة لن تحتوي على المواضيع التي تتعارض مع العقيدة الإسلامية. وستقوم الدولة أيضاً بإغلاق المدارس الأجنبية أو المؤسسات التعليمية التي تُعتبر أدوات لنشر الثقافة الليبرالية الغربية الفاسدة في بلاد المسلمين. ويمكن أن يقوم الأفراد بفتح المدارس الخاصة ولكن بشرط أن تتبنى هذه المدارس منهاج الدولة وحده وتعمل لتحقيق أهدافه. ولن يكون هناك اختلاط بين الذكور والإناث في معاهد التعليم كما بَيَّن الإسلام ذلك - سواء بين الطلاب أو المعلمين - لتضع بذلك حداً، إن شاء الله، للعلاقات غير الأخلاقية والتحرش الجنسي الذي تتعرض له الفتيات اليوم في كثير من المدارس والكليات والجامعات.
وحتى إن مراحل التعليم يجب أن تتشكل وفق العقيدة الإسلامية لأن هذه المراحل تحددها الأدلة الشرعية المتعلقة بمختلف القواعد الإسلامية والفرائض والعقوبات التي تطبق على التلاميذ في مختلف الأعمار. فعلى سبيل المثال، قال النبي r: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يَفِيقَ» [رواه أبو داوود في سننه]، وقال عليه الصلاة والسلام: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ» [رواه الإمام أحمد في المسند]
فبحسب هذه الأدلة وغيرها من #الأدلة_الشرعية، تنقسم مراحل المدرسة إلى 3 مراحل: المرحلة الأولى (أو المرحلة الابتدائية) من سن 6 سنوات إلى 10 سنوات؛ المرحلة الثانية (المدرسة المتوسطة) من سن 10 سنوات إلى سن 14 سنة؛ والمرحلة الثالثة (أو المدرسة الثانوية) من سن 14 سنة حتى نهاية المراحل الدراسية.
وثانياً أيتها الأخوات، يتوجب على دولة الخلافة ضمان توفير التعليم الممتاز لكل فرد من أفراد رعيتها بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين. فقد نصت المادة 178 من مشروع دستور دولة الخلافة الذي أعده حزب التحرير على: "تعليم ما يلزم للإنسان في معترك الحياة فرض على الدولة أن توفره لكل فرد ذكراً كان أو أنثى في المرحلتين الابتدائية والثانوية، فعليها أن توفر ذلك للجميع مجاناً، ويفسح مجال التعليم العالي مجاناً للجميع بأقصى ما يتيسر من إمكانيات".
وذلك لأن #الإسلام يرى أن تدريس الأفراد ما يحتاجون في معترك الحياة أحد الحاجات الأساسية للرعية التي يجب ضمان إشباعها بشكل فردي. لذلك، فإنه يتوجب على دولة الخلافة توفير عدد كاف من المدارس الابتدائية والثانوية والمعلمين لجميع أفراد الرعية وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه لتحقيق أهداف سياسة التعليم وبشكل مجاني. وعلاوة على ذلك، فإن دولة الخلافة ستقوم أيضاً بتوفير الدراسات العليا مجاناً والتي تعتبر ضرورية للدولة مثل العلوم الإسلامية، والطب، والهندسة، وتدريب المعلمين وفي الوقت نفسه تسعى أيضاً بكل الإمكانيات المتاحة لتوفير دراسة المواضيع غير الضرورية مجاناً.
ويجب أن يكون واضحاً أيتها الأخوات، أن الأولوية في دولة الخلافة ستكون للاستثمار في التعليم. فإنها كدولة تسعى لقيادة العالم وتسعى فعلاً لخدمة رعيتها والإنسانية، فإنها لن تقبل أن تكون مجرد دولة من دول العالم الثالث، أو أن يكون مستوى التعليم فيها من الدرجة الثانية بسبب نقص الأموال. فستسعى بكل الطاقات والإمكانيات إلى إيجاد وفرة من المدرسين والمحاضرين المدربين تدريباً جيداً وبأجرة عالية، وستجهزهم تجهيزاً كاملاً، وستكون فيها المدارس والكليات والجامعات ومراكز الأبحاث والمكتبات والمختبرات والمراصد وغيرها الكثير مجهزة دائماً بأحدث الأجهزة والتقنيات وعلى أعلى مستوى، وذلك باستخدام الثروات الموجودة في البيت المال (الخزانة المركزية)، والتي ستكون إن شاء الله وفيرة جداً نظراً لطبيعة النظام الاقتصادي الإسلامي الصحيح في دولة الخلافة التي ما زال تاريخها ماثلاً في الأذهان في قدرتها على توفير حياة مزدهرة في بلادنا الإسلامية. وعلاوة على ذلك، فإنها ستقوم بإنشاء مجمع "مدارس شامل" بين القرى الصغيرة وستقوم بتنظيم وسائل النقل مجاناً لنقل الطلاب من منازلهم إلى المدارس، وستضمن بذلك عدم وجود تمييز بين المدن والمناطق الريفية في جودة ونوعية التعليم، وذلك لأنه يتوجب على دولة الخلافة من ناحية شرعية أن تكون الوصي والضامن لحقوق كل من يحمل تابعيتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» [رواه البخاري عن ابن عمر]
كل هذا، أيتها الأخوات، سيضع حداً للتربح من التعليم الذي تقوم به الحكومات والأغنياء وأصحاب النفوذ، وسيضع حداً لأنظمة التعليم المزدوجة في بلادنا، حيث لا يحصل على التعليم الجيد سوى الأغنياء بينما يتعلم الفقراء تعليماً سيئاً. وبدلاً من ذلك، فإن الدولة ستدعم كل الطلاب لتحقيق كل طموحاتهم بغض النظر عن ثرواتهم، وستساعدهم للوصول إلى أعلى المستويات الدراسية وتحقيق تطلعاتهم في مجال الابتكار من أجل صنع وسط متميز وكاف من المجتهدين والعلماء والمخترعين إن شاء الله. فقد نصت المادة 179 من مشروع دستور دولة الخلافة لحزب التحرير على: "تهيئ الدولة المكتبات والمختبرات وسائر وسائل المعرفة في غير المدارس والجامعات لتمكين الذين يرغبون في مواصلة الأبحاث في شتى المعارف من فقه وأصول فقه وحديث وتفسير، ومن فكر وطب وهندسة وكيمياء، ومن اختراعات واكتشافات وغير ذلك، حتى يوجد في الأمة حشد من المجتهدين والمبدعين والمخترعين".
أهداف نظام التعليم في دولة الخلافة:
لذلك أيتها الأخوات، ما هي أهداف نظام التعليم في دولة الخلافة وكيف ستعمل على تحقيق هذه الأهداف؟ حسناً، أولاً، هناك 3 أهداف رئيسية للتعليم المدرسي:
1. بناء الشخصية الإسلامية
الهدف الأول هو بناء الشخصية الإسلامية، شخصيات أبناء الأمة الإسلامية من خلال غرس العقيدة الإسلامية، والأفكار الإسلامية والسلوك بناء على المفاهيم الإسلامية عند الطلاب بحيث يصبحون مسلمين يحملون الإسلام كأساس وحيد لجميع أفكارهم وأحكامهم وميولهم وسلوكهم ويشكلون حياتهم وفقاً لدينهم. وهذا الهدف يعكس مقاصد النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه للمسلمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة لأنه كان يسعى أيضاً لبناء الشخصيات الإسلامية في تفكيرهم وسلوكهم.
وتبنى الشخصيات الإسلامية عند الأطفال أولاً من خلال غرس العقيدة الإسلامية عن قناعة في نفوسهم من خلال إعطائهم الأدلة العقلية القطعية على وجود الله سبحانه وتعالى وأن القرآن الكريم هو كلام الله. ومن ثم يتم تدريسهم الأفكار والأحكام الإسلامية، ولكن بطريقة عملية بحيث يفهمون دائماً كيفية تطبيقها في حياتهم على الواقع المناسب، وبطريقة تؤثر على أفكارهم ومشاعرهم بحيث يتبنى الطلاب حكم الإسلام الواجب تجاه المسألة - فيتصرفون وفق الأحكام بالقيام أو الامتناع - فلا تبقى هذه الأحكام مجرد أفكار نظرية. لذلك، فإن تدريس المواضيع الإسلامية مثل اللغة العربية، وتفسير القرآن، والسنة النبوية، والسيرة والتاريخ الإسلامي يجب أن يتم بطريقة تدفعهم دائماً إلى تنمية شخصياتهم الإسلامية والسمو بها - فيتم تدريس القرآن ليس فقط بهدف جعل الطلاب يحفظونه قبل سن البلوغ ولكن أيضاً لفهم إعجازه اللغوي ولفهم القواعد والدروس التي يمكن أن يطبقوها وفقاً لأعمارهم؛ ويجري تدريس السيرة لفهم قواعد وأحكام حمل الدعوة في إقامة الدولة الإسلامية وتنظيم شؤونها الداخلية والخارجية؛ أما تدريس التاريخ الإسلامي فسيركز على الصفات البارزة للشخصيات الإسلامية مثل الصحابة، والتابعين والحكام والعلماء، والتأكيد على الشجاعة والصبر والتقوى، والوقوف ضد الظلم، وحماية الأمة والإسلام بحيث تصبح هذه المعارف مصدر إلهام للطلاب ويحملونها في أفكارهم وميولهم. وعلاوة على ذلك، يتم تدريس الإسلام بشكل شامل بحيث تُفهم قواعده في كل مجال من مجالات الحياة؛ في العبادات، والأخلاق، والحياة الأسرية، والاقتصاد، والمسائل القضائية والسياسة وغيرها.
والهدف هو الانتهاء من هذه العملية من بناء الشخصية الإسلامية مع نهاية المرحلة المدرسية الثالثة بإذن الله، ومخرجاتها ستتلقى الدعم من الأجواء الإسلامية في دولة الخلافة حيث إن وسائل الإعلام والمساجد وكافة المؤسسات الأخرى لن تقوم بالترويج إلا للمفاهيم الإسلامية النقية الصافية.
2. تعليم المهارات والمعارف العملية اللازمة لمعترك الحياة
والهدف الثاني للتعليم المدرسي هو تعليم الطلاب ما يحتاجونه من مهارات ومعارف للتفاعل مع البيئة المحيطة بهم لإعدادهم للانخراط في معترك الحياة العملية، مثل الرياضيات والعلوم والمعارف العامة والمهارات اللازمة لاستخدام الأدوات والمخترعات المختلفة، على سبيل المثال كيفية استخدام الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة المنزلية والزراعية والأدوات الصناعية، وهكذا. كما سيتم تدريسهم الرياضة المفيدة مثل السباحة والرماية، وبعد سن البلوغ سيتم تدريبهم على المهارات العسكرية تحت إشراف الجيش.
3. تحضير الطلاب للمرحلة الجامعية
والهدف الثالث من التعليم المدرسي هو إعداد الطلاب لدخول الجامعة عن طريق تعليمهم العلوم الأساسية المطلوبة لهذه المرحلة - سواء أكانت ثقافية مثل الفقه، واللغة العربية وتفسير القرآن، أم علوما تجريبية - مثل الرياضيات والكيمياء وعلم الأحياء والفيزياء. والهدف من ذلك هو بناء الشخصيات البارزة والعلماء وعلماء الشريعة والخبراء في كل مجال من مجالات الحياة حتى تكون دولة الخلافة قوة رائدة ومؤثرة على مستوى العالم. ولتحقيق ذلك، سيتم استخدام طرق وأساليب التدريس التي تثير التفكير العميق وتلهم الطلاب. وسيتم تدريس العلوم التجريبية، على سبيل المثال بطريقة تبني المهارات التحليلية، وبحيث تطبق المواضيع في حل مشاكل الحياة الحقيقية وستجري دراستها للاستفادة منها بما يخدم مصالح الأمة وقضاياها الحيوية. وعلاوة على ذلك، سيتم استخدام التجارب والتقنيات الرقمية وأدوات التعلم الإلكتروني - والتي ربما ستشمل تطبيقات وأدوات محاكاة الواقع الافتراضي وغيرها الكثير - لمساعدة الطلاب على تصور وفهم المفاهيم العلمية التي يجري تدريسها بوضوح أكبر.
أيتها الأخوات، إن هذه الأهداف الثلاثة للتعليم المدرسي سيتم تحقيقها في كل مرحلة من مراحل التعليم المدرسي بحيث يجري التوسع في كل مرحلة بشكل أكبر من المستويات التي تحققت في المرحلة السابقة، وبحيث تُضمن استمرارية العملية التعليمية من المرحلة الأساسية وحتى المرحلة الثانوية. وسيكون هناك تتبع وثيق للأداء الأكاديمي لكل طالب في جميع مراحل التعليم الثلاث من خلال المدارس والذي سيتم تحت إشراف دائرة التعليم في دولة الخلافة لمراقبة نوعية التعليم ولضمان تحقيق هذه الأهداف.
وفي خلال الفصول الستة الأخيرة من المرحلة الدراسية الثالثة، وإلى جانب المواد الإسلامية والعلمية الأساسية، فإن الطلاب سيدرسون فروعاً اختيارية للتخصصات التي يخططون للالتحاق بها، فعلى سبيل المثال، في مرحلة التعليم العالي ستكون هناك فروع كفرع الثقافة الإسلامية والفرع العلمي والفرع الصناعي والفرع الزراعي والفرع التجاري والفرع المنزلي للإناث ويشمل موضوعات تتعلق برعاية البيت والأطفال.
إن هذا المنهاج التعليمي المتكامل والشامل، سيبني شخصيات إسلامية شاملة تتميز في فهم دينها وطبيعة هذا العالم، وكذلك سيزودهم بالأسس المطلوبة للالتحاق بالدراسات العليا.
أهداف ومؤسسات التعليم العالي:
وأخيراً أيتها الأخوات، عندما ننظر إلى رؤية دولة الخلافة للتعليم العالي، وأهدافه ومؤسساته، يمكننا أن نرى مرة أخرى العلاقة الوثيقة بين نظام التعليم في الدولة والوفاء باحتياجات المجتمع وكذلك الكيفية التي ستتمكن دولة الخلافة من خلالها من بناء الحضارة والأجيال الذهبية.
فعلى سبيل المثال، إن أحد الأهداف هو تعميق وتركيز الشخصية الإسلامية في طلاب التعليم العالي والارتقاء بهذه الشخصية لتصبح قائدة في حراسة القضايا المصيرية للأمة الإسلامية وخدمتها، مثل ضمان التطبيق الصحيح للإسلام، ومحاسبة القيادة، وحمل الدعوة، والتصدي للأخطار التي تهدد وحدة الأمة والدين ودولة الخلافة. وهذا يعني أن الثقافة الإسلامية ستدرس بشكل مستمر لطلبة التعليم العالي، بغض النظر عن التخصص الذي اختاروه. والنتيجة هي بناء طبقة أعلى تعليماً من أبناء هذه الأمة والذين سيكونون طلائع لنشر الإسلام وحمايته، بدلاً من أجيال تسعى فقط لتحقيق المزيد من تطلعاتهم التعليمية والاقتصادية الشخصية. وعلاوة على ذلك، فإن دولة الخلافة ستوفر الوسائل للطلاب لتمكينهم من التخصص في جميع مجالات الثقافة الإسلامية وستشجعهم على ذلك من أجل إنتاج العلماء والقادة والقضاة والفقهاء بحيث تزدهر الأمة في تطبيق الإسلام ونشره وحمايته.
ويهدف التعليم العالي أيضاً إلى بناء الطواقم القادرة على خدمة مصالح الأمة الحيوية مثل توفير نوعيات ممتازة وكميات كافية من الغذاء والمياه والمساكن والأمن والرعاية الصحية، وكذلك إعداد الطواقم اللازمة لرعاية شؤون الأمة من الأطباء والمهندسين والمعلمين والممرضين والمترجمين وغيرهم. وهذا يشمل إعداد طواقم الخبراء القادرة على تقديم الخطط الاستراتيجية والدراسات والاقتراحات وكذلك ابتكار الوسائل والأساليب المتطورة في الزراعة والصناعة والأمن لتمكين الدولة من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إدارة شؤونها. وسيكون هناك أيضاً تنسيق وثيق بين معاهد التعليم العالي والدولة، مثل التنسيق الذي سيكون بين كليات الزراعة في الجامعات ودائرة الزراعة في دولة الخلافة، لضمان أن التعليم العالي يلبي احتياجات المجتمع، مثل تحسين ري الأراضي وتربية الماشية.
ولذلك فإن دولة الخلافة تعتبر أن الاستثمارات الضخمة في التخصصات الجامعية والبحث والتطوير جزء لا يتجزأ من حيوية وصحة الدولة، وستوفر العديد من المعاهد المهنية والصناعية والتقنية وكذلك الجامعات ومراكز الأبحاث في جميع أنحاء الولايات لتحقيق هذا الهدف. لذلك أيتها الأخوات، من خلال كل ذلك، ستشاهدن دولة الخلافة في المستقبل القريب إن شاء الله دولة رائدة في العالم في تطور أبحاث الخلايا الجذعية والعلاج الجيني والتكنولوجيا والاتصالات واستكشاف الفضاء؛ وستحقق تقدماً هائلاً في علاج السرطان وإنتاج الطاقة النظيفة وتقنيات الري وأساليب السيطرة على الفيضانات؛ وستقدم اكتشافات جديدة في الفيزياء الكمية والذكاء الاصطناعي والقضاء على الملاريا والأمراض المقاومة للمضادات الحيوية.
الخاتمة:
أيتها الأخوات العزيزات، إن هذا هو التصور عن العملية التعليمية في دولة الخلافة، وكما ترون فهو تصور ورؤية فريدة ومتفوقة ومنقطعة النظير. والواقع أن هذا النظام الإسلامي هو الذي أنجب القادة المتميزين أمثال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد؛ والفقهاء الاستثنائيين مثل الشافعي وابن تيمية ونفيسة بنت الحسن رضي الله عنهم؛ والعلماء البارزين مثل ابن سينا، والخوارزمي، ومريم الإسطرلابي - وستنجب هذه الأمة مرة أخرى، إن شاء الله، القادة المتميزين والمجتهدين والعلماء المبتكرين - ستبني الحضارة والأجيال الذهبية. وبالتالي فإن دولة الخلافة ستعود مرة أخرى إلى مكانتها التي تستحقها كمركز للتعليم على مستوى العالم - دولة ترسل إليها الدول الأخرى أبناءها ليتلقوا أفضل تعليم في الحياة نظراً لنظامها التعليمي النموذجي الذي سيكون فعلاً نموذجاً تحتذي به الدول والأمم الأخرى.
ونحن ندعوكن أخواتي حتى تصبحن جزءاً من هذه الدعوة العظيمة لإقامة هذه الدولة العظيمة، وليكون النصر الموعود على أيديكن، وإلى أن تكن جزءا من الثورة التاريخية الحقيقية لهذا العالم. يقول الله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً﴾ [فاطر: 10]
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الكلمة السابعة- #ماليزيا - صفات #التدريس لتخريج مفكرين مميزين وشخصيات إبداعية
(مترجم)
#العولمة هي قاطرة لتغيير #العالم، والتي جلبت بالتأكيد مجموعة واسعة من #الثقافة والأفكار ونشّأت التوجهات المادية. وبكل تأكيد يتأثر قطاع التعليم بالعولمة. إن #القضية المؤكدة في #التعليم اليوم هي تحقيق الكفاءة لكل فرد ضالع في العملية التعليمية، فضلا عن الميزة التنافسية التي يجب أن تمتلكها المؤسسات التعليمية. هذا أمر بالغ الأهمية من أجل تخريج جيل متميز قادر على قيادة العالم مثل الجيل الرفيع السابق الذي تخرج في الماضي في العالم الإسلامي. من البحوث التي أجريت، هناك مكونان رئيسيان لتوليد المفكرين المتميزين والشخصيات الإبداعية هما:
1) نوعية المعلمين و2) طرق التدريس.
نوعية #المعلمين
يعد التدريس واحدا من المهن التي تحظى باحترام كبير في #الإسلام. وقد وعد الإسلام الذين يحملون هذه المسؤولية الثقيلة الأجر العظيم، بنص حديث النبي محمد r الذي رواه أبو أمامة الباهلي: «إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ وَأَهْل السَّمَواتِ والأرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في حجْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ على مُعَلِمِي النَّاسِ الخَيْرَ» [رواه الترمذي]. وحديث آخر ذكر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم الأجر الذي يناله المعلمون: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» [رواه مسلم]. وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على المعلم المسلم، بشكل واضح إن هو قام بتعليم العلم وفقا لما أنزل الله سبحانه وتعالى، حيث قال صلى الله عليه وسلم : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [رواه البخاري ومسلم].
إلا أن، المكافآت الكبيرة تتطلب تنفيذ مسؤوليات ضخمة، فضلا عن النوعية المراد تحقيقها وامتلاكها من قبل المعلمين. وذلك لأن المعلمين ليسوا مجرد ناقلين للمعرفة بل هم أيضا نماذج يحتذي بها الأطفال والشباب.
للأسف، إن واقع المعلم في الوقت الحاضر غالبا ما يتم صرفه بعيدا عن مهمته الرئيسية لقيادة طلابه نحو امتلاك شخصيات صالحة ونبيلة. حيث يتم تعيين المعلمين ورصدهم باستمرار لتعزيز الأفكار العلمانية. ويتم التقليل من شأن الدين وفصله عن العلوم الأخرى. والمؤسف أكثر عندما ينشر المعلمون الأيديولوجيات الغربية التي تتعارض مع أحكام الإسلام مثل الوطنية والقومية، والسعي لتحقيق السعادة المادية باعتبارها الهدف الأسمى، والحفاظ على المبادئ غير الإسلامية للحريات الليبرالية، والديمقراطية وغيرها الكثير. وهناك أيضا بعض المعلمين المتورطين في مجموعة متنوعة من السلوكيات السيئة مثل انتهاك الأعراض وتهريب المخدرات وإساءة استعمال السلطة وغيرها والتي تجعلهم بالتأكيد غير جديرين بأن يكونوا قدوة لطلابهم.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مسألة جودة التعليم كثيرا ما تكون موضع التساؤل وتحتاج إلى حل مناسب ليتم تنفيذها. في ماليزيا مثلا، يعدّ تحصيل الطالب على عدد أكبر من تقدير "أ" في نتائج الامتحانات هو المعيار المستخدم لقياس نجاح الطالب، فضلا عن كونه واحدا من مؤشرات الأداء للمعلمين. ونتيجة لذلك، أصبحت عملية التعليم جامدة وسلبية. ويتم باستمرار "حشو" الطلاب من قبل المعلمين الذين يسارعون في إنهاء المنهج، ويتعين على الطلاب حضور دروس إضافية وأداء تمارين وتدريبات من أجل الحصول على تقدير "أ". هذا الوضع لا يساعد في جهود المعلمين لبناء الثقة والمهارات في طلابهم. وبالتالي، فإنه ليس من المستغرب إذا كان طلابنا لا يتقنون المعرفة التي يتعلمونها، وليس لديهم مهارات التفكير الإبداعي والنقدي، وغير مستعدين لمواصلة دراستهم إلى مستوى أعلى أو الشروع إلى المرحلة المقبلة في الحياة. كونهم مشغولين في مطاردة النجاح في الامتحان يحد أيضا من الوقت الذي يمتلكه المعلمون للاقتراب وبناء علاقة وثيقة مع كل طالب. في واقع الأمر، فإن العلاقة بين المعلمين والطلاب مهمة جدا حيث ينبغي على المعلمين تقديم المشورة والتوجيه ومحاولة حل المشاكل التي تؤثر حاليا على طلابهم أو التي قد تحدث لهم.
ذكر الإمام الغزالي أن من بين خصائص المعلمين الفاعلين هو أن يكون لديهم تعاطف تجاه طلابهم وأن يعاملوهم معاملة أبنائهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنما أنا لكم مثل الوالد لولده». يجب علينا اتباع سيرة وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وعدم تدريس مستوى أعلى للطلاب قبل إتقانهم المستوى السابق، وتقديم المشورة للطلاب بهدوء وحنوّ وعدم ممارسة السلوك السيئ وبدلا من توبيخهم بقسوة أو السخرية منهم، يجب تكييف عملية التعلم استنادا إلى مستوى الطلاب وعدم إجبارهم أبدا على تحقيق شيء أبعد من قدراتهم، فضلا عن توفير المواد التعليمية التي هي سهلة الفهم، واضحة ومناسبة لمراحل نموهم الذهني.
يحتاج المعلمون إلى التفكير والعيش وفق الإسلام من خلال فهم معنى الحياة وكونهم محاسبين أمام خالق الكون. يجب أن يدرك المعلمون أنه يجب أن يكون سلوكهم تبعا لأوامر الله سبحانه وتعالى، وألا يكون مخالفا لأحكام الشريعة الإسلامية، لأن المعلمين في الواقع هم من يمثلون التعليم والتدريس. كما يجب على المعلمين بناء علاقة وثيقة مع طلابهم ويكونوا متعاطفين معهم عن طريق طرح والمساعدة في حل مشاكلهم والمعضلات التي تواجههم. لذلك، ينبغي أن يتحلى المعلمون بالصبر ويكونوا لطيفين وفاهمين لمستوى طلابهم. كما يجب أن يكونوا موضع ثقة طلابهم، ويكون لديهم القدرة على الإقناع، ويتصفوا بالحكمة في التواصل وإعطاء المشورة باستمرار. أما النصيحة التي يقدمونها فيجب أن تقوم على الإسلام وأن تكون عملية حتى يتسنى للطلاب معرفة كيفية تطبيق نصائحهم. إنهم بحاجة إلى التفكير بعناية في كيفية إنتاج الطلاب الذين سوف يصبحون خير عباد الله سبحانه وتعالى وأفضل مصدر للخير لمجتمعهم، وللأمة وللإنسانية جمعاء.
وهكذا، فإن المعلمين بالتأكيد بحاجة إلى ضمان أن يكونوا موارد بشرية أكفاء مستندين إلى المبدأ الإسلامي. هذه الموارد البشرية عالية الجودة المستندة إلى المبدأ الإسلامي يجب أن تمتلك الخصائص التالية: أ) الصفات الإسلامية، ب) إتقان الثقافة (فهم الشريعة الإسلامية)، ج) إتقان المعرفة فيما يتعلق بالحياة (العلوم والتكنولوجيا) ما يكفي لتلبية احتياجاتها اليومية. ونتيجة لذلك، فإن هؤلاء المعلمين الأكفاء سوف ينتجون جيلا ليس فقط متفوقا في مجال العلوم والتكنولوجيا، ولكن لديه أيضا شخصية بارزة - شخصية تضيء من إدماج العقلية الصحيحة (التفكير) والنفسية (السلوك) الصحيحة والتي سوف تنتج دائما المواقف التقية والنبيلة. شخصية مثل هذه ستصبح مصدر فخر الأمة وإعجاب أعدائها أيضا. هذا هو الجيل الذي نأمل أن يصبح إرث المستقبل الذي سيقود الأمة نحو التغيير إلى أمة عظيمة وقوية ومتقدمة.
طريقة التدريس
الجانب الآخر الحاسم إلى جانب نوعية المدرسين هو طريقة التدريس في تعليم الطلاب. هناك حاجة لطرق التدريس المناسبة لتوليد التفكير الإبداعي والشباب المتعطشين للمعرفة الحريصين دائما على التعلم والمساهمة في تقدم المجتمع. ومن بين بعض المشاكل أو الفشل في طرق التدريس المستخدمة اليوم في المدارس - التعليم عن طريق حفظ المعلومات والقراءة المجردة للكتب المدرسية، والتدريس بسرد الأمثلة غير الملائمة التي لا تمس واقع الطلاب، والتدريس بطريقة لا تقنع العقل أو تلامس القلب، وشرح الأمور بطريقة غير مفهومة بسبب وجود مستويات مختلفة بين الطلاب. ونتيجة لذلك، يصاب الطلاب بالملل، وانعدام الشغف للتعلم، وعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، وأخيرا يجدون صعوبة في استيعاب المعارف. ما هو أسوأ من ذلك هو عندما يتبنى المنهج العقلية العلمانية التي لها تأثير سيئ على تكوين "نفسية" و"عقلية" الطلاب. وهكذا، يتم تشكيل جيل بعيد كل البعد من أن يكون مغروسا بالتعليم السليم، جامد وراكد، وغير قادرٍ على أن يكون خلاقا ومبتكرا في حل مشاكل الحياة، وفي النهاية يصبح أكثر تخلفا من الأمم الأخرى. هذا هو ما يحدث حاليا في البلاد الإسلامية. هذا الإخفاق يظهر صورة سيئة عن الأمة الإسلامية خاصة في عيون أعدائهم، الغرب، بينما منذ زمن طويل عندما كان المسلمون تحت حكم الخلافة، كان أعداؤهم يحترمونهم ويبجلونهم نظرا لتفوقهم.
ومن بين صيغ نجاح الحضارة الإسلامية هو أنهم نجحوا في تخريج جيل باستخدام طرق التدريس الصحيحة.
إن طريقة التدريس الصحيحة هي الخطاب العقلي من قبل المعلم والتلقي الفكري عند الطالب. فالفكر أو العقل هو الأداة لكل من التعليم والدراسة. ويتكون العقل من أربعة عناصر هي: الدماغ (الصالح للربط)، والحواس، والواقع، والمعلومات السابقة المتعلقة بالواقع. العقل أو الفكر لهما نفس المعنى وهو: "نقل الحس بالواقع عن طريق الحواس إلى الدماغ ووجود معلومات سابقة تفسر هذا الواقع". ثم إصدار الحكم على الواقع. فإذا رغب شخص في نقل هذا الفكر للآخرين، كما هو الحال في عملية التعليم، فإن المعلم ينقل هذه الفكرة للطلاب باستخدام واحد أو أكثر من أساليب التعبير، وبصورة رئيسية اللغة. وإذا ربط الطلاب هذا الفكر مع الواقع المحسوس أو الذي سبق الإحساس به، أو واقع يشبه واقعا سبق الإحساس به، سيحال هذا الفكر لهم تماما كما لو كان من كسبهم. وهكذا فإن المعلم، عندما ينقل الأفكار للطلاب، يجب تقريب معناها إلى أذهان الطلاب من خلال محاولة ربطها بواقع يحسّون به، أو واقع قريب مما أحسّوا به، حتى يتخذوها كمفاهيم وليس مجرد معلومات. وبناء على ذلك يجب أن يكون المعلم حريصا على جعل الطلاب يحسّون بالواقع. وإذا تعذر نقل الواقع نفسه أمامهم، فلا بد له من تصوير صورة قريبة لهذا الواقع في ذهن الطالب باستخدام شتى الوسائل البصرية أو السمعية، أو التسجيلات المرئية عند إعطاء الفكر لكي يربط الطالب المعلومات بواقع محسوس متصور يسفر عن فكر. الواقع المحسوس هو الواقع الذي يمكن الإنسان أن يحس به عن طريق واحد من حواسه الخمس، سواء أكان هذا الواقع شيئا ماديا أم معنويا. هذا هو العنصر الأساسي في عملية التفكير. أما المغيبات التي لا يستطيع الإنسان إدراكها بأي من حواسه، على سبيل المثال الجنة، والنار، والعرش وما إلى ذلك فهي ليست مواضيع التفكير عبر الحواس. بل هي مواضيع التفكير عبر المعلومات التي ثبتت بدليل قطعي أي القرآن الكريم والحديث المتواتر.
إن الأداة الرئيسية للخطاب العقلي والتلقي الفكري في التدريس أو التعلم هي اللغة والكلمات والجمل التي تحتويها، والمعاني التي تشير إليها هذه الكلمات والجمل، والأفكار التي تحملها هذه المعاني. فإذا فهم المعلم والطالب هذه الكلمات والجمل والمعاني فيما يتعلق بالأفكار التي تشير إليها، فإن هذه الأدوات تكون فعالة في عملية التعليم والتعلم. ووفقا لذلك، يجب على كل معلم وموجه منهج أخذ تحصيل الطلاب اللغوي في الاعتبار واستخدام الكلمات والجمل والتراكيب التي يفهمونها من أجل تسهيل عملية التلقي الفكري بين الطرفين. هذا الأسلوب مناسب لنقل أو استقبال أي فكر، سواء أكان هذا الفكر يرتبط مباشرة بوجهة نظر محددة حول الحياة مثل الأفكار الأيديولوجية، أم لا علاقة لذلك مثل العلوم الرياضية. تعليم النص الفكري المتعلق بوجهة نظر لا يعني مجرد الاقتصار على المعنى اللغوي لها. بل يعني فهم النص لتطبيقه على واقعه ذي الصلة من أجل أن يتبنى الطالب الموقف الشرعي المكلف به نحوه، سواء من خلال الإقبال أو الامتناع عن الفعل. لذلك فهو يدرس هذا النوع من التفكير لتكييف سلوكه وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية. إن التعليم ليس لمجرد "الترف الفكري"، وإنما المقصود منه هو بناء الشخصية الإسلامية، في التفكير والميول، التي تسعى جاهدة لتحقيق رضا الله في كل أعمالها وأقوالها. في حين إذا كانت الأفكار من النوع الثاني، أي الأفكار التي لا تتصل مباشرة بوجهة نظر معينة مثل الفيزياء والكيمياء والرياضيات وغيرها، فإنه يتم دراستها لإعداد الطالب للتفاعل مع الكون الذي سخره الله سبحانه وتعالى لخدمة الإنسان. والمسلم، باعتباره شخصية إسلامية، يدرس العلوم التجريبية للاستفادة منها وتوظيفها لخدمة مصالح الأمة الإسلامية وقضاياها المصيرية. فالعلم لا يطلب لذاته وإنما يطلب من أجل أن يستفيد الإنسان من الأفكار والمعرفة التي يتعلمها في هذه الحياة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
يقول الله تعالى: ﴿وَٱبتَغِ فِيمَا ءَاتَكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلأَخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنيَا﴾
ذكر الإسلام موضوع جودة التعليم بشكل واضح في القرآن الكريم. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِٱلمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ ٱلمُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِٱللَّهِ﴾
على مر التاريخ، أثبت الإسلام بناء حضارة إنسانية مميزة، قادرة على تنوير وإشراق الكون كله تقريبا من عصور الظلام واستمر انتصاراتها لأكثر من 13 قرنا. العاملان الرئيسيان في تحديد تميز ومجد الحضارة الإسلامية هما التقوى والمعرفة. لم يكن هناك انفصال أو انفصام بين هذين العاملين في المناهج التعليمية التي تم تطبيقها مما أخرج أروع جيل حتى الآن. عندما يذكر المجال الطبي، فإن عقولنا تصور اللياقة البدنية لرجل عظيم اسمه ابن سينا المعروف باسم مؤسس عالم العلوم الطبية. وكان طبيبا كبيرا، وفي الوقت نفسه كان أيضا عالما، وفقيها في الدين وخاصة في أصول الفقه. وبالإضافة إلى ذلك، من بين الشخصيات الإسلامية التي تخرجت من علوم وتكنولوجيا المسلمين كان ابن خلدون (أبو الاقتصاد)، والخوارزمي (أبو الرياضيات)، وجابر بن حيان (أبو الكيمياء)، وابن بطوطة (أبو الجغرافيا)، وعبد الرحمن الخازني والبيروني (أساتذة الفيزياء)، والبتاني (أستاذ علم الفلك)، وابن البيطار النباتي (أبو علم الأحياء) وعدد لا يحصى من شخصيات أخرى من المسلمين والمسلمات. لم يكونوا مجرد علماء في مجال العلوم والتكنولوجيا، ولكنهم اشتهروا أيضا بخبراتهم في علوم الدين.
الخاتمة:
وهكذا، فإن المنهج الذي طبقه النبي صلى الله عليه وسلم هو منهج عظيم لا يمكن إنكاره، وأخرج العديد من الشخصيات البارزة الذين هم مراجع العالم حتى في يومنا هذا - شخصيات ليست عظيمة فقط من الناحية الأخلاقية، ولكن مساهمتهم في نشر رسالة الإسلام وحمل الدعوة هي كذلك مذهلة. بالمقارنة مع المناهج الدراسية الحالية، يمكننا أن نرى بالتأكيد القلق الكبير جدا في المجتمع عند الآباء إذا أخفق أبناؤهم في تحقيق تقدير "أ" أو النجاح في امتحان التقييم ولكنهم لا يكونون قلقين إذا كان أبناؤهم لا يتقيدون بالشريعة الإسلامية. المجتمع في الوقت الحاضر يرى أن نتائج الامتحانات هي كل شيء. وهي نتيجة لطريقة التفكير التي يتم تدريسها في المناهج القائمة على العلمانية والتي يتم زرعها بنجاح في أذهان الناس اليوم.
لقد سعى النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى تقديم التعليم للناس بما في ذلك أثناء حكمه لأن ذلك يُعدّ من واجبات الدولة. كذلك الحال في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان دائما يتطلع لتخريج طلاب متميزين في الدولة و الذين يمكنهم أن يساهموا في إدارة شؤون الأمة مثل معاذ بن جبل. فمعاذ كان معروفا بفهمه للحلال والحرام وبالتالي عيّن كقاضي القضاة في سن مبكرة لم يتجاوز عمره 18 عاما. ماذا عن أجيال اليوم، في عمر الـ 18 عاما؟! ما هو مستوى قدراتهم؟! لقد حان الوقت لنا، أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن نقوم بتكثيف جهودنا في الدعوة إلى إقامة الخلافة على منهاج النبوة التي بالتأكيد ستقوم بتبديل أنماط الحياة الفاسدة كلها اليوم بالتعليم القائم على أساس الإسلام، من أجل تخريج أجيال مثل معاذ بن جبل: جيل يتمتع بالجودة، قادر على التمييز بين الحق والباطل، مبدع ونقدي، وأيضا قادر على استعادة مجد الإسلام والمسلمين في جميع أنحاء العالم. والله أعلم
فيديو المقدمة للمؤتمر النسائي العالمي: الخلافة والتعليم إحياء العصر الذهبي
http://yt2fb.com/id_1681645/
الفيديو الختامي للمؤتمر النسائي العالمي
مؤتمر الخلافة والتعليم إحياء العصر الذهبي
http://yt2fb.com/id_1682025/
لتصفح الكتيب من هنا
http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/files/PDFs/Book_Ar/Education/Khilafah_Education_Conference_2017_Booklet_AR_FINAL_Prev.pdf
ولطباعته من هنا
http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/files/PDFs/Book_Ar/Education/Khilafah_Education_Conference_2017_Booklet_AR_FINAL_Print.pdf
لتصفح الكتيب PDF web version من هنا
http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/files/PDFs/Book_Ar/Education/Khilafah_Education_Conference_2017_Booklet_AR_FINAL_Web.pdf
للمزيد
- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/resources/hizb-resources/42530.html#sthash.iKuZdlTt.dpuf
البث المدعم باللغة العربية للمؤتمر النّسائي العالمي: "الخلافة والتعليم: إحياء العصر الذّهبي"
Powered by Invision Power Board
© Invision Power Services