مقالة جميلة وهادفة للكاتب رعد تغوج
الأعلام عندما يُحاصر الحريات
بقلم : رعد خالد تغوج
تحولت بعض وسائل الأعلام والصحف العربية إلى ما يشبه المَلك الذي يُسجل فقط الخطايا في حتمية جبرية جعلت من الكاتب والمتلقي على سواء يظن أن الأردن بلد السيئات" والبلطجة" والقهر" , وهو ما قاد دوماً, وبفعل التنويم المغناطيسي الذي يُمارسه النقد, إلى اللعب ببعض الضحايا الرومانسيين الذين ظنوا أن الأنسان بالإضافة إلى أنه خليفة الشيطان على الأرض لا يعرف إلا الطعن في الظهر والغدر وممارسة الرذيلة. هذا هو واقع الحال الأن مع تزايد الصحف الصفراء ومثقفوا الربع ساعة الاخيرة الذين أعتلوا المنابر الثقافية ومارسوا هواياتهم شبه القصرية بالتنكيل في الصحافة الأردنية وتحويلها إلى إسفنجة فاغرة مليئة بالثقوب الفارغة. أن الدولة, أي دولة في العالم وعلى مدار التاريخ البشري كانت سيئاتها مرادف حيوي لحسناتها, فلم تكن روما القديمة مجرد سلطة بطاركة وسجون وزلازل سرية وأدوات تعذيب , فإلى جانب هذه السيئات هنالك أيضاً فن العمارة والنحت وهنالك ديوجينيو اللائرسيس وهنالك أمبراطورية عُظمة تشكلت من ثنئايات حسنة وسيئة وجميلة وقبيحة, تقدمية ورجعية. وعندما تتحول الصحافة العربية عموماً إلى داحس والغبراء أو اثينا وأسبارطة فأن ما تنتجه هذه الثقافة على مدار سنوات هو بيئة خالية من الاكسجين ومليئة بالأمازونات التي خرجت من طورها وأوشكت ان تسطو على البشرية. وعندما يحاول أي شخص الكتابة عن المؤسسات الحكومية بذكر حسناتها ومواقفها التقدمية فانه سيصبح حتماً, ووفقاً للأطروحة السابقة , بؤرةً للنقد والتأويل والتقويل إن لم يتحول إلى شاذ وصاحب بدعة وهرطقة. فكم نحن أقرب إلى حاتم الطائي مع أعدئانا في نفس الوقت الذي لا نتهاوى فيه من إشعال داحس والغبراء مع بعضنا بعضاً لو تطلبت المراذلة ذلك? وكم من الوقت سنمضي نُكرم ذوي البُعدى ونرمي بفضلاتنا إلى ذوي القربى والطاعنون معنا في الوطنية وحب البلاد من اقصاها إلى أقصاها ومن الوريد إلى الوليد? هذه الأسئلة لا تحتاج إلى أجابة وإطناب في الشرح والأسترسال فنحن لسنا أمام دياليكتيك ماركس او لا شعور فرويد, وجل ما تحتاجه بلادنا هو كلمة الحق لأن الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس وربما أبكم واعور في حالتنا, والتساوي في ذكر الحسنات والسيئات رغم أن هذه الأخيرة بلغت من العُمر عتياً.
|