بسم الله الرحمن الرحيم
نصيحة وليست كأي نصيحة
أخواتي الكريمات:
الحمد لله رب العالمين وصلِ اللهم على المبعوث رحمة للعالمين وبعد:
إنني أكتب لكم هذه النصيحة وقلبي يتفطر على ما يجري على أمة الإسلام وعلى البشرية قاطبة، وأكتب ليس فقط لمجرد للإعلام، بل حثَّاً للعمل المبرئ للذمة لتحقيق الهدف وتحصيل الغاية منه وهو نوال رضوانه سبحانه وتعالى بإعلاء كلمة الحق على كلمة الباطل التي تسود الدنيا هذه الأيام، وذلك كما تعلمون من تقصير الأمة الإسلامية، في العمل الجاد المجد وشحذ الهمم لحمل راية الحق إلى كافة الناس لإقامة الخلافة الإسلامية، ولهذا أبدأ وبالله التوفيق:
أخواتي العزيزات:
بشرى لكم أن الله سجانه وتعالى قد انتقاكم لا بل اصطفاكم من أهل الأرض كلها، والتي يزيد عددهم عن سبعة مليارات إنسان، وبشرى لكم أيضًا أنكم اهتديتم للطريق الصحيح المرضي لله سبحانه وتعالى للعمل لتعلوا كلمته عليها. وبشرى لكم أنه خلقكم مسلمين وأوجدكم في خير بقاع العالم وأقدسها وكنتم من الناطقين بلغة القرآن لغة أهل الجنة، و و ... وبمَ أبشركم وسولكم عليه الصلاة والسلام قد بشركم بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكفى بها نعمة.
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
أخواتي العاملات:
إنكم تحملون أمانة غالية للبشرية كلها، وهي أغلى أمانة على الإطلاق منذ خلق الله الأرض ومن عليها، حتى يرثها إلى يوم القيامة، وحمَّلها لنبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وأنتم من بعده، وإنكم أنتم الآن المسؤولون أمام من منَّ عليكم بكل ما ذكرت، وستسألون عن جميع المنكرات التي ترتكب من كل البشر ليس من مسلمهم فقط، بل حتى من الكفار أيضًا، أنتم القيادة المخلصة بما تعتقدون وتنشرون، فأعدوا الجواب الذي يبرئ ذمتكم أمامه إذا قصَّرْتم عن بذل الجهد بالاستطاعة المقبولة عند الله تعالى.
إن ما يسود العالم من انتهاك للدماء، وإزهاق للأرواح، وضياعٍ وانفلات ورذيلة، وسلب ونهبٍ للخيرات، وانتهاك للحرمات انتم نعم انتم والمسلمون المسؤولون عنه، فهلاَّ وعيتم على مهمتكم في هذه الأرض أم لا سمح الله تعالى على قلوب أقفالها, أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا. ألهمنا رشدنا واجعلنا ممن يستمعون ويعملون لإنقاذ أنفسنا والبشرية مما هي فيه، اللهم آمين.
اعلموا ذلك واستنهضوا هممكم وشمروا عن ساعد الجد لتَسعدوا وتُسعدوا، واعلموا كما إنكم مسؤولون أمام الله تعالى عما يحصل في العالم كله من منكرات، وسيكون في صحائفكم كله، وإن أحسنتم ووفيتم مع الله سبحانه العهد فالله تعلى أوفى الأوفياء في الوعد حيث يقول: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ...، واعلموا أن الأجر والثواب لأعمالكم الصالحة التي تنشرونها ستكون مسجلة في صحائفكم كلها من يومكم هذا إلى يوم قيام الساعة يوم القيامة. مصداقًا لقوله تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ، وقول رسولكم الكريم: «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ». فكيف تستكينون وتتباطئون عن نيل كل هذا الخير، وكيف تغفلون عن حسابكم العسير إن قصَّرتم؟.
فهل ساعة أو ساعتين لله تعالى في اليوم كثيرة من النهار والليل، وبقية ليلكم ونهاركم لمن إذن؟ هل تصورتم ونظمتم وقتكم وأعطيتم كل ذي حق حقه، فلا تبخلوا على أنفسكم وأدركوا الأمر أنه يجب كما يجب أن يكون، وليس كما أنتم عليه الآن، وألح وأقول، وإن الله يحب العبد اللحوح في طلب الخير، وأسأل الله تعالى أن يعيننا جميعا عليه.
فيا أخواتي الكريمات:
إنها الأمانة التي حمَّلنا الله عز وجل في أعناقنا اليوم، ولا ينقذنا من الحساب العسير إلا العمل الجاد الدؤوب بلا كلل ولا ملل، لرفع راية الإسلام وإقامة دولته دولة الخلافة على منهاج النبوة، فكيف نجعل الجزء اليسير من الوقت للآخرة، ونترك حملا ثقيلا يوم الحساب، بما أخاطبكم إن لم أخاطبكم لهذه المسؤولية.
اللهم بلغت اللهم فاشهد والله خير الشاهدين
والسلام عليكن ورحمته وبركاته