منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> ألشاعر الدكتور : عبد الغني أحمد التميمي, أشعار هادفة للتغيير
طالب عوض الله
المشاركة Mar 28 2018, 11:43 AM
مشاركة #1


كاتب وباحث إسلامي
صورة المجموعة

المجموعة: الكتّاب
المشاركات: 378
التسجيل: 26-September 11
رقم العضوية: 55



ألشاعر الدكتور : عبد الغني أحمد التميمي

01- الفهرس
02- ألشاعر الدكتور : عبد الغني أحمد التميمي
03- متى تغضب؟ (فيديو )
04- متى تغضب؟ (قصيدة)
05- رد الأستاذ أسامه ألأحمد
06- رسـالة .. من حـراس المسـجد الأقصـى
07- جماليات المفارقة في قصيدة متى تغضب ؟ للشاعر الدكتور عبد الغني التميمي. (أ)
08- جماليات المفارقة في قصيدة متى تغضب ؟ للشاعر الدكتور عبد الغني التميمي. (ب)
09- فكوا الحصار (قصيدة)
10- فكوا الحصار (فيديو)
11 - جارة النيل
12- صور





المصدر : منتدى الزاهد



--------------------
Go to the top of the page
 
+Quote Post
طالب عوض الله
المشاركة Mar 28 2018, 11:46 AM
مشاركة #2


كاتب وباحث إسلامي
صورة المجموعة

المجموعة: الكتّاب
المشاركات: 378
التسجيل: 26-September 11
رقم العضوية: 55



[B] ألشاعر الدكتور : عبد الغني أحمد التميمي

كُنتُ أن وقفتُ على منظومةٍ صغيرةٍ في الآداب ، أسلوبها سهلٌ ، و سلسلةٌ ، و جميلة ، و كثيرةُ المعاني ، بحجمِ الكفِّ ، غلافها أصفر ، مكتوبٌ على طُرَّتها " إتحاف الشباب بأرجوزة الآداب " ، كانت هي المدخلُ الذي منه ولجتُ دار أستاذي الكبير البحر الأدب الضليع عبد الغني أحمد جبر مُزهر التميمي ، الناظمِ لتلك الأرجوزة ، لم أكن أعلم أين مسكنُه ، بَيْد أنني مُساقٌ بقدر الله إلى أحد الفضلاءِ ممن لهم سَعةٌ في العلاقات التواصلية مع الناس ، كان ذلك أخونا الأستاذ يوسف العتيق ، سألته عن الناظم فقال : أمهلني يومين ، وكان وفيَّاً بذلك ، فلم يتمَّ يومانِ إلا و رقم هاتفِ أستاذنا عندي .
اتصلتُ به ، فسلَّمتُ ، فردَّ بصوتٍ كلُّه هدوءٌ و وقارٌ و أدب ، فأخبرتُه بقصتي مع أرجوزته ، و رغبتي اللقاء به و زيارته ، رحَّبَ بي ، لا أدري متى كان ذلك ، و لكن التقديرُ الأكبرُ أنه كان في عام 1415 ، حدَّد لي مكاناً ألتقي فيه ، فجاء بسيارته راكباً و يقودها ابنه الأكبر عبد الله ، نزلَ فسأل : أنت عبد الله ، فعانقته و قبلتُ رأسَه ، كان أشيَبَ أبيضَ منوَّر الوجه ، هادئاً بسكينة ووقار الأكابر ، مليئاً أدبا و خُلُقاً ، و لعلَّ الأدب و الخُلُقَ اقتبسا منه .
انتقلتُ تابعاً لهما بسيارتي حتى وصلتُ بيته ، و أدخلني داراً تأثرَتْ بجمالِ و سكينة أهلها ، أفرغَ المجلس لي و له ، فخرج ابنُه و جعلنا وحِيْدَيْن مُنفرِدَيْن ، سألني عن أرجوزته و كيف وجدتها و ما أعجبني فيها ، لا أذكرُ كيف كان المجلسُ إذْ ذاك ، و ما من شكٍّ أنه من أعمرِ المجالس التي جلستها .
تكررتْ زياراتي لأستاذنا الكبير ، و توثَّقَتْ صِلتي به كثيراً ، و كان مؤدِّبا في حديثه مُربِّيا في أفعاله و تصرفاته حكيما بصيراً ، كنتُ أسأله عن بعضِ من يَعملُ بالتحقيق فكان صريحاً في حديثِه ، إبانةً للحق و الصوابِ ، حتى شَرعتُ في القراءةِ عليه ، بعضَ الكتبِ ، كان ذا عنايةٍ بي ، و يقول ذات مرةٍ : " لي ابنان كلاهما عبد الله ، أحدهما من صُلبي و قد ذهب إلى الأردن للدراسة ، و الآخرُ أنت و ها أنا أراك ، فلست إلا أحد أبنائي " ، تلك من المفاخر التي أفتخرُ بها ، و كان من نتاج ذلك حرصُه الكبير و متابعته لأحوالي ، بجدٍّ كنتُ أشعرُ بأبوته لي و بنوتي له ، و لا أبُعد نجعةً إذا قلتُ قلَّ من رأيتُ مثلَه ، و قد رأيتُ و لقيتُ جمَّاً كبيراً .
كنتُ وقفتُ على كتاب ابن المُلَقَّنِ " التذكرة " في علم المُصْطَلح ، فطلبتُ منه أن أقرأها عليه ، فقرأتها عليه في مجلسٍ واحدٍ في غُضون الساعتين ، و من الطرائفِ في ذلك أن المؤلفَ كتبها في نحو الساعتين ، و المُحقِّقَ ، علي الحلبي ، اعتنى بها في غضونهما ، و قراءتي في غضونهما ، فذكرتُ تلك الموافقة لأستاذنا فاستملحها بابتسامةٍ وقورة .
كان مُلمَّا بكثيرٍ من العلوم ، الشرعية و الأدبية و الفكرية ، كما أنه كان شاعراً مُبدعاً متألقاً ، و شعرُه أقْصَويٌّ فِلِسطينيٌ ، كانت سَعة علومه و معارفه مُغريَةً إيايَ أن أنوِّعَ في قراءتي عليه ، فقرأتُ عليه في " الأدب المُفرَد " و " شرحِ علي مُلا " لـ " نُزهة النظر " و " البُخاري " و " الآجرومية " و " الورقاتِ " ، و كانت تعاليقُه مُحكَمةً ، و مضبوطة ، اجتمعَ فيها صَنعةُ العلم و العقل ، و قلَّ أن توجدا مُجتمعتين في أحدٍ .
تخلَّلَ ذلك فترةُ انقطاعٍ ، كنتُ حينها بدأتُ بشرحِ " أرجوزته " حتى قاربتُ النهايةَ ، و بعدها كان لي به تواصلٌ ، من عجيبِ أمرِ أستاذنا المباركِ أنَّه لا يشترطُ و لا يَمَلُّ من مجلسِ الدرْسِ ، و لو طالَ ، و مهما كان الوقتُ ، فقد كان حيناً في العصرِ ، و حينا بعد العشاءِ ، و حينا الظهرَ على طلبِهِ و رغبته ، و على بُعد مكانه عنِّي فقد كان عاذراً أي طاريءٍ يمنعُ مجيئي ، في تواصلي معه بعد فترةِ الانقطاعِ و التقائي به ، ذكرتُ له شرحي على " أرجوزته " فأيَّد ، بعد الإذنِ ، و شجَّعني على إتمامها ، و لكنْ حالَ دون الإتمامِ انشغالٌ ، و فُقدانٍ للأرجوزةِ ، و عدم وُجدانها بعد البحثِ عنها .
لم يكن أستاذنا معروفاً ، أو مشهوراً ، و ربما كنتُ الوحيد الذي لازمه قراءة و مجالسة ، لم يكن باحثاً عن أنوارِ الذكرِ بين الناسِ و لا أضواء الشُّهرةِ ، منشغلاً بمؤلفاته و تدريسه في الجامعة ، و على ذكر مؤلفاته ؛ كنتُ سألته عن كُتُبِهِ التي ستكون قريبةً في السوقِ أو يَعملُ عليها ، فذكر لي كتاباً جمع فيه الأحاديث التي اتفق عليها السبعةُ ، أوْردتُ عليه أن أحدهم ألف في ذلك مجلدين ، فطلبهما ، و رأى جهده ناقصاً كثيراً ، و لا عجبَ ، فذو الصَّنعةِ أعرفُ بسرِّ صنعته بعكسِ المُحاكي المُلاكي .
كنتُ أتيته ، عصراً ، لموعدِ مجلسي معه ، فرأيتُه يَغلبُه حُزنٌ ، فأخبرني بوفاةِ الأستاذ الشيخ الأديب عبد الفتاح أبو غدة ، رحمه الله ، و قال : أفضى إلى ما قدَّم ، و حقُّ الإسلام لا يزول ، فرحمه الله ، ثم أشار بكلامٍ جميلٍ إلى أدب المخالفِ و الإنصافِ مع مراعاة الأصول الأساسية ، و لا يجرمنا شنآنُ قومٍ . و أخرى كذلك لما مات الدكتور عبد العزيز الماجد ، أثنى عليه ثناءً كبيراً ، و لا أعرفُه ، فرحمه الله الكلَّ .
ألف كتباً تميزت بالجودة و الحُسْنِ ، و الشيءُ من منبعه ، من كتبه : " أرجوزة الآداب " ، " تخريج الحديث النبوي " ، " الزراعة " ، " رسالة إلى الطبيب " ، رسالة إلى المريض " ، " أدب المشيب " ، " الأصول العامة لمناهج المحدثين " ، " قواعد التصحيح و التضعيف " ، " الاختصار " ، " رسالة من المسجد الأقصى " ديوان ، هذا ما أعلمه ، و ما أذكره من الذاكرة ، و ربما وَهِمْتُ في العناوين .
كان لكتابِ " قواعد التصحيح و التضعيف " قِصة عجيبة ، أخذته مكتبةٌ لتنشرَه ، و كانوا قد وعدوا أستاذنا بأهم سيُخرجون الكتابَ قريباً ، و المسافاتُ قد تختلفُ قياساتها تجارياً و نفسياً ، فكان القُرْبُ هذا ما يُقاربُ الخمسَ سنوات ، كنت أكثرتُ عليه السؤالَ عن كتابه ، و أن يُلِحَّ على المكتبة بالاتصالِ ، و لكنَّ أدب أهل الكمال كان حاجباً أن يكون اتصال إزعاجاً ، تولَّيْتُ أمر متابعة الكتاب ، و أمهلتُ المكتبةَ يوماً لتعطيني قراراً بالطباعة أو عدمها ، اتصل بي صاحب المكتبة معتذراً عن طباعة الكتابِ ، أخذتُ الكتابَ منهم ، و ذهبتُ به لأستاذنا ، أخرج الكتاب ، مصفوفاً ، من ظرفِهِ ، و كان العجبُ أن وجدَ اسم المؤلف هو اسم شخصٍ آخرَ تُطبع له كتبٌ ، يَعتني به لا يؤلفها ، و الباقي معروف لدى العقلاء ماذا يعني .
قبلَ أن يُسافرَ إلى الأردن دعوته إلى بيتي ، و كان في تلك الدعوةِ أستاذنا الشيخ صالح العصيمي ، و بعض الأصدقاء ، كان مجلساً جمع بين دُرَّتينِ من أنقى من رأيتُ ، سأل الشيخُ العُصيمي أستاذنا عن أرجوزته ، و هل هو ناوٍ أن يشرحها ، فكان أن التفتَ إليَّ و قال : " لا شرح بعد شرح عبد الله " . حُسنُ ظنٍّ و أدبٌ في التربيةِ و قصدٌ في التشجيع و التعزيز .
كتبت كتاباً لطيفاً يحوي قواعدَ و ضوابطَ في الطُّرَفِ ، قرَّظَه تقريظاً جميلاً ، لم يبخل في الإرشاد الأبوي .
قبل ذلك طلبتُ منه الإجازةَ بما يرويه ، فوافقَ على أن نقرأ أوائل الكتب التسعةِ ، و كان ذلك في بيتي ، فكنتُ أقرأُ أوائلَ تلك ، و سجلتُ ذاك المجلس ، و تلك عادتي في مجالسه ، و بعد ذلك قرأ الإجازةَ عليَّ ، و أجازني إجازة عامةً ، في تاريخِ 13/9/1422 ، و هو يروي عن سعيد بن مرتضى الندوي ، و كانت تلك الإجازة الموجودة معه في قراره في الرياض .
و من طرائفِ ذاك المجلس الطاهر أنني ذكرتُ قصتي في أخذ الإجازة من أستاذنا إسماعيل الأنصاري ، فسألني أن أُجيزَه ، لأنه لم يَرْوِ عنه ، تلبَّسَني من هول الأمرُ حالٌ من الارتباكِ و عدم استقرارِ الحالِ ، حيثُ كان هو المُستجيزُ ، و قدرُه أعلى و أجل و أكبرُ من أن يُجيزه صغيرٌ ، و حيث كانت أول إجازةٍ أعملها ، حاولتُ أن يُعفِيَتي ، و لكن كان الفشلُ حليفَ المحاوَلة .
مرت سنواتٌ ، و إذا بي أُفاجأُ حال خروجي من صلاة العشاء به واقفاً ، تكبَّد عناءً ، و اقتطعَ وقتاً ليُعلِن للتاريخ درساً في تواضع الكبراء ، أتى ليُسلِّم ليس إلا ، كنتُ أعذُرُ نفسي ، و لا عُذر ، بأنني لا أعلم إلا أنه في الأردن و ليس هنا في الرياض ، و كان هذا آخرُ لقاءٍ به ، و يغلبُ على الظنِّ أنه كان عامَ 1424 ، و لا أعلمُ عنه شيئاً ، مع محاولاتِ الوصولِ إليه .
كانتْ لديه إنشاءُ جمعيةٍ تُعنى بالأحاديثِ الصحيحة ، و التي تهمُّ المجتمعَ و مَن يَعملُ على توجيههم ، من الخطباءِ و الوُعَّاظ ، لستُ دارياً هل قامت أم لا ، و ليس اليقينُ ، حيث كان هو رأسها ، إلا أن تقوم و مؤتيةً أُكلها كلَّ حينٍ .
أستاذنا من مواليدِ " دَيْر نظام " من أعمال " رام الله " بفلسطين ، عام 1368 ، هاجر إلى الأردن عام 1388 ، و مسيرةُ حياته حافلة بكل إنتاج مبارك .
حفظ الله أستاذنا حفظاً تامَّاً ، و رعاه رعاية كاملةً ، و سدده أينما كان ، و جعله مباركاً كلَّ آنٍ .
* مقال للشيخ /ذو المعالى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=150347
[/B]




--------------------
Go to the top of the page
 
+Quote Post
طالب عوض الله
المشاركة Mar 28 2018, 11:46 AM
مشاركة #3


كاتب وباحث إسلامي
صورة المجموعة

المجموعة: الكتّاب
المشاركات: 378
التسجيل: 26-September 11
رقم العضوية: 55



[B] ألشاعر الدكتور : عبد الغني أحمد التميمي

كُنتُ أن وقفتُ على منظومةٍ صغيرةٍ في الآداب ، أسلوبها سهلٌ ، و سلسلةٌ ، و جميلة ، و كثيرةُ المعاني ، بحجمِ الكفِّ ، غلافها أصفر ، مكتوبٌ على طُرَّتها " إتحاف الشباب بأرجوزة الآداب " ، كانت هي المدخلُ الذي منه ولجتُ دار أستاذي الكبير البحر الأدب الضليع عبد الغني أحمد جبر مُزهر التميمي ، الناظمِ لتلك الأرجوزة ، لم أكن أعلم أين مسكنُه ، بَيْد أنني مُساقٌ بقدر الله إلى أحد الفضلاءِ ممن لهم سَعةٌ في العلاقات التواصلية مع الناس ، كان ذلك أخونا الأستاذ يوسف العتيق ، سألته عن الناظم فقال : أمهلني يومين ، وكان وفيَّاً بذلك ، فلم يتمَّ يومانِ إلا و رقم هاتفِ أستاذنا عندي .
اتصلتُ به ، فسلَّمتُ ، فردَّ بصوتٍ كلُّه هدوءٌ و وقارٌ و أدب ، فأخبرتُه بقصتي مع أرجوزته ، و رغبتي اللقاء به و زيارته ، رحَّبَ بي ، لا أدري متى كان ذلك ، و لكن التقديرُ الأكبرُ أنه كان في عام 1415 ، حدَّد لي مكاناً ألتقي فيه ، فجاء بسيارته راكباً و يقودها ابنه الأكبر عبد الله ، نزلَ فسأل : أنت عبد الله ، فعانقته و قبلتُ رأسَه ، كان أشيَبَ أبيضَ منوَّر الوجه ، هادئاً بسكينة ووقار الأكابر ، مليئاً أدبا و خُلُقاً ، و لعلَّ الأدب و الخُلُقَ اقتبسا منه .
انتقلتُ تابعاً لهما بسيارتي حتى وصلتُ بيته ، و أدخلني داراً تأثرَتْ بجمالِ و سكينة أهلها ، أفرغَ المجلس لي و له ، فخرج ابنُه و جعلنا وحِيْدَيْن مُنفرِدَيْن ، سألني عن أرجوزته و كيف وجدتها و ما أعجبني فيها ، لا أذكرُ كيف كان المجلسُ إذْ ذاك ، و ما من شكٍّ أنه من أعمرِ المجالس التي جلستها .
تكررتْ زياراتي لأستاذنا الكبير ، و توثَّقَتْ صِلتي به كثيراً ، و كان مؤدِّبا في حديثه مُربِّيا في أفعاله و تصرفاته حكيما بصيراً ، كنتُ أسأله عن بعضِ من يَعملُ بالتحقيق فكان صريحاً في حديثِه ، إبانةً للحق و الصوابِ ، حتى شَرعتُ في القراءةِ عليه ، بعضَ الكتبِ ، كان ذا عنايةٍ بي ، و يقول ذات مرةٍ : " لي ابنان كلاهما عبد الله ، أحدهما من صُلبي و قد ذهب إلى الأردن للدراسة ، و الآخرُ أنت و ها أنا أراك ، فلست إلا أحد أبنائي " ، تلك من المفاخر التي أفتخرُ بها ، و كان من نتاج ذلك حرصُه الكبير و متابعته لأحوالي ، بجدٍّ كنتُ أشعرُ بأبوته لي و بنوتي له ، و لا أبُعد نجعةً إذا قلتُ قلَّ من رأيتُ مثلَه ، و قد رأيتُ و لقيتُ جمَّاً كبيراً .
كنتُ وقفتُ على كتاب ابن المُلَقَّنِ " التذكرة " في علم المُصْطَلح ، فطلبتُ منه أن أقرأها عليه ، فقرأتها عليه في مجلسٍ واحدٍ في غُضون الساعتين ، و من الطرائفِ في ذلك أن المؤلفَ كتبها في نحو الساعتين ، و المُحقِّقَ ، علي الحلبي ، اعتنى بها في غضونهما ، و قراءتي في غضونهما ، فذكرتُ تلك الموافقة لأستاذنا فاستملحها بابتسامةٍ وقورة .
كان مُلمَّا بكثيرٍ من العلوم ، الشرعية و الأدبية و الفكرية ، كما أنه كان شاعراً مُبدعاً متألقاً ، و شعرُه أقْصَويٌّ فِلِسطينيٌ ، كانت سَعة علومه و معارفه مُغريَةً إيايَ أن أنوِّعَ في قراءتي عليه ، فقرأتُ عليه في " الأدب المُفرَد " و " شرحِ علي مُلا " لـ " نُزهة النظر " و " البُخاري " و " الآجرومية " و " الورقاتِ " ، و كانت تعاليقُه مُحكَمةً ، و مضبوطة ، اجتمعَ فيها صَنعةُ العلم و العقل ، و قلَّ أن توجدا مُجتمعتين في أحدٍ .
تخلَّلَ ذلك فترةُ انقطاعٍ ، كنتُ حينها بدأتُ بشرحِ " أرجوزته " حتى قاربتُ النهايةَ ، و بعدها كان لي به تواصلٌ ، من عجيبِ أمرِ أستاذنا المباركِ أنَّه لا يشترطُ و لا يَمَلُّ من مجلسِ الدرْسِ ، و لو طالَ ، و مهما كان الوقتُ ، فقد كان حيناً في العصرِ ، و حينا بعد العشاءِ ، و حينا الظهرَ على طلبِهِ و رغبته ، و على بُعد مكانه عنِّي فقد كان عاذراً أي طاريءٍ يمنعُ مجيئي ، في تواصلي معه بعد فترةِ الانقطاعِ و التقائي به ، ذكرتُ له شرحي على " أرجوزته " فأيَّد ، بعد الإذنِ ، و شجَّعني على إتمامها ، و لكنْ حالَ دون الإتمامِ انشغالٌ ، و فُقدانٍ للأرجوزةِ ، و عدم وُجدانها بعد البحثِ عنها .
لم يكن أستاذنا معروفاً ، أو مشهوراً ، و ربما كنتُ الوحيد الذي لازمه قراءة و مجالسة ، لم يكن باحثاً عن أنوارِ الذكرِ بين الناسِ و لا أضواء الشُّهرةِ ، منشغلاً بمؤلفاته و تدريسه في الجامعة ، و على ذكر مؤلفاته ؛ كنتُ سألته عن كُتُبِهِ التي ستكون قريبةً في السوقِ أو يَعملُ عليها ، فذكر لي كتاباً جمع فيه الأحاديث التي اتفق عليها السبعةُ ، أوْردتُ عليه أن أحدهم ألف في ذلك مجلدين ، فطلبهما ، و رأى جهده ناقصاً كثيراً ، و لا عجبَ ، فذو الصَّنعةِ أعرفُ بسرِّ صنعته بعكسِ المُحاكي المُلاكي .
كنتُ أتيته ، عصراً ، لموعدِ مجلسي معه ، فرأيتُه يَغلبُه حُزنٌ ، فأخبرني بوفاةِ الأستاذ الشيخ الأديب عبد الفتاح أبو غدة ، رحمه الله ، و قال : أفضى إلى ما قدَّم ، و حقُّ الإسلام لا يزول ، فرحمه الله ، ثم أشار بكلامٍ جميلٍ إلى أدب المخالفِ و الإنصافِ مع مراعاة الأصول الأساسية ، و لا يجرمنا شنآنُ قومٍ . و أخرى كذلك لما مات الدكتور عبد العزيز الماجد ، أثنى عليه ثناءً كبيراً ، و لا أعرفُه ، فرحمه الله الكلَّ .
ألف كتباً تميزت بالجودة و الحُسْنِ ، و الشيءُ من منبعه ، من كتبه : " أرجوزة الآداب " ، " تخريج الحديث النبوي " ، " الزراعة " ، " رسالة إلى الطبيب " ، رسالة إلى المريض " ، " أدب المشيب " ، " الأصول العامة لمناهج المحدثين " ، " قواعد التصحيح و التضعيف " ، " الاختصار " ، " رسالة من المسجد الأقصى " ديوان ، هذا ما أعلمه ، و ما أذكره من الذاكرة ، و ربما وَهِمْتُ في العناوين .
كان لكتابِ " قواعد التصحيح و التضعيف " قِصة عجيبة ، أخذته مكتبةٌ لتنشرَه ، و كانوا قد وعدوا أستاذنا بأهم سيُخرجون الكتابَ قريباً ، و المسافاتُ قد تختلفُ قياساتها تجارياً و نفسياً ، فكان القُرْبُ هذا ما يُقاربُ الخمسَ سنوات ، كنت أكثرتُ عليه السؤالَ عن كتابه ، و أن يُلِحَّ على المكتبة بالاتصالِ ، و لكنَّ أدب أهل الكمال كان حاجباً أن يكون اتصال إزعاجاً ، تولَّيْتُ أمر متابعة الكتاب ، و أمهلتُ المكتبةَ يوماً لتعطيني قراراً بالطباعة أو عدمها ، اتصل بي صاحب المكتبة معتذراً عن طباعة الكتابِ ، أخذتُ الكتابَ منهم ، و ذهبتُ به لأستاذنا ، أخرج الكتاب ، مصفوفاً ، من ظرفِهِ ، و كان العجبُ أن وجدَ اسم المؤلف هو اسم شخصٍ آخرَ تُطبع له كتبٌ ، يَعتني به لا يؤلفها ، و الباقي معروف لدى العقلاء ماذا يعني .
قبلَ أن يُسافرَ إلى الأردن دعوته إلى بيتي ، و كان في تلك الدعوةِ أستاذنا الشيخ صالح العصيمي ، و بعض الأصدقاء ، كان مجلساً جمع بين دُرَّتينِ من أنقى من رأيتُ ، سأل الشيخُ العُصيمي أستاذنا عن أرجوزته ، و هل هو ناوٍ أن يشرحها ، فكان أن التفتَ إليَّ و قال : " لا شرح بعد شرح عبد الله " . حُسنُ ظنٍّ و أدبٌ في التربيةِ و قصدٌ في التشجيع و التعزيز .
كتبت كتاباً لطيفاً يحوي قواعدَ و ضوابطَ في الطُّرَفِ ، قرَّظَه تقريظاً جميلاً ، لم يبخل في الإرشاد الأبوي .
قبل ذلك طلبتُ منه الإجازةَ بما يرويه ، فوافقَ على أن نقرأ أوائل الكتب التسعةِ ، و كان ذلك في بيتي ، فكنتُ أقرأُ أوائلَ تلك ، و سجلتُ ذاك المجلس ، و تلك عادتي في مجالسه ، و بعد ذلك قرأ الإجازةَ عليَّ ، و أجازني إجازة عامةً ، في تاريخِ 13/9/1422 ، و هو يروي عن سعيد بن مرتضى الندوي ، و كانت تلك الإجازة الموجودة معه في قراره في الرياض .
و من طرائفِ ذاك المجلس الطاهر أنني ذكرتُ قصتي في أخذ الإجازة من أستاذنا إسماعيل الأنصاري ، فسألني أن أُجيزَه ، لأنه لم يَرْوِ عنه ، تلبَّسَني من هول الأمرُ حالٌ من الارتباكِ و عدم استقرارِ الحالِ ، حيثُ كان هو المُستجيزُ ، و قدرُه أعلى و أجل و أكبرُ من أن يُجيزه صغيرٌ ، و حيث كانت أول إجازةٍ أعملها ، حاولتُ أن يُعفِيَتي ، و لكن كان الفشلُ حليفَ المحاوَلة .
مرت سنواتٌ ، و إذا بي أُفاجأُ حال خروجي من صلاة العشاء به واقفاً ، تكبَّد عناءً ، و اقتطعَ وقتاً ليُعلِن للتاريخ درساً في تواضع الكبراء ، أتى ليُسلِّم ليس إلا ، كنتُ أعذُرُ نفسي ، و لا عُذر ، بأنني لا أعلم إلا أنه في الأردن و ليس هنا في الرياض ، و كان هذا آخرُ لقاءٍ به ، و يغلبُ على الظنِّ أنه كان عامَ 1424 ، و لا أعلمُ عنه شيئاً ، مع محاولاتِ الوصولِ إليه .
كانتْ لديه إنشاءُ جمعيةٍ تُعنى بالأحاديثِ الصحيحة ، و التي تهمُّ المجتمعَ و مَن يَعملُ على توجيههم ، من الخطباءِ و الوُعَّاظ ، لستُ دارياً هل قامت أم لا ، و ليس اليقينُ ، حيث كان هو رأسها ، إلا أن تقوم و مؤتيةً أُكلها كلَّ حينٍ .
أستاذنا من مواليدِ " دَيْر نظام " من أعمال " رام الله " بفلسطين ، عام 1368 ، هاجر إلى الأردن عام 1388 ، و مسيرةُ حياته حافلة بكل إنتاج مبارك .
حفظ الله أستاذنا حفظاً تامَّاً ، و رعاه رعاية كاملةً ، و سدده أينما كان ، و جعله مباركاً كلَّ آنٍ .
* مقال للشيخ /ذو المعالى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=150347
[/B]




--------------------
Go to the top of the page
 
+Quote Post
طالب عوض الله
المشاركة Mar 28 2018, 11:46 AM
مشاركة #4


كاتب وباحث إسلامي
صورة المجموعة

المجموعة: الكتّاب
المشاركات: 378
التسجيل: 26-September 11
رقم العضوية: 55




ألشاعر الدكتور : عبد الغني أحمد التميمي

كُنتُ أن وقفتُ على منظومةٍ صغيرةٍ في الآداب ، أسلوبها سهلٌ ، و سلسلةٌ ، و جميلة ، و كثيرةُ المعاني ، بحجمِ الكفِّ ، غلافها أصفر ، مكتوبٌ على طُرَّتها " إتحاف الشباب بأرجوزة الآداب " ، كانت هي المدخلُ الذي منه ولجتُ دار أستاذي الكبير البحر الأدب الضليع عبد الغني أحمد جبر مُزهر التميمي ، الناظمِ لتلك الأرجوزة ، لم أكن أعلم أين مسكنُه ، بَيْد أنني مُساقٌ بقدر الله إلى أحد الفضلاءِ ممن لهم سَعةٌ في العلاقات التواصلية مع الناس ، كان ذلك أخونا الأستاذ يوسف العتيق ، سألته عن الناظم فقال : أمهلني يومين ، وكان وفيَّاً بذلك ، فلم يتمَّ يومانِ إلا و رقم هاتفِ أستاذنا عندي .
اتصلتُ به ، فسلَّمتُ ، فردَّ بصوتٍ كلُّه هدوءٌ و وقارٌ و أدب ، فأخبرتُه بقصتي مع أرجوزته ، و رغبتي اللقاء به و زيارته ، رحَّبَ بي ، لا أدري متى كان ذلك ، و لكن التقديرُ الأكبرُ أنه كان في عام 1415 ، حدَّد لي مكاناً ألتقي فيه ، فجاء بسيارته راكباً و يقودها ابنه الأكبر عبد الله ، نزلَ فسأل : أنت عبد الله ، فعانقته و قبلتُ رأسَه ، كان أشيَبَ أبيضَ منوَّر الوجه ، هادئاً بسكينة ووقار الأكابر ، مليئاً أدبا و خُلُقاً ، و لعلَّ الأدب و الخُلُقَ اقتبسا منه .
انتقلتُ تابعاً لهما بسيارتي حتى وصلتُ بيته ، و أدخلني داراً تأثرَتْ بجمالِ و سكينة أهلها ، أفرغَ المجلس لي و له ، فخرج ابنُه و جعلنا وحِيْدَيْن مُنفرِدَيْن ، سألني عن أرجوزته و كيف وجدتها و ما أعجبني فيها ، لا أذكرُ كيف كان المجلسُ إذْ ذاك ، و ما من شكٍّ أنه من أعمرِ المجالس التي جلستها .
تكررتْ زياراتي لأستاذنا الكبير ، و توثَّقَتْ صِلتي به كثيراً ، و كان مؤدِّبا في حديثه مُربِّيا في أفعاله و تصرفاته حكيما بصيراً ، كنتُ أسأله عن بعضِ من يَعملُ بالتحقيق فكان صريحاً في حديثِه ، إبانةً للحق و الصوابِ ، حتى شَرعتُ في القراءةِ عليه ، بعضَ الكتبِ ، كان ذا عنايةٍ بي ، و يقول ذات مرةٍ : " لي ابنان كلاهما عبد الله ، أحدهما من صُلبي و قد ذهب إلى الأردن للدراسة ، و الآخرُ أنت و ها أنا أراك ، فلست إلا أحد أبنائي " ، تلك من المفاخر التي أفتخرُ بها ، و كان من نتاج ذلك حرصُه الكبير و متابعته لأحوالي ، بجدٍّ كنتُ أشعرُ بأبوته لي و بنوتي له ، و لا أبُعد نجعةً إذا قلتُ قلَّ من رأيتُ مثلَه ، و قد رأيتُ و لقيتُ جمَّاً كبيراً .
كنتُ وقفتُ على كتاب ابن المُلَقَّنِ " التذكرة " في علم المُصْطَلح ، فطلبتُ منه أن أقرأها عليه ، فقرأتها عليه في مجلسٍ واحدٍ في غُضون الساعتين ، و من الطرائفِ في ذلك أن المؤلفَ كتبها في نحو الساعتين ، و المُحقِّقَ ، علي الحلبي ، اعتنى بها في غضونهما ، و قراءتي في غضونهما ، فذكرتُ تلك الموافقة لأستاذنا فاستملحها بابتسامةٍ وقورة .
كان مُلمَّا بكثيرٍ من العلوم ، الشرعية و الأدبية و الفكرية ، كما أنه كان شاعراً مُبدعاً متألقاً ، و شعرُه أقْصَويٌّ فِلِسطينيٌ ، كانت سَعة علومه و معارفه مُغريَةً إيايَ أن أنوِّعَ في قراءتي عليه ، فقرأتُ عليه في " الأدب المُفرَد " و " شرحِ علي مُلا " لـ " نُزهة النظر " و " البُخاري " و " الآجرومية " و " الورقاتِ " ، و كانت تعاليقُه مُحكَمةً ، و مضبوطة ، اجتمعَ فيها صَنعةُ العلم و العقل ، و قلَّ أن توجدا مُجتمعتين في أحدٍ .
تخلَّلَ ذلك فترةُ انقطاعٍ ، كنتُ حينها بدأتُ بشرحِ " أرجوزته " حتى قاربتُ النهايةَ ، و بعدها كان لي به تواصلٌ ، من عجيبِ أمرِ أستاذنا المباركِ أنَّه لا يشترطُ و لا يَمَلُّ من مجلسِ الدرْسِ ، و لو طالَ ، و مهما كان الوقتُ ، فقد كان حيناً في العصرِ ، و حينا بعد العشاءِ ، و حينا الظهرَ على طلبِهِ و رغبته ، و على بُعد مكانه عنِّي فقد كان عاذراً أي طاريءٍ يمنعُ مجيئي ، في تواصلي معه بعد فترةِ الانقطاعِ و التقائي به ، ذكرتُ له شرحي على " أرجوزته " فأيَّد ، بعد الإذنِ ، و شجَّعني على إتمامها ، و لكنْ حالَ دون الإتمامِ انشغالٌ ، و فُقدانٍ للأرجوزةِ ، و عدم وُجدانها بعد البحثِ عنها .
لم يكن أستاذنا معروفاً ، أو مشهوراً ، و ربما كنتُ الوحيد الذي لازمه قراءة و مجالسة ، لم يكن باحثاً عن أنوارِ الذكرِ بين الناسِ و لا أضواء الشُّهرةِ ، منشغلاً بمؤلفاته و تدريسه في الجامعة ، و على ذكر مؤلفاته ؛ كنتُ سألته عن كُتُبِهِ التي ستكون قريبةً في السوقِ أو يَعملُ عليها ، فذكر لي كتاباً جمع فيه الأحاديث التي اتفق عليها السبعةُ ، أوْردتُ عليه أن أحدهم ألف في ذلك مجلدين ، فطلبهما ، و رأى جهده ناقصاً كثيراً ، و لا عجبَ ، فذو الصَّنعةِ أعرفُ بسرِّ صنعته بعكسِ المُحاكي المُلاكي .
كنتُ أتيته ، عصراً ، لموعدِ مجلسي معه ، فرأيتُه يَغلبُه حُزنٌ ، فأخبرني بوفاةِ الأستاذ الشيخ الأديب عبد الفتاح أبو غدة ، رحمه الله ، و قال : أفضى إلى ما قدَّم ، و حقُّ الإسلام لا يزول ، فرحمه الله ، ثم أشار بكلامٍ جميلٍ إلى أدب المخالفِ و الإنصافِ مع مراعاة الأصول الأساسية ، و لا يجرمنا شنآنُ قومٍ . و أخرى كذلك لما مات الدكتور عبد العزيز الماجد ، أثنى عليه ثناءً كبيراً ، و لا أعرفُه ، فرحمه الله الكلَّ .
ألف كتباً تميزت بالجودة و الحُسْنِ ، و الشيءُ من منبعه ، من كتبه : " أرجوزة الآداب " ، " تخريج الحديث النبوي " ، " الزراعة " ، " رسالة إلى الطبيب " ، رسالة إلى المريض " ، " أدب المشيب " ، " الأصول العامة لمناهج المحدثين " ، " قواعد التصحيح و التضعيف " ، " الاختصار " ، " رسالة من المسجد الأقصى " ديوان ، هذا ما أعلمه ، و ما أذكره من الذاكرة ، و ربما وَهِمْتُ في العناوين .
كان لكتابِ " قواعد التصحيح و التضعيف " قِصة عجيبة ، أخذته مكتبةٌ لتنشرَه ، و كانوا قد وعدوا أستاذنا بأهم سيُخرجون الكتابَ قريباً ، و المسافاتُ قد تختلفُ قياساتها تجارياً و نفسياً ، فكان القُرْبُ هذا ما يُقاربُ الخمسَ سنوات ، كنت أكثرتُ عليه السؤالَ عن كتابه ، و أن يُلِحَّ على المكتبة بالاتصالِ ، و لكنَّ أدب أهل الكمال كان حاجباً أن يكون اتصال إزعاجاً ، تولَّيْتُ أمر متابعة الكتاب ، و أمهلتُ المكتبةَ يوماً لتعطيني قراراً بالطباعة أو عدمها ، اتصل بي صاحب المكتبة معتذراً عن طباعة الكتابِ ، أخذتُ الكتابَ منهم ، و ذهبتُ به لأستاذنا ، أخرج الكتاب ، مصفوفاً ، من ظرفِهِ ، و كان العجبُ أن وجدَ اسم المؤلف هو اسم شخصٍ آخرَ تُطبع له كتبٌ ، يَعتني به لا يؤلفها ، و الباقي معروف لدى العقلاء ماذا يعني .
قبلَ أن يُسافرَ إلى الأردن دعوته إلى بيتي ، و كان في تلك الدعوةِ أستاذنا الشيخ صالح العصيمي ، و بعض الأصدقاء ، كان مجلساً جمع بين دُرَّتينِ من أنقى من رأيتُ ، سأل الشيخُ العُصيمي أستاذنا عن أرجوزته ، و هل هو ناوٍ أن يشرحها ، فكان أن التفتَ إليَّ و قال : " لا شرح بعد شرح عبد الله " . حُسنُ ظنٍّ و أدبٌ في التربيةِ و قصدٌ في التشجيع و التعزيز .
كتبت كتاباً لطيفاً يحوي قواعدَ و ضوابطَ في الطُّرَفِ ، قرَّظَه تقريظاً جميلاً ، لم يبخل في الإرشاد الأبوي .
قبل ذلك طلبتُ منه الإجازةَ بما يرويه ، فوافقَ على أن نقرأ أوائل الكتب التسعةِ ، و كان ذلك في بيتي ، فكنتُ أقرأُ أوائلَ تلك ، و سجلتُ ذاك المجلس ، و تلك عادتي في مجالسه ، و بعد ذلك قرأ الإجازةَ عليَّ ، و أجازني إجازة عامةً ، في تاريخِ 13/9/1422 ، و هو يروي عن سعيد بن مرتضى الندوي ، و كانت تلك الإجازة الموجودة معه في قراره في الرياض .
و من طرائفِ ذاك المجلس الطاهر أنني ذكرتُ قصتي في أخذ الإجازة من أستاذنا إسماعيل الأنصاري ، فسألني أن أُجيزَه ، لأنه لم يَرْوِ عنه ، تلبَّسَني من هول الأمرُ حالٌ من الارتباكِ و عدم استقرارِ الحالِ ، حيثُ كان هو المُستجيزُ ، و قدرُه أعلى و أجل و أكبرُ من أن يُجيزه صغيرٌ ، و حيث كانت أول إجازةٍ أعملها ، حاولتُ أن يُعفِيَتي ، و لكن كان الفشلُ حليفَ المحاوَلة .
مرت سنواتٌ ، و إذا بي أُفاجأُ حال خروجي من صلاة العشاء به واقفاً ، تكبَّد عناءً ، و اقتطعَ وقتاً ليُعلِن للتاريخ درساً في تواضع الكبراء ، أتى ليُسلِّم ليس إلا ، كنتُ أعذُرُ نفسي ، و لا عُذر ، بأنني لا أعلم إلا أنه في الأردن و ليس هنا في الرياض ، و كان هذا آخرُ لقاءٍ به ، و يغلبُ على الظنِّ أنه كان عامَ 1424 ، و لا أعلمُ عنه شيئاً ، مع محاولاتِ الوصولِ إليه .
كانتْ لديه إنشاءُ جمعيةٍ تُعنى بالأحاديثِ الصحيحة ، و التي تهمُّ المجتمعَ و مَن يَعملُ على توجيههم ، من الخطباءِ و الوُعَّاظ ، لستُ دارياً هل قامت أم لا ، و ليس اليقينُ ، حيث كان هو رأسها ، إلا أن تقوم و مؤتيةً أُكلها كلَّ حينٍ .
أستاذنا من مواليدِ " دَيْر نظام " من أعمال " رام الله " بفلسطين ، عام 1368 ، هاجر إلى الأردن عام 1388 ، و مسيرةُ حياته حافلة بكل إنتاج مبارك .
حفظ الله أستاذنا حفظاً تامَّاً ، و رعاه رعاية كاملةً ، و سدده أينما كان ، و جعله مباركاً كلَّ آنٍ .
* مقال للشيخ /ذو المعالى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=150347



--------------------
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 17th November 2024 - 12:41 PM