o طرحت بعض المؤشرات والمواقف الأخيرة الصادرة عن تنظيم القاعدة وزعيمها أيمن الظواهرى منذ صعود تنظيم طالبان الحكم وتوليه مقاليد الأمور فى البلاد العديد من التساؤلات من قبل المتابعين، لاسيما فى ضوء توقع الغالبية إسهام التطورات الأخيرة فى إحداث مزيد من التقارب بين الجناحين إن صح التعبير، إلا أن الرسائل العلنية والضمنية الصادرة عن الظواهرى ومواقفه قد عكست بدء ظهور مؤشرات مبكرة على تحول علاقات الجانبين السابقة التى كانت مغلفة بالشك والتنافس التكتيكى إلى صراع قد يظهر للعلن بشكل أوضح خلال المرحلة القريبة القادمة.
o وقد وضح خلال فترة وجيزة من تطورات الأحداث أن تنظيم القاعدة يستهدف بالأساس من ذلك الصراع الحفاظ على حجم المصالح والنفوذ، وهو ما لخصه البعض من أن وصول طالبان لسقف طموحها قد أثار غيرة تنظيم القاعدة وزعيمه الظواهرى، ودفعه لإتخاذ مواقف حادة وكاشفة من طالبان.
o ويعد تجاهل الظواهرى الواضح لإنجازات طالبان السياسية والميدانية وسيطرتها شبه الكاملة على البلاد – بإستثناء بعض المدن والجيوب - خلال فترة قياسية وجيزة، مؤشر على بدء تولد مناخ يفسر المواقف السلبية التى إتخذها تنظيم القاعدة عقبتمكن طالبان من الحكم رغم إعتبار طالبان أحد أبرز شركائها فى الجهاد خلال العقود الأخيرة، حتى ولو كان التعاون والتنسيق بين الطرفين يشوبه العديد من أوجه الخلاف، ولا أدل على ذلك من عدم تقديم القاعدة لأى من مظاهر الدعم لطالبان، لاسيما فى ظل ما تمتلكه القاعدة من إمكانيات بإحدى الميادين الرئيسية التى تتمتع فيها بنفوذ وكوادر مؤهلة.
o كما أن هذه التطورات الدرامية النادرة والتى تولت فيها إحدى الفصائل الجهادية الحكم بإحدى البقاع الملتهبة لعقود، والمواقف الكاشفة لشركاء الدرب – مثل التصرفات الدامية التى تبناها تنظيم داعش والمتمثل فى تفجير مطار كابول الذى راح ضحيته أكثر من مائة قتيل وجريح خلال شهر اغسطس الماضى، تعكس بشكل جلى مدى تباين المواقف وشكل الصراع المتوقع خلال الفترة المقبلة والتى سيسدد ثمنها الأبرياء من المدنيين ليس بأفغانستان وحدها ولكن بالمحيط الإقليمى.
o كما أن تجاهل الظواهرى تقديم أى دعم أو تأييد للعناصر الجهادية التىلقت حتفها سواء بالداخل الأفغانى مؤخراً أو بميادين أخرى قريبة، مقارنة بحرصه على رثاء بعض القيادات التنظيمية من المقربين والتابعين له، يؤكد محدودية رؤيته الإستراتيجية وعدم قرائته الصحيحة لمخرجات المرحلة وإفرازاتها المرحلية، وتركيزه على تحقيق مصالحه الضيقة.
|