منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

3 الصفحات V  < 1 2 3 >  
Reply to this topicStart new topic
> النظام التعليمي في ظل غياب الخلافة
الخلافة خلاصنا
المشاركة Feb 22 2017, 07:47 PM
مشاركة #21


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



مكانة #المعلّم اليوم هي التّنكيل! ولا سبيل للتّبجيل... إلاّ بالعودة إلى #العصر_الذّهبيّ الجميل


================


حين نتأمّل واقع #التّعليم وكيف صارت العلاقة بين المعلّم والمتعلّم نلاحظ أنّ ما طرأ من تغييرات على مفاهيم #النّاس وسلوكياتهم بعد إقصاء الدّين عن حياتهم وتحكّم النّظام الرّأسمالي فيهم وفرض حضارته الماديّة عليهم قد انعكس على هذه العلاقة فأثّر فيها كما أثّر في كلّ العلاقات والرّوابط الأخرى في المجتمع. إنّه ارتباط وثيق بين المنظومة التي تحكم المجتمع والعلاقات الرّابطة بين أفراده؛ فعلاقة المعلّم بالمتعلّم في ظلّ هذا النظام الرّأسماليّ العلمانيّ أصابها شرخ كبير وحدثت فيها فجوة عميقة باعدت بينهما بعد أن كانا يتبادلان الحبّ والتقدير.
حين يطالعنا بيت شعري صدره "قف للمعلّم وفّه التّنكيلا" بعد أن عشنا طويلا نطرب ببيت أمير الشعراء "قف للمعلّم وفّه التبجيلا *** كاد المعلّم أن يكون رسولا"، وحين ننظر إلى ما آل إليه وضع المعلّم من تحقير وامتهان وسخرية، وحين نلحظ كيف صار #الطلّاب في علاقتهم بمعلّميهم نقف مشدوهين متألّمين لهذا الوضع المؤلم المؤسف الذي ألمّ بعمليّة التّعليم وطرفيها بعد أن كانت قائمة على العطاء والبذل والحبّ والاحترام. نقف لنتساءل ما هي أسباب ذلك؟ ولماذا تحوّلت علاقة التّقدير والتّوقير هذه إلى علاقة تنكيل وتحقير؟
لقد كان #المعلّم والداً يتلقّف المتعلّم منذ نعومة أظافره ليربّيه ويؤدّبه ويعلّمه فيواصل ما بدأه الوالدان ويساهم مساهمة كبيرة في بناء شخصيّته. فكان يحنو عليه تارة ويقسو عليه تارة أخرى - إذا استوجب الأمر ذلك - فيسعى هذا الوالد لتعليم ولده وتربيته متمنّيا له كلّ خير ونجاح ونجاة... يقول الغزالي: "على المعلّم أن يجري المتعلّمين مجرى بنيه، بأن يقصد إنقاذهم من نار الآخرة، وهو أهمّ من إنقاذ الوالدين ولدهما من نار الدّنيا، لذلك صار حقّ المعلّم أعظم من حقّ الوالدين، فإنّ الوالدين سبب الوجود الحاضر والحياة الفانية، والمعلّم سبب الحياة الباقية". هذا ما كانت عليه علاقة المعلّم بتلميذه: يتفانى في تعليمه أمور دينه ليسعد برضا ربّه وينجو من نار جهنّم حتّى إنّ كَثِيرا مِنْ الْحُكَمَاءِ قَدْ رَجَّحَوا حَقَّ الْعَالِمِ عَلَى حَقِّ الْوَالِدِ فقَالَ بَعْضُهُمْ:
مَنْ عَلَّمَ النَّاسَ كَانَ خَيْرَ أَبٍ *** ذَاكَ أَبُو الرُّوحِ لَا أَبُو النُّطَف
فعلى المعلّم أن يكون قدوة لتلاميذه فيصلح من نفسه قبل أن يصلحهم ويتقيّد بما يعلّمهم فيعمل بما يعلم. يروي الجاحظ من كلام عقبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده قال: "ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بني إصلاح نفسك، فإنّ أعينهم معقودة عليك، فالحسن عندهم ما استحسنت والقبيح عندهم ما استقبحت" فيعلّمهم ما تعلّمه ويراعي فيهم آدابا تجعلهم متلهّفين راغبين في المعرفة محبّين لها آملين في الدّرجة العليا التي وعد الله بها العلماء. يسعون للسير على دربه وخطاه ويقتدون به في صفاته الحميدة التي ميّزت تعامله معهم: لطف وبشاشة وتواضع وحبّ وعدل في معاملتهم، وهو ما سينتج عنه تزايد عدد العلماء وتوافد النّاس لمعرفة طريق الحقّ. "وعلى المعلّم أن يؤدّب المتعلّم على التّدريج بالآداب السّنية، والشيم المرضيّة ورياضة النّفس بالدّقائق الخفية ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية، ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات ومراقبة الله تعالى" (النووي).
أوصى الإسلام بضرورة ربط العلم بالعمل وتتويج العلوم والمعارف بالعمل بها وتطبيقها قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [سورة الجمعة: 5]. فعلى العالم أن يعمل بعلمه ليكون قدوة حسنة للمتعلّم لا عالما يقول ما لا يفعل:

يا أيّـهــا الرجـلُ المعلّمُ غــيرَهُ *** هلاّ لــنفسِـكَ كـان ذا التــعلـيمُ
تصفُ الدّواء لذي السّقامِ وذي الضنى *** كيما يصحَّ به وأنتَ سقيمُ
هكذا كان المعلّم: محبّا لتلميذه حريصا عليه يعمل على أن يقوّي شخصيّته ليكون رجل المستقبل الواعي المعترف له بالجميل، العامل بما غرسه فيه منذ الصغر. كان صانع شخصيات ومربّي أجيال تعرف حقّ من علّمها فتقف تقديرا وتبجيلا له لأنّه علّمها معنى الحياة ووضّح لها طريق النّجاة. أمّا المتعلّم فكان الابن البارّ الذي يطيع معلّمه ويوقّره ولا يستحي أن يكون عجينة طريّة بين يديه يشكّلها كيف يشاء، فهو على يقين أنّه سيعلّمه ما ينتفع به في الدنيا ويفوز به في الآخرة، فيقف له تبجيلا ويحترمه ولا يزعجه، يقول الشّافعي رحمه الله: "كنت أتصفّح الورقة بين يدي مالك رحمه الله صفحا رفيقا هيبة له لئلا يسمع وقعها".
رسالة المعلّم هي رسالة المسلم العالم بأمور دينه العامل على نشرها وتعليمها لغيره؛ لهذا وجب عليه أن يبيّن للمتعلّم الطريق ويرسم له الخطّ المستقيم ليسير عليه ولا يتوه فيسلك سبلا معوجّة. هذه هي مهمّته وهذه هي رسالته، ولهذا كان أحقّ بالتّقدير والاحترام حتّى من الوالد كما سبق وأشرنا... فأين نحن اليوم من هذه الآداب وهذه القيم السامية التي تنشئ الأجيال لتكون فاعلة في أمّتها...؟
لئن كانت العلاقة بين قطبي العلاقة التّعليمية (المعلّم والمتعلّم) قبل أيّامنا هذه أفضل بكثير مما هي عليه اليوم بما اعتراها من تشويه ومن اضطرابات قطعت بينهما فهي في العصر الذهبي أيّام حكم الإسلام كانت أرقى وأفضل لما كساها من مفاهيم صحيحة يتبنّاها كلا الطرفين فيعملان على تنفيذها.
لقد أوصى الإسلام باحترام العلماء - ورثة الأنبياء - وبيّن فضلهم ومنزلتهم العظيمة قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: 11]... وتواترت الرّوايات والأخبار عمّا حظي به المعلّم من هيبة وتقدير وفضل وتوقير. فها هو هارون الرشيد يسأل الكسائي - إمام النّحاة في الكوفة ومعلّم ابنيه الأمين والمأمون - من أفضل النّاس يا كسائيّ؟، فقال الكسائي أوَ غيرُك يستحقّ الفضل يا أمير المؤمنين؟! فقال الخليفة: نعم إنّ أفضل النّاس من يتسابق الأميران إلى إلباسه خفّيه". وكان الأمين والمأمون تقديرا للكسائيّ يتسابقان على إلباسه خفّيه عندما يهمّ بالخروج من عندهما.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "وَمِنْ آدَابِ الْمُتَعَلِّمِ: أَنْ يَتَحَرَّى رِضَا الْمُعَلِّمِ وَإِنْ خَالَفَ رَأْيَ نَفْسِهِ، وَلَا يَغْتَابَ عِنْدَهُ، وَلَا يُفْشِيَ لَهُ سِرًّا، وَأَنْ يَرُدَّ غَيْبَتَهُ إذَا سَمِعَهَا، فَإِنْ عَجَزَ فَارَقَ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ، وَأَلَّا يَدْخُلَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ... وَيَنْبَغِي: أَنْ يَنْظُرَ مُعَلِّمَهُ بِعَيْنِ الِاحْتِرَامِ وَيَعْتَقِدَ كَمَالَ أَهْلِيَّتِهِ وَرُجْحَانَهُ عَلَى أَكْثَرِ طَبَقَتِهِ؛ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى انْتِفَاعِهِ بِهِ، وَرُسُوخِ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ فِي ذِهْنِهِ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ إذَا ذَهَبَ إلَى مُعَلِّمِهِ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اُسْتُرْ عَيْبَ مُعَلِّمِي عَنِّي، وَلَا تُذْهِبْ بَرَكَةَ عِلْمِهِ مِنِّي"... فمن احترم العلماء ورعى حقوقهم اهتدى وفاز ومن أهملهم وجفاهم خاب وخسر.
على هذه الآداب قام العلم وعليها نشأ المتعلّم فتخرّجت أجيال من العلماء نشرت علوم دينها ودنياها ورفعت منزلة أمّة الإسلام، وكتب التّاريخ تزخر بأسماء لامعة كثيرة لعلماء مسلمين أفادوا الإنسانية جمعاء. وعلى هذه الآداب والأخلاق الحميدة قامت العمليّة التّعليمية فحفظت حقوق قطبيها ورفعت منزلتهما.
لكن!! تغيّرت الأوضاع وتبدّلت وسادت مفاهيم مغلوطة فرضها النّظام الرأسمالي الذي تحكّم في العالم بعد إسقاط دولة الإسلام فساءت العلاقات بين الأفراد وطغت عليها المصلحة وانعكس ذلك على هذه العلاقة الراقية التي كانت تربط بين المعلّم والمتعلّم لتصبح نفعيّة وتذهب بتوقير المعلّم واحترامه وتقديره.
من أهمّ أسباب ما آلت إليه هذه العلاقة من امتهان وتحقير تفشّي المفاهيم الرأسمالية الفاسدة التي طبعت العلاقات، فصار الأولياء لا يبحثون إلا عن وصول أبنائهم إلى مراتب عليا بغضّ النّظر عن أخلاقهم وعن العلوم التي يتلقّونها، فلا يكترثون لما يبثّ من سموم في أذهان الناشئة ولا يعملون على غرس حبّ المعلّم وتقديره ولا يحثّون على الأخذ من معارفه والاستفادة من علومه؛ فصنعوا بذلك جيلا لا يعطي للمربّي حقّه ولا يوقّره بل يبحث فقط عن تحقيق الدّرجات للنجاح دون فهم ولا وعي بهذه العلوم وبوجوب توظيفها في الحياة. فصار المعلّم يهان وتداس كرامته خاصّة بعد أن سار في الرّكب وفرضت عليه الظروف المعيشيّة الصّعبة التّخلّي عن رسالته والجري وراء تحقيق مصالحه وتوفير حاجاته وحاجات أسرته، فانخرط في منظومة قذرة تعمل على هدم العمليّة التعليميّة في الأمّة لتصبح جاهلة تابعة للغرب الكافر تسير على خطاه دون أن تحيد عن الدّرب المرسوم لها فيتمكّن منها كلّيا، خاصّة بعد أن أسقط دولتها وحامية علوم دينها ودنياها. وأمام هذه المكانة الوضيعة التي صار عليها المعلّم تحوّل هذا المربّي وهذا الوالد إلى صاحب عمل لا يريد سوى أجرة عمله ويلهث وراء

حفنة المال التي يجنيها من الدّروس الخصوصيّة غير مبال بما آل إليه حال التّلاميذ من تسيّب ولا مبالاة فضلا عن الأخلاق الذميمة التي تفشّت في صفوفهم، فتخلّى عنهم ولم يسع إلى مداواتهم من هذا المرض الخبيث الذي حلّ بهم لأنّه أهين وضاعت منزلته التي حظي بها قبل أن يحلّ هذا الوباء بالأمّة وحضارتها.
إنَّ الْمُـعَلِّمَ وَالطَّـبِيبَ كِلَاهُمَـا *** لَا يَنْصَـحَانِ إذَا هُمَـا لَمْ يُـكْرَمَا
فَاصْبِرْ لِدَائِك إنْ أَهَنْت طَبِيبَهُ *** وَاصْبِرْ لِجَهْلِك إنْ جَفَوْت مُعَلِّمَا
لقد تأثّر دور المعلّم بالتغيّرات التي طرأت على المدرسة - البيت الثاني للتّلميذ - والتي فقدت دورها في التعليم والتّأديب والتّوعية نتيجة تغيّر الأوضاع وتبدّل المفاهيم... وبعد أن كان من واجب المعلّم تحقيق تلك الأهداف النبيلة التي رسمها هذا البيت صار الأمر تقريبا لا يعنيه، وهنا نؤكّد أنّ ما نذكر هو ظاهرة تفشّت واستفحلت لكن لا يعني أنّها صارت عامّة، ونحن نستثني البعض من المعلّمين الذين ما زالوا متمسّكين بواجبهم ويريدون تثبيت مفاهيم راقية رائعة تعود بهذه الأجيال إلى عهد يحنّ إليه كلّ مسلم غيور يريد العزّة للأمّة ولدينها.
لكن وفي ظلّ هذا النّظام الفاسد وبسواد العلمانية وتأثيرها الكبير في المفاهيم والعلاقات صعب الأمر على الغيورين من العلماء والمعلّمين رغم محاولاتهم التّصدّي لهذه المفاسد وهذه المخطّطات التي تريد النّيل من أبناء المسلمين واجتثاثهم من جذورهم وتجفيف منابع ارتوائهم بمفاهيم حضارتهم، بشنّهم هجمات شرسة على مناهج التعليم واستئصال كلّ ما يمكن أن يوحي بمفاهيم الإسلام.
للخروج بالعلاقة التّعليمية وغيرها من العلاقات لا بدّ من تغيير جذري يصلحها ويغيّر المفاهيم حتّى تقوم على أساس متين. فيعود للرّوابط الإنسانيّة حسنها وفضلها، وهذا لن يكون إلّا بالعودة إلى أحكام الله التي تنظّم الحياة وتسيّرها أفضل تسيير. فإذا تحقّق وعد الله واستؤنفت الحياة الإسلامية تبدّلت الأوضاع وصارت العلاقات والرّوابط قائمة على أساس العقيدة فيسعى كلّ فرد - حاكما أو محكوما، عالما أو متعلّما - للقيام بصالح الأعمال، يخشى الله في النّاس ويقوم بعمله خالصا لوجه الله.

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زينة الصامت
Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Feb 22 2017, 08:01 PM
مشاركة #22


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



(السعي نحو نموذج تعليمي من الطراز العالمي - الجزء 1)
فخ #العولمة خلف رواية #الجامعة ذات الطراز العالمي (مترجم)


==============


#المقدمة
أي طالب مسلم ذاك الذي لا يرغب في الدراسة في إحدى الجامعات العالمية؟ وأي محاضر مسلم ذاك الذي لا يطمح في أن يكون في بيئة أكاديمية من الطراز العالمي؟ نعم، أصبح شعار "جامعة عالمية" أو "جامعة بحثية" يسمع بشكل متزايد خلال العقد الماضي. كل جامعة في أي مكان في العالم تطمح في أن تصبح في نهاية المطاف من بين إحدى الجامعات العديدة المصنفة عالميا.
لكن حال #التعليم العالي في العالم الإسلامي مأساوي للغاية. وفي مقال لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا باكستان (شباط 2016)، كان عنوانه العصر المظلم في العالم الإسلامي كشف حقيقة أن 1.6 مليار مسلم لا يساهمون إلا في قدر قليل من المعرفة على مستوى العالم. فالمسلمون على ما يبدو - والذين يشكلون غالبية 57 دولة ويتواجدون تقريبا في كل دولة في العالم - لم يحصدوا إلا ثلاث جوائز نوبل في تاريخ هذه الجائزة القيمة. وعدد من الجامعات التي تمثل دولها عضوا في منظمة المؤتمر الإسلامي كانت في المرتبة الـ500 في التصنيف العالمي أو أفضل من ذلك بقليل.
كل الجامعات في #العالم الإسلامي تقريبا لا تحصل على رتب عالية في نظم تصنيف الجامعات العالمية على اختلاف أنواعها. وفي نشرة 2014 -15 لتصنيف الجامعات العالمي QSS، لم تكن هنالك أية جامعة إسلامية ضمن أعلى 100 جامعة، وبين الـ400 الأعلى رتبة لم تكن هناك إلا 17 جامعة (11 منها كانت بين أعلى 300 و400). وبالمثل، ففي النتائج الأخيرة لعام 2016 لترتيب الجامعات على مستوى العالم للتايمز للتعليم العالمي فقد ظهر بأن عشراً فقط من جامعات العالم الإسلامي كانت من بين أعلى 400 جامعة في العالم (خمسة منها من بين أعلى 300 و400). وكنتيجة لذلك، فقد تعالت الأصوات المنادية برفع رتبة الجامعات في العالم الإسلامي لتصبح ضمن الجامعات "ذات الطراز العالمي".
هذه المادة ستشرح هذه القضية من جانبين اثنين.

الأول محاولة كشف ما وراء رواية الجامعة من الطراز العالمي، والثاني سنناقش فيه كيف تصوغ سياسة التعليم في الإسلام تعليما على مستوى عالمي تحت مظلة الخلافة.

فخ رواية العولمة
النقاشات التي تدور غالبا حول أن تكون الجامعة من الطراز العالمي تظهر بأن هذا النوع من الجامعات هو الذي يمكن أن يتنافس مع الجامعات من المستوى العالمي وأن تنتج خريجين يمكنهم منافسة أولئك من الجامعات العالمية. وتعطَى هذه النقاشات زخما نتيجة التأثير الكبير للعولمة في جوانب مختلفة من حياة الإنسان. أولا، العولمة في المجال الاقتصادي وذلك من خلال تطبيق اقتصاد السوق الحرة. ثانيا، تتجلى العولمة في الجانب الثقافي وذلك عبر تدفق الثقافة الغربية إلى العالم الإسلامي. ثالثا، العولمة في سوق العمل هي نتيجة سياسة اقتصاد السوق الحرة. ورابعا العولمة في حقل التعليم تحصل من خلال إنشاء مؤسسات تعليمية في جميع أنحاء البلدان النامية وكذلك عبر المنح الدراسية بين الدول.
أشعرت العولمة أيضا البلدان النامية بالحاجة إلى الارتفاع بمستوى مؤسساتهم لتتماشى مع مثيلاتها في البلدان المتقدمة، وذلك باعتماد برامج مثل مؤشر التنمية البشرية (HDI)، والبرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA)، وغيرها من البرامج. هنا بذرت قيم المنافسة وها هي تزدهر الآن خاصة عندما تتغذى هذه البذار على الدونية التي تشعر بها البلدان النامية التي تخلفت عن الركب. وفي المرحلة الابتدائية والثانوية من التعليم، أدت هذه المخاوف إلى فكرة مقاييس المدرسة الدولية، وذلك من أجل إعداد الطلبة للمنافسة على المستوى العالمي.
ومع ذلك فقد انتقد إيدي سبهان وبقوة واضعي السياسات التعليمية في إندونيسيا ووصفها بأنها تخدم فكرة الجامعة العالمية إلا أنها في الوقت ذاته ليست قادرة على أن تنقل بوضوح تعاريف ومفاهيم جامعة عالمية، إلا من خلال التوجه المستمر نحو مفهوم التقييم والاعتراف بما يتماشى مع المقاييس الدولية. ولذلك فمن الواضح بأن الحكومات في البلاد الإسلامية تردد فقط هذا المفهوم دون وجود أساس أيديولوجي واضح، كما أنها تتبع هذه الرواية المقلدة التي ليس بالضرورة أن تكون متماشية مع هوية البلاد.
من الناحية الأيديولوجية، يظهر تيار عولمة الجامعات أيضا تفاهة رواية العولمة والحداثة الكبيرة هذه، حيث تتبنى المطالبة بالـ"حداثة" الانفتاح والتسامح، بينما ومن ناحية أخرى هناك جهود كبيرة تبذل في سبيل فرض معيار ثقافي واحد. سمى ذلك هيربيرت ماركوس بظاهرة "الإنسان ذي البعد الواحد"، ويعني بذلك ممارسة قيادة المجتمع نحو نظام موحد أي النظام الرأسمالي، عبر التعليم، والإعلام ...إلخ.

صناعة الرأسمالية - العالمية في مقابل راجع الصناعة في العالم الإسلامي.
إن تعليما عالي المستوى هو في القمة الأوثق صلة مع العالم الصناعي. ولذلك، فإن إنتاجية البحوث دائما ما تتلقى تحفيزا تقف وراءه الحاجات الصناعية التي تتطلب ابتكارا كبيرا. وبالتالي، فمن المنطقي أن تجد الجامعات في العالم الإسلامي صعوبة في مزاحمة أعلى 100 جامعة في ترتيب تصنيف الجامعات في العالم حيث إن جميع البلاد الإسلامية تقريبا تعاني وعلى نطاق واسع من انعدام التصنيع، بينما يسير الغرب في طور التصنيع منذ أكثر من 150 عاما. في حين إن واحدا من متطلبات الدولة لتكون السباقة في العلوم والتكنولوجيا، هو ما إذا كانت قادرة على إجراء البحوث المؤدية إلى حل المشاكل التي تواجهها الدولة، فضلا عن كونها قادرة على تشكيل نظام صناعي لتنفيذ ما نتج عن هذه البحوث على أرض الواقع.
ومن ناحية أخرى، فإن تيار الجامعة العالمية على مدى العقد الماضي حافظ على استمرارية واقع انعدام التصنيع في العالم الإسلامي وذلك من خلال توجيه البحوث الداخلية كي لا تخدم إلا احتياجات صناعة الرأسمالية العالمية، وليس الصناعات الوطنية داخل بلادهم. وقد تفاقم هذا الوضع بما يملكه حكام المسلمين من سياسات رديئة. فعلى سبيل المثال، لم تطور الدول العربية مطلقا القطاع الصناعي على الرغم من قطاع البترول، وذلك بسبب ما تدعيه شركات النفط الغربية التي ترغب في السيطرة على تكرير النفط الخام.
إن منطق #الرأسمالية موجود وبقوة في العديد من مؤشرات الجامعة العالمية. ويمكن رؤيته عبر المؤشرات، على سبيل المثال، وذلك مثل دخل البحوث من الصناعة (لكل أعضاء هيئة التدريس، 2.5%)، دخل البحوث المحلي/دخل البحوث العام (0.75%)، دخل البحوث (المقياس النسبي) (5.25%). وهنا، يكون الحرم الجامعي كالشركة التي تسعى لجني الأرباح عبر النشاطات الفكرية، وبخاصة البحوث، وفي سبيل العالم الصناعي العالمي فإنها مستعدة لخنق سلطة الدولة إذا لزم الأمر. وعلاوة على ذلك، فإن قواعد الحكم على الويبومتريك في وضوح شبكة الإنترنت في الحرم الجامعي تقوم على أساس "سوق عالمي جديد" متعلق بالمعلومات الأكاديمية، وتعتبر شبكة الإنترنت وسيلة مهمة جدا كوسيلة لعولمة الحرم الجامعي.
وهذا يتماشى مع الرغبة في جعل التعليم العالي سلعة والذي ابتكرته منظمة التجارة العالمية من خلال جعل التعليم ضمن ما يسمى صناعة قطاع التعليم العالي وذلك من خلال اتفاقية (جاتس) الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات التي تنظم تحرير التجارة لـ12 قطاعاً خدماتياً، مثل الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وخدمات المحاسبة، والتعليم العالي والتعليم مدى الحياة، وخدمات أخرى. وقد جعلت مظلة اتفاقية الجاتس/منظمة التجارة العالمية GATS/WTO الذي تمت المصادقة عليه عام 1995 في مراكش، جعلت من التعليم سلعة، وما يدعو أكثر للقلق هو أن الحكومة أخذت بهذه الاتفاقية بمحض إرادتها، دون الالتفات إلى القدرة المحلية أو المبادئ التربوية في دستورنا.
وبسبب ضغط منظمة التجارة العالمية للمصادقة على اتفاقية الجاتس، أصدرت الحكومة الإندونيسية مرسوما رئاسيا رقم 111/2007 بشأن مجالات الأعمال التجارية المفتوحة والمغلقة أمام متطلبات قطاع الاستثمار. الأستاذ سفيان أفندي تأسف بشدة لإصدار هذا القانون كونه جعل التعليم واحدا من المجالات المفتوحة أمام الاستثمار الأجنبي، ومع وجود الحد الأقصى من المشاركة برأس المال بنسبة 49%. هذا كان الفخ الأول، وهو هيمنة قوة أجنبية على النظام التعليمي في العالم الإسلامي.
ومن ناحية الاستقلال، فمن الواضح للعيان بأن الأنظمة في العالم الإسلامي لديها مستوى عال من التبعية وانعدام الرؤية الأصيلة للمضي قدما في تعليم حضارتهم الخاصة. وعندما تسعى الحكومات في العالم الإسلامي إلى جعل جامعاتها من الطراز العالمي وذلك من خلال موافقتها للمواصفات المطلوبة - سواء في تصنيف الجامعات العالمي QS، أو الويبومتريك، أو تصنيف جامعة شانغهاي جياو تونغ، أو غيرها من التصنيفات - فإن هذا يعني إخضاع نظام التعليم في العالم الإسلامي لإملاءات شركات النشر، والمؤسسات البحثية والجامعات الأجنبية. ومن الواضح جدا الآن بأن الجامعة ذات الطراز العالمي ليست سوى رواية عولمة رخيصة تحاول ببساطة خداع العالم الإسلامي وإخضاع نظامنا التعليمي.
استمالة الموارد البشرية المتميزة للأمة
عندما تفقد الدولة سيطرتها على اتجاه نظام البحث والتعليم، ولا تمتلك أيضا نظاما صناعيا محليا مستقلا، فإن هذا يؤدي إلى فقدان الدولة سيطرتها على مواردها البشرية. هناك قصص عديدة عن بلاد إسلامية فقدت القدرة على وقف هجرة العقول إلى بلدان متقدمة. وفي السنوات الخمسين الماضية، هاجر عدد كبير من المثقفين من العالم الإسلامي إلى البلدان الصناعية. وقدرت إحدى الدراسات بأن الرقم يقارب الـ 500 ألف. وهذا الرقم يمثل العدد من العالم العربي، الذي يغطي ثلث الهجرة المهنية بكاملها. أحد خيرة أبناء وبنات إندونيسيا: خويرل أنور، ولد في كديري، شرق جافا. وهو يعمل الآن في معهد نارا للعلوم والتكنولوجيا في اليابان وهو خبير في الاتصالات السلكية واللاسلكية وصاحب براءة اختراع G4 في أنظمة الاتصالات التي تقوم على ترميز تقسيم التردد المتعامد OFDM)). أندريفو رشدي (33 عاما) ونيلسون تانسو، كلاهما خبيران في تكنولوجيا النانو. حاليا أندريفو محاضر في جامعة سنغافورة الوطنية، في حين إن نيلسون تانسو محاضر في جامعة ليهاي في الولايات المتحدة الأمريكية.
هذه الاستمالة للموارد البشرية المميزة للأمة الإسلامية أصبحت في نهاية المطاف أمرا سهلا جدا بسبب غياب الرؤية السياسية في بلدان العالم الإسلامي فيما يتعلق بالعلم والتكنولوجيا. وعلاوة على ذلك، فإذا ما جعل التعليم سوقا مفتوحة كأي عمل تجاري أمام رأس المال الأجنبي، ومن ثم يصبح احتواء الموارد البشرية من قبل الأجانب أمرا سهلا للغاية وذلك عبر تغريب قلوب وعقول الشباب، وتقديم وعود بتأمين مستقبل أفضل لأبحاثهم، وكذلك "بيع" الأيديولوجية العلمانية والقيم التي تبدو متناغمة مع التقدم والازدهار.

النقد من وجهة نظر الإسلام:
العامل الأول لفشل الفكر الأساسي للأيديولوجية الرأسمالية هو جعلها المعرفة سلعة. والنتيجة هي براغماتية تتنامى في مجال التعليم. وينعكس هذا الهدف من التعليم، الذي جعل الجانب المادي في درجة أعلى من هدف تطوير المعرفة وتحسين النوعية الذاتية. وإذا ما نظرنا بعناية، سواء أكان ذلك بوعي أم بدونه، فإن التعليم الذي يحمل على مستوى عال يظهر بوضوح التوجه ناحية النفعية، بل إن هذا هو الأكثر وضوحا في مجال التعليم العالي. وفي الواقع، فإن الكثير من الجامعات الكبرى تدعي بلا خجل بأنها جامعات تجارية.
يرفض الإسلام وبشدة هذا الأمر، ففي الإسلام للمعرفة مكانة سامية جدا. وإن جعل التعليم والمعرفة سلعة هو انتقاص وإهانة للمعرفة. وقد حذرنا الإمام الغزالي في لغة واضحة في مقدمة كتابه "بداية النهاية" فقال: "اعلم أيها الحريص المقبل على اقتباس العلم، المظهر من نفسه صدق الرغبة، وفرط التعطش إليه، أنك إن كنت تقصد بالعلم المنافسة، والمباهاة، والتقدم على الأقران، واستمالة وجوه الناس إليك، وجمع حطام الدنيا، فأنت ساع في هدم دينك، وإهلاك نفسك، وبيع آخرتك بدنياك".
بالنسبة للإمام الغزالي، تعد المعرفة أمرا ثمينا جدا، وبالتالي فإنه أمر وضيع جدا أن تصرف المعرفة نحو الأمور الدنيوية. لا بد أن تُجعل المعرفة مسخرة لمعرفة الله تعالى والسعي لرضوانه. ومن سعى للمعرفة بهذه النوايا السامية كما قال، ".. فإن الملائكة تبسط لك أجنحتها إذا مشيت، وحيتان البحر تستغفر لك إذا سعيت. ولكن ينبغي لك أن تعلم، قبل كل شيء، أن الهداية التي هي ثمرة العلم لها بداية".
أما العامل الثاني لفشل الفكر الأساسي للرأسمالية فهو موقف الدولة الذي لا تتدخل فيه فيما يتعلق بإدارة المؤسسات التعليمية، وتطوير المعرفة، وبناء نظام صناعي متين. فالدولة في نظر الإسلام، لها دور مركزي في بناء العلاقة بين نظام التعليم وتوجهات البحوث الوطنية والاحتياجات الصناعية. وهذا الدور يُبنى في إطار الدولة باعتبارها خادمة للأمة. وهذا لأن قيادة الدولة تلزمها برعاية شؤون الناس الذين يقعون تحت مسؤوليتها. يقول رسول الله ﷺ واصفا الإمام بالراعي: «الإِمَامُ رَاعٍ وَ مَسْؤُوْلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» (رواه البخاري وأحمد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه).
وبالتالي، فمن الواجب على الدولة توفير نظام تعليمي عالي الجودة فيه مرافق ملائمة ورواتب كافية لكل من يعمل في هذا النظام، وذلك من خلال توفير دعم لجعل الرسوم في متناول الناس. ولذلك، فإن الإسلام يحرم رفع يد الدولة عن التدخل في هذه الشؤون، ناهيك عن السماح للرساميل الأجنبية بالاستثمار في التعليم عندنا.
إعادة العصر الذهبي للإسلام
في القرن الواحد والعشرين، غالبية الجامعات العالمية التي حازت على أعلى 100 أو 500 رتبة في العالم كانت من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وأستراليا. وقلة قليلة أخرى كانت من سنغافورة والصين وكوريا والهند أو ماليزيا.
ماذا لو كان هذا التصنيف قبل ألف سنة من الآن؟
إذن لن يكون هناك شك بأن أفضل الجامعات في العالم ستكون في زنجبار وبغداد والكوفة وأصفهان وقرطبة والإسكندرية والقاهرة ودمشق ومدن كبيرة أخرى في بلاد الإسلام. الجامعات خارج رقعة الدولة الإسلامية كانت في معظمها موجودة في القسطنطينية التي كانت لا تزال عاصمة روما البيزنطية، أو في كايفينغ عاصمة الصين في ذلك الوقت أو في نالاندا في الهند. وبعيدا عن هذه المذكورة لم تكن هناك جامعات أخرى خلال ألف سنة مضت، ناهيك عن الولايات المتحدة، التي اكتشفت قارتها حديثا عام 1492م.
تخيل دولة فيها نسبة الأمية 95%! هذا فظيع. لكن هذا ما كانت عليه أوروبا ما بين القرن التاسع والثاني عشر الميلادي. حتى قيل بأن الإمبراطور كارل في آخين، كان يحاول تعلم تلك "المهارة الصعبة والنادرة" في شيخوخته. وفي الأديرة كان هناك عدد من القساوسة القادرين على القراءة. كانت هذه الفجوة بين الشرق والغرب. وفي الكتاب المقدس للنصارى، لم يكن أحد يستطيع قراءة وفهم الكتاب المقدس إلا القس. وهذا الحال، الذي عرف بعصر الظلمات في أوروبا (العصور الوسطى المظلمة) هو ما تسبب بحسب العديد من المؤرخين في الثورة العلمية لعصر النهضة (التنوير).

وفي الوقت ذاته، كان ملايين الأطفال في المناطق الريفية والحضرية في دولة الخلافة يجلسون على السجادة وهم يتعلمون نطق أحرف القرآن، والكتابة، وحفظ الحروف، ويبدأون بتعلم أساسيات اللغة العربية (النحو والصرف). كانت الرغبة في أن تكون مسلما صالحا هي بداية كل علم، لأن الواجب على كل مسلم أن يكون قادرا على قراءة القرآن.
في الواقع، فإنه ولفترة طويلة من الحضارة الغربية جعلت هذه الحضارة المعرفة خاصة بطائفة معينة فحسب. وليس بعيدا عن تاريخها القديم، فقد جعلت الحضارة الغربية الحديثة المعرفة، وخاصة في مجال التعليم العالي، حكرا على جماعة معينة فحسب يتمتعون بها. وفي المقابل، فإن في الإسلام طريقة فريدة من نوعها لتقدير المعرفة. فالإسلام يحترم المعرفة، وليس ذلك عبر "جعلها مثمنة" كما تفعل الرأسمالية، ولكنه يمجد العلم باعتباره توأم الإيمان، يشاركه في الهدف النبيل المتمثل في تشكيل شخصية الإنسان وجعلها نزيهة نبيلة. ونتيجة لذلك، فليس هناك أية أفضلية لأمة الإسلام في طلب العلم، فالجميع لديه الالتزام ذاته في السعي للمعرفة. والفرق هو في التقوى فحسب.
إن لدى الأيديولوجية الإسلامية مفهوما واضحا شاملا للنظام الذي يشمل مجالات الحياة كلها، ولا بد من تطبيقه كاملا في ظل #دولة_الخلافة. إن الأيديولوجية الإسلامية تنظم الإدارة الصحيحة للموارد الطبيعية في سبيل جعل ثروة الدولة وفيرة، ما سيمكنها من خلق رخاء للمجتمع بأسره، فضلا عن عدم التسبب في أي ضرر. ومن هذه الثروة الوفيرة، ستمول الدولة المشاريع البحثية المختلفة فضلا عن توفير أفضل التسهيلات، وستظهر احتراما كبيرا للمثقفين، ما سيدفعهم لتقديم أفضل ما يستطيعونه. وبذلك ستحل مشاكل الأمة وستحصل على استقلاليتها. ولذلك، وعودا على مصطلح "جامعة من الطراز العالمي"، فإننا بطبيعة الحال، ليس علينا أن ننسجم والمعايير المحددة التي وضعها الغرب. فالإسلام بطبيعة الحال يملك معاييره الخاصة، قائمة على نوعية الشخصيات التي لا بد وأن تبنيها الجامعة، ومعايير الجامعة من الطراز العالمي. وهذا ما أشار إليه العلماء بقولهم: "تقدمت المجتمعات الغربية عندما تخلت عن دينها، في حين لن يتقدم المسلمون إلا إذا درسوا دينهم".

...يتبع الجزء 2

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Feb 24 2017, 02:18 PM
مشاركة #23


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314




أول مدرسة خاصة برسوم مخفضة في #بريطانيا
هل #التعليم تجارة؟


#الخبر:

ذكرت الجريدة البريطانية المشهورة #التلغراف، الثلاثاء 21 شباط/فبراير خبراً بعنوان: "أول مدرسة برسوم دراسية مخفضة في بريطانيا، ستكلف الأهالي فقط 52 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع". وجاء فيه: "أول مدرسة برسوم دراسية مخفضة ستفتح أبوابها في أيلول/سبتمبر القادم، وحسب مدير المشروع فلا ينبغي للأهالي توقع أي امتيازات".

#التعليق:

حسب موقع التلغراف فإن متوسط الرسوم #الدراسية في #المدارس الخاصة يصل إلى 13 ألف جنيه إسترليني سنوياً ويرتفع في المدارس الداخلية ليصل إلى 300 ألفاً. صاحب هذا المشروع يقول بالمناسبة: "#المدرسة لن تكون للفقراء فقط بل لكل من يرى أن تكلفة التعليم الخاص مرتفعة". حيث تكلف المدرسةُ أولياءَ أمور الطلبة 277 ألف جنيه إسترليني سنوياً.
يُذكر أن مؤسس المشروع هو بروفيسور في مجال سياسات التعليم، وله عدة مؤسسات لتوفير "التعليم الخاص" للفقراء في الهند وإفريقيا والصين. وألَّف كتاباً انتقد فيه تدخل الدولة في قطاع التعليم حيث يقول: "الأمية الوظيفية وجنوح الأحداث وعدم الابتكار التقني كلها تشير إلى فشل التعليم الحكومي، فلماذا تشارك الحكومة في التعليم؟"
#النظام_الغربي القائم على فصل الدين عن الحياة، هو نظام مصلحةٍ بامتياز. فالنظرة الماديَّة تسيطر على كل النظام بدءاً بالحكومة التي تحوَّلت من مؤسسة رعوية للأمة الناخبة إلى مؤسسةِ رئاسة تسطر السياسات التي توافق مصالح النخبة الحاكمة؛ إلى الجمعيات والمؤسسات الخيرية والأفراد والعامة. وجميع المعالجات في هذا المبدأ منبثقة بطبيعة الحال عن النظرة #النفعية. فالدولةُ لا تنظر لرعاياها إلا كمصدرِ دخلٍ، ومجموع أفراد يؤثر كلٌّ منهم في الناتج القوميِّ. وصارت قيمة الإنسان هي ما يُنتج فهو ثمنه. ومع إقصاء الدين عن الحياة وسيادة مفهوم "الغاية تبرر الوسيلة" مع عدم تحديد هذه الغاية أصلاً بمقياس وعدم تقييدها بأي ضابط صارت المجتمعات تنطق بأن البقاء للأقوى.
هذه النظرة التي شجَّعت الطامعين والرأسماليين على استغلال غيرهم، وانتهاك كل فضيلة وخلق لأجل تحقيق المصالح الذاتية وتحقيق أكبر قدرٍ من المتع الجسدية، زادت حدة #الفقر وعدد الفقراء، وحرمت الكثيرين من حقوق الإنسان التي تتشدق بها المؤسسات الدولية التي أوجدها الأغنياء لإقناع #الفقراء أن هناك من يعمل لأجلهم.
التعليم لم يكن بعيداً عن هذه النظرة. فالدولة لا تنظر لنفسها كمسؤول عن رعايا يجب عليها تقديم كل ما يلزمهم لحياةٍ كريمة ودون مقابل، بل هي ترى فيهم مستهلكين وسوقاً استثماريةً يجب استغلالها جيداً. القانون الذي يلزمها بتوفير التعليم والمسكن والمأكل لا يرى غضاضة في أن تأخذ ثمناً لهذه الخدمات الأساسية على شكل ضرائب أو رسوم تزيدهم فقراً على فقرهم. ولا أن تقدم لهم أقل من الحد الأدنى ليستطيعوا الحياةَ بشكل كريم. ففي كل أنحاء العالم يُعرف عن التعليم الحكومي أنه ذا مستوىً أدنى من التعليم الخاص، ويفتقر للمعايير الدولية التي مرةً أخرى تضعها المؤسسات الدولية التي أوجدتها #النخب #الرأسمالية الحاكمة!
صار التعليم سوقاً للاستثمار من قبل رجال الأعمال يزايدون فيه على حسب ثرواتهم ومقدار الربح الذي يكتفون به من العامة. بينما الدولة قد رفعت يدها عن التعليم بشكل غير مباشر لتريح نفسها من العبء الاقتصادي الثقيل الذي يتطلبه المستوى المطلوب من التعليم. فإهمال الدولة دفع الشعوب للمطالبة بتعليم أفضل لأبنائها، فكانت الفرصة السانحة لرجال الأعمال لتقديم النوعية المطلوبة من التعليم بالمعايير العالية التي تضمن جودة التعليم وتوفير كل المستلزمات من غرف صفية مكيَّفة ومختبرات وغيرها، وظروف دراسةٍ آمنة، لكن بأضعاف أضعاف الرسوم الدراسية في التعليم الحكومي، فالمهم في القطاع الخاص هو الربح. ووقع أولياء الأمور الساعون لتعليم أبنائهم لأجل مستقبل أفضل، وقعوا بين سندان الفقر ومطرقة جودة التعليم.
وجود مثل هذه المدرسة كأول مدرسة تخفض الرسوم، ليس امتيازاً حقاً، إلا في نظر شعبٍ اعتاد على دفع الكثير وخفف له مقدار الضريبة. فالأصل أن تقوم الدولة بتوفير التعليم بالمجان بمستوى يلائم تقديرها للعلم والعلماء. أما الدول الرأسمالية التي صدَّعت رؤوسنا بحقوق الإنسان ونشرت كل أذرعها الخبيثة في بلادنا لتدس سمومها بحجة تطوير التعليم، فلم تجد حرجاً في تقديم تعليم رديء لرعاياها، ثم تلاحق شركات القطاع الخاص التي قدَّمت نوعية تعليم أفضل لتأخذ منها #الضرائب!
فهل هذا هو أفضل ما يمكن للرأسمالية أن تجود به على البشرية؟ هل حقاً صار التعليم مرتبطاً كغيره بالسعر الذي يحدده رجال الأعمال؟
قد تكون هذه المدرسة ملائمة للفقراء أو محدودي الدخل ضمن الواقع الموجود أكثر من غيرها، لكن الفكرة كلها قائمة على مبدأ عقيم لا ينتج حلولاً بل يقدم المشكلة تلو الأخرى.
مرةً أخرى تثبت الوقائع فشل التشريع البشري والحاجة الملحة لنظام ربّاني عادل يُعطى فيه الجميع نفس الامتيازات ونفس المستوى من الخدمات. وتنطق الرأسمالية بعجزها ووحشيَّتها. وتبقى البشرية تنادي بحاجتها لنظام الإسلام ودولة الخلافة التي تطبقُّه على الوجه الأفضل. حيث تقدِّم الخلافةُ التعليم كأحد واجباتها للرعية دون مِنَّة ولا مقابل، وعلى الطراز الرفيع حيث تنبثق رؤيتها من تقدير الإسلام العظيم للعلم والعلماء وحثِّه على طلب العلم وجعله فريضةً. حيث سيتم توفير التعليم في دولة الخلافة في المرحلتين الابتدائية والثانوية بالمجان لجميع الطلاب، من الذكور والإناث، ودولة الخلافة تسعى إلى توفير المستوى الجامعي بالمجان أو بتكلفة منخفضة بحسب قدرة الدولة. وسيتم توفير التمويل لزيادة المرافق التعليمية مثل المختبرات والمكتبات ومراكز البحوث. وللحصول على تمويل التعليم، فإنّ الخلافة ستعيد من هيكلة إيرادات الدولة وفقا للأحكام الشريعة لتسريع التقدم العلمي، وسوف تدر عوائد ضخمة من الممتلكات العامة مثل الطاقة والشركات الحكومية مثل البناء على نطاق واسع وتصنيع الآلات، حيث تجمع الزكاة من عروض التجارة ورأس #المال والأراضي، وتنهي جميع أشكال الضرائب المهلكة مثل ضريبة الدخل وضريبة المبيعات التي خنقت النشاط الاقتصادي.
فأيُّ المبدأين أحقُّ بقيادة العالم؟ وأيُّ الفريقين أصدق في رعاية البشرية وتحقيق تطلعاتها؟

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم بيان جمال
Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Feb 24 2017, 06:28 PM
مشاركة #24


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



ما قيمة #التعليم إذا غاب الأمن وامتزج #الكتاب بالدم؟!


=============


إن #العلم بحر واسع وعميق المدى، مهما أبحر الإنسان وغاص في أعماقه فإنه لن يستطيع أن يدرك منه الكثير، فالإنسان مهما كانت مكانته العلمية فإنه لم يؤت من العلم إلاَّ القليل، لقوله تعالى ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾. لقد جعل الله التعليم من الأمور المطلوبة على كل إنسان، وجعل العلماء أفضل من الجهلاء، فالهدف الأسمى للتعليم هو الهدف الديني في المقام الأول، وكل ما عداه خادم وتابع لهذا العلم. إن المتعلم بأمور الدين والدنيا هو عكس الجاهل الذي يكون عرضة للأوهام والخرافات التي تحرفه عن أمور دينه، وأيضاً لا يحسن التصرف في أمور دنياه، فيكون تبعا للمتعلم وللعالم والمبدع، بينما يبقى هو في آخر الركب مقلداً غير نافع لنفسه ولا لغيره.
من هنا تأتي أهمية التعليم وضرورة الأخذ بنواصي العلوم و #المعرفة. فكما للتعليم وسائله وأساليبه للاكتساب والتحصيل وأيضاً لنشره بين أفراد المجتمع، وكما له نتائج عديدة كإضاءة طريق الأجيال ليروا العالم بعيون مستبصرة، فبسبب هذه الوسائل والنتائج أصبح من المهم أن تسعى الدول للحفاظ عليه وتأمينه لجميع أفراد المجتمع دون أي تمييز مناطقي (الريف- المدينة) أو جنسي (ذكر-أنثى)، وأهم شيء على الدولة تأمينه هو الأمن، فهو من أول مطالب الإنسان في حياته، حيث يُعتبر ضرورة لكل جهد بشري فردي أو جماعي، لتحقيق المصالح العامة للجميع، قال رسولنا الكريم «منْ أَصبح مِنكُمْ آمِناً في سِرْبِهِ، مُعَافَىً في جَسدِه، عِندهُ قُوتُ يَومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحذافِيرِها».
إن #الأمن نعمة من أجلّ نعم الله عز وجل على عباده، فهي مطلب كل #أمة وغاية كل دولة، فمن أجلها جُندت الجنود ورصدت الأموال وفي سبيل تحقيقها قامت الثورات والصراعات. وقد أشار القرآن الكريم إلى دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام لربه أن يرزق مكة الأمن والطمأنينة حين أودع فيها زوجه وفلذة كبده، فقال تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾. فقدّم عليه السلام نعمة الأمن على نعمة الطعام والغذاء، فما قيمة الغذاء إذا لم يتوفر الأمن؟ لو كان للغذاء دون الأمن قيمة كانت المساعدات الإنسانية التي يرسلها حكامنا لذر الرماد في عيوننا، كانت غيرت حال 2 مليون من أطفال #اليمن الذين يعانون من سوء التغذية، ولما كانت المجاعة قد لاحت بالأفق في جنوب#السودان، ولما دقت منظمة الفاو ناقوس الخطر إزاء سوء التغذية الذي يهدد أكثر من 16 مليون طفل دون سن الخامسة في دول غرب أفريقيا، فبغياب الأمن تغيب كل مقومات الحياة الكريمة.
وما قيمة التعليم أيضاً إذا غاب الأمن وامتزج الكتاب بالدم؟ هذا ما يحصل في معظم مناطق العالم الإسلامي، في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من البلاد الإسلامية حيث الصراعات والنزاعات المتأججة باستمرار. قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) "إن ما يُقدر بنحو 535 مليون طفل، أي ما يعادل واحداً من كل 4 أطفال في العالم يعيشون في مناطق متضررة من النزاعات أو الكوارث، ولا يستطيعون في كثير من الأحيان الحصول على الرعاية الصحية أو التعليم أو الغذاء أو الحماية مما يجعلهم عرضة للأمراض والعنف". وأضافت أن أكثر من 390 مليون طفل من المتضررين من تلك الأوضاع يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بينما يعاني نحو 65 مليون طفل من أزمات في #الشرق_الأوسط.
وبناء على هذه الإحصائيات الصادمة وبعد تعمق بدراسة أحوال هذه البلاد ومقدراتها، نرى بأن مجمل هؤلاء الأطفال يعيشون في مناطق النزاعات والصراعات التي تقع تحت سيطرة نفوذ الدول الكبرى المستعمرة، هذه الدول التي، وبحجة تحقيق أمنهم وأمن شعوبهم، تشن الحروب وتُحدث القلاقل والاضطرابات لتحقيق مصالحها المادية التي لا تقوم لها قائمة إلّا على حساب دماء الأبرياء واضطهادهم وتشريدهم، لأنها مصالح تقوم على مبدأ يخالف القيم الإنسانية بغايته الاستعمارية.
منذ سنوات والدول الكبرى قد أعلنت فتح جبهاتها العسكرية في العديد من بلاد المسلمين خاصة بعد ثورات الربيع العربي، وذلك لإعادة إحكام قبضتها من جديد على الأمة الإسلامية وإرادتها في التغيير. وما زالت رحى هذه الحروب تدور حاصدة البشر والحجر والشجر، وخاصة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، ففي تقرير لليونيسيف الأخير، أشار أن 2.4 مليون طفل في سوريا، و3 ملايين طفل في العراق ومليوني طفل في ليبيا، إضافة إلى 2.9 مليون في اليمن لا يرتادون المدارس.
وبحسب هذا التقرير فإن أكثر من 13 مليون طفل في منطقة الشرق الأوسط أي حوالي 40% من أطفال المنطقة لا يرتادون المدارس بسبب الصراعات المتأججة في بلادهم. هذا بالإضافة إلى أوضاع اللاجئين في دول الجوار التي لجأوا إليها بحثاً عما فقدوه في بلادهم من أمن وأمان وعيش كريم، والذي لم يجدوه بسبب غياب البنية التحتية لمختلف القطاعات في هذه الدول من اقتصادية واجتماعية وتعليمية، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمية وبالتالي انتشار الجهل والفقر والبطالة والعنف والاستغلال. فبحسب تقارير هيومن رايتس ووتش فإن 212 ألف طفل من سوريا من أصل 708 آلاف في عمر التعليم تسجلوا في مدارس تركية في العام الدراسي 2014-2015، بينما لجأ الكثير من الأطفال إلى التسول أو العمل بشكل غير شرعي بأجور زهيدة. وقد بلغ عدد الأطفال اللاجئين من سوريا والذين لم يرتادوا المدارس في دول الجوار بسبب عدم القدرة على تحمل عبء طلاب إضافيين، أكثر من 700 ألف طفل لاجئ.
إن عدم توفر الأمن وازدياد وتيرة القتل والاستهداف المتعمد للمدارس وبشكل متكرر يجعل من التعليم معضلة صعبة يصعب تحقيقه وتأمينه، فبحسب منظمة يونيسف فإن هناك نحو 8850 مدرسة في سوريا والعراق واليمن وليبيا قد دُمرت أو تضررت بحيث لا يمكن استخدامها لأنها إما تحولّت لمأوى للعائلات الهاربة والمشردة، وإما أنها احتلت من قبل أطراف النزاع. ولقد كشفت إحصائيات وزارة التعليم العراقية عن احتياج العراق لتأسيس حوالي 10 آلاف مدرسة لاستيعاب الزيادة المطّردة في عدد الطلاب. ووفق إحصائيات وزارة التعليم اللبنانية أيضاً فإن المدارس في لبنان هذا العام لم تستطع استيعاب أكثر من 200 ألف طفل لاجئ. وأما في ليبيا فالمدارس تعاني من الأعداد المتقاطرة من التلاميذ مما أدى إلى ازدحام الفصول الدراسية والتي قد تصل إلى خمسين تلميذاً وأكثر لعدم صيانة المدارس المتضررة جراء الحرب في مختلف المدن الليبية، ولتزايد حركة النزوح الداخلية، إذ قدّرت مفوضية #الأمم_المتحدة لشؤون اللاجئين أن هناك حوالي 218000 نازح داخلي في ليبيا.
لقد فقد الطلاب بمختلف فئاتهم العمرية فرصهم في التعليم بسبب النزاعات والحروب، والتي في ظل استمرارها نرى أن قطاع التعليم كما غيره من القطاعات يعاني الكثير من المشكلات والأزمات الكبيرة، حيث أثرت هذه الحروب سلباً على التعليم وكيفية تأمينه للجميع، إذ يتم استقطاب المتسربين من التعليم من جانب التنظيمات والمليشيات المقاتلة، وعادة ما يكون المقابل المادي هو الدافع لاستقطاب الأطفال لصفوفهم بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست في أيار/مايو 2015 فإن الأطفال يشكلون حوالي ثلث عدد قوات الحوثيين التي تضم 26 ألف مقاتل، وعدد معسكرات تدريب الأطفال على القتال في سوريا والعراق يتجاوز 14 معسكرا. هذا بالإضافة إلى تضرر الكادر التعليمي جراء هروب البعض أو اعتقال البعض الآخر، ففي اليمن أشارت التقارير إلى مقتل أكثر من 40 معلماً في تعز وجرح العشرات بالإضافة إلى تشريد الآلاف منهم، وفي سوريا ترك ما لا يقل عن 25500 معلم و523 مستشاراً تعليمياً عملهم في المناطق الأكثر احتداماً، وفضلوا اللجوء إلى دول الجوار أو النزوح داخلياً للمناطق التي يسيطر عليها النظام لضمان الحصول على رواتب منتظمة تتراوح بين 200 و450 دولاراً شهرياً.
بسبب إطالة أمد الصراع إلى ما لا نهاية، تتضمن تداعيات تردي أوضاع التعليم في العالم الإسلامي تهديدات مباشرة في مستقبل جيل بكامله، فبغياب وانعدام التعليم ينشأ جيل بلا هوية، يُقاد وفق سلطة وسياسة القوي، تابع بكل مقوماته (الفكرية والثقافية والتربوية) لمن أفقده الإبداع والتميز والحياة بكرامة. وهذا ما يصبو إليه أعداء الإسلام، وهذا ما يؤكده استهدافهم المتكرر والممنهج لأجيال المستقبل وللمدارس خاصة في سوريا، فيدك جدرانها فوق رؤوس الأطفال الذين دأبوا على الدراسة والتعليم رغم الظروف الصعبة وأجواء الخوف والرعب المسيطر بفعل الطائرات الصليبية الاستعمارية التي تصول وتجول انتقاماً من المناطق التي طالبت بتغيير النظام ورفعت شعار الإسلام، وكأنما رسالة الإرادة والصمود التي أرسلها هؤلاء الأطفال الأباة أججت حقد الطغاة، ومفادها أننا جيل#المستقبل ولن نهاب مدافعكم، فأمة اقرأ ستدك عروشكم ولو بعد حين.
فمن هو المسؤول الحالي عن حماية التعليم وأهله من تلاميذ وجامعيين ومبدعين، من البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية وعمليات القنص والتجويع؟؟ ومن طائرات التحالف العربي والصليبي؟؟ ومن المليشيات والتنظيمات المسلحة؟؟ هذا السؤال يجب أن يطرح على من يدعون أنهم دول عظمى يقودون العالم، على من وضع القوانين الدولية، تلك القوانين التي تبقى حبرا على ورق أمام جرائمهم الوحشية بحجة حربهم الوهمية على (#الإرهاب)، فحربهم إنما هي على الإسلام والمسلمين فقط لا غير.
لم تعد دعاوى نصرة #الدول الضعيفة و #الحريات و #حقوق_الإنسان والسلام العالمي والعدل الدولي تنطلي على أحد، فكلها شعارات رنانة تغطي الأوجه القبيحة والقلوب السوداء، فعمَّ الظلم والظلام. ولكن بعد سواد الليل سينبلج الصبح بنوره وضيائه ليعم هذا النور ربوع الأرض، إنه نور الحق نور دولة الخلافة التي ستطبق حكم الله في الأرض، ليعم الأمن والأمان، ولتُخرج الناس من ظلمات الرأسمالية والغرب إلى نور الإسلام وعدالة #القرآن، والتي ستواجه الحروب الاستعمارية بجيش الموحدين، قاهر الأعداء ومحرر الأرض وحافظ العرض للمسلمين وغير المسلمين...

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رنا مصطفى

Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Feb 24 2017, 06:54 PM
مشاركة #25


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



اطرح الحل يا فيصل القاسم!!!


====================


منشور فيصل القاسم

أرقام مخيفة عن العالم العربي...
أظهرت القمة الحكومية العالمية التي يرعاها بدبي أنَّ
ــ 57 مليون عربي لا يعرفون القراءة والكتابة
ــ 13.5 مليون طفل عربي لم يلتحقوا بالمدرسة هذا العام
ــ 30 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر
ــ 8 %زيادة في معدلات الفقر آخر عامين
ــ تريليون دولار كلفة الفساد في المنطقة العربية
ــ 5 دول عربية في قائمة العشر دول الأكثر فساداً في العالم
ــ رغم أن العالم العربي يمثل 5% من سكان العالم إلا أنه يعاني 45% من الهجمات الإرهابية عالمياً
ــ 75 %من اللاجئين عالمياً هم عرب
ــ 20ألف كتاب فقط ينتجها العالم العربي سنوياً أقل من دولة مثل رومانيا
ــ 410ملايين عربي و2900 براءة اختراع فقط
ــ 50مليون كوري ولديهم 20201 براءة اختراع
ــ من عام 2011 حتى 2017 تم تشريد 14 مليون عربي
ــ من عام 2011 حتى 2017 خسائر بشرية تصل
إلى 1.4 مليون قتيل وجريح
ــ من عام 2011 حتى 2017 تم تدمير بنية تحتية بقيمة 460 مليار دولار
ــ من عام 2011 حتى العام الحالي خسائر في الناتج المحلي العربي بقيمة 300 مليار دولار.

https://www.facebook.com/falkasim/photos/a....e=3&theater

====================


التعليق:

إحصائيات مهمة دكتور فيصل القاسم، ولكن حبذا لو علقت على السبب في ذلك، لكان أفضل من طرح المرض فقط حتى لا يظن المتابع أن العرب متخلفون لا فائدة منهم!!!

سبب تخلف العرب والمسلمون بشكل عام هو بعدهم عن الحكم بالإسلام وسكوتهم عن غياب الخلافة، ورضاهم بهؤلاء الحكام الخونة الذين يطبقون الديمقراطية الغربية!!!

دول الغرب التي يتم مدحها ليل نهار هي من تدعم الطغاة والجهل في بلادنا، ولولا الدول الغربية لسقط حكامنا منذ أمد بعيد، صحيح أننا السبب لسكوتنا عن هؤلاء الحكام، ولكن يجب الإفصاح أن هؤلاء الحكام ثابتون على كراسيهم بدعم غربي من الدول التي تدعي الحرية والإنسانية!!!

على كل إن ما يعانيه المسلمون اليوم من تخلف نظامهم التعليمي ومن فساد منتشر سببه هؤلاء الحكام في العالم الإسلامي ومنهم طبعا حكام قطر، والحل فقط يكون بالعودة إلى ديننا وإقامة دولة القران دولة الخلافة، عندها ثق تماما يا دكتور أن الغربيين سيأتون إلى دولة الخلافة لينهلوا من علومها!!!!!



https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theater
Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Feb 28 2017, 08:35 PM
مشاركة #26


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



بالتعليم تحفظ #ثقافة الأمة وهويتها... وبالخلافة على منهاج النبوة يُضمن ذلك ويُنفذ

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=5177&hl=
Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Feb 28 2017, 08:39 PM
مشاركة #27


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



تشكيل #التربية_الإسلامية لبناء #الشباب_المسلم لمواجهة تحديات الحياة في القرن الـ 21



مقدمة (مترجم)


==========


قال #الصحابي الجليل والخليفة الراشد، علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ذات مرة: "لا تربوا أولادكم كما رباكم آباؤكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم".
إنه من المهم عند صياغة أساليب وطرق #التربية و #التعليم الإسلامي لأبناء هذه الأمة أن نأخذ بعين الاعتبار الحقائق الفريدة، والصعوبات، والمعضلات، والمشاكل، والتحديات التي سيتعرضون لها في#المجتمع و #العالم والعصر الذي يعيشون فيه. ونقل المعلومات والمعارف الإسلامية دون البحث بعناية وعمق في هذه العوامل يؤدي على الأرجح إلى الفشل في تحقيق النتيجة التي نريدها لشبابنا الذين يشعرون بالقوة مع الإسلام، ويجعلون حياتهم تدور حوله، ويسعون إلى تغيير العالم بحسب وجهة نظره.
ويواجه الشباب المسلم اليوم مجموعة من الضغوط الشديدة والعوامل المؤثرة التي يمكنها أن تبعدهم عن دينهم، وربما تصل بهم الحال إلى حد اليأس تجاه واجباتهم الإسلامية وحقائق التاريخ الإسلامي، أو ربما تؤدي إلى تسرب الشك إلى أسس العقيدة عندهم، مما قد يجعل بعضهم عرضة للتخلي عن دينهم. فهم يتعرضون لخطط ومؤامرات مركزة تقف وراءها الدول المعادية للإسلام؛ ويعيشون واقعاً يتعرض فيه دينهم لحملة شيطنة مكثفة يقوم بها السياسيون ووسائل الإعلام وغيرهم؛ ويتعرضون باستمرار أيضاً للقيم والمفاهيم وأساليب الحياة الغربية - في المدارس، ووسائل الترفيه، ووسائل التواصل الإلكتروني، وفي الكتب التي يقرؤونها، وبين الأصدقاء وفي غيرها - ويجري الترويج والدعاية لها بشدة في المجتمعات التي يعيشون فيها. فبناء أطفالنا وإعدادهم لمواجهة هذه الضغوط الشديدة وإيجاد وسيلة للخروج من هذا الواقع المربك والمعضلات الكبيرة والتحديات التي يتعرض لها الشباب المسلم عند الثبات على معتقداتهم والتزاماتهم وهويتهم الإسلامية، يجب أن يكون هذا البناء والإعداد جزءاً لا يتجزأ من التربية والتعليم الإسلامي.
وعلاوة على ذلك، يجب أن تكون الرؤية والغاية الذي نطمح لغرسها في أطفالنا من خلال التربية والتعليم الإسلامي واضحة بشكل جلي في عقولنا ويجب أن يتم صياغتها بناء على أحكام الشرع الإسلامي. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ [البقرة: 143]
وحتى نكون "أمة وسطا" تشهد على الناس، يستوجب ذلك منا كمؤمنين ألا نعيش فقط وفق الإسلام في حياتنا الفردية، بل لا بد من الوقوف ضد الظلم بعدل الإسلام، ولا بد من الحكم بالإسلام في دولة تشكل نموذجاً تتوجه البشرية نحوها بوصفها طريقة الحياة الصحيحة والمثلى لتنظيم جميع شؤون البشر. هذه هي المنزلة والهدف في الحياة التي لا بد من تربية أبنائنا عليها.
إن العمل لتحقيق هذه الرؤية العظيمة يستوجب أكثر من مجرد نقل للمعارف والعلوم الإسلامية لأجيالنا الشابة، أو أن نكتفي فقط بالتأكد من أنهم يتعلمون كيفية تلاوة القرآن وحفظ سوره وآياته. إن ذلك يستوجب التفكير بعمق في كيفية بناء قناعة راسخة، وفهم واضح، والتزام متسق مع المعتقدات والأفكار الإسلامية بحيث تصبح أساساً لعقلياتهم وميولهم وخياراتهم وسلوكهم في جميع المسائل والقضايا. كما أنه ليس كافياً أن نقوم بغرس عدد قليل من الأخلاق الحميدة أو نغرس فيهم الالتزام بعدد محدد من الواجبات الإسلامية. بدلاً من ذلك لا بد من غرس الهوية الإسلامية الشاملة فيهم بحيث يقومون بجميع واجباتهم - سواء أكان ذلك القيام بالعبادات الفردية أم بالمسؤوليات الإسلامية تجاه عائلاتهم ومجتمعاتهم، أو تجاه أمتهم ودينهم، أو تجاه البشرية جمعاء.
ففي نهاية المطاف، يجب أن نسعى لبناء الشباب المسلم ليكون ثابتاً في حمل #الحق؛ واثقاً في المعتقدات الإسلامية ومدركاً لأهميتها وتطبيقها في الحياة الحديثة؛ ثابتاً على الدين ومحباً للخير ومبغضاً للشر كما بين شرع الله سبحانه وتعالى؛ شجاعاً عند التحدث عن الإسلام وضد الباطل والظلم، ومسلحاً بالحجج الفكرية القوية للتصدي للهجمات ضد الإسلام؛ عاقداً العزم على السعي لرفع الظلم عن الأمة؛ وراسخاً في حماسه وتصميمه على إقامة الدين من خلال إقامة #دولة_الخلافة_الراشدة على منهاج النبوة.
والطريقة التي يمكن من خلالها تحقيق هذه الرؤية لأطفالنا هو موضوع واسع ومكثف. غير أن سلسلة المقالات هذه تسعى لوضع إطار مكون من عشر نقاط أساسية، وهي المفاهيم الأساسية التي لا بد من توفرها في المدارس الإسلامية والمعلمين وأولياء الأمور وجميع العاملين في مجال التربية والتعليم الإسلامي لبناء أجيالنا الشابة بطريقة مؤثرة، وتزويدهم بأساس صلب حتى يتمكنوا من مواجهة التحديات التي سيتعرضون لها وهم يتمسكون ويدافعون ويكافحون من أجل دينهم في القرن الواحد والعشرين.
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 1 2017, 07:52 PM
مشاركة #28


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



تشكيل #التربية_الإسلامية لبناء #الشباب_المسلم لمواجهة تحديات الحياة في القرن الـ 21


1.بناء التفكير الناقد (مترجم)


=================


واحدة من أثمن الهدايا التي يمكن أن نقدمها لأطفالنا هي منحهم القدرة على #التفكير بأنفسهم عن قضايا الحياة والعالم بطريقة تجعلهم قادرين على تمييز الحق من الباطل في كل الأمور وعدم خضوعهم بسهولة في تفكيرهم وأحكامهم الصادرة لآراء المحيطين بهم.
في عالم اليوم، يمطَر الشبان #المسلمون بوابل من المعلومات حول الطريقة الليبرالية الغربية في الحياة وحول الإسلام. من جهة، يتم تعزيز النظم و #القيم الغربية واعتبارها طريقة العيش الأعدل والأكثر تحضرا التي يمكن أن تضمن لهم #السعادة و #الازدهار والنجاح، بينما من جهة أخرى، تهاجم معتقدات الإسلام، وأحكامهه وأنظمته بلا هوادة، وتتهم بكونها قمعية، ورجعية، وغير متحضرة وتؤدي إلى البؤس والسخط. في مثل هذه البيئة، لا بد من أن نبني التفكير النقدي في شبابنا حتى يمكنهم إيجاد معنى من كل هذه المعلومات وليكونوا مخولين لتمييز الحقيقة من الأكاذيب. بعد ذلك سيكونون قادرين على إصدار أحكام صلبة وصحيحة واختيار الأفكار ونمط الحياة التي يعتمدونها، وصياغة الآراء حول القضايا والأحداث العالمية والروايات المختلفة عن طرق العيش.
القرآن يوجه المؤمن مرارا للتفكير بعمق في القضايا بدلا من الاتباع الأعمى من أجل وضع استنتاجات صحيحة حول القضايا، بما في ذلك الأدلة على وجود الله سبحانه وتعالى وحقيقة الإسلام. فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الجاثية: 5]
الله سبحانه وتعالى أيضا يدين التقليد الأعمى لمعتقدات وآراء الآخرين. يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام: 116]، ويقول: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 170]
طريقة التفكير النقدي هي وسيلة لدراسة المسائل لإلقاء الأحكام السليمة القائمة على براهين واضحة ودراسة عميقة، وليس بناء على الأقوال، والادعاءات، أو الرأي المهيمن في المجتمع أو الاستنتاجات الرجعية السطحية. هذه الطريقة في التفكير لا يمكن تطويرها ببساطة فقط عن طريق نقل المعرفة الإسلامية لأطفالنا. بل يتطلب ذلك منا تشجيعهم باستمرار على السؤال والتفكير بعمق في الأفكار والادعاءات ووجهات النظر التي يتم تقديمها لهم ومن ثم يقررون ما إذا كان يقبلون أو يرفضون من خلال تقييم دقيق لسلامة الأدلة التي تستند عليها تلك الأفكار والادعاءات ووجهات النظر. وعلاوة على ذلك، اعتمادا على عمر ومستوى فهم الطفل، ينبغي عرض جوانب مختلفة من الحجة لهم وبعد ذلك ينبغي إرشادهم وتوجيههم في التفكير في صحة كل أمر من أجل التوصل إلى حقيقته.
على سبيل المثال، نظرية التطور والادعاء من قبل أنصارها بأن #الإنسان تطور خلال عملية فيها مخلوقات وكائنات أقل تعقيدا تغيرت إلى كائنات معقدة بطريقة عشوائية أساسا دون جهة توجيه، أي بدون إله. مع مثل هذه الفكرة السخيفة، ينبغي حث الطفل على السؤال حول ما إذا كان هناك أي مثال في الحياة يمكن أن نلاحظ فيه تطور بنية بسيطة إلى واحدة أكثر تعقيدا من خلال عملية عشوائية دون وجود يد توجهه؟ علاوة على ذلك، ينبغي أن يكون السؤال ما إذا كان حكما سليما الاعتقاد بأن مخلوقا واحدا "تطور" إلى آخر فقط من مراقبة أوجه التشابه في بناء الهيكل العظمي الأحفوري أو معالم جثث حيوانات في وقت لم يكن فيه أحد على قيد الحياة ليشهد مباشرة ويسجل هذا التطور. من محض التكهنات ومن المثير للسخرية الادعاء بأن طوبة يمكنها أن "تتطور" بنفسها إلى بيت مستقلةً عن أي قوة خارجية بالاستناد كدليل على أن كليهما من مواد مماثلة، على الرغم من أنه ليس لديهما أي قوة للتطور إلى أي شيء بغض النظر عن عدد ملايين السنين التي تمر وبغض النظر عن أي نوع من البيئات المختلفة التي يتعرضان لها. فكيف يمكن لمثل نظرية سخيفة بأن تكون مقبولة كدليل لنفي وجود الخالق مقابل مدى عقلانية، ومنطقية الحجة التي تقول بأن أي شيء موجود وله تصميم يحتاج إلى كائن ذكي لإيجاده وتصميمه. أو الحجة المنطقية العقلانية التي تقول بأن أي شيء محدود أو يعتمد على شيء آخر لبقائه ووجوده - كما هو الحال لكل شيء في هذا الكون - لا يمكنه خلق نفسه وبالتالي يحتاج إلى شيء ذاتي الوجود غير محدود خارج هذا الكون لإيجاده. وهذا الشيء الذي خلق الإنسان والحياة والكون هو الله سبحانه وتعالى. وليس هناك أي شيء يمكن ملاحظته في هذه الحياة يتعارض مع هذه المبادئ. وبالتالي، يجب أن يكون شبابنا قادرين على فهم أن وجود الله هو الحقيقة، استنادا إلى البراهين العقلانية القاطعة بدلا من نظرية غير قابلة للإثبات على أساس مجرد افتراض كفرضية التطور.
دعونا نأخذ مثالا آخر، مثل الادعاء بأن أي طريقة للعيش، مثل طريقة #الإسلام الذي يرفض القيم الليبرالية مثل الحريات الشخصية والجنسية هي طريقة قمعية. مع مثل هذا الاتهام، يجب أن نشجع أطفالنا على السؤال بأنه كيف سيكون السقوط حقيقياً في مجتمع يسمح لأفراده ببساطة باتباع رغباتهم وفعل ما يشتهون، إلى جانب مفهوم المساءلة أمام الخالق والعيش وفقا لأحكامه وشريعته. فهل سيولد النوع الأول من المجتمع احتراما للمرأة، أو حماية لتناغم الحياة الأسرية، أو ضمانا لحقوق الأطفال؟ الإجابة هي لا، والدليل على ذلك المشاكل والجرائم الاجتماعية العديدة التي تعاني منها المجتمعات الليبرالية اليوم، والتي تسببت بشعور الكثيرين بالظلم. في المقابل، فإن المجتمع الذي تحكمه قوانين الخالق سيشبع فيه الأفراد غرائزهم ولكن بطريقة تعود بالنفع على سلامة وانسجام الجميع، وفقط من شأن الخالق الذي خلق البشر أن يعرف كيفية تحقيق ذلك.
وبالتالي، ينبغي تشجيع أطفالنا على توظيف طريقة التفكير النقدية هذه لجميع المسائل - سواء أكانت تتعلق بمعتقداتهم الإسلامية، وأفكار الأمم الأخرى، أم الأحداث السياسية في العالم. فمثلا، عندما يتم تعريض الشباب المسلم لأسباب وحلول المشاكل السياسية، فإنه لا بد من هدايتهم إلى تقييم حقيقة هذه المزاعم. فعلى سبيل المثال، عندما يواجه الشباب السرد العلماني المهيمن والحجة بأن معظم الحروب سببها الدين أو التطرف الإسلامي، نحن هنا يجب أن ندفعهم إلى دراسة المصادر الحقيقية التي أدت لعدم الاستقرار الحالي والصراعات في العالم بدلا من مجرد قبول هذه الادعاءات دون سؤال. عندما يفعلون ذلك، سيدركون بإذن الله بأن معظم الحروب وأعمال (الإرهاب) يكون سببها صراعات على السلطة والثروة، أو الغضب المثار من قبل الاحتلال واستعمار الأراضي من قبل الحكومات التي تسعى للموارد، والكسب المادي، والنفوذ السياسي في العالم وليس أي عقيدة دينية أو معتقدات سياسية إسلامية. أو عندما يقال لأبنائنا بأن الحل لوقف إراقة الدماء في #سوريا، و #فلسطين، أو #كشمير هو عن طريق الأمم المتحدة، فإنه ينبغي إرشادهم إلى السؤال عن أصل #الأمم_المتحدة، والمصالح التي تخدمها حقا، وما هي نسبة نجاح المجتمع الدولي فيما يتعلق بحماية أرواح المسلمين وحقوقهم. وفي أعقاب ذلك، ينبغي عرض وجهة النظر الإسلامية وحلولها لهذه المشاكل، بحيث يصبحون قادرين على الفهم بوضوح بأن وجهة النظر هذه فقط يمكنها تقديم إجابات ذات مصداقية لهذه القضايا - على سبيل المثال، فقط دولة تخدم بإخلاص مصالح الإسلام و #الأمة: #دولة_الخلافة على منهاج النبوة لديها القدرة والإرادة السياسية لحشد جيشها لتحرير البلاد الإسلامية المحتلة وحماية أرواح المظلومين.
بناء طريقة التفكير النقدي في أبنائنا يتطلب منهم أيضا فهم قدرات وحدود العقل البشري. فيجب عليهم أن يدركوا قدرة وحصة الإنسان من المنطق البشري ومتى يمكن استخدامه عند التفكير في بعض الأمور ومتى لا يمكن بسبب القيود الفطرية فيه. وهذا سيضمن تطبيقهم التفكير بشكل مناسب على القضايا. على سبيل المثال، فإن العقل البشري ينبغي أن يستخدم لتحديد حقيقة ما إذا كان هناك وجود للخالق أو إذا كان القرآن هو كلام الله أو ما هو نوع النظام الأفضل لحكم الناس أو الحقيقة وراء الأحداث السياسية، وما إلى ذلك. وهذا لأنه لديه القدرة على فحص الحقائق والأدلة المطلوبة لإيجاد استنتاجات لهذه القضايا. وهذا هو ما يسمى بعقل المعرفة لأنه من المنطق البشري.
بينما عند اتخاذ قرار بالحكم على عمل ما بكونه عملاً جيداً أو سيئاً، أو على قانون بكونه عادلاً أو
جائراً، أو إذا كان هناك حياة بعد الموت، فإن العقل البشري لا يملك القدرة الفطرية لإصدار أحكام على هذه الأشياء بشكل مباشر وموضوعي. وذلك لأنه من تلقاء نفسه لا يستطيع الوصول إلى هذه الحقائق والبراهين ذات الصلة المطلوبة لإصدار استنتاجات سليمة حول هذه الأمور. وبالتالي فإن أي رأي سيصوغه سيكون شخصياً أو على أساس التخمين. شبابنا بحاجة إلى فهم أنه لإثبات الحق في هذه القضايا، فإنهم بحاجة إلى الرجوع إلى الأدلة التي تنتقل من مصدر ثبتت سلامة وصحة أصوله، دون أدنى شك بالاستخدام الصحيح للمنطق البشري. هذا المصدر هو القرآن الكريم - وهو ممن لديه كل #العلم و #المعرفة بهذه المسائل لأنه خلق للإنسان وجميع المخلوقات، وبالتالي فهو يعلم تماما طبيعته وما هو الخير والشر بالنسبة له. وهذا ما يسمى بالنقل أو نقل المعرفة لأن هذه المعلومات يتم نقلها من مصدر موثوق.
رعاية طريقة التفكير النقدي لدى الشباب المسلم من خلال تشجيعهم وإرشادهم إلى إصدار الأحكام على أساس براهين قوية واضحة والأدلة المناسبة هو خطوة أساسية في بناء القناعة في الأفكار والآراء الإسلامية وترسيخ العقلية الإسلامية إلى جانب السلوك الإسلامي التي تشكل الشخصية الإسلامية. وهذه هي الطريقة لبناء أبنائنا لئلا يصبحوا أولئك الذين لديهم مجرد معلومات إسلامية وإنما أولئك الذين يتبنون المفاهيم الإسلامية باعتبارها ملكا لهم، فضلا عن أولئك المفكرين المستقلين الذين يبحثون باستمرار عن الحقيقة، بدلا من الاتباع الأعمى للآخرين. وهذا هو السبيل إلى خلق شباب مسلم ليس لديه شكوك في الأفكار والآراء الإسلامية وبالتالي واثق في دينه والأحكام التي يصدرها على الواقع.
إذا لم يتم بناء هذا المدخل المهم لدراسة وتقييم المعلومات، فإن الأفكار والمعارف الإسلامية قد تكون مجرد واحدة من العديد من مصادر المعلومات في ذهن الطفل، وربما لن تؤثر على وجهة نظره تجاه القضايا أو السلوك في الحياة. علاوة على ذلك، فإن بناء الطريقة الصحيحة للتفكير في أبناء المسلمين ينبغي أن يشمل دائما توجيههم للتفكير في التطبيق الصحيح لمفاهيم الحياة بحيث لا يبقى الفكر الإسلامي كموضوع أكاديمي في أذهانهم بل مطبقا في حياتهم.
﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29]

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتورة نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 1 2017, 07:55 PM
مشاركة #29


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



#المبدأ الذي يجب أن يُتبع في تحديد #السلوك الجيد والسلوك السيئ هو #الإسلام


=========================


الاختلاف بين #الوالدين
يختلف كثير من الآباء على تحديد السلوك المرغوب فيه الذي يجب على الأولاد الالتزام به أو تحديد السلوك غير المرغوب فيه الذي يجب على الأولاد البعد عنه. وينطلقون في اختلافاتهم هذه من منطلقات عدة منها العادات والتقاليد و #الرأي_العام السائد، والأنظمة و #القوانين المعمول بها، وقد ينطلقون من خلال نظرتهم للحياة وتفسيرهم للخير والشر فيحكمون على الأشياء والأفعال خيرًا أو شرًّا من خلال حبهم أو كراهيتهم لهذه الأشياء والأفعال، فما يحبونه يصفونه بالخير وما يكرهونه يصفونه بالشر.
أو قد ينطلقون في أحكامهم من خلال النفع والضرر الذي يصيبهم، فإذا عاد عليهم الشيء أو الفعل بالفائدة حكموا عليه بالحسن والصلاح وإذا عاد عليهم بالضرر وصفوه بالقبح والسوء. ومثل هذه الأحكام عرضة للاختلاف والتناقض والتفاوت والتأثر بالبيئة والظروف.
أثر هذه الخلافات: ومثل هذه الخلافات بين الآباء والأمهات تؤثر على الأولاد سلبا، فمن الظلم أن يعاقَب الطفل ويثاب على نفس السلوك. عندما تقول الأم شيئا ويقول الأب شيئا آخر ينزعج الطفل لأنه بحاجة إلى أن ينال الاستحسان من كليهما، وإذا حاول الانفصال عن أحدهما للاقتراب من الآخر لإرضائه شعر بالضياع والاضطراب لابتعاده عن أحد والديه.
الخروج من دائرة الاختلاف: من أجل ذلك لا بد أن يكون هناك مرجع واحد يرجع إليه الآباء في إصدار أحكامهم وتقييمهم للسلوك، وهذا المرجع هو #القرآن_والسنة، فما اعتبره الإسلام سلوكا سيئا وجب على الوالدين اعتباره كذلك، وما اعتبره سلوكا جيدا وجب على الوالدين اعتباره كذلك، فالإسلام هو المحك الذي نرجع إليه في تقييمنا للسلوك. إذ لا يمكن تفجير طاقات أبنائنا إلا باستخدام النظام الذي وضعه الخالق لنا.
السلوك تفاعل بين المفاهيم والميول
إن السلوك نتاج تفاعل بين المفاهيم والميول، فإذا أحسن الوالدان إصلاح المفاهيم والميول أصلحا السلوك حتما، فبدلاً من إصلاح هذا السلوك أو ذاك أصلح ما وراء السلوك من مفاهيم وميول، وقبل أن تصلح مفاهيم ابنك وميوله أصلح مفاهيمك وميولك لأنك قدوة لابنك وما يراه فيك يتشربه.
أما المفاهيم فهي الأفكار التي لها واقع مدرك في الذهن ولهذا يؤمن بها الإنسان ويصدقها وتؤثر في سلوكه، أما الميول فتأتي نتيجة لربط الدوافع بالمفاهيم، مثل المشاجرات التي تحدث بين الأولاد فسب المسلم لأخيه المسلم فسوق وهو حرام لقوله ﷺ
«سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» فإذا ما تعلم الابن أن مشاجراته مع زملائه وسبه لهم حرام تكون لديه مفهوم.
أما الميل نحو كراهية الشجار فيتكون من ربط المفهوم بالدافع، يوجد لدى الأولاد دوافع متعددة منها دافع القوة أو دافع الشجاعة، فيربط بين المفهوم حرمة المشاجرات وبين دافع القوة أن القوة ليست في استعراض العضلات أمام الأصحاب والأصدقاء وإنما القوة هي في امتلاك النفس عند الغضب وعدم السماح لها بالانفلات والقيام بعمل محرم فيه اعتداء وظلم على الآخرين لقول الرسول ﷺ
«لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ».
صدور المفاهيم والميول عن قاعدة واحدة: وهنا يجب الانتباه إلى أن تصدر مفاهيمنا وميولنا عن قاعدة واحدة، حتى تتكون لدينا شخصية متميزة، يدرك #الأطفال كيفية التعامل معها، فإذا كانت المفاهيم والميول تصدر من الإسلام كانت الشخصية شخصية إسلامية مميزة؛ ترى هذا السلوك حلالا فتحبه وترى هذا السلوك حراما فتكرهه. لماذا؟ لأنها اتخذت الإسلام مصدرا للحكم على السلوك بالحلال والحرام، كما اتخذت الإسلام مصدرا لنوع المشاعر كالحب والكراهية، فما أمر به الإسلام يجب أن تفعله، حتى لو كرهته أو أصابك ضرر منه. قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216].
وما حرمه الإسلام يجب أن تتركه حتى لو كان فيه بعض الفائدة. قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا﴾ [البقرة: 219].
ولهذا يجب التحكم بالميول وتوجيهها الاتجاه الصحيح المنضبط بأحكام الإسلام، قال رسول الله ﷺ
: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» (رواه أبو نعيم ونصر بن إبراهيم المقدسي وصححاه كما صححه النووي)؛ ومن هنا وجب على الوالدين أن تكون أفكارهما ومشاعرهما ومفاهيمهما وميولهما صادرة عن الإسلام وأحكامه حتى يعرف الطفل ما الذي يرضيهما وما الذي يغضبهما فيحسن التعامل معهما.
أما إذا كانت مفاهيم الوالدين في وادٍ وميولهما في وادٍ آخر كانت شخصيتهما لا لون لها ولا طعم، شخصية مائعة متخبطة، وهذا ينعكس بدوره على الأبناء فيتخبطون في التعامل مع الوالدين، وستكون معرفتهم بردود أفعال آبائهم غامضة فتصيبهم الحيرة والاضطراب. أما إذا عرفوا أن الإسلام هو مصدر أحكامهم ومشاعرهم فعند ذلك يؤمنون بصحة القواعد السلوكية التي يضعها الوالدان، ويثقون بها فيحرصون على الالتزام بها وعدم الاعتراض عليها.


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نجاح السباتين – ولاية #الأردن
Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 2 2017, 08:06 PM
مشاركة #30


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



تعليم #المرأة_المسلمة والخروج من عنق الزجاجة...
(#المسلمة و #التعليم 2)
ضمن حملة: الخلافة والتعليم إحياء العصر الذهبي


==============


مع انتهاء #الحكم الإسلامي وسقوط #دولة_الخلافة، بدأت دعوات #التغريب والتخريب تظهر في بلاد المسلمين على لسان الناعقين الذين انضبعوا بالغرب. فلم يتركوا جحراً إلا ودخلوه خلفه، وغردوا كما الببغاء بكل نشاز يدعون لتحرير المرأة ويطالبون بحقوقها، مقتفين أثر الحركات النسوية في الغرب. متعامين عن المكانة التي احتلتها #المرأة في الإسلام. ظهرت الأصوات المطالبة بتعليم المرأة، وضرورة مخالطتها للرجال وعدم فصلها عن المجتمع، فنادى خلفهم أذنابُهم. وساد اللغط في مسألة تعليم المرأة بين من يحرم خروج المرأة وظهورها للرجال كلياً بحجة تحريم الاختلاط، وبين من يؤيده وقد فتنه بريق الانفتاح الغربي وغاب عنه #التاريخ المشرق للعالمات المسلمات.
والعجيب أن كلا الطرفين، من سمح بالاختلاط لأجل تعليم النساء، ومن حرم خروج المرأة، أجحف بحق المرأة ووقع في الفتنة، وصُرف نظره عن أساس المشكل، فغُضَّ طرفه عن الحل الشرعي الصحيح. فليست مسألة تعليم المرأة مسألة مستحدثة، ولا هي جديدة في ديننا، بل إن الإسلام جاء بكل أحكامه للبشر جميعاً رجالاً ونساء، يحمل إليهم الهدي والهدى، والنور والإيمان، جاء ليخرجهم من الظلمات ويرفع عنهم الجهل والعصيان. وكلُّ مسلم يقرأ قول الله سبحانه: ﴿قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [الزمر: 9]. بل إن رسول الله ﷺ قد أمر الشفاء بنت عبد الله القرشية وقد كانت قارئة وكاتبة، وكانت تعلم نساء المسلمين، فقال لها: "علمي حفصة رقية النملة كما علمتيها الكتابة"، وتقديراً لعلمها ومكانتها فقد حرص الخلفاء على استشارتها والأخذ برأيها، وكان عمر يقدمها في #الرأي.
وقد نهلت النساء #المسلمات في الصدر الأول من الإسلام من النبع الصافي حيث ظهر منهن النابغات في مختلف العلوم والفنون، وبرز من النساء المفسرات والفقيهات وراويات الشعر والأخبار وعالمات الأنساب، وأسهمت المرأة في نقل الأحكام إلينا عن طريق السند حيث كان منهن النساء الثقات المحدثات، ولا سيما ما يخص أحكام النساء والبيوت، وكان جل الصحابة والخلفاء رضي الله عنهم يرجعون إلى أمهات المؤمنين، وعلى رأسهن عائشة وحفصة وأم سلمة - رضىي الله عنهن - يستفتوتهن عما خفي عليهم من أحكام دينهم أو غاب. وقد ألف الزركشي كتاباً قائماً برأسه، قصره على الأمور التي استدركتها عائشة رضي الله عنها على أعلام الصحابة. وقد بلغها يوماً أن عبد الله بن عمرو بن العاص يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، فقالت: "يا عجباً لابن عمرو؛ يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن؟!... لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد وما أزيد أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات".
كما روى البخاري أن النساء قلن للنبي ﷺ: "غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك". فعيّن لهن يوما يلقاهن فيه ويعلمهن. وهو ما يفسر كثرة أعداد راويات الحديث النبوي، اللاتي أفرد لهن محمد بن سعد، في كتابه الطبقات الكبير جزءًا خاصًا حيث بلغ عددهن أكثر من سبعمائة راوية. كما ترجم ابن حجر حياة (1543) محدِّثة، وقال عنهن إنهن كن ثقات عالمات، بل لقد خصص السخاوي مؤلفاً كاملاً من قاموس سيرته الذاتية بعنوان "الضوء اللامع" مكون من 12 مؤلفاً، للعلماء من الإناث، وذكر معلومات عن 1075 عالمة وباحثة.
لقد كان هذا الاهتمام بتعليم المرأة، واهتمامها هي بطلب العلم وتعليمه ونفع الناس به، أن دولة الإسلام قد ركزت على تعليم الناس أمور دينهم ودنياهم، وكانت دولة رعاية بحق ترعى الناس وتسوسهم وقد أيقن الخلفاء أنهم عن رعيتهم سيُسألون. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال "كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما يعلم المعلم الغلمان في الكُتَّاب". ويروي الإمام مالك رحمه الله في الموطأ عن عبد الرحمن بن عبد القاري "أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: قولوا التحيات لله..." ووصل اهتمام عمر بن الخطاب بتعليم رعيته كل ما يحتاجون إليه في حياتهم أنه كان يعلم المرأة كيف تعد طعام بيتها، فقد روي عن حزام بن هشام عن أبيه قال: "رأيت عمر بن الخطاب عام الرمادة مر على امرأة وهي تعصد عصيدة لها، فقال: ليس هكذا تعصدين، ثم أخذ المسوط (ما يخلط به كالملعقة) فقال: هكذا، فأراها، وكان يقول: لا تذرن إحداكن الدقيق حتى يسخن الماء بل تذره قليلا وتسوطه بمسوطها فإنه أريع له وأحرى ألا يتقرد، أي يتجمع ويركب بعضه بعضا".
وهذا كله في بيئة إسلامية تؤاخي بين الرجال والنساء فتجعل المرأة شقيقة الرجل، وتجعل أساس العلاقة بينهم: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة 71]. في نظام إسلامي، من عند خبير لطيف، فرض نظاماً عادلاً كفيلاً بإحقاق الحق وإزهاق الباطل، فكفل بمنظومته التشريعية وأحكامه السامية تعليم المرأة، وعفة المجتمع. فأحكام اللباس الشرعي للمرأة وغض البصر، وتحريم الخلوة والاختلاط والخضوع والتبرج... كلها جاءت لمعالجة النظام الاجتماعي في المجتمع المسلم وضبط علاقة الرجل بالمرأة وفق أصول شرعية، كما تقوم الدولة الإسلامية على رعاية حسِّ المجتمع وفكره فتمنع انتشار الدعوات المشبوهة والمفاهيم الهدَّامة التي تحصر العلاقة بين الرجال والنساء بغريزة النوع ومظهر الميل للآخر، وتحرص كل الحرص على إيجاد الثقافة الإسلامية الصحيحة في المجتمع، بحيث يربي الأجيال عبر مختلف الوسائل وعلى كافة الأصعدة على الحياء والتقوى وغض البصر والغيرة على المحارم وأعراض المسلمين. وفي هذا الجو الإيماني تتلقى المرأة العلمَ عن محارمها من الرجال، أو نساء مثلها أو رجال بحيث يعلم رجلٌ مسلمٌ جماعة من النساء، ولا تخالط النساء الرجال من طلبة العلم. ويكون المعلم رجلاً ذا ثقة مستأمناً على نساء المسلمين. ورد في الحلية لأبي نعيم قصة تزويج سعيد بن المسيب ابنته رباب لأبي وداعة، وقد ذُكر في القصة أنه لما أراد زوجها الخروج من البيت ذات يوم قالت أين تذهب فقال: إلى مجلس سعيد يعني أبوها لكي أتعلم العلم فقالت (اجلس أعلمك علم سعيد) قال فجلست (فوجدت عندها ما عند سعيد من العلم).
"فصل الرجال عن النساء عامة أمر ثابت بالنصوص الشرعية في القرآن والسنة، وهذا الفصل جاء عاماً، لا فرق في ذلك بين الحياة الخاصة، والحياة العامة. ولا يستثنى من ذلك إلا ما جاء الشارع بجواز الاجتماع فيه سواء في الحياة الخاصة، أو في الحياة العامة. وقد أجاز الشارع للمرأة البيع والشراء وأوجب عليها الحج ومحاسبة الحكام، وأجاز لها تمثيل غيرها وحضور صلاة الجماعة إلى غير ذلك فلم يعزلها عن المجتمع. فهذه الأفعال التي أجازها الشارع للمرأة، أو أوجبها عليها ينظر فيها فإن كان القيام بها يقتضي الاجتماع بالرجل جاز حينئذ الاجتماع في حدود أحكام الشرع، وفي حدود العمل الذي أجازه لها، وذلك كالبيع والشراء والإجارة والتعلم والتطبيب والتمريض والزراعة والصناعة وما شابه ذلك. لأن دليل إباحتها أو إيجابها يشمل إباحة الاجتماع لأجلها، وأما إن كان القيام بها لا يقتضي الاجتماع بالرجل سواء كان الاجتماع مع وجود الانفصال كما في المسجد، أو كان مع وجود الاختلاط كما في مشاعر الحج والبيع والشراء فهذا الاجتماع غير جائز". (مقتبس بتصرف من كتاب #النظام_الاجتماعي في الإسلام للشيخ تقي الدين النبهاني).
فالإسلام لم يحرم اجتماع المرأة بالرجل للتعليم، بل أجازه في حدوده وضوابطه، فهذا رسول الله يعلم النساء بنفسه في يوم أسبوعي رتيب، وقد درس ابن عساكر نفسه على يد 80 معلمة مختلفة في عصره، ويروي ابن سعد في طبقاته أن الشفاء بنت عبد الله العدوية رأت فتياناً يقصدون في المشي ويتكلمون رويداً فقالت: ما هذا؟ قالوا: نُسَّاك. فقالت: كان والله عمر إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع هو والله الناسِك حقاً.
وهذه كريمة المروزية أو "أم الكرام" كما سمَّاها علماء عصرها، ممن رووا صحيح البخاري، قال عنها الحافظ الذهبي: "كانت إذا روت قابلت بأصلها، ولها فهم ومعرفة مع الخير والتعبد، روت الصحيح مرات كثيرة..." وممن أخذ الصحيح عنها أبو الغنائم النرسي وقد فصل كيفية الأخذ عنها، فقال: "أخرجت كريمة إلي النسخة بالصحيح، فقعدت بحذائها - أي إزائها أو قبالتها كما في المعجم الوسيط تحت مادة حذا -، وكتبت سبع أوراق، وقرأتها، وكنت أريد أن أعارض وحدي، فقالت: لا حتى تعارض معي، فعارضت معها. قال: وقرأت عليها من حديث زاهر". [السير للذهبي 18/234] بهذه الأحكام الغراء، وبوجود دولة للمسلمين تطبقها،
ارتفعت مكانة المرأة العلمية فاستفادت وأفادت، وكانت علماً في الهدى والمعرفة. بل كانت للمرأة في ظل الخلافة الأوقاف والمدارس والمساجد يبنينها من أموالهن الخاصة ويقمن على رعايتها. مثل فاطمة الفهري التي قامت بتأسيس جامعة القرويين عام 859م. واستمر ذلك حتى الأسرة الأيوبية في القرن الثاني عشر، عندما تم تأسيس 160 مسجداً، ومدرسة في دمشق، وأسست النساء 26 منهم من خلال نظام الوقف. وكان نصف المسؤولين عن هذه المؤسسات أيضًا من النساء. وفي ظل الخلافة العثمانية أنشأت "بَزْم عَالم سلطان" زوجة السلطان "محمود الثاني" ووالدة السلطان "عبد المجيد اﻷول" مؤسسات خيرية كثيرة منها مشفى عام 1843م وجامع بجوار المشفى عام 1845م، وجامع آخر فيه مكتبة، بالإضافة إلى المدرسة المعروفة الآن باسم مدرسة "إسطنبول الثانوية للبنات" وذلك عام 1850م، وتبرعت لها بأربع مئة وواحد وثلاثين كتابًا.
لقد رفع الإسلام منزلة المرأة الأدبية، فأنقذها من الحضيض وبوأها الأوج. فبقيت في سماء المجتمع الإسلامي بمكانة مقدسة تتطاول إليها الأنظار بالرحمة والرعاية. وإذا أردنا استعادة هذه المكانة، فإنه لا يمكننا تصور المرأة المسلمة تتعلم تعليماً حقاً يخلق منها شخصية مسلمة رفيعة القدر، بغير تصور نظام إسلامي يُطبق بشكل كامل. إن فهم نجاح المرأة في طلب العلم يجب أن يكون في ضوء الأحكام الشرعية كمنظومة متكاملة جاءت من عند الله الخبير اللطيف، لرعاية شؤون البشر وإرشادهم. فلا يتأتى إسقاط النظرة الغربية للمرأة على المسألة ومحاولة التوفيق، ولا يتأتى لنا أن ننظر للمسألة بعين الواقع، كما لا يمكن أن نفهم حقيقة المسألة دون تصور كامل للحياة الإسلامية في ظل نظام إسلامي يطبق الإسلام لرعاية الشؤون كما أمر الله عز وجل.
وهذا لا يكون إلا بالعمل الجاد المخلص لاستئناف الحياة الإسلامية، وإزالة كل دخيل على ديننا من أفكار ومفاهيم وقوانين ومواثيق واتفاقيات غربية، تؤطر لوضع المرأة في ظل نظام وضعي، وتفرض عليها مخالفة شريعة الله لتنال العلم، فتخيرها بين معصية الله ومعصيته! وتفنيد كل السموم التي تمرر من خلال المناهج العلمانية التي فرضت على مدارسنا وجامعاتنا، ووسائل الإعلام والتواصل والندوات والجمعيات التي ترعاها دول الغرب، لنبرئ ذمتنا أمام الله سبحانه، ويكون عملنا شفيعاً لنا يوم القيامة حين نُسأل عمَّا فعلنا تجاه أخواتنا وبناتنا المسلمات.
﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 105]

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بيان جمال

Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 2 2017, 08:09 PM
مشاركة #31


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



#التميز التعليمي و #حقوق_المرأة في ظل #الخلافة_على_منهاج_النبوة
(مترجم)


===============


على مدى عقود، نسج العلمانيون شبكة من الأكاذيب حول موضوع حقوق #التعليم ووضع الفتيات و#النساء تحت الحكم الإسلامي. واستخدم الباحثون مخادعة النسبة العالية للأمية وقلة فرص الحصول على التعليم في ظل الأنظمة العلمانية أو شبه الإسلامية في العالم الإسلامي على مدى العقود القليلة الماضية لاتهام الإسلام بحرمان النساء من التعليم الجيد. وكان هدفهم هو نشر الخوف من عودة الحكم الإسلامي تحت ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة. ومع ذلك، فإن الحقيقة عن الوضع التعليمي للمرأة تحت حكم هذا #النظام الإسلامي المجيد بعيدة كل البعد عن الاتهامات والأكاذيب #العلمانية الزائفة.
في الواقع، جلب ظهور #الإسلام وجهة نظر متميزة للعالم نحو السعي للمعرفة والتعليم. فالتعلم والتعليم يتشابكان بشكل وثيق مع الدين وينظر إليهما على أنهما تقرب إلى الله، وبالتالي وسيلة للحصول على أجر كبير في الآخرة. قال النبي ﷺ: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» (رواه مسلم)
لذا جعل الإسلام اكتساب المعرفة في منزلة عالية، تصنف على أنها عمل من أعمال العبادة، وجعلها مقياسا لتحديد رتبة الأفراد، وبالتالي رفع مكانة العلماء. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَرْفَعُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ دَرَجَـٰتٍ﴾ [المجادلة: 11]، ويقول النبي ﷺ: «وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» (رواه قيس بن كثير)
دين الإسلام أوجب السعي لطلب العلم الشرعي على الرجال والنساء على حد سواء كما يقول النبي ﷺ: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (رواه ابن ماجه)
بالإضافة إلى ذلك، شجع الإسلام الرجال والنساء على دراسة #العالم من حولهم لكسب المزيد من التقدير لخالقهم، وكذلك للاستغلال الفعال لجميع ما خلق الله سبحانه وتعالى وسخر لخدمة الإنسان في هذه الدنيا، من أجل تحقيق المنفعة للبشرية في كافة المجالات - بما في ذلك العلوم والطب والصناعة والتكنولوجيا. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 146]، ويقول سبحانه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 13]
كل هذا أوجد لدى المسلمين تعطشا لجميع أشكال #المعرفة وتحفيز الرجال والنساء على حد سواء لمواصلة التعليم والبحث العلمي في مختلف المجالات، وليصبحوا معلمين للآخرين. كما شكل أساس الخلافة إعطاءها منزلة عالية للتعليم للرجال والنساء، ويعكس ذلك في الاستثمار المكثف في بناء المدارس والكليات والمدارس الدينية والجامعات والمكتبات والمراصد، وكذلك في مجال تدريب المعلمين خلال عصور الحكم الإسلامي - كل ذلك لضمان وصول واسع النطاق في التعليم لرعاياها. تم تأسيس العديد من دور #العلم في القرن التاسع والقرن العاشر الميلادي في المنطقتين الشرقية والغربية من الدولة. الخليفة هارون الرشيد، أحد حكام العصر العباسي المبكر أمر بإرفاق مدرسة بكل مسجد. وأنشأ الوزير نظام الملك في القرن الحادي عشر الميلادي نظام مدارس التعليم العالي في جميع أنحاء العالم الإسلامي، بما في ذلك مدنا مثل بغداد والموصل والبصرة، وهيرات. والخليفة نور الدين في القرن الثاني عشر الميلادي اتبع خطاه من خلال تأسيس العديد من هذه المعاهد في دمشق وغيرها من المدن الكبيرة. وكان في قرطبة وحدها 70 مكتبة. ارتفع عدد الكتاب (المعلمين) في العالم الإسلامي بسرعة حتى أصبح لكل قرية تقريبا كتاب خاص بها. وعند نقطة معينة خلال #الحكم الإسلامي، كان هناك 73 كلية في دمشق، و41 كلية في القدس، و40 كلية في بغداد و14 كلية في حلب، و13 كلية في طرابلس و74 كلية في القاهرة بالإضافة إلى العديد من المؤسسات في المدن الأخرى، وكلها توفر التعليم المجاني لعشرات الآلاف من #التلاميذ.
إلى جانب ذلك، تم تأسيس مجموعة من الجامعات المرموقة المعروفة عالميا بالتميز الأكاديمي في جميع أنحاء الدولة وأصبحت مركزا لتعليم النخبة الفكرية في العالم ومؤسسات يتوافد إليها الطلاب من مختلف أنحاء العالم. وشملت جامعة القرويين في المغرب التي بنيت في عام 859م، وجامعة الأزهر في مصر التي أنشئت عام 970م، وجامعة المستنصرية في بغداد التي تأسست عام 1227م، وجامعة سانكور في تمبكتو مالي التي شيدت في القرن الـ14 الميلادي، وجامعة اسطنبول في تركيا التي أنشئت في القرن الـ15 الميلادي.
فإنه ليس من المستغرب إذن أنه في هذا الجو من التعلم والدراسة المفروض من قبل النظام الإسلامي في دولة الخلافة، ازدهار تعليم المرأة أيضا. وكان النبي ﷺ نفسه يعين الأسبقية لأهمية تعليم الفتيات والنساء من خلال أقواله وأفعاله. يقول ﷺ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها "نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ" (رواه مسلم)
وكان ﷺ يعلم كلاًّ من الرجال والنساء عن الإسلام في المسجد والتجمعات العامة الأخرى، ولكنه أيضا كان يقوم بتخصيص أوقات خاصة لتعليم النساء على وجه الخصوص، والإجابة عن أسئلتهن. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،‏ قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ ﷺ غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ‏.‏ «فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ» (رواه البخاري)
وتنعكس نظرة النبي ﷺ لأهمية تعليم الإناث في علم العديد من زوجاته، والصحابيات وغيرهن من النساء خلال فترة حكمه في المدينة المنورة. زوجته عائشة رضي الله عنها على سبيل المثال، حصلت على لقب "فقيهة الأمة" وذلك بسبب معرفتها بالحديث ومهارتها في الفقه الإسلامي. حيث روت أكثر من 2200 حديث عن النبي ﷺ. ويقال إن أبا هريرة وابن عمر وأنس (رضي الله عنهم) فقط من رووا أكثر منها. العلامة ابن حجر يكتب: "ربع أوامر النبي ﷺ رويت من قبلها". أبرز الصحابة كانوا يلجؤون إليها للإجابة على أسئلتهم الدينية. وقال الفقيه الإسلامي الكبير والصحابي أبو موسى الأشعري رضي الله عنه "ما أشكل علينا - أصحابَ مُحَمَّدٍ ﷺ - حديثٌ قطُّ فسألنا عائشةَ إلا وجدنا عندها منه علمًا". عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان (رضي الله عنهما) كخلفاء كانا أيضا يرجعان إلى عائشة (رضي الله عنها) للرد على أسئلة معينة حول الحديث والفقه. ولكن كان لديها أيضا علم كبير في مجالات أخرى من مجالات المعرفة، بما في ذلك الطب والشعر والأدب وتاريخ #العرب. قال الصحابي عروة بن الزبير (رضي الله عنه) عنها: "ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة".
برعت زوجات أخريات للنبي ﷺ مثل أم سلمة، وحفصة، وأم حبيبة وميمونة أيضا في التعلم، فكن على علم واسع بالحديث وإصدار الفتاوى، ومثلهن العديد من الصحابيات مثل أسماء بنت أبي بكر، وأم عطية، وأم شريك، وفاطمة بنت قيس رضي الله عنهن. وبرعت أخريات في الشعر، مثل الخنساء بنت عمرو، وهند بنت عتبة، وعاتكة، وأم أيمن وصفية بنت عبد المطلب بن هاشم. وضع النبي ﷺ أيضا أهمية على محو الأمية بين الإناث، ينعكس ذلك في تعليماته إلى الشفاء بنت عبد الله بتعليم الكتابة لزوجته حفصة.
تلت الخلافة تعاليم ومثال النبي ﷺ من خلال تبني هذا الرأي الإسلامي بأهمية تعليم المرأة. وكانت الفتيات والنساء قادرات على الحصول على التعليم في المنزل أو في المدارس والمساجد والكليات وغيرها من المؤسسات من المعلمين والمعلمات على حد سواء. محمد أكرم الندوي، وهو باحث هندي في العصر الحديث الذي أجرى دراسة موسعة على العلماء الإناث في الإسلام في التاريخ الإسلامي، حيث يروي أنه في كل مدينة استقر فيها المسلمون تحصل النساء على المعرفة من العلماء في مناطقهم. حيث حضرت النساء بانتظام للمدارس والمساجد الشهيرة كما ثبت من سجلات حضور تضمنت مساجد مرموقة كالمسجد الأموي والجامع المظفري في #دمشق، والمدرسة العمرية، ودار الحديث النورية أيضا في سوريا. كما قدمت جامعة الأزهر المرموقة في #القاهرة وصولا خاصا للمرأة كطالبات ومحاضرات - وهو حق حصلت عليه النساء في الغرب في الجامعات بعدهم بقرون عديدة. تم إنشاء بعض المدارس خصيصا لتعليم الفتيات. كان أولها مدرسة جامع القرويين الإسلامية التي بنيت في 245 هجرية (859م) في المغرب الأقصى. واستطاعت #المرأة أيضا السفر على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم الإسلامي لطلب العلم، دون عوائق من قبل الحدود #الوطنية التي لم تكن موجودة في ظل #دولة_الخلافة التي وحدت جميع أراضيها في دولة واحدة.
ونتيجة لذلك، ظهر الآلاف من العلماء الإناث في تاريخ هذه الدولة المجيدة التي طبقت قوانين#الشريعة الإسلامية.
"محمد أكرم (الداعية الإسلامي الهندي المعاصر) بدأ قبل ثماني سنوات بالعمل على مجلد واحد كقاموس للسير الذاتية لعالمات الحديث الإناث، وهو المشروع الذي تطلب منه الغوص في معاجم السير، والنصوص الكلاسيكية، وسجلات المدرسة ورسائل لاستشهادات ذات صلة. "اعتقدت أن أجد ربما 20 أو 30 امرأة"، كما يقول. إلا أنه عثر حتى الآن على 8000 منهم، يعود تاريخهم إلى 1400 سنة، ومعجمه يملأ الآن 40 مجلدا..." مقتطف من "التاريخ السري" الذي نشرته كارلا باور في مجلة نيويورك تايمز، بتاريخ 25 شباط/فبراير 2007.
وصلت تلك العالمات إلى مستوى عال في جميع مجالات المعرفة في الدين وأصبحن فقيهات شهيرات، يصدرن الأحكام الإسلامية، ويفسرن القرآن، وينقلن وينقدن الحديث، وحتى يطعنَّ في أحكام القضاة. العديد منهن كتبن الكتب في مختلف مجالات العلوم الإسلامية، التي تتكون أحيانا من 10 مجلدات أو أكثر. كما أنهن درسن بشكل روتيني في المنازل والمدارس وفي المساجد والكليات الرئيسية في مدنهم - لكل من الطلاب والطالبات. تم تمويل بعض الكليات مثل المدرسة السكلاتونية في القاهرة وتزويدها بالموظفات بالكامل من قبل النساء. روث روديد، أستاذة محاضرة في تاريخ الإسلام والشرق الأوسط في الجامعة العبرية في القدس توثق بأن نسبة المحاضرين الإناث في العديد من الكليات الإسلامية التقليدية كان أعلى مما هو عليه في الجامعات الغربية في العصر الحديث.
من بين العالمات الشهيرات في ظل الخلافة، أم الدرداء التي كانت في القرن السابع الميلادي والتي حاضرت في الحديث والفقه في المسجد الأموي الكبير في دمشق، عاصمة الخلافة في ذلك الوقت. وكان أحد طلابها خليفة الدولة عبد الملك بن مروان، الذي كان يجلس في حلقاتها للدراسة مع الطلاب الآخرين. وعالمة أخرى هي نفيسة بنت الحسن، وهي كانت باحثة في القرن الـ9 الميلادي في مصر والتي كان ضمن طلابها الإمام المجتهد الشافعي. وأيضا من تلك العالمات كانت ست الوزارة بنت عمر التي كانت مشهورة في دمشق في القرن الـ 12 الميلادي بتدريس صحيح البخاري. والتي دعيت إلى القاهرة حيث درّست في المسجد الكبير وأماكن أخرى. وحضر دروسها العلماء وغيرهم من وجهاء المدينة من الذكور والإناث. تم تنفيذ كل هذا في حدود النظام الاجتماعي الإسلامي، بالزي الإسلامي والفصل بين مقاعد الرجال والنساء باحترام.
وامرأة عالمة أخرى شكلت علامة وهي عمرة بنت عبد الرحمن، التي أصدرت آراء شرعية في المدينة المنورة بشأن مسائل مثل المعاملات التجارية والعقوبات. الإمام مالك رضي الله عنه استند إلى فتواها بخصوص فريضة الحج في كتابه الشهير الموطأ. كانت عائشة بنت عبد الهادي عالمة في القرن الـ9 الميلادي والتي عينت في منصب المعلم الرئيسي لصحيح البخاري في جامع بني أمية الكبير. عالمة أخرى هي الشيخة أم الخير، فاطمة بنت إبراهيم، التي علمت الحديث في القرن الـ14 الميلادي في المسجد النبوي في المدينة المنورة، وهو موقع تبجيل من قبل المجتمع كله، يعكس عن احترام كبير تنعمت به بين مجتمعها. وكانت زينب بنت كمال عالمة في القرن الـ14 الميلادي التي درست أكثر من 400 كتاب للحديث. شواهدها "حمل بعير" جذب الطلاب ومع سمعتها الفكرية الهائلة حاضرت في بعض المعاهد الأكاديمية المرموقة في دمشق.
وشمل طلاب تلك العالمات الإناث العديد من فقهاء الإسلام الذكور الكبار والمجتهدين في زمنهم مثل الإمام مالك وابن حجر، وابن تيمية رحمهم الله. وذكر عدد لا يحصى من هؤلاء العلماء البارزين أيضا معلماتهم الإناث في كتبهم، فكتبوا سيرهن الذاتية وأثنوا عليهن لعلمهن، وذكائهن، وصبرهن، وسلوكهن الفاضل ونزاهتهن وتقواهن. على سبيل المثال شمل المؤرخ الإسلامي ابن النجار أبرز معلمي القرن الـ 13 الميلادي 400 امرأة. ربع معلمي عظيم القرن الـ 14 الفقيه السيوطي كن من النساء؛ في حين إن المشهور بالقرن الـ 12الميلادي العلامة ابن عساكر روى الحديث عن أكثر من 80 امرأة وخصص كتابا كاملا لتقارير عن سيرهن الذاتية. بالإضافة إلى ذلك، من خلال السير الذاتية لكثير من علماء الإسلام الذكور العظماء، فمن الواضح أن عاملا مهما في نجاحهم بالجمع بين الصلاح والعلم الشرعي كان الأساس في التعليم الذي تلقوه من قبل أمهاتهم.
تحت الحكم الإسلامي لعبت النساء دورا أساسيا في تطوير ونقل والحفاظ على مختلف مجالات العلوم الإسلامية، الفقه والحديث، وبالتالي المساهمة في إثراء الثقافة والعلوم الإسلامية. وهن أيضا تمتعن باحترام كبير بين مجتمعهن، وكان يسعى إليهن من أجل التفاسير والأحكام الفقهية، حصلن ومارسن نفس صلاحيات العلماء الذكور، بما في ذلك الحق في إعطاء الإجازات (رخصة التدريس) لطلابهن. حتى إن هناك سجلات عن عالمات تدخلن في بعض الأحيان باستخدام المعارف الإسلامية في الأحكام الصادرة عن المحكمة لمنع إساءة تطبيق أحكام العدالة. عمرة بنت عبد الرحمن، المحدثة الكبيرة والفقيهة على سبيل المثال تدخلت مرة واحدة في قضية محكمة برئاسة القاضي (والي)#المدينة_المنورة الذي كان ينوي تنفيذ العقوبة الحدية على لص سرق بعض حلقات حديدية. وذكرت عمرة القاضي بأن مثل هذه العقوبة يمكن أن تطبق فقط على من سرق شيئا يساوي ربع دينار أو أكثر. وبالتالي عكس القاضي قراره وأفرج عن المتهم لأنه ليس لديه حجة ضد حكم الدليل الإسلامي الذي استشهدت به.
تلك العالمات بالإسلام عشن حياة إسلامية كاملة، بإدارة أسرهن، ورعاية أطفالهن، وطلب العلم، والمشاركة في شؤون المجتمع، وكمدافعات عن العدالة، آمرات بالمعروف وناهيات عن المنكر، ومحاسبات للحاكم. المفكر الهندي، محمد الندوي أكرم يكتب: "لقد عملت من خلال الكثير من المواد على مدى عشر سنوات لتجميع قصص سير ذاتية لـ 8000 محدثة. لم يذكر بأن أي واحدة منهن اعتبرت مجال الحياة الأسرية أقل شأنا، أو أهملت واجباتها فيه، أو اعتبرت امرأة غير مرغوب فيها أو أدنى منزلة من الرجل، أو اعتبر أنه نظرا للقدرات والفرص، فإنه ليس لديها واجبات أوسع تجاه المجتمع خارج نطاق الحياة الأسرية".
في ظل الخلافة، برعت النساء أيضا في مجالات أخرى من مجالات الدراسة مثل الطب والفلك والرياضيات والخط والشعر والعلوم والهندسة. على سبيل المثال، كانت لبنة من قرطبة خبيرة في الرياضيات والأدب في القرن الـ10 الميلادي. فقد كانت قادرة على حل المشاكل الهندسية والجبرية الأكثر تعقيدا وكانت لها معرفة واسعة في الأدب العام حصلت عليها من خلال خدمتها كسكرتيرة للخليفة الحاكم الثاني. وكانت مريم الأسطرلابية الجلية عالمة ومخترعة في القرن الـ10 الميلادي. فقد صممت الأسطرلابات التي كانت تستخدم في علم الفلك لتحديد موقع الشمس والكواكب وللملاحة. كانت تصاميمها مبتكرة جدا، حتى إنها وظفت من قبل حاكم مدينتها. وكانت لبنى الأندلسية شاعرة عاشت أيضا في القرن الـ10 الميلادي، حيث برعت في #النحو و #البلاغة و #الرياضيات و#الخط_العربي. وكانت واحدة من رؤساء كتبة الدولة، وكان يعهد إليها بالمراسلات الرسمية. وكانت فخر النساء أم محمد شوهدا متخصصة في الخط العربي في القرن الـ12 الميلادي. حيث كتبت للخليفة المقتفي. وقيل إنه في وقتها لم يكن هناك أحد في بغداد بإمكانه مطابقة التميز في كتاباتها. وكانت النساء من عائلة بني الظهر طبيبات خدمن في القرن الـ12 الميلادي في عهد الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور، في حين يصف جراح القرن الـ15 التركي سيريفيدن سابنكواجلو الجراحات الإناث في الأناضول وهن يجرين العمليات الجراحية على المرضى من الإناث. تحت الحكم الإسلامي، كان هناك أيضا نساء خطاطات من إسبانيا إلى الشام ومن العراق إلى الهند مارسن فن نسخ القرآن الكريم. ويذكر أنه في قرطبة الشرقية وحدها كان هناك 170 خطاطة كتبن #القرآن بالخط الكوفي.
إلى جانب كل هذا، حب طلب العلم، والإخلاص لله سبحانه وتعالى غُرس في النساء تحت الحكم الإسلامي، مما قاد الكثيرات إلى إنفاق أموالهن في بناء المدارس والجامعات والمعاهد الأخرى لتوفير التعليم للآخرين وكسب الثواب في الآخرة للقيام بذلك. على سبيل المثال، كانت أم البنين فاطمة التي بنت المدرسة الأولى للبنات في عام 245ه (859م). وأنها بقيت صائمة من اليوم الذي وضع فيه الأساس حتى تم الانتهاء من المبنى. وفاطمة الفهري أسست في عام 859 في فاس، المغرب، ما ينظر إليه الآن كأول جامعة تمنح درجة علمية في العالم، مسجد ومدرسة القرويين، حيث أنفقت ميراثها بالكامل في هذه العملية، وأيضا بقيت صائمة حتى تم إنجاز المبنى. فأصبح واحدا من أكثر المراكز المرموقة والمهمة للتعليم في العالم. فلم تكن هناك رسوم وأعطي الطلاب بدائل نقدية عن الغذاء والسكن.
ويعزى كل ذلك إلى تطبيق الأحكام والأنظمة الإسلامية تحت حكم الخلافة التي شجعت الرعية - ذكورا وإناثا - على دراسة الإسلام والعالم من حولهم، وكذلك على التفوق في كل مجال من مجالات الحياة لصالح المجتمع والإنسانية. وعلاوة على ذلك، فإن المبادئ الإسلامية التي تقوم عليها دولة الخلافة توجب على الدولة أن تعطي أهمية كبيرة وقيمة لتعليم الإناث التعليم الذي تستحقه، وتسخير إمكانيات المرأة، وضمان تلبية تطلعاتها التعليمية. هذا التراث المجيد ينتظر النساء أيضا في الخلافة المستقبلية بناء على منهاج النبوة إن شاء الله، والتي سوف يتم أيضا إعطاء الأولوية فيها لتوفير نظام تعليمي من الدرجة الأولى لجميع مواطنيها؛ ذكورا وإناثا. وعلاوة على ذلك، تلتزم دولة الخلافة بتوفير التعليم المجاني في المرحلتين الابتدائية
والثانوية للبنين والبنات. وهذا يشمل موضوعات مثل التخصصات الإسلامية والعربية، والرياضيات، والعلوم التجريبية مثل علم الأحياء والكيمياء والفيزياء. والدولة ستسعى أيضا لتمويل التعليم العالي مجانا للرجال والنساء على قدر استطاعتها.
"تعليم ما يلزم للإنسان في معترك الحياة فرض على الدولة أن توفره لكل فرد ذكرا كان أو أنثى في المرحلتين الابتدائية والثانوية، فعليها أن توفر ذلك للجميع مجانا، وتفسح مجال التعليم العالي مجانا للجميع بأقصى ما يتيسر من إمكانيات". المادة 178، مشروع دستور دولة الخلافة لحزب التحرير
وبالتالي فإن هذه الدولة المجيدة ستسعى للقضاء على #الأمية بين الإناث وتأمين الأحلام التعليمية للفتيات والنساء. وسوف تشجعهن أيضا على دخول الدراسات العليا وتسهل لهن التخصص في مختلف المجالات، بما في ذلك التخصصات الإسلامية والطب والعلوم واللغات والهندسة، وتسخير تفكيرهن ومهاراتهن لتعود بالنفع على المجتمع بأسره. وسوف يشمل هذا إيجاد كم وافر من النساء العالمات والطبيبات والممرضات والمدرسات على سبيل المثال لتقديم أفضل خدمات التعليم والرعاية الصحية لرعايا الدولة. كل هذا سوف يكون متوفرا في إطار النظام الاجتماعي الإسلامي، الذي سوف يفصل تدريس الطلاب الذكور والإناث في كل من المدارس الحكومية والخاصة. وهذا سيمكن الفتيات والنساء المسلمات من متابعة تطلعاتهن التعليمية مع الالتزام أيضا بجميع أحكام الإسلام التي تكفل حماية كرامتهن وسلامتهن. وعلاوة على ذلك، سوف تسعى دولة الخلافة جاهدة لإزالة المواقف التقليدية أو الحواجز الثقافية التي تقلل من قيمة تعليم الإناث أو تمنع الفتيات من مواصلة حقوقهن التعليمية. وهذا ليس سوى تطبيق لنظام الله تعالى تحت ظل دولة الخلافة التي يمكن أن تحقق هذه الرؤية المتميزة لتعليم الإناث.

﴿الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [إبراهيم: 1]


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتورة نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 3 2017, 01:24 PM
مشاركة #32


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



#القيم التي يجب تحقيقها في سلوك #الأطفال


========================


حتى ينشأ #الأبناء نشأة سوية لا بد أن تتحقق في سلوكهم أربع قيم بشكل متوازن فلا تطغى قيمة على قيمة ولا تمحى قيمة لأجل قيمة أخرى، بل لا بد أن تتحقق في سلوكهم جميعا وهي:

1- القيمة الروحية: تتحقق القيمة الروحية في سلوك الأبناء بربطهم منذ الصغر بالعقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية من عبادات وأخلاق وملبوسات ومطعومات ومعاملات.
- استحباب الأذان والإقامة في أذن الطفل عند الولادة فيؤذن في الأذن اليمنى وتقام الصلاة في الأذن اليسرى، لما روى ابن السني عن الحسين بن علي عن النبي ﷺ: «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ، فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى، وَأَقَامَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى، لَمْ يَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ»
- تعليمه شيئا من #الدعاء عند طعامه وشرابه وقضاء حاجته.
- تعليمه شيئًا من القرآن حتى يتمكن من أداء #الصلاة في سن السابعة لقول الرسول ﷺ «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» (رواه أحمد)، وعلى الوالدين إتباع الأساليب والوسائل المحببة للأطفال حتى يعودوهم على الصلاة والصيام منذ سن مبكرة، لأن هذه #العبادات تحتاج إلى تدريب منذ الصغر، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يعودون أبناءهم على #الصيام، وإذا بكى أحدهم من الجوع أعطوه بعض الدمى ليلعب بها لتلهيه عن طلب الطعام.
- تعليمه شيئا من سيرة النبي ﷺ وصفاته، يقول أحد #الصحابة: (كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن).
- كما ينبغي #تربية_الأولاد على مراقبة الله في أفعالهم وتصرفاتهم والخوف منه وطاعته والبعد عن نواهيه.

2- القيمة الإنسانية: لقد أوجد الله في #الإنسان غريزة النوع، وهي خاصية في الإنسان تدفعه للمحافظة على بقاء النوع الإنساني، ومن مظاهر هذه الغريزة عواطف الأبوة والبنوة والأمومة، ولولا هذه العواطف لانقرض الجنس البشري، ولما صبر الوالدان على رعاية أبنائهما، ولما قاما بكفالتهم وتربيتهم والسهر عليهم في مرضهم والنظر في مصالحهم. قال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: 46] وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74]، مقابل هذه العواطف الجياشة التي تحمي #الأطفال وتساعدهم في حياتهم، طلب من الأولاد محبة والديهم ومعرفة حقهم واحترامهم ببرهم وطاعتهم والإحسان إليهم والقيام على خدمتهم في الكبر، قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24].
ومن القيم الإنسانية أيضا أن تحسن إلى الجيران والأصدقاء والمقربين خاصة والناس عامة وأن تتعاون معهم وتساعد في قضاء حوائجهم، قال ﷺ: «وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» (رواه مسلم).

3- القيمة الخلقية: الأخلاق هي صفة ملازمة للشخص وسجية فيه ويجب أن يربى الأولاد منذ الصغر على الصدق والأمانة والاستقامة والوفاء وتنقية اللسان من السباب والشتائم والكلام البذيء، وأن يربى الأطفال على الترفع عن الدنايا وكل ما يحط من المروءة، وأن يتعلم الطفل كيف يتحكم في ذاته وفي مشاعره بحيث يفصل بين الإحساس وردة الفعل المباشرة بالتفكير، فإذا سبه أحد أو شتمه لا يندفع فورا إلى الرد عليه والانتقام منه، بل يهدأ ويمسك نفسه ويتحكم فيها ويمنعها من الاسترسال بغضبها، عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ قال: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» (رواه البخاري ومسلم)، وعلى المربي أن يكون قدوة في ذلك فلا يكذب على أطفاله بحجة إسكاتهم عن البكاء أو ترغيبهم في أمر ما، أو تسكين غضبهم لأنهم يتعلمون منه الكذب ويقلدونه. روى أبو داود والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ t، قال: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى أُمِّي وَأَنَا غُلامٌ، فَأَدْبَرْتُ خَارِجًا، فَنَادَتْنِي أُمِّي: يَا عَبْدَ اللَّهِ، تَعَالَ هَاكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَاذَا تُعْطِيهِ؟»، قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، قَالَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةً».

سلم القيم: اختلف #الناس في تحديد أولويات القيم التي يجب تحقيقها، فإذا ما تعارضت قيمة مع أخرى وكان الوقت لا يتسع إلا لتحقيق قيمة واحدة، فما هو المحك الذي يجب الرجوع إليه في تحديد القيمة المطلوب تحقيقها. إن هذا الأمر لا يصح أن يترك للعقل البشري لأنه يتأثر بالبيئة والظروف ولأنه يحمل مواصفات الإنسان من العجز والنقص والاحتياج وأسلم طريقة لتحديد الأولويات في القيم هو الرجوع إلى الإسلام الذي أنزله الله على الناس وهو رب خبير بالنفوس عليم بما يحتاجون إليه ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]
و #الإسلام لم يجعل سلم القيم بترتيب جامد لا يتغير فربما طلب تحقيق قيمة إنسانية على حساب قيمة روحية فمثلا إذا كانت الأم تصلي وابنها واقف قريب من مصدر النار فإذا انتظرت حتى تكمل صلاتها وتبعده عن مصدر الخطر، فربما قضي على الولد أو أصابه مكروه، لذا عليها فورا ترك الصلاة وإبعاد الولد عن مصدر الخطر.
وربما قدمت القيمة المادية على القيمة الروحية، فقد روي أن عمر بن الخطاب مر على جماعة في المسجد يعبدون الله في غير وقت الصلاة، وفي وقت ذهاب الناس إلى أعمالهم، فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، فضربهم بالعصا وقال لهم: بل أنتم المتواكلون، لقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
لكن في الأعم الأغلب فإن القيمة الروحية مقدمة على #القيم_المادية، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9]، بل إن القيمة الروحية مقدمة على القيمة الإنسانية إضافة إلى القيمة المادية، قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24]

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نجاح السباتين – ولاية #الأردن

Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 4 2017, 07:24 PM
مشاركة #33


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



كيف يجب أن يكون #المعلم في #الإسلام؟!


=======================


نتج عن غزو الكفار الفكري لديار المسلمين أن تهدَّمت #الأخلاق الإسلامية، وعمَّ الانحلال الأخلاقي باسم الحرية والديمقراطية وغير ذلك من الأسماء الرنانة التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وهدفها إفساد الشباب وتوجيه وهدر طاقاته فيما لا ينفع. لذلك فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل فرد مسلم، كل حسب دوره وعمله واستطاعته ليساهم في نهضة أمته لترتفع إلى العلوّ وإلى قيادة العالم كما كانت. ومن أهم هذه الأدوار دور المعلّم، وريث دعوة الأنبياء، المربّي، وصانع جيل المستقبل، وصاحب التأثير الكبير في حياتنا وحياة أبنائنا وتوجهاتهم وسلوكهم وحتى ميولهم وتطلعاتهم، وحامل الأمانة العظيمة والتي إن حملها بما يرضي الله تعالى كانت له نوراً وإلا، كانت له ناراً، فما أشرفها من رسالة وما أعظمه من دور! أوليس رسولنا ﷺ
هو المعلم الأول؟ يقول الله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 151] ويعظّم الغزالي مهنة التعليم فيقول "من عَلِمَ وعَلَّمَ فهو الذي يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات"... هذا الدور الذي عمل أعداء الإسلام بوسائل عديدة وخبيثة على سلبه منه لأهميته وتأثيره على أجيال كاملة في بناء شخصياتهم وميولهم على أساس العقيدة الإسلامية، ولإفراغ هذا الجيل وجعله مائعاً مسخاً كارها لتاريخ أمته، ظانًّا أن الإسلام سبب تخلف الأمة وضعفها وذلّها...
فيا أيها المعلم، هل سألت نفسك يوماً لِمَ أصبحت معلماً؟ لم اخترت هذا الطريق لحياتك؟ فمعرفة هذا بصدق وصراحة يحدد لك صفاتك وأسلوب تعاملك ونهجك في هذا الطريق. فلو نظرنا حولنا لوجدنا أطيافا من المعلمين:
فهذا معلّم ينظر للتعليم باعتباره الوظيفة الوحيدة المتاحة أمامه، لم يقصدها رغبةً ولا حرصًا، بل هي فقط مجرد وظيفة وسبب للتكسُّب والارتزاق، ولو كان يستطيع امتهان وظيفة أخرى غيرها تُحقّق له مكاسب أكبر أو مثلها دون تحمل مشاق التعليم لقصدها... ومعلم ثان يشكو دهره ويندب حظّه، بسبب أعباء التدريس المرهِقة وقلة الراتب مقارنة مع أقرانه الذين اختاروا أعمالاً أخرى غير التعليم... وثالث جلُّ همّه إكمال المقرَّرات والفراغ من تدريسها، ولا يربطها بالواقع والعقيدة والإيمان والأخلاق ويعمّقهم في طلابه وسلوكياتهم ومفاهيمهم، ولا يلتفت إلى ما يجري خارج قاعة الدرس رغم ما يراه من فساد دون أن يفكر حتى بإنكاره أمام طلابه، فهو فعليا منفصلٌ تماماً عن واقع طلابه ومجتمعه وأمته... ورابع وخامس وسادس من الصور السلبية التي تزدحم بها حياتنا التعليمية والتي كان لها الأثر السيئ والعميق في مؤسَّسات المجتمع المتنوعة. فأيّ تفوّق وإبداع وأي إخلاص يُرجى ممّن هذه هي حالهم وتطلعاتهم!!
إذن، ما هي صفات المعلم الذي يستحق أن ينطبق عليه حديث رسول الله ﷺ
«إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَواتِ والأرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في حِجْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ على مُعَلِمِي النَّاسِ الخَيْرَ» (رواه الترمذي)؟! ما هي صفات المعلم صاحب الرسالة التي تقارب رسالة الأنبياء ممن قال عنهم رسول الله ﷺ
عن ابنِ مَسْعودِ رضيَ الله «لا حَسَدَ إلاَّ في اثنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاه اللهُ مَالاً فسَلَّطَهُ عَلى هَلَكتِهِ في الحَقَّ ورَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقضِي بِها ويُعَلِمُّها».
أول هذه الصفات هي تقوى الله والإخلاص له، فعلى المعلم أن يتحرّى بعلمه وإتقانه تعليمه وجه الله تعالى والدار الآخرة، وليس فقط الراتب والثناء من رؤسائه والشهرة والترقية وما شابه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ
: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَة،ِ يَعْنِي رِيحَهَا». فعليه أن يقصد تعليم طلابه وتهذيبهم لما فيه خير الأمة والإسلام. يقول الإمام النووي "ويجب على الْمُعلِّم أن يقصد بتعليمه وجه الله لِما سبق، وألاَّ يجعله وسيلة إلى غرضٍ دنيوي، فيستحضر الْمُعلِّم في ذهنه كون التعليم آكد العبادات، ليكون ذلك حاثًا له على تصحيح النية، ومُحرِّضًا له على صيانته من مُكدِّراته ومن مكروهاته، مخافة فوات هذا الفضل العظيم والخير الجسيم". فبغياب الإخلاص والتقوى يحلّ الرياء والتكاسل والإهمال، فيخرج شباب ضحل الثقافة ضعيف العقيدة، غير واعين ولا مدركين قضايا أمتهم، مشكلين عبئا عليها بدل أن يكونوا مِعولا في بناء نهضتها. فمفهوم أن المعلم سيأخذ الراتب في نهاية الشهر سواء أخلص لله أم لم يخلص، لهي ضربة قاصمة في صميم التربية والتعليم، فأين الإخلاص؟ وأين الله وتقواه؟ وطبعا يجب على المعلم أن يكون متمكّنا من المادة العلمية التي يدرسها، حاذقا لأساليب توصيله العلم لطلابه.
ومن أهم صفات المعلم الصبر والحلم وطول البال، فعلى المعلم المربّي الذي يريد إخراج جيلٍ يتبع منهاج وعقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله أن يكون صبورا حليما حتى يستطيع التحمل، فخُلق الصَّبر والتحمُّل له الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بالصبر حتى في أعسر المواقف. وإن طول البال وسعة الصدر ضرورية ومهمة خصوصا كلما تذكر المعلم أن أجره محفوظ عند الله وأن هؤلاء النشء أمانة في عنقه. وعليه أن يدرك أن الطلاب لهم قدرات مختلفة وذوو أمزجة مختلفة، وذوو حاجات ومصالح ومشاكل وهموم مختلفة، فهو لهم معلم ومربٍّ وأب ينبغي أن يتَّسع قلبه لهم، ويرفق بهم ويرحمهم، ويعطف عليهم، ويصبر على معاناة تعليمهم وتوضيح الأفكار لهم بمختلف قدراتهم وحاجاتهم ونفسياتهم وعقولهم، فمنهم من يفهم العبارة والدرس من أول شرحٍ لها، ومنهم من يحتاج إلى إعادة وتكرار وشرح وتفصيل. ورسولنا ﷺ
يقول: «إن الله لم يبعثنِ معنّتاً ولا متعنّتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً».
لكن نرى بعض المعلمين هداهم الله لا يملكون من الصبر والرحمة شيئاً، فمجرد أن يُغضبه الطالب أو لا يفهم أمرا أو يسأل عنه تراه يغضب ويثور بدل أن يحلم ويصبر ويتحمل. وقد يحصل أحياناً أن يتعرض لتصرفاتٍ أو كلامٍ به أذى من بعض الطلاب أو شيء من هذا القبيل فلا بد أيضا أن يتحمل ويصبر ويحتسب، ويمتص غضبهم واستفساراتهم وحتى ضجرهم أحيانا، ونذكر حين دخل معاوية بن الحكم رضي الله عنه في الصلاة مع الجماعة ولم يعلم أن الكلام قد حُرّم في الصلاة، فعطس أحد الصحابة فشمته، فنبهه بعض الصحابة بالإشارة فلم يفهم واستمر في كلامه، فلما انتهت الصلاة ناداه رسول الله ﷺ فأتى إليه خائفا، فقال له رسول الله ﷺ
بكل لطف ولين: «أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتحميد وقراءة القرآن»، فقال معاوية معلقا على فعل رسول الله ﷺ: بأبي هو وأمي، ما رأيت أحسن تعليما ولا أرفق منه ﷺ
. فهذا الصبر والرفق من رسول الله ﷺ
القدوة والمعلّم وما يصدر عنه من أقوال وأفعال وتصرفات كلها تعليم.
وكذلك من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعلم الصدق والوفاء بالوعد فيما يدعو الله إليه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، فإذا وعد المعلم الطلاب بوعد معين فلا بد أن يفي بما وعد أو أن يعتذر لهم حتى يكون صادقاً أمامهم فيما يطلب منهم أن يفعلوا أو فيما يطلب منهم أن يتركوا ونحو ذلك. وكذلك عليه أن يكون متخلّقا بخلق التواضع، روى ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "تعلَّموا العلم، وعلِّموه للناس، وتعلَّموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلَّمتم منه، ولمن علَّمتموه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم جهلكم بعلمكم". وهو مُعلِّم ومتعلم في الوقت نفسه، فلا عجب ولا غرابة أن يستفيد الْمُعلِّم من طلابه في بعض مسائل العلم، بل أن يتراجع عن خطأٍ له وقع فيه، أو يقول لهم: "لا أدري"، و"الله أعلم" فيما خفي عليه ولم يعرفه، فهذا يجعله كبيراً في نفوسهم، ويتعلَّمون منه التواضع، وعدم الجرأة على الفتيا بغير علم.
نعلم أن الإسلام دين عدل ومساواة يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾، فليس في الإسلام طبقية، ولا يُكرم الغني لغناه ولا يُذَلُّ الفقير لفقره. والطلاب هم رعية والمسئول الأول عنها هو الْمُعلِّم عملاً بحديث رسول الله ﷺ
: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، فهم سواسية فلا يفاضل في معاملتهم حسب مكانة أهلهم أو حسبهم أو نسبهم أو مالهم... والعدل في المعاملة لم تكن تغيب عن علمائنا الأوائل، فتوارثوا توصية المعلم به، وتحذيره من خلافه. رُوي عن مجاهد بن جبر التابعي الكبير وتلميذ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: "معلم الصبيان إذ لم يعدل بينهم جاء يوم القيامة مع الظَّلَمة"، وقال ابن سحنون في "ما جاء في العدل بين الصبيان"، "وليجعلهم بالسواء في التعليم، الشريف والوضيع، وإلا كان خائنًا". وليس مثلما نرى في معاملة البعض اليوم لطلابهم يفرقون بين الطلاب، فيتجاوزون عن خطأ وفساد بعض الطلاب ممن أهلهم في موقع السلطة أو الغنى ويعطونهم حقا ليس لهم وعلى حساب غيرهم ممن يستحقونه. بينما في الإسلام حرص الخلفاء أن يعامل المعلمون أبناءهم كما يعاملون غيرهم، فها هو الخليفة هارون الرشيد في الوصية التي أرسلها إلى الكسائي مؤدب ابنه ومن ضمن ما جاء فيها: "... وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القوّاد إذا حضروا مجلسه، وقوِّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أبى فعليك بالشدة والغلظة".
إن المعلم الجادّ المخلص لا تقف مهمّته ودوره عند حدّ ما يُقدّمه في الصف، بل دوره الأهم هو قوة تأثيره في طلابه ومجتمعه، في قول الحق والوقوف معه، ولننظر في تاريخ معلمينا وعلمائنا وأئمتنا الذين حملوا العلم وعلّموه عقيدة وعلماً وعملاً ومنهجاً ودعوة، فها هو الإمام أحمد المعلم والذي ضرب أروع الأمثلة في الثبات على المبدأ والصبر أمام الفتن، لقد أوذي وسجن، وضرب وأهين، فلم تلِن له قناة، ولم يتزحزح عن حقٍ يراه ولو كلفه حياته، وهذه دروسٌ للعلماء والمعلمين والدعاة في كل زمانٍ ومكان. وها هي العالمة المعلّمة أم الدرداء الصغرى والتي كان يستدعيها عبد الملك بن مروان لتعلم نساءه، سمعته في مرة يلعن خادمه لأنه أبطأ عليه في أمر، فقالت له: سمعت أبا الدرداء يقول، سمعت رسول الله ﷺ
يقول: «لا يكون اللّعانون شفعاء ولا شهداء، يوم القيامة»، قالت ذلك له ولم تخش في الحق لومة لائم ولم يمنعها كونه الخليفة من قول الحق، ولم تقل ليس لي علاقة بالأمر أو ليس هذا من شأني مثلما يفعل عدد من علماء ومعلمي هذا الزمان، ولم تقف موقف المتفرج غير العامِل مثل المعلمين الذين يقفون موقفا سلبيا مما يرونه الآن من تغريب في سياسة التعليم وتغيير في المناهج، فحتى لو كانوا لا يستطيعون التغيير في نُظم #التعليم والمناهج - تلك السموم التي يضعونها لأبنائنا وبناتنا بين طيات الكتب ودفّاته - إلا أنَّ ذلك لا يعفيهم من واجبهم في إنكارها وتخفيف أضرارها بإعطاء الفكرة الصحيحة التي تنقضها من أساسها فهذا واجبهم كمربين مسلمين، خاصة ونحن نعيش النظام الرأسمالي بكل ما يحمله من مفاهيم بعيدة عن أحكام الإسلام عاملين فيه على هدم العقيدة الإسلامية ونشر الفساد والعلمانية والحريات والديمقراطية وغيرها من المفاهيم الرأسمالية العفنة في نفوس أبنائنا، فيجب عليهم إظهار هذا الفساد ومحاربة تلك الأفكار وتبيان زيفها وخطرها. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العلم بالخشية". فعليهم تعليمهم أسلوب التفكير الإسلامي الصحيح وعدم الرضا بما لا يُرضي الشرع، والصدع بالحق وعدم المداهنة والنفاق فيه... أن يزرعوا في نفوسهم أن الأجل والرزق بيد الله وحده فلا يخافون في الله لومة لائم، ولا يتعلمون الخوف والجبن...
ولكن للأسف وفي ظل الأنظمة الفاسدة التي تتحكم بالتعليم وبالمعلمين فإنها تحرص يوما بعد يوم على تعيين معلمين علمانيّي الفكر، يعتبرون الحضارة الغربية ومفاهيمها مثلهم الأعلى، وأن المنفعة والمصلحة أساس العلاقات، فتراهم مخلصين لتلك السياسة في التعليم والمناهج ويعطونها كما يريد واضعوها، بل ومن المعلمين من يكون على رأي القائلين ملكيا أكثر من الملكيين ويجاهد في إدخال هذه الأفكار في عقول طلبته بكل الطرق والوسائل في ذلك وكأنه سيأخذ نيشاناً منهم على إخلاصه في ذلك، ناسياً أو متناسياً خطورة هذا الأمر وعقابه عند رب العباد، حيث إنه لم يكتفِ بعدم إظهار ذلك الفساد بل وأيضاً يشجع عليه بتشجيعه تلك المناهج والأفكار المسمومة... ولا يقوم بدوره الحقيقي في الصدع بالحق.
وإن من أهم الأدوار التي يقوم بها الْمُعلِّم هو بناء شخصيات طلابه، أولئك الذين ينظرون إليه على أنه مثلهم الأعلى... ولهذا على المعلم أن يكون قدوة صالحة لطلابه، فإن القدوة الصالحة تُعتبر من أنجح الوسائل المؤثّرة في تكوين شخصية المتعلّم... قدوة في جوهره ومظهره، في شخصيته وقوة تأثيره، في أخلاقه وأدبه، فها هي أم الإمام مالك توصي ابنها بأن يطلب الأدب من معلمه قبل أن يأخذ العلم منه لما للأدب من أهمية على طالب العلم في سلوكه مع نفسه ومع ربه ومع الناس... فإنه لما طلب العلم وذكر لأمه أنه يريد أن يذهب فيكتب العلم، ألبسته أحسن الثياب، وعمَّمَته، ثم قالت: اذهب فاكتب الآن. وقال رحمه الله: كانت أمي تعمّمني وتقول لي "اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه". فالمعلم الذي يتحدّث لطلابه عن أضرار التدخين مثلا، والسيجارة في يده!.. أو الذي يحثّ طلابه على الصدق والالتزام بالمواعيد وأهمية الوفاء بها، ثم يكذب أو يحضر إلى الصف متأخرًا، أو يعد بما لا ينفّذ، أو يسكت ويجبن وينافق في موقف يتطلب الجرأة في الحق، فإنه يمحو بتصرف واحد عشرات الأقوال التي يصبُّها في آذانهم...
إذن، المعـلم ليس خازنا للعلم يغترف منه التلاميذ المعارف والمعلومات، ولكنه نموذج وقدوة... والقدوة عامل مهم في صلاح المتعلم أو فساده، فإن كان المربي صادقاً أمينًا كريماً شجاعًا عفيفاً يتَّسم بالخُلق الصالح نشأ المتعلّم على الصدق والأمانة والخُلق والكرم والشجاعة والعفة... وإن كان المربِّي كاذباً خائناً منافقاً جباناً نذلاً، نشأ المتعلّم على هذه الصفات والأخلاق. فمقام المعلم وموقعه ودوره جدُّ خطير، فلينظر كل معلم كم يُصلح من الناس وكم يُفسد! كم يؤثر إيجاباً وكم يؤثر سلباً! فالتعليم بالقدوة أعظم تأثيراً وأقوى حُجة من الكلام النظريّ المجرد، فكيف إذا كان الفعل يُخالف القول والسلوك يعاكس التوجيه؟!... وقد نعى القرآن الكريم على بني إسرائيل ذلك في قوله: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 44].
نخلص من هذا أن للمعلم دوراً ومكانة عالية مهمّة... ولا يجب أن يكون بمعزلٍ عن الأمة والمجتمع، بل يجب أن يكون له كما قلنا سابقا تأثير، فهو عالم عامل، قارئ مجاهد، آمرٌ بالمعروف ناهٍ عن المنكر، صادع بالحق... وسأذكر هنا قصة عن امرأة عالمة معلمة لنرى منها قوة تأثير العالم المعلّم حتى على الحكام، يُحترم ويُهاب جانبه، وهي قصة للسيدة نفيسة بنت الحسن التي كان لها أثر علمي في فقه عالمين كبيرين من أئمة المسلمين، وهما الشافعي وأحمد بن حنبل، ففي أحد الأيام وهي في مصر حيث عاشت، حدث أن قبض أعوان أحد الأمراء على رجل من العامة ليعذبوه. فبينما هو سائر معهم، مرّ بدار السيدة نفيسة فصاح مستجيراً بها. فدعت له بالخلاص قائلة: "حجب الله عنك أبصار الظالمين". ولما وصلوا بالرجل بين يدي الأمير، قالوا له: إنه مرّ بالسيدة نفيسة فاستجار بها وسألها الدعاء فدعت له بخلاصه، فقال الأمير: "أوَبلغ من ظلمي هذا يا رب، إني تائب إليك وأستغفرك". وصرف الأمير الرجل، ثم جمع ماله وتصدق ببعضه على الفقراء والمساكين.
وقيل أنه لما ظلم أحمد بن طولون، استغاث الناس من ظلمه، وتوجهوا إلى السيدة نفيسة يشكونه إليها. فقالت لهم: متى يركب؟ قالوا: في غد. فكتبت رقعة ووقفت بها في طريقه، وقالت: يا أحمد بن طولون. فلما رآها عرفها فترجّل عن فرسه، وأخذ منها الرقعة وقرأ ما فيها: "ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخُوّلتم ففسقتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نفاذة غير مخطئة لا سيّما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوعتموها، وأجساد عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنَّا إلى الله متظلمون، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون"! يقول القرماني: فعدل من بعدها ابن طولون لوقته! فرفع المظالم عن الناس... وهذا ما يجب أن يعرفه الجميع، أن المعلم له تأثير ودور وهيبة ومكانة ضاعت مثلما ضاع الكثير عندما ضاعت هيبة الإسلام بعد هدم دولته، ولن تعود إلا بعودتها وعودة الإسلام عزيزا مُهابا كما كان، وما ذلك على الله بعزيز...
وأختم بهذه الوصية التي قالها علي رضي الله عنه لكميل بن زياد النخعي الذي قال: "أخذ علي بن أبي طالب بيدي فأخرجني إلى ناحية الجُبَّان، فلما أصحرنا - أي نزلنا إلى الصحراء - جلس ثم تنفس ثم قال يا كُميل بن زياد، القُلُوبُ أوعيةٌ؛ فَخَيْرُها أوْعاها، احْفَظْ ما أقولُ لَكَ، النَّاسُ ثلاثةٌ: فَعالِمٌ رَبَّانِيٌّ، ومُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجَاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ، أتْباعُ كلِّ ناعِقٍ، يَميلونَ مَع كُلِّ رِيحٍ، لَم يَسْتَضِيئوا بِنُور العَلمِ ولم يَلجَأوا إلى رُكنٍ وَثِـيقٍ. العِلمُ خَيرٌ من المالِ، العِلْمُ يَحْرُسُكَ وأنْتَ تَحرُسُ المالَ، العلمُ يَزُكو على العَمَلِ، والمال تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، العلمُ حَاكِمٌ، والمال مَحكُومُ عَلَيْه، وصَنيعَةُ المالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ، ومَحَبَّةُ العالم دِيْنٌ يُدانُ بها. مَاتَ خُزَّانُ الأَموالِ وَهمُ أَحْيَاءٌ، والعلماءُ بَاقُونَ مَا بَقِي الدَّهْرُ، أَعْيَانهم مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُم في القُلُوبِ مَوجُودَةٌ"...
اللهم أعزّنا بالإسلام وأعزّ الإسلام بنا...

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مسلمة الشامي (أم صهيب)

Go to the top of the page
 
+Quote Post
ام عاصم
المشاركة Mar 5 2017, 06:04 PM
مشاركة #34


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 2,094
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 27



جزاكم الله خيرا وبك بكم وبجهودكم
Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 5 2017, 06:41 PM
مشاركة #35


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



تعديل السلوك


============================


أسلوب التقدير أو المكافأة (التعزيز)

التعزيز مصطلح عام يشير إلى عملية #التعلم عن طريق تقديم أو إزالة مثير معين بعد حدوث الاستجابة (السلوك)، الأمر الذي يؤدي إلى تقوية تلك الاستجابة. فمثلا إذا ضحكت في وجه طفلك ورددت عليه التحية بأحسن منها كلما ألقى السلام عندما يدخل، يسمى إلقاء التحية (السلوك) والضحك في وجه الطفل ورد التحية عليه (مثير)، فيؤدي ذلك إلى تقوية السلوك أو الاستجابة، والمعزز نوعان: معزز إيجابي ومعزز سلبي؛ أما المعزز الإيجابي، فهو المثير الذي يؤدي ظهوره إلى تقوية السلوك، كأن تعطي طفلك قطعة نقود كلما حصل على علامة كاملة في الامتحان، أما المعزز السلبي فهو المثير الذي يؤدي اختفاؤه إلى تقوية السلوك، كأن تختفي ابتسامتك كلما تفوه ابنك بكلمة نابية.

كافئ السلوك الجيد بسرعة واستمرار

أفضل أسلوب لتعليم الطفل النظام هو مكافأة السلوك المرغوب فيه ومنع المكافآت عند السلوك غير المرغوب فيه. وذلك لأن الأطفال يتعلمون الكلام وارتداء الملابس والحذاء والمشاركة بالأعمال المنزلية لأنهم لاقوا التشجيع والاهتمام الشديد والابتسامات والعناق والتربيت على الكتف وكلمات الاستحسان. إن المكافآت فعالة جدا في تقوية السلوك المرغوب فيه لكل من الأطفال والبالغين.

امدح السلوك الجيد

إن مدح السلوك الجيد الذي قام به الطفل أكثر فاعلية من مدح شخص الطفل نفسه. فإذا قام الولد بتلبية نداء أمه فقولك له: إن طاعتك لأمك عمل صالح يثيبك الله عليه، أفضل من قولك له: إنك جيد وإنك رائع، يجب أن نطور في أنفسنا عادة مدح السلوك أكثر من مدح الطفل نفسه.

أنواع المكافآت

في البداية كافئ الطفل بمكافآت مادية كإعطائه نقودا أو كرة أو كتابا أو بالونا أو حلوى أو مصباحا أو سي دي أو كمبيوترا أو ألعابا، ثم خفف المكافآت المادية وأعطه مكافآت معنوية كالمدح والاهتمام واللمس والابتسامة والقبلة أو الاحتضان، أو اللعب معه.

بعض القواعد التي يجب اتباعها في أسلوب المكافآت

كافئ بعد أداء السلوك الجيد بسرعة
احذر الفشل في مكافأة السلوك الجيد
احذر معاقبة السلوك الجيد من غير قصد
لا تكافئ السلوك السيئ من غير قصد
استعمال العلامات

الأسلوب الثاني من أساليب تعديل السلوك أسلوب المحو (التجاهل المقصود للأخطاء)

التجاهل المقصود هو إزالة كل انتباه لطفلك سيئ التصرف، بحيث تتأكد من أنك لا تعزز بالصدفة السلوك السيئ بالاهتمام. يستعمل هذا الأسلوب في حالة ارتكاب الطفل لسلوك سيئ بشرط ألا يكون خطرا أو مدمرا، لأنه في هذه الحالة لا بد من التدخل بشكل مباشر من أجل ردع الطفل عند ارتكابه أي شيء خطر.

كافئ السلوك البديل

إذا كانت العصبية والصراخ العالي هو السلوك السيئ، وقمت بتجاهل هذا السلوك، فانتظر حتى يقوم الطفل بسلوك بديل حسن، والسلوك الحسن البديل للغضب والصراخ هو الهدوء، فإذا سكتت نوبة الغضب عنه وتوقف عن الصراخ أعطه اهتماما كبيرا.

مساعدة الطفل على معرفة السلوك البديل

إذا لم يتمكن الطفل من معرفة السلوك الجيد الذي تود أن تستبدله فعلمه إياه عن طريق التلقين، وإذا كان طفلك يضايق إخوانه وهم يؤدون الصلاة أو يقومون بحل واجباتهم المدرسية ليحصل على اهتمامهم. فعلمه كيف يؤدي الصلاة معهم، وأعطه حقيبة وقلما ودفترا وكتبا ليشارك إخوانه في دراستهم ويقلدهم وهم يقومون بالكتابة أو القراءة أو أداء نشيد أو ترتيل آية.

استعمل الترغيب

إذا طلبت من الطفل القيام بعمل لا يحبه ولا يرغب في أدائه، وكان العمل مهما أن يتعلم القيام به ويعمله، استخدم معه أسلوب الترغيب، كأن تقول للطفل إذا أكملت واجباتك المدرسية سأسمح لك باللعب بكرة القدم، إن ذلك يوجد لدى الطفل دافعا للقيام بمهام لا يهواها، وذلك للحصول على المكافأة بشرط أن تشد المكافأة اهتمامه، وتلبي حاجته، فإذا لم تكن المكافأة تعني له شيئا فلن ينفذ كل ما تريد، فلا تقل لطفل يخاف الماء: إذا فعلت كذا سنذهب للسباحة، ولكن اختر مكافأة يحبها.

الأسلوب الثالث في تعديل السلوك أسلوب العقاب

من أساليب العقاب: الإقصاء والتوبيخ وإظهار عدم الرضا والنتائج الطبيعية للسلوك السيئ في حالة عدم وجود خطورة فإذا كانت النتائج خطرة ينتقل إلى اتباع النتائج المنطقية للسلوك السيئ وجزاء السلوك وإبرام العقود للكف عن سلوك معين والضرب كآخر العلاج ولا يضرب الطفل إلا بعد سن العاشرة.

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نجاح السباتين – ولاية #الأردن

Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 6 2017, 08:11 PM
مشاركة #36


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



#سياسة_التعليم في بلاد المسلمين:
تقتل الريادة و #الإبداع وتشجع #التقليد والإتباع!


تولي الدول اهتماماً كبيراً لسياسة #التعليم وأساليبه، وتقوم ببنائها على عين بصيرة، لما لها من أثر كبير في بناء شخصيات الأفراد وإبراز وجه #الدولة وبيان مكانتها بين الدول، وسياسة التعليم الناجحة هي التي تؤدي إلى إيجاد علم للدارس وعمل للمجتمع، بحيث تكون المدارس والجامعات حاضنات للأفكار، ومراكز لتفريخ العلماء المبدعين في شتى المجالات. وتلعب مناهج التعليم والطرق والأساليب التي تدرس بها دوراً حيوياً في تحديد نوعية التعليم وخلق #التفكير_الإبداعي لدى الطلاب.
إن المدقق في سياسة التعليم في بلاد #المسلمين يرى أنها سياسة فاشلة، سياسة تجهيل لا تعليم، سياسة تربي في النفوس مبدأ التقليد والاتباع لا مبدأ الريادة والإبداع، ويظهر ذلك بوضوح في طريقة التدريس المتبعة فيها، فهي طريقة عقيمة تؤدي إلى تعطيل عملية التفكير وقتل الإبداع عند الطلاب، لأنها تقوم على التلقين والتعليم النظري، وتركّز على الحفظ المجرد للمعلومات دون ربطها بالواقع أو تحليلها وفهمها، ونتيجة لذلك أصبحت الأفكار مجرد معلومات صمّاء غير متصورة في ذهن الطلاب، يرددونها ليُمتحنوا فيها ثم ينسونها ويمزقون الكتب والأوراق بعد انتهاء الامتحان.. فالتعليم عندهم علامات وشهادة وليس علما يطبقه في الحياة لترتقي أمته...
وتُتَبَعُ هذه الطريقة العقيمة في #التدريس في تدريس #العلوم التجريبية وغير التجريبية على حد سواء، فالمواد غير التجريبية كالتاريخ واللغة والمعارف الإسلامية من فقه وتفسير وحديث وغيرها، يملؤها الحشو والتكرار، وتقوم على الحفظ والاستظهار بدل الفهم والتفسير والمقارنة والنقد.
ولا زالت أغلب الأسئلة تأتي للطلاب في #امتحانات هذه المواد - حتى في #الجامعات والمعاهد العليا - على شكل (اذكر، عدد، بيّن)، هذا عدا عن الأسلوب الممل الذي تدرس به هذه المواد، ولو أخذنا اللغة العربية كنموذج على هذه العلوم، نرى أنها تدرس على أنها مادة جامدة ليس فيها حيوية، تدرس بأسلوب لا ينمي قدرات الطلبة على الكتابة والتأليف والخطابة والتحدث، حتى مواضيع التعبير التي يفترض بها أن تنمي قدرات الطلبة على الكتابة والتعبير عن أنفسهم وتمكن من اكتشاف الكتاب والمؤلفين من بينهم، أصبحت في كثير من الأحيان طلباً بتلخيص الدرس أو القصة التي درسوها بدلاً من الكتابة حول موضوع معين، وإن طلب منهم الكتابة فإن هناك قوالب وصوراً نمطية للأشياء لا يجب أن يخرجوا عنها، أو يبدعوا في إيجاد صور وتشبيهات جديدة.
أما على صعيد العلوم التجريبية كالكيمياء والفيزياء وغيرهما، فتدرس بطريقة الإدراك الصرف (المجرد) أي التعليم بالتلقين، لا بطريقة #الإدراك الحسي الناتج عن استخدام الحواس الخمس من خلال التجريب والممارسة العملية، حتى ترسخ #المعلومات في عقول الطلبة فيصعب نسيانها، ويستطيعوا إثبات صحة المعلومة المعطاة لهم أو نقضها. وحتى إن احتوت كتب هذه المواد على قضايا للبحث أو وضعت فيها تجارب علمية ليجريها الطلبة، فإنهم يصطدمون بمعضلة الافتقار للبنية التحتية اللازمة لدراسة هذه العلوم من مختبرات وأدوات ومراجع، فالمدارس والجامعات المجهزة بهذه التجهيزات قليلة وقسم منها هو مدارس وجامعات خاصة لا حكومية، ويتم توفير هذه التجهيزات فيها من خلال الدعم والتبرعات الخارجية التي تُخضعهم لإملاءات وشروط معينة ليس من ضمنها طبعا ما يساعدهم على التفكير والتحليل والربط الصحيح للنهضة والرقي...
فالحكومات في بلاد المسلمين ليست فقط لا تولي اهتماماً بالعلم والمتعلمين، بل إن مسؤولي التربية والتعليم في بلاد المسلمين يطالبون بالتخفيف من تدريس المواد العلمية وتدريس الرقص والموسيقى بدلاً منها، ليحل الفساد والجهل مكان العلم والإبداع، فقد صرح وزير التربية في تونس ناجي جلول في برنامج على قناة الحوار التونسي: "يلزم نقّصوا شوية Math وشوية physique بس نربحو وقت للرقص والموسيقى"!
إن هذه الطريقة في التدريس تؤدي إلى اكتساب الطلاب للمعلومات اكتساباً سطحياً نظرياً، وتجعل من الحصص الدراسية أمراً مملاً فاقداً للحيوية والنشاط، وهي كذلك لا تخلق دافعية لدى الطلاب للتعلم وحب المدرسة، حتى إن بعض الأبحاث والدراسات تشير إلى أن طريقة وأساليب التدريس المملة هي سبب من أسباب التسرب المدرسي، إضافة إلى أنها لا تنمي قدراتهم على اتخاذ القرارات والتعامل مع المواقف الحياتية، باختصار إنها طريقة تجعل من الطلاب مجرد ببغاوات يرددون ما حفظوا.
ولهذا كله نرى الفجوة بل الهوة الكبيرة التي يجدها طلابنا عندما يذهبون للتعلم في الجامعات الغربية... فهي أكبر دليل على عقم هذه الأساليب...
أما ما هي الطريقة الصحيحة للتدريس التي تخرج لنا علماء ومبدعين، فهي الطريقة التي تجعل من العقل أداة للتعليم والتعلم، وتعتمد الخطاب الفكري من المعلم والتلقي الفكري من المتعلم طريقةً للتدريس فيها، مع تغيير في الأساليب والوسائل لإيصال الأفكار إلى الطلاب بسرعة ونجاح، والأساليب متنوعة كالحوار والمناقشة والقصة والمحاكاة وحل المشكلات وإجراء التجارب والتدريب العملي المباشر، وحتى الخيال... فإذا أراد المعلم أن ينقل الفكر إلى المتعلم فإنه ينقله بوسيلة أو أكثر من وسائل التعبير وعلى رأسها اللغة، فإذا اقترن هذا الفكر عند الطلبة بواقع محسوس أو سبق أن أحسوا به أو أحسوا بمثله فقد انتقل إليهم فكراً كأنهم هم الذين توصلوا إليه، لذا لا بد للمعلم أن يقرب معاني الأفكار إلى ذهن الطالب بقرنها بواقع محسوس لديهم أو بواقع قريب مما يحسونه حتى يأخذوها أفكاراً لا مجرد معلومات وذلك باستخدام الوسائل والأساليب التعليمية المتنوعة كما ذكرنا.
ولكن لا بد من الانتباه إلى أن الأساليب والوسائل غير دائمة، وأن على المعلم أن يبدع في إيجاد الأساليب والوسائل الناجعة لتفهيم الطلاب الأفكار المقررة، مراعياً ظروفهم والفروق الفردية بينهم. فمثلا كان الخطاب والتلقي الفكريين سابقاً يتم بالقلم والورقة والمشافهة والتقليد والكتابة، لكنها اليوم تتم بالصور المطبوعة والمتحركة والأشرطة الصوتية والتجارب في المختبرات.
فلو أردنا على سبيل المثال تعليم الطلاب درساً حول المواد الموصلة للحرارة وللكهرباء والمواد غير الموصلة لهما، فإن الطريقة الصحيحة أن يقوم الطلبة بتجريب ذلك في مختبر مجهز لهذا الغرض فيرى الطالب بعينيه كيف أن النحاس مثلاً موصل للكهرباء، بينما البلاستيك لا، ويلمس بيديه كيف أنه موصل للحرارة بينما البلاستيك غير موصل لها، بدلاً من تدريسهم هذه المعلومة على الورق فقط.
وعند تدريس مواضيع تتعلق بالفتوحات والمعارك التي قام بها قادة المسلمين في مادة #التاريخ، يمكننا أن نستخدم أشرطة الفيديو والخرائط وغيرها من الوسائل لتقريب الصورة إلى ذهن الطلبة، وعلينا أيضاً أن لا نكتفي باستخدام المعلومات مجردة عن فكرة العقيدة الإسلامية، بل يجب أن تحدث تأثيراً في نفوس الطلبة، كأن يستشعر الطالب أهمية الجهاد في سبيل الله وأنه طريقة لحمل الدعوة إلى الأمم والشعوب، وإصرار المسلمين عليه، ووجوبه عليهم، والأجر الذي يحصلون عليه، وفضل الشهادة عند الله تعالى، ومعاني البذل والتضحية والعزة، واستخلاص العبر عند الهزيمة في بعض المعارك، وسبب #النصر، إلى غير ذلك من تركز هذه المفاهيم.
وعند تدريس #اللغة_العربية وعلومها من صرف ونحو وبلاغة وغيرها، لا يجب أن ندرسها باستخدام المعلومات المجردة عن العقيدة الإسلامية فهي لغة القرآن، وبها يفهم وتفهم السنة، ومن خلالها تستنبط الأحكام الشرعية، ويدرك وجه إعجاز القرآن. مع استخدام الأساليب والوسائل التكنولوجية المختلفة لإيصال المعلومات مع ضرورة إشراك الطلبة في المناقشة والبحث وتحليل النصوص باستخدام ما تعلموه من علوم العربية، وإفساح المجال لهم للكتابة والإبداع.
إن حديثنا عن سياسة التعليم الفاشلة وطريقة التدريس العقيمة لا يعني أن #الأمة_الإسلامية، ليس فيها مبدعين وعلماء ومخترعين في مختلف المجالات، بل فيها الكثير والحمد لله، ولكنهم لا يحظون بالتكريم والاهتمام المناسبين، ولا يتم دعمهم مادياً واحتضان مواهبهم وإبداعاتهم من قبل الأنظمة في بلاد المسلمين، فكم من مخترع ومبدع اضطر للهجرة من بلاده لأنه لم تتوفر له الإمكانيات والظروف المناسبة في بلاده، وإذا بنا نسمع بعد فترة عن مخترعات واكتشافات لهم في البلاد التي هاجروا إليها، ومن هؤلاء المهندس التونسي أشرف بن ثابت الذي هاجر إلى #ألمانيا وأثناء عمله فيها اخترع أول كاميرا k44 في العالم تستعمل للأغراض الطبية.
بينما في مفارقة عجيبة نرى الأنظمة في بلاد المسلمين ترعى من لديه "موهبة" في الرقص والغناء والألعاب
التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وتقيم لهم البرامج والمسابقات وتنفق عليهم المليارات، لأنها باختصار أنظمة تنفذ إملاءات وترعى الفساد والجهل، بدعم ومساندة من دول الغرب ومنظماتها الدولية، التي تتعمد تجهيل أبنائنا من خلال مناهج تقتل الإبداع وتحرم الطالب من التجربة العملية والتفكير النقدي وإعمال العقل، ومن خلال عمليات تقويم تركّز على الحفظ المجرد للمعلومات دون ربطها بالواقع أو تحليلها أو فهمها.
ختاماً: إن سياسة تعليمية كهذه لا يمكن أن تشكل بأي حال من الأحوال تربة خصبة لإنبات الإبداع، وإن أنظمة عميلة كهذه لا يمكن أن تكون داعمة للمبدعين، فإيجاد الإبداع ورعاية المبدعين لا يكون إلا من خلال دولة تولي اهتماماً بالتعليم وتنظر إليه على أنه أحد أهم القنوات التي من خلالها يصنع قادة الأمة ليضطلعوا بأعباء أمتهم بل والعالم أجمع، فتضع سياسة تعليمية تحقق هذا الهدف، وتهيئ البنية التحتية اللازمة من مكتبات ومختبرات ووسائل المعرفة الأخرى في المدارس والجامعات، وتهيئها في خارجها أيضاً لتمكين الباحثين والدارسين من مواصلة أبحاثهم، وترفع من شأن العلم والعلماء وتحتضنهم وتشجعهم على التنافس في العلم، وذلك كما فعل المأمون عندما جعل وزن الكتاب المُترجَم - من لغة غير العربية إلى اللغة العربية - ذهبًا للعالِم الذي يقوم بترجمته وبعض الروايات تقول إنه جعل ذلك أيضاً لكل من يؤلف كتاباً. وكما فعل هارون الرشيد، الذي قال عنه عبد الله بن المبارك: "ما رأيتُ عالمًا، ولا قارئًا للقرآن، ولا سابقًا للخيرات، ولا حافظًا للحرمات في أيام بعد أيام رسول الله وأيام #الخلفاء_الراشدين والصحابة، أكثر منهم في زمن الرشيد وأيامه، لقد كان الغلام يجمع القرآن وهو ابن ثماني سنين، ولقد كان الغلام يستبحر في الفقه والعِلم، ويروي الحديث، ويجمع الدواوين، ويناظر المعلمين وهو ابن إحدى عشرة سنة"، ولم يكن ذلك إلا بكثرة إنفاقه، واهتمامه بالعلم والعلماء وطلابه منذ الصغر!!
إن تطبيق نظام تعليمي رائد لن يكون إلا في ظل #دولة_الخلافة_الراشدة الثانية على منهاج النبوة والتي ستعيد الأمة الإسلامية، كما كانت الأولى في كل المجالات، حيث خرجت من مدارسها العلماء والساسة والقادة في شتى الميادين وأرست قواعد مجتمع إسلامي يشار له بالبنان، فكانت تخرّج رجال دولة وقادة معركة ورجال فقه وعلم ونقلت العالم من دياجير الظلام إلى #نور_الإسلام، ونسأل الله أن يكون قيامها قريبا...

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
براءة مناصرة


Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 8 2017, 10:04 AM
مشاركة #37


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



المكتب الإعــلامي المركزي
بيان صحفي
#مؤتمر ومعرض #المرأة العالمي: "#الخلافة_والتعليم: إحياء العصر الذهبي"
برعاية القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير وبالتعاون مع القسم النسائي لحزب التحرير في إندونيسيا - (مترجم)


======================


في يوم السبت الموافق 11 آذار/مارس، سوف يقوم القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير وبالتعاون مع القسم النسائي لحزب التحرير في #إندونيسيا، برعاية #مؤتمر_المرأة العالمي في #جاكرتا، إندونيسيا، بعنوان "الخلافة والتعليم: إحياء العصر الذهبي" ليعرض أزمات#التعليم التي تؤثر حالياً على العالم الإسلامي. وسيحضر المؤتمر متحدثات من فلسطين، وتركيا، وتونس، والخليج، وماليزيا، والمملكة المتحدة، وهولندا، وإندونيسيا. حيث سيجمع المؤتمر حوالي 1700 امرأة مؤثرة، منهن المعلمات، والمحاضرات، والباحثات، بالإضافة إلى الخبيرات في مجال التعليم، كما سيضم طالبات جامعيات، وناشطات طلابيات، وقائدات مجتمع، وصحفيات، وممثلات لمنظمات. وسيتضمن المؤتمر كلمات، وحلقات نقاش، وشهادات من مندوبات سيقمن من خلال تجاربهن بعرض مشاكل وإخفاقات أنظمة التعليم في مناطقهن.
وسيتم نقل المؤتمر بشكل مباشر للجمهور العالمي بثلاث لغات: #العربية، والإنجليزية، والإندونيسية. كما سيسبق المؤتمر معرض تاريخي يوم الجمعة الموافق 10 آذار/مارس، حيث سيتم فيه عرض بعض القضايا المهمة التي سيتناولها المؤتمر أيضا، من بينها سياسة ومنهاج التعليم في #دولة_الخلافة. ومن المتوقع أن يجذب المؤتمر زواراً من جميع أنحاء إندونيسيا.
يأتي المؤتمر والمعرض تكليلاً لجهود ثلاثة أسابيع من الحملة العالمية المكثفة حول قضية سوء حالة التعليم في البلاد الإسلامية وكيف أن الخلافة وحدها هي التي ستوفر الوسائل التي ستمكّن من حل هذه الأزمة وبناء نظام تعليمي على مستوى عالمي.
ومن المواضيع التي سيتم تناولها في المؤتمر والمعرض: ماذا يجب أن يكون الهدف الحقيقي للتعليم، والمخططات المكثفة الحالية التي تهدف إلى المزيد من علمنة النظام التعليمي في بلاد المسلمين، وأسباب أزمات التعليم في العالم الإسلامي، ورؤية دولة الخلافة لنظام التعليم وكيفية إنشاء جيل وحضارة ذهبية، وكيف ستبني دولة الخلافة نظاما تعليميا بمستوى عالمي، وحقوق المرأة في التعليم في ظل الدولة الإسلامية، وتوجيهات حول كيفية تشكيل نظام تعليمي إسلامي في ظل غياب دولة الخلافة اليوم.
مما لا شك فيه أن #العالم الإسلامي حاليا يعاني من "أزمة في التعليم" ذات أبعاد خطيرة. إن الحالة المزرية لنظام التعليم في المنطقة تقف في تناقض صارخ مع ما تمتعت به البلاد الإسلامية من نظام تعليمي ممتاز في ظل الحكم الإسلامي لدولة الخلافة والتي أوْلت اهتماما ودعما كبيرا لاكتساب ونشر العلم، حيث قادها هذا الاهتمام إلى أن تكون مركز العلم في العالم. حيث إنها ربّت أعدادا كبيرة من الباحثين والعلماء واحتضنت عصر الابتكارات والاكتشافات العظيمة، مما أوجد حضارة عظيمة أصبحت قوة عظمى في العالم. يهدف المعرض والمؤتمر إلى دعوة المسلمين في العالم لإحياء هذا العصر الذهبي من التعليم والبحث والتقدم العلمي، من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة والتي ستبني حضارة عريقة ستقود العالم بالفكر والعدالة الإسلامية.
سيعقد المؤتمر بإذن الله يوم السبت 11 آذار/مارس في تمام الساعة الثامنة صباحا، في جيدانغ براجوريت، بالاج سودرمان جاي أي. د. ساهارجو رقم 268 جاكارتا. وسيقام المعرض يوم الجمعة الموافق 10 آذار/مارس من الساعة الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساء في جيدانغ براجوريت، بالاج سودرمان جاي أي. د. ساهارجو رقم 268 جاكارتا. كما سيعقد مؤتمر صحفي يوم المؤتمر الساعة الثانية عشر ظهرا في قاعة الشخصيات المهمة في جيدانغ براجوريت، بالاج سودرمان.
يسمح للنساء فقط بحضور المؤتمر والمعرض، ولكن يمكن للصحفيين الرجال حضور المؤتمر الصحفي.

صفحات الحملة:
https://goo.gl/48dTS3 / www.facebook.com/WomenandShariahA
رابط تحميل فيديو الحملة:
https://youtu.be/St9nYSWy950
رابط البث الحي للمؤتمر - الساعة الرابعة صباحا بتوقيت المدينة المنورة:
https://youtu.be/KwHEyQztPc4
رابط البث المدعم باللغة العربية للمؤتمر - الساعة 14:00 ظهراً بتوقيت المدينة المنورة:
https://youtu.be/rRIpSuCcz4k
للمزيد من المعلومات بخصوص المؤتمر أو المعرض وللاعتماد الصحفي يرجى التواصل عبر البريد الإلكتروني التالي:
Khilafah.Education2017@gmail.com


د. نسرين نوّاز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير



Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 8 2017, 10:19 AM
مشاركة #38


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



التأثير في الأولاد


=================================


كثير من الآباء يشكون عقوق أولادهم وعدم طاعتهم لهم، وإذا ما قاموا بتنفيذ الأمر الصادر لهم من والديهم ينفذونه وهم متبرمون غاضبون، يتهمون آباءهم بالظلم والقهر، فكيف يستطيع الوالدان إقناع أبنائهم بما يريدون؟ وأن يوجدوا لديهم الدافع لتنفيذ الأمر برغبة وحب ودون إجبار وإكراه.

1- #القدوة
القدوة في #التربية هي من أنجح الأساليب المؤثرة في إعداد الولد سلبا أو إيجابا، فإذا كان المربي صادقا أمينا كريما عفيفا، نشأ الولد على #الصدق و #الأمانة والعفة والكرم. وإذا كان المربي كاذبا خائنا بخيلا نشأ الولد على الكذب والخيانة والبخل والجبن والنذالة. لذا وجب على الوالدين أن يتصفا بالصفات التي يريدان غرسها في الأبناء، وأن يراعيا القواعد السلوكية التي يريدان تنشئة الأولاد عليها.

2- استخدام القصة في إقناع الأولاد
هذا الأسلوب له تأثيراته النفسية وانطباعاته الذهنية وحججه العقلية، وقد استخدم القرآن القصة على نطاق واسع لأنها أسلوب مهم لزرع مفاهيم الأعماق في النفوس. والقصة القرآنية لها ثلاث مهمات: إثارة التفكير وأخذ #العظة والعبرة والتسلية.

3- إيجاد الألفة بين الآباء والأبناء
عن طريق معرفة #النظام التمثيلي للأولاد عن طريق ملاحظة سلوك الولد وكلماته وحركات يديه وعينيه وطريقته في التنفس وإيماءاته وتعبيرات وجهه. فيعرف إن كان من ذوي النظام البصري أو السمعي أو الحسي، إذا عرف الآباء النظام التمثيلي للأبناء، يستطيع الآباء التأثير فيهم بما يتناسب مع نظمهم. فإذا أردت التأثير على الولد البصري فاجعل كلامك معه سريعا وعاليا واستخدم وسائل الإيضاح (رسوم وصور) واعرض الموضوع بصورة عامة، لا تقترب منه. أما إذا كان ابنك سمعيا، فاجعل كلامك بين السرعة والوسط، تنفس بسرعة معتدلة، واعرض الموضوع بصورة إجمالية ونوع في نغمات صوتك ودرجته أثناء حديثك معه. أما إذا كان ابنك حسيا فاجعل كلامك هادئا بطيئا وتنفسك عميقا، اعرض الموضوع بتفاصيله، واقترب منه وأشبع مشاعره والمسه.

4- كيفية الحوار بين الآباء والأبناء
قبل محاولة إقناعه بأي موضوع، يجب على الوالدين معرفة نمط الابن وكيف يفكر، هل هو من الناس الذين يفضلون الحصول على المتعة أم من الذين يركزون على تجنب الألم؟ هل هو من الذين يتأثرون بكلام الآخرين حولهم أم بحديث أنفسهم؟ هل هو من الذين يهتمون بمصالحهم الخاصة أم من الناس الذين تتسع دائرة اهتماماتهم ليهتموا بمصالح الآخرين؟ وهل هو من الذين يركزون على أوجه الخلاف أم من الذين يركزون على أوجه التشابه بين الأشياء؟ وهل هو من الذين يقتنعون بسرعة من مرة واحدة؟ أم من الذين يحتاجون كل مرة إلى إقناع. وهل هو من الناس الذين يقومون بأنشطتهم مضطرين؟ أم الرغبة تدفعهم لذلك؟ وكل صنف من هؤلاء له مدخل للحديث.

5- ساعد ابنك على تحقيق أهدافه:
#الحوار مع الأبناء يشجعهم في الحديث عن طموحاتهم وأحلامهم وأهدافهم وماذا يريدون من الحياة وما الذي يخططون له مستقبلا. كما يشجع الأبناء على التعبير عن مشاكلهم مع زملائهم وإخوانهم وأصحابهم مما يجعل الوالدين مطلعين أولا بأول على مشاكل أولادهم ومساعدتهم في حلها. شجع ابنك على الحديث عن مشاعره وانفعالاته وأفكاره وأحلامه ومشاريعه ودعه يحلم ويتحدث عن حلمه... ثم ساعده في تحديد أهدافه بوضوح. شاركه في تصنيف هذه الأهداف، قريبة المدى، متوسطة المدى، بعيدة المدى، حدد معه الفترة الزمنية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، هل هي أهداف يومية أم أسبوعية أم شهرية أم سنوية. ضع معه جدولا يوميا يتبعه.

6- علم ابنك كيف يتحكم في مشاعره كالخوف أو الغضب أو الغيرة عن طريقين، التحكم في الأعضاء، والتمثيل الداخلي
أ‌- التحكم في الأعضاء: يستطيع الإنسان أن يتحكم في مشاعره بحركات بسيطة
ب‌- التمثيل الداخلي: وهو أن يقنع نفسه عن طريق حوار داخلي بأنه شجاع وليس جبانا

7- المداخل الأسرع تأثيرا في الأبناء: إذا أردت فتح حوار أو تكليف الأولاد بمهام أو مناقشة مشكلة فاختر أحد المداخل التالية: المشاعر والتكرار والاسترخاء والخيال واستغلال الحوادث والتلقين واستخدام الأسلوب الحسن في الطلب.

8- إعطاء الأوامر الفعالة: ما ذكر سابقا قد لا يجدي مع بعض الأولاد، فإذا طلبت منهم شيئا لا يستجيبون لك، إن الطلب بأدب يجدي مع الأولاد الذين تربوا منذ نشأتهم على طاعة الوالدين واحترامهما واحترام الكبار، لكن هناك من الأولاد من نشأوا على التمرد والعصيان والعناد وعدم الالتزام بالواجب، فهؤلاء يصعب التعامل معهم، ويرفضون تنفيذ أوامر والديهم، لذا على الوالدين إعطاء الأوامر الفعالة، وعدم الاكتفاء بمجرد الطلب بلطف.
- أعط الأمر عندما تريد أن يكف ابنك عن القيام بعمل خاطئ كالصراخ بصوت عال أو مزعج، قل له: توقف عن الصراخ.
- أعط الأمر عندما تريد أن يقوم ابنك بعمل ما كحل الواجبات المدرسية، قل له: اكتب واجباتك.

كيفية إعطاء الأوامر
اقترب من ابنك، ارسم تعبير استياء وغضب على وجهك واجعله ثابتا وانظر بثبات في عينيه ونادِ عليه باسمه وأعط أوامر صارمة واضحة بصوت حاد وإذا رفض الاستجابة كرر الطلب بحزم أكبر.
لا تعطِ أوامر غامضة ولا تسأل سؤالا عند إعطائك الأمر، ولا تعلق على السلوك السيئ عند إعطاء الأمر، ولا تعط أسبابا لقانون معين، أثناء حصول السلوك السيئ، فإن الوقت الذي يجب أن توضح فيه القانون أو القاعدة السلوكية المطلوبة يجب أن تكون قبل وقوع المخالفة أو بعد التوقف عنها وليس أثناءها.

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نجاح السباتين – ولاية الأردن

Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 8 2017, 10:58 AM
مشاركة #39


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



السعي نحو نموذج تعليمي من الطراز العالمي
الجزء 2
الخلافة على منهاج النبوة ستحمي #التعليم من أن يكون سلعة استعمارية في #بلاد_المسلمين
مترجم


===========


حدد الله سبحانه وتعالى الجودة التي ستنتج من عملية التعليم في الإسلام، بحيث يصبح الأفراد مؤهلين كأولي الألباب وجيلاً يصبح خير أمة. في المستقبل، سيصبح هذا الجيل قادرا على قيادة أمته لتصبح أمة عظيمة وقوية ورائدة، بل إلى درجة أنها ستصبح رائدة #العالم في #الحضارة وفي التطور التكنولوجي. هذا المقال هو الجزء الأخير من النقاش حول المفهوم الإسلامي للجامعة ذات المستوى العالمي.

التعليم هو استثمار كبير لحضارة
قبل فترة طويلة من #الصحوة في #أوروبا و #أمريكا، كانت الأمة الإسلامية وحضارتها تقودان العالم بنجاح في الحضارة والتطور التكنولوجي لمدة 13 قرنا. لم تغلبها أية أمة أخرى في الصمود هذا القدر الطويل من الزمن. وقد وصف هونكي والفاروقي جيدا خلفية المجتمع الإسلامي في عهد الخلافة، حيث إنهما أسندا سببين رئيسيين لنجاحها في حيازة وتطوير العلوم والتكنولوجيا.

أولا، النموذج الفكري الذي نشأ في #المجتمع الإسلامي، والذي ولد من العقيدة الإسلامية. والذي يصرح بأن العلم والإيمان "توأمان"، وأن التعلم هو شكل من أشكال العبادة - كطريقة لمعرفة الله - وأن العلماء هم ورثة الأنبياء، في حين إن الخرافة هي شكل من أشكال الشرك. هذا النموذج حل محل النموذج الجاهلي، والذي كان أيضا النموذج الفكري لروما وبلاد فارس والهند، والذي جعل العلم امتيازا طبقيا محجوبا عن عامة الناس. وعلى العكس من ذلك، استخدم هونك مصطلح "أمة واحدة تذهب إلى المدرسة" لتوضيح أن هذا النموذج الفكري كان ثوريا جدا بحيث كانت هناك صحوة علمية وتكنولوجية. وظهر الدافع في السعي وراء طلب #العلم من خلال الأحاديث الشريفة مثل «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، و«اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»، و«اطلبوا العلم، ولو في الصين»، و«طلب العلم ساعة خير من قيام ليلة»، الخ. وحتى الأثرياء كانوا متحمسين وفخورين جدا للقيام بالأمور التي من شأنها رفع مستوى العلم والتعليم في المجتمع، مثل بناء مكتبة عامة، وإنشاء مرصد، أو مختبر، فضلا عن التعاقد مع الخبراء.

ثانيا، كان دور الدولة قويا في توفير المحفزات الإيجابية لتطوير العلوم. وعلى الرغم من أن الأوضاع السياسية كانت متغيرة، إلا أن موقف الحكام المسلمين في الماضي نحو العلم كان أكثر إيجابية من الحكام الحاليين. لقد أظهرت الدولة احتراما كبيرا تجاه المعلمين والباحثين والعلماء ووفرت احتياجاتهم، ومكّنتهم بجدية في دورهم بل وشجعتهم على التمكن من أعلى المستويات من العلوم وكانت دوافعهم إلى ذلك مستندة إلى القرآن والسنة.
والنقطة الثانية هي محور هذه الورقة. لا جدال في أن استقلال الدولة وقوة رؤيتها هي أهم العوامل في التمكن المعرفي/العلمي وتوجيه تخطيط نظام تعليم متميز. وذلك لأن النظام السياسي للدولة سوف يقوم بتوجيه إدارة مواردها (الطبيعية والبشرية) كاملة لتحقيق أهدافها السياسية.
السياسة في الإسلام تعني رعاية شؤون الأمة داخليا وخارجيا بأحكام الإسلام. وتنفيذ النشاط السياسي يكون من قبل الأمة والدولة. الدولة هي المؤسسة التي تباشر هذه الرعاية عملياً. والأمة تقوم بمحاسبة الدولة في قيامها بواجباتها. وفي الوقت نفسه، فإن الهدف السياسي للإسلام هو الحفاظ على حياة الرعية بالشريعة الإسلامية في جوانب مهمة من حياتهم، وهي: المحافظة على النسل، والعقل، والشرف، والحياة البشرية والممتلكات، والدين، والأمن، والبلاد.

في مجال التعليم، من أجل تحقيق الهدف السياسي للإسلام في الحفاظ على العقل، تلتزم الدولة بتشجيع الأفراد على طلب العلم، والتفكير والاجتهاد، وكذلك الحالات المختلفة التي يمكن فيها تطوير قدرات العقل البشري، وهو أيضا يشيد بوجود العلماء (انظر: سورة المائدة: 90-91؛ سورة الزمر: 9؛ وسورة المجادلة: 11). ستقوم سياسة الدولة في نظام الإسلام بتخطيط النظام التعليمي جنبا إلى جنب مع أنظمة الدعم كاملة. ليس فقط من حيث الميزانية، ولكن أيضا فيما يتعلق بوسائل الإعلام، والبحث والعمل والصناعة، صعودا إلى مستوى السياسة الخارجية. الحكومة الإسلامية تدرك حقا بأن التعليم هو استثمار المستقبل من أجل بقاء الإسلام.

I. السياسة الداخلية في الإسلام: ضمان عدم تحويل التعليم إلى سلعة
يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾، أنزل الله سبحانه وتعالى الإسلام رحمة للعالمين. وتتحقق رحمة الإسلام هذه من خلال تحقيق الخير للجميع من خلال قدرة أحكام الإسلام على حل جميع مشاكل الحياة لجميع البشر في العالم. وينطبق الشيء نفسه في التعليم. لن تقوم الخلافة بالتمييز عند توفير التعليم. وسيتم توفير التعليم الجيد المجاني من المستوى الابتدائي إلى المستوى الثانوي لجميع الرعايا بغض النظر عن الدين أو المذهب أو العرق، أو الطائفة، أو الجنس. وبالنسبة للتعليم العالي، فإن الخلافة ستقوم بتوفيره وفقا لقدراتها.
في عهد الدولة الإسلامية التي نشأت في المدينة المنورة بقيادة النبي ﷺ، بدأ نمط توفير التعليم، وكان النبي ﷺ بصفته رئيس الدولة يشيد بالعلم. وفي الفترة اللاحقة للخلافة الإسلامية، تم توفير التعليم مجانا لجميع الرعايا. وبالتالي، لم يحصل طوال التاريخ الإسلامي، أن سعت الدولة للربح أو فرضت رسوما على الرعية مقابل التعليم. ويرجع ذلك إلى أن النموذج الفكري للدولة قد أعدّ التعليم باعتباره حاجة أساسية للشعب يجب أن تتحقق. ثم أصبح التعليم في جوهر السياسة الاقتصادية في الإسلام، أي ضمان إشباع جميع الحاجات الأساسية. والحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد الرعية هي ثلاثة المأكل والملبس، والمسكن. أما بالنسبة لحاجات المجتمع الأساسية، فهي الأمن، والطب، والتعليم.
تضمن السياسة الداخلية للإسلام منع التعليم من أن يصبح تجارة أو سلعة اقتصادية. وعلاوة على ذلك، إذا فرضت رسوم معينة على الأفراد مقابل التعليم، فإن ذلك سوف يؤدي إلى التمييز بين الأفراد، لأنه سيؤدي إلى وجود نوعين من التعليم، تعليم للأثرياء وتعليم لعامة الناس. وبناء على ذلك، كان من الضروري أن نفهم المبادئ الأساسية للتمكن المعرفي عبر النظام التعليمي، والتي هي على النحو التالي:

التمكن العلمي والتكنولوجي يجب أن يتم بشكل منهجي من قبل الدولة.
التمكن العلمي والتكنولوجي يجب أن يكون فقط على أساس سياسات الدولة، وألا يكون مدفوعا من قبل المصالح الخاصة، ناهيك عن الأجانب.
يجب أن تعيش الأمة الإسلامية في ظل نظام دولة الخلافة، التي هي الدولة الإسلامية التي تطبق الإسلام وتحمل الدعوة للإسلام في جميع أنحاء العالم بحيث يتم تطبيق الإسلام ليكون رحمة للعالمين.
هذه هي المبادئ الأساسية الثلاثة التي يجب أن تلتزم بها الأمة الإسلامية التي وصفها الله سبحانه وتعالى بأمها "خير أمة". يجب أن نتذكر، أن ذروة التمكن في العلوم والتكنولوجيا أيام مجد الأمة الإسلامية في الماضي لا يمكن فصلها عن إقامة نظام الخلافة، حيث إن للخلافة نظام قيادة متكاملة على الصعيد العالمي ويتم تنفيذ الدور السياسي بمحاذاة الدور الديني. كما يدلنا التاريخ على أن الأعلام والقادة السابقين كانوا أفرادا أتقياء ورجال دولة مؤهلين وموثوقاً بهم، فضلا عن علماء ورعين يخشون ربهم، ويحبون المعرفة، ويحبون أمتهم. من هذا الجانب يمكن أن نرى التكامل بين الركائز الثلاث الرئيسية في تشكيل الحضارة الإسلامية، أي الدين والسياسة، والمعرفة، مندمجة تحت حكم واحد لنظام الخلافة وبقيادة الخليفة.
وفي الوقت نفسه، فإن المعيار لقياس قدرة دولة ما في التمكن العلمي والتكنولوجي بشكل منتظم، هو ما إذا كانت الدولة:
قادرة على تشكيل نظام التعليم وفقا لنظرة الدولة للحياة والمشاكل التي تواجهها الدولة
قادرة على تشكيل قدرة بحثية تؤدي إلى حل المشاكل التي تواجهها الدولة
قادرة على تشكيل نظام صناعي يطبق نتائج البحوث
قادرة على تشكيل نظام صناعي قادر على تحقيق منافع اقتصادية إلى حد ما
قادرة على توجيه النظام الصناعي من أجل حل المشاكل التي تواجهها الدولة، منطلقا من رؤية الدولة ورسالتها.
وبناء على هذه المبادئ الأساسية، يتبين أن دولة قوية ومستقلة سوف تضافر كل المكونات الاستراتيجية من أجل التمكن العلمي، بدءا من النظام التعليمي، وبما في ذلك القدرات البحثية، ونظامها الصناعي، وأنماط تعيين العمالة، وصولا إلى السياسة الدبلوماسية والعلاقات الدولية مع الدول الأخرى. وقد صممت جميعا بتعاون انطلاقا من المسار السياسي للدولة.

السياسة الخارجية في الإسلام: تحول دون أن يصبح التعليم أداة للإمبريالية
بالنسبة للدول التي تأسست على الأيديولوجية الرأسمالية فإن العلوم والتكنولوجيا هي العوامل الاقتصادية الأكثر أهمية، بجانب السياسة والقانون، والتغييرات الاجتماعية والثقافية. ولذلك، من أجل إنعاش الاقتصاد، فإنها تحتاج إلى تطوير العلوم والتكنولوجيا. انظروا إلى المراكز الصناعية للتعليم العالي واسعة الانتشار في جميع أنحاء العالم والمثيرة للاهتمام، مثل بوسطن، ونيويورك، وكاليفورنيا، أو تورنتو، وكولومبيا البريطانية، أو لندن، ومانشستر، وكامبريدج، أو سيدني، وملبورن، وكانبرا. هذه المدن الصناعية بدأت عملية رسملة القرن الـ21 للعلوم والتكنولوجيا، وخصوصا عندما يفهم بداهة بأن المعرفة هي المحرك للنمو الاقتصادي - اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا.
وبالتالي فإن تحليل سوزان سترينج صحيح، من حيث إن العلم والتكنولوجيا هي واحدة من نقاط القوة في العالم؛ "المعرفة هي القوة، فمن كان قادرا على التطوير أو الحصول عليه ومنع وصول الآخرين إلى نوع من المعرفة التي يحترمها ويسعى إليها الآخرون، سوف يمارس نوعا خاصا جدا من القوة الهيكلية". وهكذا أصبحت ممارسات احتكار المعرفة اليوم نوعا من متطلبات وجود أية دولة تسعى لتكون قادرة على قيادة العالم. وهذا ما قام به الغرب ضد البلاد الإسلامية، مما أدى إلى تزايد ارتفاع مستوى الاعتماد على الغرب من حيث التطور العلمي.
هذا الاعتماد هو محل للسخرية حقا، ذلك لأن الأمة الإسلامية كانت في الحقيقة في طليعة التمكن العلمي. وقد قدم العلماء المسلمون العديد من الاكتشافات التي تم جمعها في كتب المعرفة، ثم تطورت باستمرار من خلال البحوث. وأثبت علماء كبار مثل ابن سينا، والفارابي، وابن خلدون، والخوارزمي، وغيرهم، بأن الإسلام قد قاد يوما مجد العلم.
جنبا إلى جنب مع تراجع الإسلام، تناقص عدد العلماء المسلمين، وحتى إن مصادر المعرفة التي وجدت في آلاف الكتب إما أن تكون قد دمرت أو أخذها الغرب لتطويرها. وأخيرا، أصبح الغرب هو الذي ينجز التطورات السريعة في العلم، وليس الإسلام. وذلك لأن الدراسة والبحث، وتطوير العلوم يتم بنشاط في الغرب. وفي الوقت نفسه فإن الأنظمة في البلاد الإسلامية ليست جادة في هذه الأنشطة، لذلك فهي ما زالت متأخرة باستمرار من التمكن العلمي.
لمعالجة مشكلة اعتماد البلاد الإسلامية على الدول الغربية فيما يتعلق بالعلوم والتكنولوجيا، سيستعرض هذا الجزء من الورقة تحديداً كيف تتناول السياسة الخارجية في الإسلام مسألة التمكن العلمي والتكنولوجي. السياسة الخارجية في الإسلام لديها مسار سياسي يمنع استخدام التعليم كأداة للإمبريالية، سواء أكانت الدولة الإسلامية هي الفاعل أم المفعول به. وبعبارة أخرى، فإن الدولة الإسلامية سوف لن تستعمِر بلدا آخر باسم التعليم أو تسمح لنفسها بأن تُستعمَر بسبب الحاجة للمعرفة.
سوف تُلغي دولة الخلافة السياسات الخارجية للدول القائمة في العالم الإسلامي اليوم، والتي تتميز بالضعف والخنوع للغرب، لتُحل محلها نموذجا جديداً على أساس الإسلام. واستنادا إلى الشريعة الإسلامية، فإن الخلافة سوف تبني العلاقات مع الدول الأخرى في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة، والتعليم. وفي كل الشؤون الخارجية، وسوف تضمن الخلافة نشر الدعوة للإسلام للبشرية جمعاء في أفضل طريقة. قال النبي ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوْا أَنْ لاَاِلَهَ إِلاَّاللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَّسُوْلُ اللهِ وَيُقِيْمُوْا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوْا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوْا ذَلِكَ عَصَمُوْا مِنِّيْ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ اْلإِسْلاَمِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»
ستقوم دولة الخلافة الإسلامية بتنفيذ سياسة خارجية قائمة على طريقة ثابتة معينة، هي الدعوة والجهاد. هذه الطريقة لم تتغير على الرغم من أن حكام الدولة الإسلامية قد تغيروا. لم تتغير هذه الطريقة منذ تأسيس النبي ﷺ الدولة في المدينة المنورة، إلى أن هدمت الخلافة العثمانية. وعندما كان النبي ﷺ يحكم في المدينة المنورة، كان دائما يعد الجيوش، كما أنه بدأ الجهاد للقضاء على أشكال مختلفة من الحواجز المادية التي أعاقت الدعوة للإسلام. كانت قريش إحدى تلك الحواجز المادية التي حالت دون انتشار الإسلام، وبالتالي كان لا بد من محاربتها. لقد قضى رسول الله ﷺ بنجاح على الحواجز المادية للمؤسسات الحكومية لقريش وغيرها من القبائل في شبه الجزيرة العربية، حتى انتشر الإسلام في جميع أنحاء العالم. وفي الوقت نفسه، سيتم بناء العلاقات بين دولة الخلافة والدول الأخرى استنادا إلى المبادئ التالية:

هناك فرق جوهري جدا بين المعرفة (العلوم والتكنولوجيا) والثقافة. المعرفة - ومنها العلوم والتكنولوجيا - هي عالمية، وليست مملوكة ولا حكرا على أمة بعينها. فأي شخص لديه الحق في تحصيلها ودراستها. دولة الخلافة - باعتبارها دولة أيديولوجية يتوجب عليها الحفاظ على ثقافة أجيالها، بحيث تصبح للأمة الإسلامية شخصية إسلامية نموذجية ونبيلة. وبذلك، تلزم دولة الخلافة جميع الأنظمة والبرامج ومناهج التعليم التي يتم تطبيقها في جميع أنحاء المؤسسات التعليمية القائمة تحت رعاية دولة الخلافة الإسلامية، تلزمها الرجوع إلى النظام والبرامج والمناهج الدراسية لدولة الخلافة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الدولة أن تضمن أن نظام التعليم الذي يجري في البلاد خالٍ من تأثير أي من الأيديولوجيات أو الأفهام التي تتعارض مع العقيدة الإسلامية، وكذلك خال من الثقافات الأجنبية.

في مجال التعليم، فإن الخلافة وفق مسار سياستها الخارجية واستراتيجيتها الدبلوماسية ستتعاون بشكل استباقي مع الدول الأخرى غير المعادية، أما المبادئ التي تحكم الاتفاقيات الدولية لدولة الخلافة في التعليم فهي كما يلي:
تطبق الدولة الإسلامية المناهج الدراسية في التعليم وفق سياسة معينة لتشكيل الشخصية الإسلامية
تسمح الشريعة الإسلامية بتعليم وتعلم أنشطة في إطار تنمية المعرفة التي تعود بالفائدة على الأمة والعالم
يجوز للدولة الإسلامية إبرام اتفاقات لجلب مدرسين ومحاضرين في مجال العلوم التجريبية من الخارج، لأن المعلم مرتبط بمنهج الدولة، وينبغي منه ألا يحيد عنه
لا يجوز إبرام اتفاق يتضمن محتواه السماح للدول الأخرى بنشر الأفكار والعقائد الخاطئة، أو فتح المدارس الخاصة بين أبناء الأمة
لا يجوز إبرام اتفاق يتطلب محتواه أن تكون الدولة الإسلامية ملزمة بأي برنامج لا يتفق مع سياسات التعليم التي يجب التقيد بها بقوة
يضمن الإسلام بمبادئه النبيلة بأن تكون جميع العلاقات والاتفاقيات مع الدول الأخرى دائما على أساس التناظر وليس التلاعب، لأن منهجية السياسة الخارجية في الإسلام ليست استعمارية مثلما هي الحال في النظام الرأسمالي، وإنما هي الدعوة والجهاد لإعلاء القيم الإنسانية. وعلاوة على ذلك، فإن الأصل في العلاقات الدبلوماسية في الإسلام هو الاهتمام بالمصالح الداخلية دون تجاهل لمصالح الدول الأخرى.

خطوات تكتيكية لدولة الخلافة في سياسة التمكن المعرفي
أ. استراتيجية بناء قدرة الدولة في التمكن المعرفي
الاستراتيجية الأولى مرتبطة ببناء ثلاثة نظم فرعية تدعم قدرة الدولة في التمكن من أعلى مستويات المعرفة.
أولا: بناء نظام تعليم يقوم على رؤية من المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية إلى التعليم العالي بحيث تكون العقيدة الإسلامية المصدر الوحيد للفلسفة والأعراف العلمية، وبذلك يولد جيل يحمل صفات عقلية القيادة وإخلاص المؤمن، ولديه مجموعة متنوعة من المهارات ومجالات الخبرة.
ثانيا: بناء نظام البحث والتطوير، الذي لديه القدرة على إجراء بحوث متكاملة سواء من معاهد ومؤسسات البحوث في الدولة، أو من الجامعات. بحيث تكون كلها تحت التحكم والتشجيع والتمويل الكامل من قبل الدولة.
ثالثا: بناء نظام صناعي استراتيجي مملوك ويدار بشكل مستقل من قبل الدولة، ويستند إلى متطلباتها العسكرية الحديثة وإشباع الحاجات الأساسية للأفراد. ولضمان استقلال الصناعة بما في ذلك القدرة على التحكم والإدارة وضمان أمن الإمدادات من العناصر المهمة في هذه الصناعة، وهي: المواد الخام، والتكنولوجيا، والخبرة، والهندسة، والتمويل، والقدرة على تشكيل سلسلة صناعية كاملة.
ب. استراتيجية أخذ المعرفة من الحضارات الأخرى
أولا: التعاون المعرفي والعلمي، والتكنولوجي مع دول الكفر المعاهدة
الاتفاق في مجال العلوم والتكنولوجيا جائز على الإطلاق، وذلك لأن الشريعة الإسلامية تسمح بذلك. وبالتالي، يسمح بهذا التعاون تبعا لشكل هذا التعاون، مع الاستمرار في مراقبة الموقف السياسي الدولي، ويسمح للخليفة قبول أو رفض مثل هذا الاتفاق من أجل الإسلام.
ثانيا: ترسل الدولة وفوداً من العلماء لطلب العلم في بلد معين. وسوف ترسل الدولة بمسارها السياسي وفوداً من العلماء للدراسة في الخارج لصالح المصالح الاستراتيجية لدولة الخلافة. فمثلا عندما رأى الخليفة الحاجة إلى قوة بحرية قوية لتعزيز الجهاد ضد القوة العظمى روما، بعث وفوداً من الأمة لتعلم تقنيات بناء السفن والملاحة باستخدام علم الفلك والبوصلة والبارود، وهلم جرا. وكان لا بد لدراسة ذلك في الصين - الذي كان أول من وضع علم البوصلة أو البارود، لذلك ذهبوا إلى هناك، رغم صعوبة الرحلة، وكان عليهم أن يتعلموا لغات أجنبية عدة. وهذا خلاف ما يحدث اليوم، حيث إن المنح الدراسية للعلماء المسلمين للدراسة في الخارج يتم تمويلها في الغالب من قبل أطراف خارجية، وليس من قبل الدولة. في الواقع، فإن الدول الأجنبية هي التي تقوم بتمويلهم، بينما تعمل الحكومة كمجرد ميسر فقط.
ثالثا: توظيف علماء أجانب لتعليم "الأمة الإسلامية"
في حالات سياسية معينة، يجوز اتخاذ بعض التدابير المخابراتية، خاصة عند التعامل مع الدول المعادية لدولة الخلافة، كما هي الحال في زمن السلطان محمد الفاتح (1453م) حيث جرت محاولات لإطلاق سراح السجين أوربان، المهندس البارع في صناعة المدافع، من سجن القسطنطينية. وكان الإمبراطور قسطنطين قد سجنه حتى يمنع توظيفه من قبل القوة العسكرية العثمانية. وبعد أن تم اتخاذ خطوات جادة تم إطلاق سراحه حضر أوربان إلى السلطان الفاتح، وتم توظيفه براتب يزيد عشرات أضعاف راتبه عندما كان يعمل في القسطنطينية. وأخيرا، صنع المدفع الضخم، الذي كان الأكثر تقدما في ذلك الوقت.
نستنتج من هذه القصة، أنه لو كانت هناك جدية لدى إحدى بلدان المسلمين نحو التمكن من العلوم واستقلال الرؤية، فإنه يجب بذل محاولات لتوظيف مشاهير #العلماء من مراكز التعليم المشهورة عالميا اليوم مع دفع أجور عالية لهم. ليقوموا بتعليم أبناء وبنات #البلاد، على بعض المعارف التي لم تتقن بعد، والذي يهدف إلى التنافس مع قدرة البلدان المتقدمة. أستاذ من جامعة هارفارد على سبيل المثال، يجب أن تدفع له عشرات المرات راتبه في الولايات المتحدة لتدريس أحدث تكنولوجيا التعدين في العالم الإسلامي، وعليه أن يدرس وفقا لمنهج #الدولة، ويجب ألا ينحرف عنه.
من الممكن إعادة بناء مجد #الإسلام للعالم الإسلامي إذا تم توحده كحضارة ليصبح "قوة جديدة" على الساحة السياسية العالمية. ستعود الأمة الإسلامية قريبا لقيادة العالم في الحضارة والتطور التكنولوجي، إذا تم إعادة توجيه نوعية الجيل الحالي فورا ليصبح جيلا من القادة. لأن البلاد الإسلامية لديها قوة هائلة فيما يتعلق بالموارد البشرية والموارد الطبيعية، والتي إذا توحدت تحت ظل دولة الخلافة، فإنه لن يكون هناك أي دولة أو أمة تستطيع أن تضاهيها.

وهذا سوف يحل بالضرورة اعتماد #الأمة الإسلامية على التكنولوجيا من دول الغرب. وستواجه سياسة احتكار المعرفة التي يقوم بها #الغرب من قبل أبناء الأمة الإسلامية بالاستقلال وقوة إبصار مبدئهم. وببطء ولكن بثبات، سيتغير الموقف، وسيصبح الغرب هو الذي يعتمد على الخلافة الإسلامية إن شاء الله.
والله أعلم بالصواب


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

Go to the top of the page
 
+Quote Post
الخلافة خلاصنا
المشاركة Mar 8 2017, 11:01 AM
مشاركة #40


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314




فيديو انطلاق حملة : "الخلافة والتعليم: إحياء العصر الذهبي"



Go to the top of the page
 
+Quote Post

3 الصفحات V  < 1 2 3 >
Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 17th November 2024 - 05:19 AM