منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> صفات المؤمنين كما وردت في الآية الثانية من سورة الأنفال
أم المعتصم
المشاركة Mar 23 2020, 08:41 AM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: المشرفين
المشاركات: 4,804
التسجيل: 19-January 15
رقم العضوية: 2,238





ونحن ما زلنا نعيش ذكرى الفاجعة الكبرى التي حلت بأمة الإسلام، ألا وهي هدم دولة الخلافة، فآلمت قلوب المسلمين في كل مكان من أرجاء المعمورة، وتوالت عليهم المصائب والشدائد بسبب غيابها، نعيش هذه الذكرى الأليمة ونحن نترقب الفجر الجديد في شهر رجب الخير ببزوغ شمس دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ونحن على موعد مع النصر بإقامتها قريبا بإذن الله تحقيقا لوعد الله جل في علاه، وبشرى نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام؛ ولكي نستحق هذا التكريم ينبغي لنا أن نتحلى بصفات المؤمنين الذين يجري ربنا النصر على أيديهم. فتعالوا بنا إلى التعرف عليها من خلال الآية الثانية من سورة الأنفال:

قال الله تعالى في كتابه العزيز وهو أصدق القائلين: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾. [الأنفال: 2]. قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله، ولا يتوكلون، ولا يُصَلُّون إذا غابوا، ولا يؤدون زكاة أموالهم، فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين. ثم وصف المؤمنين بأوصاف ثلاثة فقال:

1. ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.
2. ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً﴾.
3. ﴿وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.

قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، المؤمنون إذا ذكر الله ﴿وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي: فرقت، وفزعت وخافت، فأدوا فرائضه. وقال مجاهد: وهذه صفة المؤمن الذي آمن بالله تعالى ‌حق الإيمان، فهو إذا ذكر الله وجل قلبه، أي: خاف منه، ففعل أوامره، وترك زواجره، كقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. [آل عمران: 135] وكقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾. [النازعات: 40-41]. ولهذا قال سفيان الثوري: سمعت السدي يقول في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾. قال: هو الرجل يريد أن يظلم - أو قال: يهم بمعصية - فيقال له: اتق الله فيوجل قلبه.

وقوله: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً﴾، كقوله: ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: 124] وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب، كما هو مذهب جمهور الأئمة، بل قال ذلك غير واحد من الأئمة، كالشافعي، وأحمد بن حنبل.

والحق أن الإيمان هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل. هذا هو تعريف الإيمان. فالتصديق ينبغي أن يكون جازماً أي بنسبة مائة بالمائة. أرأيت لو أن أحداً من الناس آمن بالله تعالى وباليوم الآخر بنسبة تسعين بالمائة، وبقي عنده شك في واحد من هذين الركنين بنسبة عشرة بالمائة؛ فهل يسمى ذلك إيمانا؟ بالطبع لا، إما إيمان، أو فلا إيمان، فالإيمان لا يزداد ولا ينقص، بل الذي يزداد وينقص إنما هو العمل الذي هو من تبعات ومتطلبات الإيمان، فالإيمان ليس كلمة تقال باللسان فحسب، بل الإيمان بأركان الإيمان الست: بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر، يترتب عليه تبعات، ومتطلبات، وتكاليف، وأعباء، وهي أوامر ونواه من الله تعالى؛ ليمتحن ويختبر إيماننا، وهو يعلم حقيقتنا، لكن ذلك لإقامة الحجة علينا.
يقول سيد قطب رحمه الله في ظلال تفسير سورة العنكبوت: "إن الإيمان ليس كلمة تقال، إنما هو حقيقة ذات تكاليف، وأمانة ذات أعباء، وجهاد يحتاج إلى صبر، وجهد يحتاج إلى احتمال، فلا يكفي أن يقول الناس: آمنا، وهم لا يتركون لهذه الدعوة حتى يتعرضوا للفتنة، فيثبتوا عليها، ويخرجوا منها صافية عناصرهم، خالصة قلوبهم، كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به، وهذا هو أصل الكلمة اللغوي، وله دلالته وظله وإيحاؤه، وكذلك تصنع الفتنة بالقلوب. هذه الفتنة على الإيمان أصل ثابت، وسنة جارية في ميزان الله سبحانه: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾".

ويقول سيد قطب رحمه الله: "إن الاحتكام إلى منهج الله في كتابه ليس تطوعا، ولا نافلة، ولا موضع اختيار، إنما هو الإيمان أو فلا إيمان ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾. فالأمر إذن جدّ. إنه أمر العقيدة من أساسها، ثم هو أمر سعادة هذه البشرية أو شقائها، إن هذه البشرية وهي من صنع الله لا تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتح من صنع الله، ولا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يخرج من يديه سبحانه، وقد جعل في منهجه وحده مفاتيح كل مغلق وشفاء كل دواء. ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾. ولكن هذه البشرية لا تريد أن ترد القفل إلى صانعه، ولا أن تذهب بالمريض إلى مبدعه، ولا تسلك في أمر نفسها، وفي أمر إنسانيتها، وفي أمر سعادتها أو شقائها ما تعودت أن تسلكه من أمر الأجهزة والآلات المادية الزهيدة التي تستخدمها في حاجاتها اليومية الصغيرة. وهي تعلم أنها تستدعي لإصلاح الجهاز مهندس المصنع الذي صنع هذا الجهاز، ولكنها لا تطبق هذه القاعدة على الإنسان نفسه؛ فترده إلى المصنع الذي منه خرج، ولا أن تستفتي المبدع الذي أنشأ هذا الجهاز العجيب. الجهاز الإنساني العظيم الكريم الدقيق اللطيف الذي لا يعلم مساربه ومداخله إلا الذي أبدعه وأنشأه. ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾. ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾". انتهى الاقتباس من قول سيد قطب رحمه الله.

ما ذكر الإيمان في القرآن إلا وذكر معه العمل الصالح: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ وكلمة الإيمان تطلق ويراد بها العمل، وهذا مذكور في القرآن في معرض الحديث عن تغير قبلة المسلمين من بيت المقدس في القدس الشريف إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة. قال تعالى: ﴿وَمَا كانَ اللَّـهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾. [البقرة: ١٤٣[ قال المفسرون: ﴿وَمَا كانَ اللَّـهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ أي ما كان الله جل في علاه ليضيع صلاتكم أثناء توجهكم إلى بيت المقدس قبل تغيير القبلة. ثم إن الرسول ﷺ يقول: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ»، بمعنى أن من يعصي الله جل وعلا حين يعصي ربه يفارقه الإيمان، أي لا يكون مؤمناً مدركا لصلته بالله، وإنما يكون غافلاً عن هذه الصلة، وإن هذه الغفلة تورد صاحبها الهلاك في جهنم - والعياذ بالله - إن لم يتيقظ، ويثوب إلى رشده، ويتوب إلى الله توبة صادقة. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَـٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾. (الأعراف: ١٧٩].

فالحديث المشار إليه حديث صحيح جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ». وفي رواية: «وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ». قال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: "فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء، ويراد نفي كماله... كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة. وإنما تأولناه على هذا المعنى لحديث أبي ذر وغيره «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أهل الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرين على الكبيرة كانوا في المشيئة، إن شاء الله عفا عنهم، وأدخلهم الجنة أولاً، وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة". وقد اقتصرنا على المعنى الذي رجحه النووي لوضوحه ولموافقته وملاءمته لقواعد الشرع العامة ونصوص الشرع الأخرى.

وقوله: ﴿وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ أي: لا يرجون سواه، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يلوذون إلا بحماه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، ولا يرغبون إلا إليه، ويعلمون أنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الملك وحده لا شريك له، ولا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب؛ ولهذا قال سعيد بن جبير: التوكل على الله جماع الإيمان. هذا والله تعالى أعلى وأعلم، ولله الحمد والمنة.

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمـد أحمد النادي

#YenidenHilafet
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah


Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 1st November 2024 - 02:57 PM