منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> المنافقون ... رأس حربة في موالاة أعداء الدين
أم سلمة
المشاركة Dec 26 2014, 12:18 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 2,229
التسجيل: 13-May 12
رقم العضوية: 1,892



المنافقون ... رأس حربة في موالاة أعداء الدين

دكتورحازم عيد بدر


إن النفاق داء عضال، وانحراف خلقي خطير في حياة الأفراد، والمجتمعات والأمم، فخطره عظيم، وشرور أهله كثيرة. وتبدو خطورة النفاق الكبيرة حينما نلاحظ آثاره المدمرة على الأمة كافة، إذ يقوم بعمليات الهدم الشنيع من الداخل، بينما صاحبه آمن لا تراقبه العيون ولا تحسب حسابًا لمكره ومكايده، إذ يتسمى بأسماء المسلمين ويظهر بمظاهرهم ويتكلم بألسنتهم.

وإذا نظرت إلى النفاق نظرة فاحصة لوجدته طبخة شيطانية مركبة من جبن شديد، وطمع بالمنافع الدنيوية العاجلة، وجحود بالحق، وكذب.. ولك أن تتخيل ما ينتج عن خليط كهذا!. وإذا نظرنا إلى النفاق في اللغة لوجدناه من جنس الخداع والمكر، وإظهار الخير وإبطان الشر.
وقد ذكر كثير من أهل العلم أن النفاق قسمان:
النفاق الاعتقادي: ويسميه بعضهم "النفاق الأكبر" وبينه الحافظ ابن رجب رحمه الله بأن: يُظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كلَّه أو بعضه. يقول: وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار, :{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً} النساء145. أما الثاني فهو النفاق العملي: وهو التخلق ببعض أخلاق المنافقين الظاهرة كالكذب، والمداهنة والكذب والخيانة ... مع الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، كما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم:"آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان" (رواه مسلم).
وللمنافقين صفات كثيرة كشفها القرآن نشير إليها مجرد إشارات مختصرة، ومنها:
أ. أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم :{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} البقرة8

ب. أنهم يخادعون المؤمنين, :{يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ }البقرة9.

ت. أنهم يستهزءون بالمؤمنين, :{وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} البقرة14.

ث. أنهم يحلفون كذبًا ليستروا جرائمهم, :{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} المنافقون2 .

ج. أنهم يوالون الكافرين وينصرونهم على المؤمنين, :{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعا} النساء 138.
ح. أنهم يعملون على توهين المؤمنين وتخذيلهم, :{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً} الأحزاب12 .

خ. أنهم يتركون التحاكم إلى الله ورسوله, :{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودا} النساء60 .

د. ومن صفاتهم الخبيثة طعنهم في المؤمنين وتشكيكهم في نوايا الطائعين, :{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} التوبة79
ذ. أنهم يدبرون المؤامرات ضد المسلمين أو يشاركون فيها، والتاريخ مليء بالحوادث التي تثبت تآمر المنافقين ضد أمة الإسلام، بل واقعنا اليوم يشهد بهذا، فما أوقع كثيرًا من المجاهدين اليوم في قبضة الكافرين وأعداء الإسلام إلا تآمر هؤلاء المنافقين في غير بلد إسلامي.

أعاذنا الله وإياكم من النفاق، وكفى الأمة شر المنافقين.
وأهل النفاق يوالون أعداء الإسلام والدين. وقد أخبرنا القرآن عنهم وعن دعاواهم (أي أسبابهم ومنطلقاتهم حين ينافقون) في مُوالاة من يناصب الإسلام وأهله العداء. فالمنافقون: 1. يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة, :{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} المائدة52 . 2. والمنافقون يُسارعون في الكفار يبتغون عندهم العزة, :{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً} النساء138 3. والمنافقون يريدون عرَض الحياة الدنيا, :{الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} النساء141 .

4. والمنافقون يحسدون أهل الإيمان على ما آتاهم الله من فضله, :{هَا أَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} آل عمران119-120. وهكذا نرى جليا أن أهل النفاق يوالون من يحارب الإسلام من الكفار, ويقفون في صفهم, ويحبونهم, فهذا ديدنهم, مع أن الله نهى عن موالاة الكفار,أعداء الدين, في غير آية. والواجب على المسلمين أن يبغضوا الكفار ممن يحاربون الدين, وأن يعادوهم في الله، وأن يجاهدوهم بالله, ولإعلاء كلمة الله. فموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين، مِنْ أعظمِ أصول الإيمانِ، لذا نهى اللهُ عبادَهُ المؤمنين عنْ مُوَالاة الكفار ومودتِهم فقال:{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ} آل عمران28 . وقد ذكر العلماء جملة من القواعد في موضوع موالاة الكفار, نذكر منها:

القاعدة الأولى : وجوب معاداة الكفار وبغضهم وتحريم موالاتهم ومحبتهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء144, وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } المائدة 51 , فاتخاذهم أولياء هو اعتبارهم أصدقاء وأحباباً وأنصاراً، وذلك يظهر بالحفاوة بهم وإكرامهم وتعظيمهم، ومما يوضح ذلك قوله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} الممتحنة1 .
القاعدة الثانية: أن الوقوع في هذا المنكر العظيم والجرم الخطير, ألا وهو موالاة الكفار ومحبتهم، أو توليهم ونصرتهم, قد يخرج الإنسان من دين الإسلام بالكلية بنص كتاب الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} المائدة51 .
القاعدة الثالثة: أن الأصل في معاداة الكفار وبغضهم أن تكون ظاهرة لا مخفية مستترة، حفظاً لدين المسلمين، وإشعاراً لهم بالفرق بينهم وبين الكافرين, حتى يقوى ويتماسك المسلمون ويضعف أعداء الملة والدين. والدليل على هذا قوله تعالى آمراً نبيه والأمة كلها بأن تقتدي بإبراهيم عليه السلام, إمام الحنفاء, وأن تفعل فعله حيث قال:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} الممتحنة4 .
القاعدة الرابعة: أن حرمة موالاة الكفار تزداد وتتأكد في حق من كان محارباً مقاتلاً للمسلمين، مخرجاً لهم من ديارهم، صاداً لهم عن دينهم كما :{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الممتحنة9 .
القاعدة الخامسة: إن قضية وجوب معاداة الكافرين وبغضهم أمر لا خيار لنا فيه، بل هو من العبادات التي افترضها على المؤمنين, كالصلاة وغيرها من فرائض الإسلام, وقد تقدمت الآيات الصريحة الدالة على هذا الأمر، فلا تغتر بمن يزعم أن هذا دين فلان أو فلان، بل هذا دين رب العالمين، وهدي سيد المرسلين. وهكذا فإن قضية الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين مرتبطة بلا إله إلا الله ارتباطاً وثيقاً، فإن (لا إله إلا الله) تتضمن ركنين. الأول: النفي, وهو نفي العبودية عما سوى الله, والكفر بكل ما يعبد من دون الله وهو الذي سماه الله عز وجل الكفر بالطاغوت. والثاني: الإثبات, وهو إفراد الله بالعبادة. والدليل على هذين الركنين قوله تعالى:{ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}البقرة256 , ومن الكفر بالطاغوت الكفر بأهله كما جاء في قوله تعالى:{إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} الممتحنة4.
القاعدة السادسة: هناك فرق بين بغض الكافر وعداوته وبين معاملته ودعوته إلى الإسلام، فالكافر لا يخلو إما أن يكون حربياً، فهذا ليس بيننا وبينه إلا السيف وإظهار العداوة والبغضاء له، وإما أن يكون ليس بمحارب لنا ولا مشارك للمحاربين، فهذا إما أن يكون ذمياً أو مستأمناً أو بيننا وبينه عهد، فهذا يجب مراعاة العهد الذي بيننا وبينه، فيحقن دمه ولا يجوز التعدي عليه، وتؤدى حقوقه إن كان جاراً، ويزار إن كان مريضاً، وتجاب دعوته بشرط دعوته للإسلام في كل هذه الحالات، وعدم الحضور معه في مكان يعصى الله فيه، وبغير هذين الشرطين لا يجوز مخالطته والأنس معه، فصيانة الدين والقلب أولى وأحرى، بل أُمرنا عند دعوتهم بمجادلتهم بالتي هي أحسن, :{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} العنكبوت46, وقال عز وجل عمن لم يقاتلنا:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة8 . وقد ذكر العلماء

صوراً من موالاة الأعداء الخطيرة والتي قد تخرج صاحبها من الملة، ومن ذلك:

1. الرضا بكفرهم أو الشك فيه أو الامتناع عن تكفيرهم أو الإقدام على مدح دينهم, قال الله تعالى عن كفر الراضي:{مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} النحل106 .
2.ً التحاكم إلى طاغوتهم, و نقل قوانينهم وتحكيمها في بلاد المسلمين, :{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً} النساء60, وقال:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} المائدة50 .
3. ومودتهم ومحبتهم, :{لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} المجادلة22 .
4. الركون إليهم والاعتماد عليهم وجعلهم سنداً وظهيراً, :{وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} هود113.
5. إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين, :{وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}الأنفال73, وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}التوبة71 .
6. التولي العام لهم, واتخاذهم أعواناً وأنصاراً, وربط المصير بهم, :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} المائدة51.
7. مداهنتهم ومجاملتهم على حساب الدين, :{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} القلم9, ويدخل في ذلك مجالستهم والدخول عليهم وقت استهزائهم بآيات الله، :{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}النساء 140 .
8. الثقة بهم واتخاذهم بطانة من دون المؤمنين وجعلهم مستشارين, :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}آل عمران118.
9. توليتهم المناصب التي يرأسون بها المسلمين ويذلونهم, ويتحكمون في رقاب الموحدين, ويحولون بينهم وبين تطبيقهم لدينهم, :{وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} النساء 141 .
10. مدحهم والذبّ عنهم, والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة, والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم, دون النظر إلى عقائدهم الباطلة, ودينهم الفاسد. وكذلك تعظيمهم وإطلاق ألقاب التفخيم عليهم, وتقديمهم في المناسبات على حساب المؤمنين.
11. مشاركتهم في أعيادهم, وطقوس عباداتهم, أو مساعدتهم في إقامتها, أو تهنئتهم بمناسبتها, أو حضور أماكنها. وقد فُسَّر الزور في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} الفرقان72 بأعياد الكفار.
هذه طائفة من الأمثلة التي توضّح قاعدة تحريم موالاة الكفّار، والتي يقودها المنافقون. نسأل الله سلامة العقيدة, وقوّة الإيمان والله المستعان. ومن أخطر صور الموالاة لأعداء الله في هذا العصر:

1.القتال معهم، سيما ضد المسلمين.

2. التجسس ضد المسلمين لصالح الكافرين.

3. الدخول معهم في أحلاف، سيما ضد طائفة من المسلمين.

4. السماح لهم بإنشاء قواعد عسكرية في ديار الإسلام.

5. تولي الحكم نيابة عنهم في البلاد التي اغتصبوها من المسلمين.

6. العمل على تنفيذ مخططاتهم.

7. عقد المؤتمرات والندوات التضليلية لتهيئة الأجواء للتعايش السلمي معهم في ديار الإسلام, بينما هم يعملون القتل والنهب في بلادنا.

8. العمل وتولي المناصب القيادية في المنظمات الدولية التي يهيمن عليها الكفار, حيث لا يلي ذلك إلا من وثق به الكفار واطمأنوا له.

9. فتح الأجواء والطرق البرية والمياه الإقليمية لطائرات الأعداء وسفنهم لغزو ديار الإسلام.

10. لخضوع والاستكانة والتنازل لهم مقابل البقاء في الحكم أطول مدة ممكنة. أخيرا أقول: نصيحة لكل مسلم يسير إلى الله ... يبتغي الحق ويسأل الله السداد والعون: لا ترغب عن سبيل المؤمنين, فالله تعالى يقول:{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الأنعام153, ويقول سبحانه:{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} النساء115, فلا ترغب عن سبيل المؤمنين، ولا تقتفِ سُبُل المجرمين من الكفَّار والمنافقين، واعلم أنه ما من سبيل منها إلا وعليه شيطان يدعو إليه ويزينه لأهله. وعليك بالنُّصح لكل مسلم, فـالدين النصيحة, كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن جرير بن عبد الله البجلي قال: (بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنُّصح لكل مسلم.) (رواه الترمذي), فالنصيحةُ للمسلمين هو مُقتضى ترْك التفرُّق في السبيل، وهو هديُ أهل الجماعة وسَمْتهم. نسأل الله أن يكفينا النفاق وأهله إنه سميع مجيب, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 22nd July 2025 - 05:59 PM