فلنغير طريقتنا في التفكير (3)
تفكير القطيع
يظن الكثير من الناس أن الرأي الذي يتبعه الإغلبية هو الرأي الصحيح وغالبا ما يتبعونه بدون تفكير ما دام هو رأي الأغلبية. هذه الطريقة في التفكير - أو بالأحرى عدم التفكير - هي تجسيد فعلي لمفهوم تفكير القطيع! طبعا لنفهم لماذا يحبذ الإنسان أن لا يفكر وأن يتبع القطيع ؟ بكل بساطة هذا هو الإختيار الأسهل للإنسان الذي يركن للكسل ولا يريد أن يتعب عقله بالتفكير ،، وكما سبب ذلك أيضا أن الإنسان بغريزته يبتع للجماعة و يعيش في جماعة وللتفكير الجماعي سلطة قوية على تفكير الفرد، أو عدم إستخدام عقله ...
إذا فأن نقول إذا صلح الفرد صلح المجتمع فهذه فكرة فاشلة وغير صالحة إن أردنا تغيير المجتمع .. فالمجتمع ليس مكونا فقط من الأفراد ،، بل هؤلاء الأفراد، كما لهم إحتياجات فردية، فلهم إحتياجات جماعية، ويعيشون في المجتمع الذي تحكمه الدولة بدساتير وقوانين لحفظ ذلك المجتمع ولتطوره وتقدمه وهكذا.
إذا تفكير القطيع موجود في كل فرد، لأن الإنسان لا يستطيع العيش منعزل عن الجماعة. بالتالي يصل لنتيجة مخفية أن أراء الجماعة هي الأراء الصحيحة, وأن عليه إتباعها. وفي هذه الأوضاع التي أفقدت المسلمين طريقة التفكير الصحيحة نجد عائق كبير أمام التغيير على الأوضاع الفاسدة، ألا وهي تفكير القطيع ، الفكير الجماعي الذي يخضع لمفاهيم تشرب بها الناس دون التفكير في صحتها أو بطلانها، والخروج عن القطيع صعب على الإنسان، فلا أحد يريد أن "ينقلب" على مسلمات تسير وفقها الجماعة في وتيرة يومية ثابتة. فأفكار المجتمع و المشاعر العامة فيه تسير وفق هذه المسلمات التي أصبحت بمثابة ثوابت في المجتمع و عادات وتقاليد موروثة، حتى الدولة تحميها و تشجعها. فيغيب عنها غالبا مفهوم الحلال والحرام إن كانت الدولة تحكم الناس بغير ما انزل الله تعالى وكان المجتمع تسوده أفكاره أفكار علمانية كتقليد الغرب الكافر
فالفرد في الواقع جزء من الجماعة و محكوم في حياته الخاصة والعامة بكيان الدولة ، فإن هلكوا هلك و إن نجوا نجى. لذلك كان عليه مراقبة أفكار المجتمع الذي يعيش فيه وأن يكون له مقياس لهذه الثوابت من حوله يقيس بها صحتها من خطائها، لذلك يجب على الفرد أن يفكر في الإتجاه الذي تسير فيه سفينة المجتمع، و القوانين التي تسيطر عليه.
فليس المطلوب إصلاح نفسه،
ليس المطلوب إصلاح المجتمع أو الدولة، على المسلم أن يغير طريقة تفكيره إلى الطريقة السوية الصحيحة .. ولن يتأكد من صحتها إلا إذا تعلم كيفية إستخدام عقله وإبتعد عن أن يكون أحد أعضاء القطيع.. يسير معه كما يشاء قائد القطيع.. فالمطلوب تغيير المجتمع والدولة ليعيش الجميع في ظل أفكار ومشاعر وقوانين صالحة عادلة ولن يكون ذلك إلا بأحكام الله تعالى الشرعية.
إذا المطلوب أن يجعل الفرد لحياته مقياس مصدره عقيدته العقلية الراسخة، فالإسلام عقيدة ونظام يحكم علاقة الفرد بنفسه و مع خالقه عز وجل و مع المجتمع ومع الدولة .. فيعيش في الحياة على علم و على أساس واعي .
أما تفكير القطيع فمفهوم غربي خطير مستمد من الدعوات للديموقراطية - حكم الأغلبية - يجب أن لا يعطي له المسلم إعتبار في قراراته و مواقفه حيث أن الأغلبية هنا تترك الحكم للعقل االبشري العاجز وللنفس البشرية الأمارة بالسوء والأنانية التي تعصف بالمجتمع و وتدعو لإقصاء الدين عن الحياة في الدولة ..
فإن إتبعنا الغرب إتبعنا القطيع بدون وعي على المقياس الصحيح للحق والباطل الذي بينه الله تعالى خالق العباد لعباده، وأصبحنا أقرب للحيوانات منه للإنسان.
فلنغير طريقتنا في التفكير ..
|