الرئيس الأمريكي واجهة لمنظومة الحكم الأمريكيةيظن البعض أن الرئيس الأمريكي كونه رئيس أقوى دولة في العالم فإنه يملك صلاحيات واسعة مثل إعلان الحروب أو الخروج العسكري الكامل للقوات الأمريكية من بلاد أخرى أو دعم بلاد أخرى ماليا وعسكريا، أو عزل من يشاء في أمريكا، ويظنون أنه من يرسم السياسة الأمريكية.
في الحقيقة فان هذا الكلام غير صحيح، فقانونيا سلطات الرئيس محدودة وينبغي موافقة الكونغرس الأمريكي على الكثير من القرارات قبل أن يقوم الرئيس بتنفيذها، وتعيين الوزراء طاقم الحكم للرئيس ينبغي أن ينال ثقة الكونغرس أيضا.
في هذا الخضم ينبغي عدم نسيان أن أمريكا قائدة الدول الرأسمالية في العالم، وهذا يعني أن أصحاب رؤوس الأموال يتحكمون من وراء ستار في القرار الأمريكي، وينبغي لأي حكومة أمريكية مراعاة مصالحهم، ومصلحتهم تحدد من خلال مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، فلا يعني هذا الأمر أن أي شخص ملياردير يستطيع إبرام صفقات اقتصادية مع أي دولة أخرى إلا بعد موافقة الحكومة الأمريكية عليها وعن طريق الحكومة الأمريكية، وهذا يعني أن أصحاب رؤوس الأموال والكونغرس بالإضافة إلى الرئاسة كلهم يتشاطرون الحكم، والكثير من الرؤساء كما نرى هم من الأثرياء في الولايات المتحدة الأمريكية وليسوا أشخاصا عاديين، وحتى أعضاء الكونغرس وحكام الولايات في أمريكا أغلبهم من أصحاب رؤوس الأموال، وهذا يعني انه لا مجال للفقراء أو لأحزاب غير الحزبين الجمهوري والديمقراطي للتنافس على الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد تم إنشاء مراكز أبحاث بعضها يتبع الجامعات الأمريكية في أمريكا يكون فيها موظفون أغلبهم من الخبراء وممن عمل سابقا في الحكومات الأمريكية يقومون بإعداد دراسات للحكومة الأمريكية وتقديمها لصناع القرار الأمريكي، ويتم الإنفاق عليها كثيرا بدعم من أصحاب رؤوس الأموال تضع الاستراتيجيات التي ينبغي للحكومة الأمريكية السير عليها في سبيل مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية.
إذن نعود لموضوعنا وهو أن الرئيس الأمريكي ليس الحاكم المطلق في أمريكا، فسياسته تعكس سياسة منظومة الحكم الأمريكية بكاملها، ولذلك فان سياسة ترامب القادمة لن تعكس أهواءه الشخصية فقط، بل ستعكس ما تريده منظومة الحكم في أمريكا، وان حصل تمرد من ترامب مثلا على ما يقر من استراتيجيات فان التخلص منه قانونيا، ومخابراتيا من تلفيق تهم له، ومن اغتيال مثل ما حصل مع كينيدي ليس بالأمر الصعب إن عرض ترامب مصالح أمريكا وأصحاب رؤوس الأموال للخطر على حسب رأي منظومة الحكم الأمريكية.
فالذين تضايقوا من انتخاب ترامب وحزنوا لعدم انتخاب كلينتون هم أشخص واهمون، ولكن الدول في العالم تدرك أن شخص الرئيس الأمريكي ليس هو الفاعل في كل شيء، وتعرف أن أي تصرف من الرئيس الأمريكي يعكس رؤية منظومة الحكم الأمريكية، وأما حكام العالم الإسلامي فهم عبيد يصفقون لأي زعيم أمريكي، وهؤلاء الحكام من مصائب المسلمين الكبرى.
فسياسة أي رئيس أمريكي تعكس في الحقيقة منظومة الحكم الأمريكية الرأسمالية، وتعكس الديمقراطية الأمريكية، وتعكس ما يتم توجيه الرأي العام له في أمريكا من قبل صناع القرار الأمريكي، ولا خير في أي رئيس أمريكي قادم لأنه واجهة لمنظومة الحكم الأمريكية التي لم تتغير منذ زمن طويل، فأمريكا هي دولة إجرامية ترى نفسها سيدة العالم، وترى أن العالم يجب أن يخضع لها، وترى في نفس الوقت ضرورة شحن المواطن الأمريكي بكره الأجانب وبالذات المسلمين لتبرير سياستها اتجاه المسلمين ولكبح جماح أي عمل يمكن للمسلمين أن يكثروا به سوادهم في الولايات المتحدة الأمريكية، ولتبرير أي سياسة قمعية اتجاههم مستقبلا، ولتحضير المواطن الأمريكي لأي مواجهة مستقبلية مع المسلمين في حال أفلت العالم الإسلامي من تحت سيطرتهم، وان إفلاته بات قريبا، وخير دليل على ما نقول الأزمة السورية وشيب رأس أوباما من كثرة عجزهم عن احتواء الثورة السورية، وهو ما سيعمل ترامب على السيطرة عليها بأساليب أخرى، ولن تنجح أساليبه هو الآخر بإذن الله تعالى، وسيفلت العالم الإسلامي من هيمنة الاستعمار قريبا بإذن الله تعالى.
https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theater