أما طريقة إيجاد الخلافة من دراسة سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فان الرسول بعث فردا ودعا إلى الله وأقام الدولة في المدينة المنورة، إذن يجب دراسة ما قام بها الرسول منذ بعثته إلى أن أقام الدولة في المدنية المنورة، أي قبل السنة الأولى للهجرة، أي أن الوعي يفرض علينا دراسة تلك المرحلة وقلة الوعي هي دراسة فترة ما بعد الهجرة أي فترة ما بعد إقامة الدولة في المدينة، إلا إن جاءنا شخص بفكرة أخرى وهي أن الدولة الإسلامية أو "الدول الإسلامية" موجودة وتحتاج عملية إصلاح أي انه جاء بفكرة الإصلاح، فهنا الخلل عندها ليس في الطريقة بل بالأساس وهو الفكرة، وهنا عندما نطرح طريقة إقامة الخلافة نطرحها على أساس الاتفاق أن الخلافة أو الدولة الإسلامية غير موجودة أصلا، نعود فنقول أن طريقة إيجاد الخلافة بشكل مختصر هي:
أولا: تأسيس كتلة وتثقيف أفرادها بأفكار الإسلام وبالمشروع اللازم للتغيير وبشكل مركز، فالرسول أسس كتلة أو جماعة الصحابة وبدأ بتثقيفهم في دار الأرقم بن أبي الأرقم.
ثانيا: التفاعل مع الناس وتعني عملية إفهام الناس الفكرة والمشروع التي تريد تلك الكتلة إيجاده في المجتمع، وهذه لها عدة نواحي مثل ضرب أفكار الكفر أو الصراع الفكري، فمثلا الرسول الكريم ضرب فكرة عبادة الأصنام ونحن مثلا نضرب فكرة الديمقراطية، ومن الأعمال في تلك المرحلة الأعمال السياسية أو الكفاح السياسي مثل كشف زعماء الكفر أو الضلال الذين يقفون حجر عثرة أمام ذلك المشروع وكشف زيف سياستهم وزيف نظامهم، فقد كشف الرسول الكريم سادة قريش أبي جهل والوليد بن المغيرة وغيرهم ونحن اليوم نكشف الحكام ومن ورائهم الدول الغربية التي تحارب عودة الخلافة، ومن الأعمال في تلك المرحلة تبني مصالح الأمة فقد بين الرسول فساد علاقاتهم الاجتماعية مثل وأد البنات {وإذا الموءودة سئلت} وبين فساد نظامهم الاقتصادي {ويل للمطففين} وغيره ونحن اليوم نبين المعالجات الصحيحة الاجتماعية مثل خطر دعوات حرية المرأة وبعض النواحي في الاقتصاد مثل الشركات المساهمة المحرمة وغيره، ومن أعمال تلك المرحلة كشف مؤامرات المجرمين مثل بيان خطط الاستعمار وتحذير المسلمين منها.
في هذه المرحلة لم يستخدم الرسول الكريم إلا العمل الفكري، فلم يقتل زعماء قريش ولم يشكل جماعات مسلحة -ليس خوفا- استجابة لأمر الله، ونحن استجابة لأمر الله نستخدم العمل الفكري فقط اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس خوفا وإنما استجابة لأمر الله، مهما لاقينا من صد وتكذيب وتعذيب واضطهاد من قبل الكافرين والمجرمين، قدوتنا في ذلك الرسول الكريم وصحبه وما لاقوه في هذه الفترة.
ومن أعمال هذه المرحلة أعمال طلب النصرة من أهل القوة والمنعة لنصرة المشروع الذي نريد إيجاده في المجتمع وذلك عن طريق إيصال هذه الفكرة إلى الحكم، فالرسول الكريم طلب النصرة من الطائف ومن بني عامر بن أبي صعصعة ومن بني الشيبان ومن كندة وغيرها من القبائل، وكلهم رده ورفض طلبه، وبعضهم اشترط عليه التنازل عن شيء يسير من المبدأ مقابل نصرته، فرفض شروطهم، حتى هيأ الله له الأنصار (الأوس والخزرج) في المدينة المنورة الذين استجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون قيد أو شرط.
ونحن نقوم بطلب النصرة من أهل القوة والمنعة وهم في زماننا الجيوش أو زعماء القبائل الذين يمتلكون القوة أو غيرهم من فصائل عسكرية تسيطر بالكامل على منطقة معينة وتملك قوة في ذلك البلد، وقد نرفض كثيرا وهذا أمر طبيعي، المهم أن من ينصرنا يجب عليه أن لا يشترط علينا لنصرة الإسلام كما حصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم، بل نحن من يشترط على من ينصرنا، أما من هم أنصار هذا الزمان؟؟ فهذا لم يحصل لساعة كتابة هذا المقال وبناء عليه نستمر بالسير على طريقة الرسول في إقامة الدولة الإسلامية حتى يهيئ الله لدينه.
ثالثا: المرحلة الثالثة وهي مرحلة استلام الحكم وتطبيقه في الداخل أي داخل الدولة الإسلامية وحمله إلى الخارج بالدعوة والجهاد، وهذه حصلت مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولم تحصل لساعة كتابة هذا المقال مع أهل هذا الزمان الذي نحياه.
هذه بالمختصر طريقة إيجاد الخلافة، تم أخذها من سيرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبما أنه قدوتنا وبما أننا شرعا ملزمون بالسير على سنة رسول الله صلى اللهعليه وسلم وجب علينا السير على هذه الطريقة لإيجاد الدولة الإسلامية أو الخلافة في الحياة.
|