أما مقولة أصلح الفرد يصلح المجتمع فهي مقولة فاسدة، لأن عملية إصلاح الفرد تقتضي إصلاح أربعة أمور عند الفرد وهي: العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق، فإن صلحت هذه الأمور صلح الفرد فقط، وفرد صالح زائد فرد صالح زائد ألف فرد صالح يعطينا أفراد صالحين ولا يعطينا مجتمعا صالحا، ذلك أن مقومات إصلاح المجتمع هي أربعة وهي غير مقومات إصلاح الفرد، ومقومات إصلاح المجتمع هي: الأفكار والمشاعر المسيطرة على جمهور الناس زائدا النظام المطبق، فإذا صلحت هذه الأمور صلح المجتمع ولو كان جلّ أهله من غير المسلمين.
تخيل -وهذا مستحيل- أن نسبة 90%من الناس صالحين بدون وجود نظام إسلامي، كيف يمكن لهؤلاء جباية الزكاة وتوزيعها على مستحقيها؟؟؟ كيف يمكن لهؤلاء جباية الخراج والجزية والفيء؟؟ كيف يمكن لهؤلاء تحريك الجيوش لفتح بلاد الكفر؟؟؟ كيف يمكن لهؤلاء تطبيق الحدود على الناس؟؟؟ كيف يمكن لهؤلاء توفير التعليم والتطبيب حسب الشرع للناس؟؟؟ كيف يمكنهم مطاردة الخارجين على القانون وتأديبهم؟؟؟ كيف يمكنهم رعاية أمور الناس اليومية في مختلف المصالح؟؟؟ كيف وكيف وكيف، كيف يمكنهم تطبيق الإسلام على الناس وهم أفراد كل يسعى في شأنه وليس لهم سلطان ولا قوة.
لكن لو صلح النظام بان طبق النظام من قبل أفراد مؤمنين بهذا النظام، وكان جل أهل البلد غير مسلمين وهذه صورة حدثت كثيرا أيام الفتوحات لبلاد الكفر، فان النظام الإسلامي تم تطبيقه بأحسن صوره رغم أن اغلب أهل البلد نصارى يدفعون الجزية، فإصلاح المجتمع يقتضي إصلاح النظام، وهو الذي تكلمنا عنه وهو إقامة الخلافة أي تغيير النظم الحالية وإيجاد نظام الخلافة مكانها.
وإذا عدنا إلى الإخلاص نجد أنه جزء من جزء من مقومات إصلاح الفرد، أي نجد أنه جزء من الأخلاق الكريمة التي هي جزء من أربعة من عوامل إصلاح الفرد. فإذا كانت عملية إصلاح الفرد لا تصلح المجتمع، وليس لها طريق عملي له غاية لإصلاح الفرد، إذ أن المشتغلين في إصلاح الأفراد إنما يعملون عملا لا غاية له، وهذا يؤدي إلى الدوران في حركة لولبية تنتهي باليأس والإحباط، فكيف بالجزء من جزء وهو الإخلاص، فإن العمل له يعتبر ضربا من الخيال.
|