إذن مشكلة المسلمين في عدم النجاح في التغيير ليست قلة الإخلاص فهذه لا تبحث هنا في عملية التغيير، وإنما الذي يبحث هو قلة الوعي، ولننظر إلى أمثلة من الواقع كيف أدت قلة الوعي إلى الكوارث على من يعمل للتغيير وعلى المسلمين، وموضوع هل كانوا مخلصين أم لا لن نبحثه لأنه كما قلنا عمل قلبي، ولكن يكفي أن يقال لإنسان أنه خائن إذا أصر على المعصية، ليس لأننا اطلعنا على قلبه ولكن لإصراره على المعصية، ولنعد لطرح هذه الأمثلة:
------------------------------------------------------- 1- من قلة الوعي المدمرة أخذ المساعدات المالية وغيرها من الدول في العالم الإسلامي أو من دول الكفر، أو اتخاذ بعض الدول مقرا لها وداعما لها، وهذا يؤدي إلى تنفيذ سياسات هذه الدول، فإذا أدركنا أن كل حكام المسلمين الحاليين عملاء للكفار وأن عملية التغيير بإقامة نظام الإسلام تعني زوالهم، فإننا ندرك أن أي دعم يقدمونه لن يؤدي إلى التغيير الصحيح بل سيقدمون الدعم فقط الذي يخدم ما تريده هذه الدول وما تريده هذه الدول هو عينه ما يريده الكفار أسيادهم. 2- رضوخ الكثير من الحركات للحلول التي تقدمها الدول في العالم الإسلامي أو الدول الغربية أو الأمم المتحدة، وبتفكير بسيط ندرك أن هذه الدول لن تقدم حلولا تجعل المسلمين يقيمون الخلافة ويتخلصون من نفوذ الغرب الكافر. 3- عدم إدراك من هو العدو الرئيسي أو المحرك للأمور، فمثلا عدم إدراك الكثيرين أن إيران التي تستغل تبنيها للشيعة كذبا والسعودية التي تستغل تبنيها للسنة كذبا، عدم إدراك أن هاتين الدولتين مثلا تعملان بأوامر أمريكية، أي عدم إدراك عمالة هاتين الدولتين لأمريكا وتنفيذهما لسياستها في المنطقة يجعل الكثير من الحركات السنية تتخذ الشيعة عدوا رئيسيا لها وهكذا الأمر بالنسبة للشيعة، فنقتتل فيما بيننا ويبقى عدونا ينظر إلينا فرحا كيف ننفذ مخططاته. 4- عدم الوعي الشرعي على الشريعة الإسلامية وكيفية استنباط الأحكام الشرعية، تجعل الكثيرين يضلون الطريق، فمن يأخذ بفقه الواقع والضرورات على عمومها وغيره، فإنه لن يصل إلى الصواب، وإن ما وصل إليه من استنباطات خاطئة لن تؤدي به إلى النجاح، بل ستؤدي به إلى الفشل فقط. 5- من قلة الوعي المدمرة محاولة إرضاء الأعداء لقوتهم ظنا ممن يفعل ذلك أن هذا الأمر سيخفف عداوتهم لهذه الفئة، فيقع هذا الإنسان في شراكهم، ولا يتوقف عن التنازلات لهم حتى يصبح عميلا لهم من حيث يدري أو من حيث لا يدري، وقد يكون بداية من المخلصين ولكنه مع الوقت يتحول إلى شخص منافق يسعى خلف مصالحه فقط. فالعمل على إقناع الكفار بأننا غير إرهابيين أي اتخاذ موقف الدفاع عن أنفسنا لن يرضي الكفار عنا، فلو أطعنا كل كفار العالم وألبسناهم الحرير وأجلسناهم على الذهب سيبقون يتهموننا لأنهم يكرهوننا ويكرهون ديننا وهم يحاربوننا باتهامنا بمختلف التهم حتى نرتد عن ديننا. 6- من قلة الوعي عند البعض هي أن يصبح الشخص بوقا للمجرمين من حيث يدري أو لا يدري مثل مناداته بالديمقراطية لأن المجرمين يريدون ذلك، ومثل مهاجمته للخلافة ودعاتها لأن المجرمين يريدون ذلك، فيتحول هذا الإنسان بحسن نية أو سوئها إلى عميل فكري لهم. 7- من قلة الوعي القول، أن التخلص من الحكام وإقامة الخلافة هو الحل ولكن التخلص من الحكام قد يسبب فتنة ودماء وأشلاء، لذلك يجب الاقتصار على الإصلاح الفردي، وهذا عين ما يريده الحكام، فهذه الدعوات التي في ظاهرها تريد نصرة الإسلام وأهله وحقن دماء المسلمين تصرف المسلمين عن خلع سبب الفساد والشرور وهم حكام المسلمين. 8- ومن قلة الوعي المنتشرة الوقوع في نفس أخطاء من سبقونا، وهذه تأخذ درجة المصيبة أو الطامة الكبرى، مثل أن تجد حركات ما زالت تردد أن أمريكا هي من تملك الحلول بعد كل هذا التاريخ الإجرامي الحافل لأمريكا في منطقة العالم الإسلامي وفي العالم ككل.
وهكذا نرى أن المؤثر الوحيد هو قلة الوعي وليس موضوع إخلاص الأفراد، وان كان لعدم وجود الإخلاص عند البعض الأثر الواضح في خيانتهم لله ورسوله والمؤمنين، فالكثير اليوم من المسلمين يحبون الإسلام وقلوبهم مخلصة لله عز وجل ويريدون خدمة الإسلام لكن قلة الوعي التي عندهم تجعلهم بحسن نية يخدمون عدوهم من حيث لا يدرون.
|