وتأتي أهمية الإخلاص في عملية التغيير في موضوع اتخاذ القرار الصائب لمصلحة المسلمين، فان وجود الإخلاص عند الشخص يجعله يتراجع عن خطئه ويعود للصواب لان عمله خالص لوجه الله، فمتى ما أدرك خطأه تراجع عن خطئه وعاد إلى الصواب، إما إن لم يوجد الإخلاص فسترى الشخص يتمادى في الخطأ ويصر عليه ويبتعد أكثر وأكثر عن الحق.
ولنأخذ عدة أمثلة لفئات كيف يؤثر موضوع الإخلاص عليهم، ولنبدأ بـ:
العلماء: فكثير من العلماء يسير أحيانا على قواعد خاطئة أو أنه يحسن الظن بأشخاص معينين وبعد فترة من الزمن يثبت له خطأ ما هو عليه من آراء أو أن الشخص الذي كان يؤيده ثبت أنه عميل مجرم، فهنا يظهر موضوع الإخلاص عند هذا الرجل في: هل يبقى على القديم رغم ثبوت خطئه أم يغير إلى الحق والى بيان الحق والوقوف معه، وكشف أي شخص يزيغ عن الحق. فإن كان المسير له تقوى الله تعالى وكان مخلصا لله سيقف مع الحق ويتراجع عن آرائه السابقة وسيبين عمالة المجرمين وأنهم ظلمة حتى لو انقلب عليه جمهوره ونقم عليه أو حتى لو تعرض لنقمة الظالمين وبطشهم، فهنا يظهر موضوع الإخلاص لله تعالى وما هو الموقف الذي سيتم اتخاذه.
المجاهدون: فهنا وبسبب قلة الوعي عند الكثيرين منهم، قد يقعوا في أخطاء شديدة وخطيرة، مثل استباحة دماء المسلمين أو الارتباط بدول عميلة يصبح العيش بدون دولاراتها صعب، أو يوافقوا على مشاريع الكفار في بلاد المسلمين، وبعد فترة يثبت لهم خطأ ما هم عليه سواء آراؤهم الخاطئة أو أعمالهم الخاطئة أو مواقفهم الخاطئة، وهنا إن وجد عنصر الإخلاص فيجب عليهم التراجع عما هم فيه، فان كان يستحلون دماء المسلمين لظن عندهم وجب عليهم التراجع فورا وبيان خطئهم، وان كان يعيشون على دولارات سياسية مسمومة وجب التوقف عن أخذها والبراءة من الظالمين، وان كانت مواقفهم تغضب الله وجب عليهم التراجع عنها، وان كان تحزبهم وتكتلهم خاطئا من الأساس وجب حله من أساسه، فهنا يدخل عنصر الإخلاص في هذه الأمور، فان تراجعوا كانوا فعلا من المخلصين ويريدون التراجع عن خطئهم وتصحيحه، وان كان عنصر الإخلاص مفقودا وبالذات عند القيادة فسترى إصرارا على الباطل ومكابرة ومعاندة وتأييد أعمى من الأتباع، تكون المناصب والدولارات معمية لهم عن إتباع الحق.
أبناء الحركات الإسلامية: هؤلاء أيضا عنصر الإخلاص مهم جدا عندهم في إتباع الحق، فقد يكونون متبعين جماعة زمنا طويلا ويدافعون عنها ويكتبون في ذلك المقالات وبعد فترة يثبت لهم أن منهجهم خاطئ ولا يمكن تصحيحه بسبب رفض القيادة لهذا التصحيح، أو أن تصحيح الخطأ قد يقطع عنهم دعما ماليا أو يؤثر على حياتهم اليومية، أو قد يتعرضون للتهديد إن هم تركوا هذه الحركة أو الحزب، فهنا نبدأ ننظر في إخلاص هذا الداعية إلى الله تعالى، فان كان مخلصا وجب عليه إتباع الحق الذي توصل إليه، وان كان غير مخلص فسيعاند ويبرر فعل حركته وسيدافع عنها مهما أخطأت وهذا سيجعله والعياذ بالله من المنافقين.
وطرقنا هذه الفئات دون التطرق لإخلاص الأفراد لأن هذه الفئات هي الفئات التي تعمل للتغيير نحو الإسلام، ووصولهم لخطئهم يحتاج قبل الإخلاص وعيا بينًا على الخطأ ثم يظهر عنصر الإخلاص في ترك الباطل، أما إن كان الوعي عندهم لم يوصلهم إلى الحق فعندها لا فائدة من بحث موضوع: "مخلص أم لا ما دام يسير على خطأ"، فلا فائدة من بحث عنصر الإخلاص عند عالم يرى أن هؤلاء المجرمين ولاة أمر لا يجوز الخروج عليهم مهما ارتكبوا من جرائم، ولا فائدة من بحث عنصر الإخلاص عند مجاهد يرى جواز قتل كل من خالفه من المسلمين، ولا فائدة من بحث عنصر الإخلاص عند حركة تساير المجرمين لان عقولهم ترشدهم إلى ذلك والتبريرات العقلية هي أدلتهم، نعم لا فائدة من بحث عنصر الإخلاص، فقد يكونون مخلصين وقد لا يكونون، ولكن وقوعهم في المنكر البيّن الواضح يجعل بحث هذا الأمر لا يفيد كثيرا.
|