وهنا قد يطرح تساؤل وهو: هل أن كل من ملك الوعي القوي يمكن أن يكون مخلصا؟؟
في الحقيقة يمكن أن يكون الجواب "نعم" و "لا" في نفس الوقت.
أما الجواب بلا فهو الأقرب لفهم الواقع، فهناك أناس يملكون الوعي القوي والكثير على أحكام الإسلام وعلى مشروع التغيير الصحيح ويعملون للتغيير ولكنهم يفقدون الإخلاص أحيانا في عباداتهم وقرباتهم وذلك أن الشيطان استطاع أن ينفذ لهم من أبواب لم ينتبهوا لها أو غفلوا عنها، ولا أقول لم يعوها بل لم ينتبهوا لها، وموضوع غفلة بني آدم وارد جدا عند الجميع أن يغفل بنو آدم عن الحق أحيانا، وذلك مثل أن يغتر أحدهم بعمله الصالح أو أن يغتر بدرس له أو خطبة قوية أو عبادة له، أو أن يعجبه جسمه وجماله (الكبر والعجب) ومن هذه الأمور، فهذا النوع من فقدان الإخلاص (الرياء) قد يصيب الجميع، وهذا يجب الاستغفار منه والتوبة إلى الله تعالى.
وطبعا هذا يختلف عما تكلمنا به في المقال، فهذا النوع خطره فردي على صاحبه، ولا يسبب ضررا للجماعة إلا إن تعدى صاحبه إلى جماعته وحزبه وذلك بحبه للسيطرة عليها ومحاولة الوصول إلى مركز القرار فيها، ولكن الذي تحدثنا عنه طيلة المقال هو عدم الإخلاص الذي يسبب الكوارث على الأمة الإسلامية مثل عدم إخلاص بعض القادة في بعض الحركات وسيرهم مع الكفار وخدمتهم وقبولهم للمال من المجرمين لقاء تقديم الخدمات لهم فهذا عدم إخلاص مدمر، وهو يختلف اختلافا كبيرا عما يمكن أن يصيب أي فرد فينا من عدم الإخلاص أحيانا والذي يسمى (الرياء في الأعمال)، والذي قد يقع فيه أي مسلم، فشتان شتان بين الأمرين.
أما الجواب بنعم فهو صحيح إذا تكلمنا عن عدم الإخلاص المدمر الذي قد يقع فيه الإنسان ويؤثر مصلحته على مصلحة الإسلام وأهله، فهذا نعم يمكن للكثير أن لا يقع فيه، بل على العكس لا يقع فيه إلا النفوس المريضة جدا، أما عدم الإخلاص أو الرياء الذي يصيب أفراد المسلمين في عباداتهم وقرباتهم فهذا لا مناص منه لأي مسلم، وكفى بالمرء مدحا أن يقل رياؤه أو يكاد ينعدم.
|