أما سبب قلة الوعي فيرجع إلى الظروف التي أصابت المسلمين في فترة الانحطاط قبل هدم الدولة الإسلامية من غزو فكري ومن تبشير ومن ثقافة أجنبية غزت العالم الإسلامي ومن تغيير للمقاييس الشرعية عند المسلمين، ويرجع أيضا إلى فترة ما بعد هدم الدولة الإسلامية وزيادة على السابق قبل هدم الدولة الإسلامية من غزو فكري وسياسي وتغيير للمقاييس الشرعية (الحلال والحرام)عند المسلمين، تغييرها إلى مقاييس النفعية والمصلحة ومقاييس حساب النتائج قبل الفعل حسابا عقليا وإلى الحكم على الأفعال حكما عقليا، ويرجع أيضا إلى السيطرة الغربية الكبيرة على مناهج التعليم وبنائها على المصلحة والمنفعة والعلمانية وإبعاد بنائها عن العقيدة الإسلامية، ويرجع أيضا إلى طول الفترة تحت هذه العملية من تغيير الأفكار والمقاييس والقناعات عند المسلمين، حتى وجد جيل كامل لم يعاصر حكم الإسلام نهائيا، أو بالأدق جيل بعيد عن معنى الحكم الإسلامي ويرى فيه تاريخا غابرا من الصعب إرجاعه، فقد أدت عملية التغريب الطويلة هذه للمفاهيم والمقاييس والقناعات عند المسلمين أدت إلى قلة الوعي المبني على العقيدة الإسلامية وإلى قلة الوعي السياسي والفكري وقلة الوعي على الأعداء للأمة الإسلامية.
أضف إلى ذلك ما تقوم به وسائل الإعلام من التضليل لصالح الحكام والكفار، وأضف إليه علماء السوء وما يفتون به من فتاوى كلها لصالح الغرب وحكام السوء، وهذان العنصران ما زالا يقومان بعملية تضليل كبيرة لليوم.
وأيضا ظهور حركات إسلامية قائمة على هذه الأفكار المغلوطة والخاطئة والتي استهوت الملايين من أبناء المسلمين وبعد فشلها بسبب خطأ منهجها الفكري في عملية التغيير (سواء منها السياسية أو الحركات المسلحة المقاومة أو الحركات المقاتلة للكفار أو المقاتلة للظالمين) جعل الناس تمل من الحركات الإسلامية وتفقد الأمل في أي حركة بشكل عام، وقيام حركات إسلامية كثيرة بمنافقة الحكام والسير تحت ظلهم جعل الناس تصف أي حركة إسلامية ولو كانت مخلصة وواعية اتهامها بأنها كسابقاتها حركة لن تفيد المسلمين، وبسبب قيام الكثير من الأحزاب العلمانية منها والإسلامية بخداع المسلمين جعل المسلمين ينفرون من أي حزب أو حركة تعمل للتغيير حتى استساغ الناس فكرة أن لا أحزاب في الإسلام، جريا وراء ما يريده الحكام من تيئيس الناس من العمل للتغيير.
وأيضا عملية إلهاء الناس بلقمة العيش والقمع الشديد من الأنظمة لكل من يخالفها جعل الملايين يسعون لراحتهم عن طريق عدم متابعة أهل الوعي والحق من المسلمين والابتعاد عنهم، والسعي فقط وراء لقمة العيش، مما زاد الجهل وقلة الوعي بين المسلمين.
وهنا نرى أن المسلمين ضحية لهذا الغزو الاستعماري والذي لو سلط على أمة أو شعب آخر غير المسلمين لمحاهم عن وجه الأرض، وعملية إنقاذ المسلمين تكون بالعمل على نشر الوعي بينهم، أي عملية الدعوة إلى أفكار ومفاهيم ومقاييس الإسلام ونشر الوعي عليها، ولا يكون بجلد المسلمين واتهامهم بالتخلف والجهل، أو محاربة العصاة منهم، أو بسلوك طريق للتغيير لا تكون عملية الدعوة ونشر الوعي بين المسلمين جزء رئيسي منه.
والسؤال هو كيف نتعامل مع الناس في ظل هذه الظروف؟؟؟؟
يتبع..........................
|