أهمية الإخلاص أي عمل يجب أن تكون له نية متوافقة مع القصد المعروف من العمل، وإذا حصل خلل في ذلك حصل النفاق (من ناحية لغوية) في العمل، فمثلا من يقوم بأداء عبادة فان النية المطلوبة (الإخلاص) هنا تكون طاعة الله، فان يصلي الرجل بنية غير طاعة الله مثل أن يصلي ليقال عابد حصل هنا النفاق وهو إظهار عكس ما يبطن الرجل، وتغيير النية لإرضاء غير الله في القربات يسمى الرياء، ولذلك فان الله جل وعلا رتب على الرياء عدم قبول العمل من الشخص المرائي، وهو نوع من الشرك، وهو عمل قلبي لا يمكن الاطلاع عليه، إلا إذا اظهر الشخص المرائي شيئا من ريائه، أو إذا ظهر على سلوكه شيئا من ريائه، أما في الوضع الطبيعي فالرياء عمل قلبي لا يمكن الإطلاع عليه.
والآن لنأتي لأهمية الإخلاص في الأعمال، وسنركز على ناحية تغيير واقع المسلمين، فمن أهمية الإخلاص:•
الأعمال الصالحة (القربات) بشكل عام لا تقبل ما لم تكن خالصة لوجه الله الكريم، وهذا غير مختلف فيه عند جمهور علماء المسلمين.
•
البحث عن الجماعة المبرئة للذمة، فإن وجد الإخلاص عند الشخص في البحث عن الجماعة المبرئة للذمة فإنه سيصل بإذن الله تعالى إلى الجماعة المبرئة للذمة، وإن حصل وأن ضل الطريق وانضم إلى جماعة غير سائرة على الطريق الصحيح، فإنه بأول نقاش جدي مع شخص منتمي للجماعة المبرئة للذمة سيترك ما هو عليه وينضم للجماعة المبرئة للذمة، أما إن عدم الإخلاص فإن الجدال والمكابرة هو ما ستجده من هذا الشخص عند نقاشه لينضم للجماعة المبرئة للذمة، ولا يعلم ما في قلب هذا الرجل إلا الله تعالى، ولذلك كان عنصر الإخلاص مهما، طبعا مع شرط أن يتم إيصال الفكرة لهذا الشخص بالحجة والإقناع والأدلة الساطعة القوية.
•
التراجع عن الأخطاء مع قبول خسارة المنصب والمال في سبيل ذلك، فكثير من الأشخاص الموجودين في مراكز مرموقة في الدولة أو مراكز معينة في جماعات إسلامية، وتكون تلك المراكز تعطيهم وجاهة وقدرة على تسيير أمور حياتهم، وتدر عليهم أموالا، فإنه عند نقاشهم لينضموا إلى العمل الصحيح في التغيير فإن الرفض هو المتوقع من هكذا أشخاص، وبالذات إذا كان العمل للتغيير وهذا هو الأغلب سيحتم عليهم ترك تلك المناصب وترك تلك الحركات التي يستفيدون منها، فعنصر الإخلاص مهم جدا هنا، فإن وجد الإخلاص تركوا تلك الأمور والمناصب والمراكز من أجل إتباع الحق، وقليل ما هم هؤلاء الأشخاص، فإن أغلب هؤلاء الأشخاص تعميهم مراكزهم والجاه الذي هم فيه والأموال التي يتقاضونها من هكذا مراكز؛ فإن هذه الأشياء تعميهم عن إتباع الحق إلا من رحم الله تعالى.
•
القضاء على النفاق، فالشخص المخلص لله تعالى يسعى إلى إرضاء الله تعالى لأنه يدرك العاقبة الوخيمة للنفاق بجميع أشكاله، ويدرك معنى الآية الكريمة { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا }، فلا تراه متزلفا أو منافقا أو متبعا المصلحة والمنفعة إن تعارضت مع شرع الله، وتراه يترك أي أمر لله تعالى حتى لو تعرض لخسارة أو أذى من الظالمين، لأنه يدرك أن غاية وجوده في هذه الحياة هو إرضاء الله تعالى.
•
عدم التباهي وإظهار الأعمال الصالحة لنيل رضا الناس، وهذه آفة منتشرة هذه الأيام، فإنه للأسف نرى أناس يكون الهدف من أعمالهم هو التباهي بها أمام الناس، ويستخدمون أعمالهم السابقة كأدلة على صلاح أعمالهم، فإن ناقشتهم للأخطاء التي يرتكبونها قالوا لك: نحن من أطلقنا الرصاصة الأولى ونحن من فجرنا المواقع الفلانية ونحن من قدمنا آلاف الشهداء ونحن حفظة القرآن ونحن من بنينا المسجد الفلاني ونحن من أطعمنا كذا وكذا من الأيتام والفقراء ونحن ونحن، فإن هذا العمل هو تسميع منهي عنه وهو مذموم شرعا، ومن سمّع بعمله فإن الله تعالى يسمع به، قال عليه الصلاة والسلام: ((من سمّع سمّع الله به ومن راءى راءى الله به)) رواه مسلم، وهم بذلك الأمر يغطون تقصيرهم وأخطاءهم ووقوعهم في الحرام بالتباهي بأشياء قديمة، وهذه بلا شك عند من يملك أدنى مستوى من التفكير أن أعمالك الصالحة السابقة لا تبرر لك الوقوع في الحرام والانسياق للمجرمين، وهنا تظهر أهمية الإخلاص في أن ما قام به الشخص من أعمال صالحة الأصل أن يبقى هذا الأمر قدر الإمكان بينه وبين الله تعالى حتى ينال الأجر الكبير من الله تعالى عليه، وأيضا إن كان الشخص مخلصا فانه بمجرد انحراف جماعته عن الحق فان الأصل به محاسبتهم أولا فان رجعوا وإلا تركهم واتبع الجماعة المبرئة للذمة، فعنصر الإخلاص مهم جدا هنا في مثل هكذا أمور.
•
مناعة من الإغراء بالمناصب والجاه والمال، وهذا أمر مهم لمن سلك الطريق الصحيح، فان الظالمين قد يلجئون إلى أسلوب الإغراء بالمنصب والجاه والسلطان لهذا الشخص لإتباعهم والسير حسب ما يريدون، فان كان الشخص مخلصا فان إغراءه سيبوء بالفشل، وان عدم عنصر الإخلاص وسيطرت الدنيا على قلب هذا الشخص، فإنه سرعان ما يترك الصحيح ويسير خلف المجرمين، ويصبح مبررا مدافعا عنهم ولكل أخطائهم.
•
الإخلاص يجعل الإنسان ينظر للأجر الأخروي ولا يهتم كثيرا بالأجر الدنيوي مهما طال الزمن، وهذه من أكبر الأمور التي أراها تجعل الشخص ينحرف عن الصواب، وهو طول الابتلاء من الله تعالى، فإن كان الشخص مدركا أن ما يقوم به من عمل لتغيير واقع المسلمين هو عبادة لله تعالى وأن له الأجر الكبير على عمله في التغيير، فإنه سيستمر في هذا العمل مهما طال عليه الأمد والابتلاء ومهما تقلبت عليه الأيام والأحوال، وإن كان غير مدرك لهذا الأمر [أي غير واع على حقيقة عمله في التغيير]، أي أنه كان ينتظر أن يرى النصر بعينيه وأن الأمر قد طال فهنا قد يدخل الشيطان عليه من باب اليأس والإحباط أن هذا عمل غير مجدٍ فاتركه. صحيح أننا هنا لم نتحدث عن الإخلاص كسبب لترك العمل، ولكن الشخص بمجرد تركه لأهل الحق ومحاولة التبرير لنفسه بان ما قام به من معصية هو أمر صحيح فانه هنا يبدأ وللأسف يدخل في باب عدم الإخلاص وهي أول الطريق للانحراف عن جادة الصواب، فكثير من المستعجلين قد هلكوا بترك الصواب وذلك بعدم عملهم للفرض الملقى على عاتقهم، وبعضهم لحق الباطل وأهله، وكلهم يبرر لنفسه سوء عمله ويساعده الشيطان على تزيين سوء عمله، وهنا بطريق أو بآخر أصبح وللأسف من غير المخلصين العمل لله تعالى، إلا طبعا إن تم ترك العمل لعدم قناعة الشخص بما يقوم به من عمل (قناعة شرعية مستندة للأدلة الشرعية لا مجرد أهواء)، فان أمره في هذه الحالة يبقى لله تعالى.
يتبع إن شاء الله تعالى.....................https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theater