من أهمية الإخلاص...الاستقلالية في التفكير واتخاذ القرارات
عندما يحزب الأمة أمر عصيب ويبدأ المسلمون بالبحث عن الحلول لتلك المشاكل التي طرأت عليهم، وتكون هناك حلول واضحة كنور الشمس فان المخلصين يهتدون إليها؛ إما بتفكير خالص منهم، أو بسماع تلك الحلول من مسلمين آخرين، والإخلاص يحتم عليهم السير ضمن هذه الحلول لحل تلك الإشكاليات التي حصلت بين المسلمين.
ولكن بالنسبة لشخص مرتبط بدولة معينة أو بمنفعة معينة أو بمنصب معين أو يأتيه رزق من هؤلاء المجرمين وعُدم عنده الإخلاص، وكانت تلك الحلول تؤدي إلى خسارة هذا الشخص لتلك المنافع والمناصب ولتلك الأرزاق السياسية التي تشترى بها النفوس، فإن هذا الشخص لن يفكر كما نفكر بالبحث عن الحلول لمشاكل المسلمين، بل سيكون تفكيره كيف يحافظ على مصالحه، هل يرفض تلك الحلول ويقول عنها غير مجدية، هل يطرح حلولا تأتيه من الأسياد ويبدأ التبرير لها، هل يطرح حلولا تضليلية ليسكت الناس عنه، كيف يمكنه خداع الناس وجعلهم يصدقون أكاذيبه، المهم أنه في النهاية لن يفكر بحل المشكلة للمسلمين، بل سيفكر كيف يحافظ على مصلحته ولو تدمر المسلمون وبلادهم، ولو غزيت أراضي المسلمين، ولو استمر الظلم الشديد على المسلمين، وبقدر عدم إخلاصه بقدر ما يسير مع الظالمين ويصبح احد أهم أعوانهم في تنفيذ مشاريعهم، وبقدر ما تكون منطقة الإيمان عنده غير مجمدة بقدر ما يعود إلى الطريق الصحيح ولو خسر كل تلك المنافع، ولو خسر حياته.
ومن الاستقلالية في التفكير هو التراجع عن الآراء السابقة والمواقف السابقة عندما يظهر فسادها، فالمخلص يتراجع عن رأيه السابق وعن موقفه السابق حتى لو عُيِّر من الجهلة وممن كان يسير معهم، وحتى لو تعرض لخسارة أو أذى بسبب رأيه وموقفه الجديد، أما الشخص غير المخلص فإن يعاند ويكابر ويصر على رأيه حتى يبقى في نظر الأتباع الجهلة مقاتلا شرسا عن حزبه وجماعته ورأيه وموقفه الذي اكتسب الشعبية بسببه، فان كان يؤيد زعيما أو شيخا أو شخصية مرموقة فانه يستمر بالدفاع عنه ولو ظهر فساده وبانت خيانته ونفاقه، وتراه يستمر في طرح رأي معين حتى لو تبين خطأه حتى لا يخسر دعم من يقولون بهذا الرأي، ويستمر باتخاذ موقف مؤيد أو معارض اتجاه أمر معين حتى لو تبين له النقيض الصواب لهذا الموقف حتى لا يخسر منفعة أو مصلحة أو حتى لا يتعرض للأذى من الظالمين، وهكذا يظهر عنصر الإخلاص في استقلالية التفكير بتغيير الآراء والمواقف إذا ظهر خطؤها مهما تعرض له هذا الشخص من أذى أو مضرة بسبب موقفه ورأيه الجديد.
أما عوام الناس في هذه النقطة ممن لا مصلحة لهم مع أي جهة، فإن الجهل في الأعم الأغلب هو الدافع لتعنتهم على آرائهم، وأحيانا بعض الحقد على جهات معينة، وأحيانا عدم الإخلاص في البحث عن الحقائق إذا كانت طبيعة الشخص لا تهتم كثيرا بإرضاء الله تعالى بل تكون متبعة للشهوات، وفي النهاية فإن عوام المسلمين ليسوا هم العنصر الأساسي في هذا البحث، ولكن البحث منصب على من لهم تأثير في مجرى حياة الناس كحكام ومسؤولين وقادة أحزاب وفصائل مسلحة، فان عدم إخلاص هؤلاء يجر على الأمة الويلات.
https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theaterيتبع إن شاء الله تعالى.......