النظام التعليمي الحالي
معلم مقهور وطالب مظلوم
========================
في ظل الأنظمة التعليمية الحالية التي تسوء يوما بعد يوم بسبب النظام التعليمي الفاشل، هذا النظام الذي أصبحنا نسمع بشكل غريب عن مستوى من الأمية يفوق 70% في الصفوف الأولى للطالب والتي يفترض أنها تعلمه القراءة والكتابة، هذا النظام التعليمي الفاشل جعل المعلمين مقهورين وظلم الطلبة الذين هم موضع العملية التعليمية.
وما سنتحدث عنه هو حالات موجودة وبكثرة، وهي ليست هجوما على الطلاب أو على المعلمين لا سمح الله، ولكن هي بيان لما يعانيه النظام التعليمي في بلادنا، وإلا فالخير كبير في اغلب معلمينا وفي اغلب طلابنا.
أما بالنسبة
للمعلم فحدث ولا حرج، فالمعاش للمعلم لا يكفيه الحد الأدنى من متطلبات الحياة مما يؤدي بالمعلم إلى البحث عن أعمال أخرى بعد دوامه المدرسي، فينتقل من عمل في التعليم نصف النهار الأول إلى عمل آخر حتى المساء وهكذا، حتى يصاب المعلم بالإعياء مما يؤثر على أدائه المدرسي.
يذهب المعلم صباحا وهو بنفسية غير جيدة من هذه المهنة، فمعاشها لا يكفيه، وليت الأمر اقتصر على الراتب الذي يأخذه المعلم!!!
فعندما يبدأ المعلم التدريس يفاجأ بوجود طلبة بنسبة عالية تصل 60% لا يريدون التعلم وهم ضجرون شديد الضجر من التعليم، فيعملون على إثارة الفوضى وأي أمر يعطل العملية التعليمية في الحصة المدرسية، من إثارة الفوضى وعدم الاستجابة للمعلم، فيتعب المعلم في الحصة ويرى نتيجة الاختبارات غير مرضية أبدا مما يؤدي به إلى نوع من الإحباط في تطوير نفسه بالقول:"أتعب ولا أجد نتيجة"
صفوف مكتظة حتى أنه في بعض الصفوف تجد الطلبة يجلسون على الأرض وعلى الشبابيك والمعلم لا يجد مكانا للوقوف أمام الطلبة، وصفوف ضيقة مكتظة يصعب ضبطها لجلوس الطلاب بشكل متراص، مما يؤدي إلى كثرة الأمراض في الجهاز التنفسي للمعلم والطلاب والروائح الكريهة في الصف، مما يجعل المعلم ينتظر فراغ الحصة بفارغ الصبر حتى يخرج من الحصة.
عدد الحصص مرتفع فما أن يخرج من صف حتى يدخل آخر، ولا يجد له إلا حصة واحدة للاستراحة وربما لا يوجد له في ذلك اليوم، فيمضي يومه من الصباح حتى الظهيرة وهو يعطي حصة تلو الحصة في ظروف صعبة فينتهي الدوام وهو منهك.
وفي حصة الاستراحة إن وجدت يكون عليه كمّ هائل من الأعمال الكتابية من تحضير الحصص وغياب الطلبة وأوراق تدريب للطلبة وتصحيح الامتحانات واجتماعات الإدارة، فيصاب بالإنهاك.
في بعض المدارس تجد الكثير من الطلبة الذين يتمردون على المعلمين، فيثيرون الفوضى بتعمد شديد، ولا يستطيع المعلم الكلام معهم لان أولياء أمورهم ربما مسؤولين أو ربما من عائلات سيئة قد تعتدي على المعلم إن فكر بمعاقبتهم أو ربما مجرد الصراخ عليهم، وإذا حصل الاعتداء على المعلم بسبب هؤلاء الطلبة وأهاليهم فان أمره يمر مرور الكرام بينما لو اعتدي على احد هؤلاء الطلبة فان الدنيا تقوم ولا تقعد على هذا "المعلم المجرم"، فيحار المعلم كيف يعطي حصة ناجحة في صف فيه مثل هؤلاء الطلبة؟؟
المهم في وزاراتنا أن لا تتحدث عن المشاكل بل يجب أن تتحدث عن الايجابيات حتى لا تثير فتنة على حسب زعمهم، فيضطر المعلم لتحمل كل سيئات النظام التعليمي والفوضى مما يؤدي إلى حصة فاشلة، المهم في النهاية عند وزارة التربية والتعليم أن لا تقول أن لنظامهم التعليمي سيئات.
ومن المصائب التي يعاني منها المعلم كثرة الاجتماعات والطلبات من مديريات التربية والتعليم بتنفيذ أمور لا يمكن تنفيذها أبدا في بيئات مدرسية غير صالحة نهائيا لهذه الأمور، مثل عمل مجموعات من الطلبة للتعليم الجماعي في صف الطلبة لا يستطيعون المشي فيه إلا فوق الطاولات لعدم وجود متسع على الأرض للمشي، ويحار أيضا كيف ينفذ برنامج حاسوبي للتعليم في مدرسة لا يوجد فيها حواسيب أو فيها ربما مجرد حاسوبين مثلا، وكيف ينفذ تجربة مخبرية في مدرسة لا يوجد فيها أدوات مخبرية أو غرفة مخبرية.
الترسيب ممنوع إلا بنسبة لا تتجاوز 5% مما يؤدي إلى ترفيع الطلبة من صف إلى صف وهم لا يتقنون القراءة والكتابة، ومناهج ضخمة سيئة لا يمكن إنهاؤها خلال الفصل الدراسي، ويطلب من المعلم إنهاء المنهاج وفي نفس الوقت علاج كل الطلبة الضعاف ويمنعون ترسيب الطلبة، ولا يوفرون للمعلم ما يحتاجه من بيئة مدرسية ووسائل تعليمية، ثم يحاسبونه بكل قوة عن ضعف الطلبة الذي هم ضحية لهذا النظام التعليمي الفاشل وليس ضحية المعلم.
أما بالنسبة
للطلبة موضع العملية التعليمية فهم مظلومين بشكل كبير في هذا النظام التعليمي، فالصفوف مكتظة مما يقلل فرصة الطالب من اهتمام المعلم وعنايته، فصف فيه 50 طالب في حصة مدرسية مدتها 40 دقيقة، لا تكفي لضبط الطلبة ولا تكفي لشرح الدرس ولا تكفي لان يسال الطالب مجرد سؤال، هذا إذا سارت الحصة على ما يرام.
أما المناهج فهي موضوعة بشكل سيئ جدا، فعدد الكتب كبير جدا على الطلبة بالذات في المرحلة الأولى للتعليم، ويجب تدرسيه لغة أجنبية بسبب سيطرة الاستعمار على بلادنا، ومعلم منهك يدخل عليهم وهو غير مسرور بعمله ولا بتعليمه، ويصرخ فيهم أحيانا ويعاقبهم ليضبطهم بسبب كثرتهم ولا يجد المعلم وقتا لاستيعاب الطلبة وفهم مشكلاتهم، فيلجا أحيانا إلى قمعهم من اجل تسيير العملية التعليمية.
يتم أحيانا توظيف معلمين سيئين من ناحية الكفاءة في التعليم، لا يعرفون كيف يديرون ثلاثة طلاب فضلا عن أن يديروا صف مدرسي، وهؤلاء الخريجين هم من ضحايا التعليم الجامعي الفاشل أيضا، لا يوجد تدريب جيد لهم قبل التوظيف لان هذا ربما يحتاج ميزانية من الوزارة وهذا يجب التقليل منه، ويكون الضحية في النهاية الطالب، لان الطالب سيخضع لتجربة معلم جديد لا يفقه معنى التعليم مما يضر بالطلبة.
الطلبة الضعاف في الناحية الأكاديمية لا توفر لهم مدارس تعلم النواحي الحرفية والمهنية والصناعية، فليس كل الطلبة مبدعين في الناحية العلمية، فتجد أن أكثر من ثلاثة أرباع الطلاب ليسوا مع المعلم أثناء الحصة لأنهم لا يفقهون النواحي العلمية بشكل جيد، فيرفعونهم من صف إلى آخر ويمضون الأيام وهم أميون لا يستطيعون القراءة والحساب بشكل جيد.
الفوضى في المدارس تؤدي إلى التشويش على الطلبة المهتمين بالعلم والتعليم، فيقل تحصيلهم العلمي ويجدون بيئة في الحي وفي الشارع لا تشجع على التعليم، بل تتندر بالنكات على المعلمين فيؤدي هذا إلى احتقار مهنة التعليم عند الطلبة.
وبسبب هذا الفشل في النظام التعليمي تجد أن الكثير من أولياء الأمور يضطرون لإرسال أبنائهم ليأخذوا الدروس الخصوصية خارج المدرسة، مما يكلف الأهل البسطاء الكثير من المال وهذا بسب فشل النظام التعليمي في إيصال الرسالة التعليمية بشكل جيد، ومن لا يملك المال فان ابنه سيكون ضحية لهذا الفشل في النظام التعليمي.
ومع ذلك ورغم كل هذه السيئات التي نراها في نظامنا التعليمي إلا انه يوجد قسم لا باس به من المعلمين والطلاب ممن يشقون هذا الطريق الصعب البائس الذي أوجده النظام التعليمي، فتجد معلمين رغم كل سيئات النظام التعليمي إلا أنهم يتفانون في إيصال الرسالة التعليمية للطلبة بأفضل ما يتوفر لديهم، حتى انك تجد معلما يشتري الوسائل التعليمية من ماله الخاص ليوفر للطلبة الشرح الأفضل للحصة، وبعض المعلمين يتحملون الإهانات من بعض أولياء الأمور، المهم أن لا يؤثر ذلك على أدائهم التعليمي وحتى الطلبة أبناء هؤلاء الأهل السيئين فإنهم لا يهانون من قبل المعلمين بسبب آبائهم السيئين، والبعض الآخر من المعلمين يستمر في تعليمه حتى لو تأخر الراتب أو تم الخصم منه، وبعضهم يعطي دروسا خصوصية للطلاب مجانا أو بأسعار زهيدة جدا المهم أن يفهموا المادة التعليمية ويكون عملهم هذا لوجه الله تعالى.
وبالنسبة للطلاب فان سوء النظام التعليمي لا يمنعهم من الاهتمام بالتعليم ولا يمنع هذا أهلهم من تدريسهم ومتابعتهم وتوفير ما يلزم لهم كي يفهموا المادة التعليمية بشكل جيد، ويوفرون لهم كل ما يلزم حتى يخرجوا متعلمين أقوياء رغم سوء هذا النظام التعليمي.
هذا وانه ولكثرة المشاكل في نظامنا التعليمي إلا أنك تجد أن الكثير من الخريجين من العالم الإسلامي يتوجهون إلى بلاد الغرب للعمل فيها، وهذا يدلل انه رغم سوء النظام التعليمي في بلادنا وتطوير النظام التعليم في الغرب إلا أنك تجد الكثير من أبناء المسلمين يتفوقون على الغربيين الذين توفر لهم كل الإمكانات، وهذا لان العقيدة الإسلامية جعلت التعليم مقدسا عن المسلمين وأعطت المعلم والمتعلم احتراما واهتماما كبيرا، ولو وجد نظام يرعى هؤلاء لعملوا في بلادهم، ولكنها الآثار السيئة لغياب الخلافة.
إلا انه يوجد هناك أمور تزيد في قهر المعلم وظلم الطلاب، وهي ليست من أي منهما، ولكنها من النظام التعليمي بشكل عام: • الأساس التعليمي في العالم الإسلامي منفصل عن العقيدة الإسلامية، فأساس التعليم قائم على أساس فصل الدين عن الحياة، ومن تحت ستار قائم على تغريب المفاهيم عند أبناء المسلمين وإبعادهم عن دينهم الإسلامي، مما يؤدي أن يكون هناك انفصام بين ما يتعلمه الطلاب وبين ما يحملونه من عقيدة في قلوبهم.
• تدخل غربي في وضع المناهج التعليمية، فالمناهج لا توضع إلا تحت إشراف الدول الغربية والمؤسسات الغربية، وكل صفحة ومعلومة توضع تحت إشراف الغربيين بما لا يؤدي إلى ثورة على الحكام أو سخط ينفجر ويدمر عروش الحكام، وبما يؤدي لأن يبقى العالم الإسلامي متأخرا عن الغرب.
• الأنظمة لا تدعم العملية التعليمية ولا تدعم برامج التعليم ولا تدعم البحث العلمي في العالم الإسلامي، ولا تهتم أبدا في بناء المدارس، وتحاول جاهدة أن تقلل من الإنفاق على التعليم، بينما على أجهزة الأمن والمخابرات ومحاربة الإسلام تنفق كل ما تستطيع.
• التعليم قائم على التلقين وعلى تقليد الغرب بما يتعارض مع العقيدة الإسلامية، بينما أسلوب التلقين الفكري وان يكون التعليم مؤثرا بسلوك الطالب فهو غير موجود، وهذا الأسلوب الناجح لا يكون إلا إذا كان التعليم مبنيا على أساس العقيدة الإسلامية وكان هناك دولة ترعاه.
هذا وان دولة الخلافة القادمة قريبا بإذن الله تعالى يجب عليها مراعاة كل العيوب الموجودة في النظام التعليمي الحالي وتغييرها أو إصلاحها حسب الموضوع، فمثلا:• يجب أن يكون الأساس الذي توضع بناء عليه المناهج التعليمية العقيدة الإسلامية حتى لا يكون هناك انفصام بين ما يتعلمه الطلاب وبين ما يحملونه من عقيدة إسلامية
• استخدام أسلوب التلقين الفكري للطلاب، والابتعاد قدر الإمكان عن التحفيظ للأفكار والمفاهيم.
• توفير مدارس بأعلى قدر مستطاع بحيث تكون الصفوف غير مكتظة بالطلبة، وتوفير كل ما يمكن من مرافق للمدرسة للمساعدة في عملية التعليم، وتوفير المختبرات والأجهزة الحديثة للمساعدة في عملية التعليم
• التدقيق على كل خريج جامعي يريد أن يصبح معلما، بحيث يتم تدريبه تدريبا قويا مكثفا كي يكون صالحا للتعليم، والتركيز على وضع المعلمين كثيري الخبرة لتعليم الصفوف الأولى
• الحرص الشديد على سير العملية التعليمة بحي لا تسمح الدولة بأي تمرد ولو بسيط على أي معلم من أي شخص في الدولة مهما كان مركزه، وبحيث يعتبر الاعتداء على المعلم اعتداء على الدولة نفسها
• تحسين أوضاع المعلمين بشكل جيد وحسب المستطاع كي يتفرغ للتعليم وتطوير نفسه، والعمل في نفس الوقت على زيادة عدد المعلمين كي يتوزع حمل التعليم على عدد كبير من المعلمين
• توفير الأمن للمدارس من أي اعتداء من سفهاء الناس وسقطهم.
• مراقبة تحصيل الطلبة باستمرار ووضع الطلاب كل حسب ما يحتاج إليه من دراسة أكاديمية علمية أو دراسة مهنية أو حرفية، ولو اضطرت الدولة لفتح الكثير من المدارس لهذه الأمور.
إن النظام التعليمي والمعلم والطالب سيبقون يعانون في ظل هذا النظام التعليمي الفاشل والفاسد، فالمشكلة ليست في شخص المعلم، وأيضا ليست في طلبتنا واستيعابهم، بل هي في النظام التعليمي الفاشل، وهذه المشكلة لن تحل ولن يزال القهر عن المعلم والظلم عن الطلبة إلا بإقامة الخلافة وتغيير النظام التعليمي بشكل كامل، عندها سنعود كما كنا سابقا الأول في العالم في مجال التعليم والابتكارات والاختراعات، وسيأتي على دولة الخلافة رعايا الدول الأخرى لكي ينهلوا من علوم الدولة الإسلامية.
https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theater