انهضي يا شام الإسلام رغم الأسى والقهر لاحت بوارق التمكين والنصر
إن القوة التي انطلقت بها ثورة الأمة الإسلامية في الشام واستمرت عليها حتى دخلت سنتها السابعة، والتي أجبرت القوى الغربية والعالمية على التكالب عليها طوال هذه السنوات ولا زال أهلها يهتفون "الله أكبر" معلنين استحالة استسلامهم للنظام مهما بلغ عدد الشهداء، هي قوة جبارة لا تنتهي! ومنذ انطلاق شرارة الثورة المباركة في يوم الجمعة 15 آذار/مارس عام 2011 انطلاقة لم يتوقعها العالم ضد النظام النصيري الكافر، الذي دأب على قمع واعتقال وتعذيب وتكميم أفواه المسلمين طوال عشرات السنوات، كانت ثورة الشام مختلفة عن الثورات الأخرى حتى في بدايتها، حيث قدر الله تعالى للثورة أن تنفجر إثر حادثة بسيطة بعد اعتقال وتعذيب خمسة عشر طفلاً، لكتابتهم على الحوائط الجملة المشهورة "الشعب يريد إسقاط النظام"، تحولت الحادثة المحلية إلى حدث عالمي تتابعه الأمة الإسلامية عن كثب، كيف لا، والقضية قد أصبحت قضية مصيرية تمس أمة الإسلام لملامستها مطلب المسلمين حول العالم في التخلص من الحكام الطغاة، الذين ساموهم العذاب بالحكم الجبري الغربي منذ أن هُدمت دولة الخلافة العثمانية في الثالث من آذار/مارس سنة 1924م، التي طبقت الإسلام وحكمت العالم بالعدل؛ هذه الفاجعة التي كانت بداية لانحدار البشرية في غياهب الأنظمة الرأسمالية الغربية الاستعمارية الكافرة؛ أحداث غيرت في الماضي مجرى التاريخ وحرفته عن طريق الإيمان إلى طريق الكفر المعوج. ضجَّتْ عليكِ مآذنٌ، ومنابر *** وبكت عليك ممالكٌ، ونواح الهندُ والهةٌ، ومصرُ حزينةٌ *** تبكي عليك بمدمعٍ سَحّاحِ والشامُ تسأَلُ، والعراق، وفارسٌ *** أَمَحَا من الأَرض الخلافةَ ماح؟ (أحمد شوقي) واليوم، والأعين على ثورة الشام المباركة، والأمة تبحث عن خلاصها لتستعيد عزها وكرامتها لتصنع مجرى للتاريخ يعيدها إلى الطريق المستقيم مرة أخرى بإذن الله تعالى، على الثوار وعلى المسلمين الرجوع إلى أصل الأمر وأوله في عهد النبوة، إلى الإسلام وتحكيم شرع الله كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، بإقامة الخلافة على منهاج النبوة لينتصر المسلمون رغماً عن كثرة الجراح: روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت» رواه أحمد والطبراني والبيهقي. وهذا التغيير عمل سياسي يحتاج لوعي فكري يستطيع تحديد المشاكل التي تواجه الثورة وتواجه الأمة ووضع العلاج المناسب لها ومعرفة أسباب الفشل وأسباب النجاح، فالتغيير يحتاج إلى إرادة قوية وقيادة سياسية مخلصة وواعية تحمل الأفكار الإسلامية النقية حتى يكون للثورة مواقف عظيمة بالأقوال وبالأفعال، فالثورة الأساسية ثورة فكرية على المفاهيم العلمانية الرأسمالية التي جعلت المنفعة والمصلحة المادية مقياساً للأعمال بدلاً عن مقياس الشرع في الحلال والحرام، هذه المفاهيم الخطرة التي فتحت للمجرمين الأبواب والنوافذ لسرقة وإفشال ثورة الأمة في الشام بزرع الفتن بين المجاهدين وركونهم للظالمين وقبولهم بالمال السياسي القذر والمشاركة في مفاوضات وهدن مع النظام وحلفائه بحسب أجندات غربية تريد حرف مسارهم الصحيح من إقامة الدولة الإسلامية إلى طريق مسدود بدون النصرة الشرعية، بينما تقبع جيوش المسلمين في تركيا وفي الأردن ومصر والسودان وباكستان لا تحرك ساكناً! ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل في من خان دماء الشهداء وباع دينه لأنظمة عميلة لأمريكا مثل النظام العلماني في تركيا الذي وجه إلى الثورة في سوريا ضربات موجعة ليذكرنا بضربات مصطفى كمال الهالك عندما عمل لإسقاط الخلافة العثمانية بتآمره مع بريطانيا! إن هذه الثورة العظيمة لن تتخطى هذه العقبات الجسام ولن تُحقن الدماء ما لم يعمل الثائرون والمسلمون في أنحاء العالم على تقويم اعوجاج الأمة على أساس الإسلام، والنصر لهذه الثورة لن يتحقق إلا بابتغاء رضا الله رب العالمين عن المسلمين العاملين لإعلاء كلمة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مخلصين لا ينتظرون من الغرب الكافر وعملائه الحكام الرويبضات القرارات السياسية التي تستعبدهم، أو المعونات التي تذلهم، أو إيواء اللاجئين وهم من هجَّروهم وشردوهم! بل يجب العمل على إنجاز ما فرضه الله تعالى على المسلمين بنصرة بعضهم بعضاً والالتفاف حول المخلصين الواعين سياسياً واستنهاض همم العلماء وأهل القوة والمنعة للقيام بواجبهم الشرعي لنصرة الحق واتخاذ القرارات السياسية الصحيحة في مواجهة الباطل! فلقد ذهب الاستعمار وبقيت الشام وسيذهب الطاغية وستبقى الشام أبية شامخة! فالشام عقر دار الإسلام: صبرا دمشقُ فكلُّ همّ زائلٌ *** وغدا يلوح مع النجوم سناك تتألقين كمــا عهدتْكِ دُرةً *** في تاج أروعَ مِن أميةَ زاكي يا مَعقلَ الإسلام في عليائهِ *** لا تذعَني للغاصب الـسفاك (أحمد محمد صالح) وهنا نذكر بثوابت الثورة التي وضعها حزب التحرير/ ولاية سوريا، الذي كان له دور كبير في توجيه الثورة في الطريق الصحيح والذي يستحق بجدراة أن يمثل أهلنا في الشام باتخاذهم له قيادة سياسية مخلصة واعية لأنه يحمل مشروع الأمة النهضوي ويعمل لإقامة الخلافة الراشدة على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وحزب التحرير تهابه أمريكا وروسيا وأوروبا ويهود لأنه يعمل على توعية المسلمين وتحميلهم الأفكار والمفاهيم الإسلامية النقية ويعمل على إرجاع الأمر لأصله، متحملين ما يلاقيه شبابه من القمع والحظر والاعتقالات وإلصاق التهم بهم من الأجهزة الأمنية التي تحمي الأنظمة الفاسقة سائرٌ غير مبالٍ في طريق النصر. وقد دخلت الثورة سنتها السابعة وغياب الخلافة دخل سنته السادسة والتسعين، ندعو أبناء الأمة الإسلامية بعامة وأهل الشام بخاصة إلى تبني هذه الثوابت والدعوة والعمل لها وأهمها؛ إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه، والتحرر من دول الكفر وإنهاء نفوذها، وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، ولتحقيقها يجب: - وقف الاقتتال بين الفصائل وتوحدها وعدم خوض معارك جانبية تستنزف طاقاتها وتوجيه بوصلة القتال إلى الوجهة الصحيحة التي تسقط النظام ألا وهي دمشق. - رفض مشروع الدولة المدنية الديمقراطية، الذي يفصل الدين عن الحياة. فهو مخالف لشرع الله، ولم ينتج للبشرية إلا الضنك والشقاء. - استقلالية القرار السياسي والعسكري. وذلك يقتضي منّا رفض المال السياسي، الذي فرّق المجاهدين وصادر قراراتهِم، وجعلهم أداة بأيدي الداعمين يحركهم كيف يشاء. - رفض التدخّل الخارجي بكل أشكاله، السياسي والعسكري والأمني وغيره. - قطع الاتصالات مع كافة الدول الغربية بشكل كامل وعلى كافة المستويات. - قطع الاتصالات مع الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي بشكل كامل وعلى كافة المستويات. - اعتبار كل من يتصل بأي دولة وينسق معها، هو عدواً للثورة ولتطلعات الأُمة، وهو يعمل على حرف الثورة وإجهاضها، ويعمل على إهدار دم الشهداء الذين قاتلوا لتكون كلمةَ الله هي العليا. - التمسك بطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الواجبة الاتباع بإقامة الخلافة الراشدة. - تبني مشروع سياسي واضح ومفصل مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يكون أساسا لنا يظهر شكل دولة الخلافة وأنظمتها التي نسعى لإقامتها. وهذه الثوابت هي ثوابت شرعية مستنبطة من القرآن الكريم ومن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد لاقى صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم أجمعين شتى أنواع التضييق والأذى والعذاب والحصار وتشويه السمعة والتنكيل والنفي والقتل والتشريد من الكفار، كما يحدث في الشام، حتى فتح الله عليهم ونصرهم بالأنصار في المدينة المنورة حاضرة الدولة الإسلامية الأولى، فلم يُحبَطوا ولم ييأسوا بل صبروا حتى أتاهم نصر الله، والابتلاء والتمحيص من الله عز وجل ليعلم الخبيث من الطيب، لتسقط أقنعة المنافقين، وإن كانت الثورات الأخرى قد فشلت فلن تفشل هذه الثورة الأبية، فالتمحيص يتبعه النصر حتماً، وإننا نسأل الله تعالى أن يتحقق ما نصبو إليه من عزة لهذا الدين وأهله بنصره ثورة الشام المباركة وإقامة الخلافة الراشدة ليصلح الأمر بأوله ويرجع لأهله على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم في دولة الحق وبثوابت الإسلام والحكم بما أنزل الله تعالى، فلنأخذ بيد هذه الثورة الأبية وبيد أمتنا الإسلامية فلقد لاحت بشائر النصر، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ [آل عمران: 120]
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير غادة محمد حمدي – ولاية السودان
19 من جمادى الثانية 1438هـ الموافق السبت, 18 آذار/مارس 2017مـ
|