جرعة وعي (3)
بســم الله الـرحمــن الرحيــم
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" رواه مسلم.
شرح الحديث:
جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر:
قال ابن أبي جمرة: "الذي يظهر أن التراحم والتوادد والتعاطف وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق لطيف، فأما التراحم فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإيمان لا بسبب شيء [ص: 454] آخر، وأما التوادد فالمراد به التواصل الجالب المحبة كالتزاور والتهادي، وأما التعاطف فالمراد به إعانة بعضهم بعضا كما يعطف الثوب عليه ليقويه."
قوله: (كمثل الجسد) أي بالنسبة إلى جميع أعضائه، ووجه التشبيه فيه التوافق في التعب والراحة.
قوله: (تداعى) أي دعا بعضه بعضا إلى المشاركة في الألم، ومنه قولهم تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت.
قوله: (بالسهر والحمى) أما السهر فلأن الألم يمنع النوم، وأما الحمى فلأن فقد النوم يثيرها .
قال القاضي عياض: "فتشبيهه المؤمنين بالجسد الواحد تمثيل صحيح، وفيه تقريب للفهم وإظهار للمعاني في الصور المرئية، وفيه تعظيم حقوق المسلمين والحض على تعاونهم وملاطفة بعضهم بعضا ".
مع بداية شهر رمضان الكريم كما هو الحال كل عام طالعتنا وسائل الإعلام بالحكام الرويبضات المنسلخين عن أمتهم وهم يوجهون التهاني للأمة الإسلامية بقدوم الشهر الكريم وأدلى بعضهم بخطب رنانة منمقة دعوا فيها أبناء الأمة إلى توحيد الصف ولم الشمل ونبذ الفرقة، مستدلين بنصوص من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه مثل هذا الحديث الشريف الذي يحث المسلمين على تجمعهم وعدم التفرق. هؤلاء الحكام الذين كانوا بالأمس يرقصون مع زعيم الكفر ترامب، يعاهدونه على السمع والطاعة، ويضخّونه بالهدايا الثمينة من أموال الأمة بينما أصحاب المال من المسلمين في اليمن والشام والعراق والصومال وبورما يموتون جوعا وغرقا وخوفا وتقتيلا، نراهم اليوم يتزيّون بزيّ التقوى والورع والصلاح، يخادعون الناس في رمضان، مظهرين حرصهم على وحدة الأمة وهم الفاشلون حتى في توحيد صومهم وفطرهم. وكيف لذي عقل أن يصدق كذب ودجل هؤلاء الرويبضات وهم الحراس للحدود الطاغوتية التي رسمها الغرب الكافر والتي مزقت الأمة وجزأتها وفرقتها وأذاقتها وما زالت تذيقها المصائب تلو المصائب وتجرعها الويلات؟ وكيف لصاحب وعي أن يخدع بهم وهم المتحالفون مع رأس الكفر في حربه ضد الإسلام والمسلمين، والموالون بل والخاضعون المطيعون له الحريصون على تنفيذ مشاريعه الاستعمارية وإن كان ذلك على حساب الإسلام وأهله.
فليست مصادفة إذن أن تكون تصريحات هؤلاء الحكام الدمى من جنس تصريحات ألد أعداء الأمة الذين يقصفوننا بطائراتهم ويقتلون أطفالنا ونساءنا وينهبون ثرواتنا ويحتلون بلادنا ويستبيحون مقدساتنا. فتكون رسالتهم الموحدة "رفض العنف والسعي لتحقيق السلام " و " القَضَاءِ عَلَى التَّطَرُّفِ والإرهابِ بِكُلِّ أَشكَالِهِ وَصُوَرِهِ" وهي ذاتها رسالة زعيم الإجرام ترامب الذي وصل إلى الحكم بتصريحاته المعادية للإسلام.
الملك سلمان يدعو لوحدة الصف ونبذ الفرقة بين المسلمينhttp://klj.onl/Z23DLi5تصريح الرئيس دونالد ترامب بمناسبة حلول شهر رمضان المباركhttp://www.alsharqtribune.co.uk/News.aspx?IDN=9009وفي الوقت الذي يقوم فيه الإعلام المتواطئ مع الأنظمة الخائنة بتزيين خطب هؤلاء الحكام العملاء التي تفوح منها الخيانة والتآمر على الأمة نجده يعتم ويتجاهل نقل الكلمات الصادقة كهذه:
كلمة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة بمناسبتي قدوم شهر رمضان المبارك لعام 1438هـ الموافق 2017م وافتتاح قناة "الواقية" المرئية http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.ph...site/44299.htmlوشتان بين خطب الحكام الذين يأتمرون بأمر كبيرهم ترامب، الذي علّمهم في الرياض كيف يحاربون الإسلام ويقضون على أبناء هذه الأمة الكريمة بدينها المتعطشين لإقامة حكم الله في الأرض، وبين خطب حملة الدعوة إلى الخلافة الذين يعملون بحق وإخلاص على وحدة الأمة على أساس الإسلام تحت ظل دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة.
إن الوعي السليم يتطلب من المسلمين أن يعلموا أن توحدهم واجتماعهم وألفتهم وتفرقهم وحربهم وسلمهم ومعاداتهم وموالاتهم كلها يجب أن تكون قائمة على هدى الله عز وجل والاعتصام بحبله والتمسك بدينه والتقيد بطاعته وطاعة رسوله لا على ضلالات ترامب وإملاءاته الشيطانية وليس في ظل الأنظمة الجبرية التي أقامها الغرب الكافر.