محمود بن سبكتكين ..... أعظم سلاطين الإسلام
هو السلطان العظيم الذي وطأت خيله أماكن لم يطأها خيل المسلمين من قبل ورفع رايات الإسلام في بلاد لم يدخلها الإسلام من قبل وكانت مساحة ما فتحه من البلاد تعادل مساحة الفتوحات في عهد الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه.
هو يمين الدولة وأمين الملة ناصر الحق ونظام الدين وكهف الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين محطم الصنم الأكبر وقاهر الهند والسلطان المجاهد العظيم.
كلها ألقاب خلعها عليه خليفة المسلمين القادر بالله رحمه الله , فمن كان محمود بن سبكتكين ؟؟
فتح المسلمين للهند ظل حلم كبير يراود الخلفاء والسلاطين طيلة 4 قرون منذ عهد عمر بن الخطاب وأرسلت في ذلك الحملات والجيوش لفتح تلك البلاد الشاسعة، وكانت أول الحملات الناجحة في عهد الوليد بن عبد الملك على يد محمد بن القاسم الثقفي فتوغل في شمال الهند وفتح مدينة "ديبل" وأقام بها مسجدا، وترك بها حامية من أربعة آلاف جندي، وأصبحت ديبل أول مدينة إسلامية في الهند.
ثم توالت الحملات ولكن لم تكن في مثل قوة الحملات الأولى أيام الأمويين فضعف وجود المسلمين في الهند وظل المسلمون في عهد الدولة العباسية محافظين على ما فتحوه، وتوسعوا قليلا في ضم أجزاء أخرى إلى دولتهم، حتى سيطر المسلمون على المنطقة الواقعة بين كابل وكشمير والملتان, إلا أن يسّر الله فتح الشمال الهندي كله ومهد الطريق للفاتحين من بعده ولله الحمد والمنة على يد بطلنا السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين.
محمود بن سبكتكين سلطانا على البلادأقّره الخليفة العباسي سلطانا على ما تحته من البلاد خراسان والجبال والسند والهند وطبرستان، وعلى الرغم من أن محمود بن سبكتكين قد ملك بلاداً كثيرة واتسعت دولته جداً حتى أقصى بلاد الهند إلا أنه كان يدين بالولاء للخليفة العباسي القادر بالله ولم ير الخروج عليه أبداً وكان يخطب له على منابر بلاده أولاً ثم اسمه ثانياً ولقد حاول الفاطميون استمالته أكثر من مرة وأرسلوا له الهدايا والتحف ولم يطلبوا منه سوى أن يخطب لهم في بلاده فكان يرسل بتلك الهدايا للخليفة العباسي حتى تحرق في دار الخلافة وكان يمتثل لأوامر الخليفة ويعمل بها دائماً لم يعترض يوماً على الخليفة العباسي على الرغم من قوته وضعف الخليفة.
عندما تقلد محمود بن سبكتكين مقاليد السلطنة أظهر السنة ومشى في الناس بسيرة عمر بن الخطاب , كان رحمه الله يعظم المشايخ ويقربهم ولا يستغنى عن مشورتهم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :ولما كانت مملكة محمود بن سبكتكين من أحسن ممالك بني جنسه كان الإسلام والسنة في مملكته أعز فإنه غزا المشركين من أهل الهند ونشر من العدل ما لم ينشره مثله فكانت السنة في أيامه ظاهرة والبدع في أيامه مقموعة. ( مجموع الفتاوى)
وأطلق الخليفة القادر بالله عليه الألقاب الكثيرة " يمين الدولة وأمين الملة وناصر الحق ونظام الدين وكهف الدولة" , وبعد قليل سيضيف محمود بن سبكتكين إلى نفسه لقب "قاهر الهند ومحطم الصنم الأكبر."
فتوحاته في الهند قاد محمود بن سبكتكين 16 حملة عسكرية لشمال الهند , فقضى على ملوكها واحدا تلو الآخر, فقاد حملة ضد (الملك الهندي "جايبال)
وذلك سنة 392هـ / م1001 وكان ذلك أكبر ملوك الهند على الإطلاق وأكبر عقبة في وجه الدعوة الإسلامية , وقاد حملة ضد الملك انندبال سنة 398هـ / 1007م , وواجه الملك "ناكر كوت" سنة 400هـ / 1009م وألزمه بدفع الجزية , وواجه أيضا الملك "راجا ناندا" سنة 410هـ / 1019م وأدت تلك المعركة إلى انتشار واسع للإسلام في منطقة كالنجار , وكان قد قضى على ملك الكجرات "بيدا" سنة 409هـ / 1018م
وكان ذلك بفضل الله أولا ثم بفضل سلاح الفرسان الذي أنشئه محمود بن سبكتكين الذي وصل عدده في رواية بعض المؤرخين العرب والمستشرقين إلى مائة ألف 100.000 فارس مسلحين بأحدث وأفضل الأسلحة , وسلاح الفيلة الذي كان السلاح الرئيسي في معارك المسلمين في الهند وكان يهتم السلطان محمود بن سبكتكين بهذا السلاح جدا حتى أنه لربما يصالح بعض ملوك الهند مقابل عدد من الفيلة .
هدم الصنم الأكبر "معركة سومناتظل السلطان محمود منتصرا في معاركه ضد الهنود منتقلا من نصر إلى نصر حتى كانت من أعظم معارك المسلمين وغرة المعارك الإسلامية هي معركة سومنات والتي مهدت الطريق للدعوة الإسلامية في الهند ولدخول ملايين من الهنود إلى الإسلام.
فماذا عن تلك المعركة الخالدة في تاريخ المسلمين؟؟
كان كلما هدم السلطان محمود صنما قالت الهنود "إن هذه الأصنام والبلاد قد سخط عليها الإله 'سومنات' ولو أنه راض عنها لأهلك من قصدها بسوء.
فسأل السلطان محمود عن "سومنات" هذا ؟ , فقيل له : أنه أعظم أصنام الهنود وكانوا يحجون إلى هذا الصنم ليلة خسوف القمر فتجتمع إليه عوالم لا تحصى.وتزعم الهنود أن الأرواح بعد المفارقة تجتمع إليه فيبثها فيمن شاء بناء على التناسخ , والمد والجزر عندهم هو عبادة البحر.وكانوا يقربون إليه كل نفيس وذخائرهم كلها عنده.ويعطون سدنته الأموال الجليلة.وكان له أوقاف تزيد على عشرة آلاف ضيعة.
وكان يقوم عند الصنم من عباد البرهميين ألف رجل في كل يوم للعبادة وثلاثمائة لحلق رؤوس الزوار ولحاهم وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون ولهم على ذلك الجرايات الوافرة.
فعزم السلطان محمود على هدم الصنم
وقاد جيوشه بنفسه ووصل إلى سومنات في منتصف ذي القعدة بعد عدة معارك ناجحة وواجه الهنود وانتصر عليهم وقتل في هذه المعركة من الهنود 50.000 غير من ألقى بنفسه في البحر ولله الحمد والمنة , ودعونا نسرد ما قاله ابن كثير عن تلك الوقعة:
قال ابن كثير رحمه الله في أحداث سنة سبع عشرة وأربعمائة"وفيها ورد كتاب من محمود بن سبكتكين يذكر أنه دخل بلاد الهند أيضا , وأنه كسر الصنم الأعظم الذي لهم المسمى بسومنات , وقد كانوا يفدون إليه من كل فج عميق كما يفد الناس إلى الكعبة البيت الحرام وأعظم وينفقون عنده النفقات والأموال الكثيرة التي لا توصف ولا تعد , وكان عليه من الأوقاف عشرة آلاف قرية ومدينة مشهورة , وقد امتلأت خزائنه أموالا وعنده ألف رجل يخدمونه وثلاثمائة رجل يحلقون رؤوس حجيجه وثلاثمائة رجل يغنون ويرقصون على بابه لما يضرب على بابه الطبول والبوقات , وكان عنده من المجاورين ألوف يأكلون من أوقافه.
وقد كان البعيد من الهنود يتمنى لو بلغ هذا الصنم وكان يعوقه طول المفاوز وكثرة الموانع والآفات ثم استخار الله السلطان محمود لما بلغه خبر هذا الصنم وعباده وكثرة الهنود في طريقه والمفاوز المهلكة والأرض الخطرة في تجشم ذلك في جيشه , وأن يقطع تلك الأهوال إليه فندب جيشه لذلك ؛ فانتدب معه ثلاثون ألفا من المقاتلة ممن اختارهم لذلك سوى المتطوعة فسلمهم الله حتى انتهوا إلى بلد هذا الوثن , ونزلوا بساحة عباده ؛ فإذا هو بمكان بقدر المدينة العظيمة.
قال: فما كان بأسرع من أن ملكناه وقتلنا من أهله خمسين ألفا وقلعنا هذا الوثن وأوقدنا تحته النار.
السلطان العظيم يرفض الأموال والهدايا وقد ذكر غير واحد أن الهنود بذلوا للسلطان محمود أموالا جزيلة ليترك لهم هذا الصنم الأعظم فأشار من أشار من الأمراء على السلطان محمود بأخذ الأموال وإبقاء هذا الصنم لهم، فقال : حتى أستخير الله عز وجل, فلما أصبح قال:
إني فكرت في الأمر الذي ذكر فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيامة : أين محمود الذي كسر الصنم أحب إلى من أن يقال الذي ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا.
ثم عزم فكسره رحمه الله فوجد عليه وفيه من الجواهر واللآلئ والذهب والجواهر النفيسة ما يزيد على ما بذلوه له بأضعاف مضاعفة , وكان فيه وعنده خزانة فيها عدد كثير من الأصنام ذهبأ وفضة عليها معلقة بالجوهر منسوجة بالذهب تزيد قيمتها على عشرين ألف ألف دينار أي عشرين مليونا.
سبحان الله , أراد أمراء الجيش أن يتركوا الصنم مقابل أموال جزيلة , وبعدما رأوا ما بداخل هذا الصنم من أموال حمدوا الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه "
وللمعلومة , حاول بعض الهندوس إقامة المعبد مرة أخرى ولكن لم يرض السلطان أورانك زيب رحمه الله فهدمه عام 1706م , و أقامت الحكومة الهندية هذا المعبد مرة أخرى 1947 م وهو إلى اليوم موجود.
وفاة السلطان محمود بن سبكتكين ظل السلطان محمود في جهاد دائم لا يكل ولا يمل , حتى لازمه مرض في البطن أواخر أيامه , وكان يزداد عليه يوم بعد يوم , وكان يتحامل على نفسه أمام الناس وكان لا يستطيع أن يكلم الناس إلا متكئا من شدة المرض , ومات رحمه الله في غزنة يوم الخميس الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة 421هـ - وقبره بها مازال معروفا , وكانت مدة حكمه 35 سنة.
وبلغت مساحة فتوحاته ما فتحه الفاروق عمر وبلغت رايته الجهادية أماكن لم تبلغها راية قط ولم تتل بها سورة ولا آية قط وأقام شعائر الإسلام في أقصى ربوع الأرض.
فرحمه الله رحمة واسعة , فكم يذكرني هذا السلطان بالصحابي الجليل خالد بن الوليد الذي طلب الموت في مظانه وما قدر إلا أن يموت على فراشه
وحقيقة ظلت سيرة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين يتداولها العامة والخاصة في بلاد الأفغان وباكستان , حتى أن القوات المسلحة الباكستانية أطلقت اسم "الغزنوى" - نسبة لمحمود بن سبكتكين - على احد الصواريخ الباليستية قصيرة المدى.
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=التعليق:كثيرا هي القصص التي نسمعها عن هؤلاء الأبطال ، أبطال المسلمين، لكن يبدو أن الكُتّاب ينسون أو يتناسون، أن هذه البطولات كانت والخلافة قائمة.
رحم الله السلطان فقد كان يدين بالولاء للخليفة رغم تفوقه عليه بالقوة، وهذا آت من باب انه لا يجوز تفرق المسلمين في أكثر من دولة، وحدة الخلافة دعمها هذا السلطان التقي ولا نزكي على الله احد.
لم نسمع الكُتّاب يذكرون الهند على أنها جزء من بلاد الإسلام يجب إرجاعها إلى حظيرته المفقودة دولة الخلافة، ولم يذكر الكثيرين أن حكام الهند هم أعداء للمسلمين لِمَ ارتكبوه بحق إخواننا المسلمين في الهند وكشمير من جرائم يندى لها الجبين.
والى إخواننا في القوات الباكستانية الذي أطلقوا اسم السلطان على احد الصواريخ، نقول لهم إن تخليد ذكرى هذا السلطان يكون بإتباع نهجه وتحريك الجيوش للقضاء على الشرك في بلاد الهند وإعادة الهند إلى حظيرة الإسلام.
هذه القصص أيها المسلمون ليست للتسالي، وإنما هي لنرى هذه العزة التي كان بها أجدادنا المسلمون، كيف كانت الجيوش تسير من بلد إلى آخر رافعة لواء التوحيد، ليس كحكام اليوم يسيرون من عاصمة إلى عاصمة منفذين أوامر الصنم الأكبر أمريكا وأتباعها.
وانظروا إلى جمال مقولته: "إني فكرت في الأمر الذي ذكر فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيامة : أين محمود الذي كسر الصنم أحب إلي من أن يقال الذي ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا" نعم نحن اليوم أيها السلطان ننتظر من يكسر صنم الديمقراطية والعلمانية، فنحن نرى حكاما وعلماء وحركات إسلامية تركض لترميم صنم الديمقراطية المتهالك، ويوم القيامة يوم الخزي والندامة لهم سينادون: "أين من قدسوا الديمقراطية من عباد يدعون أنهم يعبدوني، أين هؤلاء المجرمين"؟؟؟
نعم أيها السلطان نحن نعمل للخلافة التي سيكون من أعمال خليفتها بإذن الله تعالى هدم صنم الديمقراطية والعلمانية في العالم كله.
وفي النهاية هذا تاريخنا ونحن نذكره لنعيده بشكل أفضل مما كان ولا نذكره لنبكي على أطلال التاريخ.