الجنة والدولار
احتل المجرمون أرضهم، فقرروا بدافع تلقائي مقاومة هذا العدو، فشكلوا التجمعات لقتاله، وبعد فترة سيطرت الفرقة الخضراء عليهم جميعا وأصبحت أكبرهم ونالت من العدو بشكل كبير، هذا وإن أفرادها يعدون العدة يوميا ويخرجون مكبرين مهللين متأملين الجنة أو النصر على عدوهم، تركوا أهلهم وعيالهم يعيلون أنفسهم، وكان طعام المقاتلين الزعتر والخبز الناشف هذا إن وجدوه، وكم باتوا من ليال دون طعام، وآذوا العدو إيذاء شديدا، وكانت أهازيج النصر وقصائد الشهادة والبطولة تتجدد يوميا وأنت تسمعها بأعذب الأصوات وأجمل الألحان.
ضج العدو منهم ومن شدة إيذائهم له، فطلب اجتماعا مع الخونة في تلك البلاد ممن يسمون مسؤولين، وقال الضابط الكبير لهم: نريد منكم مساعدة في تدمير الفرقة الخضراء!!.
فرد عليه أحد المسؤولين: وكيف ذلك يا سيدي، لو وقفنا معكم، لانكشف أمرنا ولقاتلنا الناس واتهمونا بالعمالة، أما هكذا نبقى لكم خدما حتى تهزموا هؤلاء المقاتلين وسنعينكم على إبقاء البلاد تحت سيطرتكم.
فقال له الضابط الكبير: لا أريد منكم قتالا فقط نفذوا ما نطلبه منكم ولن ينكشف أمركم بل سيزيد رصيدكم عند الناس.
فقال المسؤول: وكيف ذلك يا سيدي؟؟
قال الضابط الكبير: اتصلوا بهم وأظهروا لهم كرهكم الشديد لنا وحبكم لقتالهم وادعموهم بالأموال.
فقال المسؤول: ولكن هكذا يتقون يا سيدي؟؟!!
فرد عليه الضابط الكبير: افعل ولا تناقشني في الأمر.
فقال المسؤول: سمعا وطاعة يا سيدي!!!
وفعلا اتصل المسؤولون العملاء بالمقاتلين من الفرقة الخضراء وأظهروا لهم أنهم يريدون دعمهم لقتال العدو المحتل للأرض ويريدون دعم المقاومة لتحرير البلاد، وبدأ الدعم لهم.
وبعد الدعم تغير الحال، أصبح لكل مقاتل معاش شهري، وينفق جزء منه على عائلته، فخرجت عائلاتهم من الفقر وخرجوا هم من الحاجة الشديدة والعوز للمال، واستطاعوا أن يحسنوا حياتهم، فأصبح لهم خدم يطعمونهم ويطهون لهم الطعام ويؤمنون لهم مصالح حياتهم، وظلوا يخرجون لقتال العدو، ونالوا من العدو بداية الأمر بشكل كبير.
ولكن بعد فترة خفت قوة عملياتهم القتالية، فأصبح الشخص يفكر بالعودة سالما من القتال لكي يستمر في هذه الحياة، وسابقا كانوا يضحون بكل ما يملكون حتى بأنفسهم من أجل الجنة، أما اليوم فأصبحت العودة لنيل الدولار تسيطر عليهم، وهكذا خفت حدة قتالهم للعدو.
وبعد فترة من الزمن طلب الضابط الكبير من المسؤولين أن يتدخلوا في عدد العمليات القتالية وتوقيتها ضد العدو المحتل وان يساوموهم على ذلك بالدولار، فذهب المسؤول وجلس مع قائدة الفرقة الخضراء وضغط عليه وهدده بتخفيف التمويل إن هم رفضوا ذلك.
فخرج قائد الكتيبة على ضباطه وأتباعه يخطب فيهم ويقول لهم: إننا إن أردنا الاستمرار بالقتال فان المصلحة تحتم علينا أن لا نرفض طلب الممولين وإلا قطعوا عنا المال، وسنعود إلى الوراء كثيرا، فسنفقد المال والدعم والشهريات وستصبح عائلاتنا فقيرة وسنعود للعيش على طعام شحيح وربما الجوع، وسنفقد القدرة على شراء السلاح الجيد، وسينفض عنا الكثير ممن كانوا يخدموننا، وسينصرف عنا الإعلاميون ومن يروجون لقتالنا وسنفقد الكثير، فأنا أرى أن نسير معهم في تحديد العمليات القتالية وتوقيتها ضد العدو، وفي النهاية فإنهم مسلمون مثلنا مثلهم، فقبل الأعضاء ذلك وساروا على ذلك زمنا.
ففتك العدو بالناس وتمدد نفوذه ونفذ مخططاته أكثر وأكثر، والعمليات من الفرقة الخضراء لا تحدث إلا كل حين وبما لا يفسد للعدو خططه.
وبعد فترة من الزمن طلب الضابط الكبير من المسؤولين في ذلك البلد، أن يضغطوا على الفرقة الخضراء على التفاوض مع العدو وعقد الهدن معه لصالح أهل البلد حتى لا يستمر العدو بالفتك بالناس وتدمير المدن على رؤوسهم، وان مصير الناس وسلامتهم مرتبط بعقد الهدن، فذهب المسؤولون وضغطوا على الفرقة الخضراء وكان نفس الخطاب السابق فوافق الأتباع حتى لا يخسروا امتيازاتهم المالية.
وعقدت الهدن واستساغ أفراد الفرقة الخضراء الجلوس مع العدو والحديث معه، وبعد فترة من الزمن طلب الضابط الكبير من المسؤولين الضغط على الفرقة الخضراء لمقاتلة الفرق الصغيرة التي تحاول أن تفسد الهدن والعلاقات الجديدة مع العدو، هذه الفرق الصغيرة التي تريد جر البلد إلى حالة اقتتال دائمة، فذهب المسؤولون وضغطوا على الفرقة الخضراء فقاتلوا الفرق الصغيرة بحجة عدم جر البلاد لكوارث أخرى وعدم إعطاء العدو المحتل الذرائع للنيل من الناس، وهكذا تدربت الفرقة الخضراء على الولوغ في دماء الناس، فاصبح عندها خبرة في الجلوس مع العدو والحديث معه، وخبرة في قتل كل من يعارض خططها في تحرير البلاد!!!!.
وبعد فترة من الزمن طلب الضابط الكبير من المسؤولين الطلب من الفرقة الخضراء الجلوس لإجراء صلح دائم مع العدو يكون جزء من بنوده الكف عن المطالبة بإخراج العدو وقبول حكم ذاتي أو قبول مشاركة حكم العدو للبلاد، ويمكن إعطاء قادة الفرقة الخضراء بعض المناصب في تلك الدولة الجديدة، فطلب المسؤول من قائد الفرقة الخضراء ذلك فقبل، وجلس مع العدو وفاوضه وفي الإعلام التابع للفرقة الخضراء طبعا تسمع: "إجبار العدو على الجلوس مع المقاومة الشرعية للخضوع لشروطها".
وبعد فترة من الزمن قال الضابط الكبير للمسؤول الكبير (كبير الخونة): لقد استغنينا عن خدماتك.
فرد المسؤول الكبير: لماذا يا سيدي؟؟ لم أخطئ معكم أبدا.
فقال له الضابط الكبير: لقد فتحنا خطوط اتصال مباشرة مع قائد الفرقة الخضراء، وها هو يجلس معنا وينفذ ما نريده منه دون نقاش، أما أنت فقد اصبحت عبئا علينا وتحتاج دعما ومالا، ونحن لا حاجة لنا بك.
طبعا لم يكن أمام المسؤول الكبير إلا أن يقول: "شكرا سيدي" ليس إلا.
وهكذا ومع مرور الزمن خرج العدو من البلاد بعد أن أوكل لقائد الفرقة الخضراء أو الحزب الحاكم الأخضر أن يدير البلاد لصالحه، وهكذا تسمع في إعلام الحزب الحاكم الأخضر: "أن المقاومون الأبطال استطاعوا أن يحرروا البلاد من العدو المحتل بعد مقاومة وثورة مسلحة، وأن يقيموا الجمهورية الخضراء التي تحكم البلاد بالأمن والعدل والحرية والسلام"
https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theater