الإجابة على أسئلة الأخ عمر لبابدي
(لماذا يا حزب التحرير؟):
والتي انتقد فيها تناول شباب الحزب موقف أردوغان من مجازر المسلمين في ميانمار:
الحقيقة أخ عمر، إن حزب التحرير يرى بأن هناك فرقا وظيفيا بين حاكم دولة وبين بائع الترمس، فبائع الترمس مثلا لو وجدته يبكي خلف (بسطته) على مجازر إخوانه المسلمين، ويرفع يديه بالدعاء لهم فلن تجد أخا لك من شباب حزب التحرير ينتقده أو يعد عمله عجزا، وربما وجدت يوما صورة هذا البائع على غلاف مجلة الوعي بمعرض الإشادة بتعاطف المسلمين لآلام بعضهم، لماذا؟ لأنه فرد أعزل لا يكلف إلا بما أناطه الشرع بالفرد الأعزل، لأجل ذلك فإن دموعه ودعاءه ودعوته هي موضع إشادة، شأنه في ذلك شأن أفراد الصحابة مع رسولهم في مكة قبل إقامة دولة الإسلام. غير أن هذه الدموع تصبح تهمة إن أتت من حاكم مسؤول، تحت يديه جيش مسلم وسلاح وأجهزة، إذ أن دموع من يملك السلاح تغدو تهمة وخيانة، تماما كما تغدو باقة ورد يقدمها عامل نظافة لمريض في مستشفى هدية طيبة في الوقت الذي تمثل نفس الباقة تهمة وريبة إن قدمها الطبيب للمريض على أنها غاية جوده. وتذكر أخ عمر بأن الذي طلب من عمار بن ياسر الصبر وهو فرد قبل إقامة الدولة، هو نفسه من طلب من سعد بن معاذ الذود بالنفس والمال بعد الدولة، فالأول فرد أعزل والثاني ضابط مدجج. والآن تدبر معي يرحمك الله: هل مارس الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب المسيرات والاعتصامات والتنديد...ردا على ولوغ الكفار في دماء المسلمين بعد أن أقام دولة الإسلام في المدينة؟! بالطبع لا، ولكنه مارس كل هذه الأساليب في مكة قبل إقامة الدولة، أليس كذلك؟ سمعنا منه في المدينة (من لي بكعب بن الأشرف فقد آذى الله ورسوله...) وسمعنا منه أيضا ( اليوم نغزوهم ولا يغزوننا...) بينما سمعنا منه في مكة (صبرا آل ياسر...)، (كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة) لم يطلب من بلال ما طلبه من سعد! أسألك بالله بعد هذا: من هم إخوانك الذين نزلت تشد عضدهم من حزب التحرير؟ أهم حكام أم أفراد؟ المسيرة والبيان الدعوي الذي تتندر به، ألم تكن تلك هي أساليب الصحابة وقدوتهم الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة؟؟ أنت تستهجن انتقادنا لحاكم دولة يملك السلاح والجيش أنه فعل ما فعله شباب أفراد عزل، في الوقت الذي يجب أن يكون موضع انتقادك أنت تماما كما انتقد العالم الإسلامي كله إرسال المقبور الملك فهد وغيره، بمساعدات غذائية لمجازر البوسنة والهرسك!! أتذكر؟ وبعد كل هذا، إن أصريت على القبول من أردوغان بفعل ما يفعله إخوانك الأفراد في حزب التحرير أو أردت ان تقبل من الحاكم ما يقوم به بائع الترمس، أسألك، هل يحب بائع الترمس أمريكا ويشيد بصداقتها؟؟ ماذا سيكون موقف بائع الترمس لو رأى بوتين واقفا أمامه؟ هل سيعانقه عناق أردوغان له أم سيقلب عربة الترمس على رأسه؟؟!! حتى أضعف الأفراد وأقلهم حيلة لا يفعل فعل من غضبت لأجله هذه الغضبة، لقد سمعتَ في المظاهرة إنكارا على الحكام وأعوانهم وأسيادهم ورضوخهم للغرب فهل يفعل أردوغان هذا؟؟ المعونات عمل الجمعيات الخيرية فهل تقبل من صاحب سابع أقوى جيش في المنطقة هذا المآل؟؟ ولا تقل لي بأنه لا يستطيع، فقد استطاع تحريك جيشه عندما كان ذلك لمحاربة عدو أمريكا(الإرهاب)، ولا تقل لي بأن هناك أجهزة في دولته تمنعه فقد حرم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقبل المسلم استلام حكم لا يكون له فيه السلطان الكامل. وأخيرا أخ عمر، إن مشيت مرة أخرى إلى جانب أخوان لك من شباب حزب التحرير، فاعلم أن هؤلاء الشباب ليس بينهم وبينك أو بين أردوغان أية عداوة شخصية، إنما هو الحكم الشرعي الذي يتعلم شبابنا الانضباط به والحب والبغض والولاء والبراء على أساسه، وبالتالي فلا تتوقع منهم مدحا لحاكم ولا لتيار سياسي علماني ولا ثناء لأية شخصية لا تجعل الإسلام- وليس الغرب- تاج رأسها وسيد أحكامها، هكذا يتربى شباب حزب التحرير فهم لا يرون بعين المصلحة ولا تجرفهم العاطفة العمياء، ولا يستطيع طاغوت أن يخدعهم بسلة طعام، عيونهم تعرف دموع التماسيح وفراستهم تميز الحسن من القبيح، فمن سار في ركابهم فليوطن نفسه على أن يرى بنور كتابهم.
أبو نزار الشامي
|