وقفات مع سورة النصر
قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ*وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}
سورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته صلوات ربي وسلامه عليه، ولكني هنا لا أريد أن أقدم شرحها وتفسيرها، فتفسيرها تجدونه في كتب التفسير، ولكن أريد التعليق هنا على ناحية معينة في الناس نراها اليوم وكأن البعض من حملة الدعوة لا يدركونها، وهذه الناحية هي إعراض الناس عنك عندما تكون ضعيفا وإقبالهم عليك يوم تكون لك الغلبة.
هذا ما حصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل إقامة الدولة الإسلامية في المدينة كان عدد المسلمين في العالم قليل جدا، وعندما أقيمت الدولة في بداية عهدها كان عدد المسلمين يزداد ببطء، لكن عندما توسعت الدولة وقويت شوكتها دخل الناس في دين الله أفواجا.
وهذا ما يحصل اليوم مع حملة الدعوة فإنهم يجدون صعوبة في إقناع الناس بالكثير من الحقائق وبالذات الحقائق والآراء السياسة وبالذات عن عمالة وإجرام بعض الرموز المضللة المخادعة، فيبدؤون بسب الناس ونعت كل شخص يناقشهم بالغباء المحكم وانه شديد الغباء.
في الحقيقة أن هذا وضع طبيعي ما دامت دعوتك بعيدة عن الحكم وعن مركز القرار، ودائما ستجد الأغبياء والمعاندين والذين لا يتقبلون رأيك مهما كانت حججك واضحة، ولا أظن انك ستكون أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته ومع ذلك لم يؤمن به قبل إقامة الدولة في المدينة المنورة إلا القليل، ولكن عندما أقيمت الدولة وقويت شوكتها رأيت الناس أفواجا تدخل في دين الإسلام.
وأنت ستبقى تجد المبررين والمعاندين والمهاجمين لك من المسلمين، والحل معهم لا يكون بالهجوم الشخصي عليهم أبدا حتى لو رأيتهم مبررين معاندين لك ولو كان شعارهم "عنزة ولو طارت" فالصبر الصبر في الدعوة، فهذا نوع من الابتلاء لك يا حامل الدعوة، أما مصير عنادهم وتبرريهم فنكله لله جل وعلا إن شاء عذبهم عليه وان شاء غفر لهم، نسأل الله أن يغفر لنا ولهم.
المهم هنا أن هذا وضع طبيعي مع حملة الدعوة، وغدا عندما تقوم الدولة الإسلامية ويراها الناس رأي العين ويرون الفتوحات الإسلامية فإنهم سيقبلون عليك إقبالا شديدا وترى الناس تترك التبرير وتترك المجرمين وتقبل عليك أفواجا أفواجا، وعندها الحل لا يكون بتأنيبهم على حالهم السابقة بل يكون بالقول لهم: أهلا وسهلا بالإخوة والأحباب، فإن عملك كحامل دعوة ليس المناكفة والمصارعة مع هؤلاء وإنما هدايتهم للطريق الصحيح، فأما وأنهم قد تبعوك فان هذا هو المطلوب، واجر تعبك طيلة هذه السنين هو عند الله لا يضيع وسيحفظه الله لك في يوم عصيب، سيحفظه لك لتجده نورا ومنابر من نور ومنازل قريبة من الأنبياء والصديقين والشهداء، فاصبر على إخوتك المسلمين مهما لاقيت منهم من عنت وصد وتبرير، وإياك وإياك والهجوم الشخصي على أي شخص، ولكن لا مانع من الهجوم على هذه الظاهرة ومحاولة تفكيكها وتدميرها ولكن بشكل عام وإياك والتخصيص وسب أعيان الأشخاص والأفراد.
https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theater