خاطرة ...نظرة على المراجعات عند الحركات الواقعية التي تسمى إسلامية
تنشط هذه الأيام الحركات و التنظيمات الواقعية التي جعلت من الواقع المصدر الذي تستمد منه أفكارها و تصوراتها و أهدافها ، بعمل مراجعات لهذه الأفكار و التصورات و ما يسمى بخطط العمل بناء على تغير الواقع .
أن هذه التوجهات وهي تقوم بهذه المراجعات لا يتصور منها إلا مزيدا من التنازلات عن الشعارات الإسلامية، لا بل مزيدا من الانبطاح .
و ذلك لعدة أسباب منها .
1 .. لقد اتخذت من الواقع مصدرا للتفكير وأخذت على نفسها تغير أحكام الإسلام حسب الواقع ، لا تغيير الواقع حسب أحكام الإسلام .
2 .. لقد اتخذت من المصلحة مقياسا للأعمال فأصبحت المصلحة عندهم دين يعبد، فكانت بذلك أقرب إلى الرأسمالية التي اتخذت من المنفعة مقياسا للأعمال وأكثر انسجاما مع الرأسمالية وأكثر قربا إلى الرأسمالية منها إلى الإسلام .
3 .. مما تقدم أصبحت نظرتها إلى السياسة تقوم على المكيافيليا أي على أن السياسية هي الكذب والخداع والتضليل ، ولما كان خداعهم للدول و للسياسيين فيها أمرا مستحيلا، فكان هذا الكذب والخداع و التضليل موجه لأتباعهم من السذج سواء أعضائهم أو قواعدهم الشعبية .
4 .. لقد عاشت هذه الحركات والتنظيمات ومنذ نشأتها حالة انسجام مع بعض الأنظمة وحالة عداء للبعض الآخر حسب تبعيتها وتبعية الأنظمة .
5 .. لقد اعتمدت أساليب تحقيق المنفعة لجذب أعضائها وأسلوب المساعدات المادية لبناء قواعدها الشعبية تحت مسمى الصدقات .
6 .. اعتمدت في مصادر تمويلها والتي تحتاج إلى قدر كبير من المال على التبرعات التي تأخذها من الناس تحت مسمى الصدقات و دور القرآن، بالإضافة إلى المشاريع التجارية الكبيرة التي تسمح بها بعض الدول كالبنوك التي تسمى زورا وبهتانا بنوك إسلامية و العيادات التي تسمى خيرية و المستشفيات الإسلامية و غيرها كثير من المشاريع وما خفي أعظم .
لذلك كانت منسجمة مع الدول و الأنظمة التي تسمح لها بذلك بل و مرتبطة ارتباطا وثيقا مع هذه الأنظمة .
7 .. إن أساس الفكر الذي نشأت عليه هذه التنظيمات هو فكر ابتدعه المستشرقين، للحيلولة دون نهضة الأمة وعودتها إلى دينها وإعادة خلافتها، وقد حمل هذا الفكر وروج له من أطلق عليهم التنويرين مثل جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده ومحمد رشيد رضا الماسونيين و عملاء الغرب .
لهذه الأسباب ولغيرها ظهرت نماذج عملية جديدة لهذه المراجعات التي لا ينتظر منها إلا مزيدا من التنازلات العلنية و الصريحة عن شعارات الإسلام التي رفعتها هذه الحركات للتضليل و كسب الأعضاء و المريدين والأتباع و مزيدا من الانبطاح .
ومن هذه النماذج الجديدة نموذج أردوغان و حزبه الذي ابتدع أخيرا فكرة علمانية الدولة و إسلامية الأفراد مع الاحتفاظ بما يسمى حرية الاعتقاد أي حرية الردة عن الإسلام .
كذلك الغنوشي وحركته الذي يرى أن الدولة لا يجب عليها أن تطبق الأحكام الشرعية بل لا يجوز لها أن تطبق هذه الأحكام مع الاحتفاظ بما يسمى حرية الاعتقاد أي حرية الردة .
إن الوصول إلى ما تطرحه هذه النماذج (أردوغان و الغنوشي) هو غاية هذه المراجعات .
اسماعيل عمير